كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!

كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!


01-16-2006, 03:10 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=127&msg=1166718306&rn=6


Post: #1
Title: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: عدلان أحمد عبدالعزيز
Date: 01-16-2006, 03:10 PM
Parent: #0

مشروع بحث ودعــوة للحوار..

كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية:

الهدف المعلن والنهائي للحركة الشيوعية، أحزابها ومنظماتها، هو: تلبية حاجات الفرد المادية والروحية.

الفكرة قديمة قُدم جمهورية "افلاطون" وأقترب بها الإشتراكي الطوباوي "روبرت أوين" من الواقع الدنيوي بشروعه في تسخير ثراؤه الواسع ليبني نموذجاً حقيقاً في "نيو لانارك ميلز-اسكتلندا" لمجتمع اشتراكي صغير اسماه مجتمعات المصانع التعاونية، وحاول أن ينقل النموذج الي مجتمعات زراعية وكان نصيب المشروع كله الفشل.. وبقيت أفكار أوين الإصلاحية ملهمة، وتحديداً ألهمت المفكر الألماني كارل ماركس.. كما أن "أوين" قدم اسهامات جليلة للحركة النقابية، وكان قد ترأس أكبر تنظيم نقابي في بريطانيا.

توصل كارل ماركس الى أن شرور البشرية منبعها الرئيسي التقسيم الطبقي واستغلال الإنسان لأخيه الإنسان.. ودائماً ما تكون الطبقة المــستغِلة (بكسر الغين) هي الأقلية في المجتمع ولكنها تبسط سيطرتها على باقي طبقات المجتمع من خلال أدوات متعددة تشمل ملكية وسائل الإنتاج والتحكم فيها، السيطرة على جهاز الدولة واستخدامه في القمع المباشر أو الناعم، وبناء المنظومات الفكرية و الآيديولوجيات - بما فيها الدين - التي تبرر لهيمنتها وتكرس لسطوتها على كل جوانب الحياة. وللتخلص من شرور البشرية يطرح ماركس مشروعه الضخم الساعي إلي الغاء استغلال الإنسان لأخيه الإنسان، وذلك عبر الغاء الفوارق الطبقية بين البشر واقامة المجتمع الشيوعي، حيث تنتهي الفوارق الطبقية، ويعطي كل فرد حسب طاقته وقدرته لينال حسب حوجته، ولتضمحل أداة السيطرة الطبقية المسماة "الدولة"، ولينتهي التمييز ضد المرأة، والتمييز ضد الأعراق، الخ

نواصل..

Post: #2
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: عدلان أحمد عبدالعزيز
Date: 01-16-2006, 05:06 PM
Parent: #1

.
اِلهام "روبرت أوين" لكارل ماركس، لم يمنع الأخير من انتقاد مشروع "أوين" الخيالي والمبني على النوايا الحسنة وحدها.. فتقدم ماركس بمشروع أكثر واقعية للإشتراكية استخدم فيه أحدث منجزات عصره من مناهج البحث العلمي وقسا على نفسه كثيراً متمسكاً بصرامة البحث العلمي وجديته فدرس آلآف الأوراق بما فيها دفاتر اليومية العادية في المجالات العمالية، سبراً لأغوار وأحوال الطبقة العاملة البريطانية، ومنقباً في جذور الإستغلال الطبقي، وفي ذلك أضاف اسهاماته الفردية هو وصديقه رفيق دربه فردريك انجلز، صاحب السفر العملاق في علم الإجتماع " أصل العائلة والملكية الخاصة والدولة".. في مناهج البحث والتوصل للنتائج استخدم كارل ماركس المنهج الجدلي للفيلسوف الألماني "هيغل" مع تعديلات وإضافات ماركس لها.. حيث أنتقد "ماركس" جدل "هيغل" واعتبر منطلقه خاطيء كلياً حيث يتم ارجاع كل الظواهر عند "هيغل"، في النهاية، أو من المبتدأ، إلى الــوعي، ولذلك سمى جدل "هيغل" بالجدل المثالي. على عكس "هيغل" فقد أرجع ماركس أصل الظواهر إلى المادة.. ليضحى بعدها المنهج مادياً جدلياً، وقد استفاد ماركس من أطروحات الفلسفة المادية للفيلسوف الألماني فيورباخ، والذي يرجع اليه الأصل المادي لفلسفة ماركس. جذور الفلسفة الماركسية وأركانها الثلاث الرئيسية نجدها في إشتراكية "روبرت أوين"، وجدل "هيغل"، ومادية "فيورباخ".. وكما قال كارل ماركس عن نفسه –فيما معناه- أنه يرى أبعد لأنه يقف على أكتاف مفكرين عظام، وأن كل مفكر يضع "مُدماكاً" في تشييد البناء الفكري للإنسانية.

لإنجاز المهمة التاريخية في الإنتقال بالبشرية إلى مجتمع العدل الأرضي، رشح كارل ماركس، الطبقة العاملة الصناعية كقائد لتلك المهمة التاريخية بحكم موقعها في العملية الإنتاجية والإستغلال الرأسمالي الواقع عليها، بجانب درجة وعيها التنظيمي العالي بحكم تجمعها بأعداد كبيرة في المنشآت الصناعية، كانت تلك هي الأسباب الرئيسية التي أهلت الطبقة العاملة -عند ماركس- لقيادة الثورة والتغيير نحو المجتمع الشيوعي.

بحسب "ماركس" فإن سبيل الطبقة العاملة –عبر ممثلها التاريخي، الحزب الشيوعي!" للوصول للسلطة السياسية هو الثورة، الثورة التي تحطم علاقات الإنتاج الرأسمالية البالية القائمة علي الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج، واحلال علاقات انتاج اشتراكية قائمة على الملكية العامة لوسائل الإنتاج -عبر جهاز الدولة-، وتلك هي المرحلة السابقة للمجتمع الشيوعي، المسماة المرحلة الإشتراكية.. ذلك التصور "الماركسي" هو بالضبط المسؤول الأول عن انتاج النظام أو النموذج الذي أسماه المفكر الماركسي -البريطاني من أصل فلسطيني-، توني كليف "رأسمالية الدولة الإحتكارية في روسيا"، وقد كان "كليف" ثاقب البصر في تحليله للنموذج الإشتراكي الأول، وقد حاز كتابه "رأسمالية الدولة في روسيا" المنشور في 1955 علي سخط وغضب الشيوعيين، وتم تصنيفه ضمن الدعاية البرجوازية المضادة!.

وسيلة الطبقة العامة للإستمرار في السيطرة يكون عبر فرض دكتاتورية البروليتاريا كبديل لديكتاتورية البرجوازية المسماة بالديمقراطية الليبرالية، وأداتها البرلمان. عندما تضمحل الطبقة العاملة الصناعية -كما وصفها "ماركس" بتجمعاتها الكبيرة في المنشآت الصناعية- يخرج علينا الماركسيون الجديد بتأويلات حديثة ومصطلحات جديدة تتحدث عن توحد وذوبان طبقة العمال من ذوي الياقات البيضاء في طبقة العمال من ذوي الياقات الزرقاء، أو العكس! لا يهم.. فالمهم هو أن الطبقة العاملة تغيرت نوعياً ونمت نمواً كمياً، تبعاً لأوصافها الجديدة كل الجدة -بحسب الماركسيون الجدد- والبعيدة كل البعد عن الطبقة العاملة عند كارل ماركس.. بل أن كارل ماركس كان يعتبر ذوي الياقات البيضاء من الخونة، وهم كلاب الرأسمالي البرجوازي القابع في قصره، بينما هم -ذوي الياقات البيضاء- يلعبون الدور المباشر في التأكد من استمرارية الإستغلال وشدة وتائره! أما البرلمان عند كارل ماركس، فصحيح أنه نتاج تقدمي وأحد أهم منجزات الثورة البرجوازية، ولكنه تحول إلى أداة لإحكام السيطرة السياسية للبرجوازية وتكريس هيمنتها، ومن ثم كانت الدعوة لتحطيمه وإحلال دكتاتورية البروليتاريا مكانه، حيث الطبقة العاملة تنتخب ممثليها مباشرة ودون عوائق تمويل، أو كوابح أرزاء الفقر التي تمنعها من نيل تعليم عال أو وقت للإضطلاع والمثاقفة.

نواصل..

Post: #186
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: محمد احمد ابراهيم
Date: 06-11-2006, 04:21 PM
Parent: #2

الاخ/ عدلان
تحيه طيبه
كلما اقتربنا من فهمنا للحاضر
ورسمناهو بفلسفات العصر و من ضمنها الماركسية
يصبح الواقع اروع و اجمل مما كان

Post: #3
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: عدلان أحمد عبدالعزيز
Date: 01-16-2006, 08:40 PM
Parent: #1

.
أول مظاهر اقتراب الشيوعية من الواقع، وابتعادها عن الماركســية، سطرتها العشرة أيام التي هزت العالم في أكتوبر 1917! إذ أنه و وفقاً لكارل ماركس فإن الرأسمالية هي أرقى وأعلى حلقات التطور في سُلم التشكيلات الإجتماعية الإقتصادية (المشاعة البدائية الأولى، المجتمع العبودي، الإقطاع، ثم الرأسمالية)، والقراءة المادية للتاريخ تكشف لنا أن الإنتقال للتشكيلة الأعلى دائماً ما تحدث في الجبهة المتقدمة للتشكيلة القائمة، في لحظات الطلق التاريخي المؤذن بميلاد الجديد.. لكن الواقع كذب تنبوءآت ماركس، فلم تندلع الثورة الإشتراكية لا في بريطانيا ولا ألمانيا.. بل في روسيا القيصرية التي كانت مازالت ترسف في بقايا الإقطاع، وفيها حركة برجوازية ضعيفة وصناعة متخلفة.. في تفسير الحدث تم تعديل في وجهة نظر ماركس، يقر بإمكانية قيام الثورة في أضعف حلقات الرأسمالية! أيضاً قيل أن وجود نظام اشتراكي "أُم" يوفر امكانية قيام ثورة اشتراكية في بلدان أكثر تخلفاً..

هكذا يتم الإبتعاد عن ماركس، ثم يأتي منظرون لا يألون جهداً في الإدعاء أن الماركسية ليست عقيدة صماء، وأننا لانلوي عنق الواقع، واننا مازلنا ماركسيون، إلخ، إلخ.. ولم يجرؤ أحدهم لفرز كوم ماركس وتبيان مفارقته للواقع، أي مفارقة نظرية ماركس التي ما عادت تطابق الواقع، وأن كل محاولات "مركسة" الظواهر اللاحقة بإدعاء الإقتراب من الواقع.. ما هي في جوهرها إلا اعتراف بقصور جوانب في النظرية الماركسية.. ويبقي الإعتراض بدراسة الواقع (الإستخدام الخلاق للمنهج الماركسي)، يبقى إعترافاً صريحاً بأن النظرية الماركسية في هيئتها الكاملة لاتصلح بما هي عليه أصلاً.. ويغدو الإقتراب من الواقع بابدال بعض أصولها النظرية، مثل دكتاتورية البروليتاريا بالإعتراف العلني بصلاحية الديمقراطية الليبرالية كوسيلة للتداول السلمي للسلطة.. يغدو ذلك الإقتراب من الواقع.. بعداً عن الماركسية لاينكره إلا مكابر.

لاحظ أننا عندما نتحدث عن الشيوعية فإننا نعني الحركة الشيوعية.. منظمات وأحزاب، وعندما نتحدث عن الماركسية فإننا نقصد النظرية الماركسية، أما الماركسية كمدرسة فكرية، فتلك تحوي اضافات شتى عصية على الحصر، وتتناول قضايا ربما لم يسمع بها كارل ماركس نفسه، مثل السيبرنطيقا، وعلم الجمال، الحداثة، الخ..

نواصل..

Post: #4
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: Yaho_Zato
Date: 01-16-2006, 09:36 PM
Parent: #3

العزيز عدلان..

هذا خيط جميل، ووافر الظلال الفكرية.. ولك الشكر عليه..

فيلسوفان، عبر تاريخ الحركة الفلسفية الأوروبية، هما الأعظم في نظري.. أفلاطون وهيغل..

إن دياليكتيك (أو جدل) هيغل هو أفضل تبويب فلسفي لدراسة حركة التاريخ، في نظري، وأنا أرى فيه رونقا صوفيا فواحا، ولو لم يكن هيغل فيلسوفا لكان قديسا كاثوليكيا، كثيريسا نيومان، المرأة المعجزة.. ولكن هيغل كان فيلسوفا، وعليه فقد أصبح أكثر الفلاسفة "روحنة" وشفافية، في تاريخ أوروبا الحديث..

وماركس، بلا شك، قامة فلسفية أوروبية سامقة، ولكنه ما كان ليكون كذلك لولا استيعابه لديالكتيك هيغل، وتوظيفه الذكي له في دراسة حركة التاريخ.. ورغم هذا، فإن هيغل، على التحقيق، فقه الديالكتيك أكثر من ماركس، ولهذا ربط انعكاس الأفكار في العقل البشري بما وراء المادة، أما ماركس، فقد قبع خلف المادة، ولأمر ما، لم يستطع النظر لأعلى..

وقيمة ماركس تكمن أكثر في التطبيقات العملية لمنهج الديالكتيك، في الاقتصاد خصوصا، وفي السياسة العالمية عموما.. وماركس أيضا كان حالما، يستلهم حلما أشبه بأحلام الشعراء والفنانين، ومن ثم يحاول، باستماتة، حشر عالم الأحلام في مسودات الدفاتر، وحصرها في عالم المادة، في ماديته الدياليكتيكية..

من الإشارات اللطيفة التي وردت هنا هي نبوءة ماركس بقيام الثورة الاشتراكية من إنجلترا أو فرنسا، وكان يراهن أكثر على إنجلترا.. والغريب في هذه النظرة أن ماركس كان حاضرا للتطورات النقابية والإنجازات الوئيدة نحو الإشتراكية التي قامت بها نقابات العمال في بريطانيا، استلهاما لخط روبرت أوين.. ورغم أن ماركس كان سعيدا بهذه الإنجازات، إلا أنه كان شديد السخط على الطبيعة التطورية لعمال بريطانيا، وكان يريد لهم أن يكونوا ثوريين أكثر من تطوريين، ولكنه لم يفلح، على أية حال، في اجتذابهم إلى وجهة نظره، بصورة عامة..

قام ماركس بعمل تعديلات في نظرياته وقراءاته المستقبلية أكثر من مرة، لدرجات كان فيها الكثير من التناقض في بعض الأحيان، ولكنه كان كل مرة يقدم طرحا أكثر ذكاءا وأكثر دقة، مما يدل على أنه كان بالفعل متفاعلا بشكل إيجابي، لحد بعيد، مع حركة الواقع الأوروبي من حوله.. ولكن، على أية حال، فإن نتاج ماركس الفلسفي اليوم، هو أصلح لتناول التاريخ، ولكن ليس له في دراسة الواقع والمستقبل كبير حظ، وحتى تناوله التاريخي، كان فيه سطحية في فهم مفهوم الدين، وهو مفهوم صاحب الحركة البشرية، حذو النعل بالنعل، طوال التاريخ، وما زال، وارتبط معها بقوة وتعقيد عظيمين، لم يعطه ماركس حقه من الانتباه..

باب دخول ماركس في نقد مفهوم الدين هو ما أسماه بظاهرة تغريب الإنسان (Alienation of Man)، والتي قاوم فيها، باختصار، المفهوم القائم على جعل الإنسان خاضعا لقوة أجنبية عنه، يخضع لها تمام الخصوع، ولا يملك معها سوى محاولة التماشي والتماهي.. انتقد ماركس هذه النظرية في الدين (وأيضا كأداة سلطان طبقي)، واعتبر فيها تقويضا لقيمة الإنسان.. ولكنه غفل عنها في جوهر ماديته الديالكتيكية! وكيف تقوم للمادية الديالكتيكية قائمة إذا لم نسلم بأن الأفكار ليست سوى انعكاسات مبعوثة من المادة الخارجية؟ أو ليست هذه أيضا قوة أجنبية على الإنسان، لا يملك معها سوى محاولة التماهي؟

وتبقى الماركسية، رغم ذلك، أكبر نظام فكري متكامل قدمته أوروبا في تاريخها الحديث.. وأعتقد أن الحصيلة العملية للفلسفة الأوروبية لم تتجسد، من قبل وإلى الآن، كما تجسدت في ماركس ورفيقه إنجلز..

وإلى عودة، أو متابعة..


قصي همرور

Post: #5
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: Bashasha
Date: 01-16-2006, 09:44 PM
Parent: #1

عدلان عبدالعزيز، دقيقة لوسمحت:

احنا مالنا او مال الشيوعية، الاشتراكية، الماركسية، روبرت اوين، اسكتلندا، والي اخر هذه الاسماء الافرنجية؟

كيف روبرت بتاعك ده فكر في حل اشتراكي لي مشكلتو، احنا طوالي في النصف الجنوبي من الكرة الارضية، نبطل الشغلة اونقعد ذي قرد الجنينة نحاكي في ناس روبرت، ماركس، اوغيرم؟

ياخي ديل ناس اجتهدو عشان مايشوفو حل لي مشاكلم انطلاقا من معطيات التراكم التاريخي لي ثقافتم. من وين ليك هذا الافتراض المسبق، المجاني، انو مشاكل الناس ديل مشاكلنا، اوحلولم حلول لي مشاكلنا؟

ليه بتفترض كدر الحمار امتداد لي ويلز مثلا؟

بعد كل الحصل والحاصل كنتيجة لي طريقة تفكيرك دي او مرجعيتك الاوربية دي، انت مواصل في النظر لي واقعنا بعيون زرقاء انجلوساكسونية؟

حدو وين ذي وداركم ده؟

Post: #7
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: osama elkhawad
Date: 01-16-2006, 10:18 PM
Parent: #5

عزيزي عدلان
كل عام وانت بخير
كلامك مرتبط بالعولمة كما افهم ذلك في خطاب مفكرين مثل ماركس,
ومحمود محمد طه
وكل منهما تعامل مع العولمة بشروطها في زمانه
فحتى النزعة الاقليمية لا يمكن ان تتم بدون النظر الى حال العولمة,
او الكوكبة في ترجمة أخرى
المشاء

Post: #8
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: Yaho_Zato
Date: 01-16-2006, 10:34 PM
Parent: #5

عزيزي بشاشة.. تحياتي وأشواقي..

الدكتور والتر رودني، مؤلف الكتاب المشهور (How Europe Underdeveloped Africa)، وهو من الكتب الأم للحركات الثورية الأفريقية المعاصرة.. لقد كان والتر رودني ماركسيا- تروتسكيا..

ووالتر رودني هو تلميذ الماركسي-تروتسكي الكاريبي الأسود الشهير أيضا سي-إل-آر جيمس.. وهذان الاثنان قد أثرا تأثيرا بالغا على حركات المركزية الأفريقية في أفريقيا ودول الكاريبي.. ولوالتر رودني كتاب (Grounding with my Brothers)، والذي حكي فيه قصة علاقته القوية مع مجموعة الراستافاريين في جامايكا، قبل أن تمنعه الحكومة الجامايكية من دخول جامايكا، وهو القرار الذي بسببه قامت ثورة عنيفة في عاصمة جامايكا، كنجستون، في عام 1968.. وقد أصبح كتاب رودني هذا، فيما بعد، من الكتب الأم، شبيهة القداسة، للحركة السوداء في دول الكاريبي..

ووالتر رودني قد عاش في تنزانيا فترة غير قصيرة من الزمان، التقى فيها بزعماء كبار من الثوار الأفارقة، وعلى رأسهم شهيدنا الدكتور جون قرنق، الذي كان صديقا شخصيا لرودني.. والمتابع لفكر الحركة الشعبية لتحرير السودان، منذ بداياته، يستطيع أن يلحظ فيه تأثير والتر رودني، كمدرسة ثورية أفريقية، على أجندة الحركة وسبل مقاومتها..

إذا فالماركسية يا عزيزي قد وصلت مسبقا إلى عمق قارتنا الأفريقية، وجنوب سوداننا وشماله، عن طريق تلاقح الأفكار العالمية مع حركة التاريخ، شئنا أم أبينا.. وأنا لم أسق هنا إلا أمثلة بسيطة عن وجود الفكر الماركسي وتغلغله الفعلي في أفريقيا في حركة القرن الماضي.. الماركسية، إذا، قد فرضت وجودها مسبقا على مجتمعاتنا، ولا مناص من التعامل معها، كما لا مناص اليوم من التعامل مع المفهوم الأمريكي المعاصر للعالم، لعلة واضحة، هي فرضه لنفسه على واقعنا المعاصر..

والاشتراكية يا عزيزي ليست بضاعة مستوردة من الغرب، وهي متوغلة في ثقافاتنا الأفريقية المتنوعة منذ قديم الزمان، فكيف لا نأبه بها؟ والاشتراكية هنا لا تعني الماركسية، لأنها أوسع بكثير من حصرها مع الماركسية، إذ ما الماركسية إلا مدرسة واحدة من مدارس الاشتراكية..

أرجو يا عزيزي أن تتمهل، فهذا خيط من الخيوط الجادة والمثمرة في هذا المنبر، ولن يعود علينا القدح فيه بهذا الشكل بنفع..

هل قرأت المادة المكتوبة في هذا الخيط عن نقد الماركسية؟

مع خالص تحياتي..

Post: #6
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: Bashasha
Date: 01-16-2006, 10:15 PM
Parent: #1

Quote: إن دياليكتيك (أو جدل) هيغل هو أفضل تبويب فلسفي لدراسة حركة التاريخ، في نظري،

قصي مشتاقين بركة بالشوافة.
فيمايلي اعادة لمانشرناهو في بوست الاصل السوداني للتصوف-منبع الفكر الجمهوري، في 18يناير 2004 احتفاء بي ذكري الاستاذ محمود الانت شاركت فيهو، عن تاريخ نظرية الجدل المنسوبة خطا لي ماركس او الفلسفة الغربية:

Primitive matter also contained the law of transformation, the principle of evolution of matter through time, equally considered as a divinity;Khepra.

It is the law of becoming that, acting on matter through time, will actualize the archetypes, the essences, the beings who are therefore already created in potentiality, beofre being created in actuality, etc. Thus Plato's "the Same and the Other", the theory of reminiscense, etc; and Aristotle's matter and privation, potentiality and actualiy, etc.

Thus carried by it's own evolutionary movement, eternal matter, uncreated, by dint of going through the stages of orgnization, ends up by becoming self-awre. The first consciousness thus emerges from the primordial Nun; it is God, Ra, the demiurge (Plato) who is going to

راجع الاصل السوداني للتصوف - منبع الفكر الجمهوري.

فلاهيغل ولاماركس ولا غيرو ماابتدعو الجدل، بقدرما شوهو المفهوم، كعادة العقل المادي الغربي، عندما يشتغل في بناء اصلا روحاني!

Post: #9
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: Yaho_Zato
Date: 01-16-2006, 10:40 PM

عزيزي بشاشة.. مرة أخرى لك التحايا..

أرجو أن تلاحظ أني تحدثت عن ديالكتيك هيغل كـ"تبويب فلسفي"، وليس في هذا أي َأشارة إلى أن هيغل هو مبتدع الديالكتيك.. هيغل نفسه لم يدع ابتداع الديالكتيك..

هيغل أول فيلسوف أوروبي (ولا حظ "اوروبي") قام بتبويب المنهج الدياليكتيكي ووضعه في خطوط عريضة.. أنا أتحدث عن الفلسفة بصورة عامة، وعن الفلسفة الأوروبية بصورة خاصة، ولم أخرج عن هذا النطاق كثيرا.. ولاحظ أيضا وصفي لديالكتيك هيغل بـ"الرونق الصوفي الفواح".. من أين تظنني توصلت لهذه النتيجة؟

مع خالص محبتي..

Post: #10
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: عبد الحميد البرنس
Date: 01-16-2006, 10:40 PM

up

Post: #11
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: Bashasha
Date: 01-16-2006, 11:33 PM
Parent: #1

قصي تحياتي،
لامانع من تناول الماركسية من موقع مركزية، ومرجعية مستقلة واعية بذاتيتها.

اما تناول الماركسية، انطلاقا من مركزية اوربية لمعالجة واقع ثقافي مغاير تماما، كواقعنا، فهو حرث في البحر كما اثبتت تجربة الحزب الشيوعي في بلدنا!

ده نموذج لي وصول الماركسية لي عمق قارتنا!

مما يؤكد كيف مجرد وصول الماركسية الي قارتنا، لايغير في استنتاجنا شئ خالص.

بعضا من رموز المركزية الافريقية وظفو بعض المفاهيم الماركسية، وقد فعلوا ذلك من موقع مستقل ومرجعية مستقلة كمانوهنا.

في الختام الماركسية منبعا ومصبا، تظل اكبر تجسيد للتعارض الماثل مابين قطبي ثقافة هذا العالم، الشمالي الاري او القوغازي، المادية، والجنوبي الافريقي، او الزنجي، الروحانية اوالمثالية!

لامعني للاستناد الي اداة تحليل مادية، في فهم وتشريح ثقافة اصلا مثالية او روحانية!

عشان كده روح هيغل المثالية، اللي جذورا مروية كوشية، كما اوضحنا في بوست الاصل السوداني،{اذا لا بد} هي الاقرب لي ثقافتنا الموحدة، مش مادية ماركس الملحدة!

Post: #12
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: Mohamed Abdelgaleel
Date: 01-17-2006, 00:40 AM
Parent: #1

الأخ العزيز الأستاذ/ عدلان .. كل سنة وانت طيب .. ومزيداً من النوافذ لفتح آفاق لحوار مثمر .. وسوف أعود .

Post: #13
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: عدلان أحمد عبدالعزيز
Date: 01-17-2006, 12:51 PM
Parent: #1

العزيز قصي، تحياتي..

سعدت جداً بزيارتك والإضافات القيـمة التي تعكس غزارة علمك وثراء روحك وكرم قلمك.. فضلاً أبقى معنا هنا، خليك مجـاور.. أثرت ملاحظات غاية في الأهمية حفزتني وفتحت شهيتي للحـوار حولها.

محبتي، وكن بخير


بشاشـا، تحياتي..

اِن جيت للحـوار حول الموضوع المطروح.. مرحبتيـن حبابك الِف.. واِن جيت للوعظـ، ده.. سووه ، وما تسوو داك.. فوعظك قد أرسلته.. وقد كان غـليظــاً.. أتركنا، اِن درنا سنعمل به.. نحن أحرار في وقتنا، وكذلك أنت.


العزيز أسـامة الخواض، تحياتي و وينك يا راجل مشتاقين..

ذكرني كلامك عن أن ماركس، ومحمود محمد طه "وكل منهما تعامل مع العولمة بشروطها في زمانه" بكلام سيدي الإمام المهدي عليه السلام عندما حاججوه بقول السابقين؛ هــم رجال ونحــن رجال. لم يخطر ببالي ربط خطاب ماركس بأطروحات العـولمة، ويكــون من المفيد أن تضيف لنا ذلك البعد في حـوارنا هذا..

الأعزاء عبد الحميد البرنس، و محمد عبد الجليل، تحياتي..

حضوركم هنا مطلوب جداً، خليكم مرابطين وما تبخلوا علينا بإسهاماتكم وملاحظاتكم، فلها قيمتها الخاصة عندي، وأعتقد أن كثيرين يشاركونني ذلك الرأي..

لكم جميعاً، محبتي..

Post: #14
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: Abuobaida Elmahi
Date: 01-17-2006, 03:21 PM
Parent: #13

الأخ عدلان
كيف ستبتعد الشيوعية عن الماركسية كلما أقتربت الأولي - وأنت تشير بها للحركة
كلها - من الواقع ? أنا لا أدعي أن لي إلماما إلا ببعض الخطوط العامة
للماركسية , لكن هذه الخطوط التي عندي تخرج عنوان بوستك من جنة الماركسية
وسقطها لأني أفهم - بناء علي قليل الخيوط التي عندي - الماركسية كدعوة مفتوحة
ومطلقة لأحزابها وقواها الإجتماعية للإقتراب من الواقع لا لفهم سيرورته فحسب
بل حتي لإغنائها وتجديدها . هذه العملية هي شرط لازم إذا ما أردنا تجديد الماركسية في ظل الظروف المحلية والعالمية المعاصرة . لا رميها وتشليت كل إسهامها متعدد الجوانب لمجرد إنها مرت بأزمة أو لمجرد أن أحزابا سالفة حنطتها
فتحنطت كما يفعل آل تجديد تجديد في الحزب الشيوعي السوداني .
الغالب أن وحي موضوعك هذا هو فهم سابق خاطئ للماركسية صور للناس شرقا
وغربا بأنها - أي الماركسية - سليمة , كاملة لا يأتيها باطل لا من فوق ولا من
تحت .!! مع إن سلامتها وكمالها , حسنها يجئ من تواضع حملتها وإقترابهم بها
من واقعهم . هذا هو منهج ماركس والذي لا يفهمه هو الوحيد الذي يري أن
إقتراب حزبنا كمثال دوما من الواقع سيعني إبتعاده عن الماركسية !!
.......

.......

......

عجبي ..!!!

ما الماركسية يا عدلان إذا لم تكن هي الإقتراب من الواقع ?!
كيف سيبقي حزبا ما ماركسيا إذا لم يتفحص واقعه دوما علي ضوء مصباحها ?!
وكيف يكون جديرا حتي بأسمه إذا لم يقترب بها من واقعه ?

أبوعبيدة الماحي

Post: #15
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: عدلان أحمد عبدالعزيز
Date: 01-17-2006, 04:04 PM
Parent: #1

الأخ أبوعبيدة الماحي، تحياتي والبركة في العودة..

لتقريب الصـورة، لندرس المثالين التاليين..
في الستينيات من القرن الماضي كان الحزب الشيوعي السوداني يبشر ب دكتاتورية البروليتاريا.. في العقود اللاحقة، وللإقتراب أكثر من الواقع، تخلى الحزب الشيوعي السوداني - وأحزاب شيوعية أخرى- عن دكتاتورية البروليتاريا نهائياً..

كثير من المنظمات الشيوعية اليوم، تدعـو للتعايش مع الأديان وعملياً يمارســونه..

أعتقد أن المواقف أعلاه تجاه تقبل الديمقراطية الليبرالية والإعتراف بدور الدين في الحياة أقتراب من واقع البشر.. هل تعتقد أنت أنه إقتراب أيضاً من النظرية الماركسية؟! أم أن الماركسية في الأصل كانت تنادي بذلك ولكننا كنا أسيري "فهم سابق خاطئ للماركسية"، أو أننا اليوم نفهم ماركس أكثر من ماركس "هيم سِلف"!

بالمناسبة.. كثير جداً من الماركسيين (مفكرين ماركسيين)، عزفوا عن الإنخراط في الحركة الشيوعية، بإعتبار أن الحركات الشيوعية لا تعبر عن الماركسية!

لي عــودة..

.

Post: #16
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: osama elkhawad
Date: 01-17-2006, 06:58 PM
Parent: #15

قلت عزيزي عدلان
Quote: كثير جداً من الماركسيين (مفكرين ماركسيين)، عزفوا عن الإنخراط في الحركة الشيوعية، بإعتبار أن الحركات الشيوعية لا تعبر عن الماركسية!
ربما ان الأمر مرتبط ب"تأويل الخطاب الماركسي" ولذلك قال ماركس في حياته:
Quote: لست ماركسيا

سأعود لو الله هون للكلام عن علاقة ماركس ومحمود محمد طه بالعولمة





Post: #17
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: Bashasha
Date: 01-17-2006, 07:28 PM
Parent: #1

Quote: اِن جيت للحـوار حول الموضوع المطروح.. مرحبتيـن حبابك الِف.. واِن جيت للوعظـ،


عدلان تحياتي،
معليش احنا البنحدد جايين ليه او كيف، ماانت ولا اي مخلوق اخر، او No hard feelings ياعزيزي!

Post: #18
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: osama elkhawad
Date: 01-17-2006, 08:07 PM
Parent: #17

قبل ان نتحدث عن علاقة الخطاب الماركسي في صيغته التقليدية بالعولمة,
نحب ان نقول ان :
البيان الشيوعي
هو واحد من أكثر الكتب رواجا في القرن العشرين,
وهذه مكانة لا يدانيه فيها سوى:
الانجيل
وأدناه كلام عن "عولمة" البيان الشيوعي


Quote: Although it at first had little or no impact on the widespread and varied revolutionary movements of the mid-19th century Europe, the Communist Manifesto was to become one of the most widely read and discussed documents of the 20th century

http://www.wsu.edu:8080/~wldciv/world_civ_reader/world_...v_reader_2/marx.html


Post: #19
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: Abuobaida Elmahi
Date: 01-17-2006, 09:42 PM
Parent: #18

ا عدلان
كيف الحال , أتمني أن تكون بخير
المثالين أعلاه وأي أمثلة أخري مشابهة لا يدللان علي إبتعاد الحزب من الماركسية
بل هي في الحقيقة إقتراب مبدع من جوهر الماركسية , أقصد إنه استخدام خلاق لمنهجها الديالكتيكي , إستخدام هذا المنهج مع إحترام معطي إستخدامه حتي لو
فارق بعض مقولات الماركسية وموضوعاتها { في الأصل } هو بالضبط الماركسية نصا
مفتوح أمام التغيرات التي لا راد لها ... هكذا بالمطلق !
الكلام كتبر حول دكتاتورية البروليتارية .. لكن نقدها والتخلي عنها صاحبه
ما يشبه التكويش والتعمية حتي وقف نقادها حزاني أمام جثث ودماء الشعب الشيلي الشهيرة لتعلم الماركسيين كلهم أن الأغيار كما يسميهم هادي العلوي
هم شلة لن تحترم خيار الجماهير إذا ما كان هذا الخيار هو الشيوعيين وحلفائهم
ببرنامجهم الذي نعرف .
الشعوب التي لمست نار شيلي عن قرب تعلمت وأمامك تجربة فنزويلا والتي يتهمها
بعض التجديديين هنا وهناك بالدكتاتورية لمجرد دفاعهم الباسل عن خيار
شعبهم , كأن الأمر ولتكون ديمقراطيا في نظر هؤلاء هو أن يذهب هؤلاء للموت
ويسلموا بلادهم للصوص برة وجوة !
...
...
الماركسية بالرغم من موقفها المادي من الدين إلا أنها قدرت وثمنت دوره
في حياة الفرد والمجتمع وما مورس سابقا في التاريخ القريب بعد 1917 لا
علاقة له بالماركسية لكن له علاقة بفهم صبياني لها
لم يستخدمها كأداة لفهم واقعه ..

Post: #20
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: عدلان أحمد عبدالعزيز
Date: 01-17-2006, 10:35 PM
Parent: #1

الأخ بشاشا، ما في أي "هارد فيلينغز" من ناحيتي.. ولم أحدد، ولن أحدد لأي مخلوق جاي ليه، أو كيف.. يا أخي "فيــل فريي"!

عزيزي أسامة الخواض، سلام..

هل تعني ب "العولمة" .. واسعية الإنتشار؟!
Quote: وأدناه كلام عن "عولمة" البيان الشيوعي
Quote: Although it at first had little or no impact on the widespread and varied revolutionary movements of the mid-19th century Europe, the Communist Manifesto was to become one of the most widely read and discussed documents of the 20th century
إذاً.. ماذا عن شهرذاد وألف ليلة وليلة؟!

الأخ أبوعبيدة الماحي، سلامي و.. جاييك..

لكم جميعاً، محبتي..

.

Post: #21
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: Elmuez
Date: 01-18-2006, 00:03 AM
Parent: #1

عدلان و الشباب تحياتي ,

الإقتباس أدناه يشكل مقاربة موضوعية تبشر بحوار مفيد في منطقة عدلان/بشاشا, نأمل أن لا يفلت من

بين إيدينا كعادة الكثير من بوستات هذا المنبر البروة !

Quote: كثير من المنظمات الشيوعية اليوم، تدعـو للتعايش مع الأديان وعملياً يمارســونه..

أعتقد أن المواقف أعلاه تجاه تقبل الديمقراطية الليبرالية والإعتراف بدور الدين في الحياة أقتراب من واقع البشر..

Post: #22
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: A.Razek Althalib
Date: 01-18-2006, 01:45 AM
Parent: #21

الشيوعية...
بما لها..
وعليها..
هي مذهب فكري يقوم على الإلحاد..
ولو تنمقت تداعيات وتفسيرات مقولة الدين أفيون الشعوب..
فإنكار وجود الله سبحانه وتعالى..
ومعاها كل الغيبيات..
وبشدة كمان..
يحتم هذه الفرضية..
بل يؤكدها..
والفكرة قائمة على أساس أن الحياة..
دي كلها عبارة عن مادة..
وده أساس كل شيء..
في هذا الكون..
وأنتم لا تنظرون إلى الإبل كيف خلقت..
فالشيوعية كقاعدة..
تفسر التاريخ على أنو شيتاً بيسمي بصراع الطبقات أو بالعامل الإقتصادي..
والشعار هنا هو..

نؤمن بثلاثة..

ماركس..
لينين..
وستالين..


ونكفر بثلاثة..

الله..
والدين..
والملكية الخاصة..


وعلى هذا المنوال..
هم في تضليلهم سائرون..
بعدين تفتكرو إنو نكران البعث وإنو في يوم آخر للحساب..
مع الإيمان بأزلية المادة..
ومحاربة الأديان السماوية بلا هواده كلها..
ومعاها مسألة الملكية الخاصة..
والدق في شرور الحاسد إذا حسد..
بتلقى ليها رواج..
في مجتمع يعتقد نقيض ما تبغبغون..

الحكاية من زمان..
والناس..
كانت بتقول..
شعارات الشيوعية العسكرية..
كانت تقول بالحديد والنار تنتصر الثورة..

المعروف عن الشيوعية عالمياً..
وسودانياً محلياً..
حبها للعنف..
وإبادة الخصوم بصورة وحشية..
خصوصاً المخالفين ليها...

فغابات سيبيريا بالإتحاد السوفيتي (سابقاً)..
ومحلياً..
أنموذج قصر الضيافة..
وأحداث ود نوباوي..
معاها أحداث الجزيرة أبا..
وكرري وأم دبيكرات...
في رحلة البحث والإنتقام لغلفة اليهودي سلاطين باشا..
من مطهره الخليفة عبدالله التعايشي..
هذا إن لم تكن عبرة تاريخية فقط..
فآلة الموت قد حصدت مئات من حفظة الدين..
وهي مثال حي...
لكل مغيب ثقافياً..
ما سخافات وثقافات الريف والحضر..
ولكل من أراد أن يعتبر ..
وأن لا يلدغ من الجحر مرتين..
من وحي أجندة برتكولات بني صهيون..
المعلنة.. وغير المعلنة..

المراجع التي تؤكد يهودية أصحاب الفكرة..
وعملهم وفق برتكول بني صهيون هي:
المرجع الأول كتاب التضليل الماركسي صفحة 59..
تحدث عن..
كارل ماركس اليهودي ولد سنة 1818م في ألمانيا، وتوفي سنة 1883م واضع الأسس الفكرية والنظرية للشيوعية، كان أنانياً متقلب المزاج حاقداً.

المرجع الثاني كتاب الموسوعة الميسرة.. ص 309
لينين وهو فلاديمير أليتش، ولد سنة 1870، وتوفي سنة 1924م، يهودي الأصل، قائد الثورة البلشفية في روسيا، عام 1917م.

المرجع الثالث الموسوعة الميسرة، ص 310..
تحدث عن إستالين: وهو جوزيف فاديونفتش، ولد سنة 1879م، وتوفي سنة 1954، سكرتير الحزب الشيوعي..
وفي جريدة الشرق القطرية بتاريخ 05/06/1991م..
ورد مقال طويل عن.. يقول بالرغم من أنهم يعلنون محاربة الأديان وينكرون وجود إله، فإنهم يقولون بشأن اليهود وفلسطين "إننا لا نؤمن بالله حقاً، لكننا مقتنعون بأنه (أي الرب)، خصص أرض فلسطين لشعب إسرائيل".

وللإستزادة أقرأ مدارج السالكين..

توضيح لازم هنا...
ما يجمع بين أهل الفكرة الشيوعية..
والفكرة الجمهورية..

ليس خيط توارد الخواطر فحسب..
بل إنسجام خواطرهم وتحالفها في محاربة هذا الدين..
مع إختلاف المواقع والسواتر..
فهذا من الداخل وذاك من الخارج..
ومثال لذلك الدليل الحي....
لمعني ركون أستاذ الفكرة وإستعداء الدين من تحت مظلة المسلمين..
كما حدث لمجموعة محمود محمد طه في عباية النميري الشيوعية..
وتمردهم عليه بعد إعلان صاحب النهج الإسلامي لماذا وكيف..
تطبيقه للشريعة الإسلامية..

والأمور بخواتيمها تحسب..
شوفتو كيفن..
الخيط هنا وارد..
وسنعيدها سيرتها الأولى..
ونكرر بذات المنوال..

إلين..
يشهد شاهد..



هبــــشة (منقولة)...

Post: #23
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: A.Razek Althalib
Date: 01-18-2006, 02:59 AM
Parent: #22

تحياتي لكل المتداخلون..
في هذا البوست الجميل وقد ذكر المشاء..
Quote: سأعود لو الله هون للكلام عن علاقة ماركس ومحمود محمد طه بالعولمة


خيط..

العلاقة واضح..
عداء وإستعداء لأهل القبلة..

المرجع المنقول هنا..
بعضاً من وحي...
بروتكولات بني صهيون..

المعلنة..
وغير..
المعلنة..
بالعصى لمن عصى..
والجزرة.. في معني التذرية..
ومد..



الكتاآآآآآآآآآآآحة...

Post: #25
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: عدلان أحمد عبدالعزيز
Date: 01-18-2006, 03:03 PM
Parent: #23

A.Razek Althalib

شكـراً على رفع هذا البوست الـكافر.. يخـدِّر ضــراعك!

.

Post: #24
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: عدلان أحمد عبدالعزيز
Date: 01-18-2006, 01:11 PM
Parent: #1

خلّف ماركس اِرثاً مجيداً في علم الإقتصاد السياسي، والتاريخ، والإجتماع .. اِرث ماركس ونظريته في الإقتصاد والتاريخ (النظرية الماركسية) أسسّت لمدرسة فكرية نُسبت له وسميت (الماركسية) ولكن إرث ماركس نفسه (النظرية الماركسية) هو اِرث "ساكن" شأن كل المواريث، أي أنه توقف عن الحركة بعد وفاة ماركس. في مقابل سكون "النظرية" فإن الواقع في حركة دائبة وديناميكية لا تكِّل.. الواقع دائماً متجدد، غني ومتشعب، ولكن يمكن مع ذلك الخروج بتعميمات نظرية -من حصيلة التراكم التاريخي والتجربة- تفسر الماضي، وترشح الحلول لمعضلات الحاضر.. التعميمات النظرية التي خرج بها ماركس والنتائج التي توصل إليها مستخدماً المنهج الجدلي في التحليل، من القوة والسطوع ما مكنها من ترك بصماتها في كل العلوم الإجتماعية تقريباً، بهذا المستوى أو ذاك.. وفي تقديري، ودون التقليل من صحة كثير من النتائج التي توصل إليها ماركس، إلا أن أعظم منجزات ماركس تمثلت في صقله للمنهج الجدلي واستخدامه، أي في السبب لا النتيجة، في الأداة لا في المنتج..

امتدّ تأثير ماركس الطاغي علي المدرسة الفكرية التي نشأت بعده، وتعرف ب"الماركسية" وأصبحت المنجزات الفكرية لأعضاؤها، تُنسب إلي "الماركسية" لا إلي منتجيها! وبقيام الدولة السوفياتية، أصبحت الدولة هي الراعي الرسمي للماركسية.. وبتعدد الإنقسامات في الدولة، ولاحقاً الدول الإشتراكية، إنقسمت مدارس الماركسية ومراكزها، وظهرت منها نُسخ متعددة، الماركسية-اللينينية، الماركسية-اللينينية-الستالينية، الماركسية-التروتسكية، الماركسية-الماوية، الخ.. ولأن الماركسية قد طرحت نفسها كنظرية "شاملة" فقد أصبحت مثل كرش الفيل.. كل انتاج فكري داخل أحد مراكزها ينسب إليها، لا إلى منتجها.. عشان كده ممكن تتوقع من الماركسي أن يفتيك (من الفتوى) في كل شيء.. ومن غير المعروف من هو حامل أختام الماركسية! يطرح السكرتير السياسي للحزب الشيوعي السوداني مشروع يسميه "الدولة المدنية" ولا ينسى أن يختمه بختم الماركسية بإعتباره فهم ماركسي للواقع.. ويطرح الحزب الشيوعي العراقي مشروع الدولة العلمانية وهو أيضاً مختوم بختم الماركسية حسب الواقع المحلي.. فأصحبت للماركسية فروقات محلية مثل فروقات الوقت، وعلى كل ماركسي مراعاة الفوارق المحلية، وكلها في النهاية تصب في كرش الفيل..

السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح، لماذا لايتم فرز ما لماركس لماركس وما للحزب للحزب؟ الأحزاب والحركات الشيوعية لماذا تُصر على الطلاء الماركسي لمنتجات لا تمت لماركس بِصلة؟ مثل الديمقراطية الليبرالية.. أنه من العبث والإستخفاف القول بأن الإجتهاد الماركسي الخلاق ومعرفة الواقع هو من قاد الحزب الشيوعي السوداني مثلاً لقبول الديمقراطية الليبرالية!! حركة المجتمع أكبر بكثير من محاولة تفسيرها بالماركسية وحدها، والتفاسير نفسها.. ما الداعي لمحاولة "مركستها" كلما ثبت صحة إحداها.. حتي ذلك الذي ثبتت صحته وصلاحيته اليوم، قد لا يصلح بعد ربع قرن من الزمان..

نواصل..


Post: #26
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: Bashasha
Date: 01-18-2006, 03:18 PM
Parent: #1

مرة اخري ياعدلان،

نزل لينا الماركسية دي علي واقع السودان، او اثبت لينا كيف الماركسية كانت اوفر حظا من المشروع الحضاري، للاسلام السياسي.

احتار، بعد ماحرقنا من عمرنا نصف قرنا، لهثا خلف سراب الماركسية، بعضنا عندو نفس، يشيل او ينفخ في "سعن" الماركسية المقدود ده!

ياخونا ماتو ملايين بي سبب فشل الماركسية هذه، كاداة تحليل، وانتو لسة شابكننا الماركسية!

ده شغل ناس نصاح؟

اما الجدل"التوحيدي"، فقد ارجعناه الي غمده الكوشي، ففضوها سيرة، اوبلاش تزوير للتاريخ ياحواريي المركزية الاوربية.

نرجع اونقول، ثنائية مرجعيتي، الماركسية والاسلام السياسي، ابدا ماخرجو عن ثنائية مرجعية البناء الفوقي كلو، حسب مفردات الادب الماركسي- لي سودان الاحتلال الثنائي!

فكما قدم الاسلام السياسي لي يمين الجلابة، علي ظهور جمال متاع جيوش محمد علي، كذلك ادخل الانجليز الماركسية في نافوخ اليسار الجلابي!

الطريف كيف الماركسية والاسلام السياسي، منبوذين ملفوظين في بلدي الصادر، انجلترا ومصر!

وهكذا ومن تاريخه، اصبح السودان قبلة لي نفايات الافكار الفاسدة، المعلبة، المنتهية الصلاحية، كالوهابية، البعثية، واللجان الثورية، لنختتم المسيرة بترشيحنا كافضل كوشة او دورة مياه لي فضلات اليونان البشرية!

الماركسية والاسلام السياسي لايختلفان، كنفايات، عن "هرار" اليونان في شئ!

كان الله في عونا!

Post: #27
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: osama elkhawad
Date: 01-18-2006, 05:38 PM
Parent: #26

تحدث عبد الرازق عن مقولة:
Quote: الدين أفيون الشعوب

وليس في حوزتي الآن ترجمة عربية لما قال به ماركس عن ان الدين أفيون الشعوب

كلام ماركس حول أن الدين أفيون الشعوب,
هو من اعظم ما قيل حول استخدام الدين وتوظيفه
وماركس من أسرة يهودية
ويعرف ذلك معرفة عميقة
المشاء

Post: #28
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: عدلان أحمد عبدالعزيز
Date: 01-18-2006, 06:14 PM
Parent: #1

العبارة يا خواض وردت في السياق التالي:
Quote: "إن الهم الديني هو في الوقت نفسه تعبير عن هم واقعي واحتجاج علي هم واقعي . إن الدين هو آهة الخليقة المضطهدة ، هو قلب عالم لا قلب له ، مثلما هو روح وضع بلا روح . إنه أفيون الشعب "


أضغط على الإقتباس أعلاه، لتجد الموضوع الذي يشرح الملابسات، كاملا..ً

ز

Post: #29
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: osama elkhawad
Date: 01-19-2006, 08:54 PM
Parent: #28

في انتباهته اللماحة لموضوعة العولمة تحدث الاستاذ محمود محمد طه عنها ,
تحت مسمى:
Quote: البيئة الكوكبية الجديدة

وأدناه مقتطف من كتابه:
مشكلة الشرق الأوسط
يقول في ص 11:
Quote: والناس,كل الناس,لا يريدون أن يكونوا رجالا,فهم قج طاب لهم التقلب في مهاد الطفولة,ولن يندرجوا منها الى مناشط الرجولة تحت حوافز أقل الحاحا من حوافز التحدي التي تواجههم بها هذه البيئة الكوكبية الجديدة

ويستمر في الحديث عن البيئة الكوكبية الجديدة و أحيانا تختصر الى :
Quote: البيئة الجديدة

في صفحتي 11 و12 قائلا:
Quote: ومفترق الطرق الذي قلن أن البشرية تقف عنده اليوم,انما هو مفترق من طريقين ان أردت الدقة.هما طريقا الطفولة والرجولة,فان أصرت البشرية الحاضرة على التشبث بطفولتها فان منطق البيئة الكوكبية الموحدة الحاضرة سيلفظها,وسيجيئ لفظها اياه في صورة انقراضها لتخلي مككانها لفصيلة جديدة تنهض بالتزامات البيئة الجديدة وان شبت البشرية الحاضرة عن طفولتها ودرجت في مدارج رجولتها,فانها تكون قد أصبحت فصيلة جديدة يهديها الله سبل السلام بسلامة قلوبها وصفاء عقولها-برجولتها


نلاحظ في مقاربة "جندرية" ان خطاب الاستاذ هنا يتجاهل مفهوم الأنوثة ,و يرتكز أساسا على مفهوم الرجولة

المشاء

Post: #30
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: Bashasha
Date: 01-19-2006, 10:40 PM
Parent: #1

Quote: نلاحظ في مقاربة "جندرية" ان خطاب الاستاذ هنا يتجاهل مفهوم الأنوثة ,و يرتكز أساسا على مفهوم الرجولة


اسامة تحياتي،

عايز تقول علي الاستاذ ذكوري لانو ماسوي شغل ا/ة؟

حرام عليك ياخي!

اهو ده نموزج حي يجسم فشل الماركسية كاداة تحليل لي واقعنا المغاير او مختلف جذريا، عن الواقع الانجب الماركسية اللي هو ذاتو الانجب الطرح الجندري الغريب والوافد هو الاخر!

ذي ما اهدرتو نصف قرن بحثا عن سراب تكوين طبقي لاوجود له في بناءنا الاجتماعي، فانت حتطش مرة واحدة لوجاي تفهم خطاب الفكري الجمهوري في الحتة دي انطلاقا من مفاهيم الطرح الجندري، بالطريقة النصوصية التسميعية دي!

طرح الاستاذ، يسلتهم ارث ثقافة في جذورا اموية، لعبت المراة فيه الدور الاساسي، اجتماعيا وسياسيا، بعكس الثقافة الغربية الابوبية، المن واقع قهرها، وقمعها للمراة خرجت للوجود الحركة الانثوية، وطرحها الجندري!

ذي ماالاسلام السياسي بصور زي المراة العربية المتمثل في الحجاب، كزي اسلامي سماوي، انتو برضو ياحواريي المركزية الاوربية، بتفتكر الطرح الجندري، هو المعيار للعلاقة الامثل بين النوعين، بغض النظر عن معطيات التراكم التاريخي للثقافة المحددة!

ده شغل الوهابية ذاتو!

Post: #31
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: osama elkhawad
Date: 01-19-2006, 11:55 PM
Parent: #30

قال بشاشة:

Quote:
اسامة تحياتي،
عايز تقول علي الاستاذ ذكوري لانو ماسوي شغل ا/ة؟
حرام عليك ياخي!
اهو ده نموزج حي يجسم فشل الماركسية كاداة تحليل لي واقعنا المغاير او مختلف جذريا، عن الواقع الانجب الماركسية اللي هو ذاتو الانجب الطرح الجندري الغريب والوافد هو الاخر!

عزيزي بشاشة
كل يوم تتكشف هشاشتك ,ولا أقول,بشاشتك,
المعرفية

كلامي عن الجندر في خطاب الاستاذ :
محمود محمد طه
مثبت باستشهاداتي عنه
وكلامي هذا له علاقة بالماركسية,
حين امتزجت ب:
الجندر
هذا كلام جديد
واذا ما أردت أن تراهن حول مقولة:
Quote: الطرح الغريب الوافد

فهذا هو نفس خطاب الوهابية

محبتي
المشاء

Post: #32
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: صديق عبد الهادي
Date: 01-19-2006, 11:57 PM
Parent: #1

الاخ عدلان/

سلام

هذا خطو جرئ...و محفز نحتاجه الان اكثر من اي وقت مضى...قطعاً سنحاول الخوض معك.

لك الشكر علي هذا السبق... اقصد الزاوية التي نظرت منهاانت الي الموضوع.

تحياتي،

صديق عبد الهادي.

Post: #33
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: osama elkhawad
Date: 01-20-2006, 00:17 AM
Parent: #32

نسيت أن اقول يا بشاشة أن المسألة هنا,
أي موقع الجندر في خطاب الأستاذ:
محمود محمد طه

مرتبطة بالمناهج المتداخلة
أي

Interdisciplinary approach

أي الماركسية و الفيمينزم "أي النسوية" في ترجمة ما,
و تحليل الخطاب

محبتي

المشاء

Post: #34
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: Bashasha
Date: 01-20-2006, 00:58 AM
Parent: #1

Quote: كل يوم تتكشف هشاشتك ,ولا أقول,بشاشتك,
المعرفية


عزيزي اسامة،
حواري المركزية الاوربية، من الطليعة الجهوية الجلابية امثالكم، مايتكلموا عن الهشاشة المعرفية خالص خالص، بالذات في حضرة طرح ادواتو منحوتة من قرنيت التراكم التاريخي لي ثقافتنا، او "بوص" قلمو
مغموز بي عزة في دواية، مرجعيتو، اللاغربية، ولاعربية! بل سودانية، افريقية مية المية يااسامة!

حصل بريت قلم مصنوع من البوص، غمزتو في حبر الدواية، المصنوعة من سكن الدوكة، صوف غنماية اللبن، او حبة صمق شدر صنط، عتيق شارب من جروف النيل؟

نجي لي اصرارك علي ان الشهيد محمود ذكوري، حسب مفردات ادبيات الطرح الجندري المنب والدخيل:

ياعزيزي، هل تعلم ان اللغة النوبية الكوشية مثلا، بتخاطب النوعين بي صيغة واحدة، لانها خالية من التذكير والتانيث؟

بي ذي فهمك النصوصي التسميعي ده، هل معني كده اللغة النوبية ولاالثقافة الكوشية، ذكورية مثلا؟

شخصيا ومع احترامي للاخرين، بخاطب النوعين بي صيغة واحدة، لاني نشات في بيئة مافيها فرز نوعي حاد، كما مجسدة في نموذج لغتي الام المذكورة اعلاه.

علي كده وبنفس فهمك النصوصي ده، بشاشا، ذكوري؟

ابدا لا، ولكن بالنسبة للبشوفو الكون بعيون زرقاء انجلو ساكسونية، فكل شئ حيشاف ليهم سماوي اللون!

عشان كده يااسامة وبحكم عدسات مركزيتك الاوربية الجندرية، اللاصقة، انت بتشوف الاستاذ محمود ذكوري!

عشان كده قلنا، المركزية الاوربية في تناولا لي تاريخ ثقافتنا، لاتملك والا تمسخو اوتشوهو تماما من دون ماتقصد، لانو مرجعية معايرا مختلفة اختلاف جذري، عن مرجعية معايير الثقافة، موضوع البحث!

او ده بالضبط ملخص مشكلتك هنا، اللي هي مشكلة كل يسار السودان القديم!

Post: #35
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: osama elkhawad
Date: 01-20-2006, 02:23 AM
Parent: #34

قلت عزيزي بشاشة:
Quote: نجي لي اصرارك علي ان الشهيد محمود ذكوري، حسب مفردات ادبيات الطرح الجندري المنب والدخيل:
ياعزيزي، هل تعلم ان اللغة النوبية الكوشية مثلا، بتخاطب النوعين بي صيغة واحدة، لانها خالية من التذكير والتانيث؟


وهذا كلام في صالحي ,
فلو كانت اللغة العربية التي كتب به الاستاذ خطابه لا تحتوي على صيغتين للمؤنث والمذكر,
لقلنا ان كلامك صائب
وأحيلك في هذا الصدد الى مقال عبد الله بولا عن الاستاذ محمود,
وهو مقال لي حوله مآخذ كثيرة سبق ان قلت بها اضمارا,
وعلق بولا تعليقا مسهبا وطويلا على ذلك الاضمار,
وحين قلت به,لم يقل بكلمة واحدة حول اعتراضاتي الاساسية على مقاله

وهنا يتحدث بولا عن "ذكورية " خطاب الاستاذ:
محمود محمد طه
Quote: وتحية للرجل وهو يمتخض، اليوم، في أحشائها، وقد اشتد بها الطلق، وتنفس صبح الميلاد."(32) والرجل المعني هو رجل الرسالة الثانية، داعيتها "المأذون له"، و إنسانها المتخلق من قيمها وبها. و هذا قول يطاول قمم الشاعرية المجيدة و لكنه، مع ذلك، لا ينفي ذكورية الخطاب ويحرج منطق مقولة المساواة التامة بين الرجل والمرأة وهذه معضلة لم يتوفر للأستاذ، ولا لأاي واحد من المجددين حلها بصورة متماسكة تمام التماسك، وإن ظل رأيه فيها متميزاً جداً


المشاء

Post: #36
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: esam gabralla
Date: 01-20-2006, 03:52 AM
Parent: #1

Quote: خلّف ماركس اِرثاً مجيداً في علم الإقتصاد السياسي، والتاريخ، والإجتماع .. اِرث ماركس ونظريته في الإقتصاد والتاريخ (النظرية الماركسية) أسسّت لمدرسة فكرية نُسبت له وسميت (الماركسية) ولكن إرث ماركس نفسه (النظرية الماركسية) هو اِرث "ساكن" شأن كل المواريث، أي أنه توقف عن الحركة بعد وفاة ماركس. في مقابل سكون "النظرية" فإن الواقع في حركة دائبة وديناميكية لا تكِّل.. الواقع دائماً متجدد، غني ومتشعب، ولكن يمكن مع ذلك الخروج بتعميمات نظرية -من حصيلة التراكم التاريخي والتجربة- تفسر الماضي، وترشح الحلول لمعضلات الحاضر.. التعميمات النظرية التي خرج بها ماركس والنتائج التي توصل إليها مستخدماً المنهج الجدلي في التحليل، من القوة والسطوع ما مكنها من ترك بصماتها في كل العلوم الإجتماعية تقريباً، بهذا المستوى أو ذاك.. وفي تقديري، ودون التقليل من صحة كثير من النتائج التي توصل إليها ماركس، إلا أن أعظم منجزات ماركس تمثلت في صقله للمنهج الجدلي واستخدامه، أي في السبب لا النتيجة، في الأداة لا في المنتج..

امتدّ تأثير ماركس الطاغي علي المدرسة الفكرية التي نشأت بعده، وتعرف ب"الماركسية" وأصبحت المنجزات الفكرية لأعضاؤها، تُنسب إلي "الماركسية" لا إلي منتجيها! وبقيام الدولة السوفياتية، أصبحت الدولة هي الراعي الرسمي للماركسية.. وبتعدد الإنقسامات في الدولة، ولاحقاً الدول الإشتراكية، إنقسمت مدارس الماركسية ومراكزها، وظهرت منها نُسخ متعددة، الماركسية-اللينينية، الماركسية-اللينينية-الستالينية، الماركسية-التروتسكية، الماركسية-الماوية، الخ.. ولأن الماركسية قد طرحت نفسها كنظرية "شاملة" فقد أصبحت مثل كرش الفيل.. كل انتاج فكري داخل أحد مراكزها ينسب إليها، لا إلى منتجها

الأحزاب والحركات الشيوعية لماذا تُصر على الطلاء الماركسي لمنتجات لا تمت لماركس بِصلة؟ مثل الديمقراطية الليبرالية.. أنه من العبث والإستخفاف القول بأن الإجتهاد الماركسي الخلاق ومعرفة الواقع هو من قاد الحزب الشيوعي السوداني مثلاً لقبول الديمقراطية الليبرالية!! حركة المجتمع أكبر بكثير من محاولة تفسيرها بالماركسية وحدها، والتفاسير نفسها.. ما الداعي لمحاولة "مركستها" كلما ثبت صحة إحداها.. حتي ذلك الذي ثبتت صحته وصلاحيته اليوم، قد لا يصلح بعد ربع قرن من الزمان..


سلام يا عدلان
هنا بالتحديد تكمن ام المشاكل المخلية طيبة الذكر "المناقشة العامة" و المدعو التجديد ما يمشو خطوة واحدة لقدام, بل انو كثير من المدارس والمنظمات "الماركسية" الجامدة ما عارفة تسوى شنو, السؤال المهم لم يطرحوهو على انفسهم: هل توجد "الماركسية"؟ ما هى هذه "الماركسية" و ما علاقتها بما كتبه ماركس؟
اعود لاحقا

Post: #37
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: Yaho_Zato
Date: 01-20-2006, 06:32 PM
Parent: #36

الديالكتيك، أم مادية الديالكتيك..

يتحدث بعض المتحدثون اليوم عن منهج ماركس، ويقولون أنه "الديالكتيك"، ومن ثم يجعلون تراث ماركس، كفيلسوف اجتماعي، مرتبط تلقائيا بصلاحية هذا المنهاج في استقراء واقعنا المعاصر، وعليه تكون الماركسية فكرة متجددة ومتألقة ومتفاعلة دوما مع الواقع..

غير أن هناك خلطا بينا في هذه المحاجة.. أولها، أن منهاج ماركس الذي اشتهر به ليس هو "الديالكتيك"، فهذا، إن كان ينسب لفيلسوف ما، فإنما هو لهيغل، وليس لماركس حظ تبويب له في التاريخ الفلسفي.. ماركس كان من الهيغليين في بداية مشواره الفلسفي، ولكنه بعد ذلك ارتجل لنفسه منهاجه الخاص، والذي زعم له أنه أكمل من ديالكتيك هيغل، ذلك المنهاج هو "المادية الديالكتيكية"..

المادية الديالكتيكية، عند ماركس، هي الوريث الشرعي والتطور الطبيعي لديالكتيك هيغل.. وفي هذا المنهاج، يقوض ماركس أي تأثير على المادة من خارجها، وأي انعكاس للفكر البشري من خارج بيئته المادية.. وهذا فرق جوهري بين ديالكتيك مارس، وديالكتيك هيغل..

والمادية الديالكتيكية، منذ الوهلة الأولى، تقتضي الإلحاد! لانها ترفض أي وجود لما وراء المادة! بل ولا يصح فيها أي تفسير لأي ظاهرة كوكبية إذا لم يكن يقتضى الإلحاد، ورفض أي تأثير على البيئة المادية من خارجها..

لهذا، فإن محاولات تعديل موقف ماركس من الدين، وتشذيبه وتهذيبه اليوم، لا يلقى غير الإنكار من ماركس نفسه! ولماركس نصوص كتابية كثيرة قيلت في الدين، يمكن أن ننشر منها هنا البعض حسب طلب القراء والمشاركين.. صحيح أن ماركس قد أعطي لمفهوم الدين قيمة في حركة التاريخ، ولكنه لم يقيمه إلا تقييما ماديا بحتا! وهو، من ثم، ذهب ليقول بأن مفهوم الدين من المفاهيم التي صاحبت البشرية في عهد طفولتها الفكرية، وهو، من ثم، يصبح اليوم من مخلفات التاريخ التي لا يقبلها الواقع المعاصر والمجتمع الشيوعي المرتقب.. ماركس يعتقد، وبثقة زائدة في النفس، أنه قد هزم مفهوم الدين هزيمة تامة، وهو اعتقاد قد أثبت التاريخ خلله بشكل واضح..

الماركسية، كفكرة، لا تصح أن تقوم إلا على دعاماتها، ومن دعاماتها الأساسية الإلحاد، وماركس لم يكن واضحا في أمر أكثر مما كان واضحا في وضع دعامات منهجه الفلسفي للناس، وهو أحد الفلاسفة الذين لم يكونوا يحبون تذويق الكلام وتمييعه في القضايا الفكرية الحاسمة.. ليس للمرء أن يكون اليوم ماركسيا، مستلهما لتراث ماركس ومنهجه المادي الديالكتيكي، كقاعدة فكرية ينطلق منها، إلا إذا أقر بدعامات الفكر الماركسي، وتبناها، ومن أهم هذه الدعامات الإلحادّ! ويليها في الأهمية العنفّ كأداة تغيير مجتمعي!

أما عن العنف، فدعونا نتحدث قليلا أيضا.. ماركس يقول بأن أي تغيير جوهري في المجتمع لا يكون إلا بوسيلة العنف.. هذه دعامة من دعامات الفكر الماركسي، وهذه الدعامة اليوم قد أسقطتها حركة التاريخ بعد ماركس سقوطا مدويا! أسقطها غاندي في الهند، وأسقطها مارتن لوثر كنج في أمريكا، وأسقطتها ثورة أكتوبر في السودان.. وقد نجحت كل هذه المحاولات في إسقاط هذه الدعامة الماركسية بواسطة مفاهيم مستلهمة من المفهوم الديني العام، وهو ذات المفهوم الذي ادعى ماركس انتهاء صلاحيته لواقعنا المعاصر!

والحديث عن أننا، حين ننظر لتراث ماركس، يجب أن نعتبر منهاجه التاريخي قبل أن نعتبر نتائجه التي توصل لها بواسطة ذلك المنهاج، والتي قد أثبت التاريخ خطأها.. هذا حديث هلامي جدا، إذ كيف نميز بين منهاج الشخص التفكيري والنتائج التي وصل لها باستخدام ذلك المنهاج؟ وماذا يتبقى من قيمة في ذلك المنهاج إذا فقدت نتائجه قيمتها؟ خصوصا وأنها حديثة العهد نسبيا، ولم يمض على خروجها للناس سوى القليل القليل من عمر التاريخ؟

لا يسعني الوقت الآن لتناول تفاصيل أكثر، رغم أن الحديث ذو شجون، ولكن يبقى الأمل بالعودة، وبقراءة إثراءات المشاركين في هذا الخيط اللطيف..

وللجميع تحياتي..

Post: #38
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: عدلان أحمد عبدالعزيز
Date: 01-21-2006, 09:41 AM
Parent: #1

الأعــزاء..

المُعـز، شكراً على المرور والمتابعة والتعليق.. نتوقع منك أكثر..

أسامة الخواض وبشاشـا، أعتقد أن بصمات إستخدام المنهج الجدلي –الجدلي المادي!- في إنتاج الأستاذ الشهــيد محمود محمد طه.. لا تخطئها العين، وسأحـاول التفصيل في ذلك ربما عبر مبحث آخر.. مداخلاتكم هي الحافز.

شكراً عصام جبرالله وصديق عبد الهادي، وفي إنتظــار مســاهمتكم.

.

Post: #39
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: عدلان أحمد عبدالعزيز
Date: 01-21-2006, 10:47 AM
Parent: #1

العزيز قصي،

عالِم الفيزياء إسحق نيوتن قال –فيما معناه- أنه لايسمح لل إلــه بالتدخل في منظومته الميكانيكية.. إلا بالتدويرة الأولى! وقوله ذاك، فيه مقاربة للقول الكريم "تَنزِيلا مِّمَّنْ خَلَقَ الأَرْضَ وَالسَّمَاوَاتِ الْعُلَى الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى" ورغم النبرة الإيمانية الواضحة في تصريح عالم الفبزياء نيوتن، لكن، ومن وجه نظر فلسفية، هو -أي نيوتن- ينطلق من وجهة نظر مادية.. ويمكن تصنيفه تحت بند المادية الميكانيكية. ما أود الإشارة إليه، هو أن المقابلة بين المادية والإلحـاد، في هكذا إطلاق.. كما فعلت في مكتوبك " ليس للمرء أن يكون اليوم ماركسيا، مستلهما لتراث ماركس ومنهجه المادي الديالكتيكي، كقاعدة فكرية ينطلق منها، إلا إذا أقر بدعامات الفكر الماركسي، وتبناها، ومن أهم هذه الدعامات الإلحادّ!" وسأبين ذلك في تفصيل أكبر.

الجدل المادي هو التعبير الأكثر قرباً عند التحدث عن منهج ماركس، وهو الترجمة الصحيحة ل "Materialistic Dialectic" ولا بأس من تجاوز هذه الجزئية طالما أن المصطلح السائد هو مصطلح "المادية الجدلية"، وطالما أن جوهر الموضوع مفهوم لكلينا، ولكن، ولمصلحة نقاشنا هنا كان لزاماً علي إيراد هذا التصحيح. الجـدل المادي في جوهره هو طريق لإستيعاب الواقع.. سواء كان واقعاً مادياً طبيعياً، أو فكرياً، أو حتى عاطفياً.. وهو مادي لأنه يعتبر أساس التفكير في الظواهر، هو وجـودها المادي خارج وعــينا.. وفي إستقلال عنه، خاصـةً فيما يتعلق بالسؤال عن أصل المعرفة.. قارن ذلك بالقول الكريم في سورة البقرة "وأتقوا الله ويعلمكم الله" وذلك القول هو سبيل معرفة الأستاذ الشهيد محمود محمد طه، رغماً عن بصمات المنهج الجدلي المادي الواضحة في إنتاجه المعرفي (وذلك مبحث آخر) لكنني أُحيلك إلى مبحث ضخم قائم في مجلدين ينوء بحملهما الصبي.. تناول فيهما مولانا العارف بالله، الشهيد حسين مـروة شأن "النزعات المادية في الفلسفة العربية الإسلامية".. وما أود أن أخلص إليه هنا، هو أننا في تناولنا للجدل المادي، فإننا معنيين بالوقائع المادية في علاقاتها المتشابكة الدينمايكية المتصارعة والمتغيرة.. وقد عرف المفكر الثوري لينين المنهج الجدلي المادي على أنه "التحليل المادي الملموس للظواهر المادية الملموسة" عليه يكون مقابلة وتعريف مادية المنهج الجدلي بإرجاعها للإلحاد، فيه تبسيط مخل وإجحاف بيِّن.

تأمّـل.. أحدهم يبرر للطغيان بتفسير كون أن حزب الجبهة الإسلامية على سـدة الحكم في السـودان برئاسة عمر حسن أحمد البشير، على أنه "إرادة المولى" وكفى بالله شهيدا! ذلك قول مثالي غارق في المثالية يرجع كل الظواهر إلى قوى خارجية ويدعـونا للإذعان والتسليم.. في المقابل يمكن أن يكون هناك تفسير وتحليل آخر يُرجع تلك الظاهرة إلى هشاشة التجربة الليبرالية السابقة التي مزقتها وعـود رئيس وزراءها الكاذبة بإلغاء قوانين سبتمبر، ومعارضته إتفاق الميرغني-قرنق، علاوةً على ضعف قوى الإنتفاضة نفسها التي أنهكتها وشتتّها الإجراءات القمعية لنظام مايو.. مروراً بالغفلة والتغاضي عن النشاط التآمري لحزب الجبهة الإسلامية داخل القـوات المسلحة بدءاً بالمسيرة المسماة مليونية، مروراً بقنطار ذهب، تبرع النواب بسياراتهم، وإنتهاءً بإستغلال مذكرة الجيش وإيهام ضباط الجيش أن الإنقلاب هو تكملة للمذكرة.. هـذا التحليل السابق يبحث في أسباب نجاح حزب الجبهة الإسلامية في الإستيلاء على السلطة صبيحة الثلاثين من يونيو.. ونزعم أنه تحليل مادي جدلي يبحث في العلاقات المادية العينية الملموسة وينظر إلى تراكماتها الكمية وتحولاتها النوعية، مستوعباً لوحدة وصراع الأضداد.. دون الإعتناء بشرط الإلحاد الذي وضعته أنت ياقصي.

يفترض السـؤال التقريري " كيف نميز بين منهاج الشخص التفكيري والنتائج التي وصل لها باستخدام ذلك المنهاج؟" ضمن ما يفترض.. أن أي إثنين علي وجه هذه البسيطة، يجب أن يتوصلا إلي نفس النتيجة إذا إستخدما نفس المنهج! ذلك قول وإستناج لا جدلي ولا علمي، وليس بمقـدوره الإجابة على التسآؤلات بشأن الإنقسامات داخل الجماعة المسلمة، بين السنة والشيعة، أو الكاثوليك والبروتستانت، اللينيين والماويين، حق وحق، إلخ.. رغم توحد المناهج في غالبيتها.

أجدني في إتـفاق معك، حـول خطأ ماركس الفادح في إعتمـاده العنف كوسيلة ضرورية للتغيير، وقد رأينا –بالإضافة لما أوردته من أمثال- كيف أن إنسانة بسيطة مثل "روزا باركز" وبتصرف بسيط أكدت فيه على إنسانيتها، وذلك برفضها الجلوس في المقاعد المخصصة للسود داخل البص.. كيف أن موقفها ذاك الشجاع، قد غيّر عميقاً في حركة الحقوق المدنية في أمريكا وأمتد أثره إلي كثير من البقاع في العالم.. التحليل الجدلي –صائباً- يقول أن تصرف روزا وموقفها ذاك، ربما كانت ستدفع حياتها ثمناً له إذا ما قُدر له أن يحدث قبل خمسين عاماً من تاريخ حدوثه.

لكم جميعاً مودتي والإحترام..

.

عذراً، فالتعديل إقتضاه تصحيح ما ورد في شأن مصطلح الجدل المادي، في الفقرة الثانية.

Post: #40
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: Yaho_Zato
Date: 01-21-2006, 03:17 PM
Parent: #39

عزيزي عدلان.. لك جزيل الشكر على هذا الحوار الجميل..

في البداية، دعني أشيد بإشارتك لبصمات المنهج الجدلي (وليس الجدلي المادي، في نظري) في انتاج الأستاذ محمود الفكري، وهو أمر أنا أراه أيضا، فقط يبقى الحديث بعدها عن موارد المنهج الجدلي الذي اتبعه الأستاذ، وهل هو تابع لتبويب هيغل الفلسفي، أم أنه تابع لمنهاج موجود ومتوارث أساسا في جوهر المعرفة الدينية..

هذا ودعني أيضا أشير لك بأني قد اطلعت على كتاب "النزعات المادية في الفلسفة العربية الإسلامية" لكاتبه الدكتور حسين مروة، وهو كتاب لا أجد له كبير حظ من القيمة الفكرية، خصوصا في تناوله للمدارس الصوفية الإسلامية.. تناول حسين مروة لحركة التصوف الإسلامي بمنهج الجدل المادي جعله ينظر لهذه الحركة بسطحية تفوق الوصف، وبتعنت بالغ في فهم النصوص والأحداث، وهو لم يكن ليملك أن يحلل حركة التصوف تحليلا عميقا في الأساس بمنهج كهذا.. لقد قلت أن مشكلة ماركس مع الدين كانت في أنه لم يقيمه إلا تقييما ماديا، وهذا هو نفس الشيء الذي فعله حسين مروة، فلم ينته إلى شيء ذي قيمة، كما لم يفعل ماركس، في هذا الأمر..

أما ماركس ياعزيزي، فرأيه في الدين مبذول جدا في كتاباته، وهو رأي ملحد، أي أنه لا يحلل الواقع فقط بناءا على معطيات المادة، بل هو أساسا يرفض أي تأثير على حركة الواقع وحركة الفكر من خارج المادة، وهذا الرفض عنده هو رفض لأي وجود خارج نطاق المادة.. ماركس تحدث عن أن أدواته التحليلية ستضع لمفهوم الدين حدا (ويمكنني تزويدك بالنصوص قريبا).. أنا اعتراضي ليس على المادية الجدلية ككل، فهي، بحكم جدليتها، تملك شيئا من الحق الذي يمكننا تمييزه، ولكن الماركسية، كفكرة ومنهاج، تقوم على الإلحاد كدعامة أساسية لها.. الإلحاد ببساطة هو رفض الاعتقاد بما وراء المادة المحسوسة، لا مجرد عدم اعتباره في تحليل الواقع..

دارون، على سبيل المثال، قد أعلن إلحاده بعد أن رأى أن ما توصل إليه من مفهوم لنظرية النشوء والارتقاء يعارض ظاهر النصوص المقدسة التي تقول أن الإنسان خلق من طين على صورة الله (تجسيدا).. دارون هنا لم يشكك فقط في ظاهر المعنى الموجود في الكتب المقدسة، وحتى لم يشكك فقط في هذه الكتب المقدسة، بل ذهب دفعة واحدة لينكر أي وجود لما وراء المادة.. هذا تماما ما فعله ماركس، وهو قد كان من المعجبين جدا بدراسات دارون، ويرى فيها انتصارا له شخصيا في حربه الفكرية على مفهوم الدين.. مشكلة ماركس ودارون هنا، كلاهما، أنهما لم يكونا ذوا اطلاع على المفاهيم الدينية خارج المدارس الأصولية فيها، والتي كانت منتشرة في أوروبا بلا منازع في عصرهما، لهذا تعاملوا مع النصوص والمفاهيم الدينية تماما كما الاصوليين، غير أنهم فقط اعترضوا على الطرح بعد ذلك، ولكن فهمهم للنصوص الدينية لم يتجاوز الفهم الأصولي بأي حال من الأحوال..

الكثير من الماركسيين اليوم يقولون بأن المنهج الماركسي (أو المادي الجدلي) لا يعني تلقائيا الإلحاد.. ذلك لأنهم ليسوا ماركسيين حقيقة، بمعنى تبنيهم للطرح الماركسي، والطرح الماركسي هو طرح ينسب لصاحبه ماركس، وإلا فإن المادية الجدلية، مع التعديل الذي جرى لها من بعد ماركس، لا تعبر حقيقة عن جوهر الماركسية كما هي عند ماركس..

وحديثك عن المنهج ونتائجه هو حديث فيه هلامية أيضا، فنحن هنا لا نتحدث عن الطوائف التي تفرعت من الماركسية، وإنما نتحدث عن الصاحب الأصيل للمنهاج، وأول من طرحه عبر التاريخ الفلسفي، وهو، فوق ذلك، طرح جديد جدا في عمر التاريخ، ولم يمض عليه من الوقت بعد ما يجعله عرضة لتفسيرات مبعثرة كما هي عند الطوائف الدينية.. ماركس أقام منهجه وربطه بنتائج "حتمية" في نظره.. ماركس، في فكره، قد طرح دينا جديدا، في مبادئ ونبوءات، وصحة تلك المبادئ مربوطة عنده بصحة تلك النبوءات..

أنا أستطيع اليوم أن أستفيد من إنتاج ماركس الفلسفي، وبصورة كبيرة، ولكن دون أن أسمي نفسي ماركسيا، ودون أن أدعي أن الماركسية فكرة متجددة مع الواقع، فما هي كذلك.. الماركسية بنت قواعدها على "الحتمية التاريخية" ووضعت نبوءات لهذه الحتمية، أنا شخصيا لا أعترض عليها جميعا، ولكن هذا لن ينفي أن مجرد وجود الحتمية التاريخية في أصل المنهاج الماركسي يجعل النتائج التي وصل إليها ماركس مربوطة بشكل مباشر بمدى صحة منهجه.. والحتمية التاريخية ليست عيبا، فهي موجودة أيضا في الفكر الديني، وإنما يظهر العيب في فشل نبوءات تلك الحتمية..

وماركس، في تحليله المبني على التاريخ، قد سحب الكثير من سوءات التاريخ على المستقبل، ولم يستطع أن يميز، بسبب خلل أساسي في منهاجه، أن مستقبل المجتمعات لا يتصل دوما بنفس صيغة الأسباب والنتائج التي حملها الماضي.. ديالكتيك هيغل يمنح الفرصة بأن تظهر قوانين جديدة تسير الحركة العامة للمجتمعات، أما ديالكتيك ماركس فلا يمنح الفرصة لذلك.. لهذا كان هيغل أفقه في الديالكتيك من ماركس، كما ذكرت سابقا، وليس كما ادعى ماركس، وكما ادعى من لحق به من أتباع منهجه..

وهناك إشارة أخرى لأمر قد ذكرته، فأنا أرى أن المصطلح المعبر عن منهاج ماركس أكثر هو المادية الدياليكيتية (Dialectic Materialism)، إذ أن ماركس مادي قبل أن يكون ديالكتيكيا، باعتبار الأولوية..

هذا، ولك مودتي مجددا..

Post: #41
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: عدلان أحمد عبدالعزيز
Date: 01-23-2006, 01:09 PM
Parent: #1

تصفحت اليوم موقع "سودانيز أونلاين" فوقع بصري على إسم الأخ حيدر قاسم، كمُتداخل في بوست مسارب الضي ........الحاج وراق ( الشيخ أزرق طيبة شيوعيآ!!!) وكنت قد زرت ذلك البوست في أيامه الأولى ثم توقفت لإعتقادي آثماً، أن البوست إستنفذ أغراضه.. ولما كانت كتابات الأخ حيدر قاسم تقع في نفسي موقع التقدير، فقد راجعت الخيط وهالني مستوى الطرح الرفيع المميز لتناول حيدر للماركسية (بختك بيهو ياقصي)، وتحسرت أنني لم أقرأءه قبل أن أبدأ هذا الخيط فهناك الكثير مما يشبه توارد الخواطر، وذلك أمر مبرر عندي لأننا لامسنا تلك القضايا من قبل في بوست الأخ هشام أدم حول تجربته -أي هشام- في صفوف الحزب الشيوعي.. أعتقد أنني بفتحي لهذا البوست أحاول أن (أُركِّز) النقاش حول قضايا مدى ماركسية الحزب الشيوعي! هذه دعوة للأخ حيدر لمواصلة النقاش في الخيطين، أو بالأحرى -يدينا حبة فيض هنا كمان- وإن لم يفعل فأسقوم بنقل مساهمته هناك، إلى هذا الخيط، مستخدماً حقي القانوني في ال Fair Use!

لكم جميعاً مودتي..

ونواصل

Post: #42
Title: Re: Well... Is MBA (Master of Business Administration) Amero-centric??!
Author: Outcast
Date: 01-23-2006, 04:13 PM
Parent: #41

Talking Marxism

Is Marxism Eurocentric?

By Abbie Bakan

The argument that Marxism applies only to workers in wealthy advanced capitalist countries — or only to white workers within these countries — is one that many of us have likely heard.

It is articulated with some coherence among some influential writers. For example, Cedric Robinson, an American writer associated with the Institute for Race Relations here in London, develops this view in his book, Black Marxism.

"Marxism is a Western construction — a conceptualization of human affairs and historical development which is emergent from the historical experiences of European peoples mediated, in turn, through their civilization, their social orders, and their cultures. Certainly its philosophical origins are indisputably Western. But the same must be said of its analytical presumptions, its historical perspectives, its point of view."

Others take a less committed view in opposing Marxism specifically, but oppose "membership" in any totalistic worldview, including Marxism.

One important thinker in this school was Edward Said. His experience with a Stalinist version of Marxism in the Middle East convinced him to resist even a discussion of the meaning of the term. (Said did, however, rather ambiguously embrace the views of certain Marxists, like Antonio Gramsci and Georg Lukacs.)

Marxism vs. Stalinism

But many who reject Marxism for its Eurocentrism confuse Marxism with Stalinism.

For the sixty year period between 1929 (when the Stalinist bureaucracy in Russia definitively crushed the young workers’ state led by the Bolshevik Party) until 1989, when the state capitalist regimes in the east collapsed — a great lie dominated the world.

This was the lie that equated socialism with the state capitalist USSR.

Marxism was touted as an ideology that justified the activities of expansionist, oppressive states, and particularly Stalinist Russia. The so-called "Marxism" of these states, which shared nothing with the liberationist, democratic content of Marx’s ideas, was no less repressive than western capitalism in its treatment of national minorities.

The Stalinist versions of Marxism that were put forward by Communist Parties were in no way similar to the tradition developed by Marx and Engels. But when the charge of Eurocentrism is raised against Stalinism, there is some substance to the claim.

In the name of supporting Russian state foreign policies, Communist Parties around the world commonly took up untenable positions, ones that opposed the right of national self-determination for oppressed peoples or played into the hands of racism and chauvinism.

For example, in 1927, it was the direction of the Communist International, then in the grip of Stalin, that ensured a massacre of the Chinese workers’ revolt in Shanghai.

In 1933, it was the Communist Party of Cuba that ensured the defeat of a workers’ revolution, whose failure meant the continued subordination of Cuba to US imperialism.

The Communist Party of the US maintained that in the 1950s that blacks were only oppressed in the southern states where apartheid style Jim Crow laws continued, but were not oppressed in the nominally "integrated" north.

One of the targets of these debates in the 1920s and 1930s, for example, was Marx’s notion of the Asiatic mode of production. As Chris Harman summarizes in A People’s History of the World:

"Karl Marx referred to an ‘Asiatic’ form of class society in which private property did not exist at all. Instead, he argued, the rulers were able, through their collective control of the state machine, to exploit entire peasant communities which farmed the land jointly without private ownership. . . . The social surplus was in the hands of the priests who ran the temples or the king-led administrators of the palaces. They got hold of it through their direction of certain aspects of production — irrigation and flood control works, the labour of dependent peasants on the temple or palace lands, and control over trade. But neither the priests nor the palace administrators exercised private control or ownership. They benefited from class exploitation only in so far as they were party of a collective ruling group."

Marx’s theory of the Asiatic mode of production demonstrated his sensitivity to different paths of development in class society.

But this theory was explicitly identified as a misinterpretation of Asian societies by Soviet theorists in 1931. The alternative stance, consistent with the political aims of Stalinism, was that all societies passed through a rigid pattern of linear stages, with characteristics common to western Europe.

Despite the weight of Stalinism, some of the most committed anti-racist and anti-imperialist activists were attracted to Communist Parties. In the 1930s, the Communist Party of the USA in Harlem, for example, successfully organized black and white workers in a united movement against racism and capitalism.

But in time the weight of Stalinism shattered the gains of the CP USA.

Marx’s original method, and the movement he and Frederick Engels inspired, was based on the principle of revolutionary solidarity and internationalism, challenging divisions of race and nationality.

The real revolutionary tradition of Marxism, the tradition of socialism from below, could not be further from Eurocentrism.

Revolutionary Marxism emphasizes the centrality of working class self-emancipation, not only in resisting capitalist exploitation but also in shaping a new socialist society.

Marx and Engels understood that the working class was the source of all profit for the capitalists, and that it was the class with the most collective traditions of mass action.

They studied the early development of the European working class, but not because it was "European." They saw Europe as a laboratory of class struggle that held lessons about how capitalism would operate and expand.

But Marx and Engels also studied the working classes and other oppressed classes in the colonies of India and Ireland. They studied capitalist production with all its unevenness and variations in the east and the south, and plantation slavery and the emancipation movement in the west and the north.

For decades, Marxism — despite repression and attempts to discredit it — has been studied and followed by masses of workers and students in the Third World. This appeal stands as testimony, at least in part, to the internationalist character of the real Marxist tradition.


-------------------------
Socialist Worker 435, October 6, 2004 N www.socialist.ca
---------------------------------
Well, if Africa - like the rest of the world- is shaping it's public policy according to the capital-serving institutions such as the IMF and the World Bank, then there is no such thing as dismissing Marxism- or any theory for that matter- as Eurocentric. It would just be like saying, Bashasha has no business studing MBA -not only that- but in a US institution, because he is African.

Whether we like it or not, Africa's past, present, and future are shaped by it's relationship to the West i.e. Capitalism, and it's hegemonic desires and un-ending thurst for the accumulation of capital. Africans are under the spell of Capitalism-may be even Bashasha- so why capitalism is not Eurocentric??
---------
Sorry, to write in English, but have no Arabic keyboard now.

Post: #43
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: Bashasha
Date: 01-23-2006, 06:23 PM
Parent: #1

*.*

Post: #44
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: Dr.Elnour Hamad
Date: 01-23-2006, 10:53 PM
Parent: #43

شكرا عدلان على هذا الخيط المتميز
أرجو أن أجد سعة من الوقت للإسهام فيه.

Post: #45
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: osama elkhawad
Date: 01-24-2006, 03:08 AM
Parent: #44

عزيزي النور
اولا اعتذر عن عدم حضوري اليوم الثاني في احتفالية استشهاد الاستاذ محمود محمد طه لظروف طارئة
أتمنى عودتك للتعليق على ما قلنا به من كلام عابر عن علاقة الاستاذ محمود بالعولمة,
وهي أي تلك العلاقة تجعله وثيق الصلة بماركس باعتبار أن الاثنين مواطنان عالميان,
ينطلقان من فهم كوكبي "عولمي" في ترجمة أخرى لقضايا الانسان المعاصر
كما نرجو عودتك للتعليق على "جندرية" خطاب الاستاذ,والتي علق عليها عابرا الصديق :
حيدر بدوي صادق
في اليوم الاول من تلك الاحتفالية الرائعة بحق
كما نرجو التعليق على ما اثاره الصديق عدلان حول علاقة الاستاذ بالديالكتيك
معليش مطالبي كثيرة
ولك محبتي كاملة
المشاء

Post: #46
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: osman ageeb
Date: 01-24-2006, 08:48 AM
Parent: #1

Dear Adlan

Your narrative indicates that you have a deep understanding of the theory.

My concern is how can this theory be applied to the Sudanese dilemma in a way that it can be narrowly tailored to the Sudanese cultures? Especially, in the absence of the democratic education that dismantle all forms of discrimination. Especially, after some individuals from the Sudanese Communism Party corrupted the image of the social meaning of such an endeavor, which is eliminating the gap between social stratifications.

I am hoping that one day whoever believes in the "ultimate claim" of Marx theory, can come with a creative way to make it a motivation to the people, instead of, a hated subject, especially among the Sudanese.

In short, this is not the time when we keep applauding for Mr. Marx as much as it is the time for all to use the available knowledge to come up with solutions to the Sudan problem.

Post: #47
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: Yaho_Zato
Date: 01-24-2006, 01:59 PM
Parent: #46

عزيزي عدلان..

شكرا لك على الإشارة إلى القامة العظيمة (روزا باركس)، والتي أغفلتني الذاكرة عن ذكرها، وهي الأم الروحية لحركة اللاعنف السوداء التي قامت في الولايات المتحدة.. لعل التحليل الدقيق يجعل روزا باركس في أمريكا هي شبيه غاندي في الهند، وليس مارتن لوثر كنج، مع الإحترام لقدره.. وقد تسمح الظروف بالعودة مرة أخرى لهذه المسألة بتفصيل أكبر وتناول أعمق..

وقد ذهبت إلى ذلك الخيط (والذي كنت قد ظننت مثلك انه قد استنفد غرضه منذ زمن) وقرأت طرفا كبيرا من مشاركة الاستاذ حيدر قاسم هناك.. وفعلا (بختي بيها) على حد قولك، فقد أعجبتني كثيرا، في دقتها وسلاستها..

ولك، ولجميع رواد هذا الخيط، عظيم المودة..

Post: #48
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: Mohamed Abdelgaleel
Date: 01-27-2006, 10:29 AM
Parent: #1

الأستاذ عدلان .. تحياتي.. لو سلمنا بصحة فرضيتك أن اقتراب (الممارسة الشيوعية) من الواقع يبعدها عن الماركسية .. لسلمنا بأن الماركسية فكرة خيالية تهويمية .
ولعل أهم إنجازات الماركسية .. دراستها وتحليلها العميقين للصراع الاجتماعي من وجهة نظر الطبقة العاملة وتأسيسها للنظرية الماركسية انطلاقا من واقع هذا الصراع .. والذي رأى فيه ماركس أن المستقبل سيكون لصالح قيادة الطبقة العاملة الصناعية للثورة الاشتراكية.
من العبارات التي تمثل حجار زوايا الماركسية .. عبارة ماركس
(The emancipation of the working class is the act of the worker themselves) ومقولة فريدريك أنجلز (نظريتنا ليست عقيدة جامدة ولكنها مرشد للعمل) ، غير أن هذه العبارات الناصعة تم تشويهها من قبل الكثير من الأحزاب الشيوعية التي اتخذت من النموذج الإستاليني مرجعيتها المنهجية.
.. أشار بحثك لكتاب توني كليف لرأسمالية الدولة في روسيا.. وسخط وغضب الشيوعيين وتصنيفهم له بأنه ضمن الدعاية البرجوازية المضادة .. وهذا أمر يتسق مع التبعية غير النقدية لكثير من الشيوعيين للدولة الإستالينية في روسيا .
إن ثورة أكتوبر 1917 لم تكن أول مظاهر الاقتراب من الشيوعية .. فهنالك (كومونة باريس 1871) .. وهي النموذج الذي أشار إليه ماركس كشكل للدولة التي تقيمها الطبقة العاملة عندما تتولى السلطة .. حيث تمت سيطرة القوى المنتجة لما يقارب الثلاثة أشهر على إدارة المجتمع في باريس .. أما نموذج ثورة أكتوبر 1917 فهو نموذج يحتاج لكثير من إزالة ما اعترى تاريخه من تشويش بسبب السيطرة المبكرة لديكتاتورية البروقراطية الإستالينية، فما أن إنتصرت ثورة أكتوبر في روسيا حتى إندلعت الحرب الأهلية وحدث الهجوم الخارجي على روسيا من أكثر من عشر دول من بينها ألمانيا وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا، ونشبت الخلافات والصراعات داخل الحزب البلشفي .. كل هذه العوامل أدت إلى تراجع تنفيذ البرنامج الاشتراكي حينما هبت أكثر العناصر ثورية في أوساط البلاشفة والطبقة العاملة للدفاع عن الثورة ليحل محلهم في المجالس العمالية القاعدية التي أقامتها الثورة المنتصرة عناصر بلا أي أفق ثوري لتبذر بذلك النواة الأولى للنظام الذي طوّر شكلاً جديداً للإستغلال الذي يمارس على أوسع نطاق لمصلحة دولة حظيت فيها البيروقراطية الحزبية بالامتيازات والعلاقات وأستشرى فيها الفساد (المحمي) وسار فيها إتساع الفوارق الطبقية جنباً إلى جنب مع إنتفاء كل أشكال التعبير والديمقراطية، ففاق في قبحه حال الرأسماليات الغربية التي يسودها الإستغلال الذي تحميه دساتير الرأسماليات الغربية وتمارس بجانبه الحريات التي تتيحها الديمقراطية الليبرالية -تحت سقف استقرار - النظام الطبقي القائم.
ورغم كل ذلك فقد أثبتت تلك التجربة إن النجاح "المؤقت" للثورة الاشتراكية في روسيا في أكتوبر 1917 قد أوضح حقيقة هامة وهي أن الطبقة العاملة ومن خلفها جماهير الفلاحين استطاعت أن تنجز ثورة منتصرة تسيطر فيها الجماهير (تحالف العمال والفلاحين والجنود) وتدير عجلة الإنتاج وتقيم دولة مؤهلة لإنفاذ جميع القرارات التي تحقق تطلعات القوى الاجتماعية التي أنجزتها، حتى في بلد متخلف مثل روسيا في ذلك الوقت، لأن حقائق الواقع قد أوجدت في روسيا دولة متفسخة وجيش منهزم وأغلبية فلاحية ترهقها شروط الإقطاع وترنو لحيازة الأرض، كما كانت هناك نواة بروليتارية متقدمة وتوفر قيادة صحيحة للثورة الاشتراكية تمثلت في انفصال الحزب البلشفي عن الحزب الاشتراكي الديمقراطي (1903)، لقد اختمرت تجارب هذا الحزب خلال ثورة 1905 في روسيا وعاش المخاض الثوري العنيف في روسيا (1911 –1914) والذي قطعته الحرب العالمية الأولى كما أختزن التجارب الثورية وما صاحبها من نجاح أو إخفاق، كل ذلك في مرحلة بدأ فيها اقتصاد أكثر البلدان تخلفاً مرتبطاً بالاقتصاد العالمي ومكتسباً الصبغة العالمية .. كما إندلعت الحرب العالمية الأولى 1914 – 1919م لتساهم في دفع الصراع في روسيا إلى حده الأقصى.. لقد كان الوضع الثوري مهيأ تماماً وفي دولة تعتبر من (أضعف حلقات الرأسمالية) في ذلك الوقت .. ولكن وحتى بعد اندلاع الثورة في مثل هذه الظروف الاستثنائية الناصعة .. كان هناك المترددون حتى بين قيادات الحزب البلشفي، فقد ظل كامينيف يردد "إن الثورة الديمقراطية لم تنتهى بعد" .. إنه أحد "البلاشفة" الذين أطلق عليهم لينين "الشيوخ البلاشفة" .. (الذين يتخذون مواقفهم من الملخصات المدرسية وليس من موازين قوى الصراع في الواقع).. فعفوية الجماهير تبدع انتفاضة التغيير غير آبهة بالأطر والبرامج المسبقة "الثورة الوطنية الديمقراطية" أو "الثورة الاشتراكية" ولكنها وبالتأكيد وهي تدير صراع حياة أو موت فإنها تهدف لتحقيق تطلعاتها وليس لتسليم السلطة للبرجوازية لاستكمال مرحلة الثورة الوطنية الديمقراطية، وفكرة التدرج في انتزاع سيطرة الطبقة المتميزة كانت دائماً هي مكمن ضياع الثورات وهزيمة الثوريين.. ويتساءل المرء .. عن مرحلة الثورة الوطنية الديمقراطية وما يؤمل فيها من إصلاحية (بائسة) والتي تتردد في أوساط الأحزاب الشيوعية .. أليست هي التي أضاعت أكتوبر السودان وإبريله؟؟!!
مازالت التجربة الروسية تحتاج لمزيد من الدرس – من قبل كل مهتم بالأمر - فالإستالينية التي بدأت بوادرها في أوائل العشرينيات من القرن الماضي هي التي ساهمت في تحويل روسيا من إمكانية لدولة اشتراكية إلى نموذج قمعي لرأسمالية الدولة.
وأقول لبعض الاخوة المتداخلين في هذا البوست من الذين يرون ألا معنى لفتح هذا الموضوع أقول لهم بأن البشر سيظلوا ينقبون عن آليات يديرون بها الصراع للخروج من دائرة قبح الواقع وظلمه الكريهين .. ولا أرى أي منطق في قبول الظلم الذي ينسرب إلينا من عباءة ثقافتنا المحلية ..
لا أتفق مع قولك أن الشيوعية في التطبيق تبتعد عن الماركسية .. بل أقول أن التجارب التي كانت تدعي أنها اشتراكية لا تشبه الاشتراكية التي تحدث ماركس عن شكل علاقاتها إلا (كما يشبه الميت مخنوقاً الأحياء).
وسوف أعود

الأخ/ علاء الدين حيموره يسأل عن خبرك

Post: #49
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: عدلان أحمد عبدالعزيز
Date: 01-28-2006, 01:05 AM
Parent: #1

العزيزة Outcast، شكراً على إهتمامك بموضوع البوست، أظنك لاحظتي كيف أن Abbie Bakan نحى منحى ما أسميهم "الدراوّشة" في دفاعه عن ماركس ضد إتهامات الماركسية بأنها تعبير عن المركزوية الأوربية.. Abbie Bakan إختار الشماعة المحببة لتعليق كل الخطايا الماركسية، عنق ستاليـن!

الأخ بشاشا شكراً على إهتمامك بالبوست..

الأخ د. النور حمد، منوِّر.. أرجـو لك أن تجد لنا سعة من الوقت، مساهمتك محل تقدير وإحتفاء..

الأخ أسامة الخواض، أبقى مُرابط، والحمد لله مطالبك موجهة لغيري..

الأخ عثمان عجيب، أتمني أن تجد في خاتمة أطروحتي –لاحقاً- ما يفيد الإقتراب تجاه الإجابة علي تساؤلاتك الحيوية حول كيفية تطبيق النظرية أو الإقتراب بها من واقعنا السوداني المعقد..

الأخ قصي، أشكر لك متابعاتك وتعليقاتك الذكية والمحفزة، والتي أرجو إستمرارها، هي حقاً مساعدة لى في تعديل بعض أفكاري، مثال مراجعة القيمة العلمية لكتاب النزعات المادية، وكنت قد قرأته قبل أكثر من عشرين عاماً، قرآءة جديدة قطعاً ستكون جد مختلفة..

الأخ محمد عبدالجليل، مساهمتك حفزتني لختم أطروحتي بما يستوجب نقداً لما أوردته أنت، وما أوردته أنت، وجدت فيه تقاطعات مع كثير من المدافعين عن الماركسية، خاصة Alex Callinicos والدعـوة لتنقيتها –أي الماركسية- من دنس الستالينية، وإستعادتها وتقديمها في حلتها الأصلية، وفي ذلك يحضرني قول عضو منبر سودانيز أونلاين، الصديق معروف سند "اي حاجة فيها استعادة معناها فيها رجعه لي ورا ." وأخاله يعني أنها دعـوة رجعية! معروف ده زول حكمة، تأمل في سطوره القليلة المنثورة هنا وهناك، وستوافقني.. أقدر جهدك الجاد وأنا وإن إختلفت معك، معتنٍ جداً بكتاباتك.. وفي إنتظار مساهمتك القادمة.. تحياتي للأخ علاء ورجاءً راجع المسنجر..

لكم جميعاً معزتي وعامر الود..

عدلان.

Post: #50
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: عدلان أحمد عبدالعزيز
Date: 01-28-2006, 01:17 AM
Parent: #1

العيــب في التطبيق، ولكن الماركسية بخير!.. الحل في الإسلام، أما إنحطاط المشروع الحضاري فهو عيب في التطبيق.. إنحراف صـدام حسين -أو الأسد- هو تطبيق خاطيء لمباديء القومية العربية.. التخريجات الآنفة، نسمعها مراراً من دراوِّشة كل مشروع سياسي إجتماعي نال حظه من الإنحطاط المذري حتي سقوطه، وجوهر سقوط تلك المشاريع سببه علل داخلية تفقع العين.. لكن الدراوِّشة، لا يرونها، لذا يصبون جام لعناتهم علي الخارج.. ونحن في هذا المقام لا نهمل العامل الخارجي، فهو موجود ولا يسعنا إنكاره، ولكننا نتسآءل عن كنه الظروف الموضوعية –المادية- التي سمحت لهذا الخارج، بالتأثير على المشروعات السياسية الإجتماعية إلى أن تسقط وتذروها الرياح وتشيع باللعنات.. هل ما حدث وما يحدث، كان ممكناً بغير واقع الإنحطاط الداخلي الشامل، الذي أصاب تلك المشروعات؟ في الإجابة على ذلك نرجع إلي تحليل ماركس ودراسته لتاريخ التشكيلات الإجتماعية الإقتصادية، والتي شرح فيها كيف أن كل تشكيلة إجتماعية إقتصادية مكتملة النمو، كان تطور القوى المنتجة فيها يصل مستوىً يصبح معه الإستمرار في علاقات الإنتاج السائدة مستحيلاً.. ويكون جنين العلاقات الجديدة قد تخلَّقَ في رحم القديم، حيث لا مناص من الثورة لولادة الجديد وتسيدّه.. كما بيّنَ ماركس أن ذلك التغيير، غير ممكن الحدوث إلا في المجتمعات التي تسنمت فيها قوى الإنتاج ذُرى ناصية التقدم، حيث يغدو العائق في وجه تطورها أكثر، وإلى مستوى أرفع، هو العلاقات الإنتاجية القديمة السائدة.. بالمقابل، وفي تماه مع تحليل ماركس أعلاه، فإن محاولة التدخل الواعي المتعسف لتسريع الولادة قبل إكتمال الخِلقة، وفي غير بيئتها، كما حدث في روسيا القيصرية ولاحقاً شرق أوربا، كان لابد لها من إنتاج ذاك المسخ المشوه، المسمي الكتلة الإشتراكية.

هل من الممكن أن نتصور أنه يمكن، وبفعل خارجي، هزيمة مجتمع تسيدت فيه علاقات الإنتاج الجديدة لتطابق مستوى تطور القوى المنتجة المتطورة والناهضة، هزيمة نهائية؟ تقريباً للصورة نطلق لخيالنا العنان ونتصور أن مستوى تطور القوى المنتجة في أوربا الغربية وأمريكا واليابان وصل مستوىً كان لابد فيه من تغيير علاقات الإنتاج، ولنقل تغييرها إلى علاقات إنتاج إشتراكية، وأن ذلك التغيير قد حدث.. هل يمكن أن نتصور، مهما بلغ بنا الجموح في الخيال، أن هناك قوى خارجية بمقدورها إرجاع العجلة؟ ذلك غير ممكن لسبب بسيط جداً.. مستوى القوى المنتجة خارج مثلث أوربا الغربية وأمريكا واليابان، وجهازها السياسي المعبر عنها، لا يزال ضعيفاً جداً، وسيكون جُلّ همه في تلك اللحظات منصباً في حماية نفسه من رياح التغيير.. ما أود الإشارة له هو أن مشروع إقامة نظام علاقات إنتاج إشتراكية في بلد متخلف، هو مشروع يناقض تحليل ماركس في المقام الأول، قبل أن ننسب أسباب فشله إلى القوى الخارجية.. وبما أننا في السودان وضمن خارطة التشكيلات الإجتماعية التاريخية ومستوى تطور القوى المنتجة القائم، مازالنا نبعد محيطات وصحارى عن ذلك التصور الماركسي للتغيير الشامل، فإننا غير معنيين به في صورته الشاملة تلك، وإن كنا نأخذ الحكمة حتى من أفواه الحالمين، فهي –أي الحكمة- ضالتنا، لكن ماركس ليس نبينا.

أصحاب الحكمة الباطلة "أن النظرية جيدة ولكن العيب في التطبيق" دراوِّشة بحق، لأنهم رغم السقوط الداوي، ما انفكوا في غيهم سادرون.. هم دراوّشة لأن إيمانهم المطلق في صحة النظريات الإجتماعية التي تبنّوها، وكأنها تنزيل من حكيم حميد، لم يهتز لهم فيها شعره.. فوق ذلك هم ثانياً، كسالى وعاطلي الذهن، كسالى بسبب إختيارهم السهل، الذي لسان حاله يلهج بأن العبقري الكامل –واضع النظرية- لا يأتيه الباطل لا من التاريخ ولا الجغرافيا ولا الحاضر ولا من المستقبل.. فالأمر كله لا يعدو سوء تطبيق وإنحراف من جانب الصحابة، أو التابعين، أو تابعي التابعين! وهم في ثالث الأمر.. يتسمون بقدر عال من اللامبالاة وإحساس متبلد بالمسوؤلية الإنسانية، أو قل أن مصالحهم الذاتية ربما مرتبطة بالنظام الزائل..، أو كيف نفسر طلبهم الفرصة الثانية لتطبيق "نفس" النظرية.. بحجة ودعاوي التطبيق الصحيح؟ هل رخُصت حيوات البشر لدرجة تسليمها لنفس الجزار الذي "حرجمها" أول مرة، ليحسن ذبحها في الثانية؟! العيوب والثقوب النظرية في الماركسية فاقعة.. فإذا سلمنا بصحة نظرية "النظرية صحيحة والعيب في التطبيق" فإن هناك قضايا أساسية تمثل مقام "العضُم" عند النظر في إمكانية تطبيق النظرية الماركسية "النقية!" وانزالها على أرض الواقع الراهني أو المستقبلي المنظور، وهي قضايا تتطلب مخاطبة جادة، ومباشرة.. أولها؛ كيف تتحقق الملكية العامة لوسائل الإنتاج؟ بتملك الدولة لها وإدارتها وإعادة توزيع فائض الإنتاج.. أم بتمليكها للقوي المنتجة مباشرة؟.. الأولي ما هي إلا تكرار لنموذج "رأسمالية الدولة"، بينما الثانية هي إعادة إخراج الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج، بممثلات وممثلين جدد. ثاني القضايا؛ ماذا سيكون عليه حال نظام تداول السلطة السياسية؟ والإجابة علي هذا السؤال لا تنفع معها المراوغات مثل القول ب "الديمقراطية المباشرة" على غرار السوفيتات، أو لجان القذافي الثورية! كيف يعني ديمقراطية مباشرة.. نريد تفصيلاً حول ما إذا ستكون حرية التنظيم، والإجتماع، والكلام، والصحافة، محاطة بضمانات كافية.. وما إذا سيتحقق الفصل بين السلطات؛ التنفيذية، والتشريعية، والقضاء.. وما إذا كان مسموحاً للبرجوازية بالدعاية لنفسها والصعود للحكم إذا قرر الناخبون ذلك.. فإن كانت كذلك، فهي الديمقراطية الليبرالية –البرجوازية- وإن لم تكن كذلك، فالبشرية في مستوى تطورها الحالي لا تقبل الإنتقاص -طوعاً- من تلك الهيئة القائمة.. أما إن كان لكم مزيد في البناء في ذلك المقام، فمرحبتين حبابك، اليوم السعيد الليلة جابك.

في مجرى تحسس المخارج النظرية من ورطة التمسك بالنظرية الماركسية على علاتها، كمصدر وحيد، أحد، صمد، لنظرية الثورة السودانية.. في مشروع الدستور المقر من اللجنة المركزية، الفصل الأول، المادة (٢ عن طبيعة الحزب وأهدافه العامة، نتأمل طرح الحزب الشيوعي في البنود التي ترشح الفئات الإجتماعية التي يستنهضها الحزب الشيوعي:
Quote: ٢- يستند الحزب في تكوينه على الجماهير العاملة في المصانع والمعامل والمؤسسات ودور العلم والحقول والمراعي والمثقفين ويضم في صفوفه الثوريين من كل الطبقات والفئات الاجتماعية الذين يقبلون برنامجه ودستوره ويعملون من أجل تنفيذ البرنامج الوطني الديمقراطي واستشراف الأفق الاشتراكي.

مشروع الدستور، ص ٢٢.
إذاً، سيكف الحزب الشيوعي السوداني -بحسب مشروع دستوره- عن الإدعاء بتمثيل الطبقة العاملة، فهو حزب الجماهير العاملة، وليس الطبقة العاملة فقط، وفي الحقيقة أن ذلك أقرب لواقع التكوين الإجتماعي الحالي للحزب الشيوعي السوداني. بذلك تنتفي تلقائياً الدعوة الماركسية لإقامة دكتاتورية البروليتاريا.

البند ٤ حدد مشروع الدستور المصادر النظرية للحزب كما يلي؛
Quote: ٤- هو حزب سوداني يسترشد بما توصلت إليه البشرية من معارف لمصلحة السودان وكل ما هو خير من الموروثات المتجذرة فينا كسودانيين وما هو نابع من انتمائنا العربي والأفريقي، وفوق ذلك كله مستنداً إلى تجارب الواقع السوداني واضعاً في الاعتبار كل مستجدات العصر ومتغيراته ومستعيناً بالماركسية كمنهج في استقرائه واستنتاجاته لمعرفة الواقع.
مشروع الدستور، ص ٢٣.
يبدو أن ورود "الماركسية" و تخصيصها بالذكرها في البند الرابع أعلاه، من دون خلق الله جميعاً، ورغماً عن وجود "ما توصلت إليه البشرية من معارف" إنما القصد منه إبتغاء مرضاة من سيروعه عدم ذكرها! ولكن على العموم، ورغماً عن عدم إحكام الصياغة، إلا أنني أعتقد أن في البندين ٢ و ٤ يكمن التجديد الحقيقي للحزب الشيوعي السوداني، فالأول منهما يعتني بتوضيح طبيعة القاعدة الإجتماعية التي يخدم الحزب مصالحها، وأحسب أنها الجماهير المنتجة السودانية، وبالبداهة نستبعد منها الشرائح الطفيلية.. بينما الثاني منها يعتني بالوسائل والأدوات المستخدمة لصياغة وترجمة مصالح تلك المجموعات في برنامج سياسي يعبر عنها.

إنتهى.

.

Post: #51
Title: كلما اقتريت الشيوعية من الواقع ابتعدت عن الواقع
Author: عادل طه
Date: 01-28-2006, 03:06 AM
Parent: #1

الاخ عدلان
الاحزاب اللينينية(الشيوعية) لا علاقة لها بالماركسية وهى تستخدم الماركسية كوسيلة للوصول الى السلطة كاى تنظيم عقائدى وكما تفعل الجبهة الاسلامية مع الاسلام
ان لينين هوالذى دعا الى دكتاتورية البروليتاريا اما ماركس فانه كان يدعو الى الادارة
الجماعية ولا اظن ان حزبا لينينيا فى كل المنطقة العربية فد تبنى مثل هذا الطرح حتى الان

Post: #52
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: عدلان أحمد عبدالعزيز
Date: 01-28-2006, 03:09 PM
Parent: #1

الأخ عادل طه،

أثرت نقطة هامة جداً، كما أنه لأمر جيد أن يتبرأ الماركسيون من الدعوة لإقامة دولة دكتاتورية البروليتاريا، ولكن.. هل صحيح أن ماركس لم يشر إليها؟ دعـنا نتفق أولاً أن ماركس وأنجلز لم يتناولا بوضوح كاف أو بتفصيل موضوع سلطة دولة البروليتاريا - يمكننا هنا أيضاً أن نعقد مقارنة بالإرث المحمدي، حيث أن الإسلام في هيئة نزوله الأولى لم يفصل في موضوع الدولة!- وإنما بعض إشارات عامة، بغموض في مخطوطتي "البيان الشيوعي"، و "بؤس الفلسفة"، و بتوضيح أكثر قليلاً حين دعا في كتابه في كتابه "الثامن عشر من برومير لويس بونابرت" إلى تحطيم جهاز الدولة.

في سنة 1907، نشر مهرينغ في مجلة «Neue Zeit» (نويه تسايت) فقرات من رسالة وجهها ماركس إلى ويديميير في 5 مارس سنة 1852. وقد كتب ماركس:

Quote: "فيما يخصني ليس لي لا فضل اكتشاف الطبقات في المجتمع المعاصر ولا فضل اكتشاف صراعها. فقد سبقني بوقت طويل مؤرخون برجوازيون بسطوا التصور التاريخي لصراع الطبقات هذا، واقتصاديون برجوازيون بسطوا تركيب الطبقات الاقتصادي. وما أعطيته من جديد يتلخص في إقامة البرهان على ما يأتي:
1- أن وجود الطبقات لا يقترن إلاّ بمراحل معينة من تطور الإنتاج (historische Entwicklungsphasen der Produktion)،

2- أن النضال الطبقي يفضي بالضرورة إلى ديكتاتورية البروليتاريا،

3- أن هذه الديكتاتورية نفسها ليست غير الانتقال إلى القضاء على كل الطبقات وإلى المجتمع الخالي من الطبقات"

الإقتباس عاليه هو ترجمة ل:
Quote:

In 1907, Mehring, in the magazine Neue Zeit (Vol. XXV, 2, p. 164), published extracts from a letter from Marx to Weydemeyer dated March 5, 1852. This letter, among other things, contains the following remarkable observation:
". . . And now as to myself, no credit is due to me for discovering the existence of classes in modern society, nor yet the struggle between them. Long before me bourgeois historians had described the historical development of this struggle of the classes and bourgeois economists the economic anatomy of the classes. What I did that was new was to prove: 1) that the existence of classes is only bound up with particular historical phases in the development of production [historische Entwicklung sphasen der Produktion ]; 2) that the class struggle necessarily leads to the dictatorship of the proletariat; 3) that this dictatorship itself only constitutes the transition to the abolition of all classes and to a classless society. . . ."

راجع لينين، الدولة والثورة: http://ptb.sunhost.be/marx2mao/Lenin/SR17.html
أيضاً نقرأ في: http://www.marxists.org.uk/arabic/lenin/works/1917-sr/02.htm

11 . The term itself appeared for the first time in Marx's Class Struggles in France (1850) as the`dictatorship of the working class.' The term became famous as `dictatorship of the proletariat' in his well-known letter to Weydemeyer (March 3, 1852). Actually, the specific term seems to have been used for the first time by Marx's friend Weydemeyer in the New York organ Turnzeitung (January 1, 1852). (See the remarks by M. Rubel along with Weydemeyer's article in Marx 1994: 1095, 1679-81.)



ما يعضد من صحة الإقتباسات أعلاه نجد جذوره فيما خطه ماركس وانجلز في البيان الشيوعي [نوفمبر 1848]
"وبإجمالنا أطوار نمو البروليتاريا في خطوطها الكبرى، تتـبّعنا أيضا الحروب الأهلية الكامنة تقريبا داخل المجتمع القائم، حتى الحين الذي تنفجر فيه هذه الحروب ثورة علنيّة، تُرسي البروليتاريا سيطرتها بإطاحة البرجوازية بالعنف."
http://www.marxists.org/arabic/archive/marx/1848-cm/01.htm

وفي الفصل الثاني من البيان الشيوعي:
Quote: "والهدف الأول للشيوعيين هو الهدف نفسه لكل الأحزاب البروليتارية الأخرى: تشكّل البروليتاريا في طبقة، إسقاط هيمنة البرجوازية، واستيلاء البروليتاريا عن السّلطة السياسية."
ولاحقاً:
Quote: "فالعمّال لا وطن لهم. فلا يمكن أن يُسلب منهم ما لا يملكونه. وبما أنه ينبغي على البروليتاريا أن تستولي، أولا، على السلطة السياسية، وأن تنصّب نفسها طبقة قومية، وأن تتـقوَّم كأمّة، فإنّها ما تزال وطنية، لكن ليس قطعا بالمعنى البرجوازي للكلمة."
إلى أن يصل البيان الشيوعي، إلى:
Quote: "فعندما تتوحد البروليتاريا وجوباً في طبقة إبّان كفاحها ضد البرجوازية، وعندما تـنصّب نفسها بثورة طبقة سائدة، وتلغي علاقات الإنتاج القديمة بالعنف، بصفتها طبقة سائدة، فإنها تلغي أسباب وجود التناحر الطبقي وتلغي بالتالي الطبقات عامة، تلغي سيطرتها الخاصة كطبقة."


http://www.marxists.org/arabic/archive/marx/1848-cm/02.htm

ماركس دعا البروليتاريا وبوضوح، لإقامة دولتها بالإستيلاء على السلطة السياسية بالعنف، والدولة في عرف ماركس هي أداة قمع طبقية. الإستناج المنطقي يدفع دفعاً لا لبس فيه أن ماركس عنى دولة "دكتاتورية البروليتاريا" ولا يخفف من ذلك أنه حقيقةً يعتبرها مرحلة إنتقالية لحين زوال الطبقات والتناحر الطبقي.

ليتك ياأخ عادل تشير إلى السياق الذي دعا فيه كارل ماركس إلى "الى الادارة الجماعية" وليتك تتكرم بشرح كيف يمكن تحقيق ذلك على مستوى إدارة الدولة.

لك شكري، وعامر الود..

عدلان.

Post: #53
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: Yaho_Zato
Date: 01-29-2006, 01:28 PM
Parent: #52

عزيزي عدلان.. سعيد انا بهذا الخيط..

إن دعوة ماركس لدكتاتورية البروليتاريا هي أمر واضح ومبذول في انتاجه الفكري، كما أشرت أنت.. ومن ناحية كافية (غير النواح الأخرى) فإن التغيير المجتمعي العنيف لا يمكن أن يكون، عند تدقيق النظر، غير جوهر الدكتاتورية! رغم التفاوت النسبي..

الديموقراطية فقدت معناها عند ماركس، لا لأنه لم يعيها، ولكن لأنه لم يتعرض لنموذج لها إلا من خلال التاريخ، والتاريخ لم تكن فيه ديموقراطية في يوم من الأيام، حتى في أثينا، عند النظر الدقيق، لهذا ذكرنا أن إحدى المشاكل الرئيسية في ديالكتيك ماركس أنه يبني قواعده على قوانين حركة التاريخ دون السماح لمعادلات جديدة في التولد من رحم هذه الحركة، بعكس ديالكتيك هيغل.. والديموقراطية أيضا فقدت معناها عند ماركس لأنها مرتبطة أساسا بحق الفرد في المجتمع، وعند ماركس فإن المجتمع مقدم على الفرد تماما بشكل ليس منه فكاك، وفي هذا لم يفطن ماركس، في تحليله التاريخي، إلا أن الفرد هو مخترع المجتمع، وليس العكس، وهو قد اخترعه ليستفيد منه، لا ليصبح مستعبدا له أبد الدهر.. الديموقراطية تعنى أساسا بحربة الفرد في المجتمع، وعند ماركس لا توجد حرية ولاقيمة تذكر للفرد في إطار المجتمع.. طريقة ماركس في التفكير المجتمعي، باختصار، تحمل في طياتها نفس مساوئ تغريب الإنسان (Alienation of Man) التي عابها على مفهوم الدين الأصولي..

وماركس يفترض افتراضا أن دكتاتورية البروليتاريا ستؤدي تباعا إلى إلغاء الطبقات، وبالتالي أسباب دكتاتورية الطبقات، وهو افتراض مبني على استنتاجات وجيهة، ولكنه قابل للنقد بصورة كبيرة.. وقد تكون لنا عودة لهذه النقطة..

في نظره للتاريخ، فإن ماركس يبدأ دراسته لحركته مع بدايات المجتمعات الشيوعية الأولى، وكأن البداية كانت من تلك المجتمعات! ولكن حركة التاريخ تشير بوضوح إلا مرحلة المجتمعات هذه نفسها كانت مرحلة لاحقة لمراحل سبقتها لم تتميز بصيغة مجتمعية واضحة، أي أن الأفراد كانوا فيها معزولين، بصورة عامة، عن عرف مجتمعي ينطوون تحته.. مرحلة المجتمعات الشيوعية البدائية هي في الأساس نتيجة لتجربة بشرية سابقة لها، وهي تجربة العيش الفردي وصراع البقاء الفردي.. عليه فإن التجربة التي كانت في مرحلة صراع البقاء الفردي هي التي هدت البشر الأوائل إلى اختراع المجتمع، وهو أعظم اختراع اخترعه الإنسان حتى اليوم، ذلك أنه اختراع دائم التطور والتفاعل.. ما أريد أن أخلص إليه هنا هو أن الدراسة الدقيقة للتاريخ تقضي بأن المجتمع هو اختراع الإنسان، وليس العكس، وهو آلة الإنسان، وليس العكس، وعليه فإن قيمة المخترع تعلو قيمة الإختراع، إذ أن الإختراع إنما هو سيلة المخترع إلى غايته، وليس العكس.. والماركسية بنت أسسها الفكرية على افتراض أن الفرد إنما هو أداة من أدوات تفاعل المجتمع، وطرف واحد من معادلته، وهذا افتراض يضع العربة أمام الحصان، والمفضول أمام الفاضل، وبالتالي فهو "تغريب الإنسان" في أعظم تجلياته..

وإلى عودة أو متابعة.. مع خالص الود للجميع..

Post: #54
Title: كلما افتريت الشيوعية من الواقع كلما ابتعدت من الماركسية
Author: عادل طه
Date: 01-30-2006, 05:24 AM
Parent: #1

الاخ عدلان
كما قلت فان ماركس وانجلز لم يقدما نموذجا محددا للادارة بعد استيلاء البروليتاريا على السلطة السياسية
اما لماذا قلت بان ماركس كان يدعو للادارة الجماعية فلان مصطلح كوميونزم الذى ظهر لاول مرة على يد ماركس ترجمته الصحيحة هو جماعى وليس شيوعى ولمزيد من المعرفة فاننى ادعوك لقراءة كتاب الصادق النيهوم( محنة ثقافة مزورة)ففيه كثير من التوضيحات المهمة بهذا الشان
مع ودى

Post: #55
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: عبدالعظيم محمد أحمد
Date: 01-30-2006, 07:29 AM
Parent: #1

Quote: الفكرة قديمة قُدم جمهورية "افلاطون" وأقترب بها الإشتراكي الطوباوي "روبرت أوين" من الواقع الدنيوي بشروعه في تسخير ثراؤه الواسع ليبني نموذجاً حقيقاً في "نيو لانارك ميلز-اسكتلندا" لمجتمع اشتراكي صغير اسماه مجتمعات المصانع التعاونية، وحاول أن ينقل النموذج الي مجتمعات زراعية وكان نصيب المشروع كله الفشل.. وبقيت أفكار أوين الإصلاحية ملهمة، وتحديداً ألهمت المفكر الألماني كارل ماركس.. كما أن "أوين" قدم اسهامات جليلة للحركة النقابية، وكان قد ترأس أكبر تنظيم نقابي في بريطانيا.وتوصل كارل ماركس الى أن شرور البشرية منبعها الرئيسي التقسيم الطبقي واستغلال الإنسان لأخيه الإنسان.. ودائماً ما تكون الطبقة المــستغِلة (بكسر الغين) هي الأقلية في المجتمع ولكنها تبسط سيطرتها على باقي طبقات المجتمع من خلال أدوات متعددة تشمل ملكية وسائل الإنتاج والتحكم فيها، السيطرة على جهاز الدولة واستخدامه في القمع المباشر أو الناعم، وبناء المنظومات الفكرية و الآيديولوجيات - بما فيها الدين - التي تبرر لهيمنتها وتكرس لسطوتها على كل جوانب الحياة. وللتخلص من شرور البشرية يطرح ماركس مشروعه الضخم الساعي إلي الغاء استغلال الإنسان لأخيه الإنسان، وذلك عبر الغاء الفوارق الطبقية بين البشر واقامة المجتمع الشيوعي، حيث تنتهي الفوارق الطبقية، ويعطي كل فرد حسب طاقته وقدرته لينال حسب حوجته، ولتضمحل أداة السيطرة الطبقية المسماة "الدولة"، ولينتهي التمييز ضد المرأة، والتمييز ضد الأعراق، الخ


الاستاذ عدلان أحمدعبدالعزيز

محاول تستحق التشجيع والاحترام


اخى عدلان .. (لايكفى ان نحلل العالم ولكن كيف نغيره)

لاشك ان انهيار الاتحاد السوفيتى أدى إلى فقدان الثقة في الماركسية وفي دور الطبقة العاملة وفي مشروع الثورة ، وقد تزامن ذلك مع تبلور نظريات اجتماعية إصلاحية تصف نفسها بالواقعية, كنظرية "الحركات الاجتماعية الجديدة" ونظرية "المجتمع المدني". وشكلت هذه النظريات جسراً للتخلي عن مبادئ ومفاهيم الماركسية الثورية، مثل ضرورة بناء الحزب الثوري، والدور القيادي للطبقة العاملة، والربط بين قضايا الاضطهاد والصراع الطبقي، وبين النضال اليومي من أجل الإصلاحات وبين المشروع الثوري ،وفي كثير من الأحوال كان ذلك التخلي بمثابة رد فعل مباشر ليس فقط لما بدا في ذلك الحين انتصارا نهائياً للإمبريالية والرأسمالية عالمياً بل أيضاً للطبيعة المشوهة لوضعية الحركة الشيوعية العالمية ومن بينها الحزب السودانى , ولكن على الصعيد الاخر هناك تطورات عالمية ومحلية لهاتأثيرها وهى جديرة بان يتم النظر لها بعين الاعتبار( والاقتراب من واقعها ) وتتمثل فى فشل سياسات السوق الحر والراسمالية في العديد من دول العالم بما في ذلك دول الكتلة الشرقية السابقة وجنوب شرق آسيا وأمريكا اللاتينية وعادت الحروب الإمبريالية للسيطرة على مصادر الطاقة والأسواق والتنافس بين الكتل الرأسمالية الكبرى ، كماهناك نهوض الحركات الفلاحية والعمالية المناهضة لسياسات الليبرالية الجديدة في مختلف أنحاء العالم, خاصة في أمريكا اللاتينية ونشاط الحركات العالمية المناهضة للعولمة الرأسمالية والياتها؟

Post: #56
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: HAYDER GASIM
Date: 01-31-2006, 09:31 PM
Parent: #55

الأخوة عدلان ... قصي

وكل المجموعة الناظمة لهذا الخيط الفكري الحيوي

أحييكم وأثمن عاليا جهدكم ... فالتوفيق من حظ الدائبين ... وهنا أحط بأمنياتي لكم

ومجددا عدلان ...

وقد رميت بأعوادك الصندلية على موقد تتآلف حوله مشاعري

أشكرك على الإطراء ... ويتصل أمري هنا بالتماهي فى الفرضية الشعبية السودانية

والتي تقرن إطراء الراسل بحسن ظن المستقبل ( بكسر الباء )

فأرجو فى حالتي أن هذا يكون ...

الفكر حري بالتأمل والإستغراق ... وربما الإسترجاع

لكن الماركسية ترفض الأخيرة ... بإعتبارها نكوصا عن مراداتها الثورية

وبحسبانها مدخلا للمعايرة وللنقدية وللنسبية بالطبع

فهذه فى الظنية الماركسية موبقات العصر ... وآفة الزلف البرجوازي

أو بالأحرى هى حصان طروادة ... وهو يتلمظ بالحتميات التاريخية الماركسية

أعجبني إجتراحك يا عدلان ... ويكفي خطابك عنوانه

خاصة عندما تأتى من شيوعي مثلك ... فالجرأة هنا تجب التناقض

وتمهد السبيل للتوازن ... وللتصالح مع الذات والمجتمع فى نهاية المطاف

ومن قبل ( فى ضيافة الأخ هشام آدم ) قلنا الكثير ... لكن تتقد الآن فى مخيلتي

عبارة ختمت بها إحدى مداخلاتي إليك ... حين قلت:

( كن عدلان ... تكون أجمل ) ... وهكذا تتبدى لي اليوم

أو على الأقل ... دعني أدغم خيالي فى تالد أحلامي لأراك كما أود.

ما أسهمت به من قبل فى خيط أزرق طيبة ... فإن نال مقدارا ... هو ملك للجميع

فلا إستثناء ... ولا إستئذان ... وأبشر يا راجل

وأكثر من ذلك ... سأتوفر لهذا الخيط ... ما وسع زمني من ناحية

وما در ضرع تجربتي من أخرى ... وما إستطابه القراء من ثالثة

وأخي قصي ...

يعجبني فيك تماسك الفكرة وطريقة إيداعها فى ذهن القارئ ...

تبدو لي كبيرا فى تفكيرك ... مع بداهة صغر سنك

ربنا يواليك العافي ... ويلزمك إمتدادات علية فكرا وعمرا

أدهشتني بمشروع ما قبل المشاعية الأولى ... حيث الفرد بطل التاريخ

وحيث الفردية مشيئة ذاك ا لوقت ... ولم لا ... سأنقب هنا عن وصلة تاريخية

وأقبل منك ومن غيرك ما يغني هذا المبحث

سأعاود ... وأنتم طيبين






Post: #57
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: Yaho_Zato
Date: 02-01-2006, 12:26 PM
Parent: #56

عزيزي الأستاذ حيدر قاسم..

سعيد أنا بظهورك هنا في هذا الخيط، فهو إضافة ثرة بلا شك..

ولك الشكر على طيب كلماتك، وأرجو أن يكون لي منها حظ..

سأحاول العودة للحديث عن ما قبل مجتمعات الشيوعية الأولى في التاريخ.. لن أقول أن هناك مصدرا تاريخيا، أو مصادر معينة أعرفها يمكن أن أشير لك عليها في هذا الصدد، غير أن من حسن الحظ أن دراسة التاريخ نفسها تسمح بمد النظر ما بين البداية والنهاية، وباستنتاج مرحلة من المراحل نستطيع استنتاج المرحلة السابقة لها واللاحقة، بشيء من الدقة التي تتطلب سعة البحث والتنقيب.. ونظرة التاريخ في هذا الأمر (أي بداية المجتمعات وما قبلها) تتوفر في كتابات لمفكرين أعتد أنا بهم، مثل الأستاذ محمود محمد طه، وتتوفر في دراسات أنثروبولوجية لها قيمتها في هذا الصدد..

سأحاول التركيز على حالات معينة قد تفي برسم الصورة.. هذه الحالات تتضمن شخص الإسكيمو ومجتمعه، وإنسان الكهف (Cave Man) ومجتمعه، وبعضا من حالات صحراء الكالاهاري في جنوب أفريقيا، حيث معاشر الجوتواسي وجيرانهم، والذين يطلق عليهم عامة (The Bushmen of the Kalahari).. وأرجو أيضا أن أتمكن من الحديث عن صفة بشرية أساسية، يشترك فيها الكائن البشري مع الحيوان منذ ظهوره وإلى اليوم، وقد كان لها الأثر الكبير في تطور قوانين المجتمعات.. هذه الصفة هي "الغيرة الجنسية"، وهي صفة أجد أن ديالكتيك ماركس وإنجلز، ومن شايعهما، قد غفل عن دورها الأساسي في رسم صورة القانون المجتمعي، مما أدى إلى خلل في تصوير حركة التاريخ المجتمعي..

ولك مني خالص الود، ولكل رواد هذا الخيط الظليل..

Post: #58
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: Yaho_Zato
Date: 02-05-2006, 00:04 AM
Parent: #57

لإنسان الإسكيمو موقع خاص في حلقة التطور، فرديا ومجتمعيا.. وهذا رأي خاص..

في ظل الظروف البيئية القاسية، يكافح إنسان الإسكيمو عدوه الأول والأخير، وهو البيئة.. لم يجد إنسان الإسكيمو، حتى وقت قريب، مساحة مقنعة من الفراغ، يعمل فيها فكره في التأمل واصطناع الحيلة الثقافية المجتمعية.. لهذا لم يشهد أسلوب حياته تطورا ذا شأن منذ قرون.. ونحن هنا نتحدث عن واقع قد تم تجاوزه، تدريجا، في النصف الثاني من القرن العشرين..

لماذا إنسان الإسكيمو ونحن نتحدث عن ماركس ونظرته التاريخية للمجتمع؟ هذا أمر قد يصعب تحديد مبتغاه بدقة في كلمات، وقد لحظت أن هذا الخيط قد اندرس منذ عدة أيام، وكنت قد وعدت في مداخلة سابقة بمحاولة العودة لتناول مسألة (لمن الأسبقية في التاريخ.. للفرد أم للمجتمع؟).. وفي ذلك الإطار ذكرت أني سآتي ببعض الأمثلة من التاريخ، وذكرت منها إنسان الإسكيمو..

في مجتمع الإسكيمو (إن صح أن هناك مجتمع، بالمعني المقصود "ماركسيا" للمجتمع) لا توجد طبقات، ولم تكن هناك منذ البداية.. ذلك أن صراع إنسان الإسكيمو كان منذ البداية محصورا في جهة واحدة، تستهلك كل وقته وحيلته، وهذه الجهة هي البيئة كما ذكرنا.. ونلاحظ هنا أن إنسان الإسكيمو، باختياره لتلك البيئة الشاقة، قد نأى بنفسه عن صراعات كثيرة كانت ستفرض نفسها عليه لو كان في بيئة أكثر أمنا وخصوبة، مثل الصراع بين أبناء الجنس الواحد على الكلأ وملكية الأرض.. يمكن القول أن إنسان الإسكيمو، بذهابه إلى حيث لا يحبذ، حصر أوجه صراعه، بصورة كبيرة، نحو وجه واحد.. وإنسان الإسكيمو يعرف الترحال والتنقل، ولو كان راغبا لارتحل من تلك الظروف البيئية الغاضبة جنوبا، حيث البيئة ألطف وأرحم بكثير، غير أنه كان بذلك سيعرض نفسه لصور جديدة من صور الصراع التي لم يرها في الشمال البارد..

ومجتمع الإسكيمو هو عبارة عن تواطد أليف بين مجموعات مستفردة.. تتشكل المجموعة غالبا، في أكبر صورها، من مجموعة من الأخوة وأزواجهم (ولا أبغي الحديث حاليا عن خلفية عرف الزواج في مجتمع الإسكيمو وتاريخه، فذلك يقتضي من الوقت ما ليس لي الآن)، وفي أصغر صورها من أسرة واحدة (زوجين وأطفالهما)، وهذه الوحدة المجتمعية الصغيرة أيضا ليس لها مقر واحد، فهي دائمة الترحال.. وطعام الإسكيمو ينحصر في الصيد، خصوصا في الفصل الأطول والأكبر تأثيرا (فصل الشتاء)، وهو عمل رجالي بحت، ويقتصر دور النساء على رعاية الأطفال، بصورة عامة.. ولا يعرف مجتمع الإسكيمو الصراعات حول مناطق الصيد، ولهذا يندر جدا في ذلك المجتمع ظهور توجهات عدوانية نحو الآخرين لأسباب بقائية، وتنحصر الأسباب، حين تنحصر، إلى أسباب اجتماعية، تنحصر هي الأخرى، لدرجة كبيرة، إلى سبب أصيل، هو "الغيرة الجنسية"، وهي الطبيعة البشرية التي ذكرنا قبل اليوم أن ماركس وإنجلز، ومن شايعهما، لم يعيراها الاهتمام اللائق بها.. تماما كما لم ينتبها للأهمية الجوهرية لمفهوم الدين في حركة التاريخ، فرديا ومجتمعيا..

ومجتمع الإسكيمو يقل فيه الموت الطبيعي بشكل كبير نسبيا، خصوصا عندما يكون حديثنا عن مجتمع ذي طبيعة مسالمة كهذا (طبعا نحن نتحدث، كما قلنا، عن واقع تم تجاوزه بعد النصف الثاني من القرن العشرين)، ذلك أن الموت بسبب الجوع كثيرا ما يكون هو السبب المؤدي للموت، وبصورة مستفحلة ومستمرة عبر تاريخ إنسان الإسكيمو.. مما يجعل إنسان الإسكيمو وريثا شرعيا لحقبة قديمة جدا من تاريخ الحياة البشرية على هذا الكوكب، حيث كان الموت بسبب الجوع سببا رئيسيا لانقراض أنواع بحالها، من أسلاف البشر والحيوان على السواء..

لهذا، ولأسباب كثيرة، فإن مجتمع الإسكيمو هو مجتمع بطله الفرد، وبصورة شديدة الوضوح، والمجتمع لم يكن يوما سوى أداة واحدة من أدوات الفرد من أجل البقاء في تلك المنطقة..

وهذه الميزة في إنسان الإسكيمو لم نذكرها إلا لضرب المثل فقط، وقد يتيح لنا الزمن لذكر أمثلة أخرى.. وأيضا ربما نذكر القليل عن مملكة الحيوان، إذا توفر الزمن، لنعود إلى البداية الأصلية للمجتمعات، عند القرود العليا والحيوانات الأقرب ذكاءا لدرجة الإنسان، وهو أمر سيعود بنا إلى ماركس في نقطة حساسة جدا، حيث أن افتراضه لصورة تطور المجتمع لا تتناول كثيرا المجتمعات التي يفترض أنه يرى أننا تطورنا منها، وهو المقتنع جدا بنظريةالنشوء والارتقاء كما أسس لها دارون.. فماركس، مثلا، عندما يتحدث عن بداية من بدايات المجتمع كان فيها شيوع حتى في العلاقات الجنسية، إنما تجده يتحدث عن مجتمع هو أدني في التطور من مجتمعات القردة العليا، حيث تلعب الغيرة الجنسية محركا أساسيا في وضع صيغة مجتمعية يحترمها أفراد تلك المجتمعات.. بهذا يصبح ماركس متحدثا عن التاريخ وتطور التاريخ من خارج الإطار التاريخي! ذلك أن منطق التاريخ يقضي بأن ماركس يقول بإن المجتمعات البشرية الشيوعية الأولى كانت انتكاسة عن مجتمعات القردة العليا، والتي يفترض بها أن تكون أدني من البشر في سلم التطور النوعي!

والصيغة المجتمعية، منذ بداياتها وإلى يومنا هذا، تقوم في أساسها على كبت غريزتين أساسيتين، هما "الغريزة الجنسية" و"عريزة التملك"، وخصوصا الأولى، وبدون كبت محكم لهاتين الغريزتين لا يقوم مجتمع في أدنى مستوياته، أي المستويات الحيوانية، دع عنك المجتمعات البشرية، والتي لا تحد الغريزة الجنسية فيها مواسم تزاوج ورغبات محددة في بقاء الجنس، بعكس المجتمعات الحيوانية.. المجتمع يقوم، أولا وأخيرا، حينما يتفق جماعة من الأفراد على التنازل على قدر من حرياتهم ليتواضعوا على أحكام تضمن لهم العيش مجاورة بأمان وتكافل، مما يجني على هؤلاء الأفراد فوائد أخرى جراء ذلك، هي في أصلها من أجل ضرورة البقاء عامة.. هذا التعريف البسيط للمجتمع غني عن التفصيل والتفلسف، فهو شاهد على نفسه بنفسه..

فنحن نشاهد، إذا، ان التكوين الفلسفي لمفهوم المجتمع نفسه هو تكوين فيه تعقيد وربط لأسباب ومسببات ونتائج ومحظورات، مما يشكل، في كليته، إنتاجا فكريا لا يمكن أن يصدر من غير عقل مفكر، ولو في أدنى مستوياته.. يصعب، منطقيا، أن تخرج هذه المنظومة الفكرية المعقدة من "غير فكر"، بل وتكون هي أساس وبداية الفكر! إذ أنها بذلك، تقدح في قيمة الفكر منذ البداية، وتهزم قضيته منذ ولادته.. إن لم تكن حركة الفكر البشري سابقة لوجود المجتمع البشري، فهذا يعني أن الفكر البشري نفسه غائب عن الصورة في أهم المواقع، وبالتالي فهو يصبح فاقدا للقيمة بشكل مثير للشفقة، وعليه لن يكون لحديث ماركس عن محاولة تغيير الواقع المجتمعي أي قيمة، إذ أنها متولدة من اعتبارات محكومة ولا حكم لها، وهي فاقدة لأي إمكانية في التغيير.. الديالكتيك نفسه لن يكون إلا ديالكتيكا أعرجا إذا قدمنا العربة على الحصان (إقرأ "المجتمع على الفرد") بهذه الصورة.. دراسةالتاريخ، ودراسة التطور البيئي والمجتمعي والنوعي للحياة على هذا الكوكب تتلخص في أن مفهوم المجتمع هو مفهوم تولد من رحم التجربة الحياتية لمخلوقات هذا الكوكب.. خصوصا عندما نسحب المسألة إلى نهاياتها المنطقية (خصوصا منطق الديالكتيك ومنطق المادية)، وهذه النهايات المنطقية متجسدة، حسا ومعنى، في حيوان الخلية الواحدة، حيث "الفرد" هو المصدر الأوحد لبداية التاريخ، وحيث لا يقوم المجتمع منه إلا مقام الوسيلة من الغاية.. بل إن هذا التجسيد المنطقي في حيوان الخلية الواحدة يصل للحد الذي فيه تكون عملية إعادة الإنتاج النوعي (reproduction) هي عملية فردية، لا حاجة فيها لأي شريك!

ملخص ما أريد قوله هنا هو أن التفكير الذي يضع المجتمع سابقا للفرد في حركة التاريخ، ويجعل الفرد وسيلة للمجتمع في سيرورة هذه الحركة، هو تفكير يسير "مقلوبا" منذ صفارة البداية.. ورغم "قلبته" هذه فإنه قد استطاع أن يرتع في منطقة صغيرة من مجال الحركة الفكرية، ويصول فيها ويجول، ولكنه يبقى مسجونا في هذه المنطقة ما بقي على قلبته هذه، وليس له من حرية الفكرة إلا قليل حظ، مقارنة بالحرية المطلقة (أو الشبه مطلقة) المكفولة للفكر "القويم" الذي يميز جيدا بين الغايات والوسائل، والمقدمات والنتائج، والسوابق واللواحق..

وأرجو أن يتوفر لي المزيد من الوقت للتركيز على هذه النقطة، فهي في غاية الأهمية، وفي غاية الحاجة للتناول الفلسفي الدقيق، الواسع، والمتأني.. مصحوبا بالأمثلة التوضيحية والمنطق المقبول.. وهي مسؤولية لا أرى لي بها قبل، غير أن أشارك في تقصيها مع المشاركين هنا بقدر الطاقة..


والتحايا مجددا لجميع رواد هذا الخيط..

Post: #59
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: Yaho_Zato
Date: 02-05-2006, 12:22 PM
Parent: #58

مزيدا من التناول والتفاكر..



ترد عن الأستاذ محمود محمد طه مقولة حكيمة ودقيقة.. في مجملها يكمن عين نقد الماركسية.. في تعليق للأستاذ في إحدى محاضراته (الماركسية في الميزان) جرى ذكر مقولة ماركس بأن حركة التاريخ ما هو إلا سجل لصراع الطبقات، والتطورين، الفكري والعضوي، هما أيضا نتيجة لذلك الصراع (في ارتكاز عقيدي تام على طرح دارون).. قال الأستاذ ما معناه (وتطور الجنين في بطن أمه.. هل هو أيضا نتيجة لصراع الطبقات؟)..

في هذه الكلمة الموجزة أظهر الأستاذ ضيق تناول الماركسية لمسألة الوجود في عمومها، وأظهر جوهر "تغريب الإنسان" الموجود فيها.. عبارة بسيطة، ولكن التأمل فيها سيعيدنا إلى الحديث عن عواقب "التفكير المقلوب منذ صفارة البداية"..

ومزيدا من التناول والتفاكر..

Post: #60
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: HAYDER GASIM
Date: 02-05-2006, 11:13 PM
Parent: #59

الاخ قصي ... تحياتي

تاريخ البشرية حدث وكما قيضته الإرادة الكونية , وهذه الإرادة وفق أحكام المرجعية الدينية تنتمي إلى المشيئة الإلهية , ووفق النظم الماركسي تنتمي إلى الطبيعة , ودعني هنا أشير للماركسية ( كممثل ) لكل التيارات الفكرية الوضعية, التي حاولت أن تجترح مجرى ماديا للتأسيس لتاريخ البشرية , , وهذا بالطبع يتضمن الدارونية وكل المدارس والإتجاهات التى آثرت بتر الآصرة الماوراطبيعية , وإلى الدين كواجهة لأنماط التفكير المثالي . كان من الممكن أن يكون الجهد الماركسي إضافة فى وجهة البحث عن الحقيقة , طالما توارت أو إستخبت بأثر من هيبة الطبيعة على نحو , وبضعف الإنسان ومحدودية تفكيره على آخر , وبنزوع آليات التنقيب الديني إلى اليقين أكثر من البحث والتعليل و الإستنتاج ثالثا , لكن إختارت الماركسية أن تكون لذاتها أكثر من أن تتماهى فى موضوعها , فكان جردها الفكري يستدعي أولا ( التميز ) ولسان حالها ينطق بأن الحكمة تكمن ها هنا , ومع أن هذا التوجه يشبه الماركسية فى كلياتها , إلا أنه يجافي جزعها والقائم أصلا على فرضية التطور , والتطور المعني هو ركام المعارف والتجارب والأفكار , وحيث لم تستثن الماركسية هنا الافكار والتصورات الدينية , على الأقل فإن كانت مراداتها سماوية فحواملها بشرية , وهذا ما كان كافيا لإعتبارها جزئيات من التاريخ ومعطيات من الواقع , فمع أن الماركسية تدعي لنفسها التصالح ومنهاج التطور , إلا أنها إختارت مسارا مختلفا ومفارقا لناموس الحياة وأحوال البشر عبر التاريخ , فكان نداؤها بالبتر لا التواصل , وبالجدة لا التقادم , وبإفتراع الهيئة الماركسية بديلا للتراكم , فربما لا تهمنا هنا تناقضات الماركسية مع إدعاءآتها , لكن يهمنا مؤداها وهي تحاول أن تعيد نظم البشرية على طريقتها, ويهمني أكثر هنا إنسجام المناولة مع رأس الموضوع , ولما إختاره صاحبه كما أراد , وكما أردنا أن نتوالى فى السياق , فالضابط التنظيمي يقتضينا هنا أن نقرن كل إسهام بموقعه من موضوعة الاخ عدلان , وكما إختارها عنوانا لهذا البوست , هل نوافقه الرأي أم لا .

أقبل صيغة الفرد ... قبل أن يشيع المجتمع الأولي بالفرضية الماركسية ... وأرى فى هذا إستدراك ذكي فى مقارعة الماركسية ... خاصة وقد أسست منهاجيتها الفكرية والإجتماعية على نفي الفرد وإلحاقه القسري بالمجموع ... وعلك تعلم أن الماركسية تحدثت وكثيرا حول دور الفرد فى التاريخ , لكنه وعلى أية حال ليس هو الفرد الذي تعني , ليس هو الفرد الطبيعي كنواة للمجتمع أو كحلقة ما قبل مجتمعية , إنه الفرد ( المتميز ) والذي من الممكن أن يلعب دورا فى التاريخ يؤثر على المعادلة الماركسية الطبقية , بإعتبار أن الفرد ومهما كان إسهامه , فهو يتقيد بدواعي ومآلات الصراع والتكيف الطبقيين , لهذا فشلت الماركسية مثلا فى إستيعاب ( غاندي كظاهرة سياسية مناوئة للعنف ) ومع أن غاندي كفرد ألهم بني وطنه وعالمه الثالث جلائل أخلاقية ومنجزات وطنية وقلائد تاريخية , إلا أن المحلل الماركسي يصر على ( التعميم ) ويبحث عن جذور الظاهرة الغاندية فى حيثيات الصراع الطبقي , فالفرد وإن علت مقاديره وتجبرت قدراته وتميزت منجزاته , فلا بد وأن يدغم فى الوعاء الإجتماعي الكبير , ليس لأن المجتمع أجل من الفرد وإنما لان الفرد لا يمكن أن يصنع التاريخ أو أن يعدل فى مجراه وفق التقدير , أو الجزم الماركسي إن جاز التعبير . فأن كان هذا يجافي الموضوع فهو يأنف عن الواقع بالضرورة , وهنا أقيد نقطة لصالح الأخ عدلان ولفرضيته ( الواقعية ) .

ويتصل الحوار ....

Post: #61
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: HAYDER GASIM
Date: 02-06-2006, 11:31 PM
Parent: #60

لا يتوقف الموضوع فى حالة كونه يتصل بالتميز الفردي عند غاندي فحسب , ومع أن التاريخ فى ملامحه الاساسية وفى تغيراته النوعية إرتبط وبشكل أساسي بالافراد , ودون إلغاء للحركية الإجتماعية التي تلهم الأفراد إجتراحاتهم وأعمالهم المتميزة , فالتقييم الماركسي لم يسع لكل هذا وذاك , بل إعتسف شأن الفرد ولدرجة توحد الأفراد وكأنهم متماثلون فى كل شئ , وهذا بالضبط ما تنشده الماركسية , التضحية بالفرد لحساب المجموع , وإعلاء راية الجماعة وإن تواضعت وتنكيس راية الفرد وإن تجلى , ففى حالة غاندي ربما يحاجج الماركسيون بالتأكيد على الجذر الاجتماعي للظاهرة , ومع أن هذا ليس كافيا بإعتبار أن غاندي يقف على رأس الإنجاز وإن إتخذ بعدا إجتماعيا , فالرد الماركسي يشي بتقزيم المبادرة الفردية , وكأنهم يقولون , إن لم يكن غاندي فربما كانت غادة , بمعنى أن الفعل فى جوهره الإجتماعي ناضج وليس من دور للفرد غير الدور الرمزي فى الإعلان والمباركة , فالمشيئة هنا إجتماعية طبقية لا ريب .

والشاهد أن حتى الإخراج الماركسي الفني هذا , والذي يمنح الفرد دورا شكليا فى حالات التغيير الإجتماعي , فهو غير حميد فى النخاع الماركسي الأشم , لهذا تفضل الماركسية الثورة بكل تجريداتها الفكرية والمعنوية , وتتبناها مفهوما وفعلا آخذا فى عمقه الإجتماعي , حيث تعلو مقادير الجماعة وبالأحرى الطبقة , وحيث يستوي الأفراد على مقامهم الإجتماعي الذي قيضه التاريخ وذهب على إثره الواقع .

كل هذا ( الشطط ) الماركسي , لأنها , أي الماركسية , وعدت الناس بالمساواة , ومن ثم لا يستقيم تقديم فرد على آخر , أو فرد على المجتمع , ولعل الأمر قد لا يتوقف عند هذه التصورات النظرية فحسب , لكنه يمثل فى نهاية المطاف مستودعا قيميا للشيوعيين ولمن يتبنون النهج الماركسي , وذلك عبر الجنوح المستديم لإسباغ الحكم الجماعي على المبادرة وإن كانت فردية , فمن هنا يتأتى خنوع الفرد أو ( العضو ) بإعتبار أن لا صوت له غير صوت الحزب , ولا أذن تسمع إلا و ( صوانها ) الحزب , ولا لسان ينطق إلا بإرادة الحزب , ولا قدم تترجل إلا ويسوقها الحزب , وحتى الشهيد بينهم , فما لروحه من مقام ولا لأجله من مردود غير الحزب . أعتقد أن الشيوعي يذوب فى المعطف الماركسي وكأنه طفل بين يدي أمه , وأعتقد أن الحزب هو الإله الصغير الذي يسترضعهم كل ماء الحياة , وأن الماركسية هي الإله الكبير الذي ( يزابون ) به الآلهة الأخرى , بمن فيهم من فى السماء .

ضريم ( الفرد ) فى الجخ الماركسي , مع هذا فهو وجع لا يصمد أمام محكمة الواقع ولا التاريخ إن شئت , ولهذا تجوز الاسئلة التالية : إن لم يكن هناك ماركس ( الفرد ) فهل يا ترى كانت ستكون هناك ماركسية؟ وإن لم يكن هناك لينين ( الفرد ) فهل كانت ستكون هناك لينينية؟ وإن لم يكن هناك ماو ( الفرد ) هل كانت ستكون هناك ماوية؟ وإن لم يكن هناك غاندي , هل كانت الهند كما نراها , وإن لم يكن هناك مانديلا هل كانت جنوب أفريقيا ستتوشح ذات الثوب , وإن لم يكن نيوتن والنشتاين هل كان العصر كما نشهده , وإن لم يكن بل قيت هل كنا سنتواصل بذات الأريحية والتي نتحاور من خلالها اليوم ؟

ويتصل الحوار ...

Post: #62
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: عدلان أحمد عبدالعزيز
Date: 02-07-2006, 04:15 PM
Parent: #1

الأحباء واردي هذا الخيط، وال فاتلون لحبله.. سلام..

رغبتي في مواصلته والتواصل معكم أكيدة.. الموضوع لا يحتمل التعليقات العابرة، وكلما أقرأ مداخلة.. تزدحم برأسي عشرات الأفكار، أحاول ربطها، و التاريخي منها لابد من التحقق منه وربطه بالمصادر المعززة، وتبيان أصوله وفرزه عن ما هو محض استنتاج، لنصل معاً لنهايات معقولة –ولا أقول اِتفاق- فربما كل منا يصل إلى استنتاجات و نتائج مختلفة.. ولأن البوست نفسه بوست "باحث" فللبحث أدواته ويحتاج للوقت، والوقت عملة نادرة في حالة كوني غير متفرقاً، ومما يزيد الأمر سوءاً أن اليوم 24 ساعة غير قابلة للتفاوض حولها، ولست جيداً في مسألة ترتيب زمني.. أعزكم جدا، فأعفوا لي تأخري.

العزيز عبدالعظيم محمد أحمد،

شكراً على الكلمات المشجعة، أتفق معك أنه (لايكفى ان نحلل العالم ولكن كيف نغيره).. فهل تتفق معي أنت، أن تلك مهمة تتجاوز حدود البوست –بوستينا هذا!- فهمت أنك تعني البرامج العملية، أو كما عبر عن ذلك الأخ عثمان عجيب، في مداخلته أعلاه:
?"how can this theory be applied to the Sudanese dilemma"
أود أن أطمئنك أن ذلك يقع منا موقع العين والرأس، ولكن لابد لنا من أفق تفكير إستراتيجي أولاً بالتبادي.. وقد كان هناك انتقاد من البعض لصدور مشروع دستور الحزب الشيوعي قبل مشروع البرنامج، وأنا هنا أقول أن صدور مشروع الدستور أولاً، كان أمراً صائباً – رغم عدم معرفتي ب هل ذلك كان أمراً مقصوداً، أم أنه حدث لأن لجنة الدستور كانت أنشط؟- إذ أنه، ولازما علينا وفي البدء، من تحديد القوى الاجتماعية التي تشكل "دومين" الحزب وتحدد مضمون مشروعه للتغيير الاجتماعي (البرنامج) ومصادر معرفته النظرية–أي الحزب- التي يتوسل بها ل "نجر" برنامجه.

العزيز حيدر قاسم، تحايا وسلام..

فرحت لاستجابتك وتلبيتك الدعـوة، فقد حضرت كريماً كما العهد بك.. سأدعك تكمل مداخلتك القيمة، رغم تحفظي على معارضتك المطلقة للفرد بالمجتمع، باعتبار أن ذلكم هو ما دعا له ماركس، ولا أظن أن ذلك الإدعاء صحيحا، فالفرد عند ماركس هو جوهر مشروعه وقمة هرمه الفكري، وسأعـود بقليل من التفصيل حول ذلك، لاحقاً..



العزيز قصي،

كتبت أن "الصيغة المجتمعية، منذ بداياتها وإلى يومنا هذا، تقوم في أساسها على كبت غريزتين أساسيتين، هما "الغريزة الجنسية" و"غريزة التملك"، وخصوصا الأولى، وبدون كبت محكم لهاتين الغريزتين لا يقوم مجتمع في أدنى مستوياته" وقد أوليت عناية كبيرة لما أسميته أنت ب "الغيرة الجنسية" وعزيت لها الأثر الكبير في تطور قوانين المجتمعات..، قد أتفق مع قولك أن "ماركس وإنجلز، ومن شايعهما، لم يعيراها الاهتمام اللائق بها" ولكن استنتاجك عن عدم صحة شيوع العلاقات الجنسية والذي بنيته على أساس نظرية "الغيرة الجنسية" أعتقد أنه ليس صحيحاً –سأدلل على ذلك بعد قليل- وفي تقديري أن الغيرة الجنسية هي قيمة مجتمعية نمت وتطورت مع نمو الملكية الخاصة، وأتفق في ذلك مع التحليل الماركسي.

تفشل نظرية "الغيرة الجنسية" في تعليل وفهم المجتمع "الأمومي".. حيث المرأة هي المسيطرة اجتماعياً، تقيم علاقاتها الجنسية مع من تشاء من الرجال، وينسب لها الأطفال.. ونجد أن جذور المجتمع الأمومي آثاره ممتدة عميقاً حتى في تربة مثيولوجيا ما بعد الحياة الأخرى، ففي الإسلام والذي هو أحدث الديانات السماوية في التاريخ –الرسالة الخاتمة- نجد أن الناس يوم يبعثون تتم مناداتهم بأسماء أمهاتهم.. مثلما هو الحال وسط نوبة شمال السودان، وهم ليسوا الوحيدين في العصر الراهن في السودان الذين ينادون الرجل ب "فلان ود فلانة".

حتى تاريخ قريب جدا..ً كان عادياً تماماً في السودان ممارسات مثل تلك التي كانت قد صاحبت سيرة الأميرة نصرة بت إدريس ود عدلان، التي كانت تتزوج وتقيم علاقاتها مع من تشاء، ومن بعدها كذلك اِبنتها – التي كان أحمد باشا أبو ودان أحد عشاقها- ولا تجد أي استنكار من المجتمع القائم آنئذٍ.

من خلال المثال السابق ولأمثلة التالية المأخوذة من المجتمع السوداني، وهو مجتمع كامل التشكل ويبعد مئات السنوات عن مجتمع المشاعة البدائية، وإلى وقت قريب..، سندلل على، وسنرى كيف أن الغيرة الجنسية كقيمة مجتمعية تتراجع أمام رغبات التملك والثراء؛

في الشرع الإسلامي يطلق مصطلح "التتييس" على الممارسة الاجتماعية التي تهدف إلى تحليل الزوجة لزوجها بعد طلاقها شرعياً ثلاث مرات، فلا تحل له إلا إذا تم زواجها ومن ثم طلاقها من رجل آخر. ذلك ضرب في التحايل معروف ويطلق عليه مصطلح "التتييس" المشتق من كلمة "تيس" وقد مارسته أُسر معروفة في السودان، بل وفي أحد البيوتات الحاكمة.. وهناك أيضاً القصة المشهورة في منتصف ثمانينيات القرن الماضي، حيث دفع رجل الأعمال السوداني المعروف (خ.ف) مبلغاً ضخماً لأحد الأزواج مقابل أن يطلق الرجل زوجته لتحل لرجل الأعمال!

*
Quote: "أوقفت سلطات قبيلة البشاريين في عام ١٩٣٢م دفع ناقة (يقابلها دفع بقرة أو أكثر عند الدينكا والنوير) كتعويض لزوج الزانية بناء على أن الأزواج كانوا بصورة متعمدة يشجعون زوجاتهم على الزنا حتى يتلقوا تعويضاً على ذلك، وقد أدت الإباحية الجنسية إلى تفشي الأمراض التناسلية مما أثر سلباً على معدلات المواليد، فالزوجة تزداد قيمتها و مكانتها لدي الزوج كلما شعر بأنها مرغوبة بواسطة غيره من الرجال، حتى ولو أدى الأمر إلى الزنا:
(Paul 1954: 79) " Paul, A, M. A.: 1954 A History of The Beja Tribes of The Sudan, Cambridge, University Press.



ليتواصل الحوار إلى حين عودة.. مع خالص الود للجميع..


* أ.د. مختـار عجــوبة – المرأة السـودانية: ظلمات الماضي و إِشراقاته، ص 86.

.

Post: #63
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: Yaho_Zato
Date: 02-08-2006, 02:04 AM
Parent: #1

عزيزي حيدر قاسم.. مع التحايا نظل نتابع ونتفاكر..


عزيزي عدلان.. سعيد بعودتك

في قولك

Quote:
تفشل نظرية "الغيرة الجنسية" في تعليل وفهم المجتمع "الأمومي".. حيث المرأة هي المسيطرة اجتماعياً، تقيم علاقاتها الجنسية مع من تشاء من الرجال، وينسب لها الأطفال.. ونجد أن جذور المجتمع الأمومي آثاره ممتدة عميقاً حتى في تربة مثيولوجيا ما بعد الحياة الأخرى، ففي الإسلام والذي هو أحدث الديانات السماوية في التاريخ –الرسالة الخاتمة- نجد أن الناس يوم يبعثون تتم مناداتهم بأسماء أمهاتهم.. مثلما هو الحال وسط نوبة شمال السودان، وهم ليسوا الوحيدين في العصر الراهن في السودان الذين ينادون الرجل ب "فلان ود فلانة".


هل المجتمع الأمومي ليس فيه تحديد لمدى العلاقات الجنسية؟

الغيرة الجنسية تكون معدومة، أو غير قائمة في التشريع، فقط إذا لم تكن هناك ضوابط شرعية مجتمعية تحدد مدى التصرف الجنسي.. أما الحديث عن الأمثلة التي ذكرتها من المجتمعات الأمومية، فهي لا تنفي ذلك، وإنما تظهر التباين التاريخي والثقافي البيئي في التشريعات المجتمعية التي قوضت الحركة الجنسية للأفراد..

ونحن لسنا بحاجة للذهاب بعيدا إلى عهد المجتمعات الأمومية، ففعي عهد قريب جدا في القرن الماضي (وربما لا زال إلى الآن) تواجدت مجتمعات في شرق ووسط آسيا تتزوج فيها المرأة من أكثر من رجل، أما الرجل فليس له سوى زوجة واحدة (بمعنى تعدد الازواج بدل تعدد الزوجات).. وهناك أيضا مجتمعات يحق فيها للأخ أن يعاشر زوجة أخيه، رغم أنها تبقى في العرف المجتمعي زوجة أخيه فقط، لا زوجته!

كل هذه الأمثلة، ومثلها الكثير، لا تنفى وجود ضوابط للغيرة الجنسية، وإنما تظهر تجليها في تشاريع متعددة ومتباينة.. وتشريع العبودية نفسه، عبر التاريخ، فيه ما فيه من ما يشبه الحالات التي ذكرتها أنت هنا من المجتمعات الأمومية.. والغيرة الجنسية على كل حال ليست مقصورة على الرجل (كما يوحي حديثك بأنك فهمت مني) فالمرأة أيضا، بالطبع، لها فيها حظ متساو مع الرجل.. واختلاف التشاريع وتباينها لا ينفي وجود القيود.. حتى أن حديثك عن أن بعض النساء في بعض المجتمعات الأمومية كن يملكن حق المعاشرة لمن يشأن فيه تعميم كبير، وهو ليس صحيح بأي حال من الأحوال.. إذ أمكن للنساء في تلك المجتمعات معاشرة أبائهن على سبيل المثال؟ أو أبنائهن؟ أو أخوانهن؟ (أعلم بوجود حالات زواج الأخوان في التاريخ، ولكن الحديث هنا عن مدى التعميم الموجود في كل مجتمع على حدة في قضية العلاقات الجنسية).. حديثك هذا يصبح صحيحا فقد إذا كان الرجال والنساء، سوية، أحرار تماما من أي قيود وضوابط تحكم علاقاتهم الجنسية..

والأمثلة التي ذكرتها أنت من صور تحايل البعض على الشرع المجتمعي الجنسي من أجل أغراض خلفه (جنسية أو تملكية)،إنما تدل أيضا على شديد الاعتبار للتشريع المجتمعي في هذه القضية، والمتراكم عبر تاريخ التجربة المجتمعية، بحيث لا تمكن مواجهته بشكل مباشر، وصرفه من المعادلة دون عواقب وخيمة.. وهو، في نهايته، لا يعتبر سوى تصرف أفراد مارقين عن الصيغة المجتمعية العامة، والتي تدين لها الأغلبية بالولاء والطاعة..

حديث ماركس، والتاريخيين الذين اعتمد عليهم، من أن بداية المجتمعات الشيوعية كان فيها شيوع تام للعلاقة الجنسية هو حديث لا سند له من التحليل ولا من التدليل.. وأنا أردت بإيراد مثال مجتمعات القردة العليا (Great Apes)-مجتمعات الشامبانزي والغوريلا - سوق المسألة إلى نهاياتها المنطقية، خصوصا باعتبار نظرية النشوء والارتقاء (والتي لا أختلف معها، إلا ما قد يكون في التفاصيل).. فمجتمعات القردة العليا هي مجتمعات أدني من أكثر المجتمعات البشرية بدائية، باعتبار سلم التطور، ولكنها، رغم ذلك، تملك نظاما مؤسسا في ضبط غريزة الجنس وغريزة التملك عند الأفراد..

ومرجعي في تناول هذه القضية يعود أيضا لأساس "نظرة الماركسية للفرد في إطار المجتمع".. الماركسية، وبوضوح شديد، قد قوضت الفرد من أجل المجتمع، وهو أمر في حد ذاته ليس عيبا، إذ انه وريث تاريخ المجتمعات البشرية، ولكن المشكلة تكمن في أن هذاالتقويض عند الماركسية هو تقويض لا انفكاك منه على طول المدى، وفيه بخس لقيمة الفرد بصورة كبيرة، وفيه "تغريب للإنسان" بصورة كبيرة.. لهذا تكون العودة لحديثي عن أن مجرد تقديم المجتمع على الفرد، في الصيغة التاريخية (مما يجعل المجتمع دوما هو صانع الفرد عبر التاريخ، كما تقول الماركسية) هو سرد مقلوب لحركة التاريخ البشري، وبالتالي هو سرد مقلوب لحركة المجتمعات نفسها.. تقديم العربة على الحصان يفقد كلاهما قيمته..

والديموقراطية هي قيمة فردية في الأساس قبل أن تكون متصلة بالمجتمع، لأنها في الأصل ترعى قيمة الفرد، وتنميها، في إطار المجتمع في محاولة للوزن بالقسط بين حق الفرد وحق الجماعة، إذ أن الفرد هو نواة الجماعة، وهو، عند النهاية، الغاية من وراء الجماعة (كل فرد في الجماعة).. لهذا لم يكن للماركسية أن تؤسس لقيمة الديموقراطية، كما ذكرنا سابقا، لأنها ترفض قيمة الفرد في الإطار المجتمعي منذ البداية..

وحديثك يا عزيزي عدلان من أن الفرد عند ماركس "هو جوهر مشروعه وقمة هرمه الفكري" يحتاج منك إلى الكثير من التبيين.. وهو ما سننتظره.. وبالتبيين لا أعني بعض مقولات ماركس الحالمة، التي كان يضعها بين حين وآخر بين سطور أحاديثه المادية الجافة، وإنما أعني الصيغة العمليةالتي توضح موضع الفرد في المجتمع، وحقوقه وممارساته التعبيرية، وماركس فيلسوف عملي كما هو معروف عنه..

ولقد ذكرنا منذ البداية أن ماركس "كان حالما، يستلهم حلما أشبه بأحلام الشعراء والفنانين، ومن ثم يحاول، باستماتة، حشر عالم الأحلام في مسودات الدفاتر، وحصرها في عالم المادة، في ماديته الدياليكتيكية".. وهذه العبارة، لو أعدنا النظر فيها، لرأينا لماذا يصر البعض على أن ماركس قد اعتني بقيمة الفرد.. ذلك لأنه قد أشار له، وبشاعرية كبيرة، في أكثر من مرة في كتاباته، ولكن عند التطبيق العملي لمنهاجه لا نجد للفرد أي فكاك من الإفلات من نمط القطيع، ولا مجال للتفرد أساسا في مجتمع ماركس..

وإلى حين عودة أو متابعة يا عزيزي..

Post: #64
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: Mohamed Abdelgaleel
Date: 02-08-2006, 09:29 AM
Parent: #1

الاستاذ عدلان .. البوست مثير .. وباب التنظير على مصراعية .. والواقع يضغط على الفقراء .. وشكراً لمن يمتعوننا بمداخلاتهم التي تستحق التقدير.

Post: #65
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: عدلان أحمد عبدالعزيز
Date: 02-08-2006, 12:22 PM
Parent: #1

العزيز محمد عبدالجليل،

بسبب أن "الواقع يضغط على الفقراء" كان هذا البوست بالذات.. حيث هدفه إيجاد الوسائل التي تقربنا من فهم ذلك الواقع، ومن ثم إيجاد حلول واقعية تهزم الفقر وتقتله وتوقف إنتاج الفقراء.. وهو أيضاُ معني بمساعدة ودعـوة الفرسـان والفارسات المهمومين والمهمومات بقضايا الفقراء، أن لا يبددوا طاقاتهم النبيلة في مشاريع قد تخص أجـيال قادمة، لها فرسانها وفارساتها أيضاً.. شكراً يازول يا جميل على المتابعة والمشاركة، والتقريظ، و أبقى قريب..

عزيزي قصي،

الغريزة الجنسية أحد مظاهرها الرغبة الجنسية، ومظهرها الآخر والأكثر أهمية، هو المحافظة على النوع وإستمراره.. وفي سبيل تحقيق هذا المظهر الأخير، أي إستمرار النوع، فإنه من الضروري حماية الأنثي حاضنة النوع، ولابد من حماية الناتج أيضاً –الزواغب- حتي مرحلة الإعتماد على النفس.. وذلك مظهر أولي من مظاهر تشكل العائلة، التي هي الخلية أو اللُبنة الأولى في بناء المجتمع. العائلة المتشكلة إستجابةً للغريزة الجنسية تنتهي وينتهي دورها ببلوغ ناتج تشكيلها -الأطفال- مرحلة الإعتماد على النفس، وذلك يمكن ملاحظته ليس في سلوك القردة العليا (Great Apes) فحسب.. بل أيضاً في مستويات أدني كثيراً في سُلّم التطور البايولوجي، مثل سلوك ذكر طائر "التكّـو" الشهير في السـودان، حيث يحبس هذا الطائر أنثاه فيما يشبه "حراسة" صغيرة مبنية من الطين وبها فتحة تسمح فقط بدخول الطعام لأنثاه، ويستمر وضع الحبس ذاك حتي يصير بمقدور الصغار الطيران.. شُفـت كيف حُــكم التكّــو؟

إستمرار ووجود العائلة المحددة لما بعد الفراغ من مهمة حفظ النوع وظهور السلالة الجديدة، لم يكن إلا مظهر لاحق لظهور الملكية الخاصة.. ففي حالة القردة العليا كما في حالة طائر "التكّـو"، ليس هناك ضوابط أو قيود تمنع الأنثى أو الذكر من إتخاذ شريك جنسي آخر.. فخارج دورة المحافظة على النوع، لا وجود لما يسمى ب "الغيرة الجنسية" في مجتمع الحيوان، أو حتي مجتمع الإنسان البدائي. الغيرة الجنسية شعور –أتحفظ على تسميته غريزة- إرتبط بظهور الملكية الخاصة حيث نشأت مفاهيم ضرورة الحفاظ على فائض الناتج الإقتصادي ضمن حدود العائلة.. والغيرة عموماً شعور ناتج عن التنافس، التنافس للفوز بالمرأة/ أو الرجل، الأرض، الثروة إلخ ومن ثم تملكها والإحتفاظ بها إلى الأبد، وفي أحيان كثيرة الموت دونها وفي سبيلها.

طـيب.. إذا انتهت الملكية الخاصة، وكل الناس عملت بالحديث الشريف "من يكن له فضل زاد فاليعد به على من لا زاد له" وعندما تسأل كل شخص عما ينفق فيقول العفو.. هل سينتهي الشعور بالغيرة؟ الإجابة لا، لن ينتهي.. ولكن المرأة لا يجبرها شيء للبقاء بجانب رجلها سوى الحب، وذلك أيضاً ينطبق على الرجل.. وكل منهما يدرك أن الآخر إنما هو باق معه لسبب وحيد، هو الحب.. فليس هناك داع لأي شكوك، ولكن يبقى القلق من هجر الحبيب إلى حُب آخر، هو الذي يبقي على شعلة الغيرة الجنسية متقدة.

نستنتج من ذلك العرض السريع، أن المجتمع المشاعي البدائي، والذي لا يعرف الفائض الأقتصادي، لم تتوفر له شروط تاريخية تقيد، أو تمنع الرجل أو المرأة من إتخاذ شركاء جنسيين متعددين، في فترات مختلفةـ أو في نفس الفترة.. ذلك لا ينفي أن المرأة تحب رجلاً معيناً وكذا الرجل يحب إمرأة بعينها، ولكن إحتفاظ كل محب بحبيبه يعتمد في الدرجة الأولى على القوة البدنية والمقدرة على إزاحة المتنافسين وإخضاع أو السيطرة على المحبوب، وبما أن حــواء "والدة" فإستمرار الحال دائماً غير مضمـون، المهم، يا عزيزي قصي، وفي تقديري.. أن العامل الحاسم في إستمرار وجود العائلة كوحدة، هو ظهور الملكية الخاصة كما أثبته فردريك أنجلز، ويمكننا التوصل إلى فهم مشترك بضرورة الإعتراف يأهمية عامل الغيرة الجنسية، ولكن بإعتبارها شعور منشأه حب التملك.

لكم جميعاً خالص الود والمحبة..

.
تعديل؛ في الأصل ورد "شعور منشأه غريزة حب التملك" كلمة غريزة لا تعبر عما أراده الكاتب، لذا وجب حذفها..

Post: #67
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: Yaho_Zato
Date: 02-08-2006, 04:23 PM
Parent: #65

عزيزي عدلان..

أرى أنك في واقع الأمر قد سقت لي من الامثلة ما يؤكد زعمي في موضوع الغيرة الجنسية، ولكنك أتيت في النهاية باستنتاج يختلف بعض الشيء عن ما أركن له أنا.. وهو أمر لا غبار عليه، فقراءات التاريخ تنعكس ومن ثم تتلاقح قبل ان يكون بالإمكان خروج صيغة مرضية لعدد اكبر من الناس.. أو ليس هذا هو جوهر الديالكتيك؟ بلى!

مأخذى الأساسي يأتي من كون الغيرة الجنسية آتية في الأساس من الغريزة الجنسية، وهي تستند عليها أكثر من استنادها على غريزة التملك (صحيح أنها في بعض تشوهاتها تستند على غريزة التملك، ولكن استنادها الأساسي لا يزال قائما على الغريزة الجنسية).. والحب يا عزيزي، كما ذكرت، هو أيضا وليد الغريزة الجنسية، ولكنه وليدها في سبحاتها العليا، حيث العلاقة الإنسانية المبرأة من الحيوانية، وكذلك الغيرة الجنسية في تلك السبحات العليا تكون ألطف وأعمق من الصورة العامة للغيرة الجنسية المعاصرة.. وهذا ليس حديثا شاعريا بقدر ما هو رؤية ديالكتيكية لإمكانية التلاقح بين المعاني النامية اليوم في الفكر الإنساني لتصل لنهاياتها المنطقية، والتي يطلبها البشر اليوم طلبا حثيثا، ويعبرون عنها بشتى ضروب الفن والدين والفلسفة (وكل هذه منتجات فكرية من الدرجة الاولى، ومرتبطة بالبيئتين المادية والروحية)..

لهذا ذكرت أن ماركس وإنجلز لم يعيرا الغيرة الجنسية أهميتها الحقيقية، وذلك أيضا يعود لأنهما لم ينظرا للغريزة الجنسية إلا كأداة إعادة انتاج نوعية، وهي في الحقيقة أعمق من ذلك بكثير.. إذ انه لو كان الغرض منها حقا هو إعادة الإنتاج فقط (كما هي النظرة المادية)، فإن حيوان الخلية الواحدة يكون قد سبقنا (بني البشر) في سلم التطور بما لا يحصى من المراحل!

واصطحابي لنموذج مجتمعات القردة العليا هو أيضا من باب ضرب المثل فقط، وليس الحصر، حيث ان الأمثلة من مملكة الحيوان كثيرة كما ذكرت أنت.. وفي مملكة الحيوان وجود الغيرة الجنسية باستناد تام على الغريزة الجنسية وحدها (دون غريزة التملك) له من الشواهد الكثير.. ويمكننا ان نعود له في مشاركات قادمة قد تاتي..

ولك مجددا عظيم الود..

Post: #66
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: عدلان أحمد عبدالعزيز
Date: 02-08-2006, 04:20 PM
Parent: #1

العزيز قصي،

كتبت أن الأستاذ الشهيد محمود محمد طه قال في معرض نقده ماركس:
Quote: جرى ذكر مقولة ماركس بأن حركة التاريخ ما هو إلا سجل لصراع الطبقات، والتطورين، الفكري والعضوي، هما أيضا نتيجة لذلك الصراع (في ارتكاز عقيدي تام على طرح دارون).. قال الأستاذ ما معناه (وتطور الجنين في بطن أمه.. هل هو أيضا نتيجة لصراع الطبقات؟)..

أرى بعض الغرابة في ذلك التسـآؤل، منشأؤه أن ماركس قطعاً لم يكن يعني التاريخ الطبيعي،.. ولا أظن أن ماركس يمكن أن يقول بأن التطور الطبيعي هو سجل للصراع الطبقي؟ ّّأرجـو شاكراً مدي بالمصدر الذي يشير فيه ماركس بأن التطور العضوي هو أيضاً سجل أو إنعكاس للصراع الطبقي.. ماركس لا يسعه مثل ذلك القول.

لك خالص الود..

Post: #68
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: عبد الحميد البرنس
Date: 02-08-2006, 06:28 PM
Parent: #66

تسجيل حضور ومتابعة وإشادة بصدقك ومدى جديتك وإخلاصك لما تعتقد فيه.. ياعدلان!.

Post: #69
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: Yaho_Zato
Date: 02-08-2006, 07:35 PM
Parent: #68

عزيزي عدلان..

ماركس أساسا لم يعزل تاريخ الصراع الطبقي وعلاقات الإنتاج عن التاريخ الطبيعي والتطور العضوي للكائنات الحية.. والحق أن النظرة الماركسية للتاريخ تفقد مرتكزها الأساسي من التاريخ إذا عزلنا التاريخ الطبيعي (اقرأ "العضوي") عن التاريخ المجتمعي.. التاريخ المجتمعي هو تطور وامتداد تلقائي للتاريخ الطبيعي، والصراع الطبقي المقصود هنا يتجلى في صور أخرى في علاقات وقوى الإنتاج التي سبقت المجتمعات الشيوعية الأولى.. وهو نفس الصراع التي يتم بواسطته الاختيار الطبيعي للفصائل والأنواع الحيوية في صراع البقاء النوعي..

وماركس، بتأييده لنظرية دارون، جعل هذا الأمر من بداهات منهجه التاريخي.. عليه يصبح التطور العضوي هو استجابة لمتطلبات المادة الخارجية من أجل البقاء، وهذا صراع طبقي أيضا.. ماركس استخدم مصطلح الصراع الطبقي ليشير إلى تجلي المادية الديالكتيكية في حركة المجتمعات، والمادية الديالكتيكية عنده هي أيضا متجلية في التاريخ الطبيعي عن طريق التطور العضوي، فالتطور العضوي والصراع الطبقي عند ماركس هما وجهان لعمله واحدة، هي المادية الديالكتيكية.. إذا دققنا النظر في هذا الأمر..

وقبل أن أحاول إيراد بعض النصوص لك من كتابات ماركس، والتي تجد فيها إشارة إلى ما عنيته أنا هنا، سأرفق لك وصلة للمحاضرة (الماركسية في الميزان) للأستاذ محمود، حيث ترد العبارة التي نقلتها أنا هنا عن الأستاذ، إذ قد تفهم أنت منها شيئا مختلفا عما فهمت أنا من سياقها..

هنا تجد المحاضرة: http://alfikra.org/talks/l005a.htm
وفي (الجزء السادس) تستطيع سماع مقولة الأستاذ التي نقلتها أنا..

وأيضا أرفق لك بعض النصوص، على سبيل المثال، التي يتضح منها ربط ماركس لحركة التاريخ العضوي مع حركة التاريخ المجتمعي (الصراع الطبقي)..



Quote:
“The individual is the social being. His life, even if it may not appear in the direct form of a communal life carried out together with others –is therefore an expression and confirmation of social life. Man’s individual and species life are not different, however much –and this is inevitable- the mode of existence of the individual is a more particular or more general mode of life of the species, or the life of the species is a more particular or more general individual life.”*

“It shows that history does not end by being resolved into ‘self consciousness’ as ‘spirit of the spirit’, but that in it at each stage there is found a material result: a sum of productive forces, a historically created relation of individuals to nature and to one another, which is handed down to each generation from its predecessor; a mass of productive forces, different forms of capital, and conditions, which, indeed, is modified by the new generation on the one hand, but also on the other prescribes for it its conditions of life and give it a definite development, a special character.”**

“All history is the preparation for ‘man’ to become the object of sensuous consciousness, and for the needs of ‘man as man’ to become [natural, sensuous] needs. History itself is a real part of natural history – of nature’s coming to be man.”***

*(Essential Writings of Karl Marx) – edited by David Caute. Quotation from “Economic and Philosophic Manuscripts of 1844” Translated by Martin Milligan, London, Lawrance & Wishart, 1961 – p.10

**Same book. Quotation from “The German Ideology” (1864). Edited by R. Pascal, New World Paperback Edition, 1963, London, Lawrance & Wishart. Pp.28-30

***Same book. Quotation from “Economic and Philosophic Manuscripts of 1844”. P.111



هذا مع الود مجددا..

Post: #70
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: HAYDER GASIM
Date: 02-09-2006, 00:00 AM
Parent: #69

فالفرد فى المجتمع الانساني من الممكن أن يأتي ما لا يأتيه المجموع , بل ومهما تخصبت البيئة الاجتماعية , وحضرت بدواعيها الذاتية كل عناصر التغيير والتهيؤ لمرحلة أو فكرة جديدة , فلا بد من فرد يجترح الأمر , ويسوقه للأقربين الفكريين , ثم المهتمين المستنيرين , ثم قادة العمل الاجتماعي , حتى ينهض للفكرة مرتكز إجتماعي يؤهلها للسعي بين الناس . والشاهد في خضم التجربة المشهودة أو المرصودة للمجتمع البشري , فإن دور ( الفرد ) فى صياغة التاريخ أفعل شأنا وأضرب أثرا من الطبقة أو التيار الإجتماعيين , وقد سقت من قبل بعض الامثلة , لكني أضيف هنا معشر الرسل والانبياء , خاصة وأن الماركسية تجردهم من دعوى علاقتهم بالسماء وبكل المسوغات الماوراء طبيعية , فتحيلهم بهذا إلى دعاة ( أرضيين ) لتتمكن من تحليل رؤآهم وإنبثاقاتهم طبقيا , إذ هذه أداة الوصل والتحليل الأساسية لدراسة تاريخ المجتمع البشري ماركسيا .

وإنطلاقا من موقف الماركسية من الدين , والقائم أصلا على إنكاره جملة وتفصيلا , فإن رهط الدعاة والرسل والمبشرين يحتلون موقعهم فى الأروقة الماركسية كقادة لسرايا الإقطاع , وكإمتداد نوعي فى إتجاه التمكين للملكية الخاصة , ولتعزيز الإنفلاقات الطبيقة فى المجتمع الإنساني , فهم بهذا المعنى يعمقون فى إستغلال الإنسان للإنسان , ويمتصون رحيق الصراع الطبقي والأمل فى التغيير الإجتماعي عبر مسوغات غيبية , تزيد فى ضعف المستضعف وتستعيض عن معاناته الارضية بجنة غائمة فى السماء . هكذا تفهم الماركسية الدين وهكذا توقع دور المبشرين .

لكن تعالوا لنرى كيف تعامل المجتمع البشري مع الدين ومع حملة ألويته , فالشاهد أنه , أي الدين , أضحى مكونا وجدانيا ضاربا فى جذوره عند جل الملل البشرية فى هذه الدنيا , بك أضحى من مكونات الشخصية فى هذه المجتمعات , كما توطدت قيمه ومعانيه حتى تحولت إلى ثقافة عامة , يمكن رؤيتها وتحسسها وملاحظة درجة أثرها ومستوى فعاليتها , قد تختلف الامم فى مداوات تعلقها بأديانها عمقا وتسطحا , لكن لاسبيل للإنكار الجزمي الذي تتبناه الماركسية . فالواضح أن الدعوة الماركسية للإلحاد كان يقابلها من طرف المجتمع مزيدا من التمسك بالدين وبالقيم الدينية .

عليه أخي عدلان .. فدور الفرد فى التاريخ ودور الدين فى صياغة المجتمع , يؤكدان خطل وغربة الماركسية , وتصح هنا فرضيتك حول العلاقة العكسية بين الواقع والماركسية ... نقطة أخري تنضاف لتعزيز موقفك , ولسع , بس وسع جيوبك .

Post: #71
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: HAYDER GASIM
Date: 02-09-2006, 00:03 AM
Parent: #70

الأخ عدلان ... سلمات

كدي قبلما أواصل ... فمواصلتي سوف ترشح فى مجرى التأكيد على زعمك لا مناص , فبإعتبار صحة إستنتاجك وسلامة إجتراحك , وجرأة طرحك , فماذا أنت فاعل إذن ؟ , فأنت لا تطرح هذا الأمر على سبيل النقد ومن مواقع الرصد أو الفرجة , بل من موقع الإرتباط بطرفي النقيض ( المنظمات الشيوعية من جهة والماركسية من الاخر ) فهذه مشكلة أوجبت بنفسك مقدمات حلها , والواضح أنك مع الواقع وتشير بطرف جلي لمفارقة الماركسية لهذا الواقع . كنت أتطلع بالمقابل لموقف يؤكد على تماهيك فى إستنتاجك وتصالحك مع مستخلص تجربتك , خاصة وأنها تجربة خضتها من موقع الإلتزام الفكري والحزبي من ناحية , ومن موقع التكيف وظرفية التغيير بإستدعاءآته الذهنية والعملية كذلك , فسال مدادك لما إحتجب الآخرون , أو قل جلهم بأروقة الحزب , كناطق رسمي بأقوالهم وأفعالهم , وحميد أتيت , فأنت الآن أكثر حساسية تجاه الديمقراطية والواقع , وأنت أفضل تجاوبا مع الآخر , وأنت الآن تقلص غلائظ الآيدولجية لحد الكرامة .

لا أدري كيف تنظر إلى هذا البوست وقد إستولدته من أحشائك الفكرية , جنينا حريا بالحياة , ولهذا أنظر إليه كنقطة تحول فارقة فى حياتك الفكرية والسياسية , فإن إستتبعت فعلا بما قلت , فأنت تنال إحترام نفسك إليك من قبل و إحترام الآخرين بالطبع من بعد , أتوقع فى الإثر وبتوخي الحد الأدنى أن تستقيل ( فكريا ) من الماركسية , وموضوعيا من حزبك الشيوعي , خاصة وقد ظفرت نفسيا وفكريا بما تروم وما ترى , فلك الفضاء لتعيد ترتيب مناخاتك الفكرية وخيارتك السياسية على خارطة وجدان جدير بالسلامة .

أما إن إخترت ما إخترت , من باب الإثارة ومكاثرة الزبائن , لتمد لهم فى نهاية المطاف لسانا ماركسيا , أو أن تدع الناس يحكمون عليك بمنطوقهم الشعبي ( عصاية قايمة وعصاية نايمة ) فهذا إن حدث فهوا خسران مبين , لمصداقيتك ولهيئتك بين الناس ... أربأ بك من مثل هذا الطرق العبثي ... لكن أفصح وأوردنا من أعماقك أثقالها ... لتطمئن قلوبنا .... والسلام .

Post: #75
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: عدلان أحمد عبدالعزيز
Date: 02-09-2006, 07:33 PM
Parent: #68

أخي عبدالحميد البرنس..

تحــْضرك الملائكة.. اِت أصلك اليومين ديل محضـور.. منتصف ثمانينيات القرن الماضي، صـادفت الأخ الحاج وراق قريباً من مدخل فندق حديقة المـوردة وكان وقتها عريساًفي شهر العسل تحفه الملائكة، طلب مني الدخـول، فجلسـنا في بهو الفندق نتجاذب أطراف الحديث، فلاحظت أنه يحمل كتاباً في يده، قلت له: ده وكتو ياالحاج؟ فيا برنس..، ده وكــتو؟

دامت أيامك كلها عسل، وخليك قريب.

.

Post: #72
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: عدلان أحمد عبدالعزيز
Date: 02-09-2006, 12:49 PM
Parent: #1

الأخ حيدر، تحايا وسلام..

لم تكمل توقعك "أتوقع فى الإثر وبتوخي الحد الأدنى أن تستقيل ( فكريا ) من الماركسية , وموضوعيا من حزبك الشيوعي" إلي نهاية شوطه، فأسمح لي بإكمال توقعك على النحو التالي: كما أتوقع منك أن تنضم إلى قوى المستقبل، حركة حق!

موقفي يا عزيزي من الناس والأشياء واضح وقاطع، ومنسجم، فأنا أتبع صوت عقلي وإلهام وجداني.. لا أحد يملي علي قراراتي.. كما أن منهجي في تقصي المعارف يبدو أنه على طرف نقيض من منهجك.. منهجي قائم على الشك والتقليب، قبل القيول والتسليم، جزءاً فجزء، ف (الرحــمن لم يخلق الكون دفعة واحدة! ).. بينما منهجك أنت ياحيدر قاسم -كما هو ظاهر لي- قائم على القبول والإطلاق، فلا عجب أن تكون الماركسية في عرفك في يوماً ما هي الخير المطلق وهي الحق الأبلج.. واليوم، بعد أن صُدمت فيها وعرفت أنها ليست الحق المطلق، أكلت صنمها ولعنت ابن سلسفيلها.

في مداخلتك الأولى في هذا الخيط كررت علي دعوتك "كن عدلان ... تكون أجمل " ولم أشأ أن أعلق راجياً تجاوز الإيحاءات الإنطباعية لما هو أفيد.. لا أظن أننا التقينا من قبل أو جمع بيننا نوعاً من التعامل حتى تقرر أن عدلان ليس عدلان، فتأتي صيغة خطابك الآمرة.. كُـن! ان لم يكن لك الوقت الكافي لتتبع نمط تفكيري من خلال ما ظللت أنشره في هذا المنبر طيلة العامان المنصرمان لتتعرف علي بشكل أوثق يجنبك مزالق الأحكام المبتسرة.. وإن لم يكن لك رغبة في ذلك، أو السببان مجتمعان.. لا بأس من أن أشير إليك بحادثة صغيرة في مجرى حياتي عسى أن يطمئن قلبك أنني لا أتبع إلا صوت ضميري.. قاد الأخ ياسر عـرمان إنقساماً في صفوف الجبهة الديمقراطية العام 1983 عندما كان طالباً في جامعة القاهرة فرع الخرطوم، وكنت أختلف معه في طريقة معالجته للأمور، وعندما أوصدت في وجهه كل الأبواب.. كنت أستضيفه في غرفتي التي كنت أتقاسمها مع الأخ الشيخ آدم خليل في الغرفة 5 داخلية بابكر الطابق الأرضي، ولاحقاً إنضم له الأخ علي أبكُـر، ومرة مرة الأخ إبراهيم سعيد - تجود علينا الحكومة بالسكن ونحن بسكن الحكومة نجود- المهم يازول.. عقدت الوحدة إجتماعاً بحضور اثنين من مركزية الجامعة وطلبوا مني عدم السماح لياسر عرمان ورفاقه مشاركتنا السكن.. قلت لهم لماذا؟ فأجابوني أنهم يقودون إنقساماً يستهدف الجبهة الديمقراطية.. أجبتهم أن الإنقسام صراع، وأنا موقفي حتى اللحظة ضد الإنقسام، ولكنني لا أرى أن ياسر ورفاقه انتقلوا إلى أي معسكر مضاد يتناقض مع ما أؤمن به.. ثم أن مبدأ طرد شخص مستجير، إستجابة لطلب خارجي وليس لقناعة متكونة لدي، يتناقض أيضاً مع ما أؤمن به.. أعرف أن هناك على الأقل أحد شهود تلك الواقعة عضواً معنا في هذا المنبر.

الواقعة أعلاه حدثت قبل حوالي 23 عاماً وكنت وقتها يافعاً طري العـود، وكانت المركزية الديمقراطية يخر لها الجبابرة ساجدين.. فكنت كما كنت عدلان.. أرى نفسي جميلاً، ويكفيني ذلك.. فأنا لا أتجمّل.. أما كيف تراني أنت؟ ذلك أمر يخصك أنت، فإذا ما أنا حاولت أن أكون جميلاً في نظرك.. فلن أكون أنا، لن أكون عدلان.. أقبلني كما وجدتني، أو أرفضني، فليس لك من خيارات أخرى بشأني.

قبل أن أختم؛ لاحظت أنك تُكثر من رفع رايات الدين، ومحاولة صبغ كـل الإنتاج الماركسي بصبغة الإلحاد.. ربما ذلك ناتج عن منهجك الإطلاقي الذي أشرنا إليه أعلاه، ولكن الإكثار بمناسبة ودون مناسبة ومحاولة ربط كل إشارة للماركسية بالإلحاد.. أري في ذلك منهجاً لا يستهدف العقـول بقدر ما هـو محاولة للتجييش بمخاطبة العـواطف، ذلك سلاح صديئ لا ينتج معرفة، مسـائل الإيمان والإلحاد هي قضايا شـخصية ضمائرية، فيا عزيزي لا تفتش في الضمـائر لأنك لن تدرك كنهها، وإن شققت قلوبنا..

لكم جميعاً الود والإحترام..

Post: #73
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: عدلان أحمد عبدالعزيز
Date: 02-09-2006, 04:29 PM
Parent: #1

الأخ حيدر، سلامات..

تكـون قد لاحظت في صدر مقالتي الرئيسية أنني جئت على ذكر المدارس الفكرية الثلاث الرئيسية التي أثرت و أثرّت في بناء ماركس.. وكانت بمثابة ال "لِــدايّــات" التي استوي عليها طـبخهُ.. بجانب التعريف بمصادر الماركسية، كانت هناك رسـالة ضمنية لنعتبر بها كلنا.. وفي بالي خاصــةً هؤلاء الذين سيحاجوننا بأن نأخـذ الدين كله أو نتركه كله! وتحديداً كنت أحسب حســاب من يتخذون الماركسية عقيدةً، فقد قال أحدهم ذات مرة.. ذات القــول، خذها كلها أو أتركها كلها.

ذكرت مصـادر ماركس المعرفية المتنوعة، خصيصاً لأبين لهم أن ماركس نفسه لم يتقــيد بمدرسة واحدة، فإذا تمثلتم خطى ماركس، فإنه لزاماً علــيكم التعامل بذهن مفتوح مع كل التراث الفكري البشري، تماماً كما فعل هو.. بل هو كثيراً ما عدل في أفكاره بناءً على معلومة أو معارف جديدة كانت غائبة عنه.. يا عزيزي حيدر، لك مطلق الحرية أن تلتزم منبعاً واحداً تستقي منه، فقط تذكر أن الحرية لســواك أيضاً.

الود لكم، أجمعــين.
.

Post: #74
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: عدلان أحمد عبدالعزيز
Date: 02-09-2006, 05:18 PM
Parent: #1

عزيزي قصي، سلام و تحايا..

لم أعثر في الاقتباسات التي أوردتها عاليه عن ماركس، على أي أثر ل "حركة التاريخ العضوي" كترجمة محتملة ل "Organic History Movement"، أيضاً لم أتعرف على "حركة التاريخ المجتمعي" كترجمة مرشحة أو محتملة ل "Social History Movement" كما لم أعثر علي أي مقاربة ل "الصراع الطبقي" كترجمة ل "Class Struggle" ماذا غاب عني هنا؟

شكـراً على سعة صدرك، وفي انتظار التحقق مما أوردت، وسأبحث معك..

خالص الود..

Post: #76
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: Yaho_Zato
Date: 02-10-2006, 01:11 AM
Parent: #74

عزيزي عدلان..

لا أعتقد أن الكثير قد غاب عنك.. كل ما في الأمر أنك بحثت عن ترجمات حرفية لمصطلحات وردت من عندي أنا تعبيرا عن فهمي لماركس.. والقراءات الفلسفية -خصوصا في أمهات القضاياالفكرية- لا تحتمل الترجمة الحرفية والنصوصية الضيقة..

النصوص التي أوردتها أنا -في عجالة- تشير، كما قد ذكرت لك أعلاه، إلى ربط ماركس التام بين التاريخ الطبيعي والتاريخ المجتمعي.. وغرضي من نقل النصوص هذه لم يكن الاستشهاد الحرفي، فهذا يستغرق أكثر من ثلاثة نصوص مقتطعة، وإنما كان توضيح الفهم المبذول في فلسفة ماركس عن العلاقة المباشرة بين قوى الإنتاج في التاريخ الطبيعي والتاريخ المجتمعي..

والمعنى الذي أردت توكيده أنا مبذول في طول كتابات ماركس وعرضها، وهو ارتكازه على نظرية التطور العضوي المنسوبة لدارون، والاستجابة الأساسية في التطور لعلاقات الإنتاج في البيئة، سواءا كانت بيئية طبيعية أم مجتمعية (هذا مع الإشارة إلى أنني أساسا لا أعترض على وجود هذه العلاقة الوطيدة بين البيئة الطبيعية وتطور المجتمع والفرد البشري عبر التاريخ، وإنما اعتراضي يكمن على نقاط معينة من استنتاجات ماركس من تجليات هذه العلاقة).. ولقد رأيت أن أورد لك مصدر حديث الأستاذ محمود (المحاضرة - الجزء السادس) حتى تسمعه بنفسك وتحكم عليه بفهمك، ولكنك أتيت لي، على غير ما توقعت، من باب النصوصية الحرفية، وهو باب لا يحتمل استضافة المسائل الفلسفية الواسعة بطبيعتها..

لا أرى غبارا على أن يكون عندك فهما مختلفا لرأي ماركس في علاقة التاريخ المجتمعي مع التاريخ الطبيعي، فهذا ممكن بطبيعة الحال (رغم صعوبة تصوره عندي)، ولكن ألا ترى معي أن المطالبة النصوصية البحتة تكون مجحفة في مسار تفاكري كهذا المطروق هنا؟ خصوصا وأني لم أرتجل الفهم ارتجالا، وإنما أوردت لك أمثلة على نصوص جاء منها فهمي هذا؟

مع كثير المحبة..

Post: #77
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: عدلان أحمد عبدالعزيز
Date: 02-10-2006, 08:59 AM
Parent: #1

عزيزي قصي،

اعتراضي الأساسي ينصب حـول كون ماركس قد أوحى أو أشار إلى أن التطـور الطبيعي هو نتيجة للصراع الطبقي!! ذلك طبعاً أمر مختلف تماماً عن ما قلت به عن الربط "التام بين التاريخ الطبيعي والتاريخ المجتمعي"، التطور الطبيعي عند دارون وعند ماركس هو نتيجة للصراع، ولكنه صراع غير الصراع الطبقي، بل هو صراع ضد قوى الطبيعة وفق قانون الانتخاب الطبيعي.. الصراع الطبقي خاص بالمجتمعات البشرية فقط، ولم يظهر في المجتمعات البشرية إلا بعد أن بلغت البشرية مستوىً متقدماً من التطور الطبيعي، وماركس نفسه يتحدث عن مجتمع بشري متطور نسبياً لم يعرف الطبقات وبالتالي خال من الصراع الطبقي، وذلك هو مجتمع المشاعة البدائية الذي تشكل بعد آلاف السنوات من التطور الطبيعي. أثق أنك إذا راجعت ما كتبته عن هذا الأمر أول مرة.. ستكتشف خطؤه بنفسك.

محبتي..

.

Post: #78
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: Yaho_Zato
Date: 02-10-2006, 12:17 PM
Parent: #77

عزيزي عدلان..

أعتقد أني قد أشرت إلى هذه النقطة بالذات في تعليقي السابق.. مصطلح "الصراع الطبقي" هو نفسه مصطلح يعود لنفس الأصل الذي جاء منه مصطلح "التطور الطبيعي" أو ما يشابهه، وهو تفسير علاقات قوى الإنتاج في الطبيعة.. وماركس يتحدث عن أن الفرد المعاصر (حاليا) يتطور بفعل الصراع الطبقي داخل مجتمعه.. من البديهي أن ماركس لن ينسب تطور الجنين في بطن أمه إلى الصراع الطبقي، ولكن هذه البداهة هي في حد ذاتها المقصودة في حديث الاستاذ محمود الذي نقلته انا.. الأستاذ محمود يشير بذلك الحديث إلى أن ماركس، في أوج استغراقه في قضية التطور المجتمعي والصراع الطبقي، أغفل قضايا وجودية أساسية أخرى، تشكل عاملا فعالا ومباشرا في عملية تطور الأفراد والمجتمعات..

سؤال الأستاذ محمود (وتطور الجنين في بطن أمه.. هل هو أيضا نتيجة للصراع الطبقي؟) هو سؤال تجيب عليه البداهة.. مما يعني أنه لم يقل أن ماركس يقول حقا أن تطور الجنين في بطن أمه يكون بفعل الصراع الطبقي، ولكن لينبه إلى أن ماركس، في غمرة من الحماس، لم يترك مجالا واضحا حتى لقوى الطبيعة والموروث التاريحي الطبيعي أن يكون لهما أثر في تكوين الفرد، إذ أنه جعل تكوين الفرد المعاصر وطريقة تفكيره مرتبطة "شبه كليا" بالمجتمعات فقط..

أعتقد أن هذه النقطة واضحة، فسؤال الأستاذ محمود هنا لا يحتمل النصوصية الضيقة أيضا.. هو سؤال فيه رمزية معينة.. ماركس ليس بهذا الغباء (هو في الحقيقة من أذكى الفلاسفة عبر التاريخ).. هل تظن أن سؤال الأستاذ محمود يعني أنه (أي الأستاذ) يظن بأن ماركس كان فعلا يرى أن تطور الجنين في بطن أمه هو نتيجة للصراع الطبقي؟

أرجو أن تعيد قراءة هذا الأمر من هذه الوجهة، ولو أمكن أن تستمع إلى الجزء السادس من المحاضرة التي أرفقت لك وصلتها، فذاك يحبذ (إن لم تكن قد فعلت بعد).. حينها قد تكتشف أني قصدت أمرا مختلفا عما تظن أنت أني قصدته (أنا نفسي لم أكن أعلم أن ذلك هو ظنك إلى أن قرأت رسالتك الأخيرة أعلاه)..

ودعني أكرر لك اقتباس حديثي، إذ أني قد قلت
Quote:
جرى ذكر مقولة ماركس بأن حركة التاريخ ما هو إلا سجل لصراع الطبقات، والتطورين، الفكري والعضوي، هما أيضا نتيجة لذلك الصراع (في ارتكاز عقيدي تام على طرح دارون)..

ألا ترى في عبارة (في ارتكاز عقيدي تام على طرح دارون) ما يشير إلى مقصدي؟ فدارون أساسا لم يتحدث، من قريب أو بعيد، عن الصراع الطبقي! وإنما كان حديثه منصبا، أولا وأخيرا، على الصراع البيئي.. صراع الطبقات في عرف البيئة يصبح صراعا بين مجتمعات الأنواع الحيوية المختلفة، والذي من جرائه يحصل انقراض أنواع وتطور أخرى..

ولك المحبة مجددا..

Post: #79
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: عدلان أحمد عبدالعزيز
Date: 02-10-2006, 02:33 PM
Parent: #1

عزيزي قـصي..

محـاضرة ممتعة ولا شك، المدهش أن يكون فهم الأستاذ محمود، لفكرة ماركس حول التطور الناتج عن صراع الطبقات قائم على أن ماركس يعني بالتطور، التطور الطبيعي للأفراد! حجة الأستاذ مبنية على ذلك التصور الخاطئ لفكرة ماركس حول تطور المجتمعات الناتج عن الصراع الطبقي. ماركس يتحدث عن مجتمع طبقي الصراع فيه بين قواه المنتجة وعلاقات الإنتاج فيه، هي المحركة له والدافعة لتطوره.. والأستاد محمـود في محاضرته تلك (وبتسآؤله ذاك) يتحدث عن تطور بيولوجي لإنسان فرد! أي أن المستوى الذي ينطلق منه الأستاذ لا علاقة له بالمستوى الذي يطرح فيه ماركس أطروحته عن دور الصراع الطبقي في تطور المجتمعات، وفي تقديري أن الأستاذ محمود في دي.. مخطئ تماماً.

دعني أُحي الأخـوان الجمهوريين على جهدهم المسؤول تجاه المحافظة علي تراث الحركة وعلى رأسها الأستاذ الشـهيد، وتهنئة خاصـة للأخ عمـر عبدالله هواري، الذي أعتقد أنه له القدح المعلى في إخراج موقع "الفكرة" بذلك البهــاء.. وشكراً مرة أخرى، قــصي على إثراءك هـذا الخيط...

محبتي..

.

Post: #80
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: Yaho_Zato
Date: 02-10-2006, 06:44 PM
Parent: #79

عزيزي عدلان..

أنا شخصيا أعتقد أني قد أنفقت ما بوسعي فكريا - حاليا على أقل تقدير - في محاولة توضيح فهمي.. ورغم أني أجد أني لست مفهوما عندك بعد، إلا أني ألوم نفسي أولا.. وعلى العموم لا ضير، فنحن، على أقل تقدير، نتعلم كيف نتحاور قبل كل شيء..

ولك كامل الحق في أن ترى الأستاذ محمود مخطئا في فهمه للماركسية، رغم أن المسألة في نظري لا تعدو كونها سوء فهم من جانبك لشرح الأستاذ محمود.. وبرضو ما في مشكلة.. كلو بجي في وقتو..

هذا ولك الشكر مجددا على هذا الخيط وافر الظلال الفكرية.. وعلى حسن إدارتك له بالحوار البناء والشفافية الجميلة..

وإلى حين عودة أو متابعة..

Post: #81
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: HAYDER GASIM
Date: 02-11-2006, 02:20 AM
Parent: #80

الاخ عدلان ... تحياتي

مؤدى مشاركتي فى هذا البوست , إنبعثت من عاملين , أولهما رأس الموضوع وما يحركه فى شخص ترك الشيوعية , بإعتبار أن هذه سانحة لتقديم الميسور من تجربتي فى إطار يناسبها وكالذي إخترته وبكامل قواك العقلية , وثانيهما دعوتك ( الخاصة ) لي بالمشاركة , ومقدار فرحي بهذه الدعوة معلن فى إستهلالي , وإلى هنا فالأمر يتساوق مع طبيعته وناحية صرفه , فما الذي حدث من بعد , أعلمه بالطبع ويدركه القارئ دون لماحية , فقد أتيت ما لا تود , وهذا ( ذنبي ) الذي يطرح جنبي لصفعاتك المرة والمباغتة .

ليتك تعلم ... أن عبارة ( كلما إقتربت المنظمات الشيوعية من الواقع ... إبتعدت عن الماركسية ) هي عبارة تقريرية وليست إستفهامية , وإن يجوز الإستفهام مدخلا للحوار , لكن ما افتهمته أنك توصلت للمفارقة وحزمت رايا قبالتها , بل وإخترت عرضه للملأ . ولما طرحت من جانبي بعض مؤيدات لهذا الإفتراض , وأعلنت عن رغبتي فى إضافة مزيد من النقاط لصالح أطروحتك , فقد كنت أعتقد أنك ( جاد ) فيما أتيت , لكن وضح أن لك مآرب أخرى لا تعنيني بحال , لكنها تذكرني بقول المرحوم الأخ الخاتم عدلان فى معرض تحليله لموضوعة ( المناقشة العامة ) , حين مثلها بالوخز على الخاصرة لتشرئب الأعناق الجامحة , فيسهل من بعد قطافها .

ربما كنت ساذجا وأنا أنظر لما بعد حالتك التقريرية آنفة الذكر , فكنت أعتقد أن إخلاء الطرف من الماركسية هي الخطوة التالية , ولأن حزبك فى مسوغه الراهن أو المرتقب يحتبسك فى خانة ماركسية تحررت عنها , فقد توهمت أن الإنصراف عنه موضوعي كذلك , وقد كان هذا أس دعوتي أولا وأخيرا , أما أن تعتمل مراداتك على نحو مختلف فهذا ما لا يهمني إطلاقا , و ليكن من أمرك ما تشاء , لكن يلزمني إبلاغ الملأ ما جنيت , فتتمتك لدعوتي لك بالإستقالة الفكرية عن الماركسية , لم ألحقها بدعوتك للإنتماء ( لقوى المستقبل , حركة حق ) وإن لا أرى فى هذا غضاضة , بل أراه فى عين الحراك السياسي لمشيئة ليبرالية , مع هذا فقد قلت تحديدا التالي : لا أدري كيف تنظر إلى هذا البوست وقد إستولدته من أحشائك الفكرية , جنينا حريا بالحياة , ولهذا أنظر إليه كنقطة تحول فارقة فى حياتك الفكرية والسياسية , فإن إستتبعت فعلا بما قلت , فأنت تنال إحترام نفسك إليك من قبل و إحترام الآخرين بالطبع من بعد , أتوقع فى الإثر وبتوخي الحد الأدنى أن تستقيل ( فكريا ) من الماركسية , وموضوعيا من حزبك الشيوعي , خاصة وقد ظفرت نفسيا وفكريا بما تروم وما ترى , فلك الفضاء لتعيد ترتيب مناخاتك الفكرية وخيارتك السياسية على خارطة وجدان جدير بالسلامة .. إنتهى الإقتباس . فأين حق هنا , غير أنه الغرض وربما المرض .

فى هذا البورد تناولت أمر الماركسية والدين مرتين , الأولى فى موضوع أزرق طيبة , ولما إستنكر شيوعي سبغ الشيوعية بالإلحاد , والثانية ها هنا فى معرض إثبات المفارقة بين الواقع والماركسية وكما زعم عدلان نفسه ... فأين التجاوز هنا ؟ وإن كانت الموضوعات الآنفة مناسبة , فأين غير المناسبة . بالطبع لا أنقب فى ضمائر الناس , فحتى وإن إجتاحتني هذه الرغبة الضالة , فسوف تعوزني الإمكانية بالطبع , لكن الماركسية تدعو للإلحاد لا ريب , وترمي بظلالها الإلحادية تلك على كل من ينتمي إليها , وتقرب العضو فيها للألحاد أكثر من الإيمان بالضرورة , ويصبح فى تقديري أن إلحاد الماركسي طبيعي وإيمانه إستثنائي أو سياسي ... وهذا حكم يستنضحه الفكر الماركسي بما يفيض على دفتيه , بينما يقضي بما فى النفوس رب العالمين , فى يوم ترونه بعيدا ... وأراه قريبا .

من يرى خياره حق مطلق وخير أبلج , ليس أنا يا عدلان , ولكني وفى معرض نقدي للماركسية زعمت أنها كذلك , وهذا صحيح بمقدار ما حملت الماركسية وأنجبت , أما أنا ( الأن ) فغير ذلك تماما , فقط ينبغي أن تعلم أن ليس بالضرورة أن تبدأ الدورة الديمقراطية لى وأمثالي ممن غادروا صفوفكم , بالتربيت على كتف ديكتاتورية آفلة... أما ما إفترضته بخصوص ( منبعي الواحد ) فأرجو على الذكر أن تسميه , بل سمه ما شئت لأعلم أي هوية أحمل ولا أعلم . أقبل بالطبع أن تذكرني أن الحرية لي ولسواي , لكن هل قالت الماركسية بذلك ؟ وهل أثبتت التجربة الشيوعية أي حرف من ذلك ؟

عندما قلت بأن تكون عدلان لتكون أجمل , فقد كنت أعتقد أنك مختلف ... لكن هذا لم يعد ... فمعذرة وكن ما شئت . مع هذا فلست بنادم على أعواد الصندل ويخت الجرأة وكل ما دفعت به مستطيبات الزوق العام , فربما بداخلك إنسان ما أزال أجهله . أمنياتي لك والآخرين بحوار مفيد وبناء ... مع وافر تحياتي .

Post: #82
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: عدلان أحمد عبدالعزيز
Date: 02-11-2006, 11:17 AM
Parent: #1

الأخ حــيدر، تحياتي..

دعــوتي في هذا البوست واضحة؛
1- أن على الحــزب الشــيوعي.. فك إرتباطه بالماركسية كنظرية مرشدة له، وذلك لقصــورها على النحو الذي أجتهدنا في تبيانه، وأضفتم أنتم المشاركين، إضافات مقدرة في ذات الإتجاه.

2- أن النظريات الإجتماعية، بل والعلمية المتصلة بالظواهر الطبيعية كذلك.. ليست نهائية وتتم مراجعتها بإستمرار ويطرح منها ماثبت خطله، ولكننا لانرمي الطفل مع ماء الغـسيل. وفي بوست آخر كنت قد شرحت كيف أن نظريات نيوتن الثلاث للحركة ثبت بطلانها في مستوى السرعات الكبيرة، ومع ذلك إحتفظت بصحتها النسبية ومازال يتم التعامل بها عند دراسة الحركة في السرعات العادية.

3- أن الحـزب الشيوعي يضم أناس على مستوى عال من الوطنية والإخلاص والنزاهة والإستعداد للتضحية، ولكن طاقاتهم النبيـلة تلك، يتم هـدرها لعلل الماركسية التي يتبناها الحزب كمرشد وحيـد لنضاله.

أقــدر وأثمن مساهــماتك عالياً وكانت كما رجوت عندما دعـوتك للمشاركة عبر هذا البوست وعبر "الماسنجر" وأعلم أننا على إختلاف، وخلافك كان يهمني أكثر حينما دعـوتك، لأنه سيبصرني والقراء بجوانب قد تكون خافية علينا، وذلك هو ما نرومه من الحوارات المفتوحة، فلا أحد يملك الحق المطلق والمعرفة النهائية. فيا زول حصل خيـر وأدعــوك لتجاوز الخيارات الشخصية عبرها لفهمي في إطـار وحــدة وصراع الأضــداد.

لك الود مجدداً..

عدلان.

Post: #83
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: HAYDER GASIM
Date: 02-12-2006, 09:47 PM
Parent: #82

الأخ عدلان ... تحياتي

أعلم صعوبة الحوار بيني وبينك , فهو ليس حوارا والسلام , كما أنه ليس بحثا مجردا عن فكرة وتعيين موقعها من الصح والخطأ , فهذه فى حد ذاتها ليس بالمهمة اليسيرة , فالحقيقة تتكيف فى إطار النسبية عندما نهم بمعرفتها , والخطأ نفسه ربما يكون الوجه الآخر للصواب , وربما يكون هو الحقيقة الآجلة , وكما الصح ... قد يكون هو الحقيقة العاجلة والخطأ الآجل والله أعلم , كما أن الإطار النسبي لا يكيف أحكامنا على الحقيقة فحسب , وإنما يتوالى ليحدد حجم المعارف الكامنة فى أذهاننا , طالما ليس هناك ذهن يختزن كل المعرفة , وليس هناك من يدعي كل الصحة لما يحمله من أفكار , وحتي الحقيقة فى هيئتها النسبية تلك , فقد أضاف إليها مشروع ما بعد الحداثة أبعادا جديدة , لا تتوقف عند مظهرها الجمالي فحسب , وإنما تتوغل صوب المحتوى وتخالط الجوهر بالمظهر, لتطل علينا الحقيقة فى هذا العصر فى ثوب غشيب , فهي الآن ذات أوجه متعددة وذات أبعاد تشيح عن ميكانيزم الثنائية , الغابر نوعا بإفول نجم التضادية ومركزيتها الفكرية , والضالع نوعا فى عصرنا ولما لم تتسيده أفكار ما بعد الحداثة بعد , فهذه أن شئت مرحلة إنتقالية لا تخلو من الإشتباك بين قديم وجديد , كما أن قمة هذا الصراع تدور حول الأفكار وكما نفعل الآن ... وهذا دفع أول يشي بصعوبة الحوار كما زعمت آنفا , إذ أنها المرحلة وليست الموضوعة , كما أنها الجماعة وليس الفرد , وأنها ظرفية الإنتقال وكعادتها تخصم من أعصاب البشر وربما مهجهم .

ثاني المصاعب , أن الحوار وآلياته ومآلاته , قيم مستحدثة إلتقطناها من تجارب الآخرين , فى سياق تطورهم الإجتماعي , والواضع أن مجتمعنا وبأثر من دواعي تكوينه ( المحافظة ) وتاريخه الممعن فى الوصائية , ونزوعه الداني نحو الأبوية , لم يعلمنا أهمية الحوار ناهيك عن فنياته ومسارب إدارته , وحيث ( نصتك ) الآن , ولأن هذا هو المجتمع الذي كوننا نفسيا وألقى بأثره علينا ذهنيا , فأخالنا بهذا تنقصنا مكونات هامة يقتضيها الحوار , خاصة وقد إستلفنا أنموذجه من خارج مجتمعنا , فالحوار لدى هؤلاء ليس فقط وسيلة لتبادل الرأي ولتعظيم أثره ومنفعته , إنما هو مكون أساسي فى بناء الفرد والمجتمع على السواء , ولأننا ليس كذلك فالنتيجة تختلف لا مناص .

وثالثها أن التعايش ( المزمن ) مع الفرضيات الإطلاقية , بل وإختيارها نهجا للحياة كما تزعم الماركسية , لا يترك للفرد أو المنظمة براحا يسع الآخر , إذ الآخر وبطبيعة المبنى الشمولي هو عدو محض , ومع أن الظروف فرضت على الماركسية وعلى الماركسيين الكثير من الضغوط , والتي كان لزاما الإستجابة لها بشكل من الأشكال , وهذه تتبدى فى هيئة تنازلات غير مقننه لصالح الديمقراطية , وإعترافات خجولة لصالح الليبرالية , وهذا يا عدلان وضع إستثنائي غير محتمل , لأنه يروم الحفاظ على النخاع الفكري للماركسية لوجه التاريخ , بينما يتحمل الأفراد أعباء التناقض , ومأساوية هذا الوضع فى كونه ينشد الحفاظ على فكرة مجردة غائمة , بينما لا ينشد الحفاظ على الصحة الذهنية والنفسية للحوامل البشرية لهذه الفكرة , وهذا تغليب شانع وقلب على عقب , فالإنسان يسخر الأفكار فى هذه الدنيا لمصلحته وليس العكس . لكن وعلى أية حال أعتبر نفسي وإياك ضحايا لهذا الوضع الخروق , فأنت رمز دلالاته فى الحاضر بإعتبار تواصلك مع الماركسية على الأقل من الناحية الرسمية , وأنا رمز دلالاته فى الماضي وما إلتحق به من ذيول إلى ا لحاضر , فلا أبرئ نفسي من إسقاطات شمولية ماضوية , فأنا لست إنسانا آليا بقدرما كوني طبيعي تستدعيه الظلال والتاريخ أحيانا , وهنا عقبة على طريق الحوار.

ورابعها الضخ المؤسسي فى قناة حوار ذات سمة فردية , فأنت وأنا كذلك نحاول إستحضار منظماتنا لننطق بلسان حالها , وكأننا نتحمل هنا وزر غياب الحوار على مصافاته المؤسسية إن جاز التعبير, فلو وافقتني الرأي , فهذا أمر يتجاوز سعة الأفراد , وجائز من ثم أن يضيف مصاعب عملية على طريق الحوار.

وخامسها أننا كسلالة شرقية ( بالمسوغ الثقافي ) من جهة , وكأناس إنسربوا لزمن من حياتهم فى الأقبية الشمولية من الجهة الأخرى , فنحن عجولي الإستدعاء للعاطفة , حتى وإن كان الأمر فكريا بحتا , ومع أن هذا يبدو طبيعيا , إلا أن عاطفتنا ترنو دوما إلى الماضي وإلى تمجيده وإن خاب , وهذا عندما يحدث وعبر تجلياته المختلفة , فإنه يعطب الحوار ويذم أواصره , لأن الحوار غالبا ما يستهدف المستقبل حتى ولو إبتدأ من الماضي , أما العاطفة وعلى نحو ما أسلفت , فإنها تحط برحالها المستديمة على الماضي كحجة لكبح جماح التغيير , والذي أظنه هدف الحوار وقابلة القادم. أقول هذا وقد لاحظت أن حزبك الشيوعي يتعاطى من هذا القبيل , أذ أراه يستحضر ماضيه ويلوز إليه ويجمله ويتحصن عنده , هربا من مستحقات التحدي ( الجسيم ) الذي يواجهه لما يقارب العقدين من الزمان , والواضح أن العاطفة هنا هي المظم الحيوي للدورة الدموية لهذه الفكرة , وطالما هي دورة تعم كل الجسد فبالطبع يتأثر الأفراد , وكذلك تتأثر حواراتهم ومناولاتهم , فكرية كانت أم سياسية أم إجتماعية , وحوارنا الراهن ليس إستثناء .

سابعا , وأرجو ألا تخيم على ذهنك إية إرخاءآت سالبة , فالحوار ليس من صلب الماركسية , وإنما فرضته الظروف والمتغيرات عليها , لهذا فالماركسي منقوص بطبعه الفكري والتربوي حين الحوار , مع أن هذا النقص هو التتممة الموضوعية المعبرة عن أصالة ماركسيته , فالماركسي خلق للتأمل وللتقيد وللتنفذ بالماركسية , أما المجادلة خارج نصوصها ومضامينها فهذا ليس خيارا ماركسيا البتة , وتعلم أن الرعيل الاول منهم قد بذل جهدا مستميتا فى الحفاظ على طهر ونقاء الماركسية , فميزوا نفسهم وببراعة عالية وبشكيمة قوية وبجرأة متميزة حتى عن أقرب الناس إليهم , فكانوا بلشفيين دون المناشفة , وكانوا شيوعيين دون تروتسكية , وكانوا ماركسيين دون يسار طفولي , وكانوا لينينيين دون ماوية , وكانوا عماليين دون الإشتراكية الدولية , وإلى غيره من محاولات التميز والإستفراد , فإن كانت هذه قصة الأقربين فما بال الآخرين والذين لا تجمعهم بهم قواسم أو أرضية مشتركة . إن كان هذا على مستوى التجربة , فالمحتوى النظري الماركسي يرسم طريقا واحدا لتاريخ ومستقبل البشرية , وهي فرضية قائمة على العنف الثوري لتصفية الطبقات الإجتماعية لصالح ا لعاملة , وإلى غيره مما تعرفه عن باقي السيرة يا عدلان . فما أراه أن الحوار ذو الطرف الماركسي صعب بموجب المرجعية الفكرية والتجربة العملية على حد سواء , لكن يتبقى للراغب منهم فى الحوار , الواقع فى بعده الإجتماعي وبفعل من مؤثراته الموضوعية , وكذلك المزايا الشخصية المتمردة على الأسر الشمولي , فهذه من الممكن أن توفر لصاحبها حظا فى المبادرة والحوار .

ذكرت فى مداخلتك الأخيرة حزمة نقاط حول ما تراه من علاقة الحزب بالماركسية , أستعظم جهدك وسوف أعلق على هذه النقاط فى مساهمة قادمة ... مع تقدير وإحترامي .

Post: #84
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: عاصم محمد شريف
Date: 02-13-2006, 02:04 AM
Parent: #83


Post: #85
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: Yaho_Zato
Date: 02-13-2006, 11:06 AM
Parent: #84

التحايا مجددا(مع التخصيص للأستاذين عدلان وحيدر)..

كنت قد ذكرت في إحدى المشاركات السابقة لي هنا بأني سأحاول العودة إلى بعض الأمثلة من المجتمعات البشرية التاريخية والمعاصرة (أو التي تكاد أن تكون معاصرة) للاستدلال بها على فرضيات تاريخية.. حيث ذكرت:

Quote:
سأحاول التركيز على حالات معينة قد تفي برسم الصورة.. هذه الحالات تتضمن شخص الإسكيمو ومجتمعه، وإنسان الكهف (Cave Man) ومجتمعه، وبعضا من حالات صحراء الكالاهاري في جنوب أفريقيا، حيث معاشر الجوتواسي وجيرانهم، والذين يطلق عليهم عامة (The Bushmen of the Kalahari)..


وأريد اليوم أن أقوم بشيء من تناول المجتمع المذكور أخيرا أعلاه، ألا وهو معاشر الجوتواسي (أو الجوندواسي) وجيرانهم، ممن يسمون أحيانا بشعوب السان (San) وأيضا (Bushmen of the Kalahari)..

من الأفلام السينمائية الأفريقية ذات الشهرة العالمية فيلم (The Gods Must Be Crazy).. وهو فيلم ذو إنتاج جنوب أفريقي ظهر في الثمانينات من القرن الماضي، ويتكون من جزئين.. في هذا الفيلم (على الرغم من بعض مساوئه الإخراجية في تزييف ثقافة شعب) يجيء ذكر شعب الجوتواسي، ويلعب بطل الفيلم (وهو من الجوتواسي) دور الرجل البدائي الذي أوردته الأقدار للاحتكاك بمنتوج حضارة القرن العشرين المتمثل في بعض أهلها وبعض أدواتها وآلاتها وبعض مشاكلها.. ولعل معظم الذين سمعوا عن شعوب السان قد استاقوا معلوماتهم من هذا الفيلم، وهو (أي الفيلم) رغم بعض الجدية والنزاهة فيه في توضيح أسلوب حياة السان، إلا أنه أخفق في أن يكون علميا، وربما يعود ذلك في الأساس إلى أن الفيلم كوميدي الطابع بصورة عامة.. تجدون عنه معلومات أكثر في هذه الوصلة:

http://www.imdb.com/title/tt0080801/

وشعوب السان من أكثر الشعوب (إن لم نقل الأكثر على الإطلاق) التي حافظت على نمط حياتها لما يتجاوز آلاف السنين حتى أعتاب القرن العشرين.. حيث مارسوا نفس طرق الصيد(بنفس الأدوات) والتقاط حصاد الأرض (لم يمارسوا الزراعة) والطقوس الدينية واللغة والعلاقات المجتمعية.. وميزة القارة الأفريقية بشكل عام أنها، رغم كونها موطن الإنسان الأول، حافظت على الكثير من أنماط الحياة والثقافات الغائرة في القدم حتى زمن قريب جدا، وما زالت لليوم تحمل بقايا معقولة لهذه الأنماط، مما يجعلها أغنى مصدر لدراسة التاريخ القديم للمجتمعات البشرية..

والآن، لندخل في أصل الموضوع..

لا توجد هناك ظلال مجتمع أبوي عند السان، كما لا توجد ظلال مجتمع أمومي! فقيمة الذكران والإناث في المجتمع متساوية لدرجة مذهلة (حتى حكماء الجماعة من كبار السن من الجنسين، وكذلك السلطة الدينية، أو الروحية، موجودة بالتساوي لدى الجنسين)، وتتوزع عندهم الأدوار المجتمعية بصورة واضحة (الرجل لهم الصيد، والنساء لهن رعاية الأطفال، وللإثنين التقاط النباتات الصالحة للأكل.. كمثال).. وعلاقاتهم الجنسية مقتصرة، بصورة غريبة، على الزوج الواحد والزوجة الواحدة.. ورغم أن هناك حالات نادرة جدا فيها زواج رجل بامرأتين، إلا أن في المقابل توجد حالات، بنفس الندرة، فيها زواج امرأة برجلين! ورغم ذلك، فالأطفال في المجتمع هم أطفال الجميع، وهذا ما يربو عليه الصغار منذ نعومة أناملهم.. وزيادة على هذه الضوابط في العلاقة الجنسية، توجد أيضا ضوابط أخرى تتعلق باختيار الزوج والزوجة (وهو أمر يتكلف به كبار المجموعة، إذ ليس هناك حق اختيار للشريك)، وهو يظهر في العلاقة الإسمية، حيث أن الاسماء عند السان تحمل قيمة أكثر من مجرد وسيلة للتواصل.. وتفصيل ذلك موجود في المصادر التي سأرفقها في نهاية هذه المشاركة..

وليس هناك أي ظلال لعدم شيوعية اقتصادية، إذ أن كل ما هنالك هو للجماعة كافة، سواءا كان صيدا أو حصادا، وحتى المساكن (وهي عبارة عن "قطاطي" بدائية الصنع جدا) تقوم ببنائها الجماعة كلها لكل زوجين جديدين(*)..

ما أريد الإشارة إليه في هذا المثال هو قيام ضوابط الغريزة الجنسية (والغيرة الجنسية) بمعزل تام عن غريزة التملك.. فمجتمع السان من الناحية الاقتصادية يمثل قمة الشيوعية، ولكن ذلك لم ينعكس على العلاقة الجنسية، وأنا من الزاعمين أن التنظيم الشديد للعلاقة الجنسية عند السان هو أحد الاسباب التي مكنتهم من المحافظة على نقاء الشيوعية في مجتمعهم لكل هذا الزمن، إلى أن وصلتهم أيادي الحضارة المادية الحديثة، وغيرت نمط حياتهم قسرا، وبصورة محزنة.. ومما شدني لهذه المجموعة أنها كانت من أكثر مجتمعات الأرض انبساطا وقناعة، وبصورة جماعية، حيث أنهم كانوا دائمي الضحك والابتسام، وفيهم جميعا براءة الطفولة ودوام الدعابة، لدرجة أنهم لا يعرفون العنف فيما بينهم إلا في حالات نادرة جدا جدا (وقد ورد ذكر أمثلة لها في المصادر المرفقة)، وهذه الحالات تلاقي الكثير من الاستنكار عندهم..

تحليل ماركس وإنجلز للعلاقة الجنسية، وربطهما لها فقط بالعامل الاقتصادي وإعادة الإنتاج، له ما يثبت خلله من تاريخ المجتمعات البشرية.. دون حتى أن نذكر أن هذا التحليل مهزوم أساسا منذ بداية المجتمعات عند الحيوانات الأقل ذكاءا من البشر.. وهنا أيضا أريد أن أشير إلى مشاركة للأستاذ منعم الجزولي (Gazaloat) في خيط آخر في هذا المنبر(**) عن التأثير الجنسي لعملية الخفاض ودواعيه التاريخية، حيث نسبها الأستاذ منعم لعلاقة اقتصادية بحتة (كما هو التحليل الماركسي).. غير أن مجتمع السان لا يعرف الخفاض أو الختان، ولا يضبط الغريزة الجنسية وينظمها إلا بضمير الفرد وانتمائه الشعوري العميض للجماعة.. وأنا هنا لا أنفي تأثير العامل الإقتصادي بشكل مطلق على العلائق الجنسية في المجتمعات عبر التاريخ (وحتى تأثيره على ظاهرة الخفاض)، وإنما أريد أن أشير، وأركز، على أن العامل الاقتصادي "ليس هو الأصل" حينما يتعلق الموضوع بالعلاقة الجنسية في إطار المجتمع..

هذا، ولا بد من أن نذكر أن مثال مجتمع السان ليس هو المثال الوحيد، خصوصا في أفريقيا (حيث هناك أمثلة أخرى كثيرة)، ولكن مجتمع السان هو الأقرب لي معلوماتيا ووجدانيا، حيث قمت بدراسته باستفاضة واهتمام خاص في دراستي الجامعية، ضمن كورسين اختياريين: الأنثروبولوجيا الثقافية (Cultural Anthropology) والإثنوغرافيا (Ethnography)، حيث اطلعت على الكثير من المصادر المقروءة والمرئية المسموعة(رغم أني لن أورد جميع المصادر هنا، وهو أمر يتعلق بقصور الذاكرة قبل كل شيء)..

وأيضانذكر، للمزيد من التوضيح، أنا لا نعني بذكر هذه الأمثلة أن هناك مجتمعات بدائية كانت فيها العلاقة الجنسية في المجتمع أقل انضباطا من هذا المثال، فهذا أيضا مثبت في التاريخ، ولكن، وكما ذكرنا من قبل، فهذا لا يعني غياب القانون الذي ينظم هذه العلاقة، وإنما يعني فقط تجليه في صور ومستويات مختلفة عبر الزمان والمكان.. كما لا نعني أيضا أن مجتمع السان عبارة عن "مجتمع فاضل" بشكل تام، ولكن الصيغة العامة تجعله من أكثر الأمثلة الحية على المجتمع الفاضل في العصور البدائية، والذي كان، في بساطته، يحمل الكثير من الإيجابيات التي تفتقدها المجتمعات البشرية المعقدة المعاصرة..



*جدير بالذكر هنا، في هذه النقطة، مجتمع "اليانومامو" في غابات الامازون، حيث المسكن عبارة عن "حوش" كبير يعيش فيه الجميع في العراء دون أي حواجز، غير أن مجتمع اليانومامو مجتمع ذو سلطة ذكورية محضة، وذلك يعود في الأساس للطبيعة الشرسة لغابات الأمازون، مما يجعل القوة الجسدية للرجل عاملا أساسيا في حسم موضوع سيطرته..

**هذه هي المشاركة المقصودة: Re: بسب الختان لا يمكن للمختونات الوصول لقمة المتعه الجنسية



بعض المصادر:

Quote:
+ Richard B. Lee (The Dobe Ju/'hoansi) 2nd Edition (1st ed published as "The Dobe !Kung") - Harcourt, Inc.1993,1984
++ William A. Haviland (Cultural Anrhropolgy) 10th edition - Thomas Learning, Inc. 2002
+++ Some ethnographic media sources:
1. The Hunters
2. Bitter Melons
3. N!ai, the story of a !Kung woman
4. The Bushmen of the Kalahari
5. An argument about a marriage


Post: #86
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: Abuobaida Elmahi
Date: 02-13-2006, 04:31 PM
Parent: #1

دعــوتي في هذا البوست واضحة؛
1- أن على الحــزب الشــيوعي.. فك إرتباطه بالماركسية كنظرية مرشدة له، وذلك لقصــورها على النحو الذي أجتهدنا في تبيانه، وأضفتم أنتم المشاركين، إضافات مقدرة في ذات الإتجاه.



??????????

??????????

Post: #87
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: Abuobaida Elmahi
Date: 02-13-2006, 04:38 PM
Parent: #1

لا أدري كيف تنظر إلى هذا البوست وقد إستولدته من أحشائك الفكرية , جنينا حريا بالحياة , ولهذا أنظر إليه كنقطة تحول فارقة فى حياتك الفكرية والسياسية , فإن إستتبعت فعلا بما قلت , فأنت تنال إحترام نفسك إليك من قبل و إحترام الآخرين بالطبع من بعد , أتوقع فى الإثر وبتوخي الحد الأدنى أن تستقيل ( فكريا ) من الماركسية , وموضوعيا من حزبك الشيوعي , خاصة وقد ظفرت نفسيا وفكريا بما تروم وما ترى , فلك الفضاء لتعيد ترتيب مناخاتك الفكرية وخيارتك السياسية على خارطة وجدان جدير بالسلامة .

Post: #88
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: عدلان أحمد عبدالعزيز
Date: 02-13-2006, 10:44 PM
Parent: #1

أخي حيدر، تحايا وسلام..

أفهمـك الآن أكثر، ولتتواصل الحـوارات..

عزيزي قصي،

خمس ساعات مضت منذ أن إنتهى دوامي اليومي، وها آنذا أكتب وما زلتُ في ملابس العمل..، صبرت على ضيقي وأنا مُتشــنِق بهذه الملابس طيلة اليوم وتكاد رائحة العرق –رغم برودة الجو!- تخنق الذين أحبهم وهم بجانبي.. كنت لائصاً بعد الدوام أبحث عن فيلم The Gods must be crazy وهاآنذا لفرحتي، متأبط الجزئين.. في المحل الذي عثرت فيه على الفيلم وجدته مصنفاً تحت "كوميدي" وكنت أحسبه تحت "أنثربولوجي" عموماً لم تعد لي طاقة للسهر الآن لمشاهدته، رغم شوقي، لأن غداً يوم عمل عادي..، سأوفر طاقتي إذاً لمشاهدته غداً وسأؤجل إكمال قراءة رواية "الحـنق" لعمنا شوقي بدري إلي يوم آخر! شكراً آلاف على كل ما تنفحنا به ياقصي، و واصـل يازول يا جمـيل.


أبوعبــيدة الماحي، سلام..

جـيد جداً أن أري علامات الدهــشة في تعبيرك..، الدهـشة هي طريق الإنـسان الأولي نحو المعـرفة. كـنت أتمنى أن يكـون عندك صـبر الثـوار وتواضعهم لتفصـح لـنا عما يجيش بصـدرك ويجـول بفكرك، وأن يكـون إبتداء الإشتراكية عـندك.. الشراكة في المعرفة، فهل نطمح؟

قد أفهم إستفهاماتك على منحيين؛ الأول هـو إستنكار أن كيف يكون الحزب الشـيوعي، شيوعياً.. وعلى غير إرتباط بالماركسية في نفس الوقت! إذا تفحصت الحزب الشيوعي وتاريخـه منذ تأسيسه وحتى الآن ستجــد أن الماركسـية فيه لا تتعدى كونها ماركة! بينما برامج الحزب منذ "سبيل السودان.." وحتى البرنامج الإنتخابي في 1986 لا تتعدى كونها برامج إصلاحية.. وقد بينا في مناقشتنا السابقة كيف أن أركان مهمة في الماركسية تم التخلى عنها من قِبل الحزب الشيوعي السوداني، فما رأيك؟

المنحى الثاني، قـد يكون إستنكارك الذي عبرت عنه ب "عشرين" علامة إستفهام.. يصـب في أن؛ لو لم تعـد الماركسية مرشد، ماذا سيصــير المرشـد؟ وهــنا نفتح صفحة جديدة في الحـوار.. المرشـد للحزب الشيـوعي في نضاله، يجـب أن يكون تلبية إحتياجات وتطلعات شعوب الســودان الآنيــة... فُـل ستــوب. ولا أظن أن هنـاك عاقــل يمكن أن يدعي أن تطلعات شعـوب السودان الآنية تتمثل في إقامـة المجتمع الشيوعي كما أشار بذلك ماركس! هـذه التطلعات البســيطة تتمثل في؛ الأمن من خــوف والإطعام من جــوع... فُــل ستـوب تاني!

إقتباسك الأخير للأخ حـيدر، لا يعـبر عن إتفـاقك معه بقدر ما هو تعبيــر عن ضيقك –وآخرين- بوجـود أمثالي في المؤسسة.. أنا.. قــــــــــآآآآعدة! فماذا أنتم فاعلــون؟

لكم الــود.

عدلان.

Post: #89
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: ثروت سوار الدهب
Date: 02-14-2006, 05:05 AM
Parent: #88

عدلان سلامات

كتبت:
Quote: إقتباسك الأخير للأخ حـيدر، لا يعـبر عن إتفـاقك معه بقدر ما هو تعبيــر عن ضيقك –وآخرين- بوجـود أمثالي في المؤسسة.. أنا.. قــــــــــآآآآعدة! فماذا أنتم فاعلــون؟


عدلان ليك حق يا اخوي تقول البتقول فيهو دا. اصلو ناس اللجنة المركية خرفوا و بيقوا ما بفرزوا الكلام، اكان كت لقيتم بعافيتم حرَم ما تبيت في حزب ده ولا يوم.
اها يا عدلان دحين اكل و قش ايدك في طرفم الحبة دي ما بجيك.
بس اوعى تمشي تشاغلم بكلام الوليدات الصغار داك بتاع المؤتمر و وحاجات البتفور الدم ديك بيقوموا بعكاكيزم عليك و لا يجدعوك بطقم اسنان يشقولك راسك.

اصلو قالوا بلدا ما فيها تمساح يقدل فوقا الورل.

لكن قول لي
Quote: أنا.. قــــــــــآآآآعدة!
دي شتو ما فهمتها.

اعتبر كلامي دا مساهمة في المناقشة العامة

مع ود يا عزيز

Post: #90
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: عدلان أحمد عبدالعزيز
Date: 02-14-2006, 09:35 AM
Parent: #1

الأخ ثروت، سـلامات..

إذا كان هناك ما يحــمد به الحـزب الشيوعي السـوداني ويمــيزه عن باقي الأحــزاب في الســودان، فذلك أنه طـوال مسيرته الممتدة ســتون عاماً لم يسبق أن تم فصل عــضو فيه بسبب الخلاف الفكري! التمييز الذي تمارسه ضد السن والمسنيين، مرفوض عندي..

أما "أنا.. قــــــــــآآآآعدة!" فحقوق ملكيته الفكـرية محفوظة للأخـت تمادر:انا ....قاااااااااااءعدة

أبوعبيـدة مرة أخرى، سلام..

نبهني الحديث عن برامج الحزب الشيوعي الانتخابية لحقيقة هـامة جــداً.. أن أي نـفوذ برلماني كسبه الحزب الشيوعي كان عبر طرح برامج لا يرد فيها أدنى ذكر لأي مشروع من مشاريع ماركس! حقـيقة مدهــشة.. وتستحق كل علامات استفهامك العشرين!

لكم الود،

.

Post: #91
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: عدلان أحمد عبدالعزيز
Date: 02-14-2006, 10:44 AM
Parent: #1

الأخ ثــروت، سلام و تحايا..

كنت قد كتبت عن الحزب الشيوعي: "أنه طـوال مسيرته الممتدة ســتون عاماً لم يسبق أن تم فصل عــضو فيه بسبب الخلاف الفكري!" وذلك صحيح لكنني أود أن أضيـف أيضاً أنني واعٍ تماماً لكـل الأسـاليب.. الراحل العزيز الخاتم عدلان، وبتجربته العميقة وخبـرته الطويلة لخص تكتيك وأسلوب تصفـية الخصـوم الفكريين في أن المؤسسة "لن تعدم من يقدم البلاغات"..

تلك، يا عزيزي ثروت، حقيقة واقعة للأسف، ويمارسها بعض الصـغار من كتبة البلاغـات.. فهم يمكن أن يتصيدوا أي صغيرة، ولكنهم لا يخوضون في ما يختص بالفكر.. سيظلون صغـاراً، فأولئك -كتبة البلاغات الصغار- لا يهمهم إلا أن يربت الكبار على كتوفهم ويمسحوا على رؤوسهم.

.

Post: #92
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: Abuobaida Elmahi
Date: 02-14-2006, 02:37 PM
Parent: #1

عدلان

سلام

إقتباسي الذي أشرت له فوق لا يعني \ كما ذكرت منتبها بشكل أعجبني وجدا\

تعبيرا لي عن إتفاق مع حيدر \ والرجل أكن له إحترام عميق بالرغم من إنني

لا أدري شيئا عن الملابسات الدقيقة لمفارقته صف الحزب \ . قلت : أكن له

إحتراما عميق لكونه فعل ما أقتبسته من كلامه فظل أمينا وصادقا ومحترما

وجديرا بأن يسمع وأن ينظر لمساهمته هنا وهناك مهما بلغ مدي نقدها أو

نقضها لتجربته في الحزب وإلتزامه الإختياري السابق بنظر ماركس كمرتكز

فكري للحزب بأنها تجئ من مهموم وحادب علي تقوييم ما يشوفه إعوجاجا بائن

في قوام الحزب وخطوه اليومي .


أما أنت وصحبك من غير كتبة البلاغات تفتقرون لأخلاق حيدر الحميدة عندما

تصرون علي تصفية الحزب ووراثته وحمله حملا للخطو في درب لا يؤدي للخلق

الجائعة وأنما يكون الضجيج فيه بإسمها مجرد أشواق لمتعلمة معذبة

بماضيها الثوري ظنت في إطلاعها برغبة إسترضاء النوم ليجئ أنها الأجدر

والأقدر لقيادة الخلق والتي هي خالقة الي يوم يبعثون لكل شئ حتي الجهاز

الذي يمكننا من مشاهدة The gods must be crazy !!

كلامك حول برامج الحزب وعدم علاقتها بالماركسية كشف لي صدوره عن ذهن أستقال

فعلا عن ماركس في الوقت الذي يريد فيه الإستعانة عليه بالسكاكين الصدئة

لمتعلمة الأغيار الدوليين من شاكلة أمريكي إحتج في حوار له مع ويليام بلم

قبل إسبوعين في محطة إذاعة 10.10 إعتداء U.S.A علي العراق بالحرب لا علي

فتأمل !!

أنت محق يا صاحي إذن في شوفها مجرد ماركة . تري وين ماركتها في

'الماركسية وقضايا الثورة' ?

أنا \ لا أعرف إن كان معي آخرين \ أري إنك - وآخرين - غير أمناء بالرغم

من مسحة الصدق الزائف وغير ديمقراطيين وإن تغنيتم في إشانة الدكتاتورية.



ملحوظة:

أتبع طريقة متخلفة في الكتابة متعبة ومرهقة للغاية


كاتب بلاغ صغير ... هل هي مجرد صدفة تشنيعكم البلاغ كواحد من أهم أدوات

حماية الحزب في محيط قوي تحلم بسحقه ?

??????????

??????????

Post: #93
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: Abuobaida Elmahi
Date: 02-14-2006, 02:43 PM
Parent: #92

أقرأ:

.. علي العراق بالحرب لا علي كوبا


مع إعتزاري

Post: #94
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: عدلان أحمد عبدالعزيز
Date: 02-15-2006, 12:23 PM
Parent: #1

Quote: البلاغ كواحد من أهم أدوات حماية الحزب في محيط قوي تحلم بسحقه

أبوعبيدة، سلام..

ظننت –غشيماً- أنك تعرف جيداً أنني أتحدث حصراً وتحديداً عن البلاغ المستخدم كأداة لحسم الخلاف الفكري، وربما لتصفية الخصـوم الفكريين!! فذلكم هو "سكوب" و محور نقاشنا الجاري هنا.


لا لي سلـطان عليك، و لامانع عندي، أن تجد في هذا البوست متكأ تفرغ فيه سخطك على مشـاريع التجديد ودعاته، ولكن آمل أن يتحول ذلك السخط إلى طاقة بناءة، فليتك حدثتنا عن ملامح نظرية ماركس في قضايا الثورة السودانية، كيف يتم فيها الوصول للسلطة –التي هي وسيلة أي حزب لتنفيذ برنامجه-، وكيف يكون فيها نظام الحكم، وما علاقة ذلك بطرح ماركس؟

إذا كان الحزب الشيوعي مقتنعاً بصحة النظرية الماركسية، لماذا يتحاشي طرح مشاريعها –كما دعا لها ماركس- في برامجه الإنتخابية؟ الجبهة الإسلامية مثلاً، تطرح الشريعة الإسلامية في صدر دعايتها الإنتخابية..

أرجـو أن تفيض في الشرح، لأن بي علة تحول دوني وفهم التلغرافات.. فيما يتعلق بالقضايا الإستراتيجية.

وليتواصل الحـوار..

Post: #95
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: HAYDER GASIM
Date: 02-17-2006, 00:44 AM
Parent: #94

الأخ عدلان ... كيفك

صحيح بقدر نسبي أن الماركسية تكونت إثر تلاقح مصادر متعددة , فيما يشي وكأنها متصالحة و فكرة التعددية , لكن هذا الإستنتاج غير صحيح , إذ أن كارل ماركس إعتقد بأنه إختار أفضل مكونات الفكر البشري فى الفلسفة والإقتصاد والإجتماع , وأدغمها فى حامل فكري واحد , وأضاف إليها إسهامه الخاص و ثقاته من رواد الفكرة الشيوعية آنها , وإلى هنا فالأمر يلقى قبولا بإعتباره إجتهاد , وغير أن لكل مجتهد نصيب , فطبيعة تراكم الفكر الإنساني تتساوق والإضافات الكمية والنوعية للأفراد وللمجاميع , إن لم تكن تقتضيها وفق قانون التطور نفسه , والذي يحكم مسار التجربة الإنسانية فى عمومها , وكما تقر بذلك الماركسية نفسها .

لكن الماركسية , وإن تآلفت على مصادر متعددة , فهذا ينطوي على قدر من العمومية جدير بالتبيان , خذ مثلا الفلسفة الألمانية كإحدى مكونات الماركسية الثلاث , فكارل ماركس لم يختر كل الفلسفة الألمانية آنها , وإن كانت هذه فرضية مثالية من الصعوبة بمكان تطبيقها عمليا , لكنها وعلى أية حال حقيقة لا يمكن إنكارها , فما أرمي إليه هنا يتصل بالشكل أكثر من المحتوى , فكارل ماركس إختار ( جزئيا ) الفلسفة الألمانية , تحديدا ذلك ا لجزء الذي ينسجم مع تفكيره , والذي هو الشق المادي من مناهج التحليل التاريخي والطبيعي , بناء عليه فالدقة تستدعي أولا توقيع الشأن كما حدث , ويمكن القول من ثم وبكل أريحية , أن ( جزءا ) من الفلسفة الألمانية أضحى مكونا من مكونات الماركسية .

وإن شئت الإنتقال لمصدر ثاني من مصادر الماركسية , وهو الإقتصاد الإنجليزي , فهذه فرضية أكثر قتامة من الفلسفة الألمانية , فالإقتصاد الإنجليزي آنها كانت تحكمه مسارات الرأسمالية , وهي متأبطة حزمة منجزاتها الإقتصادية على صعيد عصر النهضة , وحيث توالت الرأسمالية مع حركية المجتمع الصناعي الجديد , وشكلت فى الإثر وعلى نحو غير مسبوق , آليات السوق وإمتداداتها الجغرافية المستحدثة , وحيث توفرت البنية الفكرية لإعادة تأهيل الرأسمالية وفق منظور عالمي , أظنه كان المدخل لفكرة الإستعمار وهو يقترن عضويا بمفهوم الإستثمار كفاعل إقتصادي , وبالحداثة كنمط لإدارة الدولة والمجتمع . هذا التساوق فى مفهوميته الإقتصادية لا يجمعه جامع والإشتراكية , خاصة على الزعم الماركسي , وعليه لا يمكن أن يكون الإقتصاد الإنجليزي مكونا ماركسيا كما يشاع , لكن من الممكن أن يكون ( نقد ) ماركس لهذا الإقتصاد وعلى أساس من مفاهيمه الجديدة , هو كل الأمر , خاصة وقد توفر بنفسه لهذا الغرض , وحيث مكنته ظروف إقامته هناك , أن يتناول وعن قرب إحداثيات التضاد بين هيئة المجتمع الإنجليزي الإقتصادية حينها , وبين فرضياته الإشتراكية المستوحاه من سياق التجربة ومن ردة فعلها فى نفسه , وأخال أن هذه هي الفترة التي أنجز فيها مخطوطته المتميزة عن رأس المال , بل وربما جل إسهامته ذات الطبيعة الإقتصادية . فالأمر لا يتعلق بالإقتصاد الإنجليزي إلا من الزاوية التى أبنت , ... وليتني أصبت .

لا أظن أن الأمر هنا يتعلق بإشتراكية روبرت أوين , وقد تجاوزها كارل ماركس بحكم فظ حينما وصفها بأنها طوباوية , وقد كان الرجل جزميا فى حكمه هذا حتى جرى عادة سهلة الإسترجاع فى ظنية من تبعوه , بل أن مصطلح الإشتراكية الطوباوية قد تألق شيوعيا بسبب من إرتباطه بأوين أكثر من مدينة إفلاطون الفاضلة , وهو بالطبع يتألق من باب الذم أكثر من عداه . أوجز هنا بإستبعاد فرضية التحلق الماركسي على جنة أوين الوهمية , وبالتالي إستبعاد الآصر الأضعف فى إعتبارية الإقتصاد الإنجليزي مصدرا من مصادر الماركسية .

أما المصدر الثالث والأخير للماركسية فيوكله أولي الأمر الشيوعي لمأثرة الثورة الفرنسية , خاصة وأن تلك الثورة قد نفحت بمدد من ماء حياتها أنموذجا غير مطروق فى التجربة الإنسانية السالفة , فكانت كميونة باريس معلما للفلاح الطبقي المتآذر والضعاف و الكادحين , وكانت عنوان التداعي الماركسي فى مساراته الإجتماعية , وكانت أسا لإلتئآم الطبقة العاملة بمسحوق تطلعاتها , وكانت من ثم الرافد الإجتماعي فى التعبير عن ضرورات ومآلات الصراع الطبقي , وحيث إحتل هذا الكشف موقعه المتقدم فى الإطروحة الماركسية . لا أبحث هنا عن نفي جزافي للواقعة ولا لتداعياتها , لكني أستغرق لإستنكاه تبجيل الفكرة بل وتعميدها مصدر من مصادر الماركسية , فما وجدت غير جديلة الثورة وجدليتها , وهي تتقد فى ذهن ماركس وتبحث عن مسوق فى التجربة , فكانت باريس حاضرة الفكرة وكانت ساحة عرسها الثوري , مع هذا فقد كان الرهان الماركسي أقل قدرة من مغالبة التاريخ وهو يحتضن ترياق الثورة , إذ لم تعد الكميونة غير برهة ثورية عابرة , مع هذا فقد ألهمت ماركس مضامين عالية فى مشروعه الإجتماعي , وجعلته ينظر للإستثناء فى التاريخ أكثر من تياره العريض , لا لسبب غير أن ماركس كان يود إعادة صياغة التاريخ وليس التماهي فى مجراه .

أقصد مما أسلفت أن الشائع تايخيا عن مصادر الماركسية الثلاث , غير دقيق ويتطلب فى تقديري التقويم , فالمصدر الأول جزئي والثاني إفتراضي والثالث إستثنائي , ولعل سفر البحث عن مجافاة الماركسية للواقع يبدأ من هنا , من مصادر التكوين الأولى وحجم المعارف الحقيقية التي أسهمت بها فى المشروع النظري الماركسي , إذ أرى تزيدا غير مشفوع بالتاريخ , كما أرى تعميما لا يتسق والموضوع .

مع ذلك فسوف أواصل فى إتجاه نقد هذه المصادر وكما زعمتها الماركسية , فحتى وإن حملت هذه المصادر أجمل المعارف , فهذا الجمال نسبي بالتقييم الموضوعي , لكن ماركس إختاره مطلقا بالتعليل الحتمي , وإن الواضح أن ليس بالضرورة أن ما يراه ماركس هو مايراه العالم من حوله , وهذا أولا . كما أن تلك المصادر تعبر عن وعي مرحلي هو الذي أفرز الدافع وهو الذي شكل الإستنتاج , لكن كارل ماركس وبأثر من جموحه الفكري , إستعاض عن المرحلية بالنهائية وكأنه آخر الأنبياء , وهذا ثانيا , كما أن هذه المصادر كانت تعبر عن وعي يمكن تنميطه جغرافيا , فهو حالة أوربية بحتة وكأوسع تعميم ممكن , وإن كانت أوربا آنها تقود زمام المبادرة , لكن هذا لا يعني إلغاء بقية العالم , خاصة عندما تروم فكرا هو لكل العالم , , ويبدو أن قصور ماركس عن إدراك هذا الأمر , حرمه من دراسة وقائع مجتمعات أخرى , ذات تاريخ وحضارات وأديان وثقافات وأنماط إنتاج وحياة مختلفة ومتنوعة , وبالطبع فقد أرخى هذا القصور بإنعكاساته السالبة على الفكر الماركسي وعلى مسارات تجربته , وهذا ثالثا .

كما أن هذه المصادر وإن إختارها ماركس بعناية , يستوحى من خلالها شمول وصحة الماركسية , إلا أن الناظر للمحصلة الفكرية النهائية , يرى أن الماركسية قد إجثت الكثير من الأدب والتراث والهموم , وهي بهذا تقلص المعرفة الإنسانية وليس العكس , فهي تلغي الدين لصالح الطبيعة , وتخفض الروح لصالح المادة , وتقزم المشاعر لصالح الإقتصاد , وتجفف الشعوبية لصالح الطبقة , والقومية لصالح الأممية ... وهكذا , ومع كل إلغاء وتهميش تتقلص معارف وموجودات إنسانية , فهل وعلى هذا النحو أضافت الماركسية للتراث الإنساني ... أم العكس صحيح ؟

الفرق بين مصادر الماركسية قبل الماركسية وبعدها جدير بالتأمل , فهي من قبل لذاتها وهي متفرعة وهي محدودة بدواعيها , وهي مؤقتة وفق ظرفيتها , وهي تنتسب لصانعيها من الأفراد والملل, وهي فى نهاية المطاف كما هي . أما بعد الماركسية , فهي تفقد بعض خصائصها الذاتية لصالح التلاقح الجمعي , و تصبح جزءا من كل , وهي تتعرض للتعديل شكلا أو محتوى كما فعل ماركس بفلسفة هيغل , مع هذا تظل قيمتها التاريخية صالحة للتداول بمعزل عن الماركسية كإطار جامع , لكن هل من الممكن أن تظل الماركسية ماركسية فى غياب أي من مصادرها تلك ؟ خاصة وقد تبلورت تلك المصادر فى شكل مكونات فكرية , هي المادية الدياليكتيكية والأخرى التاريخية و الإقتصاد السياسي ... لا أعتقد , لكن الحوار يفيد ... وكثيرا .

Post: #96
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: HAYDER GASIM
Date: 02-17-2006, 00:47 AM
Parent: #95

الأخ أبو عبيدة ... مرحبتين

وإحترامي موصول لشخصك الكريم ... مع أمنياتي ألا يشرخ الإختلاف الفكري أو السياسي أي من الصروح الإنسانية السمحاء ... فليبقى الود ولتذهب الفكرة .

سألت عن الملابسات الدقيقة لمغادرتي لصفوف حزبكم , سأتوفر لكامل الإجابة بعرض إستقالتي من الحزب الشيوعي السوداني قريبا وعلى هذه الشبكة الإلكترونية , فربما دفعت بهذا السؤال من خاطر طيب , لكنه فى نهاية المطاف سؤال إيحائي , مستنبطن من موروث حزبي عتي , فما إبتعد عضو منكم إلا وهو مسئول عن أسباب إبتعاده , بمعنى أن الحزب وعلى الدوام ليس سببا فى إستقالة أو إبتعاد أي من أعضائه , فالعصمة دوما هناك , وهذه العصمة فى تراكمها التاريخي , وفي مقدار تداولها والقناعة بها لا تشي بصدفة , وإنما تشير لرابط فكري تربوي , وأظن أن هذا الرابط تمتد جذوره للتربة الفكرية الماركسية , وهي مرجعية حزبكم ومرشده وراعي أحواله , فالماركسية بنفسها أضفت على ذات نفسها تلك العصمة من قبل , وإدعت الكمال والشمول و الصلاح لكل زمان ومكان ... والحزب المتحدر من هذا المورد يرتبط بما يرد شكلا وموضوعا , لهذا فهو يأنف عن تخطيئ نفسه حتى لا يفسد جوهر الفكرة , ولهذا بالمقابل فالخارج قبل أن يكون الضحية فهو المذنب لاريب , ربما تحاججني على أساس ما يحدث الآن داخل حزبكم , بإعتباره ممارسة ديمقراطية تمحق إتهامي , لكن هذا الذي يحدث هو ما فرضته الظروف على المنظمات الماركسية , ولايمثل قناعة حزبية مؤسسية , إنها فى واقع الأمر ( منحة ) تتسع وتضيق بمقدار الإستفاقة من صدمة الإنهيار الكبير , وبمقدار الأهلية للحفاظ على أكبر قدر من الخصائص الماركسية , فالأصل عندكم هو الشيوعية وليس الديمقراطية يا حبيب .

ربما لا أكون متفائلا تجاه إصلاح ديمقراطي حقيقي داخل حزبكم , إذ أرى التاريخ بينكم يستأسد على العصر , مع هذا فأتمناكم التغيير , بل وأسعى إليه من خارج صفوفكم عبر مناولاتي المتواضعة حول المسألة الشيوعية , بل أقول لك يا أبوعبيدة أن صوتي هذا وعلى عدم إستساغتكم له , وعلى إحتمال سوء الظن به لدى الكثيرين بينكم , فهو ينطوي على نوايا صادقة تجاه الإصلاح الديمقراطي , بل وينطوي على أسف لإعتقال الحزب لنفسه فى مراسيم فكرية بالية , خصما على واقعه الموضوعي , وتجاسرا على المكون النفسي والثقافي لمجتمعه , كما ينطوي أيضا على رغبة حامية فى تنقية القوى الحية فى مجتمعنا السوداني من الإرتباطات الشمولية ومن ظلال الإغتراب عن المجتمع , والتصالح الفكري والوجداني مع مقتضيات العصر الراكضة قبالة الديمقراطية والحداثة , بإعتبار أن مثل هذا التغيير هو المدخل الموضوعي لنهوض قوي ديمقراطية متحدة فى ذاتها ومتوحدة مع موضوعها , فهذا أمل يرتجيه أهل السودان , وهذا حلمنا الذي طاله العبث حتى على أيدينا ، نحن المعنيين بالأمر وضمننا الحزب الشيوعي . كما أقول لك أخي أبو عبيدة , أن صوتي هذا تعتمره خاصية لا تتوفر بينكم إلا قليلا , وهي خلوه من العاطفة المشوبة بالتاريخ وبعقدية التواصل وأزمة الإنتماء , فإستقالتي عن حزبكم حررتني من كل هذه القيود , وهذا مهم فى حالتكم هذه , لأن مواجهة فكر كالماركسية لا يمكن أن تحقق نتائجها وتستوي آليات مناولتها إلا عبر تجرد عال عن العاطفة , لأن الماركسية آسرة لا شك , وهي كذلك مترعة بالنزعات الإنسانية فى مشروعها العالي للعدالة الإجتماعية , مع ذلك فهي أسوأ مما تتخيل , وتكتنفها الشرور المستطيرة فيما تبقى من السيرة , فلا ديمقراطية ولا آخر ولا طبقات ولا دين ولا دولة ( بإعتبار إضمحلالها كما تزعم الماركسية ) , فربما يجد الشيوعي منكم صعوبة فى التخلي عن عاطفته تجاه إختياره الفكري , بموجبات التاريخ والتضحيات والذكريات , وأناس وحدتهم الفكرة وإمتزجت بمشاعرهم وصارت نهجا وديدنا لحياتهم , وأسر تكونت وتناسلت على هدي المشروع الماركسي وفي معية تحقيقه على الأرض , وشباب أفنوا زهرة حياتهم فى السجون , بل ومنهم من تحدرت رقابهم من أجل القضية , وقيادة إستقدمت المشروع من ضروع العنقاء إلي محل السودان , وعبد الخالق يتأنق قبل الذبح بالزي وبالثبات حتى إرتعدت فرائض القضاة وإنكسرت هيبة السلطة , وذات الرجل من قبل وفى محكمة سالفة , يدغدغ مشاعر أبناء وبنات حزبه ويحلق بهم إلى آفاق غير مطروقة فى النزوع الشيوعي , حين قال أمام محاكميه : ( وإني لأرتعد لمجرد التفكير إن لم أكن شيوعيا , ماذا كنت سأكون ) كلمات قليلة لكنها ساحرة , لكن كل هذا وذاك أضحى يندرج الآن فى تقديري فى جب العاطفة , وفى آليات التحريض الشيوعي ولما يكون آسرا , لا علاقة له بالفكر إن لم تكن العاطفة هي أفيون الماركسية , على كل هذه قراءتي للشأن الشيوعي من خارجه , وليس لي من بعد غير أن أتمناكم الإنتباه والتقويم الفكريين , فإن تلجلجت الماركسية فالبديل هو السودان , شعبه وقضاياه , حاضره ومستقبله , صعوده وهبوطه , وأشياء أخرى قالها عدلان ... وأخالها أكثر موضوعية من أخطر مقولة ماركسية ...

وتحياتي مجددا ...

Post: #97
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: عدلان أحمد عبدالعزيز
Date: 02-18-2006, 01:46 PM
Parent: #1

عزيزي الأخ قصي، سلامات..

كنت قد حذرتنا من أن فيلم The Gods must be crazy " أخفق في أن يكون علميا، وربما يعود ذلك في الأساس إلى أن الفيلم كوميدي الطابع بصورة عامة" ولم أستبن ضحى تحذيرك، إلا بعد مشاهدتي للجزئين، لكنني على الأقل استمتعت بروح الكوميديا فيه، إلى جانب تعرفي -لأول مرة- على عمل سينمائي جنوب أفريقي..

إشارتك عن أن شعوب السان فيها " قيمة الذكران والإناث في المجتمع متساوية لدرجة مذهلة " وأيضاً كون " علاقاتهم الجنسية مقتصرة، بصورة غريبة، على الزوج الواحد والزوجة الواحدة" أمـر يغري بمزيد من التقصي والتحقق، بل ربما ينسف كثيراً من التصورات عن المجتمعات البدائية.. إن لم يدعوا –على الأقل- إلى إعادة النظر.


عزيزي الأخ حـيدر، سلامات..

لابد أن ثمة خلطاً ما قـد وقع.. ففي قولك -الذي يتبدى وكأنه إقتباس عني- أنت كتبت "الفلسفة الألمانية كإحدى مكونات الماركسية الثلاث" ثم " وإن شئت الإنتقال لمصدر ثاني من مصادر الماركسية , وهو الإقتصاد الإنجليزي" ألى أن تصل إلى "أما المصدر الثالث والأخير للماركسية فيوكله أولي الأمر الشيوعي لمأثرة الثورة الفرنسية"..

لا أعرف من أين نشأ الخلط، ولكن الشيء المؤكد أنني لم أقل بمثل ذلك القول عن مصادر الماركسية..، ذلك القول تعميم مخل جداً، بدرجة، لايكون معها بمقدوري الإتيان به!.. ماكتبته أنا كان أكثر تفصيلاً، وأكثر تحديداً من ما بينته أنت، والذي خلاصته أن: "المصدر الأول جزئي والثاني إفتراضي والثالث إستثنائي".. أمـا أنا فقد إستهليت صدر مقالتي في هذا البوست، بالحديث عن مصادر الماركسية بالتقرير بأن " الفكرة قديمة قُدم جمهورية "افلاطون" وأقترب بها الإشتراكي الطوباوي "روبرت أوين" من الواقع الدنيوي بشروعه في تسخير ثراؤه الواسع ليبني نموذجاً حقيقاً في "نيو لانارك ميلز-اسكتلندا" لمجتمع اشتراكي صغير اسماه مجتمعات المصانع التعاونية، وحاول أن ينقل النموذج الي مجتمعات زراعية وكان نصيب المشروع كله الفشل.. وبقيت أفكار أوين الإصلاحية ملهمة، وتحديداً ألهمت المفكر الألماني كارل ماركس.." وكتبت عن المصدر الآخر: " في مناهج البحث والتوصل للنتائج استخدم كارل ماركس المنهج الجدلي للفيلسوف الألماني "هيغل" مع تعديلات وإضافات ماركس لها.."، وكتبت عن المصدر الثالث: " استفاد ماركس من أطروحات الفلسفة المادية للفيلسوف الألماني فيورباخ، والذي يرجع اليه الأصل المادي لفلسفة ماركس." وبعد ذلك خلصت إلى أن: " جذور الفلسفة الماركسية وأركانها الثلاث الرئيسية نجدها في إشتراكية "روبرت أوين"، وجدل "هيغل"، ومادية "فيورباخ".. وكما قال كارل ماركس عن نفسه –فيما معناه- أنه يرى أبعد لأنه يقف على أكتاف مفكرين عظام، وأن كل مفكر يضع "مُدماكاً" في تشييد البناء الفكري للإنسانية."

لك، والواردين.. عميق الود مجدداً


Post: #98
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: HAYDER GASIM
Date: 02-24-2006, 10:12 AM
Parent: #97

الأخ عدلان ... مرة أخرى تحياتي

تأخير لم أختره ... فمعذرة .

وكما وعدتك بالتعليق على المحاور التى طرحتها فى التأسيس لفض الإرتباط بالماركسية ...

أولا : فهذا أوضح موقف تتخذه حيال هذه القضية , وهو موقف مفهوم وإيجابي , وربما كنت كذلك من قبل لكني لم أفهمك كما الآن , أو ربما هو ثمرة الحوار ووقعه على حيوزك الفكرية , وربما هو نداء الضمير وهو يطرق أبواب المنطق ويطوي سدول العقل , وربما آن أوانك على نداء الوطن الجريح , وأضعف الإيمان رفع الغلواء والأحمال الفكرية الغير ضرورية , وربما هي مؤثرات العيش فى مجتمع ديمقراطي متطور , والوقوف العملي على واقع حاله من جهة , ( وشناف ) الماركسية له من الأخرى , إذ أرى هنا مفارقة لا يصمد أمامها الجحود ولا النكران وإن تجبرا , على كل ومهما كان من الأمر , فإن الإنطباع الذي إجتاحني حول شخصك , بأنك مجتهد ومهموم وقابل للحوار والتفاهم , فهذه خصائص إنسانية حميدة , قبل أن تكون مزايا سياسية فاضلة .

ثانيا : تراني آهلا بمضمون دعوتك حول مجافاة الماركسية للواقع , وهي كذلك , ولما تعودت ( تلخيصها ) فيما تقتضيه دواعي العرض ومصلحة النقاش , فالماركسية ممعنة فى أحاديتها بينما الواقع متنوع ومتعدد , وليس ضمن معروضات هذا الواقع ما يستحق النفي التعسفي كما تتأهب لذلك الماركسية , والواقع يستدعي الديمقراطية , بينما الماركسية تستدعي الأحادية , والواقع يستوجب التوفر لسائر المجتمع , بينما الماركسية تتوفر للطبقة العاملة فقط ( لا غير ) , والواقع يستوعب الدين ويتآلف على أثره فى المجتمع , بينما الماركسية تصادر الدين كبضاعة إقطاعية بوار , والواقع يتجدد والماركسية محلك سر , والواقع يجسد خصائص المجتمع الثقافية والتاريخية , بينما الماركسية تدغم كل شئ فى العامل الإقتصادي , والواقع يتأهل يوميا عبر العلم والتكنلوجيا , بينما الماركسية تتخلف عن اللحظة الراهنة قرنا ونيف . وإن كانت هذه مناولات عامة , فإن مجافاة الماركسية للواقع السوداني أوضح ملحوظية وأقرب للرفض من التمنع , ودون حوجة للتفاصيل فإن تجربة حزبك فى عمومياتها تؤكد على سلامة فرضيتك , بل أراك تتفوق عليه بفضيلة الإعتراف .

ثالثا : عندما قلت لك بأنني أنظر لهذا البوست كعلامة فارقة فى حياتك السياسية والفكرية , وعرضت عليك من ثم الإستقالة فكريا عن الماركسية وموضوعيا عن حزبك الشيوعي , فقد كنت أبحث لك عن القطع ( التام ) والشمولية , وبإعتبار أن ذلك هو الشرط المعنوي والمقدمة النفسية لظهور عدلان الجديد , بإعتبار أن ذلك يغنيك عن التناقضات المحتملة , على شاكلة فض الإرتباط بالماركسية بينما التواصل مع حزب ماركسي , والدفاع عن فكرة بموجب الإلتزام السياسي والتنظيمي , ونقدها بموجب القناعة الشخصية , كما أن وجودك داخل حزبك وبنوايا مسبقة للتغيير والإصلاح , ليس إتجاها مستحبا داخل حزب ما تعود على تعدد الإراء والمرجعيات , بل ربما يجلب إليك هذا الموقف شكوكا وأحكاما تضعك فى خانة الخونة وليس المصلحين . قصدت أن أريحك من كل هذه المعاناة المحتملة , لكن يظهر أنك تحب الشقاوة , والله معاك .

رابعا : ما حملني على الإعتقاد فى صحة ما زعمته أعلاه , وغير إستحالة تغيير الإهاب , هو موقف حزبكم التاريخي من إنهيار الشيوعية , وقد تصرم على هذا الحدث عقد ونصف من الزمان , ولما لم ينبس ببنت شفة , ولا تحدثني بالله عن المناقشة العامة , فهي أصدق دليل على تماهي حزبكم فى جوهره القديم , فإن أطلق هذه الفكرة لإشاعة أحاسيس بالإمتثال للديمقراطية , فهذه قولة حق أريد بها باطل , فغير تقاطع الماركسية مع الديمقراطية , فالأخيرة ( فى كنف تنظيم ديمقراطي ) تخضع لمحددات قانونية وإجراءآت نظمية , تشمل فيما تشمل تحديد الهيئة الحزبية المعنية بالأمر , وموضوع النقاش ومداه الزمني , والنصاب القانوني , ويوم الإقتراع وساعته , بل ودقيقته , وأي تجاوز لأي من هذه المعطيات ينتقص العملية الديمقراطية وربما يبطل قانويتها , فالديمقراطية مسئولية ومش لعب , فتعال معي أخي عدلان لنوقع أمر المناقشة العامة فى ميزان ديمقراطي , فعلى صعيد الموضوع , فقد جاء مبهما ويتعلق بكل شئ حول المسألة الشيوعية , علما بأن قيادة الحزب لا تنقصها الخبرة ولا المعرفة فى تحديد مسارات مساعدة لبلورة الموضوع , كأن تطرح الأمر فى شكل خيارات وتقول : بعدما حدث للشيوعية ... هل نتمسك بها أم نطرحها ... أم ماذا ؟ مع ملاحظة أن مثل هذا التقديم يحتمل النقاش حول المسألة الشيوعية برمتها , لكنه يحصر النهايات فى قنوات بعينها , مما يسهل فى نهاية المطاف الوصول الديمقراطي للقرار المناسب .

أما فيما يتعلق بالهيئة الحزبية المناط بها حسم الموضوع , فلم تتم الإشارة لها فى متن الرسالة التي إستهلت بها قيادة الحزب المناقشة العامة , لكن وبقدرة قادر فقد وضح فى ثنيات الحوار أنه المؤتمر الخامس , وهذا المؤتمر ليس معلوما ولا جدول زمني له , والأقسى من هذا أن عضوية الحزب وهيئاته الرأسية والأفقية لا توافي تأهيلا تنظيميا يجعلها تقرر فى هذا الشأن , ما عدا قيادة الحزب والتي غالبا ما تكون السكرتارية , والتي غالبا ما ينوب عنها السكرتير , وهكذا أخال أن حلقات إتخاذ قرار مصيري تضيق أ وتنفرط حتى تؤول لفرد , كتعبير ناجز عن الحالة الشيوعية فى عمومياتها و كما توفرت للتاريخ .

أما الجدول الزمني للنقاش والإنتخاب , فهذا تفاؤل يقترن بالسذاجة أكثر من الموضوعية , فما الذي إستقام من الأمر حتى يقيد زمن حسمه , مع ملاحظة أن الفرضية الديمقراطية فى الإعتناء بعامل الزمن , تتأتى تحسبا وتواؤما مع المتغير , فقرار اليوم ربما لا يكون هو قرار الغد , وفكرة الحاضر ربما لا تناسب المستقبل , مع هذا فلا بد وأن يكون هناك قرار , وأن تكون هناك آلية لإتخاذه تعتبر بكامل المؤثرات وعلى رأسها الزمن . تخيل يا عدلان على الإثر, أن شيوعيا تقدم بمساهمته فى المناقشة العامة عام 1993 مثلا , هل تظنه سيحتفي بمساهمته هذه الآن , فالزمن يعدل المواقف والأفكار على مدار الساعة ناهيك عن السنون , وهذا مايحملني على الإعتقاد بأن هناك خلفية فكرية لموقف حزبكم هذا , فهو يركن للأفكار الثابتة والمفعمة بالإيحائيات الإطلاقية , ويرى فى هذا مجدها وعظمتها , أما الأفكار المتغيرة بفعل الزمن أو بحكم قصر دورة حياتها , فهذا مالا يعتد به شيوعيا , لأنه ضد المبدئية ومعبر عن ضيق الافق وقصر النظر .

وعلى كل فما من إمرئ يفتح موضوع تلكؤ الحزب و ( تضهيبه ) للمؤتمر المنتظر , إلا ويوبخه ( الغيورون ) من الشيوعيين بدرس فى الأولويات الوطنية , وفى حماية جسد الحزب ( وإن طلعت روحه ) , وفى إستثنائية الظرف السياسي , وفى قمعية ا لسلطة , وإلى ما إليه من شطط الذهنية المستغرقة فى الثبات بموجب ( الحالة الراهنة ) . صحيح القهر الإنقاذي للبلاد والعباد فى الحكم العام , لكنه نسبي ومتغير والشاطر يكسب , كما لا يعدم الحزب الشيوعي بنسقه السري المعهود قدرة على التوالي مع مقرراته إن أراد , هذا إن لم نذكرهم بصحائف من تاريخهم , بالحديث عن من من الكيانات السياسية ( غير الشيوعية ) , كان حرا وطليقا ومنعقدا بأريحية أبان دولتهم الشيوعية الكبرى ؟ ... لهذا يظل التمنع الشيوعي السوداني عن التمسك بقيم الممارسة الديمقراطية , جزئية راسخة فى حياته السياسية , فهو الأعجل هرولة لرفع اللائحة حينما يخيم ظرف إستثنائي , وهو كذلك الأبطأ سعيا فى إحداث إختراق ديمقراطي حتى عندما ينفرج الظرف الإستثنائي , بل وحتى عندما ينقشع البلاء ويتغنى بذلك محجوب شريف , تظل الرزمانة الشيوعية فى قيد ( شبه العلنية ) .

كما أود أن أذكرك وأنت تعتزم الإصلاح من الداخل , ما قاله من قبل الشيخ الشيوعي المعروف التيجاني الطيب , بأن الحزب سيظل شيوعيا حتى وإن كان ذلك دون إرادة غالبيته العظمى , بل أظنه تحدث عن نسبة مئوية عالية , لا أتذكرها لكنها لا تقل بحال عن الثمانين بالمائة , كما أذكرك بالتصريح الشهير لسكرتير الحزب , بأن الحزب لن يذوب ولن يندمج , بل أخاله جادا فيما زعم وبمستوى يطعن فى براءة موضوعة المناقشة العامة ومآلاتها , وإلا فحدثني كيف تسنى الحفاظ على الماركسية كإحدي مصادر الحزب ( المتميزة ) فى مسودة الدستور الراهنة , فهذا يعني إحدى إحتمالين , فإما أنه تقدير فوقي ( قيادي ) متماهى فى السطوة التاريخية لقيادتكم الحزبية , وإما أنه الرأي الأرجح ولما وضعت مساهمات الأعضاء خلال المناقشة العامة فى الميزان ... فهل هذا صحيح ؟ , ولأني أبني أحكامي على الملاحظة والتاريخ والمنطق , فربما يكون فى مقدورك أن تعلم ما هو أكثر مني , فقط خبرنا ما ترقى الأمر إلى مصاف العام .

ألخص أمري هنا يا عدلان كالآتي : أن حزبك تنقصه الفكرة الديمقراطية بموجب ( إحتسابها ) ماركسيا , كما تنقصه الإرادة الديمقراطية بموجب إستعلاء الثورية فى الماضي , وإستبطانها فى الحاضر , فالأمر يتعلق ( بالتصميم ) الآيدولوجي وبالسعة الفكرية لمشروع نهض وفى الأساس على نهج الثنائية والتضاد... فقد تخلق على الإثركيان من الصعوبة ترويضه أو تطويعه لمهام ما بعد الحداثة فى تعدداتها الآلقة , والتي هي فى واقع الأمر الأبغض لحزبكم ... حلالا أوحراما .

خامسا : إن نقدت ( أنا ) الماركسية ودعوت الناس للأنصراف عنها , وإن إقترن نقدي بالحزب بموجب إقترانه والماركسية , وإن أيقنت تماما بإزوف ساعة التحريض البلشفي , فلن أتجاسر على الشيوعيين كأفراد أو مجاميع بالمنطوق الإجتماعي , لأنني وببساطة أعتقد أن خلافى معهم ليس شخصي البتة , وأظنهم واعوون بذلك , لهذا تجدني متجاوبا مع ندائك حين قلت : أن الحـزب الشيوعي يضم أناس على مستوى عال من الوطنية والإخلاص والنزاهة والإستعداد للتضحية، ولكن طاقاتهم النبيـلة تلك، يتم هـدرها لعلل الماركسية التي يتبناها الحزب كمرشد وحيـد للحزب . إنتهي الإقتباس ... وأوافقك القول وإن يطفح فى العاطفة , لكن ما الطريق إلى منى ؟ فحزبك الآن يحتمل أيتها تفسير , ويصرف أملا لكل فصيل , لهذا فهو الآن ليس كما كان , وإنما كما يراه كل عضو , فهو ما يزال حزب الطبقة العاملة للمتمسكين بالماركسية , وهو حزب وطني للحالمين بقصر همومهم على الوطن , وهو حزب شيوعي بإعتبار ما كان , وهو ديمقراطي بإعتبار ما سيكون ... ولا أعلم فى ظل هذه الفرضيات المتقاطعة كيف سيكون المنتهى .

سادسا : مع تعلق رأس موضوعك بكل رقبة شيوعية , توافقا أو إختلافا , فهو موضوع كل الشيوعيين السودانيين على أقل تقدير , وأخصهم الشيوعيين من أعضاء هذا البورد وما أكثرهم , فما طرحته يا عدلان قضية جوهرية يستوي فى الإهتمام بها , وفى التداخل حولها كل ألوان الطيف الشيوعي , خاصة وأن رؤيتك تؤسس لمشروع فرز نظري يستدعي كل المحاضر النظرية حول المسألة الشيوعية , لكن لا أرى غير النذر اليسير الذي لا يفي حتى بفرض الكفاية , فأنت فى تقديري ( مقاطع ) من حيث يدري البعض , ومن حيث يتوجس الأخرون , فمن لا يوافقك ما أتيت يستنكف موضوعتك بوقف الإرسال , فالحكومة الفكرية هنا تأنف عن البث بدواعي التبخيس , بإعتبار أن الإهمال هنا خير وسيلة للدفاع عن الضعف , ومن يوافقك الرأي يستمطر من حاسة شمه الشيوعية مخاوفا عظيمة من الشيوعيين الآخرين , ويؤثر فى الإثر الصمت وكأنه رأس الحكمة .

أراك أخي عدلان ... وكأنك فشلت فى إستقطاب حوار شيوعي/ شيوعي حول موضوعة شيوعية أمام الناس , لا ألومك بالطبع , بل ربما زادت مداخلاتي معك الطين بله , فقومك مترعون بالهواجس والظنون . لا أدري كيف ستنقل هذا الحوار إلى ( الداخل الحزبي ) وقد إستبنت العينة فى الهواء الطلق . على كل أنا متوافق وتقريرية إطروحتك حول عكسية العلاقة بين الماركسية والواقع , ومع أن الحوار فى هيئته الطبيعية يستوعب السجال ( الطبيعي ) ويحتمل الأنداد والأضداد , فهذا مدعى حضوري لمائدتك الفكرية العامرة , مع هذا فإنني أتطلع لمشاركة شيوعية حقيقية يستحقها وبجدارة هذا البوست , ولا أدري كيف يتسنى ( نفسيا ) لشيوعي مناولة موضوعات أخر , قبل أن يقول كلمة فى هذا الموضوع المفصلي , وبكل دواعيه الجذرية وبكل دعوته الجهيرة لمثل هذا الإنصراف الكبير والمخض , فتحاوروا أيها الشيوعيين وأسمعوا كلام ( القصير ) يوما , والأمر يهمكم جمعيا , وإن كانت ( التدابير ) الشيوعية تقتضي السرية , فالفكر الماركسي ليس كذلك ولما أردتموه عنوان فلاح لكل البشرية

حديثي عن مصادر الماركسية الثلاثة , لم أستمده من جلستك الإفتراعية لهذا البوست وإن حدث التماس , كما لم أشير إلى أو أقتبس عنك ما يربط مساهمتي بمداخلتك , فمصادر الماركسية ومكوناتها الثلاث هي ( مصطلح ) أولي فى الأدب الشيوعي , بل هي كالثالوث المقدس فى المسيحية , وغض النظر عن تساوقها مع ما قلت , وأظنك تعلم ذلك وهذا بالضبط ما أعنيه , فقد آثرت أن آخدا من أولا ؟

أخيرا ... وإن فهمتك صاح , فأنت تقلل من أهلية الماركسية لإدارة قضايا الواقع , والواقع فى توقيعه الزمني هو العصر , والعصر هو الصفحة من التاريخ التي تخصنا , لنعيش فيها ونسجل عليها معالم حياتنا ومنجزاتنا وإخفاقاتنا , إشترك معنا فى تدوين هذه الصفحة شعوب رزحت تحت نير الماركسية , ولفظتها فى نهاية المطاف , وهذه تجربة أغنى وأشفى من تأملاتكم ومن مداولاتكم وأنتم ما تزالون على الرصيف ( النظري ) للماركسية , فهولاء جيل التجربة الماركسية الحقة , وهم الأحرى بتقدير السياق وتدبير المآل وقد فعلوا , فليكن فى هذه التجربة ما يزيد فى موضوعك باعا , وليتك تضيف لمناولاتك النظرية الناقدة للماركسية ما أفرزته تجرتها العملية , فهذا يحسن الفهم ويقرن الكلمة بحادثة , مما يسهل على الناس التفاعل و الإفتهام إن كان ذلك ما تروم , خاصة وأن ما تزال الذاكرة حية والشهود أحياء والحدث بكر .

أقدر جهدك ... وننتظرك على بر العصر آمنا مطمئنا .


Post: #99
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: Mohamed Elgadi
Date: 02-25-2006, 03:45 PM
Parent: #1

Dear Adlan and participants,

Thank you for enriching this Board with such very intelectual discussion that brings Theory to meet reality as it's lived by many Communist parties, including our SCP...

I wonder if you could put this discussion, or at least your contributions Ya Adlan, in one place or one file that be easy to print and read off-line. I have a chronic technical problem with printing any thing from this List.
At least, could you kindly send one file of your messages via my email

Regards

Mohamed Elgadi
[email protected]

Post: #100
Title: كلما اقتربت الماركسية من الواقع ، كلما نزعت لافتاتها الشيوعية
Author: محمد حسبو
Date: 02-27-2006, 07:49 AM
Parent: #1

الرفيق الانيق ، عدلان
يديك العافية

تقبّل اعتذاري عن غياب قسري ، الزمتنيه نوائب الخرطوم و المُتراتب على طاولة المكتب هنا ، و الاعتذار يسري طيلة هذه الفترة التشغيلية :

بوستك دة جميل ، و انت ذاتك ، وانا قريت بإهتمام المشاركات الثلاث الأولى بتاعتك و المشاركة الأولى بتاعت ياهو ذاتو ، ديل باهتمام ، و قبلهن العنوان ، حشرجتني كلمات ، اقول بعضهن هسة ، ما مكملات لكن على طريقة داروين ؛ احسن نكتب قبلما نموت . لذلك ، انت اقبل مني النِية (باقي المشاركات تعليقي عليهو في ذمة الشغل)

العنوان : انا رأيي يكون كالتالي : كلما اقتربت الماركسية من الواقع ، كلما ابتعدت عن الشيوعية*
(احدى الاجزاء المكونة للنظرية الماركسية . .)
هذا مع ملاحظتي لملاحظتـَك القلت فيها


Quote: لاحظ أننا عندما نتحدث عن الشيوعية فإننا نعني الحركة الشيوعية.. منظمات وأحزاب، وعندما نتحدث عن الماركسية فإننا نقصد النظرية الماركسية، أما الماركسية كمدرسة فكرية، فتلك تحوي اضافات شتى عصية على الحصر، وتتناول قضايا ربما لم يسمع بها كارل ماركس نفسه، مثل السيبرنطيقا، وعلم الجمال، الحداثة، الخ..

ما هي العلة في نسبة الاحزاب و الحركات الى الشيوعية و ليس الى الماركسية (المدرسة) ، مع اعتقادي الصميم ان مجمل هذه الحركات اكثر ارتباطاً و اخلاصا اليوم الى الماركسية (المدرسة) و ليس الى الشيوعية (اللافتة) التي تخلى عنها الكثيرون بالفعل ، كون بعضها يحتفظ باسم الحزب الشيوعي هو مالايعبر عن مضمون تراث هذه الحركات و تطلعاتها

و فيها داير اقول ، مشاكسا ، فصلك بين النظرية الماركسية و المدرسة الماركسية ، بتر جراحي ، ادعاه فيما مضى أناس ، كل حسب حاجته ، البعض فصّل النظرية الماركسية على مقاس ماركس انجلز لينين ، و الغالب اكتفى لدهشتي بماركس و لينين ، و على ايام التجميع كانت تدعى الماركسية اللينينة الستالينية ، و آخرون في المعارضة اضافوا تروتسكي ، و لديك بوخارين ، لوكسمبورج ، قرامشي ثم ابداعات التوسير وباليبار و و .. في اي لحظة تاريخية نعمل المبضع الفكري ؟ و لماذا هذه اللحظة بالذات دون تلك ؟ علما ان الماركسية نفسها ، تبوِّب الفلسفات و فقا لعاملي ، حزبية الفلسفة و مرحلتها التاريخية ، و بسحبهما على ماسبق ، ينصاع البحر

نحنا اعضاء في الحزب الشيوعي ، لكننا ما شيوعيين ، او انا عن نفسي بتكلم عشان باقي الناس ما تنحصر ، قلت السطر دة عشان اوريك اني فاهم مقصدك بعبارة الحركة الشيوعية ، لكن انا لي نفسي ما قبلانو ، بس عندي فهم للوضعية المؤقتة دي .

اظن أن ما تصفه انت بالحركة الشيوعية ، ادنى ان يُعرّف بالماركسية (كمدرسة) اكثر منه بالشيوعية (كلافتة) ، لقلة المنظومات التي ترفع لافتة كتب عليها الحزب الشيوعي وسط لجة من تلك التي تنطلق من الماركسية (المدرسة) ، و بالواقع ، فكل الاحزاب الشيوعية طالبات في المدرسة الماركسية ، اما (الكثير) من المنتمين الى ما يصطلح عليه بحركة اليسار – مناهضة العولمة – الاشتراكيين الخ فهم تفريعات و اجتهادات اصلها ماركس ثم تفرقت بها السبل . و من ظني الشخصي ، و قد لا أُثاب عليه و لكن لا أؤثم ، ان نصحك بالاقتراب من الواقع اكثر ، موجه الى منتوجات الماركسية هذه ، احزاب و افكار و حركات و قضايا عادلة .. و يصبح ، ان على هذه الناس ، ان تتلاقى و تأتلف احزابا على غير ايديلوجية ، و ان تتلافى منظماتها هذه اللافتة الشيوعية ، غير ذات المضمون ، غير ذات الشوكة ، امعاناً ، في الاقتراب من الواقع كما فعل ماركس بالذات

* هذا لا يعدِّل من موقفك بالتوقف عن تسمية الماركسية مرشدا ، و انا اوافقك الرأي

اما سمعان ماركس بالحداثة و ما الحداثة ، انت ظلمت فيهو ماركس ، و ظلم اولي القربى اشد ، لأنو ماركس دة اول الكتاب الحداثيين ، و اول من حلل التحديث (محتوى الحداثة ، و قاعدتها) و الكلام دة قاله من اولادنا مارشال بيرمان في All this solid melts into air 1982
بل و يمضي هارفي ، ودة ما من اولادنا ، يمضي اكثر في تبجيل مساهمة ماركس قائلا (يقدم ماركس احدى اولى النظريات المفسرة للتحديث الرأسمالي و اكثرها اكتمالا) ثم والحديث مايزال لهارفي عن مساهمة ماركس ككاتب حداثوي(انما كذلك لأن نظريته حول التحديث الرأسمالي تبدو امرا لا مفر منه في اي قراءة متعمقة للاطروحات الثقافية ما بعد الحداثية) – د. هارفي ، بحث في اصول التغيير الثقافي .

العزيز قصي ،
الاحترام التام

زمان عدلان دة في بوست كدة قال لي مامعناه ، كل ما اقرأ ليك انت و ياهو ذاتو بحس انو الجبهة الاسلامية فشلت و كدة ، المهم انو انا وقتها استبيضت الكلام شديد من عدلان ، لأني ما حبيت كونو يقارنني مع زول على الاقل ما بعرفو ، عليه ، مشيت شفتك بتكتب في شنو لقيتك و لقيت انو عدلان بيحترمني شديد و انك على قدر من البسالة المعرفية يندر وسط اخواننا ، فشكرا كتير عليك و شكرا يا عدلان على اللفتة دي ، و دة حق اعجابي بيك

طيب ، نمشي لي الحق العام ، اللي ما في يدنا نتنازل عنو ، كتبت يا قصي في مساهمتك الاولى فوق


Quote: باب دخول ماركس في نقد مفهوم الدين هو ما أسماه بظاهرة تغريب الإنسان (Alienation of Man)، والتي قاوم فيها، باختصار، المفهوم القائم على جعل الإنسان خاضعا لقوة أجنبية عنه، يخضع لها تمام الخصوع، ولا يملك معها سوى محاولة التماشي والتماهي.. انتقد ماركس هذه النظرية في الدين (وأيضا كأداة سلطان طبقي)، واعتبر فيها تقويضا لقيمة الإنسان.. ولكنه غفل عنها في جوهر ماديته الديالكتيكية! وكيف تقوم للمادية الديالكتيكية قائمة إذا لم نسلم بأن الأفكار ليست سوى انعكاسات مبعوثة من المادة الخارجية؟ أو ليست هذه أيضا قوة أجنبية على الإنسان، لا يملك معها سوى محاولة التماهي؟


تلخيصك للالينيشن في : مقاومة المفهوم القائم على جعل الانسان خاضعا لقوة اجنبية عنه ! ناتج عن نظرة بعين واحدة ، ولا أرضاه ، ابدا يا قصي ، اولا الالينشين كونسبت سابق لماركس ، هيجلي ، تدخُّل ماركس ادى لـ : ربط الالينيشن بالاستغلال الطبقي ، ثانياً : الالينيشن يبحث كيف نحقق علاقة صحيحة مع الاشياء ، بديل علاقات الاستلاب القائمة ، وهو بهذا ليس ضربا من (المادية الذاتية) كما تصوره في تلخيصك انت ، ان الصورة المكتملة هي التخلص من الاستلاب و استبداله بعلاقات صحية مع مكونات حياتنا ، انفسنا – الاخرين – النشاط الانتاجي ..

صورة الالينيشن الاساسية التي عني بها ماركس هي تلك المرتبطة بالعملية الانتاجية في ظل الرأسمالية ، حيث متطلبات هذه العملية من بنية فوقية تقضي بتغريب الشغيلة واحدهم عن الآخر ، يحدث ذلك بان يشيع الرأسماليون فكرة المنافسة فيما بين العمال ، بما يخلق علاقة تنافس و اغتراب بينهم بدلا عن علاقة التعاضد ، المنسجمة مع الطبيعة التعاونية للعملية الانتاجية نفسها

(تتحول وسائل تطوير الانتاج نفسها الى وسائل سيطرة على المنتتجين و استغلال لهم فهي تمسخ العامل الى جزء من انسان ، تنزله الى مستوي التابع للآلة ، تقضي على كل بقية الماع في عمله ليصبح العمل فرضا مكروها و تنزع منه جانب الذكاء الذي يخصه في عملية الانتاج ، وبنفس الحجم الذي يدخل فيه العلم كقوة مستغلة . هي تشوِّه الظروف التي يعمل في ظلها ، وتخضعه خلال عمله الى استبداد و احتقار مكروهين لا يحتملان ، جاعلة حياته مجرد زمن للشغل لا اكثر ، و جارفة زوجته و اطفاله تحت جبروت رأسالمال)

مقاومة التغريب عند ماركس ، هي في استعادة انسانيتنا ، و ارتباطاتنا الصحية بالحياة ، حيث الاشياء كلها ، السلع و الاخلاق و الاخرون ، مصدر امتاع و اثراء ، وليست مصدر تعاسة و سلب لانسانيتنا ، ما جعل متعة العيش عندنا ، تشترك كمفهوم ، مع ذلك الذي عند الحيوان
الالينيشن يا قصي ، وكما تدري ، اثبت حضوره كمفردة و مفهوم ، في ثقافة مابعد الحداثة و استمر

اما ان ماركس كان ملحدا ، وانه اسس منهجا ماديا يقاوم الغيبيات و المثاليات ، فهذا ليس محل شك ، و لكنه بالتأكيد ليس مادية (ذاتية) كما تلخصها انت يا صديق ، ليس كذلك على الاطلاق

الحوار ياعدلان مفيد و يتقدم بالمجموع ، المشارك و القارئ و السامع . اخشى ان يجرفني الوقت فلا اعود ، و على كل ، لن اتوانى عن كتابة تعليقاتي لك ، انّى ثقفتك

Post: #101
Title: Re: كلما اقتربت الماركسية من الواقع ، كلما نزعت لافتاتها الشيوعية
Author: Yaho_Zato
Date: 02-27-2006, 04:54 PM
Parent: #100

عزيزي محمد حسبو..

ولك تمام الاحترام وعظيم المودة..

كنت قد قرأت لك بعض المشاركات في المنبر هنا قبل اليوم.. ورغم اني لم أقرأ ما قاله لك عدلان (عنك وعني) قبل اليوم، إلا أنه أيضا يشرفني، ويدل أيضا على أن عدلان يقدرني تقديرا أرجو ان أكون له أهلا..

طيب.. نجي للحق العام، على حد قولك..

بداية أقول أني في واقع الأمر لم ألخص ظاهرة التغريب (أو الإلينيشن كما هو عندك)، سواءا عند ماركس أو عند هيجل.. أنا تناولت ظاهرة التغريب فقط في إطار فهم ماركس للدين، لا أكثر.. وعليه يكون من الإجحاف وصف تناولي بأنه تلخيص لظاهرة التغريب، في حين انه فقط تناول نقدي لمفهوم الدين عند ماركس من خلال ظاهرة التغريب، وشتان بين هذا وذاك..

عند الحديث عن المفهوم الديني بصورة عامة، فإن هيجل وماركس لا يلتقيان، إذ أنهما على تمام النقيض.. حتى إذا سلمنا أن مفهوم التغريب هو استعارة فكرية لماركس من هيجل، وهو أمر وارد، ولكن فقط كمصطلح، خصوصا عند الحديث عن مفهوم الدين..

أما حديثك عن تناول ماركس لمفهوم التغريب من خلال الواقع المجتمعي، في صراع الطبقات، فهو سليم، ولكني أساسا لم أذكره إلا لمما! لأنه لم يكن موضوع تناولي الأساسي، خصوصا في تلك الفقرة التي اقتسبتها أنت مني.. ما فعلته أنت في نقدك لتلك الفقرة هو أنك أعدت قراءتها بعيون اقتصادية، في حين أني لم أكن أتحدث عن المجال الاقتصادي.. لا لأني لا أعير المجال الاقتصادي اهتماما، ولكن لأني، ببساطة، لم أكن مركزا عليه في تلك الفقرة بالتحديد..

هذا ما لزم توضيحه من جانبي.. والآن أريد أن اتناول ما كتبته في مخاطبتك لعدلان، ولا أظنك تمانع..

أرى أنك، في حديثك لعدلان، لم تنصف المدارس والحركات الاشتراكية والشيوعية المختلفة والسابقة لماركس، حين جعلت ماركس هو مصدرها الأول (حسيا أو معنويا).. وهو قول لا يدعمه تدليل او تحليل، في نظري..

مثلا، هناك حقيقة تاريخية معروفة في بريطانيا، كنت أنا قد ذكرتها في نفس المشاركة التي اقتسبت لي أنت منها.. حيث ورد في تلك المشاركة:
Quote:
من الإشارات اللطيفة التي وردت هنا هي نبوءة ماركس بقيام الثورة الاشتراكية من إنجلترا أو فرنسا، وكان يراهن أكثر على إنجلترا.. والغريب في هذه النظرة أن ماركس كان حاضرا للتطورات النقابية والإنجازات الوئيدة نحو الإشتراكية التي قامت بها نقابات العمال في بريطانيا، استلهاما لخط روبرت أوين.. ورغم أن ماركس كان سعيدا بهذه الإنجازات، إلا أنه كان شديد السخط على الطبيعة التطورية لعمال بريطانيا، وكان يريد لهم أن يكونوا ثوريين أكثر من تطوريين، ولكنه لم يفلح، على أية حال، في اجتذابهم إلى وجهة نظره، بصورة عامة..

بريطانيا عرفت النهج الاشتراكي قبل ماركس، عن طريق روبرت أوين و"سلفه الصالح" من الأثرياء (او الرأسماليين) أصحاب الضمير الحي في البيئة الصناعية البريطانية.. وقد استمر النهج الاشتراكي العام في بريطانيا في خط أقرب لأفكار أوين من أفكار ماركس، حتى بعض الظهور القوي لماركس في الساحة الفكرية، بل وإلى يومنا هذا، حيث تقف الانتصارات التي حققها العمال البريطانيون، مقارنة بأقرانهم حول العالم، دليلا على ذلك.. أضع لك هنا وصلة الكترونية فيها تلخيص "ما بطال" لحياة وأفكار روبرت أوين..

هنا: http://www.historyguide.org/intellect/owen.html

ومن المعروف تاريخيا أن ماركس قد اطلع باهتمام على مدرسة روبرت أوين الاشتراكية قبل أن يصدح بنظرته الاشتراكية الخاصة، وقبل أن يصف مدرسة أوين، فيما بعد، بالمثالية وعدم الواقعية (وهو اتهام يحتاج اليوم لمراجعة دقيقة من أصحاب ماركس).. كما من المعروف أيضا أن الشيوعيين الفرنسيين كانوا قد خطوا خطوات فكرية وتنظيمية كبيرة قبل ظهور ماركس، ومن ثم كان ماركس من المستفيدين من إنتاجهم في عملية بناء صرحه الفكري الخاص، والذي يسمى اليوم (الماركسية) بصورة عامة..

لهذا أجد في قولك:
Quote:
اظن أن ما تصفه انت بالحركة الشيوعية ، ادنى ان يُعرّف بالماركسية (كمدرسة) اكثر منه بالشيوعية (كلافتة) ، لقلة المنظومات التي ترفع لافتة كتب عليها الحزب الشيوعي وسط لجة من تلك التي تنطلق من الماركسية (المدرسة) ، و بالواقع ، فكل الاحزاب الشيوعية طالبات في المدرسة الماركسية ، اما (الكثير) من المنتمين الى ما يصطلح عليه بحركة اليسار – مناهضة العولمة – الاشتراكيين الخ فهم تفريعات و اجتهادات اصلها ماركس ثم تفرقت بها السبل . و من ظني الشخصي ، و قد لا أُثاب عليه و لكن لا أؤثم ، ان نصحك بالاقتراب من الواقع اكثر ، موجه الى منتوجات الماركسية هذه ، احزاب و افكار و حركات و قضايا عادلة .. و يصبح ، ان على هذه الناس ، ان تتلاقى و تأتلف احزابا على غير ايديلوجية ، و ان تتلافى منظماتها هذه اللافتة الشيوعية ، غير ذات المضمون ، غير ذات الشوكة ، امعاناً ، في الاقتراب من الواقع كما فعل ماركس بالذات

أجد في هذا القول ما ينافي الواقع المشهود بصورة حادة.. ولعلها من المشاكل الأساسية التي تعوق حركة الماركسيين اليوم، حيث أنهم (أو لنقل معظمهم) يدعون لأنفسهم ما ليس لهم.. يدعي الكثير من الماركسيين اليوم أن الماركسية هي أم المدارس الاشتراكية المعاصرة، وهذه مجرد دعوى لا أساس لها من الصحة والتوثيق.. ماركس نفسه لم تسمح له نزاهته الفكرية بأن يدعي أمرا كهذا..

وبناءا على هذا التصور الناقص لحركة التاريخ، فإن النتائج التي تستند عليه أيضا ناقصة.. إذ لا يستقيم الظل والعود أعوج..


ولك وافر التقدير.. إلى حين عودة أو متابعة..

Post: #102
Title: Re: كلما اقتربت الماركسية من الواقع ، كلما نزعت لافتاتها الشيوعية
Author: mohammed elsaim
Date: 02-27-2006, 10:03 PM
Parent: #101

سجال رائع ياشباب.. وكما قال محمد حسبو.. فأنا شرقان ببعض الأفكار وددت لو دلقتها معكم..

ومداخلاتكم عن الحركات السياسية التي تخرج من معطف الشيوعية مصحوبة بعميق تحليلكم للنظرية الماركسية، والاثنان (السياسي والنظري) يتمازجان.. يغريني بالدخول لكن بعيدا عن التهويم النظري فذاك بحر عميق وقفنا عند ساحله..

منطلقا من خلفية هندسية رياضية (من الرياضيات) والتى أنجبت الادارة العلمية ممثلة فى تايلور وجلبرت المشهور بمسطرينته وساعة التوقيف.. ومعهم ماكس ويبر والذي قعد ونظر للادارة بوصفها عملية بيروقراطية منتظمة مثلها مثل الساعة... منطلقا من كل ذلك مظللا بعميق تصديقي للمؤامرة بوصفها قمة فى حسن التخطيط وامتلاك الانسان لصياغة واقعه كما يريد لا كما تفرضه قوى غيبية وبدون اعطاء المتآمرين حقا الهيا يعفي المتآمر ضدهم من فشلهم..

من كل ماسبق أزعم ان ماوجدته الشيوعية من انتشار ماكان ليحدث لولا تلك المؤامرة/التخطيط.. فرغم ادعائها أنها تملك تفسيرا متكاملا ومنهجا علميا لكل ماحدث وما ينبغي أن يحدث.. فهي قد حدثت فى المكان الخطأ، وبالطريقة الخطأ كما يحاول بعضهم ان يجعلنا نفهم- الآن!

إعطاء تلك الهالة لحركة العمال مثله مثل إعطاء هالة للعرق أو للدين.. ماصدقه الواقع عندنا في السودان أو من البعث في العراق يجعلنا نتساءل ان كانت أى فكرة من تلك الأفكار تستحق ان ترث دولة بحالها فقط لمجرد قناعات فكرية بدون ذهب المعز وامساكها بسيف الامبراطور؟؟ وسقوط الشيوعية في روسيا يؤكد أنها استنفدت أغراضها فلا يمكن تصديق أنها بعد كل ذلك التمكين صارت أضعف منها عند نشوء دولتها.. ويصدق ذلك أكثر على التوابع فى شرق أوروبا.. انها المؤامرة ياحريف.. تكفي لتفسر أي شئ فى التاريخ! ثمة مقولة دونتها شركتى الأمريكية السابقة لتدريب الموظفين الجدد: لايمكننا التقليل من أفعال أي قلة من الأفراد.. اذا كنت في شك فتأمل التاريخ!

نجاح الحصول على والتحكم في السلطة كعملية إدارية أوصل الشيوعية لنفس نجاحات النظم الديمقراطية/الرأسمالية ان لم يكن قد تفوق عليها.. ممثلا ذلك فى إنجازات الفضاء والقنبلة النووية والتصنيع الثقيل.. مع مزيد من التآمر لسرقة الأسرار العلمية (اعدام اوبنهايمر وآخرين؟)..

النجاحات الجديدة للاشتراكية فى أمريكا الجنوبية، مع فرحتي بصعود روح مقاومة، تثير عندي مخاوف ان يكون هناك من تخصص فى القاء العصي بين الدواليب... اذا أردت لآمة ان تتخلف فاجعلهم يركضون خلف يوتوبيا، وبضجيج... خوفي من يوم يجربون فيه دولة الفوضويين والعدميين وكل المدارس التي تنتهي ب(اسم) فى الانجليزية.. فهناك كثير من المدارس الفكرية والنظرية سارت أمام وخلف ماركس...

Post: #103
Title: Re: كلما اقتربت الماركسية من الواقع ، كلما نزعت لافتاتها الشيوعية
Author: Yaho_Zato
Date: 03-11-2006, 02:50 PM
Parent: #102

عودة لموضوع العنف والتغيير المجتمعي، وحركة المقاومة السلمية في القرن العشرين..

أحس أن جل توجهي في هذا الخيط أخذ منحى تجريد الماركسية من أي فضيلة، أو هكذا قد يبدو.. وهذا يجعلني أشعر بالتقصير وعدم الموازنة، فرغم أن معظم النقاط التي حاولت المشاركة في تناولها كانت تتعلق بالجانب الذي أراه قاصرا في الماركسية، غير أن من الواجب العلمي أن تكون هناك، على الأقل، إشارة للجوانب المشرقة في الماركسية، كفكر إنساني، وفي ماركس كفيلسوف إنساني، عملي، عبقري وشجاع.. نتفق معه حيث نتفق، ونختلف حيث نختلف، مع الاحتفاظ بالتقدير..

في أول مداخلة لي في هذا الخيط، ذكرت الآتي:
Quote:
وتبقى الماركسية، رغم ذلك، أكبر نظام فكري متكامل قدمته أوروبا في تاريخها الحديث.. وأعتقد أن الحصيلة العملية للفلسفة الأوروبية لم تتجسد، من قبل وإلى الآن، كما تجسدت في ماركس ورفيقه إنجلز..


هذه إشارة لم يكن فيها أي نوع من المجاملة.. وشاهدها من التاريخ متوفر..

كما أحب أن أضع وصلة هنا لدراسة قديمة عن مجال الفلسفة، فيها شيء من التناول للفلسفة الأوروبية، وقيمة الماركسية في تاريخها الحديث..

هنا:
http://www.sudaneseonline.com/sections/dirassat_maqalat/p...ussai_hamaror01.html
..............................

نعود الآن للغرض الأساسي من هذه المشاركة، وهو موضوع المقاومة السلمية..

كنت قد تحدثت مع الأستاذ أبوبكر الخليفة، من الجمهوريين، وهو من المتابعين للنقاش الجاري في هذا الخيط.. في حديثي معه لفت نظري إلى نقطة هامة في موضوع تاريخ المقاومة السلمية في العصر الحديث، ومكانة ثورة أكتوبر فيها.. ألخصه هنا، انعكاسا لما فهمته منه..

رغم القيمة العظيمة لإنجازات المقاومة السلمية في الهند والولايات الأمريكية، إلا أن ثورة أكتوبر تتميز بميزة هامة وأساسية، وهي أنها (أي ثورة أكتوبر) ثورة لم يعرف لها قائد، ولم تنطو تحت إشارة فرد أو حزب ما.. كانت ثورة أكتوبر "ثورة شعبية" بمعنى الكلمة.. هذا لا ينفي طبعا أن هناك مقدمات قد كانت لها، بواسطة أفراد ومنظمات سياسية، بصورة عامة، ولكن المحصلة النهائية لدفع ونتائج الثورة لا تنسب، حين تنسب، إلا للشعب السوداني كافة، بكل طبقاته وتوجهاته الثقافية.. وهذا إنجاز يقف نسيج وحدة في التاريخ البشري قاطبة، خصوصا وأنه تمكن من إحراز نتيجة خطيرة، وهي إسقاط نظام حكم دكتاتوري! وبفعل الإرادة الشعبية وقوتها، بدون عنفها!*

حركة المقاومة السلمية في الهند كان غاندي هو محورها، كفرد متفرد، بقامة إنسانية سياسية لم تضاهى في موقعها**.. وفي الولايات الأمريكية، كانت الوقفة المتفردة للأم الشرعية للأمة الأمريكية المعاصرة، روزا باركس (ومن ثم مجاهدات مارتن لوثر كنج) هي المحور، والفتيل قوي الإشعال للثورة السلمية..

لهذا فإن ثورة أكتوبر تعتبر "الأكثر إمعانا" في دحض النظرة الماركسية لأهمية العنف كأداة للتغيير المجتمعي.. يذكر هنا أن الأستاذ محمود كان يعزي الخلل في هذه النظرة عند ماركس في أنه لم يميز بشكل دقيق بين القوة والعنف.. يقول الأستاذ، ما معناه، أن العنف هو محصلة سلبية من محصلات القوة، ولكنه لا يتبعها دوما، إذ أن القوة المتمكنة والمستحصدة لا تحتاج للعنف أساسا.. هي تستغني عن العنف، كأثر جانبي، كلما كبرت واستجمعت.. والقوة الشعبية، إذا استحصدت وتوحدت، فإنها لا تحتاج للعنف لتغيير السلطة، على سبيل المثال، إذ أن عدوها ييأس تماما من جدوى مقاومتها منذ البداية.. بالنظرة النسبية لهذا الأمر، نجد أن "العنف هو خيار الأضعف" وليس خيار الأقوى (نسبيا)، إذ أن القوي يستغني، كلما زادت قوته، عن العنف.. ورد عن الأستاذ النور حمد أن (العنف هو خيار الأقلية، وهذا ما أشار إليه الأستاذ محمود محمد طه، وليس خيار الأكثرية.)*** (ولغاندي المزيد من التعقيب على هذه النقطة، نذكره أدناه بعد قليل)..

وعلى العموم، فإن التاريخ يقف شاهدا أنه، ومنذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، لم تحسم قضية سياسية بواسطة العنف، كما كان الأمر قبل ذلك ممكنا في التاريخ.. صار قصارى الحرب أن تسوق الأطراف المتنازعة إلى طاولة التفاوض، لمحاولة التسوية المتمدنة، وإلا فإن الحرب ستستمر بلا طائل نهائي.. هذا مما يعيدنا إلى الحديث عن أن ماركس قد سحب، بغير حصافة، الكثير من قوانين الحركة المجتمعية في الماضي، ليجعلها سارية المفعول في المستقبل أيضا، مما أثبت التاريخ خلله.. غير أن التاريخ أيضا يشهد لماركس أن العنف قد كان، في الماضي، فعلا أداة أساسية لأي تغيير مجتمعي أساسي.. بهذا يمكن أن نقول - كما قال عدلان هنا من قبل (تقريبا) - أن غاندي وروزا باركس لو كانا قد ظهرا قبل قرن من زمانهما، لكان مصيرهما التصفية السريعة (ناهيك عن صور العنف الاخرى، من تعذيب وتنكيل متناه في الوحشية) دون أن يتركاأي أثر ذي بال..

غير أنّـا يمكن أن نقول أن غاندي، في القرن العشرين، كان هو أول منظر لحركة المقاومة السلمية الحديثة، وأن كل من أتى بعده، من سالكي دربه، قد استفاد من تجربته، عمليا وتنظيريا..

غاندي كان، مثلا، يرى أن القوة الحقيقية موجودة في يد الشعب في الأصل، وأن الشعب لن يستثمر هذه الحقيقة "المكنونة" إلا لو توحد على كلمة.. حينها سيدرك مدى قوته ومدى ضآلة السلطة أمامها.. استطاع غاندي، بذكاء وتصميم خرافي، أن يلفت الشعب الهندي لهذه الحقيقة المكنونة، وأن يجعله يستثمرها في وجه المستعمر.. من الأقوال المشهورة لغاندي، والتي تلخص هذه النظرة بسهولة ممتنعة، قوله (نحن المسيطرون، وليس هم) (We are in control.. Not them)..

ولكن غاندي، بحكمته، كان يدرك أن أسلوب المقاومة السلمية هذا لا يمكن أن يكتب له النجاح إلا لو كانت هناك قيمة إنسانية موجودة عند الخصم، بحيث يمكن استثمارها لجعله يخجل من الإفراط في العنف، أمام نفسه وأمام الرأي العام.. وهذا بالضبط ما جرى، إذ لولا الرأي العام البريطاني، والرأي العام العالمي، الذي تلى المجازر التي قامت بها السلطة البريطانية في بداية مواجهتها للمقاومة لما تمكن غاندي من أن يبتدر لنفسه سلطة (establish an authority) يستطيع بها مواجهة المستعمر ومفاوضته "بعين قوية".. استطاع غاندي، بهذه الحيلة، أن يؤلب الرأي العام للشعب البريطاني ضد حكومته.. من البديهي أن غاندي لم يكن ليفلح في استثمار القيمة الإنسانية عند المستعمر وعند الرأي العالمي بهذه الصورة وهذا المستوى لو كان قد جاء قبل زمانه بقرن أو يزيد، إذ أن الفهم العالمي لحقوق الإنسان لم يكن حينها موجودا بالدرجة الكافية..

من العبارات الخالدة التي تلخص منهج غاندي في المقاومة السلمية، وعمق تجربته في هذا المجال، هذه العبارة:
"First they ignore you, then they ridicule you, then they fight you, and then you win."

(في البداية يتجاهلونك.. ثم بعد ذلك يسخرون منك.. ثم يقاتلونك.. وفي النهاية تنتصر)..


قصي همرور


*بطبيعة الحال فإن مسألة عدم حدوث العنف في ثورة أكتوبر هو حديث نسبي، إذ أن نسبة ما جرى فيها من استعمال للعنف، من الطرفين، ليس ذا قيمة بإزاء النتيجة النهائية.. وليس في هذا تبخيس لما بذل من الدم في تلك الثورة، ولكن التقييم العقلي يعطي المعنى العام بأن ثورة أكتوبر كانت، في جوهرها ومظهرهاالنهائي، ثورة بيضاء.. خصوصا إذا قارنّـا نسبة ما كان فيها من العنف (خصوصا من جانب الشعب) مع نسبته في تاريخ المقاومة السلمية في الهند وشمال أمريكا، على سبيل المثال..

**هناك شخصية متفردة أيضا، عملت بجانب غاندي على أن تكون محورا للمقاومة السلمية في الحدودالشمالية الغربية للهند، أو ما يعرف اليوم بباكستان.. خان عبدالغفار خان (أو باداش خان، كما سماه غاندي ).. قاد باداش خان شعبه من قبيلة الباشتون المسلمين في طريق المقاومة السلمية، على نهج غاندي، بنجاح مذهل.. ومن آرائه المثيرة للانتباه أنه، رغم تتلمذه على يد غاندي في منهاج المقاومة السلمية، إلا أنه يرى أن الإسلام يدعم هذا المنهاج بصورة واضحة، وكان دوما يشير للعهد المكي في تاريخ السيرة النبوية ليدلل على هذا الرأي.. هنا بعض الوصلات للمزيد من التعريف بهذه الشخصية التي لم يولها الإعلام العالمي حقها بعد..
http://www.calpeacepower.org/0101/muslim_ghandi.htm
http://www.hinduonnet.com/fline/fl1821/18211090.htm

***من مشاركة للأستاذ الدكتور النور حمد في منبر سودان للجميع.. على هذه الوصلة:
http://www.sudaneseonline.com/forum/viewtopic.php?p=4953&...fff67d34fabe84d#4953


Post: #104
Title: Re: كلما اقتربت الماركسية من الواقع ، كلما نزعت لافتاتها الشيوعية
Author: Sidgi Kaballo
Date: 03-13-2006, 07:38 PM
Parent: #103

تابعت هذا البوست بإهتمام وكنت أود لو أقرأ مساهمات مؤيدين لوجهة نظر صديقي العزيز عدلان من أعضاء الحزب الشيوعي (لا يعني هذا أنني لم استمتع بقراءة قصي أو ياهو ذاتو وأن هناك الكثير مما يستحق النقاش في آرائه الثرة) ولم أجد في مساهمة السيد حيدر قاسم شيئا جديدا مختلفا عما كتبه في بوست آخر عن الحاج وراق إقتحمه ليغير مجراه لبوست معاد للشيوعية وسنعود لآرائه التي تعبر عن عدم إدراك للماركسية وخلط في المفاهيم والمقولات واللجوء للحديث عن مسألة تجاوزها أعداء الشيوعية وهي مسألة الدين. ولكن قبل أن نأتي للقضية الرئيسية في هذا البوست وهي هل من نفع من الماركسية للحزب الشيوعي السوداني حتى يضعها كمرشد نظري ويتبنى منهجها، لا بد أن نبدأ بالحديث عن أي ماركسية نتحدث؟
ولكن دعونا في الأول نشير لحديث يبدو أن هناك خلاف بين المساهمين حوله وهي مسألة مصادر الماركسية الثلاث او ما عبر عنه عدلان ". جذور الفلسفة الماركسية وأركانها الثلاث الرئيسية نجدها في إشتراكية "روبرت أوين"، وجدل "هيغل"، ومادية "فيورباخ".."(عدلان عبد العزيز المساهمة الثانية 16/01/06).
وعاد عدلان للموضوع للمرة الثانية عند نقاشه مع حيدر قاسم
لابد أن ثمة خلطاً ما قـد وقع.. ففي قولك -الذي يتبدى وكأنه إقتباس عني- أنت كتبت "الفلسفة الألمانية كإحدى مكونات الماركسية الثلاث" ثم " وإن شئت الإنتقال لمصدر ثاني من مصادر الماركسية ، وهو الإقتصاد الإنجليزي" ألى أن تصل إلى "أما المصدر الثالث والأخير للماركسية فيوكله أولي الأمر الشيوعي لمأثرة الثورة الفرنسية"..

لا أعرف من أين نشأ الخلط، ولكن الشيء المؤكد أنني لم أقل بمثل ذلك القول عن مصادر الماركسية..، ذلك القول تعميم مخل جداً، بدرجة، لايكون معها بمقدوري الإتيان به!.. ماكتبته أنا كان أكثر تفصيلاً، وأكثر تحديداً من ما بينته أنت، والذي خلاصته أن: "المصدر الأول جزئي والثاني إفتراضي والثالث إستثنائي".. أمـا أنا فقد إستهليت صدر مقالتي في هذا البوست، بالحديث عن مصادر الماركسية بالتقرير بأن " الفكرة قديمة قُدم جمهورية "افلاطون" وأقترب بها الإشتراكي الطوباوي "روبرت أوين" من الواقع الدنيوي بشروعه في تسخير ثراؤه الواسع ليبني نموذجاً حقيقاً في "نيو لانارك ميلز-اسكتلندا" لمجتمع اشتراكي صغير اسماه مجتمعات المصانع التعاونية، وحاول أن ينقل النموذج الي مجتمعات زراعية وكان نصيب المشروع كله الفشل.. وبقيت أفكار أوين الإصلاحية ملهمة، وتحديداً ألهمت المفكر الألماني كارل ماركس.." وكتبت عن المصدر الآخر: " في مناهج البحث والتوصل للنتائج استخدم كارل ماركس المنهج الجدلي للفيلسوف الألماني "هيغل" مع تعديلات وإضافات ماركس لها.."، وكتبت عن المصدر الثالث: " استفاد ماركس من أطروحات الفلسفة المادية للفيلسوف الألماني فيورباخ، والذي يرجع اليه الأصل المادي لفلسفة ماركس." وبعد ذلك خلصت إلى أن: " جذور الفلسفة الماركسية وأركانها الثلاث الرئيسية نجدها في إشتراكية "روبرت أوين"، وجدل "هيغل"، ومادية "فيورباخ".. وكما قال كارل ماركس عن نفسه –فيما معناه- أنه يرى أبعد لأنه يقف على أكتاف مفكرين عظام، وأن كل مفكر يضع "مُدماكاً" في تشييد البناء الفكري للإنسانية.""(18/02/06)
وطبعا لكل باحث الحق في بحث مصادر الماركسية وتقرير تلك المصادر ولكن عليه أن يقدم أسبابا لذلك التقرير ، ولينين لديه محاضرة صغيرة أعتبرها تبسيطية يتحدث عن مصادر للماركسية ثلاث ومكونات لها ثلاثة. فيعدد مكوناتها على أساس أنها الفلسفة المادية وفي قلبها الديالكتيك والمادية التاريخية، والإقتصاد السياسي، ونظرية الإشتراكية العلمية، بينما يعتبر مصادرها هي الفلسفة الألمانية والإقتصاد السياسي الكلاسيكي الإنجليزي والإشتراكية الطوباوية الفرنسية (لاحظ و أوين الإنجليزي). يقول لينين في كتابه المحاضرة:
His (means Marx، my note) doctrine emerged as the direct and immediate continuation of the teachings of the greatest representatives of philosophy، political economy and socialism.
ويقول أيضا
It is the legitimate successor to the best that man produced in the nineteenth century، as represented by German philosophy، English political economy and French socialism.
بينما لأنجلز رأيا مختلفا حول الجذور الفلسفية لأهم مكونات الماركسية المادية، ففي كتابه الإشتركية: طوباوية و علمية، يقتطف صفحات مطولة من كتاب ماركس العائلة المقدسة والذي يثبت فيه ماركس فضل تطور الفكر المادي في العلوم والفلسفة للفلاسفة والعلماء الإنجليز خاصة بيكون، هوبس ولوك، بإعتبارهم الأباء الحقيقين للفكر المادي الحديث، وإنجلز يذهب أبعد فيضيف لهم الماديين الفرنسييين، يقول إنجلز:
Thus Karl Marx wrote about the British origin of modern materialism. If Englishmen nowadays do not exactly relish the compliment the paid their ancestors، more's the pity. It is none the less undeniable that Bacon، Hobbes، and Locke are the fathers of that brilliant school of French materialism which made the 18th century، in spite of all battles on land and sea won over Frenchmen by Germans and Englishmen، a pre-eminently French century، even before that crowning French Revolution، the results of which we outsides، in England as well as Germany، are still trying to acclimatize.
وما يميز كتابات أنجلز حول تطور الفكر المادي والإشتراكية ربطه التراث الفكري بالصراع الإجتماعي والتطور الإقتصادي، ويظهر ذلك جليا في كتابيه "لودفيغ فورباخ ونهاية الفلسفة الكلاسيكية الألمانية" و"ألإشتراكية طوباوية وعلمية" (وهذا الأخير جزء من ضد دوهرينغ بينما الأول هو جزء من الأيديولجية الألمانية).
عندما ينتقل أنجلز لمصادر الإشتركية، يقول
Modern Socialism is، in its essence، the direct product of the recognition، on the one hand، of the class antagonisms existing in the society of today between proprietors and non-proprietors، between capitalists and wage-workers; on the other hand، of the anarchy existing in production. But، in its theoretical form، modern Socialism originally appears ostensibly as a more logical extension of the principles laid down by the great French philosophers of the 18th century
ويستمر قائلا:
These were theoretical enunciations، corresponding with these revolutionary uprisings of a class not yet developed; in the 16th and 17th centuries، Utopian pictures of ideal social conditions[2]; in the 18th century، actual communistic theories (Morelly and Mably). The demand for equality was no longer limited to political rights; it was extended also to the social conditions of individuals. It was not simply class privileges that were to be abolished، but class distinctions themselves. A Communism، ascetic، denouncing all the pleasures of life، Spartan، was the first form of the new teaching. Then came the three great Utopians: Saint-Simon، to whom the middle-class movement، side by side with the proletarian، still had a certain significance; Fourier; and Owen، who in the country where capitalist production was most developed، and under the influence of the antagonisms begotten of this، worked out his proposals for the removal of class distinction systematically and in direct relation to French materialism.
وعندما تأتي المسألة للديالكتيك فهناك إتفاق تام بأن هيجل هو مصدره ولا أرى داعيا لإثبات ذلك بالمقتطفات غير أني أود أن أشير لإحتفاء لينين في دفاتره الفلسفية (المجلد 38 من أعماله الكاملة) بهيجل وكتابه المنطق.
ومن المهم الإشارة هنا لأهمية مصدر الإقتصاد الكلاسيكي، ذلك أن الإقتصاد الكلاسيكي، خاصة ريكاردو، أسهما إسهاما ثوريا في نظرية القيمة ونظرية التوزيع، وقد كان ذلك مهما لتطوير نظريات ماركس و إسهامه في تطور الإقتصاده السياسي كعلم. ومشكلة كثير من متعليمينا من يدعون معرفة بالماركسية أنهم لم يتعرفوا بعمق على الإقتصاد السياسي ومقولاته مما يجعلهم يرددون أحيانا بعض الأحاديث العامة، بل أن بعضهم يسخرون من أطروحات أكثر عمقا تخالف وجهة نظرهم بدون أن يلجأوا لبذل مجهود كاف لتفنيدها، ولكننا سنعود لذلك فيما يأتي من حديث من مفصل.
قلت أن مقال لينين المحاضرة عن مصادر الماركسية ومكوناتها هو مقال تبسيطي، وينفع مقدمة لمن يريد دراسة جادة للماركسية ولكنه وحده لا يقدم فهما للماركسية وعندي أن "ضد دوهرينغ" والأيديولوجيا الألمانية خاصة كتاب فورباخ ونهاية الفلسفة الكلاسيكية الألمانية يقدموا تاريخا لتطور الفكر عند ماركس وأنجلز أفضل

ونواصل
2

Post: #105
Title: Re: كلما اقتربت الماركسية من الواقع ، كلما نزعت لافتاتها الشيوعية
Author: Sidgi Kaballo
Date: 03-14-2006, 03:03 PM
Parent: #104

)
لقد أدى انهيار الاتحاد السوفيتي والأنظمة الاشتراكية في شرق أوربا لطرح تساؤلات كثيرة حول الماركسية والاشتراكية وهي ما سمي عند الشيوعيين السودانيين بقضايا العصر ، ورغم أهمية القضايا الكثيرة التي تثيرها مناقشة قضايا العصر، إلا أني أرى أن هناك قضيتين ينبغي أن يعطيهما الشيوعيون السودانيون وأصدقاؤهم من الديمقراطيين والتقدميين والمثقفين السودانيين أهمية وأسبقية: القضية الأولى هي قضية نظرية بالمقام الأول وتتعلق بالماركسية ومنهجها وهل ما زالت الماركسية كفلسفة ومنهجها الجدلي قادرين على تقديم رؤيا منطقية للعالم وما يحدث فيه، ومنهجا لمعرفة الواقع الموضوعي الطبيعي والاجتماعي بحيث يمكن أن يقدم حلا للقضية الثانية وهي صياغة نظرية للثورة السودانية ومن ثمة برنامجا لتلك الثورة؟ إذ أن المهم ليس فقط تفسير العالم وإنما تغييره!

أولا: أن الموقف الفلسفي للماركسية فيما يتعلق بما يسمى القضية الأساسية في الفلسفة، أي أسبقية الوجود الموضوعي (المادي)، وحدة العالم، إمكانية إدراك العالم....الخ ما زال صحيحا ومطابقا للمعرفة العلمية العصرية التي بين يدينا. إن هذا يفرق بشكل أساسي بين الماركسية كفلسفة مادية وكل الفلسفات المثالية الأخرى، وهنا لابد من الوقوف لشرح ماذا نعني بمفهوم أن فلسفة ما مادية أو مثالية لأن هناك فهما سوقيا، مبتذلا وغير علمي لمفهومي المادية والمثالية. فمفهوم المادية في الفلسفة لا علاقة له بمفهوم المال أو القروش، أي أن ما يقال حول أن فلانا مادي بمعنى أنه يحب المال فذلك فهم سوقي للمادية، أو بمفهوم الملذات الحسية فذلك أيضا مفهوم مبتذل آ خر للمادية. والمقصود من ابتذال مفهوم المادية عند العامة من الناس والمتعلمين الذين لم يسعفهم الحظ بدراسة الفلسفة هو أبعاد هؤلاء وأولئك من الفكر المادي الفلسفي حتى لا يمتلكوا فهما علميا عن الدنيا والوجود الإنساني والاجتماعي يقربهم من أي فكر ثوري رافض للأوضاع الاجتماعية السائدة. كما أن تشويه المفهوم المادي عند عامة الناس يقصد به إبعادهم عن الحزب الشيوعي والفلسفة الماركسية.
ولعل محاولة فريد يريك أنجلز، صديق ماركس ورفيق نضاله، لشرح الفرق بين المثالية والمادية في كتابه "لودفيغ فورباخ ونهاية الفلسفة الكلاسيكية الألمانية"، يعطي، رغم تبسيطه، شرحا للمسألة. يقول أنجلز: "السؤال الأساسي في كل الفلسفة، خاصة الحديث منها، هو الذي يخص العلاقة بين التفكير والوجود." (الأعمال المختارة، الطبعة الإنجليزية، دار التقدم موسكو 1970، ص 345). وحول ذلك السؤال، وفقا لانجلز، تنقسم الفلسفة لمعسكرين مثالي ومادي (ص 346) فالذين يقولون بأسبقية الفكر أو الروح على الوجود أو الطبيعة هم مثاليون والذين يقولون بأسبقية الوجود والطبيعة هم ماديون. ولعل لينين أعاد للفلسفة الماركسية مجدها في نقاشه الفذ للنقد التجريبي عندما أعلن ببساطة ووضوح متناهيين "إن مفهوم المادة كما أوضحنا من قبل، لا يعبر معرفيا عن شيء سوى الواقع الموضوعي الموجود بشكل مستقل عن عقل الإنسان" (المادية والنقد التجريبي،الطبعة الإنجليزية، دار النشر باللغات الأجنبية موسكو، 1952، ص 270). وبالتالي تصبح المسألة هي هل يمكن أن يعرف الإنسان ذلك الواقع الموضوعي، الموجود بشكل مستقل عنه؟ وكيف يمكنه التعرف على ذلك الواقع؟ وهل تكفي معرفة الواقع أم من الضروري تغييره؟
ثانيا: المادية الديالكتيكية تقدم المنهج الذي يقود لنظرية المعرفة التي تتبناها الماركسية، وذلك المنهج ما زال صحيحاً باعتباره المنهج العلمي القادر على دراسة وإدراك كنه الواقع الطبيعي والاجتماعي. وبالنسبة للماركسية الديالكتيك ليس مجرد مجموعة قوانين أو مقولات أو متقابلات فلسفية جامدة يتم حفظها من بطون الكتب المدرسية المبسطة على النهج الستاليني ، إنما هي القدرة على إدراك المحدد (الكلي) من خلال عملية التجريد وإعادة بناء الكلي والنشاط الخلاق والممارسة والتجريب والمقارنة المستمرة بين المدرك كتصور منطقي (نظري) للواقع، والواقع، أي بين (المحدد/المفهوم) و(المحدد/ الواقع/ الحقيقة). ومن هنا فان الماركسية هي فلسفة تحليلية و في نفس الوقت بنائية ، لا بالمعنى الشكلي الذي يحاول البعض أن يعرف به البنائية، بل بمفهوم أنها تدرس العلاقات الداخلية والخارجية بين العناصر المكونة للكلي، أي أنها تنظر إلى الأشياء، الحركات، الأفراد والطبقات في علاقاتهم التي يكونون عن طريقها منظومات وتشكيلات، أي كليات، واقع باعتبار أن الواقع مركب، محدد ونسبي وليس أحادي، مجرد ومطلق . وفي تقديري إن العلاقة بين العنصر والكلي هي علاقة نسبية، فما يشكل عنصرا في منظومة ما، قد يكون هو في حد ذاته كلا من عناصر مختلفة، وهذا لا يشكل أساسا لنسبية المعرفة فقط بل للاستقلال النسبي للظواهر وللعمليات ولتعدد الكليات والعناصر المكونة لها ونسبية العلاقات بينها جميعا. ومن هنا فان التجريد يكتسب أهمية كبيرة في مسالة المعرفة، ذلك أن التركيب كعملية نظرية مستحيل بدون التجريد، ذلك أن التجريد لا يسمح فقط بعزل العناصر والظواهر من علاقاتها لبداية دراستها، بل انه يسمح باكتشاف العلاقات نفسها التي تجعل منها عناصر للكلي وبالتالي تسمح بفهم الكلي نفسه كمحدد أي كواقع، رغم أن ذلك الفهم يتم بتكوين نموذج منطقي، لا سبيل لامتحانه إلا بالممارسة والتطبيق (بما في ذلك التجارب المعملية والحقلية في حالة العلوم الطبيعية) والنشاط الخلاق في المجتمع أو بعلاقاته فرضياته وحيثياته وعلاقاته السببية ومنطقية نتائجه.
إن الممارسة، النشاط الخلاق والتاريخ هي المقياس الممكن لتطابق (المحدد- المفهوم- المنطقي)،( للمحدد- الواقع- الحقيقي). إن المعرفة التي لا يمكن إخضاعها للممارسة والنشاط والزمن تظل معرفة نظرية فقط تقوم على تماسك فرضياتها الأساسية وتماسك بنائها المنطقي (بما في ذلك صحة فرضياتها، إذ أن ثبوت بطلان فرضياتها يثبت بطلانها نفسها، كالبناء الذي ينهار أساسه). إن العلوم الطبيعية تخضع نظرياتها للتجريب المعملي والحقلي وغيرها من أشكال البحث التطبيقي، وهي تستفيد من عملية التجريد النظرية فتحاول إن تنقلها للتطبيق العلمي والمعملي في دراسة واكتشاف العناصر والعلاقات لخلق كليات جديدة لم تكن موجودة في الطبيعة (من خلال تشكيل علاقات جديدة بين عناصر جزئية موجودة مسبقا ولكن لم تكن بينها نفس العلاقة أو عزل عناصر عن علاقاتها مع عناصر أخرى، أو الاستفادة من اكتشاف وجود علاقات بين عناصر أما لإعادة إنتاجها أو إيقاف إنتاجها ...أو كما قال أنجلز جعل الشيء في ذاته، غير القابل للمعرفة عند كانط، شيئا لنا) . أما العلوم الاجتماعية فان نظرياتها هي موضوع التجربة والنشاط الإنساني الاجتماعي بكافة أشكاله السياسية والاقتصادية والثقافية والتربوية...الخ. إذ أن التجريد في العلوم الاجتماعية التي تدرس المجتمعات الإنسانية لا يتم إلا على مستوى نظري، على مستوى المفاهيم والمقولات؛ بينما في العلوم الطبيعية من الممكن عمليا ومعمليا أحيانا عزل العناصر وإعادة بناء الكل، بل يمكن القول إن تاريخ علوم طبيعية كثيرة كالكيمياء والكيمياء العضوية والأحياء ..الخ، يمكن النظر إليه من خلال اكتشافات واختراعات قامت على نجاح عزل العناصر واكتشاف خواصها وعلاقاتها مع بعضها البعض. وهذا لا يعني بالطبع أن العلوم الطبيعية لا تحتوي على علوم نظرية مبنية على افتراضات، فالتنظير في علوم الفيزياء والفضاء مثلا يقود المعرفة العلمية التطبيقية في تلك العلوم ويعيد صياغة النظريات كلما حققت المعرفة العلمية التطبيقية اكتشافا علميا أو اختراعا جديدا.
وتظل الفلسفة عموما معرفة نظرية تعتمد على البناء المنطقي لحيثياتها واطروحاتها وعلى صحة افتراضاتها ومقولاتها المعبرة عن الواقع الطبيعي أو الاجتماعي أو الإنساني. والمعرفة الفلسفية لا غنى عنها لتطور الإنسان وتطور المعرفة الإنسانية، لأنها أساس المعرفة العلمية و مصدر أداتها المعرفية، أي مصدر منهجها و نظريتها للمعرفة، وسواء أعترف العاملون في مجال العلم المعين بأن ثمة معرفة فلسفية خلف نشاطهم العلمي أو لا فإن ثمة فلسفة وراء ذلك النشاط حتى ولو لم يدركها أولئك "العلماء".
ومن هذا المنطلق فان الماركسية هي أداة لمعرفة العالم ولكنها أداة ليست فقط لتفسير العالم وإنما ايضا لتغييره، أي أنها منهج فلسفي للبراكسيس Praxis؛ أي للنشاط الخلاق، وهي تستند في النشاط الخلاق ذلك على دراسة وتحليل الواقع الملموس،(يقول لينين إن أهم شئ في الماركسية هو دراسة الواقع الملموس وان الديالكتيك الجاد هو تحليل الواقع كعملية، أي في حركته وتحوله) فالتكتيكات المناسبة والحلول للمشاكل والقضايا العملية الملموسة تحتاج لمعرفة دقيقة بالواقع الموضوعي والقدرات والإمكانيات الذاتية للقوى الاجتماعية والسياسية المختلفة، والقدرة على تلخيص التجربة واستخلاص الدروس العامة والخاصة منها (وهو مستوى من التنظير) والاختلاف الأساسي في تقديري بين التجريبية كوسيلة للمعرفة والماركسية، أن التجريبية تحصر المعرفة في التجربة بينما الماركسية، تنظر (هي تنتج نظرية أو تمارس نشاطا تنظيريا) قبل وبعد التجربة وتقوم باستخلاص نتائج التجربة وهي تجرد و تحلل وتعيد بناء (تركيب) الواقع وتعمم ببناء النماذج واستخلاص المقولات أي أنها تنظر، تنشئ نظرية للاسترشاد بها، وهذه النظرية تزداد غنىً من خلال النشاط الخلاق، أي من خلال التجربة. أي أن العلاقة بين النظرية والتجربة هي علاقة تبادل في الاغتناء والإثراء، أي لمزيد من المعرفة التي تقود لمزيد من النشاط الخلاق، لا لمجرد تفسير وفهم العالم وإنما لتغييره. ومن هنا تنبع صحة المقولة اللينينية ""لا توجد حركة ثورية بدون نظرية ثورية" (لينين، ما العمل، ط البنجوين 1988 ، ص 40)
نواصل

Post: #106
Title: Re: كلما اقتربت الماركسية من الواقع ، كلما نزعت لافتاتها الشيوعية
Author: HAYDER GASIM
Date: 03-14-2006, 10:58 PM
Parent: #105

الأخ صدقي ... مرحبتين

الأولى بالأصالة ... والثانية بالوكالة

فباب الضيافة لا يغلق , وإن تأخر القادم أو غفى صاحب الدار

فنحن فى مجازية الأدب الشعبي السوداني الضيوف ورب المنزل


أراك وكأنك تود أن تقول , أن الشيوعية ما تزال بخير , لكن وكأنها الأفيون , فقد إخترت لها

لفائفا متراكبة صميغة , لا أظنها تساعدك فيما ترنو إليه , خاصة وأن هنا قراء , وليست حلقة

مرشحين , مع هذا فلننتظر ... ونشوف آخرتا .

Post: #107
Title: Re: كلما اقتربت الماركسية من الواقع ، كلما نزعت لافتاتها الشيوعية
Author: Sidgi Kaballo
Date: 03-15-2006, 07:27 AM
Parent: #106

حيدر أبو القاسم
أولا شكرا للترحيب بي في داري.
ثانيا صبرت عليك حتى قلت ما تريد فأصبر علي.
ثالثالست ممن يتعلم من سيادتكم الفرق بين الحديث لحلقة المرشحين والجمهور، وخاصة جمهور المثقفين، ولكن علي حال شكرا على الإشارة. وأرجو أن يكون نقاشنامفيدا للجميع.
وسأعود لمواصلة الحديث!

Post: #108
Title: Re: كلما اقتربت الماركسية من الواقع ، كلما نزعت لافتاتها الشيوعية
Author: Sidgi Kaballo
Date: 03-15-2006, 08:23 AM
Parent: #107

3
ومن هنا يأتي الحديث عن نظرية للثورة السودانية أو للثورة في أي بلد أو في أي عصر، أو أي مرحلة أو فترة تاريخية، حيث يتم استحداث تلك النظرية من خلال أعمال المنهج ونظرية المعرفة في الواقع من جهة ومن خلال النشاط الثوري وتلخيص التجربة واستخلاص نتائجها من جهة أخرى وهما عمليتان متكاملتان. وهذا يقود إلى القول بتاريخية النظرية وخصوصيتها، مما يجعل هناك دائما ضرورة للالتصاق بالواقع والشعب والعصر والمرحلة والفترة الثورية، أي أهمية نسبية الزمان والمكان والمجتمع في استخلاص نظرية للثورة، و هذا بالضبط ما يجعل كتابات ماركس وانجلز ولينين وأي كتابات أخرى محدودة ونسبية وان أهم ما تحتويه هو منهجها، ولكن مثلما هناك مسائل نسبية فهناك في كل التاريخ البشري التعميمات في العلوم الطبيعية والاجتماعية مثل كروية الأرض وكون أن تحول قوة العمل إلى سلعة هو تعميم للإنتاج السلعي الرأسمالي، إذ أن مثل هذه الأشياء لا تحتاج لإعادة اكتشاف. يقول لينين
أن طبيعة التفكير البشري لعلى نحو يمكن أن يعطي، وهو يعطي، الحقيقة المطلقة، التي هي مجموعة حقائق نسبية. إن كل مرحلة في تطور العلم تضيف لهذه الحقيقة المطلقة الكلية، لكن مدى صحة أي مفهوم علمي لهي مسألة نسبية، تتسع أو تضيق بالتطور اللاحق للعلم (مقتطف بواسطة آ.ت. فر ولوف، الفلسفة وتاريخ علم الوراثة، ماكدونالد، لندن، 1991، ص 20)
وبالتالي يمكن الحديث عن نظرية عامة للثورة تعتمد على تعميم نظري للتجربة البشرية وتطور المجتمعات، ولأنها تعميم فإن عنصر التجريد فيها أكثر طغيانا من التحديد، لأن التحديد ذو علاقة وثيقة بالخاص، بالواقع، بالمركب، باللحظة التاريخية المحددة والمكان المحدد. ولا بد أن نلاحظ هنا أن ذلك صحيح لكل نظريات العلوم الاجتماعية والطبيعية، التي تفترض ثبات " العوامل الأخرى" other things remain the same)) أو "العوامل الخارجية" (مثلاً درجة الحرارة أو مستوى الضغط الجوي) أو حتى بعض العلاقات الداخلية (العلاقة بين الفئات الطبقية في طبقة ما أو بين الإلكترونات والنيترونات في عنصر ما)، إذ أن تغير هذه الفرضيات أو الظروف أو الشروط قد يؤدي لتغيير جزئي أو كلي في معطيات ونتائج النظرية وعلاقاتها بالواقع.
ولهذا السبب فإن الحديث عن قوانين للتطور الاجتماعي هو تعميم نظري يعطي صورة عامة عن عمل هذه القوانين ومرشد لمعرفة وإدراك عملها لا يغني عن التحليل الملموس للواقع الملموس. فالمادية التاريخية عندما ترسم تصورا عاما لأساليب الإنتاج التي عرفتها البشرية لا تقدم صورة محددة لأسلوب الإنتاج الإقطاعي في سلطنة دارفور أو السلطنة الزرقاء أو لكيفية حدوث التراكم البدائي لرأس المال في السودان وهكذا، إذ كل ذلك يعتمد على الخصوصية السودانية، رغم أنه لا ينفي مثلا وجود علاقات ريع في الإقطاع السوداني (راجع محمد إبراهيم نقد: علاقات الأرض في السودان هوامش على وثائق تمليك الأرض، دار الثقافة الجديدة 1993) ولا جوهر التراكم البدائي لرأس المال الذي هو طلاق المنتج عن وسائل إنتاجه، ولكن الخصوصية تبقى في العملية التاريخية التي تم فيها كل ذلك والسمات الخاصة التي تركتها على أسلوب الإنتاج المعين أو عملية التراكم المعينة.
ثالثا: يظل الديالكتيك هو منهج الماركسية ايضا لدراسة الاقتصاد والاقتصاد السياسي. ولعل هذا ما يجعل من الممكن أن نفرق بين الاقتصاد والاقتصاد السياسي كمستويين مختلفين للبحث والدراسة لنفس التشكيلة الاقتصادية الاجتماعية، بل من الممكن الزعم أن الاقتصاد السياسي هو علم العلوم الاجتماعية لأنه العلم الذي يحاول من خلال دراسة العلاقات الاجتماعية (بما في ذلك علاقات الإنتاج) دراسة التشكيلات الاقتصادية الاجتماعية في كلياتها. وهو ايضا العلم الاجتماعي القادر على دراسة المجتمع كمجموعة عمليات متشابكة والظواهر الاجتماعية، إما كنتاج أو تعبير عن عمليات اجتماعية ذات محتوى تاريخي محدد. ولان منهج الاقتصاد السياسي هو الديالكتيك فانه يكتسب قدرة على التجريد والتحديد تجعل منه بطبيعته علما تركيبيا أو بنائيا (structural)؛ إما علم الاقتصاد وهو علم برجوازي النشأة والتطور، أي انه نشأ وتطور في علاقة وثيقة مع تطور البنية الاقتصادية للرأسمالية، فهو يكتفي بدراسة الظواهر الاقتصادية كظواهر عامة للمجتمع دون إدراك، أو قل دون اعتراف واضح بمحدودية المجتمع والظواهر تاريخيا، مختفيا خلف الفرضيات بثبات الظواهر غير الخاضعة للدراسة المباشرة. لهذا الموقف غير التاريخي إشكالياته العلمية والأيديولوجية، ولعل أهم هذه الإشكاليات، وهي أهمها لان طابعها الإشكالي علمي وأيديولوجي في ذات الوقت، هو تعامل علم الاقتصاد البرجوازي مع التشكيلة الاقتصادية الاجتماعية الرأسمالية باعتبارها الوضع البشري الطبيعي وتصرف أفرادها باعتباره التعبير المطلق عن العقلانية الاقتصادية (economic rationality ). وهذا تعامل أيديولوجي غير علمي إذ أن هناك تشكيلات اقتصادية سبقت الرأسمالية ولها عقلانية مختلفة . كما أثبتت التجربة السوفيتية، رغم سلبياتها، إمكانية نشوء تشكيلات ما بعد رأسمالية. و هذا الافتراض هو أيديولوجي أيضا لأنه يحاول أن يعطي تصورا بان لا بديل للرأسمالية وعقلانيتها الاقتصادية. ولكن ماذا يتبقى من علم الاقتصاد البرجوازي كعلم؟ إن الدراسة الموضوعية للعلاقة بين الظواهر والمتغيرات الاقتصادية هي علم، رغم محدوديته ونسبيته، للتشكيلة الاقتصادية الرأسمالية، (مثلا العلاقة بين الدخل والاستهلاك، أو بين الأسعار والدخل والطلب على البضاعة، أو بين توزيع الدخول والادخار، أو بين الطلب الفعال عند كينز ومستوى التوظيف، أو بين سعر الفائدة و معدل تبادل العملة، أو بين معدل التضخم وحجم الكتلة النقدية والعمالة...الخ).
ويمكن القول أن ظاهرة تعدد العلوم الاجتماعية (علم اقتصاد، علم سياسة، علم اجتماع الخ) وفروعها الدقيقة الأخرى هي نتاج طبيعي لتقسيم العمل في المجتمعات الصناعية الجديدة، وكان ماركس قد أطلق على علم الاقتصاد البرجوازي الكلاسيكي الجديد عند نشأته اسم الاقتصاد المبتذل. وقد أدى ذلك لتعامل أعداد كبيرة من الماركسيين مع مجموعة العلوم الاقتصادية البرجوازية بنظرة أحادية، فلم يروا فيها غير تبرير أسلوب الإنتاج الرأسمالي. ولكن رغم أهمية هذا الانتقاد ذي المحتوى التاريخي، فان من الضروري النظر إلى ما هو علمي في هذه العلوم لان مهمتها ليست فقط التبرير بل السعي للإدارة الكفؤة للاقتصاد الرأسمالي وللحفاظ عليه ولإصلاحه، وكل ذلك بهدف تحقيق أقصى معدل للربح من خلال رفع درجة معدل الاستغلال. ولكي تحقق تلك العلوم هذا الهدف فإنها تقوم بتطوير معارف تقنية هامة في مجال الإدارة والمحاسبة ودراسة وبحوث الأسواق والعمليات الإنتاجية والتبادلية واتجاهات المستهلكين ... الخ. كما أنها تطور أدوات للسياسات الاقتصادية والمالية التي تساعد في توجيه النشاط الاقتصادي بشقيه الإنتاجي والاستهلاكي وتستنبط أساليب لإعادة توزيع الدخول والاستثمارات والتراكم تعمل من خلال التحكم على تأثيرات قانون القيمة. وهكذا ايضا تحاول العلوم الاجتماعية الأخرى في ظل الرأسمالية أن تقوم بالدور المزدوج في تبرير أسلوب الإنتاج الرأسمالي والعلاقات الاجتماعية (بما في ذلك العلاقات السياسية والقانونية) وتعمل على تأسيس وصيانة هجمنة الرأسمالية وحل تناقض فئاتها وتقليل حدة الصراع الطبقي وطمس معالمه، وفي نفس الوقت تسعى لحل تناقضات النظام الرأسمالي الثانوية وتحسين إدارته ورفع كفاءته لضمان استمراره وصيانته ولتحقيق أعلى معدلات الربح والتراكم. والعلوم البرجوازية تقوم بدورها هذا ليس فقط تحت ظل هيمنة البرجوازية، بل ايضا تحت تأثير الصراع الطبقي والتطور العلمي والتقني لوسائل الإنتاج. وكلاهما يؤثر بشكل مباشر وغير مباشر في منحى ومنهج ونتائج هذه العلوم.
والعلوم الاجتماعية البرجوازية في أداء مهمتها هذه تنتج علما وأيديولوجية وعلى البشرية التقدمية أن تحتفظ بالعلم وتطوره وترسل الأيديولوجيا إلى متاحف التاريخ، وهذا يتطلب من الماركسيين أن يتحزموا بالمعرفة عند نقدهم للعلوم الاجتماعية البرجوازية إذ لا ينفع النقد العام باعتبارها أيديولوجيا فقط. وهذا يكتسب أهمية خاصة في البلدان التي لا تواجه للتو مهام التحول الاشتراكي والتي سيظل أسلوب الإنتاج الرأسمالي سائدا بها أثناء مرحلة الثورة الوطنية الديمقراطية، عندما تكون المهمة التي تواجه الثوريين هي: كيف يديرون نظاما رأسماليا بكفاءة في سبيل تطوير القوى المنتجة وإحداث تنمية متوازنة ومتسارعة؟ وكيف يحققون نظاما لتوزيع الدخول والخدمات الاجتماعية أكثر عدلا؟ كما يمثل ذلك ضرورة في فترات الانتقال للاشتراكية حيث تتعدد أشكال ملكية وسائل الإنتاج. وفي هذا المجال كان للحزب الشيوعي السوداني إسهاما كبيرا خاصة خلال الديمقراطية الثالثة .
وإذا كان هذا صحيحا بالنسبة للاقتصاد فهو صحيح ايضا بالنسبة للعلوم الاجتماعية الأخرى كعلوم السياسة والاجتماع والسكان والانثربولوجيا الاجتماعية والقانون والجريمة والإدارة والإدارة العامة والسيكولوجي والسيكولوجي الاجتماعي ... الخ، خاصة إن عددا كبيرا من هذه العلوم يقترب بمنهجه من الماركسية ويستعمل تقنيات في البحث تطور المنهج العلمي في دراسة ظواهر جديدة لم يعرفها مؤسسا الماركسية نفسيهما؛ ورغم أنها تساعد في تقديم دلائل جديدة على بعض استنتاجات الماركسية، إلا أنها بالتأكيد تساعد في تصحيح مقولات ماركسية خاطئة أو تكشف عن متغيرات في الواقع تجعل من بعض تلك المقولات غير صحيحة اليوم وكانت صحيحة بالأمس. وهذه العلوم جميعها ذات صلة وثيقة بالمادية التاريخية والاقتصاد السياسي وبعضها تسوده مناهج مثالية تحتاج لانتقادات جوهرية دون إهمال أهمية المجالات التي تدرسها.

Post: #109
Title: Re: كلما اقتربت الماركسية من الواقع ، كلما نزعت لافتاتها الشيوعية
Author: Sidgi Kaballo
Date: 03-16-2006, 05:11 AM
Parent: #108

الاقتصاد السياسي الماركسي والرأسمالية المعاصرة
ورغم هذا التعدد والثراء في العلوم الاجتماعية، فان الاقتصاد السياسي الماركسي ما زال يقدم التحليل التاريخي الأساسي لطبيعة التشكيلة الاقتصادية الاجتماعية للرأسمالية ولأسلوب الإنتاج الرأسمالي. ورغم التطورات التي لحقت بهذه التشكيلة فان جوهر أسلوب الإنتاج الرأسمالي ظل كما هو: استلاب الإنسان المنتج عن طريق تجريده وفصله عن ملكية وسائل إنتاجه (والتي أصبح أكثر التصاقا بها أثناء عملية العمل أو الإنتاج) ومنتجات عمله واستغلال العمل المأجور واستخلاص فائض القيمة، الذي هو المصدر الأساسي للتراكم الرأسمالي.
لقد تطورت وسائل الإنتاج، خاصة أدواته، واصبح العمل اكثر تعقيدا ويحتاج إلى مهارات عالية، مما أدى إلى تطور كبير في القوى المنتجة؛ وتطورت الأشكال التنظيمية والقانونية للمنشآت الرأسمالية وظهرت الشركات المحدودة والمساهمة والشركات متعددة الجنسية والمتعدية للحدود الوطنية، وأسواق الأوراق المالية وراس المال المالي والمصرفي، وانفصلت الإدارة المباشرة واليومية للإنتاج عن الملكية الفردية لوسائل الإنتاج (مما يؤكد طفيلية الملكية الخاصة وعدم ضرورتها كشرط للإدارة الكفؤة للمنشات كما تعبر الأيديولوجيا المبررة للرأسمالية )؛ ولكن ظلت العلاقة الأساسية هي بين العمل المأجور وراس المال، واصبح الجميع، عدا مالكي وسائل الإنتاج، مضطرين لبيع قوة عملهم؛ وتوسع الإنتاج السلعي ليشمل إنتاج خيرات وخدمات متعددة من بينها الخدمات الاجتماعية، كالصحة والتعليم، مما حول منتجي هذه الخدمات في كثير من البلدان الرأسمالية المتطورة إلى أن يصبحوا جزءاً لا يتجزأ من الطبقة العاملة، رغم سيادة أيديولوجيا وسطهم تصنفهم خارج نطاق الطبقة العاملة. وما زال الهدف الأساسي لكل منشأة رأسمالية هو تحقيق أقصى معدل للربح. وهذا لا يتم في ظروف التنافس الرأسمالي العالمي إلا بزيادة الإنتاجية وزيادة معدل فائض القيمة (معدل الاستغلال) أو فرض الهيمنة الاحتكارية. ولا يهم الرأسمالية كثيرا إذا ما كان العامل المستغل يعمل يدويا في مناجم الذهب في جنوب أفريقيا أو يعمل في مصنع لتطوير الإلكترونيات في كوريا الجنوبية أو اليابان، وسواء كان هذا العامل معقد التدريب وعالي الكفاءة ويحمل أرقى الدرجات العلمية ويعيش وهما أيديولوجيا بأنه جزء من الطبقة الوسطى، أو أنه متدن التدريب والكفاءة يكمل ويندمج في عملية ميكانيكية لآلة ضخمة ويبصم في نهاية الأسبوع أو الشهر لصرف أجره؛ أو أن أجره يتحول إلى حساب جار في بنك ويستعمل بطاقة بلاستيكية-إلكترونية لسحبه.
والرأسمالية رغم ما أحدثت من تطور في قوى الإنتاج فأنها ما زالت ذلك النظام الطبقي الذي يتفاوت فيه توزيع الثروات والدخول. وببداية انهيار دولة الرفاهية تحت ضربات اليمين الجديد منذ نهاية السبعينات وتراجع حركة الطبقة العاملة، اصبح أي حلم عن اختفاء الفقر في البلدان الرأسمالية، بدون تغيير النظام الرأسمالي نفسه، غير قابل للتحقيق ويدعو للسخرية. إن الرأسمالية المعاصرة تعاني من أمراض البطالة المزمنة، حتى في أوساط الكوادر المتخصصة، وتعاني من ظاهرة التضخم ومن عجز مزمن في ميزانيات الدولة، مما يدفعها للاعتماد على الاستدانة من النظام المصرفي ومن الجمهور ويؤدي بها للتخلي عن واجباتها في تقديم الخدمات الاجتماعية التي كانت مفخرة دولة الرفاهية.
إن راس المال يواجه مشكلة اتجاه معدل الربح نحو الانخفاض في البلدان الرأسمالية، بتطوير التكنولوجيا لزيادة إنتاجية العمل وتخفيض عدد العاملين وإحلال المكننة والأتمتة واستعمال الإنسان الآلي والكمبيوتر محل العمل الإنساني. وبدلا عن أن يؤدي ذلك لتخفيض ساعات العمل وزيادة الأجور والمرتبات، فإنه يؤدي إلى زيادة البطالة وهيمنة الاحتكارات وطرد المنتجين الصغار. بل أن المنافسة بين المؤسسات والدول الرأسمالية، لتجديد وسائل الإنتاج ونظم الإنتاج وفقا للتطور العلمي والتقني الذي تفرضه المنافسة نفسها، يؤدي إلى تشريد أعداد ضخمة من العاملين إما عن طريق التشريد القسري بإغلاق المؤسسات أو بإغراء العاملين على التقاعد المبكر. وإزاء هذه الظروف الجديدة تواجه النقابات تهديدات دائمة من الرأسماليين بان المطالبة بزيادة الأجور قد تؤدي إلى إغلاق المصانع أو نقلها إلى بلدان أخرى حيث الأجور اقل، ويزداد دور الدولة الرأسمالية في ضمان الطلب على منتجات الصناعة الوطنية إما عن طريق مشتريات الدولة أو عن طريق العقود الخارجية خاصة في مجالات صناعات السلاح والبناء والطاقة ... الخ.
ويواجه راس المال مشكلة حقيقية في مجال التوسع، أي إعادة الاستثمار، وهي مشكلة حقيقية لأنها تتعلق بطبيعته بالذات فلا يمكن وجود راس مال بدون سعيه الدؤوب للنمو، للتمدد، من خلال عملية التراكم والاستثمار. ومن هنا يكتسب أسلوب الإنتاج الرأسمالي صفته كأسلوب للإنتاج الموسع. والمشكلة ناتجة من ضيق فرص الاستثمار المتاحة على النطاق الوطني للبلدان الرأسمالية المتطورة وزيادة المخاطر في الاستثمارات الخارجية وشدة التنافس على مستوى العالم بين الشركات الوطنية والشركات متعددة الجنسيات من جهة و فيما بين الشركات متعددة الجنسية أو العابرة للحدود الوطنية من جهة أخرى وبطؤ نمو الطلب الوطني والعالمي (حتى بالنسبة للسلع الجديدة حيث تسود ظاهرة سرعة تشبع الأسواق ). ويحاول راس المال حل هذه المشكلة عن طريق إدخال مزيد من مجالات النشاط الإنساني في مجال الإنتاج السلعي (الصحة، التعليم، إدارة السجون، الأمن، الخ.) وخصصة القطاع العام (بما في ذلك قطاعات الخدمات)، ونقل النشاط الرأسمالي وفرضه في تشكيلات ترفض الاستثمار الأجنبي (شرق أوربا مثلا)، وفرض نظم التجارة الحرة وانتقال رؤوس الأموال على كل العالم عن طريق القات (الاتفاقية الدولية للتجارة والتعريفة الجمركية ) والاتفاقيات اللاحقة التي تنظم التجارة الدولية وإقامة منظمة جديدة لرعايتها(منظمة التجارة الدولية). وهذا بالضبط ما يسمى بالعولمة. ويحاول جزء من راس المال حل هذه الإشكاليات بالمضاربات (في أسعار العملات والأسهم المالية)، مما يهدد النظام كله بعدم الاستقرار. ولكن كل هذه المحاولات لا تقدم حلا جذريا لمشكلة هي من خلق الإنتاج الرأسمالي نفسه وجزء لا يتجزأ من تناقضاته الوطنية والعالمية. فمثلا في الوقت الذي تزيد فيه إنتاجية العمل للتطور التقني والعلمي، تزداد فيه البطالة، مما يؤدي إلى تناقص نمو القوة الشرائية (لا تنمو القوة الشرائية بنفس وتاير نمو الإنتاج، وهذه أحد مصادر الأزمات الكلاسيكية في الرأسمالية). وتتخلى الرأسمالية عن السياسات الكينزية، التي تؤدي إلى زيادة الطلب الفعال، بتبنيها للاقتصاد الكلاسيكي الجديد خاصة مدرسته النقدية. وبينما تدعو هذه المدرسة للخصخصة وبيع القطاع العام وتسليع الخدمات الاقتصادية والاجتماعية، فهي تدعو لتخفيض الضرائب، مما يفاقم من أزمة الدولة المالية ، مما يدفع هذه الدول لزيادة الدين العام والذي يؤدي بدوره لزيادة وتيرة التضخم. وتدعو هذه السياسات لتخفيض منصرفات الدولة مما يعني إلجاماً للطلب العام الفعال مرة أخرى وتدهور أو تجميد نمو الخدمات العامة وازدياد نسب السكان الذين يعيشون على هامش الفقر. أما على المستوى العالمي فان النظام النقدي العالمي والمؤسسات المصرفية الدولية والشركات متعددة الجنسية والمتعدية للحدود الوطنية تمتص الفائض الاقتصادي من دول العالم الأقل نموا، مما خلق انسيابا معاكسا لرؤوس الأموال من الدول النامية إلى الدول الأكثر نموا، وهذا يساهم في تقليل الطلب العالمي ويضيق من جديد فرص الاستثمار. وتتجلى هذه الأزمة في أعلى درجاتها في ما يعرف بأزمة الديون العالمية؛ إذ أن صافي التحويلات من الدول المدينة للدول الدائنة هو إيجابي.
أن هذا الوضع الجديد، في تطور التشكيلة الاجتماعية الاقتصادية الرأسمالية في البلدان الصناعية المتطورة، يحتاج للدراسة المحددة للواقع الملموس في هذه البلدان، مثلما يتطلب ذلك تطور الرأسمالية في بلداننا النامية، ولهذا يصبح دراسة الاقتصاد السياسي لكل بلد مهمة ثورية تواجه ثورييه. ولكنه لا يغني عن دراسة الاقتصاد السياسي للعالم المعاصر الذي يكاد أن يصبح مدينة رأسمالية كبيرة. وهكذا يصبح تطور الاقتصاد السياسي كعلم لا يعتمد فقط على ترديد المقولات التي أكتشفها ماركس حول أسلوب الإنتاج الرأسمالي، أو لينين وروزا لوكسمبريغ وهيلفردينغ عن الإمبريالية والاحتكارات، وإنما بالمعرفة الدقيقة للرأسمالية المعاصرة وكيفية تطورها وعملها والطبقات والفئات الطبقية الموجودة في مجتمعاتها والعلاقات التي تسود بينها وأيديولوجياتها وأشكالها التنظيمية الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، والصراع الطبقي وأشكال تجليه وكيفية إدارته وتنظيمه.
هل يا ترى ما قدمت لفهم للماركسية مختلف عما قدمه عدلان وحيدر، وما هو أوجه الإختلاف؟
نواصل

Post: #110
Title: Re: كلما اقتربت الماركسية من الواقع ، كلما نزعت لافتاتها الشيوعية
Author: aydaroos
Date: 03-23-2006, 06:05 AM
Parent: #109

نقاش جميل..... فوووووق

Post: #111
Title: Re: كلما اقتربت الماركسية من الواقع ، كلما نزعت لافتاتها الشيوعية
Author: Sidgi Kaballo
Date: 03-27-2006, 07:11 PM
Parent: #110

يا جماعة أنا ما نسيتكم وجاي أكمل

Post: #112
Title: Re: كلما اقتربت الماركسية من الواقع ، كلما نزعت لافتاتها الشيوعية
Author: Mohamed Abdelgaleel
Date: 03-28-2006, 05:26 AM
Parent: #111

د. صدقي .. في إنتظار التكملة

عدلان - نتوقع أن يتواصل الخيط .. نايل بسلم عليك ..

Post: #113
Title: Re: كلما اقتربت الماركسية من الواقع ، كلما نزعت لافتاتها الشيوعية
Author: Sidgi Kaballo
Date: 04-04-2006, 03:58 PM
Parent: #112

مثلا الماركسية عند حيدر أبو القاسم (والذي يقول أنه كان ماركسيا وشيوعيا وقد تخلى عنهما) هي فكر مطلق (غير نسبي) وحتمي، يقول في رسالته الأولى:
"الفكر حري بالتأمل والإستغراق ... وربما الإسترجاع
لكن الماركسية ترفض الأخيرة ... بإعتبارها نكوصا عن مراداتها الثورية
وبحسبانها مدخلا للمعايرة وللنقدية وللنسبية بالطبع
فهذه فى الظنية الماركسية موبقات العصر ... وآفة الزلف البرجوازي
أو بالأحرى هى حصان طروادة ... وهو يتلمظ بالحتميات التاريخية الماركسية"
وطبعا تلك ماركسية يحق لحيدر أن يتركها غير مأسوف عليها، ولكن تلك ماركسية حيدر وليست ماركسية ماركس الموجودة في كتبه. فماركسية ماركس تقوم على النقد (وليس بالصدفة أن كل كتب ماركس تحمل في عنوانينها الرئيسية والثانوية كلمة نقد او مساهمة في نقد) ونسبية الحقيقة (وهي نسبية تقوم على الزمان والمكان وتراكم المعرفة والخبرة البشرية والنظرة الطبقية!)، أما الحديث عن الحتميات التاريخية فهو حديث قديم يردد إتهامات قائمة على فهم خاطئ للمادية التاريخية ولمنهج ماركس.
يصنف حيدر ابو القاسم الماركسية كفلسفة ترجع كل شئ للطبيعة، يقول في مساهمة في 5/2/06
يخاطب فيها قصي:
"تاريخ البشرية حدث وكما قيضته الإرادة الكونية , وهذه الإرادة وفق أحكام المرجعية الدينية تنتمي إلى المشيئة الإلهية , ووفق النظم الماركسي تنتمي إلى الطبيعة , ودعني هنا أشير للماركسية ( كممثل ) لكل التيارات الفكرية الوضعية, التي حاولت أن تجترح مجرى ماديا للتأسيس لتاريخ البشرية , , وهذا بالطبع يتضمن الدارونية وكل المدارس والإتجاهات التى آثرت بتر الآصرة الماوراطبيعية"
وطبعا هو هنا يقول بصفتين للماركسية الماركسية بريئة منهما تماما، الماركسية لا ترجع تاريخ البشرية للطبيعة، بل هي ترجع تاريخ البشرية للبشرية إذ أن الإنسان في كفاحه للحياة يسعى للسيطرة على الطبيعة وتغييرها وهو يفعل ذلك يغير نفسه ومجتمعه وان الصراع يصبح بين الإنسان والطبيعة والإنسان والإنسان في المجنمعات الطبقية. والتهمة الثانية هي اتهام الماركسية كأحد التيارات الوضعية، وطبعا إذا قصد بصفة الوضعية التصنيف الفلسفين فعو محطئ، أما إذا كان يستعمل لغة السوق بمعنى أنها وضعها بشر فكل الفكر البشري هو موضوع، حتى الفكر الديني، فخلافا للقرآن، الذي هو وحي من عند الله عند المسلمين، فتفسيره فكر بشري وإستخلاص المعاني والأحكام منه هو عمل بشري ولذا قال الإمام علي بن طالب أنه حمال أوجه، وكلما بعد الدين عن زمن الأنبياء اصبح نشاطا بشريا خالصا، بل أنه منذ أن لحق النبي الكريم بالرفيق الأعلى، اصبح الصراع الإجتماعي هو الذي يحدد معاني الدين ويؤثر فيما يصدر من فتلوي وأحكام.
وقد فشلت أن أفهم فقرات من حديث حيدر أبو القاسم لتناقضه فخذ مثلا:
,” لكن إختارت الماركسية أن تكون لذاتها أكثر من أن تتماهى فى موضوعها , فكان جردها الفكري يستدعي أولا ( التميز ) ولسان حالها ينطق بأن الحكمة تكمن ها هنا , ومع أن هذا التوجه يشبه الماركسية فى كلياتها , إلا أنه يجافي جزعها والقائم أصلا على فرضية التطور , والتطور المعني هو ركام المعارف والتجارب والأفكار , وحيث لم تستثن الماركسية هنا الافكار والتصورات الدينية , على الأقل فإن كانت مراداتها سماوية فحواملها بشرية , وهذا ما كان كافيا لإعتبارها جزئيات من التاريخ ومعطيات من الواقع , فمع أن الماركسية تدعي لنفسها التصالح ومنهاج التطور , إلا أنها إختارت مسارا مختلفا ومفارقا لناموس الحياة وأحوال البشر عبر التاريخ , فكان نداؤها بالبتر لا التواصل , وبالجدة لا التقادم , وبإفتراع الهيئة الماركسية بديلا للتراكم , فربما لا تهمنا هنا تناقضات الماركسية مع إدعاءآتها , لكن يهمنا مؤداها وهي تحاول أن تعيد نظم البشرية على طريقتها, ويهمني أكثر هنا إنسجام المناولة مع رأس الموضوع"
فما معنى أن الماركسية أختارت أن تكون لذاتها أكثر من أن تتماهى في موضوعها؟
وأين قالت الماركسية "أن الحكمة تكمن ها هنا"؟ وكيف أن جذعها (وبالمناسبة ما هو جذع الماركسية؟) قائم أصلا على فرضية التطور وهي تجافيه ؟ وكيف نادت الماركسية بالبتر لا التواصل؟ الماركسية أساسا تحتوي على مقولات حول التراكم والتراكم الكمي والتغيير النوعي وعن التطور والإنقطاع والقفزة.
ألم أقل أن حيدر أسير لماركسية من نسيجه وهي ماركسية نرحب بإنقطاعه عنها لأنها ليست ماركسية.
القضية يا صديقي حيدر ليست صياغات لغوية شاعرية أو ذات تراكيب معقدة.
ولنا عودة

Post: #114
Title: Re: كلما اقتربت الماركسية من الواقع ، كلما نزعت لافتاتها الشيوعية
Author: Yaho_Zato
Date: 04-04-2006, 06:29 PM
Parent: #113

الاستاذ صدقي كبلو
تحياتي ومعزتي..

أتابع اضافاتك المضفية منذ البداية..

وفي تحليلك فائدة كبيرة.. لي شخصيا.. وأريد هنا في هذه العجالة أن أشير لبعض المحاور على أمل العودة..

* في جملة حديثك تناولت الماركسية كمنهج (المادية الديالكتيكية).. ورغم أنك اشرت إلى أن النظرية الثورية والعمل الثوري عند الماركسية يتكونان من تنظير وقراءة عملية للواقع في نفس الوقت (أي أن التنظير ومراجعة التنظير يصطحبان بعضهما على طول الطريق)، إلا أنك لم تتحدث حتى الآن عن المدى التنظيري في الماركسية، وعواقب مراجعة التنظير بعد أن يثبت الواقع أنه بحاجة إلى مراجعة (وأنت لست مطالبا بذلك على أية حال.. إذ يمكن أن تكون هذه نقطة تداخل من عندي).. الماركسية، في نظري المتواضع، مثلها مثل أي فكر منهجي، لا تنبني على المنهج فقط، وإنما على نتائج وتحليلات عقلية مسبقة، تحدد الخطوط العريضة والحدود العامة التي يحوم المنهج بداخلها.. للتوضيح، مثلا، فإن قراءة ماركس للتاريخ والواقع ليست معزولة عن التصور الحتمي لمجرى التاريخ (والتصور الحتمي في حد ذاته ليس عيبا كما ذكرنا قبل اليوم)، فالديالكتيك نفسه، منذ بدايات تبويبه عند هيغل، يجعل الحتمية التاريخية محورا أساسيا لقراءة التاريخ والواقع والمستقبل، وماركس لم يعدل عن هذ الاتجاه، بل هو سار فيه خطوات أوسع بعد هيغل، لدرجة جعلت بعض استنتاجاته للحتمية التاريخية اهم من المنهج نفسه.. وأرجو أن أستطيع العودة لهذه النقطة بمزيد من التفصيل قريبا..

* الديالكتيك في جوهره يعتمد على صراع النظائر، أو بالاحرى "جدل" النظائر.. بمعنى تفاعل النظيرين (أو أكثر) مع بعضهما لكي يساهما بصورة جمعية في تطورهما معا.. هذا جوهر الديالكتيك عند هيغل (حسب فهمي المتواضع).. تظهر المشكلة هنا عند ماركس وتقويضه لسعة الديالكتيك بأن حصره في اطار المادية.. فالمادية عند ماركس ليس لها نظير، وإنما تحتوي هي كل النظائر.. هذه النقطة هي المفرق الأساسي بين أصالة ديالكتيك هيغل وحوالة ديالكتيك ماركس.. فديالكتيك ماركس فقد أصالته بسبب هذا العنت الذي حصر كل المعنى الوجودي في حظيرة المادية.. وأرى أن حديثك عن مفهوم المادية في الواقع المجتمعي حديث جميل وعلمي، غير أنه ناقص.. فماركس حين عرض منهجة المادي لم يكن يتحدث فقط عن الواقع المجتمعي والاقتصادي، وإنما أراد بمنهجه أن يفسر كل مشكل الوجود البشري.. ومشكل الوجود البشري، بتاريخه السحيق والحديث وحاضره ومستقبله، غير قابل للاستيعاب في حظيرة المادية البحتة كم هو عند ماركس (وكما هو عند سلف ماركس من الماديين أمثال دارون).. كما أن محاولة تفسير المشكل البشري عن طريق الدراسة المجتمعية وحدها هي محاولة شديدة العنت في حد ذاتها.. وقد تناولنا في هذا الخيط الكثير من النقاط حول علاقة الفرد بالمجتمع، وأيهما الأصل وأيهما الفرع، وأيهما الغاية وأيهما الوسيلة.. أنا لا أجادل هنا ضد أهمية الواقع المجتمعي وضرورة تغييره، ولكني أقول ببساطة أن الواقع المجتمعي على حدة لا يملك الحل للمشكل البشري بأكمله.. وأرجو أن أعود للتفصيل أكثر في هذه النقطة، رغم أن النقاش حولها قد كان مستفيضا منذ بدايات هذا الخيط..

* بالإضافة لكل ذلك، فإن هناك نقاط لا مفك لأي ماركسي من مراجعتها اليوم على ضوء الفهم المادي الديالكتيكي نفسه، من النقاط الفكرية الأساسية التي استنتجها ماركس من دراسة التاريخ.. على سبيل المثال: ما هو رأي الماركسية المعاصرة من قضية العنف الثوري اليوم؟ وما هو رأيها في المفاهيم الروحانية، ذات الارتباط الوثيق عبر التاريخ بالفرد والمجتمع بجميع طبقاته؟ (وهذه النقطة لا يقصد بها الطعن الرخيص في الماركسية، باسم الدين والمشاعر الدينية عند الشعوب، بل هي نقطة أساسية ومحورية جدا، لا مفلت من تناولها بشكر مستمر وواضح، إذ انها عنصر حاضر دوما في مركز القضية المجتمعية، حتى ولو كانت مادية بحتة).. وأخيرا، وليس آخرا، ما هو موقف الماركسية اليوم من الديموقراطية التعددية؟ وهذه نقطة في غاية الاهمية اليوم.. فالماركسية، في أفضل تجلياتها العملية في التاريخ - أي في عهد لينين - لم تكن، في أفضل وصف، سوى ديموقراطية حزب واحد! وهذا تزييف كبير للمعنى الأصيل والممارسة الأصيلة للديموقراطية.. وهو، في أفضل أحواله، ليس فيه أي أفضلية على نظام الشورى في الشريعة الاسلامية للقرن السابع الميلادي، خصوصا عندما أوصى عمر بن الخطاب، قبل موته، بأن تجتمع مجموعة معينة من الصحابة، سماها بالاسم، وأن تختار الخليفة التالي من بينها، وليس لأحد من الشعب حق الاعتراض بعد ذلك! (وهذه شريعة، كما هو واضح اليوم، قد تجاوزها الزمان).. لينين لم يأت بجديد في مثل هذه الممارسة (رغم أنها أفضل ممارسة موثقة للحركة الماركسية في السلطة، في نظري)..

هذا ولا بد لي من الوقوف الآن، على أمل العودة، أو المتابعة كأضعف الإيمان..


ولك خالص محبتي وتقديري..

Post: #115
Title: Re: كلما اقتربت الماركسية من الواقع ، كلما نزعت لافتاتها الشيوعية
Author: Sidgi Kaballo
Date: 04-04-2006, 09:15 PM
Parent: #113

ولنعد لمسألة حيدر والماركسية والدين، ولنبدأ من نقطة فهم حيدر للماركسية مرة أخرى، فالماركسية عند حيدر عي دين، عي عقيدة متكاملة لم يفرض ماركس في كتابها من شئ، ويرى حيدر أن الشيوعيين أو الماركسيين (وهو لا يفرق بين الإثنين) لا يصح لهم "أعتناق" بعض الماركسية وترك بعضها، وأن الإلحاد أساسي في ذلك. يقول حيدر
" فكارل ماركس هو الذي اضاف البعد المنهاجي لللإلحاد وبصرامة لم يسبقه عليها الآخرون , كما لم يكتف بإعادة ترتيب إسهامه فى حدود قيد الموضوع النظري وفى إطاره الفلسفي وحسب , بل ألحقه مكونا أساسيا بنظريته ( الشاملة ) , وفتح للإلحاد أفقا جديدا لما ربطه بمناظيره الفكرية والسياسية كذلك , فأضحت ماديته الجدلية ركنا أساسيا فى نظريته , وأوثق عراها بمنهجه فى تحليل تاريخ البشرية ( المادية التاريخية ) وبرؤيته لمآلات المجتمع عبر الصراع الطبقى فيما أسماه إجمالا ( الاقتصاد السياسي ) . تلك هى الاركان الثلانة الاساسية للماركسية , ماديتين – جدلية وتاريخية- وإقتصاد سياسي" (بوست بتاريخ 18/12/05 في بوست مسارب الضي ........الحاج وراق ( الشيخ أزرق طيبة شيوعيآ!!!) )
وبقول أيضا:
"البعد الالزامي للماركسية وبكل مكوناتها يبدأ باعتناقها , وإن كانت فكر فى نهاية المطاف , إلا أن إيحائياتها الفكرية تنزلها منزلة الدين , لهذا إخترت ( موضوعيا ) كلمة إعتناق , فقد جاء ماركس ليكمل مكارم الفكر الانساني فى مجمله , فقد كان صدوحا بكل أفكاره ومتسقا مع كل مكونات نظريته , تجول بين التاريخ والفلسفة والاقتصاد , وحزم أمره فى كل , ما ترك شاردة وما قدم واحدة على أخرى , فمشيئته العدلية الجامحة لم تكن لتسمح بذلك , وما أرخى بالطبع بسدل على مكون . لم يترك فى ثنايا جعبته الفكرية شيئا للظروف , بل إصطاد الظروف من رحم غيبها وأدرجها فى مسارات نظريته , حدد مقدما مستقبل البشرية ومصيرها , فمنتهى البشرية فى مناخه الفكري هو المجتمع الشيوعى , ومنهج ( التجديل ) المادي هو لإعادة صياغة الافكار والمشاعر وترتيب البنى الفوقية لخدمة الاهداف الشيوعية , والمادية التاريخية لإستصقال سيوف الصراع الطبقى لتهيئة الطبقة العاملة لإنتصار ( محتوم ) , ينتهي بالتاريخ البشري على صرح ديكتاتوريتها وسلطتها الكاملة والابدية" (18/12/05 نفس البوست)
وأكاد لا أتعرف على ماركس ولا ماركسيته، ولكن ألم نقل خذخ ليست ماركسية ماركس بقدر ماهي ما كان يعتنق حيدر وقد هداه الله لتركها، وكم أنا سغيد لذلك لأن مثل ماركسيته هذه كانت ضارة به وبالحزب الشيوعي.
ولكن يبدو أن حيدر الآن يقترب من الماركسية دون أن يدري. أقرأوا ماذا يقول حيدر هن نشأة الأديان
" لشئ يعلمه ربي العظيم , فقد قدم فى خلده الموسوع الانسان أولا ودينه لاحقا , وهذا يحمل فى المعنى أنه خلق من عباده ولقسط مديد فى الزمن من لا يلحقون أمرهم بعليائه ومن لا يفقهون أن مشيهم من مشيئته , وإن كان فى هذا إشتراع تاريخي لإنفصام الانسان عن ربه , وإن جاز لي القول , فقد خلق ربي من عباده من يجهل وجوده بطبيعة الحال , وهذا تأسيس أول فى منقبية الالحاد . ضعف الانسان ( الذاتي ) جعله يستشرف الافق الغائب بحثا عن المعادل ( الموضوعي ) لإستكمال مناقصه وتقويم أنساقه , وكان من ثم الاله , ولان الباحث كان الانسان , متسقا مع محدوديته , فقد كان إلهه دنيويا , قوميا , إصطناعيا , ومحدودا كذلك , وإن لم تكن هذه غير بادرة , ولم يكن هذا الاصطفاف كلي , فقد تواصل البعض مع طبائعه وأحواله , وكان هناك ولا مندوحة منكرون, لكن تحولت إثرها بعضا من مجريات التاريخ , وكأنما تجلت قدرته تعالى فى الظفر بمبادرة عباده لإستنكاه ضرورته أولا , فإرتقت الفكرة من بعد من مهودها البشرية إلى عوالمها الماوراطبيعية , فكانت الاديان السماوية , تعيد صياغة الانسان , وتسطر التاريخ , آمن من آمن وأنكر من أنكر ." (مساهمة لحيدر في بوست مسارب الضي ........الحاج وراق ( الشيخ أزرق طيبة شيوعيآ!!!)
وليست هذه نظرية دينية لنشوء الأديان، فالنظرية الدينية تتحدث عن أن الله تعالى خلق آدم وخلق حواء من ضلعه وطلب من الملائكة أن تسجد لآدم فسجدوا جميعا عدا إبليس ثم أمر الله سيدنا ادم وحواء بألا يأكلا من ثمرالشجرة المحرمة فأضلهما الشيطان. إذن الإنسان (سيدنا آدم ) عرف الله مباشرة. وهذا مخالف للنظرية التي يقول بها حيدر أعلاه والتي تلخيصها أن الإنسان بحث عن الله وعبد أشياء مختلفة حتى توصل لدين التوحيد، وهذا ما يقول به علماء سوسيولوجي الأديان، وهو ببساطة ما تقول به الماركسية الدين موجود إجتماعي نشأ وفقا لإحتياجات الإنسان، بل أن علماء الأديان يتحدثون عن بعث الأنبياء عندما تكون هناك ظروفا موضوعيا لذلك، أي أن البشر مهيئين لقبول الرسالة الجديدة، والدين الجديد يقود لثورة بينما القيم القديمة تمثل عرقلة للتطور. إن المسلم او المسيحي يمكنه تبني المادية لأن هذه الأديان أيضا تقول أن الله قد خلق الإنسان من طين صلصال ثم بث فيه الروح، مما يعني أن المادة سابقة للروح وللفكر.
ولكن ليس هذا هو المهم. المهم من الذي أعطى حيدر الحق أن يختار للناس أي يفكر يتبنون (أو حتى يعتنقون وفقا للغته الدينية) ؟ ومن أين يأتي الإلحاد للمادية التاريخية والإقتصاد السياسي الماركسي، المادية التاريخية تبحث في تاريخ البشر من خلال نظم كسب عيشهم، والإقتصاد السياسي يدرس علاقات الإنتاج في التشكيلة الإقتصادية الإجتماعية، أين يكمن الإلحاد في لإكتشاف لكنه الإنتاج السلعي الرأسمالي وتحول قوة العمل لسلعة وإنتاج فائض القيمة. بل كيف يقود إستعمال منهج ماركس (من المجرد للمحدد) في كافة أوجه البحث العلمي الطبيعي والإجتماعي لللإلحاد. قد يقود للإلحاد لمن يريد أن يستعمله للوصول للإلحاد فقط! الشيوعيون السودانيون يستعملونه لدراسة الواقع وبناء نظرية للثورة السودانية.
وهذا جوهر الإختلاف بين ماركسيتنا وماركسية حيدر.
ونعود

Post: #116
Title: Re: كلما اقتربت الماركسية من الواقع ، كلما نزعت لافتاتها الشيوعية
Author: Yaho_Zato
Date: 04-05-2006, 03:48 PM
Parent: #115

فكارل ماركس هو الذي اضاف البعد المنهاجي لللإلحاد وبصرامة لم يسبقه عليها الآخرون , كما لم يكتف بإعادة ترتيب إسهامه فى حدود قيد الموضوع النظري وفى إطاره الفلسفي وحسب , بل ألحقه مكونا أساسيا بنظريته (الشاملة) , وفتح للإلحاد أفقا جديدا لما ربطه بمناظيره الفكرية والسياسية كذلك

هذا السرد من الاستاذ حيدر قاسم هو من أدق وأجمل ما قرأت في وصف علاقة الماركسية بالإلحاد..

وماركس كان علميا في إلحاده، وقويا فيه، لدرجة أن الماركسية تفقد عبقها الخلاق بين منوعات الفكر الإنساني إذا نفينا الإلحاد عنها.. إلحاد ماركس كان، وما زال، الأكثر عمقا بين كافة أشكال الإلحاد.. ماركس، في الواقع، هو أول من جعل للإلحاد قيمة فكرية يعنى بها.. هذا رغم أن الإلحاد نفسه، كتقرير عقلي، في النهاية الدقيقة لا يعدو كونه تقريرا منقوصا ومكابرا..

حين يقول الأستاذ صديق كبلو "إن المسلم او المسيحي يمكنه تبني المادية لأن هذه الأديان أيضا تقول أن الله قد خلق الإنسان من طين صلصال ثم بث فيه الروح، مما يعني أن المادة سابقة للروح وللفكر." هذا قول يحتاج للمراجعة، فماركس لم يتحدث عن أن (الله خلق الإنسان من طين صلصال)، بل هو في الاساس ينفي أي وجود سابق لهذا (الصلصال).. وهذه هي النقطة الاساسية في الخلاف بين ماركس وهيغل.. أن نقول أن العقل الإنساني قد كان مسبوقا بالمادة إلى حيز الوجود، هذا يختلف عن أن نقول أن المادة نفسها لم تكن مسبوقة بأي وجود قبلها.. الدين يقول أن المادة مسبوقة بالعقل الكلي (أو الله)، وهو ( أو "هي") من أوجدها ومن ثم أوجد من خلالها العقل البشري.. غير أن العقل البشري، بخاصية الإيمان (كخاصية لا علاقة لها بالمادة) لديه القدرة على العودة إلى ذلك الأصل الذي سبق المادة (والإيمان خاصية عقلية في المقام الثاني (روحية في المقام الأول)، وتقوم على قراءة واقعية واستنتاجات عملية).. هناك ترابط بين (العقل الكلي أو العقل القديم) و(العقل البشري أو العقل الحادث)، وهو ترابط تتخلله المادة، كصورة من صور تجلي العقل الكلي للعقل الحادث.. وفي هذا القول تلخيص أيضا للمفهوم الهيغلي (الفكرة) أو (الروح)، فالروح عند هيغل تتجلي لنفسها بنفسها عن طريق المادة.. فهي إذا سابقة للمادة (الله) ولاحقة بها أيضا (الإنسان).. وهيغل نفسه لم يأت بهذا المعنى من عندياته، وانما من اطلاعه على تراث التصوف العالمي، سواءا في المسيحية أم سواها.. أما ماركس، فيبدو من تحليله للمفهوم الديني أنه لم يكن على اطلاع ذي بال على تراث التصوف العالمي..

أما حديث الاستاذ صدقي عن قصة الخلق في الأديان الكتابية، والذي قال فيه "فالنظرية الدينية تتحدث عن أن الله تعالى خلق آدم وخلق حواء من ضلعه وطلب من الملائكة أن تسجد لآدم فسجدوا جميعا عدا إبليس ثم أمر الله سيدنا ادم وحواء بألا يأكلا من ثمرالشجرة المحرمة فأضلهما الشيطان. إذن الإنسان (سيدنا آدم ) عرف الله مباشرة. وهذا مخالف للنظرية التي يقول بها حيدر أعلاه والتي تلخيصها أن الإنسان بحث عن الله وعبد أشياء مختلفة حتى توصل لدين التوحيد".. لو كان لنا ان نقرأ النصوص الدينية اليوم بهذا الفهم الذي يرفض تجاوز السطح واستنباط العمق المعنوي، لصار موضوع الدين اليوم ساذجا بصورة مخجلة.. ويمكننا أيضا، من ثم، أن نحكم على نصوص الماركسية نفسها بنفس النظرة اللغوية الصارمة، لنأخذ فقط بظاهر النص حتى نفرغ الماركسية من محتواها، وتصبح أيضا من مخلفات التاريخ البشري..

ولكن لنعد لشيء من تدقيق النظر لعبارة الأستاذ صدقي هذه.. حين يقول "إذن الإنسان (سيدنا آدم ) عرف الله مباشرة. وهذا مخالف للنظرية التي يقول بها حيدر أعلاه والتي تلخيصها أن الإنسان بحث عن الله وعبد أشياء مختلفة حتى توصل لدين التوحيد".. في البدء، إذا سلمنا، من أجل مصلحة الجدل، أن الإنسان (آدم) عرف الله مباشرة، فهل يعتبر هذا دليلا تاريخيا على أن جميع ذريته اللاحقة قد عرفت الله مباشرة أيضا؟ أولا يمكن أن يرى المرء منا اليوم شيئا، ومن ثم يحكي به فقط للآخرين الذين لم يروه؟ ومن ثم، مع مرور الزمن، تتعدد الروايات وتتشابك حول وصف ذلك الشيء، حتى تصير أوصافا كثيرة مختلفة؟

هذا فقط إذا سلمنا، من أجل مصلحة الجدل، بأن قصة آدم كما روتها الأديان الكتابية لا تحتمل الرمزية (والرمزية صفة لازمت التعبير الديني منذ بداياته التاريخية، كما لازمت الفكر الإنساني بشكل عام، في مستويات مختلفة).. ولنا أن نعلم أيضا أن قصة آدم وحواء، والحية والتفاحة، والجنة والنار، هي قصة موجودة في الأصل قبل الأديان الكتابية، في العقائد الوثنية السحيقة (راجع "قوة الأسطورة"(Power of Myth) للدكتور جوزف كامبل(Joseph Campbell)).. ولكن لحسن حظنا فإن الفكر الديني العالمي (وأحب أن أسميه باسم "التصوف العالمي") قد تناول قضية نشوء الأديان وتدرجها في التوحيد من قبل ان يجري لماركس وهيغل ذكرا في التاريخ، وبأزمان بعيدة.. فقضية نشوء الاديان وتطورها، إذا، ليست فتحا فكريا للماركسية أو علوم السوسيولوجيا الحديثة.. والتاريخ على ذلك شاهد..

إذا أردنا الإسهاب، فقد نعود إلى الكثير من المصادر التصوفية العالمية عبر التاريخ، لنتابع التحليل التصوفي الدقيق لمفهوم الدين وفكرة الاله.. ولكن يمكننا الآن أن نكتفي بنصوص قليلة عابرة من تراث التصوف الإسلامي..

يقول ابن عربي، في كتابه "فصوص الحكم" ما معناه: ( اعلم ان قلب العبد أوسع من رحمة الله.. لأن قلب العبد يسع الله نفسه (ما وسعني أرضي ولا سمائي، ولكن وسعني قلب عبدي المؤمن).. والله أوسع من رحمته!)..

ويقول أيضا في احدى قصائده:
يطوف بقلبي ساعة بعد ساعة.. لوجد وتبريح، ويلثم أركاني
كما طاف خير الرسل بالكعبة التي يقول دليل العقل فيها بنقصان (!)
وقبل أحجارا بها، وهو ناطق.. وأين مقام البيت من قدر انسان (!)

وهي نفس القصيدة التي يقول فيها:
لقد كنت قبل اليوم أنكر صاحبي.. إذا لم يكن ديني لدينه داني
لقد صار قلبي قابلا كل صورة.. فمرعى لغزلان وديرا لرهبان
وبيتا لأوثان، وكعبة طائف.. وألواح توراة ومصحف قرآن
أدين بدين الحب أنى توجهت ركائبه.. فالحب ديني وإيماني

ويقول الشاعر الصوفي أيضا:
أن تكن بالله قائم.. لم تكن، بل أنت هو (!)
أنت ظل الغيب من أسمائه.. والشمس هو

ويقول النابلسي:
تجليت لي في كل شيء ولم تكن سواي.. فمنظور كما أنت ناظر (!)

ورغم ان النصوص تكثر في هذا المقام، إلا أن المعنى المتوحد عن كون فكرة الإله نفسها متعلقة بالعقل البشري أكثر من أي شيء آخر.. حتى ان تصور كل واحد فينا للإله يختلف عن تصور الآخرين.. ولكن هذا لا ينفي أن مصدر هذه الأفكار والتصورات واحد، بتجليات شتى.. مما يعني أن هذا المصدر الفكري يتجلى للعقل البشري عن طريق البيئة (طبيعية كانت أو مجتمعية) في صور الأديان والعقائد والمشاهد المختلفة.. فالدين، بهذا الفهم، يصبح منتجا مجتمعيا، لدرجة كبيرة.. غير أن القوانين الطبيعية والميتافيزيقية التي تحكم مسار العقل البشري (كفرد أو جماعة) في توليف هذه المنتجات المجتمعية وتوظيفها هي في النهاية قوانين موجودة قبل العقل البشري وقبل البيئة المادية.. وهي موجودة باستمرار في عملية الديالكتيك المجتمعي في كل لحظة، إذ أن غيابها، ولو للحظة، لا يعني سوى "العدم"..

ولولا ضيق الوقت لاتينا ببعض النصوص الأكثر وضوحا من هذه في هذا السياق (حيث أن المذكورة أعلاه من الذاكرة فقط).. وأخص بالذكر هنا "المواقف والمخاطبات" للأمام النفري..

أما قول الأستاذ صدقي "ومن أين يأتي الإلحاد للمادية التاريخية والإقتصاد السياسي الماركسي، المادية التاريخية تبحث في تاريخ البشر من خلال نظم كسب عيشهم، والإقتصاد السياسي يدرس علاقات الإنتاج في التشكيلة الإقتصادية الإجتماعية، أين يكمن الإلحاد في لإكتشاف لكنه الإنتاج السلعي الرأسمالي وتحول قوة العمل لسلعة وإنتاج فائض القيمة. بل كيف يقود إستعمال منهج ماركس (من المجرد للمحدد) في كافة أوجه البحث العلمي الطبيعي والإجتماعي لللإلحاد.".. الماركسية ليست اقتصادا سياسيا فقط.. ماركسية ماركس هي فكر متكامل ومنهجي، يطلب تناول كافة أوجه المشكل البشري، كما ذكرنا قبل اليوم.. لهذا فإن تعليل بعض الماركسيين السودانيين بان المادية التاريخية واقتصاد ماركس لا علاقة لهما بالإلحاد هو شيء من ذر الرماد في العيون.. بإمكان من يريد أن يتبنى الخط الاقتصادي والتحليلي التاريخي لماركس، ومن ثم يترك ما تبقى من الماركسية، لعدم توافق قناعاته معها، ولكن يصبح من الإجحاف ان ننفي عن الماركسية أي مساهمة أخرى في الفكر الانساني خارج اطار الاقتصاد والتاريخ، فالماركسية، كفكر، اوسع مجالا من هذا بكثير.. لهذا ذكر الأستاذ محمود قبل اليوم ما معناه أن الماركسية هي المدرسة الغربية المعاصرة الوحيدة المتكاملة، أي التي تعرض تناولا لمشكل الوجود البشري ككل.. والفكر الغير متكامل، بهذه الصورة، لا يستحق ان يسمى فكرا، عند التدقيق..

عليه فإن بعض مؤيدي الماركسية يقومون بتجريدها من حسناتها الأصيلة من حيث ارادوا الدفاع عنها.. ولا يفوتني هنا، في عجالة، أن أكرر الحديث عن ان اشتراكية الماركسية ليست، في النهاية، سوى مدرسة واحدة من مدارس الاشتراكية، وللاشتراكية أكثر من مدرسة (سواءا في هذا العصر أو عبر التاريخ).. والكثير من مدارس الاشتراكية الاخرى تملك اليوم حلولا وتحليلات لم تفلح الماركسية في الخلوص إليها.. رغم ان الماركسية من أقوى المدارس الاشتراكية المعاصرة..


وللاستاذ صدقي، وللجميع، عامر المودة..

Post: #117
Title: Re: كلما اقتربت الماركسية من الواقع ، كلما نزعت لافتاتها الشيوعية
Author: Sidgi Kaballo
Date: 04-06-2006, 07:58 PM
Parent: #116

الأخ قصي
تحياتي
شكرا على مداخلتك.
لا أنوي أن أجري بحثا في الإلحاد، فذلك ليس من إهتماماتي ولا يهمني ولا يهم الشيوعيون السودانيون إن كان ماركس هو الأكثر علما أو إجتهادا أو منهجية في إلحاده أم لا، ولكن ما يهمني أن ماركس قد ساعد في صياغة منهج لدراسة الواقع، أي واقع، هو الأكثر علمية حتى الآن، ذلك المنهج يسمح للشيوعي والماركسي السوداني دراسة الواقع (المجتمع والإقتصاد والبنية الثقافية والسياسية أو ما يسمى بالتشكيلة الإقتصادية الإجتماعية) واستخلاص نظرية للثورة السودانية وبلغة ماركس في أطروحاته عن فورباخ أن الماركسي السوداني يستطيع تفسير الواقع السوداني ووضع نظرية وبرنامج لتغيير ذلك الواقع.
تقول يا أستاذ قصي:
" أن الماركسية تفقد عبقها الخلاق بين منوعات الفكر الإنساني إذا نفينا الإلحاد عنها."
وهذه وجهة نظر تحتاج لإثبات. وما قلته أنا ببساطة أن الإقتصاد السياسي الماركسي، وماركس كإقتصادي، قدم مساهمة هامة استفاد منها آلاف الإقتصاديين دون أن يطرحوا على أنفسهم سؤال واحد عن الإلحاد كشرط لإستفادتهم من منهج ماركس أو دراسته للإقتصاد الرأسمالي. وهذا صحيح بالنسبة لعلماء الإجتماع والتاريخ الذي أحدث منهج ماركس ونظريته في دراسة المجتمع والتاريخ. إن نظريته حول الإشتراكية وإلغاء الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج (إلغاء إغتراب الإنسان المنتج) لا يحتاج لإلغاء الإيمان بالله. الماركسية تقدم مشروعا لتحرير الإنسان لا يصطدم بأي دين إلا عندما يجند ذلك الدين لتكريس إستغلال الإنسان. محاولة ربط ذلك المشروع بالإلحاد بدعوى تنقية الماركسية والحفاظ على "عبقها الخلاق" هي دعوة تسعى لمحاربة مشروع تحرير الإنسان، إنها لا تخدم الماركسية ولا التقدم، بل تهدي سلاحا مجانيا لأعداء التقدم. دعوى البحث الفكري والفلسفي بعيدا من السياسة (من تغيير العالم)، مهما تلبث من ثوب علمي أكاديمي هي دعوى سياسية. إن "العبق الخلاق" للماركسية هو مشروعها الإنساني لتحرير الإنسان وإلغاء إغترابه.
إنك تعترض على حديثي عن إمكانية أن يكون المسلم والمسيحي ماديان، ليس هذا إفتراضا فثمة مسلمين ومسيحيين في التاريخ وفي الواقع يتبنون موقفا فلسفيا ماديا ويحلون ما يبدو لنا تناقضا، حيث يؤمنون بوجود مادي حارج وعي الإنسان، ويلجأون لتفسير الظواهر الطبيعية والإجتماعية بالقوانين والتناقضات والمتعيرات داخل الطبيعة والمجتمع ويؤمنون بأن الله قد خلق الكون وجعل فيه فوانينه وأن الإنسان مسئول عن أعماله وأفعاله. وبعض هؤلاء قد سبق ماركس في محاولة البحث في التاريخ من وجهة نظر مادية في وقت كان المؤرخون الأوربيون أسيري الرؤيا المثالية، أنظر ما يقول ابن خلدون:
" اعلم أنه لما كانت حقيقة التاريخ أنه خبر عن الاجتماع الإنساني الذي هو عمران العالم وما يعرض لطبيعة ذلك العمران من الأحوال مثل التوحش والتأنس والعصبيات وأصناف التغلبات للبشر بعضهم على بعض وما ينشأ عن ذلك من الملك والدول ومراتبها وما ينتحله البشر بأعمالهم ومساعيهم من الكسب والمعاش والعلوم والصنائع وسائر ما يحدث في ذلك العمران بطبيعته من الأحوال‏."
وأنظر كيف لا يرى ا ي تناقض في موقفه المادي من العمران ومن إيمانه:
ويعبر الحكماء عن هذا بقولهم‏:‏ ‏"‏ الإنسان مدني بالطبع ‏"‏ أي لا بد له من الاجتماع الذي هو المدنية في اصطلاحهم وهو معنى العمران‏.‏ وبيانه أن الله سبحانه خلق الإنسان وركبه على صورة لا يصح حياتها وبقاؤها إلا بالغذاء وهداه إلى التماسه بفطرته وبما ركب فيه من القدرة على تحصيله‏.‏ إلا أن قدرة الواحد من البشر قاصرة عن تحصيل حاجته من ذلك الغذاء غير موفية له بمادة حياته منه‏.‏ ولو فرضنا منه أقل ما يمكن فرضه وهو قوت يوم من الحنطة مثلاً فلا يحصل إلا بعلاج كثير من الطحن والعجن والطبخ‏.‏ وكل واحد من هذه الأعمال الثلاثة يحتاج إلى مواعين وآلات لا تتم إلا بصناعات متعددة من حداد ونجار وفاخوري‏."
ويمكن أن أستطرد في القول عن المعتزلة وبعض المصلحين الإجتماعيين وقادة الثورات الإسلامية.
وألحظ نبرة ساخرة في قولك:
" فماركس لم يتحدث عن أن (الله خلق الإنسان من طين صلصال)، بل هو في الاساس ينفي أي وجود سابق لهذا (الصلصال)"
وأنا لم أقل أن ماركس قد قال ذلك. ولكني وددت الإشارة لإمكانية بداية النظرة المادية بالنسبة للشخص المؤمن عند خلق الإنسان، أن الإنسان قد خلق ثم أعطي الحياة والتفكير. وأنا عندما أفعل ذلك لا أريد ذر الرماد أو غيره على العيون. ولم أكن أناقش الفرق بين ماركس وهيغل، فماركس الذي لم يرض بمثالية هيغل، لم يرض بمادية فورباخ أيضا، فالمسالة بالنسبة له لم تكن الفكرة او المادة، ولا حتى المادة المفكرة، بل الإنسان النشط، لأن الإنسان في نشاطه يجسد المادة المفكرة، الفكرة والمادة ومعا في علاقتهما الجدلية، طبعا لا وجود هنا للفكرة المطلقة.
أما الحديث عن علاقة الإتسان بالله وبالدين، فيبدو أن الأستاذ قصي أراد أن يأحذ النص من موقعه المحدد في الحوار، فما كتبه حيدر ليس تفسيرا دينيا، بل تفسيرا تاريخيا إجتماعيا مما تدعو له الماركسية وسوسيولجيا الأديان، وبالطبع هناك الكثيرون الذين إتخذوا ذلك المنهج من قبل.
أما الماركسية التي أراها فقد عبرت عنها في البوستات الثلاث الأولى قبل الولوج إلى مناقشة حيدر.
وأكرر شكري مرة أخرى للأستاذوله خالص الود والتحايا

Post: #118
Title: Re: كلما اقتربت الماركسية من الواقع ، كلما نزعت لافتاتها الشيوعية
Author: Yaho_Zato
Date: 04-06-2006, 09:50 PM
Parent: #117

عزيزي الأستاذ صدقي كبلو..

هناك أمر أحب أن أؤكده لك قبل الشروع في التعقيب على تعقيبك.. أنا لم أقصد أبدا السخرية من أي طرح من طروحاتك.. وقد أشرت لك منذ البداية إلى أن إضافتك للنقاش في هذا الخيط قد كانت مضفية ومفيدة لي شخصيا، ولم أكن أجاملك بذلك الحديث..

وبعد، فجيد جدا قولك "لا أنوي أن أجري بحثا في الإلحاد، فذلك ليس من إهتماماتي ولا يهمني ولا يهم الشيوعيون السودانيون إن كان ماركس هو الأكثر علما أو إجتهادا أو منهجية في إلحاده أم لا".. هذا الرد منك يكفيني في موضوع علاقة ماركس بالإلحاد.. ولن أزايد عليه إلا لو رأيت أن العودة له قد يستوجبها سير الحوار.. وبقية قولك عن علاقة الشيوعيين السودانيين بماركس (بلسانك كمتحدث باسمهم) مرتبطة بالاقتصاد والاقتصاد السياسي بالدرجة الأولى، أيضا لا أجد نفسي بحاجة للتعقيب عليه الآن، سواءا كان زعمك فيه صحيحا، كمتحدث باسم الشيوعيين السودانيين، أم لا..

أما قولك "محاولة ربط ذلك المشروع بالإلحاد بدعوى تنقية الماركسية والحفاظ على "عبقها الخلاق" هي دعوة تسعى لمحاربة مشروع تحرير الإنسان، إنها لا تخدم الماركسية ولا التقدم، بل تهدي سلاحا مجانيا لأعداء التقدم. دعوى البحث الفكري والفلسفي بعيدا من السياسة (من تغيير العالم)، مهما تلبث من ثوب علمي أكاديمي هي دعوى سياسية.".. أرى في حديثك هذا اتهاما، أرجو أن لا يكون موجها لمحاوريك، وهو على العموم اتهام يفتقد للسند، سواءا من حيث التنظير أو من حيث التطبيق.. لدينا في السودان مثال حي يقف شاهدا على بهتان هذا الاتهام.. متمثل في شخص وفكر الأستاذ محمود محمد طه.. لم يكن الاستاذ محمود سوى أقوى محارب سوداني من أجل تحرير إنسان السودان وإنسان العالم، اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا وفكريا، وقد كان مركز انطلاقه المبدأي مركزا دينيا، لانه كان يرى أن الدين نفسه، كفكر منهجي، قادر على تقديم الحلول الاقتصادية والسياسية والمجتمعية لمحيطنا البشري، وقد أسهب في ذلك ووضح في أحاديثه وكتاباته ومواقفه على مدى تاريخ نضاله.. مثل هذا الفهم الديني لا يستطيع الماركسيون ولا الشيوعيون، سودانيين كانوا أم لم يكونوا، أن يصموه بمحاربة تحرير الإنسان، فقط لانه يقف موقفا مبدئيا من الإلحاد والافكار التي تقوم على الإلحاد، ولأنه يرى أن الإلحاد نفسه عندما ينبني عليه أي فكر، فإنه لا يساهم إلا في تحرير الإنسان كفاية.. وللماركسية في "تكبيل الإنسان" وقهره تاريخ واسع في القرن العشرين.. موثق ومشهور..

ولن أحاول العودة الآن لحديثي عن أن الماركسية تفقد عبقها بين منوعات الفكر الإنساني إذا نفينا الإلحاد عنها، فانت أساسا لم تبطل هذا الزعم من عندي بأية حجة، وإذا أردنا أن نعود للخوض فيه فإني أزعم أني أملك من التدليل والتحليل ما يدعم رأيي هذا.. والماركسية، كفكرة مادية، تقوم على هذا الأمر (من قولة تيت)، وتبني منهجها عليه.. ولن يشفع لابن خلدون وسواه، من المحسوبين عندك على الفكر المتدين، إذا حاولوا نفي علاقة الدين المباشرة بسيرورة المجتمعات، إذا أعمل في فهمه وتقصي منهجه، فابن خلدون وأمثاله ليسوا حجة على المنهاج الديني ولا على الحل المستعين بهذا المنهاج.. والمصلحون الاجتمعاعيون وقادة الثورات في التاريخ الإسلامي، بشكل عام، ليس في الحديث عنهم ما يسوغ الماركسية أو منهاجها المادي الديالكتيكي..

وأنا قد ذكرت قبل اليوم أن لماركس مساهمة بارزة في تقدم الفكر الإنساني ككل، التنظيري منه والعملي، وما زلت على رأيي.. غير أني، ببساطة، لا أرى أن ماركس قد قدم أفضل منهاج تحليلي للقضايا السياسية-الاقتصادية-المجتمعية، ولا أرى أن الاشتراكية بحاجة إلى الماركسية لتعبر عن نفسها.. انا، مثلا، اشتراكي، ولكني لست ماركسيا، وأرى في الماركسية من العيوب الكثير جدا، والتي تقوض المسعى الحقيقي للاشتراكية في نظري..

وفوق كل هذا وذاك، أنا لم أتحدث في لحظة من اللحظات عن نبذ المنهج المادي في تحليل الظواهر المحيطة بالإنسان في مجتمعه وبيئته، وأعني بالمنهج المادي هنا، ببساطة، المنهج القائم على تحليل الظواهر المادية للاستفادة الفكرية والعملية من نتائج التحليل.. وهذا أنا لست بحاجة لان أكون ماركسيا كي أدعمه، كما أني لست بحاجة لان أكون ماركسيا حتى أستفيد من مساهمة ماركس الفكرية، دون وكس أو شطط..

وبالنسبة لتعليقي على قول الأستاذ حيدر، في تحليله "التاريخي الاجتماعي" لنشأة الدين، فأنا قد قصدت في تعليقي أن أبرهن أن التحليل الديني أساسا لا يتناقض مع مثل هذا التحليل لنشأة الأديان، وهو تحليل معمول به في الفكر التصوفي العالمي منذ قديم الزمان (قبل ماركس بآلاف السنين)، وبصورة أدق وأشمل..


ولك مني صادق المودة والاحترام والتقدير..

Post: #119
Title: Re: كلما اقتربت الماركسية من الواقع ، كلما نزعت لافتاتها الشيوعية
Author: Sidgi Kaballo
Date: 04-07-2006, 08:09 AM
Parent: #118

يا عزيزي قصي
سلام
أولا أرحب بإحترامك مناقشك
ولكن يبدو لي لكي يكون النقاش مفيدا لا بد أن ننا قش ما يقوله الآخر فعلا، مثلا أن قلت:
"ولكن ما يهمني أن ماركس قد ساعد في صياغة منهج لدراسة الواقع، أي واقع، هو الأكثر علمية حتى الآن، ذلك المنهج يسمح للشيوعي والماركسي السوداني دراسة الواقع (المجتمع والإقتصاد والبنية الثقافية والسياسية أو ما يسمى بالتشكيلة الإقتصادية الإجتماعية) واستخلاص نظرية للثورة السودانية وبلغة ماركس في أطروحاته عن فورباخ أن الماركسي السوداني يستطيع تفسير الواقع السوداني ووضع نظرية وبرنامج لتغيير ذلك الواقع."
وأنت تقول:
"وبقية قولك عن علاقة الشيوعيين السودانيين بماركس (بلسانك كمتحدث باسمهم) مرتبطة بالاقتصاد والاقتصاد السياسي بالدرجة الأولى، أيضا لا أجد نفسي بحاجة للتعقيب عليه الآن، سواءا كان زعمك فيه صحيحا، كمتحدث باسم الشيوعيين السودانيين، أم لا.."
أولا أنت هنا تنسب لي وللشيوعيين السودانيين (وسأتي لمسألة الحديث باسمهم لاحقا)، أن علاقتهم بماركس " مرتبطة بالاقتصاد والاقتصاد السياسي بالدرجة الأولى"، وأنا لم أقل ذلك، وظل تركيزي على مسألة منهج ماركس. أما عن أني أتحدث باسم الشيوعيين السودانيين، فإذا أردت بذلك أنني ناطقا رسميا بإسم الحزب، فأنا لست كذلك، و لا أختلف عنك عندما تتحدث أنت عن الأستاذ محمود محمد طه وعن الفكر الجمهوري، وما أقوله موجود في أدب الشيوعيين السودانيين، مثلا يقول عبد الخالق محجوب في دفاعه أمام المحكمة العسكرية في عام 1959
"هذه قصة وصولي للمنهج المادي الجدلي – لب النظرية الماركسية" (ص 36 طبعة دار عزة)
ويقول في كتيب "إصلاح الخطـأ في العمل وسط الجماهير":
"إن الدراسة للكتب الشيوهية المختلفة وهي تجارب الحركة الثورية عبر التاريخ، لن تصل بالإنسان إلى علاج كل المشاكل التي تواجه بلاده ولكنها تفيد في حيز توسيه مدارك الشيوعيين وفي تعليمهم النتهج الذي يستطيعون بتطبيقه علاج قضاياهم. إعتمادا على هذه التجارب وذلك المنهج يجد الشيوعيون خلال نشاطهم الغملي الحلول لمشاكلهم ويستطيعون كسب شعبهم"( ص 16)
وتورد وثائق كثيرة صادرة عن الحزب الشيوعي عن الماركسية والماركسية اللينينية كمرشد لدراسة الواقع.
وأنا أرحب بقولك:
" وفوق كل هذا وذاك، أنا لم أتحدث في لحظة من اللحظات عن نبذ المنهج المادي في تحليل الظواهر المحيطة بالإنسان في مجتمعه وبيئته، وأعني بالمنهج المادي هنا، ببساطة، المنهج القائم على تحليل الظواهر المادية للاستفادة الفكرية والعملية من نتائج التحليل.. وهذا أنا لست بحاجة لان أكون ماركسيا كي أدعمه، كما أني لست بحاجة لان أكون ماركسيا حتى أستفيد من مساهمة ماركس الفكرية، دون وكس أو شطط.."
فهذا يكفيني لقاعدة مشتركة بيننا.
كما لا أنسى أن أرحب بكونك إشتراكي، ودون شك سنجد ما هو مشترك بين إشتراكيتك وإشتراكية نحاول تحريرها من سلبيات إكتسبتها وأفرزتها تجربتها في الإتحاد السوفيتي السابق ودول شرق أوربا، وسلبيات أخرى وضحت من تجارب إشتراكيي دول التنمية في العالم المسمى حينها ثالثا. إشتراكية تعود للمفهوم الجوهري حول تحرير الإنسان وإلفاء إغترابه.
ولك مني مجددا الود.

Post: #120
Title: Re: كلما اقتربت الماركسية من الواقع ، كلما نزعت لافتاتها الشيوعية
Author: Yaho_Zato
Date: 04-07-2006, 11:30 AM
Parent: #119

عزيزي الأستاذ صدقي..
أرى فعلا أن نقاشنا قد بدأ يثمر في الوجهة المحبذة..

ولي الآن تعليقان بسيطان فقط..

أنا لم أقل لك أنك تتحدث باسم الشيوعيين السودانيين إلا من خلال سياق حديثك.. حين قلت "فذلك ليس من إهتماماتي ولا يهمني ولا يهم الشيوعيون السودانيون إن كان ماركس هو الأكثر علما أو إجتهادا أو منهجية في إلحاده أم لا".. أنت هنا لم تعبر عن اهتمامك الخاص فقط، وإنما عممت جملة اهتمامك على الشيوعيين السودانيين أيضا.. وهي ليست مشكلة بالنسبة لي أن تكون متحدثا باسم الشيوعيين السودانيين هنا (رغم انك نفيت ذلك فيما بعد، وهو نفي مقبول)، فلو كنت فعلا متحدثا باسمهم، بصفة رسمية، لما غير ذلك من خلاصة النقاش هنا.. أنا فقط أحببت أن أركز على سياق حديثك في هذه النقطة حتى نكون على بينة أكثر..

وأنا لست متحدثا باسم الجمهوريين أو الاستاذ محمود، بطبيعة الحال، لأني لم أشر بتاتا إلى ذلك.. إنما أتحدث أصالة عن نفسي، ولا أنفي ارتكازي المنهجي والنظري على فكر الاستاذ محمود..

أما عن حديثي عن أن اهتمامك بالماركسية يتعلق بالاقتصاد والاقتصاد السياسي بالدرجة الأولى، فانا أيضا أخذته من سياق حديثك.. حين قلت "ذلك المنهج يسمح للشيوعي والماركسي السوداني دراسة الواقع (المجتمع والإقتصاد والبنية الثقافية والسياسية أو ما يسمى بالتشكيلة الإقتصادية الإجتماعية)".. وحين قلت أيضا "وما قلته أنا ببساطة أن الإقتصاد السياسي الماركسي، وماركس كإقتصادي، قدم مساهمة هامة استفاد منها آلاف الإقتصاديين دون أن يطرحوا على أنفسهم سؤال واحد عن الإلحاد كشرط لإستفادتهم من منهج ماركس أو دراسته للإقتصاد الرأسمالي.".. وعليه فانا أعتقد أني قد قرأت ردك بانتباه واهتمام قبل أن أعقب عليه.. ولكن، على كل حال، فقد يكون فهمي مخالفا لما أردت أن تقوله أنت، وعليه فأشكرك على مزيد التوضيح..

وأرحب أنا أيضا بحديثك عن القاعدة المشتركة بيننا، فهي مبعث أمل دون شك.. وعلى العموم فإن نظرتي النقدية للماركسية، كما ذكرت قبل اليوم، لا تمنعني أبدا من تقدير واحترام الانتاج الفكري الماركسي، ومن رؤية النقلة الفكرية العظيمة التي أحدثها في تاريخ وواقع الفكر الإنساني، ومن رؤية ما فيه من المزايا الممتازة والمطلوبة منهجيا في عملية تغيير واقعنا المعاصر للأفضل..

ولك خالص محبتي..

((معذرة للتعديل المتكرر للمراجعة الطباعية واللغوية)

Post: #121
Title: Re: كلما اقتربت الماركسية من الواقع ، كلما نزعت لافتاتها الشيوعية
Author: HAYDER GASIM
Date: 04-11-2006, 10:58 PM
Parent: #120

قراءة نقدية ... فى تيمن د. صدقي بالماركسية ( 1من 8 )


أتناول هنا بعضا من آراء الأخ د. صدقي حول موضوعة هذا الحوار , كما أدفع عن نفسي ما أتاني ...

ما أمكنت , كما سوف أدون ملاحظاتي على المساهمات المتميزة للأخ قصي , وحيث يحتل موضوعها جزءا

من هذه المناولة ... آمل فى حوار نضر ... مع تحياتي للكتاب والقراء و أمنياتي لهم ببال هنئ

ووطن عزيز .



الأخ صدقي

تحياتي

أبتدئك من حيث بدأت . مشيرا لعدم وجود مساهمات شيوعية مؤيدة لوجهة نظر الأخ عدلان , فالملاحظة صحيحة , لأن هذا أمر غير مطروق وغير عادي لديكم , وذلك لأسباب تاريخية تتعلق بطبيعة التربية الشيوعية داخل حزبكم , والتي ( غالبا ) ما تربط المبادرة بالقيادة ... ولية العقل الجمعي الشيوعي , وإن لا تعود من ثم مبادرة مبادرة , وإنما أقرب للموجهات , فعلى هذا النسق يتربى العضو الشيوعي , دائما فى إنتظار شئ من عل . صحيح إنفراط هذا العقد مؤخرا , وتقافز بعض الشيوعيين على السقوفات النظرية والتنظيمية لحزبكم , لكن هذا لا يحدث وعلى نحو يشير إلى نقلة نوعية فى أنماط تفكيركم وفى آليات إدارتكم الحزبية , وإنما يحدث نتيجة لسقوط الشيوعية بشكل أساسي وما ترتب عليه من فوضي , فلولا هذا السقوط لما علا صوت على صوت الحزب , وأرجو هنا ألا تجمل الفوضي وتهندس الخراب وتمنحهما عمقا لا يستحقانه , فالحزب الذي ترتفع الآن بعض أصوات بينه بخلاف ما يزعم , فإن لوائحه ومقرراته التنظيمية ( الماثلة ) , تحدد بصرامة ووضوح ما تسمونه ( بالصراع الفكري داخل الحزب ) , وكيفية إدارته وحسمه , وكل القنوات التي يجري فيها هذا الصراع الفكري هي قنوات حزبية صرفة , ليس من بينها الصحف ولا المنابر العامة كما هو حادث الآن وهنا تجاوز بالمعنى التنظيمى , فإن كنتم تعتقدون أن هذه شفافية , ومؤشر لديمقراطيتكم , فقد كان الأحرى إعادة تأهيل منطلقاتكم النظرية وآلياتكم التنظيمية أولا , لتنسجم مع هذه الشفافية ومع تلك الديمقراطية , وإلا فما معناهما وهما يتحلقان حول جوهر شمولي , تعصف بهما قوة طرده المركزي , طالما ظل هذا المركز ماركسيا منافيا للديمقراطية والشفافية على حد سواء .

ومع وجود أصوات شيوعية ناقدة ومسموعة فيما يتيسر من المنابر العامة , فأعتقد أن الغالبية الحزبية ما تزال تنتظر قيادة الحزب لتقرر فى أمرها وأمره , والإنتظار هنا أهون للشيوعى من مغبات الصوت العالي , والذي ربما تكون نتائجه وخيمة إن أتت الرياح بما لا يشتهي السفن , فالحزب مقامات , أكثرهم إنصياعا وطيعا أقربهم إلى الرضي والقبول والترقي والعكس صحيح , لهذا لا يغامرون , ولهذا تقل المساهمات التي تسأل عنها , ليس حبا فى الماركسية لكن خوفا من السطوة الحزبية . لهذا أرى الأخ صدقي وهو يطوف علينا من هنا , وعلى صديق عبد الهادي وهو يكتب عن الخاتم من قبل , إنما يحمل رسالة ( حزببة ) أخال طيها معلوم .

يقول الأخ صدقي أن مساهماتي فى هذا البوست لا تختلف عما كتبته فى بوست أزرق طيبة , يعني مجرد تكرار , حسننا يا صدقى , لكن كم مرة فى عمرك السياسي كررت أفكارك وأنت تعرضها على ا لناس , أو لا تزالون كشيوعيين ( تكررون ) الماركسية ولما تقادم بها العمر لأكثر من قرن وربع من الزمان , ثم أو لا يكرر الناس فى حياتهم بعض ممارسات ومقولات وبشكل طبيعي , وربما فى اليوم الواحد عدة مرات , هل ( تكراري ) أشنع من كل ما سبق , أم أنها السياسة الرجيمة التي لا ترى فى الآخر غير عدو محض , وفى ( الشناف ) مدخلا لصرعه ؟ كررت ( أنا ) فيما إقتضته أحوال ومجريات الحوار هنا وهناك , وفى بوست أزرق طيبة على وجه التحديد قلت كلاما يخصني عن التكرار , فأقرأه بالله وأعرضه من ثم على القراء , مع هذا فسوف أكرر ما يستدعى الأمر وما تواضع حظي فى الإبتكار والتجديد , وآمل أن تكونوا من أهليهما .

قلت أنني أقتحمت بوست أزرق طيبة لأغير مجراه لبوست معادي للشيوعية , طيب ... لو قرأت المقال الصداري الذي كتبه الأخ وراق , لعلمت أن الموضوعة ( الأساسية ) هي الإفتراء على أزرق طيبة والمتهم بشكل ( أساسي ) هم صناع الألاعيب الأمنية , و إستنكار وراق لعلاقة الأزرق بالشيوعية كان من الإمور ( العرضية ) , قياسا بوزنها فى كل المقال , ناهيك عن أنها فرضية سياسية يجوز التعاطي معها , غض النظر عن إختلاف وجهات النظر حولها , أما علاقة الشيوعية بالإلحاد فهي علاقة إرتباط بالميلاد , أكثر من عبقرية وراق , ولا يلغي هذا بالطبع مشروعية الإختلاف مع هذا الزعم . إلى هنا والموضوع فى تقديرى عادي وكان يمكن التساوق حول بعادية كذلك , بل أظن أن هذا كان القصد من البوست فى الأساس , لكن ظهر أحدكم وإستل إشارة وراق حول علاقة الشيوعية بالإلحاد , وخلق منها موضوعا داخل الموضوع وتوفر له آخرين منكم كذلك , وتبلور هذا التداعي فى الإفتراء على وراق , بدلا عن ملاحقة المفترين على أزرق طيبة , فأقروا أن وراق , وبموجب إشارته آنفة الذكر فإنه ( يدس السم فى الدسم ) , فهذا لعلمك هو ( الإقتحام ) الذي عنيت , بل حتي تلك اللحظة لم أكتب سطرا فى البوست المعني , لكنهم تمادوا , وأضرموا ألهبة الشواء الآدمي ولما أمسكوا بتلابيب الضحية , فكان أضعف إيماني حبري .


فهكذا تغير مجرى البوست , أما أن تحكم على مداخلاتي بأنها معادية للشيوعية , فهذا شأنك وأتوقع أن يكون شأنكم أجمعين , إلا من أتى الله بقلب سليم , ولا أدري كيف يقبل وجدانك الحكم على متناول قضية فكرية بالعدائية , بينما من يتهم شخصا بدس السم فى الدسم ليس عدوانيا , فأحكامكم جاهزة ومعدة وفق الموقف السياسي للآخر من حزبكم , وإن زعمت أن إستخدام سلاح الدين ضد ا لشيوعية قد فشل , فهذا الجزع علام , وهل بالضرورة أن تكون كل مناولة نقدية للمسألة الشيوعية هي معاداة للشيوعية , أليس هناك ثمة براح عندكم للنقد من أجل الحقيقة ؟ وهل أنتم ونظريتكم Perfect ومبرأون من النقد , وإن أنتم تكفلون لأنفسكم موقفا ( متكاملا ) من الرأسمالية مثلا , فلم لا يحق لآخر أن يتخذ ذات الموقف منكم ؟ وماذا تسمي موقفكم من الرأسمالية هذا ؟ أهو معاداة الرأسمالية ... أم ماذا ؟ وهل أنتم السامييين الجدد ؟ عموما ليس بيني وبين الشيوعية عداء , وإنما إختلاف مشروع , لكن أن تصر على تسميته عداء ... فليكن ... بل لعلي أرى أن ( هذا العداء كما حكمت ) هو موقف نصف ديمقراطي بموجب شمولية الشيوعية وديكتاتوريتها , ويصبح النصف الآخر من هذه الحكمية رهينا بأين يقف المعادي للشيوعية , فإن إصطف في حيز مشروع شمولي آخر فلا جدوى , أما إن كان إصطفافه فى رحاب ديمقراطي , فيصبح موقفه ( المعادي ) للشيوعية موقفا ديمقراطيا صحيحا مائة بالمائة .

كان حري بك وأنت الشيوعي العالي المقيم الآن ( بأريحية ) فى كنف الغرب , أن تكون قد تعلمت كيف ( يفصح ) الناس عن رأيهم فى معارضيهم , بل وتنداح دوائر هذا ( الإفصاح ) توغلا إلى الحزب الواحد , وحيث يصطرع الناس بين مؤيد لهذا البرنامج وناقد لذاك ؟ وبين مؤيد لهذا الفريق ومعارض لذاك الزعيم ؟ ألم ترهم يتجادلون ويختلفون إلى درجة الخشونة , أمام كل الخلوق والكاميرات وفى إطار حزبهم الواحد , سعيا لزعامته وتجديدا لبرنامجه , ألم تر كيف ( يحسم ) أعضاء هذه الحزب هذا الصراع عبر صناديق الإقتراع , أين أنتم من هذا ؟

ألا تعلم أنهم ( تطوروا ) عبر هذه الحرية والمصارحة والنقد , بل ألا تعلم أن واضح النقد ومباشره هو أفضله , وخذ نقدي لكم من هذه الزاوية , فأنا الآن خارج نطاق توازناتكم وإحتباساتكم الأمامية والخلفية , لا أروم بينكم مقعدا ولا أخشى محاسبة , بل والأهم فأنا متحرر من قيود الآيدولوجية ومن تداعياتها العاطفية , ولأنكم غير ذلك فأنتم تنظرون شذرا لما أقول عنكم , مع أن ما أقول نقد ( متواضع ) لفكركم وتجربتكم وفى حدود تجربتي معكم , وملاحظتي خارجكم . لعل وجودي فى بلاد الديمقراطية علمني الكثير , فقد ( إقتنعت ) بصحة تصريفهم السياسي آنف الذكر , وأعلم الآن الديمقراطية نهجا وممارسة أفضل من أي وقت مضى , وأنا الآن أكثر قدرة على التعايش معها بحلوها ومرها , ولدي فوق هذا وذاك إختيارتي التنظيمية والسياسية , لكني وبأثر من خواص الديمقراطية ذاتها وهمي بإصحاح مجتمعنا فى كلياته , أروم تعافيكم وأعمل على مساعدتكم عبر نقدكم , حتى تتخلصوا من كل القيود التي تعيق لحمتكم بمجرى الوطن والمرحلة وأولوياتهما , وكما تستدعي ذلك خيارات العصر الراكضة قبالة الديمقراطية والشفافية , فأرفعوا هذه ( الحصانة ) المعيقة عن نظريتكم وعن تجربتكم ... أزيلوا عنهما أوراق التوت المقدسة وهما وسرابا , دعوا الفكر الأرضي يبقى على الأرض , كيما ينمو فى بيئته المثلى ويزدهر ويموت هناك , بموجب دورة الحياة الطبيعية ... وكما تقولون ( دعوا زهرة تتفتح ) . وأواصل .

Post: #122
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: عدلان أحمد عبدالعزيز
Date: 04-12-2006, 03:33 PM
Parent: #1

الأعــزاء جــداً..

محمـد القاضي، وحيـدر قاسم، ومحمـد حسـبو، وقصي همرور، ومحــمد الصايم، وصدقي كبلو، وعيــدروس، ومحمد عبدالجليل..

غيابي لم أختره.. -كما يقول الصديق حيدر قاسم-، وللحق فإني متابع بانتباه واهتمام كل كلمة كتبت في هـذا الخيـط، وقطعاً كل بوست مفتوح هو ملك لكل من يملك كلمة مرور، في حدود كلمة مروره! حيث أنه أشبه بجلسة أولاد حلتنا في ميدان الكرة بعد المغربية.. ليس مهماً من هو الذي ابتدر النقاش، فالحوش حوشكم.. وواجب الحاضر الأقدم والمقيم الترحيب بالحاضر التالي، فما قصرتم، أطال الله عمركم وسدد مقاصدكم..

كنت قد كتبت للأخ محمـد حسبو رداً علي رسالة إيميل خاصة أخبرته فيها أنني كلما تهيأت لي سانحة للكتابة، شيئاً ما يذرو بها.. حتي شكُكت أنني "مُـكجـّر!!" خاصـةً بعد استمرار الخيط إلي صفحته الثانية.. اليوم قررت أن أتحدي الكجور وأكسره ولو ببعض هذه الأسطر القليلة التي أؤكد لكم فيها عميق احترامي واتصال ودي وآملاً في استمرار الحوار وإلى لقاء قريب.. لكم محبتي والرياحين.


عدلان

Post: #123
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: HAYDER GASIM
Date: 04-12-2006, 10:18 PM
Parent: #122

الأخ عدلان

تسلم ... تطيب ... وكل العافي

إطلعنا على الرسالة ... وعودا حميدا

عسى العارض إياه ... إلى زوال ... حتى تلتئم بما أنجبت

كنا من قبل ( نمردق ) فى إيدينا ... بعضهما البعض ...

إمارة لا ( تحوش ) القلق ... ولما إستطال ... ولا تخفيه بالضرورة

الآن ... ماذا أنت فاعل مع ناس ( السيرورة ) ... يشيحون بنصف وجه

عن العصر ... حتى لا يتخلف ( الكليتون ) عن مأموريته ... وإن تخلف ( بالفعل )

وبالنصف الآخر يسترقون من عجفاء الرأسمالية جمالا ... وكأنه غير معهود ...

حيث تنتصب ( المعايش ) ... وتحيل الآديولوجيا ... إلى بورصة الأسواق المالية.

لا تضجر يا عزيزي ... واستنأنس ما تطيب ... إذ لا يمكن أن ( تكوجن ) ... بينما

تعف عن ( الآبري ) ... فتعال كما إنتظرناك ... وناولنا ما تروق ... مرحب بيك .

Post: #124
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: HAYDER GASIM
Date: 04-12-2006, 10:27 PM
Parent: #123

قراءة نقدية ... فى تيمن د. صدقي بالماركسية ( 2 من 8 )


الأخ صدقي

تحياتي

أنتقل من بعد لمسألة مصادر الماركسية ومكوناتها الثلاثة , ليس لدي ما أضيفه لما قلته فى هذا الخصوص سلفا , فهي معلومة أولية لا ينبغي أن تكون مصدر خلاف كبير , فالماركسية كانت وليدة المناخات الفكرية والفلسفية والسياسية التي عاصرتها أو إستحسنتها وإنتقتها من سياق التاريخ , لهذا تظل الفلسفة الألمانية والإقتصاد الإنجليزي والإشتراكية الفرنسية هي أعمدة الماركسية ومصادرها المكونة , ولأن هذا من مسلمات الماركسية , فقد كان من الطبيعي أن أتبناه وأدفع به على مائدة هذا الحوار العام , وقد حاولت من خلال ما عرضت أن أصحح مناولة الأخ عدلان بطريقة غير مباشرة , لإحساسي بأنه لم يوفق فى التعريف بمصادر الماركسية كما هي محفوظة فى مدونة التاريخ , إذ غيب الإشتراكية الفرنسية و ( دبل ) الفلسفة الألمانية , بإفراده لمادية فورباخ كمصدر قائم بذاته , مع أنها جزء من الفلسفة الألمانية .

أشار الأخ صدقي للينين وفهمه لمصادر الماركسية الثلاث , وحيث تكاد أن تتطابق وجهة نظري مع المفهوم اللينيني فى هذا الخصوص , إلا أن صدقي دفع بتفسير آخر ونسبه إلى أنجلز , بل أراه وقد إنحاز له أكثر مما أتى لينين , ومع أن تقديرات أنجلز نفسه لم تفسد جوهر المناولة اللينينة , بل ربما إهتمت بمصدر أكثر من الآخريات , وقد أغفلت المصدر الإقتصادي للماركسية على أهميته , لهذا أخشى أن يكون فى تدافع الاخ صدقي نحو أنجلز , وإن جاء خصما على لينين ( رب الكفر ) , محاولة لحرماني من فضيلة الأتيان بمعلومة صحيحة , فالأمانة الفكرية تكون عرضة لمثل هذه السوءآت عندما تخيم عليها السياسة , خاصة عندما تكون السياسة شمولية .

تشي مداخلة الأخ صدقي بأنه جاء إلى هنا , أي إلى هذا الحوار ليثبت عكس ما يحمله عنوان هذا البوست , أي ليثبت مواءمة الماركسية للواقع وتصالحها معه , بل تؤكد آراءه على ذلك فى مساراتها العامة وفى كثير من التفاصيل كذلك , وقليل منها ( من باب مسحة الشنب ) فى الإتجاه المعاكس , فصدقي هنا مدافعا عن الماركسية وليس ناقدا لها , إذ أكد على صحة الموقف الفلسفي الماركسي , كما أكد تفوق الماركسية على التجريبية , وضرورة النظرية الثورية للحركة الثورية , وتفوق الإقتصاد السياسي على الإقتصاد البرجوازي , وهذه فى مجملها محاور الماركسية الكلاسيكية .

لعلى وقبل أن أبدأ فى المرور على بعض الأفكار التي رشحها الأخ صدقي لتأزير وجهة نظره تلك , فلى ملاحظتين :

فأولا... أرى أن الذي يدافع عن الماركسية فى هذا الأوان وبعد كل الذي حدث , لهو ( جرئ ) دون شك , و لعله بهذا يبعث برسالة مؤداها , إن إحتملت على عصبي وقفاي كل مرارات وأثقال الإنهيار , وما أزال حي يرزق , فلماذا أترك الماركسية من بعد , بل وكيف ولماذا , هذه الرسالة تعبر عن أصالة هذا الموقف ومن يقف خلفه بلا شك , لكنها كذلك موصولة لدعاة و مترقبي التغيير داخل الحزب الشيوعي السوداني ... أو هكذا أفهمها , وأظن أن فحواها معلوم .

و ثانيا ... يعتمد الأخ صدقي فى دفاعه عن الماركسية فى كثير من الأحيان , على ترفيع المقادير النظرية داخل موضوعته , ليبدو الأمر وكأنه فلسفي عالي , أو نظري لا تأنسه إلا الصفوة , ومع أن هذه طريقة سائدة فى مجادلات الشيوعيين على نحو عام , وإن تعبر عن الوهم أكثر من التميز و ( الفهم ) , إلا أنها تقصي العامة بل والمثقفين غير الماركسيين , فتضيق بذلك حلقة التبادل والحوار , كما أن الإنتقاء من بطون الكتب ومن آراء ومقالات رواد الشيوعية ومحاوريهم , يضيق منافذ الحوار أكثر وأكثر , لتقتصر على حلقة العارفين أو المهتمين بالفكر الماركسي , وحتى فى إطار هذه الحلقة الضيقة أصلا , فلا يعتد برأي من خرج عن الماركسية , فتتقلص الحلقة من ثم إلى نواة ماركسية خالصة ... أي إلى لا حوار .... فهناك كل شئ محسوم .

إتصالا بذات الملاحظة الثانية أعلاه , فالشاهد أن الماركسية تدعي لنفسها إستخلاص فتعميم التجارب , وهذا ضمن ما يعني إستبصار مسار عام على خلفية إحداثيات متفرقة , كما يعني ( فنيا ) ترفيع الوعي الماركسي ( طالما أن الماركسية نفسها تجربة ) إلى مصاف العام وعلى سبيل النقل الموضوعي , لتتسع نواحي العلم بها والتهيؤ لتوقيعها على الأرض , الأمر الذي يقلل من قيمة عناصر وتآلفات ما قبل هذا الإنتقال النوعي , وهنا تعيد الماركسية إنتاج نفسها فى شكل أهداف عامة ووسائل معلومة كيما يفهمها الناس , كالشيوعية والإشتراكية والعدالة الإجتماعية المترتبة عليهما , يقابل ذلك ما إختارته من وسائل كالصراع الطبقي والتمنهج المادي . هذا يسهل التعامل مع الماركسية طالما عادت مشروع كل الناس , وطالما تخطت حالة كونها مدخلات صادرة عن أفراد , إذ تعلو من بعد قيمة الماركسية على ماركس , واللينينية على لينين , والصراع الطبقي على ما قاله عنه أنجلز .

ومع أن الإقتباس وسيلة من وسائل الحوار والإقناع , لكن لاحظت أنه يرتبط دوما بثلاث محاور أساسية , التفسير الدينى , النقل لأغراض علمية و الفكر الشمولى , وإن كانت تهمنا الأخيرة حيث الفكر الشيوعي موضع بحثنا الراهن , فالواضح أن النقل عن أفراد وإن علا شأنهم وتميز إسهامهم فى صناعة الفكر الماركسي , لا يعني الإتيان بالدليل الصحيح , فهو وفى أفضل الأحوال رأي شخص ماركسي وليس بالضرورة رأي الماركسية , وهذا ما لا يعتد به موضوعيا , مع ملاحظة أن الماركسية فى مسيرها نحو أن تكون , تجاوزت مبادرات الأفراد إلى أروقة التداول الجمعي , إلى محطات التجميع الفكري ( فلسفة , مجتمع , إقتصاد ) إلى مصادر معرفة ذابت فى معينها عناصر التكوين الأولى وإستقدمت منتوجا جديدا , إلى نظرية ذات ملامح وأهداف وأدوات , وهذا ما أكسبها بعدها العالمي وتوصيفها ذو الطابع العلمي , لهذا كانت تدرس فى الجامعات كنظرية ماركسية , وليس ككراسات تنسب لأفراد وإن قاموا بجهد لا ينكر , فمثل هذا الجهد هو تجميع وتوسيع لحصائل ماركسية فى الأساس , ولهذا أيضا ربما قرأت فى مهدي الماركسي ربما عشرات الكتب الصادرة عن دار التقدم بموسكو , أو دور نشر وترجمة أخر , لا أحتفي هنا بإسم الكاتب , لكني أتذكر أنني إطلعت على هذا الكتاب ( الماركسي ) أو ذاك , وبالطبع فقد كانت هذه مرحلة أكثر ( تقدما ) من مرحلة المساهمات المنسوبة لأفراد , كمختارات لينين , رأس المال لكارل ماركس , أصل العائلة لأنجلز ... وهكذا .

فالأخ صدقي يحاجج بأسانيد من مرحلة ما قبل عالمية الماركسية أو تعولمها الغابر , وغير أنها حجج زائغة عن تطور الماركسية نفسها , ففيها تبخيس للماركسية أكثر من إفحام خصمها , فإن لم يقل هذا الفرد ما قال , هل تنتفي الحجة ؟ لهذا أعتقد أن هذا ( الإستايل ) للإثبات أو النفي , لا يقيم الدليل المقنع بقدرما يمثل هروبا من الحاضر إلى الماضي , ومن العام إلى الشخصي , ومن الفقه إلى النص . .. وغدا بإذنه أواصل .

Post: #125
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: Mohamed Abdelgaleel
Date: 04-13-2006, 08:11 AM
Parent: #124

نتابع بشغف هذا الحوار الذي أقل ما فيه أنه سيسبر أغوار فكر لم يكن متاحاً بقدر كاف في مجتمعاتنا لظروف كثيرة كسرتها عولمة المعلومات .. مثلما كسرت (العولمة)حواجز السلعة فزاد البؤس
وظهرت بوادر البربرية في أماكن كثيرة .. وزادت الحاجة للخروج من هذه الدائرة .. وأصبح
من الضروري إعادة قرأءة ماركس وغيره ممن طرحوا فكراً لفهم الواقع من أجل تغييره لمصلحة
الذين يرهقهم النظام الرأسمالي في ظل العولمة ..

Post: #126
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: HAYDER GASIM
Date: 04-13-2006, 10:35 PM
Parent: #125

قراءة نقدية ... فى تيمن د. صدقي بالماركسية ( 3 من 8 )

الأخ صدقي ... تحياتي

أراك تستقدم واقعة ( إنهيار الإتحاد السوفيتي ) كمدخل لقضايا العصر عند الشيوعيين السودانيين , ومع أن هذا حسن , لكنك لا تؤسس لمنهاجية جديدة على ضوء هذا الإنهيار , بل تستحضر ما ورثه عن ( العهد القديم ) , بإعلائك لراية , ألا حركة ثورية بدون نظرية ثورية , وهذه بالمناسبة مقولة ماركسية عتيقة , لا تحمل من معاني الجدة ما يفي بصدق العزيمة , فعن أي ثورة وعن أي حركة ثورية صدقي يتحدث ؟ أليس من مآلات ( الإنهيار ) تخفيض بواعث الثورة وحزم الأمتعة قبالة الديمقراطية والخيارات المدنية , أما زال فى ذهن صدقي أن سمة العصر هي ( الإنتقال ) نحو الإشتراكية كما قال لينين بذلك قبل ما يضاهي القرن من الزمان ؟ ألم تتأهل الديمقراطية بعد لتكون البديل ؟ , وهل تنفصل النظرية الثورية والحركة الثورية المتأتية على أعقابها عن العنف الثوري , كما تدعو له الماركسية ؟ ألا يكثف هذا الشعار إحساسا بأنكم تختارون العودة إلى ذات الديار الماركسية , ومن خلال ذات المقولات والملهمات الماركسية ؟ و أليس فى الإمكان الإستعاضة عن ذاك الشعار ( الكارثي ) , بشعار ألا حركة ديمقراطية بدون منهج ديمقراطي ؟ أليست هذه نقطة التحول الجوهرية التي ينتظرها الناس من الشيوعيين , حتى يبرئون ساحتكم من تهمة الشمولية ؟

لقد سقطت الشيوعية بالإنكار والمكابرة , وإدعاء الصحة والترفع عن المراجعة والنقد والتعديل وفق مقتضيات الأحوال , ومع أن هذا عيب لكن فلتزدرده الحلوق الثورية , بإعتبار آخر العلاج الكي وكما حدث , لكن ليس مقبولا من بعد أن يكون الإنكار والمكابرة هما لوازم مستمرة , حتى وأنت تعيد تقديم المشروع الهالك للناس من جديد , فيبدو هنا أن العلة جوهرية تقعد العطار عن ثمة مسعى لإصلاح ما أفسد الدهر .

يقارن الأخ صدقي بين التجريبية والماركسية , وكالعادة ... فالنتيجة أن الماركسية هي الأفضل , لا أدري عن أي تجريبية يتحدث , لكن سياق المقارنة هنا يستظهرها وكأنها المدارس السياسية الإقتصادية التي تقدم التجربة على الفكرة , أو ما درج على تسميته بالبراغماتية ... إن جاز هذا التعبير , وأظن أن الهدف الخفي هنا هو الرأسمالية . المقارنه التي يعقدها الأخ صدقي هنا , لتوضيح الميزة التي تتمتع بها الماركسية عن الرأسمالية , بإعتبار أن للماركسية فكرا تستهدي به , بينما الرأسمالية غير ذلك , والإستناج المنطقي أن من يحمل فكرا هاديا هو الأكثر أهلية من عديمه , وبالتالي الأوفر حظا للنجاح عند التجربة . لا تعليق لى هنا ... فأخال أن التجربة وكما شهدها الناس قد أبانت كل شئ .

سمعت وقرأت من قبل وكثيرا ما قاله صدقي عن الماركسية فى هذه المقارنة , ومؤدى قوله أن الماركسية تتفاعل مع التجربة وتستخلص نتائجها فيما يشي بالإعتبار , ربما يكون هذا المأمول أو المنطقي وفى عموم الحال , لكن الشاهد أن الماركسية لا تتفاعل ولا تستخلص ولا يحزنون ... ده كلام ساي , فإن كان هذا شأنها لما إنهارت هكذا , فهذا الإنهيار هو دليل الجمود والتقوقع والعزلة , وأظن العاقلون منهم يعترفون بذلك , فكل ما فى الأمر أن الماركسية كانت ترشح الواقع لإثبات فرضياتها فقط , إذ لم تكن مهيأة لغير ذلك , لا على المستوى النظري ولا العملي ... فبدلا عن القول أن الماركسية تتفاعل وتستخلص , كان الأحرى القول أنه ( يجب ) أن تتفاعل وتستخلص , فيما يفتح كوة لأمل الإصلاح , فصدقي يقرر ما ليس بواقع ويشيح بوجهه عما يقتضيه الواقع .

يقول صدقي أن الماركسية نظرية للتعرف على والواقع وتغييره , ولا أدري لماذا ( تحتكر ) الماركسية هذه المقولة , فكل مشروع إجتماعي يأنس فى نفسه معرفة الواقع وتغييره , وبالطبع فإن الماركسية قد حددت مسبقا أفكار وآليات فهمها للواقع , وغض النظر عما أنف فالواقع يتغير إستمرار , من تلقاء نفسه أو بأثر من عوامل خارجية , بالماركسية أو بدونها , وتصبح بهذا كل المقولة تحصيل حاصل .


وغدا بإذنه ... أواصل .

Post: #127
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: HAYDER GASIM
Date: 04-14-2006, 10:03 PM
Parent: #126

قراءة نقدية ... فى تيمن د. صدقي بالماركسية ( 4 من 8 )



فى مجال الإقتصاد , تحدث الأخ صدقي بلسان العارف المقتدر , ويبدو هنا أن حاصل جمعه لثقافته الإقتصادية الماركسية مع مؤهله العلمي وخبرته فى مجال الإقتصاد , قد أعانوه وكثيرا فى تصويباته النقدية الإقتصادية , مع أني لاحظت أن تدافعه الماركسي , يلقي به أحيانا إلى ما وراء الخطوط الحمراء لمفهوم الحيدة العلمية , فهو لا يزال يتداول بأريحية مصطلحات ماركسية غابرة , مثل الإقتصاد المبتذل نكاية بالإقتصاد البرجوازي أو الرأسمالي , مع أنه أشار بوضوح لدينامية هذا الإقتصاد دون أن ينتبه إلا أنه مبتذل , يفتقد المردود الإجتماعي ويفتقر للعامل الأخلاقي , وإن تجاوزت عن تقديري بأن هذا حكم يستعصي تجويزه قياسا بمعطيات الواقع والتجربة , إلا أن ما لفت نظري فى مساهمة الأخ صدقي فى هذا الحيز , إعتقاده بأن تفاعلات الإقتصاد البرجوازي وتعدد أذرعه ومعاملاته , تساعد فى تصحيح مقولات ماركسية خاطئة , ومع أنه لم يشر إلى أي مقولات يعني , ومع أن الإعتراف هنا بثمة خطأ ماركسي هو فضيلة نادرة , إلا أنها تتأت فى سياق المناولة النقدية للفكر الإقتصادي البرجوازي , الأمر الذي يقلل الإحساس بقيمتها , ويصعب عملية توقيعها فى إطار الفكر الإقتصادي الماركسي حيث تنتمي . وصدقي كذلك يدعو الماركسية للكف عن ترديد مقولاتها التاريخية عن الإمبريالية والإحتكارات , فيما يشي بلا جدوى هذا السلاح , وإن كانت هذه دعوة موضوعية , فأعتقد أن المعني بتنفيذها هو نفسه وحزبه وقواه الماركسية , نصح منهم إليهم آمل أن يعملوا به .

يقول الأخ صدقي ودون إبانة كذلك , أن علوم الإقتصاد البرجوازي ذات صلة بالمادية التاريخية والإقتصاد السياسي ( الماركسي ) , وكأنه يقول أن الرأسمالية لا تتطور إلا بفرضيات ماركسية , ولست هنا متحريا لهزيمة هذه الفكرة , بل أومن بإمكانية التداخل والتماس بين البرامج الإقتصادية وإن إختلفت , فالنشاط الإقتصادي عملية إجتماعية فى الأساس , تحكمها ترابطات حلقية وليست ميكانيكية , لكن ما يحيرني أن هذا المفهوم فى كلياته , مفهوم تطور الرأسمالية , وكمان بفرضيات ماركسية , لهو يتنافى جملة وتفصيلا مع المنظور الماركسي ( الإستراتيجي ) تجاه الرأسمالية , حيث تقضي الأولى بإفناء الثانية , وعلى أنقاضها يتوفر الشرط الموضوعي لقيام الإقتصاد الإشتراكي , فالعنف الثوري كخاصية ماركسية إستحضر لأداء هذه المهمة التاريخية , مهمة دحر الرأسمالية وإنجاح الثورة الإشتراكية . ربما ليس فى الإمكان إنفاذ التصور الماركسي , وربما يكون فى إدغام بعض المفاهيم الإشتراكية فى البينة الرأسمالية تقويما للأخيرة , وحلا موضوعيا لأزمة الفكر الإقتصادى الإشتراكي كذلك , لكن هذا لا على المستوى النظري ولا على المستوى العملي يمكن أن تسميه ماركسية , هذا شيئا مختلف , والأمانة الفكرية تقتضي أن يحمل إسما مختلفا .

لقد تابعت بإهتمام المساهمة الإقتصادية للأخ صدقي فى هذا البوست , فمن أولها وإلى آخرها ليس هناك حديث عن ( بديل إشتراكي ) و لا بأي سبيل كان , رغم أنه يهيل على غريمه الرأسمالي ما يشي بفساده وبأهمية البديل موضوعيا , وهنا تذكرت ما دفع به الإخ عدلان فى هذا الحوار من ملاحظة ذكية , مؤداها أن حزبه يتبنى شعارات لا يمكنه طرحها للجمهور كبرنامج إنتخابي أو كبرنامج للمرحلة , وأظن عدلان هنا يشير صراحة لضرورة التخلص من الحمولات النظرية , ومن الشعارت التي لا يمكن طرحها ناهيك عن تطبيقها على أرض الواقع , أعتقد أن هذا نداء عقلاني يوفر للعقلاء مدخلا موضوعيا للإصلاح , خاصة وأن الناس ينتمون للأحزاب عموما أو يؤيدوها لحل مشاكل آنية وليست آجلة أو متخيلة .

يشير الأخ صدقي فى معرض نقده للإقتصاد البرجوازي , إلى ظاهرة إنفصال الإدارة اليومية للإنتاج عن الملكية الفردية لوسائل الإنتاج , وبنترة ماركسية عالية يتخذ من هذه الواقعة منطلقا لتأكيد ( طفيلية ) الملكية الفردية , وعدم ضرورتها كشرط للإدارة الكفؤ , مضيفا ... كما تعبر الآيدولوجية المبررة للرأسمالية . صحيح إنفصال الإدارة عن الإنتاج , لكن هذا مما يؤخذ بحذر لا يجوز معه التعميم , فالظاهر بالفعل تحتل الآن موقعا فى المنظومة الرأسمالية , لكن ليس كل نشاط رأسمالي يخضع لهذه القاعدة , بل هي فى الواقع مرتبطة بتوسع وتنوع الأنشطة الإقتصادية داخل المنظمة الإنتاجية أو الخدمية الواحدة , بمعنى أنه وحيثما لم تنفصل بعد الإدارة عن الملكية الفردية , تكون قيمة الملكية سارية المفعول فى توفير الحافز المادي والمعنوي لنجاح المؤسسة المعنية , أما حيث تنفصل فلينظر الأخ صدقي طفيفا فى الظاهرة , فسوف يجد أن المالك تنازل عن بعض ريعه نظير إدارة جديدة , لا تقوم مقام البديل فحسب , بل تطور الإنتاج والعملية الإنتاجية أو الخدمية وما يرتبط بذلك من أنشطة تسويقية ودعائية , فالذي حدث ليس هو فقط إنفصال الإدارة عن المالك فحسب , بل تطور نوعي عالى القيمة فى الإدارة , ونهوضها كعلم قائم بذاته فى ظل تدفق المعرفة العلمية والتقنية على طريق التطور الرأسمالي , يلاحظ كذلك أن توسع الأنشطة الإقتصادية الذي أشرت إليه إغتضابا فى مستهل هذه الفقرة , لهي الأخرى موضوعة جديرة بالتأمل , فما كان يرثه المالك من فرعية أو نمطية إنتاجية / خدمية محددة , ويحسن إدارته بفعل الخبرة التاريخية وبحكم محدودية النشاط , فهذا ما يتغير الآن , ليشمل النشاط الإقتصادي للمؤسسة الواحدة حزمة من الإفرع الإقتصادية التي ربما لا يربطها رابط , اللهم إلا الريع فى نهاية المطاف .

فالشركة ذات الأنشطة المتعددة , تتجاوز المقدرات التاريخية للمالك , فإن خبر صناعة النسيج مثلا وأفلح فى إدارة هذا الحقل , فما باله بالأحذية , بل ما باله بالشرائح الإلكترونية , وهكذا فإن ما حدث من إنفصال أملته ضرورات تطور الإنتاج وتعدد مجالاته , وغني عن الذكر أن الذين يقومون بمهام الإدارة إنابة عن الملاك , هم كذلك رأسماليون , إن لم يكن بالملكية فبالمرتبات والمخصصات العالية , ( أنظر إلى مرتبات ال CEO s فى أي تقرير إقتصادي ذو صلة أو ويبسايد ) فسوف يلحظ المطلع أن مستوى دخولهم العالية , يوفر لهم حافزا للإدارة وكأنهم الملاك .

هذا ليس خصما على حقيقة أخرى مؤداها أن المؤسس يمكن أن يظل هو المالك وهو المدير كذلك , كما فى شركة المايكروسوفت مثلا , بل أن هذا النموذج يضيف ظاهرة جديدة , يتسنى خلالها الحكم بأن رأس المال ليس بالضرورة أن يكون مالي , بل يمكن أن يكون معرفي مرتبط بالإنجاز والإبتكار , كمداخل جديدة فى السوق الرأسمالي المعاصر .


... وأواصل غدا بإذنه .

Post: #128
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: HAYDER GASIM
Date: 04-15-2006, 10:52 PM
Parent: #127

قراءة نقدية ... فى تيمن د. صدقي بالماركسية ( 5 من 8 )


نعم ... الرأسمالية نظام يتفاوت فيه حظ الإفراد والشرائح الإجتماعية المختلفة من الدخول والثروات , وإن كان للمرء موقف مبدئي من هذا التفاوت , فهو ومن حيث المبدأ ضد الرأسمالية جملة وتفصيلا , فمثل هذا المرء لا يحتاج لمسوغات نظرية وعملية لتبيان خطل الرأسمالية من وجهة نظره , فمهما تجملت الرأسمالية فلن يراها جميلة , والشيوعيون هنا كمثال خاصة وأنهم حملة رسالة مضادة , لهذا يلاحظ أن الترسانة الشيوعية الراجمة للنظام الرأسمالي , ذات أسلحة تقليدية تتمثل فى الحديث المكرور عن الإستغلال , الإحتكار , التفاوت فى الدخول , البطالة , التضخم , العجز , تدني الخدمات الإجتماعية ... وما يتصل .

لكن تعالوا لنرى كيف تتعامل الرأسمالية ( الغرب كمثال ) مع بعض الفرضيات آنفة الذكر , فالإستغلال لديها هو المعادل الإقتصادي لتفاوت توزيع الثروة , وهي منسجمة مع هذا التفاوت ولا تعتبره منقصة , لكن ومهما يكن من أمر هذا الإستغلال , فإن المردود الإجتماعي للنشاط الإقتصادي الرأسمالي , يؤكد أن الرأسمالية مهتمة بأمر المجتمع ورفاهه , ولعل تطور هذه المجتمعات وإرتفاع مستوى معيشتها وإعتمادها المتعاظم على منجزات العلم والتقنية يؤكد على هذه الحقيقة , بل تشير الدلالات إلى أن تطور النظام الرأسمالي رهين بصعود المجتمع وتقدمه , فالرأسمالية تحتاج لمجتمع ( مرتاح ) إقتصاديا , لضمان فعالية وإضطراد قوته الشرائية , والرأسمالية تحتاج لمجتمع تتوفر له العناية الصحية , حتى يكون قادرا على الإنتاج , والرأسمالية تحتاج لمجتمع تتوفر على أرضه كل البنيات الأساسية , اللازمة للعملية الإنتاجية والتسويقية , والرأسمالية تحتاج لمجتمع متعلم , ليواكب نقلاتها النوعية فى مضمار التطور العلمي والتكنولوجي , وليرفد مصانعها ومعاملها بالكادر العلمي والفني الذي تتطلع إليه , والرأسمالية تحتاج لمجتمع ( آمن ) كشرط موضوعي للإستثمار وللإستقرار الإقتصادي , والرأسمالية تحتاج لمجتمع ( ديمقراطي ) كشرط ضروري للإستقرار السياسي والتقدم الإجتماعي . إذن فهناك عوائد إجتماعية وإقتصادية ضخمة متأتية عن ميكانيزم الإدارة الرأسمالية المعاصرة , وواضح أن المجتمع لم يعد كما كان أبان الثورة الصناعية , ضحية للقهر الرأسمالي , بل صار ينعم الآن بكثير من مزاياه الراهنة , وبالتالى فمن الصعوبة إختزال كل هذا الإبداع الإنساني , وكل هذا التدافع الأجتماعي فى كلمة واحدة هي ( الإستغلال ) .

أما البطالة ... فهي ليست من إجتراح الرأسمالية , فهي ظاهرة إجتماعية محتقنة فى كل التشكيلات الإقتصادية والإجتماعية على مسار البشرية , في محاولة للقضاء على هذه الظاهرة على أيام المعسكر الإشتراكي ( سابقا ) , تم إستبطان البطالة فى سراديب السياسة , لتجمل الخطاب السياسي ولتحمل رسالة ( ملغومة ) بأن الدولة الإشتراكية إستطاعت تخديم كل أبناءها القادرين على العمل , فوضح من ثم أن هناك بطالة لكنها ( مقنعة ) , أما الأفضل من هذا فهو ما تفعله الدول الرأسمالية الغربية المعاصرة , فهي أولا تعترف بالظاهرة , وثانيا تعتبرها ظاهرة سلبية , وثالثا تقوم بحصر القوى العاطلة وتجدد إحصاءآتها عنهم ( شهريا ) , ورابعا تضع الخطط والبرامج لتشغيلهم فى المستقبل , وخامسا وتوفر لهم متطلبات الحياة والعيش الكريم حتى يعتمدوا على أنفسهم , وسادسا توفر لهم فرص إعادة التدريب ,أملا فى الإلتحاق بإعمال مختلفة عن تخصصاتهم ومجالات خبراتهم السابقة , وسابعا تعتبر أن إنخفاض نسبة العطالة هي أهم وأصح مؤشر , لحيوية الإقتصاد القطاعي والقومي على الإطلاق , فبإنخفاض هذه النسبة ترتفع أسعار البورصة والعملة الوطنية , وتتأثر إيجابا كل المؤشرات الإقتصادية ذات الصلة , والعكس صحيح كذلك .

يقول الأخ صدقي أن التطور العلمي والتكنولوجي يزيد من معدلات البطالة , يصح هذا الحكم فى العديد من المجتمعات , خاصة الدول النامية والدول المتقدمة فى آسيا والمتأخرة فى أوربا , لكن الدول الغربية وهي الحقل الإساسي لإنفاد حصائل النهضة العلمية والتكنولوجية , فما تزال نسب البطالة كما هي إن لم تقل ( 5 إلى 8 بالمائة ) , مع هذا فالتطور العلمي التكنولوجي احدث قفزات هائلة فى مسارات الإقتصاد العالمي , ولا بد أنه سهل حياة كثير من الناس فى أرجاء المعمورة , والأهم أنه يفترض المواكبة والتقدم والتفكير العلمى شرطا لنهضة الأمم إن أرادت , فهذا من نوع الموضوعات التي ينبغي أن يتوفر لها الناقد وينظر إليها من مختلف جوانبها , خاصة فى حالة صدقي هذه , حتى لا ينصرف التفكير إلى أنهم يكرهون التقدم العلمي والتكنولوجي لأنه صنيعة رأسمالية .

ربما تخفض المجتمعات الرأسمالية المتطورة وذات الإقتصاد القوي , البطالة إلى أقل قدر ممكن , ( حاليا حوالى خمسة بالمائة فى أمريكا ) , لكن لا أظن أن من الأهداف الإقتصادية الحميدة التخلص من البطالة نهائيا , ليس من باب التخوف من إعادة إنتاج البطالة المقنعة فحسب , وإنما خوفا من زوال صف الإحتياطي , كمصدر حيوي للمنافسة والإنضباط وتجويد الأداء . مهما يكن من الأمر , فالبطالة ثغرة إجتماعية مزعجة فى الجدار الرأسمالي , لكن أظنهم واعون بها , فما من سياسي فردا أم حزبا , إلا ويتوسلون للناس بوعد المزيد من الأشغال , إذن فالمشكلة معلومة ويحاولون السيطرة عليها لكن وفق حلول إقتصادية وإجتماعية على الأرض ,وليس وفق الحشر الأيدولوجي كما فعل الشيوعيون فى غابر دولتهم .

وفيما يخص ظاهرتي التضخم والعجز , فهما فى تقديري المتواضع , دلالة على ( فروقات ) نقل الإقتصاد من الكتب والخطط إلى الأرض , أكثر من كونهما ظواهر إقتصادية مرضية , علما بأن ( المعدلات ) تلعب دورا مفصليا بين الإحتمالين آنفي الذكر , فكلما علت فهي تثقل الإقتصاد بالمقاييس الكلية , وكلما إنخفضت فهي تشير لصحة الإقتصاد وإقترابه من نقطة التوازن المطلوبة على المستوى النظري , وحيوية أدائه على المستوى العملي , كما أن التجارب العملية أثبتت إمكانية السيطرة على عجز الموازنة القومية , بل وتحقيق فوائض , كما حدث فى عهد بيل كلينتون وفى زمن أقل من المخطط له , كما إستطاعت أيضا حكومة جين كريتان فى كندا فى مطلع هذا القرن , تحقيق فائض فى الميزانية يربو عن العشرة بلايين من الدولارات الكندية , مع هذا كله وغيره فالحكم ( الشيوعي ) على عجوزات الإقتصاد الغربي هو حكم ( مؤبد ) يجري على مجرى السياسية والكيد أكثر من الواقع والموضوع , مع ذلك أيضا فهم يعترفون بالمشكلة ويعدون الناس بحلها , يصدقون ويكذبون لكن عالمهم مرئ والناس من حولهم يقررون بشأنهم ومصداقيتهم ... وأواصل غدا بإذنه .

Post: #129
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: Yaho_Zato
Date: 04-16-2006, 04:07 PM
Parent: #128

العزيز حيدر..

أتابع مشاركاتك الأخيرة.. وكنت أنوي الانتظار حتى تفرغ من تسلسل تعقيبك.. ورغم أني ما زلت أفضل أن أؤجل التعقيب المسهب حتى نهاية تسلسل تعقيبك، غير أني رأيت أن أقوم بمداخلة "خفيفة" الآن، اعتبارا لعدم امتلاك الزمن المستقبلي، مما قد يأتي بأصناف من الرياح لا تشتهيها السفن..

تعليقي ينصب على تناولك الاقتصادي للعلاقة بين الماركسية والرأسمالية..

Quote:
يقول الأخ صدقي ودون إبانة كذلك , أن علوم الإقتصاد البرجوازي ذات صلة بالمادية التاريخية والإقتصاد السياسي ( الماركسي ) , وكأنه يقول أن الرأسمالية لا تتطور إلا بفرضيات ماركسية , ولست هنا متحريا لهزيمة هذه الفكرة , بل أومن بإمكانية التداخل والتماس بين البرامج الإقتصادية وإن إختلفت , فالنشاط الإقتصادي عملية إجتماعية فى الأساس , تحكمها ترابطات حلقية وليست ميكانيكية , لكن ما يحيرني أن هذا المفهوم فى كلياته , مفهوم تطور الرأسمالية , وكمان بفرضيات ماركسية , لهو يتنافى جملة وتفصيلا مع المنظور الماركسي ( الإستراتيجي ) تجاه الرأسمالية , حيث تقضي الأولى بإفناء الثانية


دعني أختلف معك في هذا القول.. فالماركسية، في أدوات تحليلها التاريخي، تضع خطوطا عريضة وواضحة لدراسة مرحلة سير الرأسمالية.. ماركس، في واقع الأمر، لم يكن عدوا صرفا للرأسمالية، فهو قد عرف لها حسناتها وضرورتها كمرحلة اقتصادية مهمة في طريق الوصول للاشتراكية.. وعليه فإن "تطور الرأسمالية بفرضيات ماركسية" لا "يتنافى جملة وتفصيلا مع المنظور الماركسي" في نظري..

وعبقرية ماركس، في نظرته المادية الديالكتيكية، تتجلى بشكل كبير في طريقة دراسته ونقده للنظام الرأسمالي.. ماركس لم ينظر للنظام الرأسمالي كنظام دخيل على تاريخ الصراع الطبقي، بل كمرحلة منطقية ولا بد منها في سيرورة هذا الصراع.. وعند خلاصة تحليل ماركس لهذه المرحلة، فإن النظام الرأسمالي إنما يقوم، في مشوار تطوره، بشنق نفسه بنفسه، ليمهد الطريق للاشتراكية العالمية (ولنا عودة لهذه النقطة)..

Quote:
لكن تعالوا لنرى كيف تتعامل الرأسمالية ( الغرب كمثال ) مع بعض الفرضيات آنفة الذكر , فالإستغلال لديها هو المعادل الإقتصادي لتفاوت توزيع الثروة , وهي منسجمة مع هذا التفاوت ولا تعتبره منقصة , لكن ومهما يكن من أمر هذا الإستغلال , فإن المردود الإجتماعي للنشاط الإقتصادي الرأسمالي , يؤكد أن الرأسمالية مهتمة بأمر المجتمع ورفاهه , ولعل تطور هذه المجتمعات وإرتفاع مستوى معيشتها وإعتمادها المتعاظم على منجزات العلم والتقنية يؤكد على هذه الحقيقة , بل تشير الدلالات إلى أن تطور النظام الرأسمالي رهين بصعود المجتمع وتقدمه , فالرأسمالية تحتاج لمجتمع ( مرتاح ) إقتصاديا , لضمان فعالية وإضطراد قوته الشرائية , والرأسمالية تحتاج لمجتمع تتوفر له العناية الصحية , حتى يكون قادرا على الإنتاج , والرأسمالية تحتاج لمجتمع تتوفر على أرضه كل البنيات الأساسية , اللازمة للعملية الإنتاجية والتسويقية , والرأسمالية تحتاج لمجتمع متعلم , ليواكب نقلاتها النوعية فى مضمار التطور العلمي والتكنولوجي , وليرفد مصانعها ومعاملها بالكادر العلمي والفني الذي تتطلع إليه , والرأسمالية تحتاج لمجتمع ( آمن ) كشرط موضوعي للإستثمار وللإستقرار الإقتصادي , والرأسمالية تحتاج لمجتمع ( ديمقراطي ) كشرط ضروري للإستقرار السياسي والتقدم الإجتماعي . إذن فهناك عوائد إجتماعية وإقتصادية ضخمة متأتية عن ميكانيزم الإدارة الرأسمالية المعاصرة , وواضح أن المجتمع لم يعد كما كان أبان الثورة الصناعية , ضحية للقهر الرأسمالي , بل صار ينعم الآن بكثير من مزاياه الراهنة , وبالتالى فمن الصعوبة إختزال كل هذا الإبداع الإنساني , وكل هذا التدافع الأجتماعي فى كلمة واحدة هي ( الإستغلال ) .


توصيفك هذا للنظام الرأسمالي هو عين ما أردنا الإشارة إليه حين قلنا أن النظام الرأسمالي، عند ماركس، إنما يقوم بشنق نفسه بنفسه، رويدا رويدا، في سيرورة تطوره (أي أنه مرحلة طبيعية ومنطقية في طريق التطور نحو الاشتراكية)..

دعني ألخص هذه النظرة بعبارات بسيطة..
1. الرأسمالية، كنظام، تعتمد اعتمادا أساسيا على المستهلك.. وعلى دوام استهلاكه (الإنتاج يفقد قيمته بدون الاستهلاك)..
2. في ظل تطور التكنولوجيا والانتاج الرأسمالي، تجد الرأسمالية نفسها بحاجة إلى ديمومة تطوير المستهلك، لكي يقوم بدوره الاستهلاكي باستمرار.. لهذا فهو يجب أن يكون على علاقة معرفية مباشرة بجديد المنتج الرأسمالي، لكي يستطيع استهلاكه وإدماجه في نمط حياته بشكل يجعله يعتقد أنه بحاجة ماسة لاستهلاك هذا المنتج لديمومة حياته.. فالمتسهلك هو بطارية الآلة الرأسمالية، وهذه البطارية لا بد أن تكون في المستوى المطلوب من الكفاءة لكي تواصل إمداد الآلة الرأسمالية بالطاقة..
3. بهذا العمل المستمر في تطوير المستهلك، تقوم الرأسمالية بخنق نفسها بنفسها.. حيث أنها، بتطوير المستهلك، تساهم في نقل القوة الاقتصادية ليديه رويدا رويدا (وهي قوة معرفية في الأساس)، فيصبح المستهلك، بهذا المنوال، أوعى بقضاياه وحقوقه أكثر فأكثر، ويصبح الجسم المستهلك (الشعب) أكثر توحدا وتكافلا، مما يزيد من قوته (والأمثلة على ذلك كثيرة)*..
4. ما نشاهده اليوم في المجتمعات الرأسمالية من تطوير لمعرفة ووعي المستهلك ليس طرفا من انتصارات الرأسمالية (كما تنظر الرأسمالية لنفسها) وإنما هو طرف من خسائرها أمام قوة المستهلك المتنامية في فرض نفسها.. وحقوق المواطن الاقتصادية-اجتماعية (Social Security) في الدول الرأسمالية العظمى اليوم (أمريكا وكندا على سبيل المثال، كما هو عندك) هي في واقع الأمر "انتصارات اشتراكية" داخل الجسد الرأسمالي.. المستهلك استطاع أن يقتلع هذه الانتصارات اقتلاعا من النظام الرأسمالي بسبب من زيادة وعيه وتوحده.. وهي عملية اشتراكية-ثورية وئيدة (أي ذات طابع تطوري).. تتفاعل بشكل تسارعي مع مرور الزمن، ولكنها لا تقفز على عامل الزمن (وهو أقرب للوصفة الاشتراكية لروبرت أوين، إذ أن ماركس لم يكن من مناصري التقدم الوئيد نحو الاشتراكية)..
5. من دلائل ما ذكرت في النقطة (4) هو ما نراه اليوم من اتجاه العولمة وتصدير العمالة إلى البلدان الفقيرة، في حين تبقى سيطرة الرأسمال متمركزة في قبضة برجوازيي البلدان الغنية (وهو يعزى إلى سيولة رأس المال وحرية حركته، في مواجهة ضعف قيمة العمل (Labor) وصعوبة حركتها لارتباطها بالمكان.. فرأس المال لا يرتبط بالمكان).. فخيار العولمة هو في الحقيقة خيار يائس، اضطرت له الرأسمالية اضطرارا، إذ أنها غدت تبحث عن مستهلك أقل وعيا من ساكن الشمال الأمريكي (والغرب الأوروبي)، حتى لا يكلفها وعيه ما كلفها في هذه البلدان (وهو أيضا من سبب ما نراه اليوم من مطالبات داخلية في البدان الرأسمالية العظمى بمحاربة العولمة).. ولكن هذا الخيار، في واقع الأمر، سيساهم أيضا، عبر الزمن، في هزيمة الرأسمالية.. حين يساهم في توحيد مستوى وعي المستهلك عبر العالم، ومستوى قيمة العمل عبر العالم أيضا..

وعليه فإن ماركس لم يكن غافلا عن مقدرات النظام الرأسمالي وصعوبة مراسه.. بل هو، على التحقيق، كان من أوائل من فطنوا للّعبة الرأسمالية وسيرورتها منذ بداياتها (بصورة لم يعيها حتى عتاة الرأسماليين أنفسهم).. ولكن، يمكن بعد أن نسلم لماركس بهذا (أي تاريخه المشهود في دراسة الرأسمالية بدقة)، يمكن أن نختلف معه في بعض النتائج التي توصل لها من دراسته هذه.. إحدى هذه النتائج ما يتعلق بضرورة الثورة السريعة (بدل الثورة التطورية)، وضرورة العنف الثوري (بدل العمل الديموقراطي)**..

ولك المحبة
(كانت النية "مداخلة خفيفة".. ولكن عذرا)

* للمزيد من الحديث عن هذه القضية، أحب أن أضع هنا وصلتين..
أولاهما لخيط قديم في هذا المنبر، كان فيه شيء من التناول لقضية العولمة، والحيلة الرأسمالية فيه (وهي حيلة تمتثل الحكمة القديمة القديمة "من حفر حفرة لأخيه وقع فيها")..
العالم يتغير بسرعة من حولنا.. اقرأوا معي
أما ثانيهما فلمقال قديم، عن الفلسفة، كنت قد تناولت فيه شيئا من التوثيق التاريخي الذي يفيد بأن الرأسماليين أنفسهم (في أمريكا) قد احتاجوا للتعلم من نظريات اشتراكية أخرى لانقاذ اقتصادهم من ورطات كثيرة ألمت به عبر تاريخه الحديث..
http://www.sudaneseonline.com/sections/dirassat_maqalat/p...ussai_hamaror01.html

** لا بد من الإشارة هنا إلى أن الديموقراطية نفسها، كنظام حكم، هي من "أبغض الحلال" للنظام الرأسمالي.. وهي ليست جزءا أصيلا منه، وإنما اضطرت لها بعض الدول الصناعية الكبرى اضطرارا، أمام قوة المستهلك المتنامية، ومحاولة مساومته وارضائه.. فالديموقراطية لا يجب أن ننظر لها كحسنة من حسنات الرأسمالية، وإنما كهزيمة من هزائمها..

Post: #130
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: HAYDER GASIM
Date: 04-16-2006, 10:25 PM
Parent: #129

قراء نقدية ... فى تيمن د. صدقي بالماركسية ( 6 من 8 )


تفكرت فى بعض متعلقات الإشتراكية , وقارنتها بالأوضاع فى المجتمعات الرأسمالية الراهنة , فوجدت أن الإشتراكية لم تفي بوعودها التي قطعتها على نفسها , وإن توفرت لذلك بزمن وسلطة , بينما وجدت الرأسمالية تطبق من الفرضيات الإشتراكية ما هو جدير بالإعتبار , فالإشتراكية لخصت رسالتها الإجتماعية فى ثلاثة محاور , هى إزالة الفوارق بين الطبقات الإجتماعية , وبين العمل الذهني واليدوي , وبين المدينة والريف , فالأخيرة أنجزت فى إطار المجتمع الرأسمالي وببراعة فائقة , بل يتفوق الريف على المدينة بإحتضانه للمزايا البيئية وبسمات الحياة الريفية وبكل ما تحمله , من الهدؤ والتنزه الطبيعي والأمن والنأي عن صخب المدينة , لا أظن تنقصهم ناقصة من مستلزمات الحياة العصرية , إن لم يعد الريف منتجعا يحمل إمارات الدلال والتميز الإجتماعيين , إذ لم يعد الريف عندهم موردا للمواد الخام , وحديقة خلفية للمدينة وإحتياطي تاريخي للقوى البشرية العاملة , وحيث تشير إليه الماركسية كحقل إستراتيجي للإستنزاف الرأسمالي , وعنوانا للقهر الطبقي والإجتماعي . أما فيما يتعلق بإزالة الفوارق بين العمل الذهني واليدوي , فهذا آخذ فى التحقق النسبي عبر التجسيد العملي لمعطيات الثورة العلمية التكنولوجية , وما توفره من مصادر متجددة لتسهيل العملية الإنتاجية , وتخفيف وطأة العمل اليدوي بمساعدة الآلة والتقنية , ورفع كفاءة المؤسسة الإنتاجية , وزيادة رواتب العاملين فى الإثر , لكنه وبأية حال يرتبط بمسارات العملية الإنتاجية والمؤثرات الإقتصادية من حولها , وليس للأمر صلة بالتحزلق السياسي والإستعطاف الإجتماعي . أما إزالة الفوراق بين الطبقات الإجتماعية , فما يعتني به المجتمع الرأسمالي هو ( السيطرة ) على هذه الفوراق من ناحية , وذلك لتجنيب المجتمع مآلات إتساع الهوة بين فئاته الإجتماعية المختلفة , والصعود بكل المجتمع فى إطار الترقي والرفاه الإجتماعي من الناحية الأخرى , مع ملاحظة أن المجتمع الرأسمالى وهو يتحرك على هذين المحورين , فقد إستطاع أن يحقق للطبقة العاملة ( الشريحة المدللة ماركسيا ) وضعا إقتصاديا وإجتماعيا أفضل مما حققته ( الدول الإشتراكية سابقا ) لطبقتها العاملة , وإن كانت هذه تجارب على طريق لم تصل إلى خاتمته , فالمستقبل موضوعيا يعد بنتائج أفضل , لكن بدون غلواء فكرية وبدون إستعطافات دوشاء عن المساواه .


كنت من خلال المنظار الشيوعي أنظر للرأسمالية بأنها شر محض , لكن وبلطفه توفر عاملين , أولهما سقوط الشيوعية , وثانيهما هجرتي إلى الغرب , وكلاهما أعمل مفعوله فى إتجاه يعيد الإعتبار لمن عليه جنيت , فوجدت الرأسمالية ( المتعفنة بالمنطوق الشيوعي ) , نظاما لا أقول كاملا لكن لا غبار عليه , وما تبقى من حكمي هذا سأدخره لخاتمة هذه الحلقة , لكني أدفع هنا بما لم أكن أتخيله عن النظام الرأسمالي :

 نظام ديمقراطي مؤسسي مرضي عنه من قبل كل المجتمع ( تغريبا ) , بمعنى أن هذه القاعدة ومن يخالفها الشواذ , يعني بإختصار ليس بينهم من يريد ( تغويض ) أركان هذا النظام , أو إستبداله بأي بديل كان , لا شيوعي ولا غيره , مع ملاحظة أن هذا هو المجتمع الصناعي الرأسمالي الإحتكاري الطبقي , الذي تؤذن أحشاءه بميلاد الثورة الشيوعية ... لكنه السراب , مع هذه فهم يتوالون فى نظمية المجتمع ( الديمقراطي ) المتوفر أصلا لإستيعاب الجنح والمظالم , يعني ما لا يعجبهم وما يتصل بمظلمة يعبرون عنه دون صد , ويؤآلفون لأجله مراكز القوى , يطلعون إلى الشارع , يخاطبون الإعلام , ويحاكمون أولي الأمر من خلال صناديق الإقتراع ... فقارن بين هذا و ( والتجربة الشيوعية كما حدثت ) ... بل تخيل أن البديل لمناقصهم ولما يواجهون من إشكالات هو الشيوعية , وكما يعرفها الناس .
 نظام يربط توجهاته وأواصره بالمجتمع , ويسعى للريع مستردفا الرفاه العام , بل تظهر الدولة ( الحكومة ) فى هذا السياق كجسم محايد ومسئول عن كل الناس , غنيهم وفقيرهم , تقيدهم جميعا بالقانون وإمرته , وليس للطبقة الرأسمالية هنا من إستثناء , بل يستعذب ( تجاوزاتهم ) الإعلام ويدفعها دفعا إلى سوح العدالة .
 نظام يوفر لمجتمعه مظلة راسخة للعدالة الإجتماعية , لإيواء الضعيف وإعاشة من ينقصه الإمكانية , ومعالجة المعدم وتعليم المحتاج , وتوفير الأمن و الطمأنية الإجتماعية بما يؤكد أن هذا المجتمع يسع الجميع , وغض النظر عن القدرة الفعلية فى إمكانية إستقلال الفرد بحياته وإعتماده على نفسه .
 مجتمع يحظى فيه العمال , على وجه التحديد بأوضاع مهنية وإقتصادية , ليس لها علاقة بتراجيديا الماركسية عنهم , وإستعطافاتها الغابرة على طريقة ( ما يقيم الأود ) .. كلا , فالموضوع أغير من ذلك وكثيرا ... بل مجدت الرأسمالية الطبقة العاملة بنقلها موضوعيا ومهنيا وإقتصاديا لمصاف الطبقة الوسطى , بفضل الثورة العلمية التكنولوجية التي شنفها الأخ صدقي , لتخلى الطبقة العاملة موقعها التاريخي ( الماركسي ) إلى شريحة إجتماعية أخرى غير قادرة على الإنتاج من تلقاء ذاتها .
 مجتمع يطور فكرة الملكية الفردية فى إطار النشاط الإقتصادي , إلى رأسمالية شعبية عبر سوق المال , تقل الشراكة أو تعظم فالوشج قائم والتجربة تتطور وتعدل فى هيئتها وفى مسارها , لا أدري ثمة مستقر لكن أتوقع الأفضل . كما تتعدل بالمقابل قوانين العمل لمصلحة العامل وربما أكثر من الرأسمالي نفسه , فالأخير لا يضمن حتى ماله بموجب تقلبات البورصة , لكن شركة ال GM مثلا وفرت للعامل الذي يقضي فيها خمسة عشر عاما وأكثر , ضمانا ( قانونيا ) بعدم الفصل تحت أية ظروف , كما لاحظت أن المواجهات ( الطبيعية ) والتي ترتقي أحيانا لشكل إضراب , فإنها غالبا ما تحسم فى نهاية المطاف لصالح العاملين أكثر من المخدم .
 غير مساهمة الطبقة الرأسمالية فى بناء المجتمع من خلال مخرجاتها الضرائبية , فقد إختارت لنفسها كذلك نمط الدعم الخيري , وأدغمته فى البناءآت التنظيمية وفى المعتمدات المالية للشركة المعاصرة , مثله ومثل التسويق والقوى العاملة والمشتريات وخلافه , فغير أنهم ( يأنسنون ) الرأسمالية , فإنهم يسهمون على نحو ناجز فى التصدي للقضايا الإجتماعية حولهم وبشكل مباشر , أنظر كيف دعم بيل قيت برنامج الأمم المتحدة للصحة التعليم العالميين بمبلغ 27 مليار دولار , كما تبرع تد تيرنر , مؤسس شركة تايم وارنر بمتفرعاتها فى ال سي إن إن , وأمريكا أون لاين وخلافه , بمبلغ سبعة مليار دولار لليونسيف , وأعتقد أن مظلة الدعم الخيري هنا تغطي بعض الفجوات الإجتماعية التي يقصر عنها الدعم الحكومي .

مع هذا فالمعايرة الموضوعية للأمر تشير لإصطفاف حزمة من القصورات والمخاوف على الجانب الآخر من المرصد , وأشير هنا لبعض يستحق :

• أعتقد أن المكافأة الإجتماعية التى يحظي بها المجتمع نتيجة إدارته رأسماليا , تقل عن الريع الذي تحققه الرأسمالية لنفسها , وهذا مسلك يرتبط بمراكز القوى الإقتصادية الواقعة تحت وطأة الشركات العملاقة , وبالطبع مقدار تأثيرها فى القرار السياسي , وربما إستغلال نفوذها لتحقيق أوضاع إقتصادية وقانونية متميزة , لكن لاحظت أن المجتمع هنا ( فى الغرب ) لا يعاقب هذه الشركات خصما على الوضعية التايخية للتنفذ الرأسمالي , ولا يعصف بكل الإرث السياسي والإنساني الذي تعهدوه عنوانا لمجدهم وحضارتهم لقاء تجاوزات هؤلاء , بل ربما تنهض عندهم تيارات الإشتراكية الديمقراطية وتتفاعل أنشطة الحركة النقابية والمجتمع المدني لتوقيف محركات الشطط الرأسمالي , فالحل عندهم دائما موضوعي وليس راديكالي .
• أن الإستثمار الرأسمالى الكبير يتجاوز أحيانا حدود اللياقة البيئية , ويقترف مما بعد الخطوط الحمراء , ويعرض بهذا مجتمعه المباشر , والمجتمع الإنساني بشكل عام , والمجرة الأرضية كذلك إلى مخاطر بيئية داهمة , ولما إستبانت بعض إنعكاساتها حاليا فى الإرتفاع غير العادي لدرجات الحرارة , وثقب الأزون ... وما إليه .
• أن الصبر والعناية المجتمعية آنفتي الذكر ربما تشمل المواطنين المنتمين بالأصل , أو بالتجنس المضني , لكن المهاجرين يحطون على قيد آخر ومختلف ولا محالة سيئ .
• أن الأحلام الإمبراطورية العسكرية تخسئ التوجهات الليبرالية , ولما يرتبط الأمر بالسياسة الخارجية والتعامل مع الآخر الخارج عن نطاق الحظوة المجتمعية ا لغربية , إذ ليس هناك إنعكاس حميد لمقررات ( الداخل ) الديمقراطي والمفعم بالحساسية تجاه الإنسان , بل العكس هو الحادث .
• أن ثمة حلقات ثقافية وتربوية مفقودة فى مسارات النهضة الحضارية الغربية الراهنة ... هكذا أوجز , حتي لا يتصل الأمر بإحتقاني المشرقي ... بإعتبار ( ده ما وكتو ) .


عموما فالرأسمالية كتاب مفتوح , وهي نظام إنساني خاضع للتحسين و للنقد والنقض , لها محاسنها ولها عيوبها , لكنها أفضل تجربة تحط على رقاع البشرية إلى الآن , مع ذلك فما إدعت الرأسمالية لنفسها ما إدعته الماركسية من كلية وحتمية وجبروت , ومن يدعي أنه يرنو لنظام كامل الحسن والعدل والطمأنينة فهو واهم , لهذا من الأفضل أن نتوفر للأفضل , وأن نطور فكرة المجتمع الديمقراطي أكثر من أن نسعى لهدمها ترقبا للعدل المطلق ... وبمناسبة المطلق هذا , فقد ذكر الأخ صدقي فى معرض إحدى مداخلاته السابقة , ( أن التفكير البشري يعطي الحقيقة المطلقة وهي مجموعة حقائق نسبية ) ... فبإعبار ( حق الجهل ) أرجو التوضيح ...

من البداهة أن الرأسمالية التي أتحدث عنها هنا , هي رأسمالية العالم الأول , ولا تنطبق كثير من الأحكام الآنفة على أنظمة ودول تدعي السير فى الطريق الرأسمالي , أو محسوبة عليه فى التقييم الإجمالى , فتدني مراتب التطور الإقتصادي , وإنفصال بعض المحاور السياسية عن حزمة التنمية الرأسمالية , مثل غياب الديمقراطية , وإنعدام المؤسسية والشفافية , فهذه وغيرها تنتقص من أهلية تلك المجتمعات فى الإلتحاق بالتوصيف عاليه .


على ضوء التقرير الإقتصادي للأخ صدقي فى هذا الحوار , يمكنني القول بأن ما قدمه هو نقد للرأسمالية أكثر من كونه دفاع عن الماركسية , اللهم إلا أن يكون نقد الرأسمالية يعني ( تلقائيا ) ترجيح كفة الماركسية , علما بأن موضوعة هذا الحوار تتعلق بالماركسية على وجه التحديد , قدحا فى علاقتها بالواقع وتشكيكا فى قدرتها على مواكبة إحداثياته , كما خلا تقريرك هذا من ثمة مناولة نقدية لتجربة الإقتصاد الإشتراكي , إبان دولتكم الشيوعية , بإعتبار أن هذه التجربة هي النظير الموضوعي للإقتصاد الرأسمالي , وبالتالي فهي البديل الذي ( كان ) مرشحا لخلافة الرأسمالية , فما الذي حدث هناك ؟ وإن تمتلئ وتفيض ذما للرأسمالية ... إستغلالها , إحتكارها , بطالتها , تضخمها ... وغيره ... وغيره , فهل كانت تجربتكم ( تجربة الإقتصاد الإشتراكي ) بلا مسالب , وإن كانت فما هي ... وإن لم تكن فلماذا إنهارت .

يتقاضى الأخ صدقي كذلك عن دور القوى الديمقراطية الإجتماعية ( Social Democrats ) , بإعتبارها فصيل أصيل فى قلب المجتمع الرأسمالي , وقد كان وما يزال لها دورها الفاعل والمؤثر والتاريخي فى ترويض الرأسمالية , وفى إبتكار وحراسة المنجزات الإجتماعية للتنمية الرأسمالية , أكثر من الدور ( الخفي ) للإقتصاد السياسي وللماديات الماركسية مجتمعة كما يزعم بذلك الأخ صدقي , فالشاهد أن القوى الديمقراطية الإجتماعية , وهي تنضوي تحت لواء الإشتراكية الدولية , تعرضت لموقفين غريبين من قبل الشيوعية , الموقف الأول هو رفضها كمنظومة فكرية / إقتصادية , وذلك وفق الأحكام الماركسية التي تضعها فى خانة ربائب الرأسمالية , وتسخر من الإشتراكية التي تدعو لها , بإعتبار أن أي إشتراكية لا تنطلق من الفكر الماركسي هى دعوة عبثية أو طوباوية , كان هذا هو الموقف , منذ مهد الماركسية إلى سقوطها .

أما وأن سقطت فكان الموقف الثاني , وهو إدعاء الشيوعيين تصالحهم مع تاريخ ومنجزات الإشتراكية الدولية , يحدث هذا دون رؤية نقدية تقوم العلاقة المأزومة تاريخيا بين الشيوعية والإشتراكية الدولية , يحدث هذا والإشتراكية الدولية كما هي ... والشيوعية كذلك , ومع أن التجربة أصدقت صحة قراءآت الديمقراطية الإجتماعية وواقعيتها كحركة سياسية إجتماعية , وبالمقابل ثبتت خيالية الشيوعية وعجزها , لكن من الصعوبة إستصدار إعتراف شيوعي بهذا الحال , مع هذا فهم ( أي الشيوعيين ) يتغننون الآن لإنتصارات القوى الديمقراطية الإجتماعية , وإعتلاء بعض أحزابها لسدة الحكم فى بقاع من أمريكا اللاتينية وأوربا , وطالما أشاحت الشيوعية بوجهها عن ثمة تغيير فى جوهرها الفكري , فلا يمكن أن يكون مصدر الفرح هنا فكري ولا سياسي , لهذا أرجح أن يكون نفسي مرتبط برفع الروح المعنوية لمن تبقى من الشيوعيين, فيما يمثل لديهم درعا معنويا مؤداه أن ما حدث للشيوعية هو عارض يتقوم الآن , بدليل إنتصارات اليسار المتوالية هنا وهناك .

عموما هذا اليسار الذي ينتصر الآن ليس له علاقة بالشيوعية , وهذا الإنتصار حدث بإرادة الجماهير وأصوات الناخبين , وليس بالعنف الثوري ولا بدبابة ولا ببدعة الحزب الواحد , وهذا ليس بأول إنتصار لليسار وربما لن يكون الأخير , وإن فازوا اليوم فسوف تختبرهم الجماهير غدا , وربما تقيلهم بعد الغد , فهذا ما أورثته ( الراسمالية ) للتجربة الإنسانية فى مجال إدارة الدولة الحديثة , وهذا اليسار هو جزء من منظومة الديمقراطية الإجتماعية المغضوب عليها شيوعيا عبر التاريخ , وهذه المنظومة هي جزء من المجتمع ( الرأسمالى / الديمقراطي ) الأم , ناهيك عن التباين العالى جدا بين من يحملون وصفية يسار , فالحزب الديمقراطي الأمريكي يعتبر يسار أمريكا العريض , دون أن يقلل من هذا الحكم إنتفاء علاقة هذا الحزب بالشيوعية ... فالأفضل من هذا التهافت , أن ينظر الشيوعيون بجد ومسئولية فى أمر إلتحاقهم بقوى الديمقراطية الإجتماعية لحما وعظما , وأظن أن كثيرين منهم قد قاموا بهذا بالفعل , فهذا ما أعتقد أنه البديل الأفضل للشيوعيين , على الأقل لما يحمله من صلات قربى مع مشروع العدالة الإجتماعية ( كمرتكز شيوعي ) وإن تباينت المقاصد والمناهج .

بل دعني أفترض وصول حزب شيوعي ( أحمر ) للسلطة عبر الإنتخابات , فهذا إن حدث فهو مسمار غليظ فى نعش الماركسية , لأن فى وصول الشيوعيين للسلطة عن طريق الإنتخابات , هزيمة عملية لمبدأ العنف الثوري الماركسي , لأسبتداله بالبطاقة الإنتخابية , وكذلك هزيمة لمبدأ الصراع الطبقي , لإستبداله بإرادة المجتمع , وهزيمة للطبقة العاملة بالتوفر لكل الطبقات , وهزيمة لمشروع الإشتراكية , لقبوله بتداول السلطة بينما الإشتراكية تقتضي توفر السلطة ( دون نكوص ) فى يد الطبقة العاملة مرة وإلى الأبد , وهزيمة للمشروع أو المجتمع الشيوعي , فقبول مبدأ المنافسة يوحي بإستمرار الصراع الطبقي وإن بشكل من الأشكال , بينما فى المجتمع الشيوعي يزول الصراع الطبقي بزوال الطبقات , وأخيرا هل يعلم الشيوعيون أن حزمة حقوق الإنسان المعاصرة ( عشقهم التعويضي لكون شيوعيتهم ديكتاتورية ) , تشمل فيما تشمل حق الملكية الفردية , ناهيك عن النظام السياسي الديمقراطي المعاصر , فالحزب الشيوعي الواصل مجازا للسطة بالكيفية آنفة الذكر , لن يحقق على الأرض ( الديمقراطية ) إلا ما تفعله الأحزاب الديمقراطية الإجتماعية الآن , ربما تتسع رقعة الخدمات الإجتماعية وتتضاعف ميزانياتها ... وربما تزدهر الأناشيد الثورية , لكن لا سبيل لسلطة الطبقة العاملة و ديكتاتوريتها , ربما يتوسع القطاع العام , لكن لا سبيل لإلغاء القطاع الخاص والملكية الفردية , ربما تمتد رقعة القشلاقات , لكن لا سبيل لهدم العمارت , ربما تتفتح مسارب الثقافة المادية الماركسية , لكن لا سبيل لإلغاء الدين , فإن كان كل ما لا سبيل له هو شيوعي ... إذن ليس فى المقدور تصريف المسألة الشيوعية فى بقعة ديمقراطية بشكل طبيعي , فإما الشيوعية أو الديمقراطية , وإما إبتذال الشيوعية لمصلحة الديمقراطية ( الجد ) , أو المخاطرة بالديمقراطية لمصلحة الشيوعية ( الجد ) .

ربما يقولون بأننا ( أي الشيوعيين ) لان نريد مصادرة الديمقراطية ولا الملكية الفردية ولا الدين , وأننا سوف نتساوق مع فكرة الدولة الديمقراطية , ونتداول سلميا وديمقراطيا السلطة ... وإن كان هذا طيب ومقبول ... وأن يكون هذا رأي وموقف شيوعييى اليوم ... يطل السؤال ... إذن ماذا تبقى من الماركسية عندكم حتى تواصلون الإدعاء بأنكم ما تزالون ماركسيين ؟ , وماذا تبقى فى معينكم من الشيوعية حتى يظل حزبكم شيوعي مطابق لإسمه ؟ لهذا ففى تقديري هنا إحتمالين , إما أنها المكابرة والعزة بالإثم , أو أنها إستبطان للشيوعية ولمبادئها , وإدخارها لظروف سياسية أفضل مما هو كائن , خاصة فى الشرق المتمنع بطبعه وثقافته عن الشيوعية .

وغدا ... بإذنه أواصل .

Post: #131
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: HAYDER GASIM
Date: 04-17-2006, 09:57 PM
Parent: #130

قراءة نقدية .... فى تيمن د. صدقي بالماركسية ( 7 من 8 )


أشار الأخ صدقي ... ( وعدة مرات ) , إلى أن ما أعرضه من أفكار حول الماركسية , ليس له علاقة بالماركسية , بل هي ماركسية تخصني , وكدت أن أقول له ( خاف الله ) ... لكن إستدركت أن الله عندهم فى مقام الشك وليس اليقين ... فلا جدوى . لقد حدث وأن كنت أتبادل حوارا مع شيوعي فى كندا , وقد دفعت من خلال هذا الحوار ببعض مفاهيمي حول الماركسية , وكما هي بين ظهرانيكم الآن , وفى معرض إستنكار هذا ( الزميل ) لمفاهيمي تلك , فقد أوضح لي أن الماركسية التي أعرضها الآن , لم تعد ماركسيته ولما تركها منذ أكثر من عشرين عاما , بمعنى أنه يعترف أنها ماركسية لكنها بالية , أو أنه ( تطور ) عليها وإكتسب مفاهيما ماركسية جديدة , أو شئ من هذا القبيل , لكنه وللأمانة وإن تبرأ من زعمي , فلم يتهمني بإختلاق ماركسية تخصني كما فعل الأخ صدقي .

طيب ... وتساوقا مع ما أتى صدقي ... فهناك ماركسية , وبالضرورة أن هناك ( نسخة ) واحدة صحيحة ومعتمدة , ما عداها باطل أو محرف أو مختلق ( كما فى حالتي ) , فأين نجد النسخة الأصل المختومة بشهادة البراءة ؟ فى صدور أي الرجال ... وفى كنف أي المراجع ... وفى رفوف أي المكتبات ؟ ألم تترفع الماركسية وبعد كل ما إندلق بإسمها , من حبر ودم إلى مصاف ( الثقافة العامة ) , كيما يتناولها كل راغب أو معني , بأريحية لا تكلفه ذما ولا ندما , أليست هي الماركسية التي بإسمها حكم الشيوعيون ثلث الكرة الأرضية لسبعة عقود ونيف , فإحتلت مكانها فى حيز التجربة بشعابها الكبيرة وتفاصيلها الصغيرة .

ليست لدي ماركسية تخصني , لكن فى تاريخي تعاسة الدخول لدنيا الفكر الإنساني والهم الوطني من بوابة الماركسية , ليست لدي ماركسية تخصني , وإنما تعلمتها جميعها من لديهم , كان أبي وبعض أخوالي وأعمامي ضمن الحضرة الشيوعية , فى قرية نائية متواضعة إسمها طيبة الشيخ عبد الباقي , وإن كان من أشرت إليهم أعلاه ينتمون لأسرة واحدة أو قل ممتدة بحكم التصاهر , فقس مستوى الأثر ( الشيوعي ) فى الرقعة الجغرافية والثقافية حيث تربيت , دخل من أسلفت الإشارة لهم إلى تلك الحلبة الشيوعية من باب إتحاد المزارعين , وعلى خلفية الأحاسيس الوطنية المزدهرة فى حقبة ما بعد الإستقلال , وفى براعة شيوعية آخذة فقد كان المدخل للفرح الوطني وللتقدم وللبسط الفكري , بل وحتى لأبسط المناولات السياسية والقضايا الديمقراطية , كان من خلال الحزب الشيوعي ومنظماته ونشاطهما وسط الجماهير , فقد كانت هذه الحقبة ذات عوائد ثورية عالية , وكانت هي الحقبة التي وجدنا فيها الكتاب الماركسي تحت المخدة , على أرفف العدة وهي تتقاسم مكانها مع الكتب , وبعض بيانات ولفافات ( غير عادية ) , نعثر عليها وما نتجاوز حيزنا العادي داخل البيت . بدأ إعجابي بالصور الثلاثة المتراصة فى مستهل كل كتاب , كارل ماركس ... أنجلز ... لينين , وأظن أن ما كثف هذا الإعجاب قلة ( الصور ) التي إطلعت عليها فى حياتي ذاك الحين , فرسخ القليل الذي رأيته فى الذاكرة . من ذاك الحين كنت مأذونا بالشيوعية وقد كان , ومن ذاك الحين وبثقتي فيمن وفر الكتاب الماركسي فى بيتنا , وبإعجابي بنشاطهم هذا وإهتمامهم ذاك , كنت أرنو للشيوعية وأطلع على أدبياتها فى أجواء عائلية ونفسية قبل أن تكون فكرية أو وطنية , ولما تلاحقت هذه العوامل مجتمعة فى إضطراد تدافعي على الشيوعية , فقد كانت فى تقديري صادقة من أول وهلة , وقد كنت صديقا كذلك , ما زادني تطور تجربتي فى هذا المسار وإرتباطاتي السياسية اللاحقة غير عزم فيما صدقت , فإنضافت لذهني معارف ماركسية وثورية متصلة , من رابطة الطلاب الإشتراكيين بطيبة الشيخ عبد الباقي , إلى ( العناية ) الشيوعية التي توفر لها أساتذتي الشيوعيين فى الخرظوم الأميرية الوسطى , إلى صفوف أصدقاء الجبهة الديمقراطية فى المقرن الثانوية , إلى الجبهة الديمقراطية فى معهد شمبات , إلى الجبهة الديمقراطية ومرشحي الحزب فى جامعة الإسكندرية بمصر , إلى ( ترشيح آخر ) ثم عضوية للحزب بالصحافة ووكالة التخطيط , إلى ( تكليف حزبي فى إتحاد الشباب بالصحافة غرب ) . إن كان فى هذا ملامح من قصة الإلتحاق فالإنفضاض كان أقسى , لأنه كان يعني وببساطة بتر المكون الشيوعي مرة واحدة من فكري ووجداني , مع كل متراكماته التاريخية والنفسية فقد كان إمتحانا عسيرا , لكن الحقيقة لا تحتمل التأخير ولا المجاملة , وفى مسعاي نحو الحقيقة هذا دفعت كذلك المستحقات العاطفية لهذا الإنفضاض ضمن فاتورة الجلاء ( الفكري ) عن الشيوعية .

فعندهم تلقيت الفكرة الشيوعية , والكتاب الشيوعي والمنشور الشيوعي والمحاضرة الشيوعية والونسة الشيوعية وكورس المرشحين لدخول الحزب الشيوعي , الأخير يقف عمادة شاهقة على أهم مختاراتهم من الفكر الشيوعي , فكانت المحاضرات الأساسية هي , لائحة وبرنامج الحزب , المادية التاريخية , المادية الجدلية , الإقتصاد السياسي , وكانت أهم الكتب التي وجب علينا الإطلاع عليها كمكمل فكري لكورس المرشحين , هي ... ما العمل للينين , خطوة إلى الأمام وخطوتين إلى الوراء ... لينين , بؤس الفلسفة لماركس , وإصلاح الخطأ فى العمل الجماهيري ... دراسة حزبية . توفرت من بعد وبطريقتي وعون الحزب والرفاق لما يدعم معارفي الماركسية , فكان الكتاب الماركسي والوثيقة ا لحزبية هما وجبتي الفكرية المفضلة , فيما كنت ( أحلي ) و ( أتقهوج ) بكاتب الشونة وحساسية شيوعية وناظم حكمت وفؤاد نجم ومحمود درويش ومحجوب شريف ... على سبيل المثال . فقد كانت هذه وتلك مصادر معرفة وإلهام ما يزال يعتد يها شيوعيا , وإن لا تكن الإشارة لمصادر المعرفة الماركسية كافية للإستدلال على التسلح بها , فأحيل ( المتشككين ) إلى معرض أدائي الحزبي فى إمتداد الصحافة وفى وكالة التخطيط وفى النقابة العامة للإداريين والإقتصاديين وفى إتحاد المهنيين ( دورة ما قبل الإنقاذ ) , وإن كان هذا لا يكفي فأحيلهم لمن كانوا ( ثقاة ) بينهم , وإن لا أعرف مقدار تراضيهم مع الحزب الآن ولما تصرمت السنون وإنقطع وصلي بهم , لكنهم موضع ثقتي وإن قالوا غير ما أتوقع , منهم مصطفى نصر , الفاتح حجر , حسن محمد عثمان , حسن قسم اللة , حمزة زروق , الشيخ الخضر , محمد بابكر ... وإن تطول القائمة ... لكن هذا يكفي .

فماركسيتي الغابرة هي ماركسيتهم السائرة هي الماركسية كما قيدها التاريخ , لا يساورني شك فى هذا , مع ملاحظة أن أحكام الأخ صدقي حول ماركسيتي بناها حول موضوعات ماركسية كبيرة , وليست على تفاصيل صغيرة تحتمل الإختلاف , عموما سأتوفر لقدر من حيثيات حكمه ( الجائر ) علي , وأحاول أن أبين وجهة نظري فيها مجددا . لقد ( أقالني ) الأخ صدقي بقرار من عنده عن دائرة المعارف الماركسية , لأني سلطت الضوء على علاقة الماركسية بالإلحاد , ولأني أكدت على أن الماركسية ليست للتداول والتقرير النسبي وإنما لتكون بموجب حتميتها التاريخية , ولأني إستنقبت مسعاها ( أي الماركسية ) فى إعادة ترسيم خطى التاريخ البشري , وصياغة مآلاته حتى منتهاه عند المجتمع الشيوعي كخاتمة للمطاف , عبر الصراع الطبقي والعنف الثوري .

أولا ... ليت الأخ صدقي يعي المغزى من إهتمام الماركسية بموضوعة أسبقية المادة للروح , ونعت الماركسية لها ب ( المسألة الأساسية ) فى الفلسفة , ومع أنها قضية فلسفية فى المقام الأول تستقصد الحكمة لا سواها , لكن التدافع الماركسي وضعها فى صدارة قائمة المهمات الفلسفية , ومنحها لقب ( الأساسية ) فى ترقيم غير معهود للمعارف الفلسفية , فإن كان معشر الفلاسفة المتناولين لهذا الموضوع يطمحون فى إستقصاءآت فى حدود الفلسفة , فماركس كان يطمح لتسخير المعارف الفلسفية لخدمة مشروعه الإجتماعي , وإن كان فى هذا وبأي شكل من الأشكال تحميل ( سياسي ) على الفلسفة , فهذا ما يتساوق موضوعيا مع ظاهر التحميل الديني فى السياسة كما يشهد بذلك عالم الأمس و اليوم , مع ملاحظة أن ماركس إستقدم المادة على الروح , لا ليهزم مفهوم إستغلال الدين فى السياسة فحسب , وإنما ليستأصل مورد التفكير الديني من أساسه وإن تكلف ذلك إستئصال الإله , فالشاهد أن كارل ماركس أحال حقل الفلسفة إلى حلبة لصرع الدين ومورده الخفي على السواء , ومع أن ماركس يعترف لهيغل بتوقيع وإرتصاص مفاهيم مادية تؤسس لمنهاجية جدلية , ومع أن هيغل نفسه توقف بمشروعه الفلسفي عند باب الإله أو القوة العظمى الخفية , ونسب إليها فضل التأسيس وضربة البداية , فهيغل لم يقرن إستنتاجه هذا بثمة تفويض إلهي لإدارة الكون , بمعنى أن ( مثالية ) هيغل لا تتطابق بل ولا تعترف بمثالية التفويض الديني لتصريف شئون الحياة , فهذا ما يتقاطع ومنهج هيغل نفسه , ومع أن تفكير هيغل يعتبر محطة لترتيب ( الحيرة ) فى خضم عالم متداخل معقد عصي الفهم , لكن حكم ماركس عليه وضعه فى خانة ( مثالية ) تجمعه مع أباطرة المثالية الدينية , وتطرحه من مصاف الإجتهاد الموضوعي ... وكأنك يا أبزيد ما غزيت .

أسبقية المادة للروح فى الماركسية , تعني منح القوامة للمادة , لتحتل الروح مقاما ثانويا لاحقا وملتحقا بالمادة , والغرض الماركسي هنا بسيط ومباشر , بإعتبار أن ( تقزيم ) دور الروح يعني بالضرورة إقصاء المناخ الروحي والقوى الروحانية فى تفسير أمر الكون , ليعود هذا التفسير ماديا كما تود الماركسية , بمعنى أن دورة حياة المجتمع البشري والطبيعة تبدأ وتنتهي بالمادة , وماركس يعتقد بهذا أنه ( قوم ) منهج هيغل , بتخليص هذا المنهج من الفرضية المثالية التي توقف عندها هيغل , (بتسليمه ) بأن منهاجه لا يمكن أن يسع كل شئ , وإقراره بثمة قوى وراء الطبيعة تتوفر لهذا الدور بإجتراح المبتدأ , وإن تجاوزنا عن تبعات المنظور الماركسي بتقديم المادة على الروح , وما يترتب عليه من أسئلة متعلقة بكيفية ( إنبثاق ) الروح عن المادة , و ( إخراج الحي من الميت ) , وإستقلال المادة ( موضوعيا ) عن الإنسان , رغم أن الإنسان ليس حامل الروح الوحيد بين الأنعام والخلوق , فيظل التفسير الماركسي مستهدفا غرضا أساسيا , هو تبرئة الكون ومجراته والحياة وخصائصها والطبيعة وإنساقها من فكرة الإله , ويصح هنا الملخص المنسوب للماركسية فى هذا الصدد ... أن ( لا إله الحياة مادة ) , وتتساوق فى الإثر المقولات ذات الصلة , الداعية ( ماركسيا ) لتأصيل الفهم المادي للكون , والراجمة للموقف والتفسير الدينيين جملة وتفصيلا , فماركس لا يعتد بالحديث عن الإستغلال السياسي والإجتماعي للدين , وإن كان هذا ظاهرة تستحق العناية , لكنه يتابع الظاهرة حتى أعمق جذر فيها ( الإله ) , ويجتثه بدعاوي فلسفية وليس سياسية أو إجتماعية فحسب . لا أرى أوضح من هذا الموقف ولا أيسر من فهمه وسيلة وغاية , ولا سبيل تحت شمس ماركس الساطعة للإستخباء ولإعادة منتوجه الفكري بما لا يتوافق مع ما إرتأى , وبما لا يتصل بما حزم عليه أمره , كما هناك ملاحظة مهمة ترتبط بالأجواء الفكرية والسياسية والنفسية , التي إستولد فى إطارها كارل ماركس ورفاقه أفكارهم ونظرياتهم المنتهية بالماركسية , فقد كانت أجواء ( ليبرالية ) تخيم عليها أشرعة الحريات العامة والشخصية , على ظلال الثورة الصناعية ومنتوجاتها ( الرأسمالية ) الرافعة للكلفة الفكرية والسياسية , فكان الإلحاد والتعبير عنه في تلك البيئة أمرا مشروعا لا تعقبه فرية ولا جنية , وهذا ما وفر لماركس ولسائر رواد الماركسية الأوائل , أن يدلو فى أية موضوعة بكامل دلوهم , من قعر البئر إلى الحلوق البشرية المستهدفة , أعلم أن ليس كل البيئات الإجتماعية والسياسية والنفسية تتطابق مع ما ذكرت , كما أعلم التعقيدات الناجمة عن ( إحتمال ) الترويج للإلحاد فى مجتمعات متدينة محافظة كما حال مجتمعنا السوداني , مع هذا فلا أقبل التدليس فى قضية فكرية محورية , للماركسية من ناحية إختيارها لما يستوفي قناعتها , وللراني للفكر الماركسي وتبعات إنفضاضه عن قناعاته الدينية , قربانا لإنتمائه الماركسي المزمع , فهنا لا تستوي الإمور ولا تعاير بموازين السياسة والأمر فكري جوهرا وإهابا , كما لا أقبل الإستعطاف السياسي خوفا من ردة الفعل الآبقة لتمرير قضية فكرية مفصلية , كما لا أقبل تخفيض أمر يحدد علاقة المرء بالدنيا والآخرة مقابل توازنات سياسية آفلة , كما لا أقبل تحدير الرقاب لقناعة بفكرة أيا كانت , ما ظل السلم هو ديدن بعثها ووقفها , ولأن أمري هنا يخص الشيوعيين السودانيين , وفى ظل الفرضيات السالفة فأرى أن عليهم , أن يتخلوا فكريا وعمليا عن نهج العنف الثوري والعسكرى , وإن دعا الأمر لمراجعات جذرية فى مرجعيتهم الماركسية , مقابل أن يتحمل المجتمع معهم أكلاف دعواتهم الفكرية والسياسية , طالما الحسنى هي الوسيلة , و أن يعترف الشيوعيون بأن الماركسية تدعو للإلحاد , فالأمر فى قيمته الفكرية وفى تكوينه ضمن الماركسية كما الإشتراكية والصراع الطبقي يعني من أساسيات وثوابت الماركسية , وهنا لا أشتري ما زعم الأخ صدقي فى قوله , بأن من إختار الماركسية لتبرير الإلحاد فهذا شأنه وخياره , أما نحن الشيوعيين السودانيين فقد إخترنا الماركسية لفهم الواقع وتغييره , فهذا عرض بوار لا يحترم الماركسية ولا المجتمع السياسي السوداني كذلك , بل وعلى أقل تقدير فيمكنه التحدث عن نفسه , لكنه لا يمكن أن يدعي أن الشيوعيين السودانيين ( مجتمعين ) يتأففون عن الإلحاد هكذا , فمستقر الإيمان والإلحاد هو القلب , وما صدقي بعلام للقلوب , فهذا تعميم ( إضطراري ) هزيل لا يقيم حجة بقدرما يسامر مسخرة .

ثانيا . .. نعم , الماركسية لعضو الحزب الماركسي ولمن يود أن يعلمها , ليست للتداول والتقرير النسبي , وإنما للتسليم والتأمل والتنفيذ , ربما يرى الناس فى هذا الحكم غلاظة وغربة , لكنه حكم صحيح لا محالة , وإثبات صحته لن أقوم به بمفردي حتى يزدريه صدقي ومن معه , وإنما سأحيلكم جميعا لمسرح التجربة , تجربة الحكم الشيوعي التي عمرت وإنقضت وشهود العيان أحياء يرزقون , ما يزالون يدونون على مفكرة التاريخ حيثيات الحكم الشيوعي , ولعل أصدق دليل على التسليم بالماركسية , ولما كانت هي الحادي النظري والمعنوي للتجربة الشيوعية الغاربة , هي إحتياج الماركسية الموضوعي مقرونا بمقتضيات الواقع للتعديل وإعادة التقييم , ليس لمصلحة هذه القيم فى حد ذاتها الإنسانية وإن كان هذا فى حد ذاته حميد , لكن لمصلحة الماركسية وهي تقود قواها الإجتماعية الواصلة للسطلة على طريق الحكم وتنزيل الأفكار والقيم الشيوعية على الأرض , ولمصلحة الحكم الماركسي ولما كان حري به أن يوفر لنفسه ضمانات وآليات النجاح , لكن ما الذي حدث ؟ ما حدث هو تمسك الشيوعيين بأمهات الأفكار الماركسية خصما على ضغوطات الواقع ونزوعه للمواكبة والتغيير , ف ( كنكش ) الشيوعييون فى السلطة , بإعتبار أنها سلطة الطبقة العاملة وهذه دعوى ماركسية , وفرضوا نظام الحزب ( الشيوعيى) الواحد على مجتمعاتهم , بإعتبار أنه الحزب المؤهل لبناء الإشتراكية على طريق اللا عودة , وهذه دعوى ماركسية كذلك , وأصموا آذانهم عن صخوب إيقاع الديمقراطية وعن إرادة الناس , وأقنعوا أنفسهم ( دون أن يقنعوا الناس ) بأن الديمقراطية بدعة رأسمالية , وهذه دعوى ماركسية كذلك , وأداروا الإقتصاد القومي والقطاعي والإقليمى والمحلى من الألف إلى الياء عن طريق الدولة وأذرعها الإشتراكية , وقفلوا الطريق كليا أمام القطاع الخص والإستثمار الفردي , بإعتبار أن فى هذا قفلا للطريق أمام الملكية الفردية , وهذه دعوى ماركسية كذلك , كما أدغموا القوميات والخصائص القومية قهرا وعسفا فى جسد الدولة الإشتراكية , بإعتبار أن حل المسألة القومية يكمن فى النظام الإشتراكي , وهذه دعوى ماركسية كذلك , كما إحتشدت المنظومة الإشتراكية فى كينونة عالمية ذات آيدولوجيا وترسانة عسكرية , إستعدادا لمعركة ثورية عنيفة حاسمة و لامناص منها مع الرأسمالية , وهذه دعوى ماركسية كذلك . فعلى ضوء ما سلف وإن يقل عن التجربة كما حدثت وكثيرا , فلا شك عندي أن الشيوعيين يأخذون الماركسية أمرا مسلما به , يعلو على الشبهات وعلى الواقع والموضوع .

ثالثا ... , الحتميات الماركسية من صنع الماركسية وليس من إجتراحي , وإن كنت الآن أعاني كل هذا العنت لإثبات رءوس مواضيع ماركسية عالية معلومة وتنتمي لقلب الثقافة الماركسية , فكيف أجرؤ على إتهام الماركسية بما ليس فيها ؟ أسفي المر يستدر من مصدر البهتان , الأخ صدقي والذي أعلم أنه ( يعلم ) حتميات الماركسية وتماما , عبارة سائغة تتخلل كل مقولة وفكرة ماركسية , لكنه الآن لا يعتبرها ولا ( يقتبسها ) بالمثل , فإحتباسه السياسي الراهن يقلل ويشوه من مناولاته الفكرية , بل يقدح فى ذمته الفكرية للأسف , فصدقي كما أخال قد دخل الحزب الشيوعي من بابه العالي , باب الفكر موشوجا بعرى الأمانة ومتحلقا فى عوالم الكبرياء والرصانة , لا يخالجني شك وهو الذي يروم المعرفة الماركسية بوفرة ودقة إقتضاها وضعه التاريخي , ككادر حزبي جماهيري , أنه مر على مفهوم ( الحتمية التاريخية ) مئات المرات فى عمره السياسي , صحيح أن كان ذاك زمان التسليم والإثبات , لكنه اليوم وبدلا من أن ينتقدها فإنه ينكر وجودها أصلا فى الأدب الماركسي , بل يزدريها صنيعة تقصر إلى قامتي , ولا حول ولا قوة إلا بالله .


أعتذر أحبائي القراء .... فسوف أعرض عليكم الحلقة الثامنة والأخيرة من هذه المداخلة ... أربعاءنا هذا , إذ ( أفط ) يوما ... ولما ( تناططتني ) فى أمري بعض عوارض ... وبعد غد بإذنه ألتقيكم .



Post: #132
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: عدلان أحمد عبدالعزيز
Date: 04-18-2006, 10:01 AM
Parent: #1

Quote: الصحافة غرب
طالما أنك ستفط يوماً، فأسمح لي بتخــريمة في انتظار الحلقة الثامنة والأخيرة:
مطلع ثمانينيات القرن الماضي كنت قد عشت في الصحافة غرب مربع [22]، أحـد الذين صادقتهم في ذلك الحي كان اسمه نوري وشقيقه حـيدر.. أذكر أن حـيدر استلف مني ذات يوم كتاب كولــون ولســون "طقـوس في الظـلام"، هل حيـدر قاسم هـو نفس ذلك الحيـدر؟! الطـريف أنني حاولت استعادة كتابي من "حــيدر" وزرزرته فيـه حتى قال لي ضاحكاً: "ما سمعتَ بالمثل؛ أحمقان.. معيـر كتاب، ومعـيد كتاب؟" فأدركت أنني هــو ذلك الأحــمق، ف.. قِــنِع!

إن بقيت ياكًّ حـيدر، فيازول أنا حقي ما بخليوه.. لكن عزائي أن مشاركتك هنا دفعت بمعظم قيمة كتابي. ولي عــودة للنقاش بعد أن تنتهي أنت والأخ صدقي من مداخلاتكم،

عدلان.

Post: #133
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: esam gabralla
Date: 04-18-2006, 10:11 AM
Parent: #1

متابعة و حجز فى الصف

Post: #134
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: HAYDER GASIM
Date: 04-19-2006, 11:21 PM
Parent: #133

قراءة نقدية ... فى تيمن د. صدقي بالماركسية ( 8 من 8 ) الحلقة الأخيرة ...

إقتبس الأخ صدقي ( جزء من عبارة ) قلت بها فى معرض تقريعي للماركسية , وبموجب هذا الإبتتار فيبدو إقتباسه هكذا ( .... الحكمة تكمن ها هنا ) وهو يعني الماركسية وأنا من قبله كذلك , ثم يذهب من باب أولى ويستنكر إحتكار الماركسية للحكمة , ويسأل عمن قال بذلك , وغض النظر عن تهافت الأخ صدقي للدفاع عن الماركسية , فالجملة كاملة تقول ... ( وكأن لسان حال الماركسية يقول أن الحكمة تكمن ها هنا ) , وإن لم تقل الماركسية صراحة ما قلت , فقد قالت ما هو أصرم وأجرأ من ذلك , ألا تتذكر يا صدقي عبارة ( نهج ماركس كلي الصحة ) وهي تتصدر معظم كتب دار التقدم بموسكو , ألم تقدم الماركسية إطروحة شاملة لتفسير التاريخ والحياة والطبيعة ومآلات المجتمع البشري , ألم تحزم الماركسية طرائق الوصول لأهدافها عبر الصراع الطبقي والعنف الثوري والثقافة المادية والوعي الشيوعي , ألم تقرن أهدافها ووسائلها بملزومية التحقق ( الحتمي ) , ألم تكن تلك الحتمية هي الإطار المميز للماركسية عن ما عداها , ألا تعتقد أن لولا إدعاء الماركسية لحتميتها لإنزلقت فى خضم الأفكار النسبية , ولتواضعت إلى نهب المتغير ولفقدت كينونتها شكلا وموضوعا , ولإنسلبت قدسيتها وهي تتسربل بأقنعة الدين الدنيوي , ولخارت صرامتها وهي تمتشق الثورية لفهم وتغيير العالم . ليس أقل من بعد أن تكون ( الحكمة ) ماركسية .

حينما قلت بأن الماركسية ( إختارت أن تكون لذاتها أكثر من أن تتماهى فى موضوعها ) فالسياق , وحالة إتصال هذه العبارة بسابقها ولاحقها يستوفيان المعني , فأن تكون لذاتها تعني بطر الماركسية بحزمة أفكارها ومقولاتها ونهجيتها , بينما موضوعها ( والذي كان ينبغي أن تتماهى فيه ) هو التطور , كقانون للحياة يحدد مسار تطورها على ضوء فرضية التراكم , بإعتبار أن الجديد ينبثق من القديم , لكن يتقدم على القديم درجة بمقياس الحداثة والقيد الزمني كذلك , و مرقى التطور على هذا النحو يأخذ شكلا حلزونيا لا نهائيا , وهذا يعني أن كل فكرة وكل منجز على طريق الحياة البشرية ( الماركسية ليست إستثناء ) , تأخذ دورتها فى إشباع الرغائب الإنسانية لزمن معين لمرحلة معنية , تفقد بعدها خواص الإلهام والجدة ولما تعلو عليها حلقة أخرى من المفاهيم والمنجزات . الماركسية تدعي تقيدها بقانون التطور هذا , ولا أدري إن قالت هي التي إجترحته أم لا , لكن وفى نفس الوقت تنهي تطور التاريخ والمستقبل البشري على فرضياتها , بإعتبار أن المجتمع الشيوعي هو خاتمة المطاف , وإن كان هناك ثمة تطور من بعد فلن يكون إلى فى إطار المجتمع الشيوعي نفسه , يعني لا يمكن أن يرتد المجتمع الشيوعي إلى المجتمع الليبرالي , ولا يمكن أن تنهض مجددا الدولة ولما تضمحل فى المجتمع الشيوعي , ولا يمكن أت تعود الطبقات الإجتماعية بعد إندثارها , وهكذا ( تختم ) الماركسية التاريخ , وهكذا تكون الماركسية لذاتها أكثر من أن تتماهى فى موضوعها .

نعم ... قلت بجذع الماركسية ... وما أدراك ما جذع الماركسية , ولأن هذه ليست بمصطلح فأنت هنا تعطي كل كلمة , معناها اللغوي العادي أو المؤول بدواعي الإستعارة والتشبيه , لتستخلص المعنى العام للجملة وده ما دايرة ليها درس عصر , فيا صدقي أنت تعرف الماركسية , أما الجذع فإن لم تكن تعرفه , فأنظر لتلك الشجرة ذات الغصون النضرة , مع هذا فجذع الماركسية هو جذرها وهو لبها وهو قلبها هو متنها وهو محورها وهو مرتكزها وهو أساسها ... وكل ما تجود به اللغة فى هذا السياق , وقد عنيت تحديدا بجذع الماركسية آنها قانون التطور , وأظن أن كان هذا واضحا لدرجة ترد ( الإستخفاف ) لمجترحه , خاصة عندما شرع صدقي فى نقد فكرتي ( بعد فهمه لها طبعا ) وإستغرابه عن كيف تنادي الماركسية بالتطور وتجافيه فى آن , ليكون صدقي بهذا قد فهم كلامي وكما أريد , فالماركسية فعلا تتناقض مع دعواها وقانون التطور , وهذا ما أبنت بعضه سلفا , وليت صدقي دحض زعمي وأقام حجته بدلا عن تغيير ا لموضوع إلى نفل لغوي .

ونعم ... قلت فى بوست أزرق طيبة ما نسبته لي ( لشئ يعلمه ربي العظيم , فقد قدم فى خلده الموسوع الإنسان أولا ودينه لاحقا ... ) ومع أن مطلع هذه العبارة المتضمن لإعترافي برب العالمين وخلقه للإنسان , هو تعبير كاف للإستدلال على ( مثاليتي ) بالزعم الماركسي ومفارقتي لدربهم المادي , فى تحليل أمر الحياة ونشأتها وسيرورتها , إلا أن صدقي يرجعني ماركسيا من حيث يدري ولا يدري , فأنا هنا على الأقل هيغلي وليس بماركسي , وقد أوضح الأخ قصي هذا الأمر فى حينه , وعلى كل فالأخ صدقي يعاني من إرتباك عظيم هنا , خاصة وهو يستعين ( بالصلصال ) لإثبات أولوية المادة , ناسيا أن من خلق هذا الصلصال هو الله , والذي هو روح تتقدم بهذا ( موضوعيا ) على المادة , فى هذا كفر ( صريح ) بالماركسية , أو جهل لا أفترضه فى الاخ صدقي .

فى الجزء المتبقي من هذه الحلقة ... أود أن ألقي بظلال على كيفية ربط محاوراتي السابقة برأس الموضوع , وهذا دائما ما أتوخى حدوثه حتى يتحدد إتجاه عام , يؤيد أو ينقض فرضية الأخ عدلان , لكن وقبل أن أشرع فى هذا أود أن أعلق تعليقا مختصرا , وإن جاء متأخرا على عنوان هذا البوست , فأعتقد أن كان سيكون أجمل وأوفى معنى لو أضيفت كلمة ( القوى ) قبل كلمة الشيوعية , لأن فى هذه الإضافة تعبير أفضل عن معاناة الشيوعيين كقوى إجتماعية مع الماركسية كنظرية , كما أن هذا يبعد اللبس المحتمل , والذي يمكن أن ينجم عن سؤال : وما الفرق بين الشيوعية والماركسية ؟ وربما يكون هذا سببا فى الإنحراف عن الموضوع الإساسي , وإن كان توضيح الأخ عدلان فى مستهل تقديمه كاف للإيضاح ... وما فى مشكلة .

مع كل حوار حول الماركسية يتضح لى ضعف قدرتها على إدارة شئون العصر , وهذا حكم يمكن إختباره على صعيدي النظرية والممارسة الماركسيتين , لا أقول بأن الماركسية شر مطلق ولا أدعي خلو وفاضها من خير ومنفعة , لكن ما أتضح حولها من ( عيوب جوهرية ) لا يؤهلها للإستمرار فى إلهام الناس وحفزهم للأخذ بها , لقد ظهرت الشيوعية للمجتمع الإنساني ولما كانت هناك حياة وطبيعة ومجتمع إنساني وماء وهواء وأرض تحمل فى داخلها وعلى سطحها الموارد الطبيعية والإقتصادية , وإنسان ينافح لغذاء وكساء وصحة وتعليم ومأوى , يتناسل الناس وكل الأحياء وتتراص الأجيال يستخلف واحد الآخر , فى إنصياع تام لدورة الحياة وناموس هذا الكون , فالماركسية لسيت طرفا فى كل ما سبق , وهي بالطبع أقل من أن تصنع الحياة فى رحم أو أن تنبت بذرة بتلقاء نفسها , وخارج الإرادة الكونية والمعطيات المادية والروحية التي تنتظم هذا الكون , فالماركسية ليست قوة خارقة , وليست مهمة حياتية يتوقف عليها مصير الخلق . أعلم بداهة ما ذهبت إليه , لكن ترفيع الماركسية لمقام القدسية والفكرة الجوهرية التي لا تستقيم بدونها الحياة , أمر وارد لدي كثير من الشيوعيين , بل أرى الماركسية وهي تسعى لتجريد الناس من أديانهم ومقدساتهم , فإنها تحتل ذات المقام على سبيل الإحلال , إذ يبدو أن لا بد للإنسان ( بحكم تكوينه النفسي ) من معتقد ما , فهذا أول تخفيض ينبغي ان يحدث للماركسية , بإنزالها من علياء الشمولية والإحاطة الكلية والصحة المطلقة , إلى دنيا الفكر الإنساني , حيث يخطئ ويصيب الناس والمجتمعات كبيرها وصغيرها ناهيك عن الأفراد , فلا مناص غير العودة ( الطوعية والموضوعية ) بالفكر الماركسي , إلى رقاع الفعل الإنساني , النسبي , المتغير , المستوعب لخصائص اللحظة , الناظر حتى الأفق المرئي من سقف المرحلة , المنكب موضوعيا على قضاياها ( أي المرحلة ) كخاصة لإهتمامه فى سياق دوره ضمن منظومة الأجيالة المعاقبة , بمعنى أن تخفض الماركسية جموحها الفكرى الرامي إلى إسعاد كل البشرية وإلى الأبد وعن طريقها فقط , إلى ما تقتضيه الظرفية ووقائع الحال , إذ لا بد وأن النجاح فى هذه الحالة ( المرحلية ) هو نجاح إنساني كذلك , وهو إضافة قيمة لأنها تحط على مسار التجربة وتحيلها إلى إنجاز , وهذا لعمري أنفع للناس من أن يرثوا الشعارات الإنسانية العالية عن ثمة عدل مطلق ينتظرهم على براق الماركسية .

وهناك تخفيض آخر ينتظر الماركسية , ويقضي بفصل أذرع الحياة الفكرية وحقولها المختلفة عن بعضها البعض ما أمكن , فالواضح أن إدعاء الماركسية لريادتها فى كل مجالات النشاط الفكري الإنساني , من فلسفة إلى إجتماع إلى إقتصاد , قد أهال على الماركسية بتحديات جسام , أثقلت كاهلها وأعاقت سبيلها وهي تسعى بين الناس بكل هذه الأحمال الثقال فقعدت , وأول الحمولات الزائدة التي ينبغي التخلص منها ولما تغرق السفينة الماركسية هي الفلسفة , فهي نشاط نوعي متميز وإن يحط على بعد إجتماعي فى نهاية المطاف , لكنها فلسفة بالمعايير العلمية , فلتذهب إلى قنوات صرفها المستقل والمعتاد قبل الإجتياح الماركسي , ولتكن المادية الجدلية الماركسية هناك , تباري وتضارع أندادها دون إدعاء بأنها الأصح وعلى الدوام , فهذا حقل لا يحتمل التسييس ولا يقبل بغير زاد المعرفة على طريق البحث عن الحكمة , وعندما يحدث هذا وفى سياق إستقلالية الفلسفة كمؤسسة معرفية , يشع نشاطها على المجتمع الإنساني من هناك , أي من موقعها المستقل , وبالمقابل يتسنى للمجتمعات الإنسانية والإفراد مناولة ما يرغبون من منتوج المؤسسة الفلسفية أو رفضه بالمقابل , أقصد هنا إمتناع الوسيط السياسي الذي يضع فلسفة ما ضمن الحزمة الفكرية لمشروع سياسي ما , أو تماما كما كانت تفعل الماركسية , فهذا إسترداف بغيض يشوه الفلسفة والسياسة على حد سواء , فعندما يتم تحرير الماركسية من المكون ا لفلسفي وإيداعه فى حيز المؤسسة الفلسفية المستقلة , فهنا يعود الحزب الماركسي سياسي متطابق ووقائع حال دعواه السياسية , وحتى القيم السياسية المتبقية فى الحقيبة الماركسية فسوف تتطهر من مظهر وجوهر الآيدولوجية المستبدة إلى حزمة مبادئ سياسية , أقرب للتعريف ( الطبيعي ) أو العصري للحزب السياسي , وأعتقد أن فى شعار الفصل بين الفلسفة والسياسة فوائد مباشرة للتكوينات الماركسية العاملة فى الحقل السياسي , فوقتها فإن من ( يلحد ) مثلا وفق الميكانيزم القائم على الفصل آنف الذكر , فيصح فى تقييم حالته القول الدراجي السوداني ( بي طريقتو ) , وهذا أفضل من أن يحدث عن طريق مؤسسة سياسية , تشير الدلائل التاريخية إلى أنها ماركسية , كما أن هذا الفصل يزيل التناقض بين الدعوة الظاهرية للحزب الشيوعي ( السوداني كمثال ) لإحترام الأديان , فيما يشي بحيدته هنا , مع أنه ضد الدين بموجب مرجعيته الفلسفية , كما أن الفصل يرفع الأثقال الآيدولوجية عن ( الغيورين ) على دينهم لكنهم يستطيبون حديثا ومسعى للعدالة الإجتماعية مثلا , والفصل كذلك يستنظف مساحة الشك الكائنة بين المعلن و ( المبيت ) , بإعتبار المعلن الشعار السياسي والمبيت الثقافة المادية الماركسية وضمنها الإلحاد , وعبر ملاحظتي فأعتقد أن هذه هي المساحة التي يتفوق فيها الحزب ( كمؤسسة ) على العضو أو قل المؤيد ( كفرد ) , ففى ثنيات المعلن ( النشاط السياسي ) , يتم غسيل المخ لمن عنيت , بدرجة أو أخرى ... بشكل أو آخر , ويتجلى ذلك فى ( إذعان ) هؤلاء للحزب كمؤسسة حتى وهو تنتاشه سهام التغييب الفكري والتضمين القصدي لعرى الثقافة الماركسية الغير ملتحقة مباشرة بالنشاط السياسي , لهذا أعتقد أن الحزب الشيوعي السوداني ( يستغل ) رضى وعاطفة أبناءه من حوله , ويوظفهما بوعيه وبدون وعيهم لصالح الثقافة الماركسية الكلية , فالسوداني بموجب العهد به تاريخيا يترفق عاطفته أينما ذهب , ولان العاطفة عندهم أحيانا أقوى من الفكرة , فيظل الحزب الشيوعي فى تقديرهم هو الأفضل وعلى الدوام , لهذا لحظت أن رد المعنيين على إتهام الحزب الشيوعي بالإلحاد , ينبثق فى شكل ( عبادة ) وإستظهار غير عادي لإرتباطهم بمرجعيتهم الدينية , ومع أن القيمة الدينية لهذه الممارسة يقدرها المولى ويختطها على لوحه المحفوظ , لكنها لا ترفع بحال الإتهام ( الدنيوي ) عن الحزب الشيوعي , ففى هذه الدنيا تقابل الفكرة برصيفتها , والإتهام بما يدحضه أو بما يستدعيه من إعتراف وموقف جديد من ثم . فللخروج من كل هذه الوحساء , فلا بد من صفاء , عبر الفصل آنف الذكر أو ما هو أفضل منه .

تخفيض لاحق للحزمة الماركسية ... يقضي إعاد النظر فى موضوعة الصراع الطبقي , فقد إستهلكت هذه المقولة و ( إنسهكت ) , ومن زمن , وبدلا من أن يكون هذا الشعار مفخرة وحافزا للطبقة العاملة , فقد أضحى عنوانا لخيبتها وديكتاتوريتها وهزيمتها فكريا ومعنويا , المؤسف أن الطبقة العامة فى مصافاتها المحلية و القطرية والإقليمية والدولية المختلفة , لم تقرر إطلاقا ديكتاتوريتها والنيابة عن مجتمعاتها بأي شكل من الأشكال , ناهيك عن يكون هذا القرار قانوني وعبر عملية تفويض ديمقراطي , بل ناهيك عن أن تفوض من بعد الاحزاب الشيوعية لاداء دورها بالنيابة عنها , كل الذي حدث هو حديث الماركسية بإسمها , وتبني قضيتها والنطق الرسمي بلسان حالها , وبالتراكم التاريخي لهذا الإدعاء , فقد صار من ألمع الوصفات الماركسية فى فاترينة عروضها الفكرية مجتمعة . الآن القضية تتحدر من رباها الفكرية الوهمية الآفلة , إلى قضية أخلاقية فى المقام الأول , فالشيوعية أظهرت الطبقة العاملة بمظهر ديكتاتوري لم تختره , وقد أعاب هذا المظهر وما تبعه من ممارسة , أوضاع الدول والمجتمعات التي حكمت فيها الشيوعية بإسم الطبقة العاملة , فتدني مستوى الأخيرة إجتماعيا وإقتصاديا ومهنيا , وإلتحق الإيذاء بسائر المجتمع ولما وصمهم التاريخ جميعا بما لا ذنب لهم به , اللهم إلا الإدعاء الشيوعي بالوكالة عنهم , وتغريبهم عن مجتمعاتهم وعن الأهداف والمقاصد الإنسانية المعهودة , بل ومن العالم من حولهم . يحق فى تقديرى للطبقة العاملة أينما كانت فى هذا العالم , بل ولأي عامل أينما كان , أن يرفع دعوة قضائية/ أخلاقية / فكرية ضد الأحزاب الشيوعية والماركسية , فيما أتوهم من بهتان ولما أنزلوه عليهم من أحكام وإدعاءآت جزافية , وما مارسوه بإسمهم من منكرات شمولية تسلطية . على كل ومهما علا الدخان الطبقي , فلن يغير حقيقة أن الطبقة العاملة كانت الأكثر إبتعاد وتمنعا عن الشيوعية , كنت أعتقد أن هذه ( خاصية سودانية ) لكن وضح لي أنها عالمية والأثر يتقافى . إن تجاوزت عن هذا التمرر التاريخي وإعتليت ناصية ضمن مصافات الشيوعية النظرية , المهتمة بالشأن النظري للطبقة العاملة , فلن أجد من حصائلهم ما ( يفش ) مغصة الطبقة العاملة , غير أضافة موجزة للشعار الماركسي المعهود ( يا عمال العالم إتحدوا ) , تعني فى مضمونها ( توسيع ) القاعدة الإجتماعية لجيوش التعساء , بإضافة عبارة ( ... وشعوبه المضطهدة ) للشعار إياه , فهذا أفضل وأنصع ما قدمته الأحزاب الشيوعية ( الحاكمة والمعارضة ) لحركة الطبقة العاملة , بعد موت لينين و فى معمعان تجربة النهوض والهبوط الإشتراكي . هكذا تحولت قضية الطبقة العاملة فى الأروقة الشيوعية , إلى أكلشيهات نظرية توجز إلى بضع كلمات فى عجز الشعار السياسي .

مجتمع اليوم أوسع من رحمة كارك ماركس الفكرية , وأضيق فى حلقات تواصله وتداعيه الإجتماعي من التوصيف النظري للطبقات , والذي يحتكمها وكأنها جذر معزولة لا يربطها رابط , من ثقافة أو دم أو وطنية أو قومية أو قبيلة أو دين أو جغرافيا أو تاريخ أو ... ما شئت , فكل مفعول هنا يؤثر بالضرورة على الوضعية الكلية ( للصراع ) ويفرز من ثم معطيات جديدة , لا يسعها الفسطاط الإقتصادي الذي نسجت الماركسية على نوله كل رؤاها الفكرية , هذا الإقتحام الماركسي من مدعيات التنزيل ( القسري ) للروح , فى إصطراعها المحتوم مع المادة وفق الأجل الماركسي , حيث تختزن الروح كل التداعيات الروحانية وذات الصلة بالمشاعر والأحاسيس , بل وإنبثاقاتها ذات الطابع الديني والعرق والقومي والإنساني ... وما إليه , فهذا ( إخلا ء ) ماركسي أشنج , لا يسع الواقع ولا يقارب الحقيقة ولا يتسق والموضوع , هذا من ثم إرث وبال , خاصة إن إختاروا ( الديمقراطية) منهجا لإدارة السياسة والمجتمع , فهنا يضمحل المقدار الطبقي , بإعتبار أنك تخاطب كل المجتمع , وتنشد رفاهه وتتمنى خيره , فإن كان الأمر كذلك كما يدعي شيوعيو اليوم , شيوعيو ما بعد السقوط , وإن كانت الكلفة النفسية هي المعين لإزدراد الديمقراطية على حلق ( ناشف ) , فالتحول الديمقراطي هو الذي يؤكد صلاحية الجرعة وسلامة الجسم وقابليته للإستقبال الديمقراطي بشكل طبيعي , لا يستوي الشعار الطبقى مع الديمقراطية , برغم وجود طبقات إجتماعية فى المجتمع الديمقراطي , إذن فسوف يختلق المدخل ليسع المجتمع , وسوف تجد الطبقات الغير عمالية حظها من ( التفاكر ) مع الشيوعي , لتحقيق ما تراه ممكنا , وسوف يستجيب الشيوعي بما يؤكد حرصه على رفاه المجتمع , وسوف يضع أجندة تقابل مسعى الطبقات ( الغير عمالية ) لعيش وربما إستثمار كريم , وسوف يضع الشيوعي كذلك برنامجا لإصلاح أحواله المالية وإحتياجات عمله الدعائي والإنتخابي , يستقطب من خلاله عونا ماليا ( غير مشروط طبقيا ) , وأولى المرشحين هنا الرأسمالية والناس المرتاحين , سوف يواصل الشيوعي السير على مجراه التاريخي بالترفع ( العملي جدا ) عن الطبقة العاملة , بالذهاب للمدارس وللإستحصاد الأكاديمى والمهني بدل ( المصانع ) والقرف , فللطبقة العاملة زفرة وجد ثوري ( وكفى ) .

وتخفيض يتبع سابقيه ... بالتحرر الشكلي عن الماركسية كمنهج , مصدر , مرجعية أو سمها ماشئت , فما الداعي للإصرار على حمل الإسم ( الماركسي أو الشيوعي ) ولما يرسو قاربهم على بر الأماني الوطنية الممكنة , ولما تكون الديمقراطية هي القضية , وهي الكلمة الأكثر إستخداما ورواجا عندهم من الشيوعية أو الإشتراكية , ولما تكون المناقص الديمقراطية ( أمغص ) لديهم من ويلات منظمة التجارة الدولية , وحماس أقرب من ( حق ) , والتجمع ( اليميني ) أفضل من وحدة قوى اليسار .

ليتني أواصل ... لكن العهد مسئول .

أتناصر موضوعيا مع فرضية الأخ عدلان , بأن ( كلما إقتربت القوى الشيوعية من الواقع ... تبتعد عن

الماركسية )

فقط أرجو أن يسمح الأخ عدلان بتواصل هذا الحوار ... ونقل هذا البوست للفترة المقبلة ...

فالأرشفة تهزم الحوار .... وهزيمة الحوار لا تعين من على مفترق الطرق ...

مع تحياتي ... قراء ومتداخلين .... ومالو ... يغتني الحوار ... ويبقى الود .

Post: #135
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: HAYDER GASIM
Date: 04-21-2006, 09:22 PM
Parent: #134

الأخ عدلان

تحياتي

مرحبا بك وقد أقمت فى الصحافة ... ولو إلى حين ... فهنا تتجسر عاطفة جغرافية

لا أعلم موقعها من الماركسية ... لكنها فى الفؤاد السوداني عزيزة لا محالة ...

يعني بشكل أو آخر ربما إلتقينا ... أو تشاوفنا ... أو ركبنا حافة أو بص ... على خط

مواصلات جبرة ... وإمكن تكون جيت ( ودققت ) فى طاحونتنا فى مربع ( 23 ) ... والتي

كانت هي الطاحونة الوحيدة فى المنطقة ولزمن طويل ... خاصة عندما خرجت من البزينس

طاحونة مربع ( 25 ) ... وقد كانت الأقرب إليكم جغرافيا ... لكن ( ما ظنيتك ) ... بي

نضافتك ده تكون شلت ليك مخلاية عيش ... هو إنت كنت فاضي لي من ناس كولن ويلسون ...



عموما يا صديقي ... حيدر الذي تقصد ليس أنا ... لكني أعرف من تعني ... إسمه حيدر نوري ...

وأخوه الذي هو صديقك فيما إستنتجته من كلامك ... إسمو بشارة ... ولسبب ما لا يسير فى تعريف إسمه لقب

نوري ( حسب علمي ) ...أسوة بأخيه حيدر , تشرفني معرفة كليهما , ولعلك لا تدري وأنت تستورد هذه

السيرة ... فقد ضغطت على أيقونة شريط طواه الزمن ولما حمل ذكرياتي معهم وآخرين ... لكنه يستدير

الآن بفعالية ... تخترق حجب الزمن ... وتستحضر الماضي ... وكأنه الحاضر الهمام ...

تحياتي لك ... ولهم ... والله يعوضك فى كتابك .

Post: #136
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: معتز تروتسكى
Date: 04-22-2006, 00:14 AM
Parent: #135

خالص التحايا
العزيز الاستاذ عدلان
حققية الى الان لم افرغ من قراءة كل محتوى المداخلات للوقت ولان هذا البوست تحتاج كل مداخله فيه الى الوقف عندها مرات...؛
لكن اسمح لى بـــ
Quote: تسجيل حضور ومتابعة وإشادة بصدقك ومدى جديتك وإخلاصك لما تعتقد فيه.. ياعدلان!.

كذلك ياريت لو قمت بطابعة هذا البوست فى شكل كتاب او كُتيب من خلال المساجلات مع الاساتذه هنا..
حقيه مافية من مادة ثقافية لااجد وصفا لها سوى انها كاملة الدسم..
بغض النظر ان اتختلفنا فى بعض النقاط او اتفقنا لكن هذا لايقلل ابدا من القيمة المعرفية فيه ؛حيث الحديث والتطرق لاى حديث عبر الحقيقة هو اصعب الطرق وعورة؛ لانه يجب تناول كل جوانب الموضوع من القشور الى النواة...
اسمح لى ان استرق السمع اليك والى الاساتذه الذين هم هنا...
الاستاذ الخواض.. والدكتور حيدر ..والدكتور كبلو.. والاستاذ الصديق قصي..والاخرين...

التحايا النواضر..

Post: #137
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: عدلان أحمد عبدالعزيز
Date: 04-22-2006, 11:12 AM
Parent: #1

الأخ حـيدر قاسم، تحياتي..

من آخــره، نعم.. العنوان (كلما إقتربت القوى الشيوعية من الواقع ... تبتعد عن الماركسية) ربما كان أقرب لتلخيص فكرة مـوضوعي، ولكنه مع ذلك أيضاً لا يعبر عنها بصورة مطلقة إذا ما تم تناوله في "إطلاق" العنوان طبعاً لا يقول كل شيء، والإبتعاد المقصـود هـو إبتعاد نسبي وفي بعض الجوانب ولكنه ابتعاد عن ملامح أساسية في الماركسية بما هـو كفيل بالإعلان أن الماركسية ليست المصدر الوحيد أو الأساسي في توجيه نشاط الحركة الشيوعية والإدعاء بغير ذلك إما مكابرة وذهـول عن الواقع، أو أن الحديث عن الديمقراطية وحقوق الإنسان ماهـو إلا نفاق يستضمر ويستبطن خلافه.

يا عزيزي حيدر طبعاً عاطفة الصحافة الجغرافية، لا موقع لها من الماركسية إلا بمقدار ما أوردته أنت عنها أولاً، وبمقدار ما تعنيه كلمة تخريمة، ثانياً.. شكراً على التصويب بشأن الأصدقاء حـيدر وبشارة نوري، وبالمناسبة عندما كنا نسكن في بيت الطين المقابل لمنزل عم "بسطاوي" نضافتي ديك شارع جبرة بغبرته الحمراء وبرنساته التي تعشق الزوغان من السوق الشعبي، ما خلتني أتهنأ بيها، كما أنني لا أتذكـر أنني شلت مخلايتي صـوب أي طاحـونة في ذلك المكان، رغم أننا لم نتوقف عن أكل الكسرة المُرة والقراصة حتى اليوم.. ولكن –وللمفارقة- عندما كنا قبل ذلك نسكن في المنزل "العمـارة" الأولى في حي السجانة شمال السوق، كنت أحمل مخلايتي دوماً صـوب طاحـونة قشلاق القسم الجنوبي، وكانت أحياناً "جردل طلس" وكانت فرصة طيبة لل لعب والمشاغبات.. وعندما نُسأل عن سبب تأخرنا، ندعي أن سيد الطاحـونة كان مُـدور فتريتة ولم يبدأ القمح إلا مؤخراً! وده طبعاً كلو ما عندو علاقة بالماركسية، لكن شايف الكلام عن الطواحين والدقيق كتر اليومين دي!

بالتأكـيد الحـوار الجار لم يصل نهاياته بعد، ولن يصلها.. ولكن هناك الكثير لم يقال بعد، ومن توي سأطلب من بكري، مـده للضفة الأخرى من السنة، تعزيزاً لإقتراحك..

عزيزي الأخ معــتز، خالص تحياتي ومودتي..

عقب فراغي من إكمال نشر موضوع البوست الأساسي، أرسلت الموضـوع للجنة المناقشة العامة بعنوان "لســنا ماركسيون.. أو كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!" وأتوقع أن يتم طبعه ونشره ربما مع مناقشات أخرى، ولكنني في هـذا المقام أُثمن إقتراحك وأدعمه وإن بقينا على الطبع والنشر، فهناك حقـوق ملكية فكرية تستوجب التفاهم بشأنها.

مازالت هناك بقايا مواضيع لم يكتمل نقاشي حولها بعد، وليتواصل الحـوار..
كونوا بخير ولكم الود


عدلان.

Post: #138
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: HAYDER GASIM
Date: 04-22-2006, 10:22 PM
Parent: #137

الأخ قصي ... تحياتي

الحديث عن أن الرأسمالية تشنق نفسها بنفسها , يتطابق مع قول ماركس بأن الرأسمالية حفارة قبرها , وقد قال ماركس بهذا فى معرض تأكيده لزوال الرأسمالية , على هذا النحو الدرامي , وقد كان يعني أن الرأسمالية فى بحثها عن الريع لا بد وأن توسع إستثماراتها , بمزيد من المصانع وحقول الإنتاج المختلفة , وهي تفعل ذلك فإنها ومع كل مؤسسة رأسمالية تقوم , تنضاف قوى بشرية لجيوش الطبقة العاملة , يتكاثر عددها ويتعمق فى الإثر مجرى الصراع الطبقي , وتحتدم المواجهة بين العمال والرأسمالية , فى سياق صعود جبهة رأسمالية عالمية , يقابلها فى الطرف الآخر جبهة عمالية عالمية , وهذه الظرفية تعكس فرز القوي الإجتماعية عشية الثورة الإشتراكية , وأظن أن كان هو الظرف الذي إستدعى الماركسية , إطلاق شعار ( يا عمال العالم ... إتحدوا ) , فى إطار الإعداد النفسي والفكري لعتاد المعركة , وفى إطار التهيوء لمواجهة نهائية وحاسمة مع الرأسمالية , فى سبيل الثورة الإشتراكية وفق آليات الفرز الطبقي على الطريقة الماركسية , بالطبع فإن العنصر الحاسم فى ثلة هذه المعطيات الماركسية هو ( العامل ) , وليس المستهلك كما تقول بذلك يا قصي , فالفرضية الماركسية لزوال الرأسمالية كانت وما تزال مربوطة بتراكم الإستغلال الرأسمالي للطبقة العاملة , وليس بتراكم الإتجاهات الإستهلاكية فى إطار المنظومة الرأسمالية , مع أنك أقمت فصلا موضوعيا حيث إشتبك الأمر , ورشحت إشتراكية روبرت أوين وتبنيها لهذا السيناريو , المختلف موضوعيا عن رصيفه الماركسي , فمقدمتك ( ذات الإبتهال الماركسي الواضح ) , لا تتناسب والنتائج التي توصلت إليها فى سياق موضوع واحد , إذ تعرضت لماركس وهو يتناول الرأسمالية , بإنسانية وموضوعية لم يتوفر لهما ماركس نفسه , فصحيح أنه يعرف الرأسمالية وقد أسس منهجه الإقتصادي كله بناءا على تناقضاتها , وربما يكون صحيحا أنه خبر محاسنها ومساوئها , لكنه لم يرشح المحاسن للإستمرار والمساوئ للتصويب , بل إدخر كل التجربة الرأسمالية وقودا للمعركة المفضية لهزيمتها الشاملة والنهائية على أيدي ثوار الإشتراكية , فمعرفة ماركس بخير وشر الرأسمالية لا تنعكس بشكل موضوعي فى متن نظريته , والموضوعية التي أعني هنا هو أن القسمة لخير وشر , وحتى يتم إستيعابها بالشكل الإنساني الذي تروم , فقد كان يستدعي منهجا يقوم على النسبية وليس الإطلاقية , على الأقل لأن هناك ثمة ( خير ) لا ينبغي صرفه على مجرى النفايات , لكنك تعي ما إنصرف إليه ماركس .

فكرة المستهلك التي دفعت بها إلى هذا الحوار , تمثل إضافة نوعية جيدة فى سياق حوار يتصل بمستقبلنا البشري , وضمن منظومة تعتلي مصاف عصرها , توسعا وإبتكارا وإيذانا بالتواصل , لا أملك أية حساسية تمنعني من تأمل هذه الفكرة , حتى وإن دعى الأمر لإعادة تصفيف حزمة أفكاري التي أدخرها للتساوق مع عصري , أتمنى بالمقابل أن تصيب مرمى موضوعي فى حواكير القبائل الشيوعية , ولما ينتصبون لأية إشارة تدعم موقفهم الفكرى الدفاعي الراهن , ليخلقوا منه مطية أو جسرا للتواصل من ثم مع كل المفاهيم الشيوعية , قطعت عهدي بالشيوعية كغاية إجتماعية , ولا أرنو للإشتراكية وهي تستردف الخواص الشيوعية المهزومة , ولا أتطلع لبعث روبرت أوين وإن جزلت أطروحته , بإعتبار كل ما سبق يقدم النظرية عن الواقع , ويستعيض عن تطوره الذاتي والموضوعي بأكلشيهات فكرية معنية بالغاية أكثر من الوسيلة , عليه أتواضع بخيالى الإنساني إلى محطة العدالة الإجتماعية , التي تحارب وتمنع الفقر , توفر الخدمات الضرورية ذات الطابع الإنساني لكل المجتمع , كالصحة والتعليم والإعاشة فى ظل العوز و المأوى لغير المستطيع , مع هذا فأقبل إشتراكية يفضي إليها تطور المجتمع الديمقراطي , وحيث يتقدم ( ديمقراطيا ) بأجندة عملية تعبر عن الواقع أكثر من تضاعيف المخيلة النظرية , وحيث يتطور المجتمع فى ثينات التجربة وإن كانت رأسمالية , وحيث يتواضع التفكير لمقتضى الظرف الإجتماعي والإنساني المعاش , وحيث ينتهي العهد بالمفاهيم والمشروعات الكلية التي تستعيض عن ( إشكالات ) الحاضر , بالتأمل ( المجاني ) فى مستقبل أفضل .

ربما تستطرد النزعة الإستهلاكية , لتغير معالم المجتمع الرأسمالي , وربما تقربه من الإشتراكية , لكن من السابق لأوانه ترقية هذا المفهوم إلى مصاف النظرية , وأخشى أن تنتهي إلى نظرية , أو أن تتآلف مع بنت عمتها الشيوعية , فيطول إنتظار القوى الثورية على الرصيف , وإن كان المستهلك عاملا فاعلا فى ملامح الخارطة الرأسمالية , فهناك عوامل أخرى تتوفر فى ذات الإطار , وأظن أن فرضية التدافع الإستهلاكي هذه ينظر إليها بإعتبار ( ثبات ) العوامل الأخرى , يصح صعود منحنى الإستهلاك حينها , لكنه يتغير ولا شك بتحريك العوامل الأخرى , إستثمار , إدخار , رأسمال , عوامل سياسية , عوامل طبيعية ... وهكذا .

Post: #139
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: HAYDER GASIM
Date: 04-22-2006, 10:59 PM
Parent: #138

الأخ عدلان ... تحياتي

شكرا على الرد والتواصل ... نعم , أنا الذي ( أقحمت ) الماركسية فى سياق إجتماعي ,

لكن لم أقصد ما قصدت ... فقد أخترتها دعابة فكرية عابرة ... أكثر من أن أوآخذك ,

فحاول بالله أفهمني ... وأصحى للون ... إذ يصيبني الآن حرج لن أغسله إلا بتوضيح

موقع الجغرافيا فى الماركسية ... موضوع إعتراضي أتوفر له بإيجاز فى يوم من الأيام الأواتي .

أشكرك على نقل البوست للمستقبل ... إذ وفرت له ضمان حياة أكثر منا ... ولما لا نضمن الغد

لسبب ما ... كنت مأذونا بالطاحونة ... فقد كان واجبى ضمن حزمة إلتزاماتي الأسرية وأنا صغير ...

أن أذهب للطاحون ... مرات كثيرة بعيش ( وحيث كان يصلنا من الجزيرة سنويا شوالين درة وثالث قمح ) ...

ولما تكمل تلك المؤونة ... أذهب بالمخلاية فقط ... لأشتري من هناك

ما تسمح به الميزانية المقامة لهذا البند ... والتي كانت لا تتعدي ( الملوة ) إسبوعيا ... وقد كانت ملوة

فتريتة على طول ... وكانت الطاحونة إياها فى لفة القوز ... أتذكر كل شئ هنا ...حتي صاحبها وهو يلبس

العراقي البلدي وقد تراكمت عليه طبقات من الدقيق العتي ... وتعلقت على رموش أعينه طبقة مماثلة ...

إستعصى علي من بعد أن أعرف هذا المخلوق ... ولما قابلته خارج الطاحونة ... وبشكل طبيعي .... وضمن

أسرته ... وهم ينتظرون بص الحلة الجديدة ... على ( محطة النيمة ) .

تواصلت مع الطاحونة بشكل ( ناجز ) عندما إختارها والدي , مصدرا لعيشنا فى ناصية بيتنا ولما كنا ...

ما شاء الله ( خمة ) من البنين والبنات ... فكنت ملزما بالعمل فيها من إنتهاء يوم الدراسة ... إلى مواعيد

الإغلاق ... والتي كانت تتراوح ما بين مواقيت صلاتي المغرب والعشاء ...

وأنا هناك ... فقد أقمت ترتيبا ( فينا ) بألا أخلط بين الفتريتة والقمح ... أي أن ( أدقق ) واحد تلو الآخر

, لان الفتريتة تغير لون وطعم القمح , وقد كانت تلك من الشكاوى المتكررة

والمريرة لأهل الحوزة القمحية , فكان الفصل بينهما موضوعيا ومهما ,

تذكرت البارحة كذبتك البيضاء عن هذا الأمر ... بينما هي حقيقة ... والله يجازي الكان السبب

تمس على خير يا راجل ...يتصل الحوار ... والونسة كذلك .

Post: #140
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: Yaho_Zato
Date: 04-23-2006, 04:27 PM
Parent: #139

عزيزي الأستاذ حيدر.. لك التحايا..

لا بد لي من توضيح كنت أنتظر فرصته بعد كتابتي لمشاركتي الأخيرة..

حديثي في الرد على قولك (لكن ما يحيرني أن هذا المفهوم فى كلياته , مفهوم تطور الرأسمالية , وكمان بفرضيات ماركسية , لهو يتنافى جملة وتفصيلا مع المنظور الماركسي ( الإستراتيجي ) تجاه الرأسمالية , حيث تقضي الأولى بإفناء الثانية).. كان حديثي في الرد عليه يقتصر فقط على أن ماركس فعلا قد نظّر لتطور الرأسمالية، ورسم خطوطا عريضة لمراحل تطورها، لم تخب كثيرا حتى يومنا هذا.. ولم يكن قصدي أن أشير إلى نظرتي الخاصة لموضوع تطور الرأسمالية نحو الإشتراكية (في النقاط التي بنيتها على أهمية المستهلك) على أنها نفس نظرة ماركس.. أدرك أن ماركس تحدث عن "العامل" وليس "المستهلك"، غير أني تحدثت عن المستهلك وليس العامل.. وفي هذه النظرة أنا لا أنفي دور العامل بقدر ما أصنفه مع القاعدة العريضة للمستهلكين.. فطبقة العمال نفسها لم تعد هناك (بكثافتها التي كانت في عهد ماركس).. العامل اليوم قيمته الاستهلاكية أكبر من قيمته كعامل، كما أن طبقته (إن كانت هناك حقا طبقة عمالية إلى اليوم) لم تعد هي الطبقة المسحوقة أو الأقل حظا عند تقسيم الثروة، خصوصا في العالم الأول، حيث أن عصر الآلة الحديثة قد غير ملامح العامل، وأدمجها مع الخلطة الكبيرة في المجتمع.. على سبيل التدليل، فإن قطاع الخدمات هو القطاع الذي تعمل فيه نسبة أكثر 60% من سكان الولايات المتحدة، وقطاع الخدمات لا ينطوي تحت تصنيف ماركس للعامل، إلا بعد أن نقوم بإعادة قراءة وترتيب للماركسية بمنظار الواقع المعاصر..

في الخيط الذي أشرت إليه في مداخلتي السابقة (العالم يتغير بسرعة من حولنا) قد جرى تناول لعلاقة الاستهلاك الأساسية بهذه المرحلة من مراحل الرأسمالية العالمية، فأرجو أن يراجع في موضعه (إذا توفرت الرغبة).. وفي هذا الحديث فإن قيمة العامل ليست مهضومة أو قليلة الشأن، غير أنها تدخل في المعادلة الكبيرة بدل أن تكون معادلة قائمة بذاتها.. العمالة كانت هي العامل الأساسي في معادلة ماركس القديمة لأن معدل الإنتاج كان يتصل طرديا بمعدل قيمة العمل (سواءا كانت في عدد العمال أو في ساعات عملهم)، وهذا الوضع تغير الآن، إذ أن معدل الإنتاج لم يعد يعتمد بشكل أساسي على قيمة العمل في ظل التكنولوجيا الحديثة (رغم أهمية قيمة العمل بالطبع)، فمضاعفة الإنتاج، مثلا، في المصنع لم تعد بالأمر الصعب.. غير أن المشكلة تصبح بعد ذلك في توفير السوق الاستهلاكي لهذا الإنتاج المضاعف، إذ أن غياب المستهلك هنا سيؤدي إلى الخسارة المباشرة للرأسمال.. وعليه فإن معدل الإستهلاك أصبح هو الذي يحكم معدل الإنتاج.. وهو أمر أصبح واضحا جدا في الاقتصاد العالمي المعاصر..

في القديم (في عهد ماركس وبعده إلى نهاية الثمانينات من القرن المنصرم) كانت المصانع تعمل بنظام الدفع الإنتاجي (Push System)، حيث يتضاعف الربح كلما تضاعف الإنتاج.. أما اليوم، فإن كبرى الشركات الإنتاجية (والصغرى تأسيا، وكلما كبرت)، في شتى مجالات الإنتاج، أصبحت تتحول نحو نظام السحب الإنتاجي (Pull System)، حيث يعتمد معدل الإنتاج على معدل الطلب في السوق.. إذ أن الشركات أصبحت تقيم حجم الطلب في السوق (عن طريق الإحصائيات واستلام الطلبات المباشرة) قبل أن تقوم بعملية الإنتاج، من أجل سعر الخام، والذي سيعود بخسارة كبيرة إذا تم الصرف عليه لتحويله لسلعة جاهزة للإستهلاك بدون أن يجد مستهلكا..

والعامل أصبح أيضا، في ظل هذا الواقع، يحتاج لمهارته الفكرية أكثر من مهارته الجسدية، المكتسبة من العادة (أو يحتاجهما بالتساوي، على أقل تقدير).. هذا الأمر يجعل الفرق السلوكي الإنتاجي بين العامل الفني، الحرفي، والموظف المكتبي (أو التاجر، أو المهندس النظري، أو الباحث المعملي، .. الخ) غير كبير.. ويجعل قيمة العمل لكل هؤلاء تعتمد فقط على الحاجة المباشرة لنوع الخبرة المهنية في تشكيل الاقتصاد المجتمعي (مثلا، نحن في السودان ودول العالم الثالث نحتاج للفنيين أكثر من المهندسين النظريين والباحثين المعمليين في اقتصادنا، وعليه فإن قيمة عمل الفني في مثل هذا الوضع تقضي بأهميتها (وبالتالي سعر الصرف عليها) على أهمية هؤلاء، باعتبار الأولويات*..

هذا مما لزم توضيحه في قضية اعتباري للمستهلك أكثر من العامل.. وهي فعلا، كما ذكرت أنت، تختلف عن نظرة ماركس، غير أنها تشترك معها (في نظري) في القاعدة العامة..

أما عن مقدمتي (ذات الإبتهال الماركسي الواضح)، حسب تعبيرك، فهي مقصودة لذاتها.. وإذا كنت ترى فيها "ابتهالا ماركسيا" فهو غير منكور من جانبي.. معظم كتابتي في هذا الخيط كانت في نقد ماركسية ماركس، ولم أكن فيها مجاملا أو متحاملا، غير أني أيضا أكون مجحفا ، وغير علمي، إذا لم أعرف لماركس قدره الفكري في الإضافة العظيمة، الإيجابية، التي زود بها ذخيرة الفكر الإنساني، في سيرورته نحو كماله المرتقب.. وعلى العموم فأنا لم آت بشيء خارج عن رأيي الشخصي، فماركس فعلا كان عبقريا، في نظري، في تنظيره الدقيق لمراحل الاقتصاد التاريخي، ومن ضمنها الرأسمالية..

أما عن الإشتراكية والتنظير، فأنا أختلف معك في افتعال الضدية بين النظرية (الإشتراكية) والواقع، فليس هناك تضاد بين مجرد النظرية الإشتراكية والواقع، وإنما قد يطرأ التضاد في عملية التفاعل بين النظرية والواقع، مما يستوجب تدخلا مستمرا وواعيا من قبل الإنسان في تنسيق العلاقة بينهما.. وعلى العموم فإن الواقع نفسه لا يمكن أن يعاش بغير "نظرية"، والنظرية لا تنفك تستلهم الواقع في بناء صرحها، وهي علاقة تاريخية طويلة، لا يمثل الواقع المعاصر أي حياد عنها (وهذا ليس قول ماركس أو لينين.. هو قول قديم ومعمول به منذ الأزل).. وهذا حديث ذو شجون، أتركه الآن دون تفصيل على أمل العودة.. غير أن من التلخيص لموقفي أن أقول: الحياة المجتمعية بغير المعنى الإشتراكي تفقد قيمتها عندي.. وبدون المعنى تفقد الحياة قيمتها تباعا.. لهذا أنا من المؤمنين بالإشتراكية، وأعتبر الإيمان بها ليس غير طرف أصيل من الفطرة الإنسانية السليمة..

ولك محبتي..


______________________________

* هناك كتابة كنت قد كتبتها بالأمس في منبر "سودان للجميع" عن موضوع التعليم المهني في السودان.. ترتبط بشكل مباشر مع هذه النقطة.. وهذه وصلتها:
http://sudaneseonline.com/forum/viewtopic.php?p=8060&high...f2e74eff96ac2c8#8060

Post: #141
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: Mohamed Abdelgaleel
Date: 04-29-2006, 08:29 AM
Parent: #140

Quote: فقط أرجو أن يسمح الأخ عدلان بتواصل هذا الحوار ... ونقل هذا البوست للفترة المقبلة ...

فالأرشفة تهزم الحوار .... وهزيمة الحوار لا تعين من على مفترق الطرق ...

مع تحياتي ... قراء ومتداخلين .... ومالو ... يغتني الحوار ... ويبقى الود .

Post: #142
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: عدلان أحمد عبدالعزيز
Date: 04-30-2006, 11:54 AM
Parent: #1

منتــصر الســر، من منطقة سـنجة، شاب ذو إطلاع واسع خاصة في مواضيع الإسـلام السياسي.. في مناسـبة إجتماعية إلتقيته البارحـة مع الأخ ناظم القـدال.. تطرقـنا إلى مـوضـوع هذا البوست، فقال أنه من الجـيد نزع القدسية في التعامل مع ماركس.. علق ناظم بأن "ليس في الأمـر جـديد" فوافقه منتصر السر بملاحظـة غاية في الـذكاء.. ذكــر أنه قالها لإبنة خالتهُ الصــديقة ميســون النجومي، فأبدت دهشتها لبساطة الملاحـظة وعمقها.. وهي ملاحـظة جديرة بالتأمل.. منتصـر أشار إلي أن التغير هـو من طبيعة الأشياء وهـو ليس أمـر وحسب بل أن الله سبحانه وتعالى أشـار إلى ذلك بدلــيل قوله "كــل يوم هـو في شأن"*.. تسآءلت في نفسي إذا تعامل المسلمون مع متغيرات العصر وفق هـذا المفهوم لكانوا اليوم في شأن أعلى من واقع التخلف الذي يكبل قدراتهم، بل أن من باب أولى أن يدرك هـذه الحقيقة الأزلية والعلمية، من يتخـذ العـلم أداة للتحليل وإستنكاه وسبر الـواقع..

شكراً صديقي منتصر السر.

و إلى حـين لقـاء آخر..

عدلان.
_______

"يَسْأَلُهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ" سورة الرحمـن، اللآية 29.

Post: #143
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: طلعت الطيب
Date: 04-30-2006, 11:47 PM
Parent: #142

الاخ عدلان

تحياتى

(1 )

لى بعض الملاحظات والتساؤلات حول مساهمة د. صدقى كبلو أقدم لها كما يلى:

اولأ _ هنالك سؤال هام للغاية لم يجيب عليه السيد كبلو وهو لماذا خدث هذا الانهيار المفاجىء لما كان يعرف بالكتلة الاشتراكية ؛ لم يكتفىالدكتور بتحاشى السؤال انما حاول كذلك التقليل من شأن الحدث واصفآ إياه ( ببعض السلبيات التى صاحبت التجربة). لى بعض المساهمات المتعلقة بالامر ؛ على انى سأمسك بها فى انتظار ان يتكرم د. كبلو بتقديم تقييمه لما حدث؛ عساه يكون مقنعآ ونحن طلاب حقيقة فى نهاية الامر.

الملاحظ كذلك أن الحزب الشيوعى لم يتقدم حتى الآن بتقييم لتجربة أنهيارالاتحاد السوفييتى سابقآ؛ بل طرح الامر لما يعرف الآن بالمناقشة العامة والمؤتمرمنذ اكثر من عقد ونصف؛ العجيب فى الامر ان الاستاذ محمد ابراهيم نقد كان قد استبق المناقشة العامة حينما كتب يدعو اعضاء حزبه ويبشرهم ب (نظرية جديدة للثورة السودانية) وهى نفس الدعوة التى يرددها الآن السيد كبلو ؛ وها هى15 سنة تمر دون أن نرى أية ملمح من ملامح تلك النظرية الجديدة سوى ما يقوم به السيد كبلو من إستدعاء ( للكلاسيكيات الماركسية بما فى ذلك مرحلة الثورة الوطنية الديمقراطية وكأن شيئآ لم يحدث فى هذا العالم ). وهذا التناقض بين دعوة قيادة الحزب الشيوعى لمناقشة عامة هدفها إخضاع كل التجربة للتقييم من ناحية ثم إتخاذها لموقف فكرى ينحاز للمنهج الماركسى كمنهج ومرشد وحيدآ للحزب من ناحية ثانية كان محيرآ فى بداية الامرولكننى اعتقد بأن قيادة الحزب الشيوعى لم تطرح المناقشة العامة الا كتاكتيك سياسى يجنبها مسئولية التقييم ( بمعنى آخر ليقل كل زميل رأيه الشخصى فيما حدث وليقوم الحزب بطباعة هذه الآراء والانطباعات الشخصية فى كتيب وبذلك يكون قد تم التهرب من تقييم شامل ومسؤول بل يكون قد تم تفريق دم _ هذا التقييم _ بين القبائل) و قيادة الحزب فى هذه الحال مثل الطبيب الذى يقدم لك وصفة دون التشخيص المطلوب وما علي الآخرين سوى تجرع تلك الوصفة مهما كانت مرارتها

ثانيآ _ عادة ما يتقيد الباحث فى العلوم الاجتماعية بتوازن دقيق بين القيم الانسانية التى يسعى الى تأكيدها او نفيها وهو ما عرف ب THE VALUE RULE وبين منهج البحث العلمى الدقيق بعيدآ عن الانحياز؛ وقد اوصى السيد كبلو اعضاء حزبه بالاستفادة بما توفره العلوم ( البرجوازية ) والقاء الايدولوجى منها فى المتحف فهل يا ترى إلتزم هو بتلك الوصية؟ الواقع يكذب ذلك فهو لم يكن منصفآ بل كان ايدولوجيآ حتى النخاع حينما إتهم الاستاذ حيدر أبو القاسم بأنه قام بتحويل البوست الخاص بأزرق طيبة الى مناسبة للهجوم على الحزب الشيوعى. الواقع أن البوست كان يحاول ان ينحرف الى هجوم غير مؤسس على كاتبه الاستاذ الحاج وراق ؛ وقد كان مقال وراق جيدآ بكل المقاييس؛ ولكن يبدو انه كان هناك غرض وراء ذلك الهجوم لا علاقة له بالمقال. ثم هناك المثال اعلاه والخاص باستباق المناقشة العامة والمؤتمر والذى بلغ مداه بعد تصريح الاستاذ نقد الاخير حين قال ( نحن حزب ماركسى ) وذلك رغم أنف ما يسمى المناقشة العامة والتى يبدو أنها هى الاخرى بدأت تأخذ منحى سرمدى( الا يعد هذا الاستباق مثلا آخر فى تغليب الايدولوجيا ؟).
ثالثآ _ كان كارل ماركس قد نوه الى نمو الطبقة العاملة ( حفارة قبر الرأسمالية ) كلما تطور المجتمع الرأسمالى ونما وهو ما عرف بنضوج الشرط الذاتى للثورة يلازمه نمو الانتاج ليفوق كثيرآ القوى الشرائية للعمال مما يحدث ركودآ سماه ماركس بالظرف الموضوعى الذى سيؤدى الى الانهيار الحتمى للنظام الرأسمالى؛ بينما اسماها السيد كبلو بالازمات الكلاسيكية للرأسمالية ؛ فأيهما نصدق خاصة إذا كانت المسألة تتعلق بقوانين ويقين وحتميات وفى إعتقادى أن محاولات تطبيق قوانين مستنبطة من العلوم الطبيعية على المجتمعات الانسانية كان آفة عصرنا ولى عودة لما عرف بالديالكتيك. آمل أن يتكرم السيد كبلو بالاجابة على تساؤلى حتى اواصل فيما يتعلق بازمة الفكر الماركسى تجاه الديمقراطية التعددية التى يدعو لها فى السودان؛ تعرض السيد كبلو لخلافه مع ما طرح الراحل الخاتم عدلان فهل لامس السيد كبلو القضايا الجوهرية التى كان قد طرحها المرحوم فى الشيوعى 157 والتى كانت بعنوان _آن أوان التغيير خاصة اسباب الانهيار والمركزية الديمقراطية ثم الهيمنة على ما عرف بالديمقراطيين عن طريق الفراكشنات؟... آفة تغييب الجوانب الثقافية واختزالها لصالح التحليل الطبقى وخطورة ذلك على بلد مثل السودان تنتاشه الصراعات العرقيةوسأختم مساهماتى بسؤال أعتقد أنه هام للغاية وهو لأى مدى كانالحزب الشيوعى السودانى أصوليآ تجاه خصومه وعضويته على السواءوانعكاس كل ذلك فى تقييمه لحركة 19 يوليو

Post: #144
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: Bashasha
Date: 05-01-2006, 01:00 PM
Parent: #1

عزيزي القارئ،

ذي ماشايف، اخوانا الماركسية، كما الوهابية، يدروشو او يطرشو!

يحفظو اويسمعو!

بالعدم، بدل التهويم ده والحوامة حول الموضوع دايرنهم ينزلو لينا الماركسية دي علي واقعنا في السودان.

عدلان بتكلم عن "الواقـــــع" في عنوان خيطو بالالف واللام، انطلاقا من تصور وافتراض مسبق، يتوهم واقعنا في السودان كامتداد لي واقع غرب اوربا الانجب الماركسية!

ليه؟

لانو بشوف كل شئ بعيون المركزية الاوربية، اوعشان كده واقع الخواجات هو "الواقــــع" بالالف واللام بغض النظر، في اي مكان اخر!

ده نفس مشكلة كل المطروح في الساحة اليوم، كالاسلام السياسي البفترط علي نحو مسبق، انو واقعنا الثقافي في السودان هو امتداد طبيعي لي واقع الثقافة العربية الانجبت الاسلام السياسي، ليفجع الاسلام السياسي اخير وبعد ثمن فادح، بانهيار مشروعه الذي ولد ميتا من الاول.

فلامعني لي اي كلام عن مشروع ماركسي في السودان ياهؤلاء!

هو ياخي الاسلام السياسي فشل رغم تسلحو بالدين في مجتمع مفطور علي الروحانية، بل هو من اهدي البشرية معاني التوحيد.

لوماركسيي السودان عرفو الحقيقة دي لما خطر ببالم مادية جدلية علي الاطلاق!

لكن ذي ماقال ترباس، مامنك، مامنك،..من العليك!

العليهم شنو؟

انهم بشوفو الوجود اوواقع مجتمعم، بعيون الانجلوساكسون الزرقاء، ذي ماتيمانم في الاسلام السياسي بشوفو من خلال عدسات عربية لاصقة!

Post: #145
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: طلعت الطيب
Date: 05-05-2006, 00:05 AM
Parent: #1

(2 )

طبقة عاملة أم مسيح مخلص

تقديم:
فى العام 1848 قام كاتب ألمانى مقيم ببريطانبا بتقديم كلمة قصيرة فى بروكسل حول ايديولوجيا السوق الحر the sociology of market ideologyومرت تلك المحاضرة القصيرة دون أن ينتبه أحدآ من الحضور إلى خطورتها ومدلولاتها ؛ كان الكاتب قد أوضح خلالها كيف أن النظام المفاهيمى الذى يقف من وراء هذا السوق يخدم مصالح أصحاب الصناعات فقط على حساب العاملين رغم إدعائه الحياد وأنه فى خدمة الجميع؛ كان ذلك الشاب هو كارل ماركس.
قام ماركس فيما بعد بصياغة نظريته لتكون شاملة لكل مناحى الحياة وتحاصر مستقبل البشرية وتخطط له حتى نهاية التاريخ والمجتمع الشيوعى حيث الرخاء والوفرة والمساواة وكاد أن يقول حيث يسرح الذئب مع الغنم. قامت نظم سياسية مسترشدة بالنظرية الماركسية وكانت ملىء البصر والسمع لسبعة عقود ثم إنهارت وفى لمح البصر؛ ويبدو أن التاريخ قد حكم بألا يبقى من أطلال الماركسية ( كعلم ينتفع به ) سوى النقد أعلاه ؛ أى ما قاله ماركس الشاب. ويبقى السؤال هل ماحدث هو خلل فى أصول الفكر الماركسى أم أنها أزمة فى التطبيق ؛ للإجابة على هذا السؤال وتوضيح أخطاء ماركس كان لا بد لى مثلما فعل العديد من المهتمين بقضايا العمل العام والقضايا الإجتماعية؛ من الإستعانة بماكس فيبر.
بين ماركس وفيبرMarx versus Weber :

ولد المفكرالألمانى ماكس فيبرفى العام 1864 وقد كان طالبآ بالجامعة حين وفاة كارل ماركس مما أتاح له فرصة رؤية الرأسمالية وهى اكثر نضجآ فقد تمكن من رؤية الإتجاه الذى تسيرنحوه المجتمعات الأوربية فى ذلك الوقت حيث شهد بروز العاملين ذوى الياقات البيضاء و النمو الكبير للبروقراطية فى القطاعين العام والخاص إضافة إلى إذدياد قوة ونفوذ النقابات العمالية وكان عليه أن يضع فى إعتباره كل ذلك ؛ إختلف فيبر مع ماركس فىالعديد من القضاياوالتى من اهمها تنبؤه ببقاء وتطور الطبقة الوسطى على العكس من ماركس الذى كان قد تنبأ بزوالها كما سنتعرض لابرازه اهمية العوامل الثقافية والقيم الدينية للنشاط وكيف انه اوجد عمقآ ومعنى للانسان بعكس الماركسية التى اصابت معتنقيها بالاغتراب عمليآ رغم إدعاءها نظريآ بالضد من ذلك ونتعرض لهذه القضايا الجوهرية الواحدة تلو الاخرى كما يلى:

أولأ مفهوم الطبقة الإجتماعية :
رغم إتفاقه مع ماركس فى أن التوزيع الغير عادل للثروة يشكل مركز التراص الطبقى؛ وأن ا لمال والممتلكات هى المحدد الاساسى للقوة إلا أنه إعتقد بأن القوة تكمن فى التحكم فى مصادر أخرى وبدلآ عن تعريف ماركس للطبقات الاجتماعية بانها مالكة وسائل الانتاج (برجوازية) وبروليتاريا ثم برجوازية صغيرة من بقايا التشكيلات السابقة والتى مصيرأغلبيتها الساحقة الزوال بالزوبان فى البروليتاريا ؛ كان فيبر معنى بالهيكل الهرمى للقوى الاجتماعية لذلك أضاف للقوى الاقتصادية المجموعات ذات التميز الإجتماعى ( مثل بيت المهدى والمراغنة فى السودان) كذلك أضاف الاحزاب السياسية و والعاملين زوى التعليم والمهارات العالية ( مدراء وبيروقراطيين ومهنيين ) . قد يتساءل القارىء ما الذى يمكن ان يقود إليه هذا الخلاف الذى قد يبدو للوهلة الاولى ( أحمد وحاج أحمد) وتوضيحنا للمسألة يمكن أن يأتى فى الرد على الماركسى الذى سيعقد حاجبه محاججآ ومستنكرلاننا اعتبرنا أن المجموعات المذكورة طبقات ذات إستقلال ونفوذآ نسيين ومصادر قوة لايستهان بها؛ فهم فى نظره وسائل فقط لاحدى الطبقتين ؛ فإما الانحياذ النبيل للبروليتاريا صاحبة المستقبل أو الخيانة لها . تقول نكتة روسية فى السبعينات انه فى ظل الرأسمالية يقوم الانسان بإستغلال لآخيه الإنسان أما فى الشيوعية فإن الاستغلال يأخذ أشكال أخرى؛ ويقصدون هنا الاضطهادوالاستغلال الواقع عليهم من الاقلية الشيوعية الحاكمة. بمعنى آخر فقد قصد فيبر بهذا التوسع فى مفهوم الطبقة من خلال رصده الدقيق لكل مراكز القوى الإجتماعية ؛ قصد أن يؤكد الحكمة القديمة التى تقول أن السلطة المطلقة مفسدة مطلقة مهما كان نبل الشعارات ( يعنى كل واحد بلعب لصالح ورقه ومافى حاجة اسمها انحياذ حقيقى)ولعل تجربتنا مع الجبهة الاسلامية فى السودان وتجارب الاحزاب الشيوعية توضح مقصدنا. واحد من عيوب الماركسية الجوهرى هو تغييب نوازع النفس البشرية المتعطشة للقوة والسطوة والجاه والتميز؛ وهى بذلك تصادرمعانى النشاط البشرى والقيم الإنسانية ؛ لاحظ مثلآ مفهوم البرجوازى الصغير يتحدد نبله فقط من خلال إنحيازه للطبقة العاملة يستوى فى ذلك المهاتما غاندى مع ادولف هتلر.

كنت قد أوضحت فى مساهمتى السابقة أهمية التقيد فى أبحاث العلوم الإجتماعية ( سياسى؛ إقتصادى؛ إجتماعى) بالتوازن الدقيق بين القيم الإنسانية المراد رصدها ( ويمثلها وجدان الباحث) وبين مناهج البحث العلمى الصارمة ( والتى يمثلها هنا عقل الكاتب أو الباحث) ؛ وإذا ما تم تغليب الوجدان على العقل فقد البحث قيمته ونحى بالتالى منحى أيديولوجآ ؛ أما إذا حدث العكس يكون الباحث قد فشل فى توجيه الإسئلة التى تهم المجتمع.
فى دراسته الشيقة والعميقة ( آن أوان التغيير ) ؛ حاول الراحل المقيم الأستاذ الخاتم عدلان أن يجد بعض الإجابات للأسئلة المتعلقة بجموح ماركس الذى دفعه نحو إيجاد حلآ جذريآ لمعاناة الفقراء ليضع مسألة العدالة الإجتماعية خاتمة للتاريخ بكل ما يصاحب ذلك من حرق للمراحل والتفكير حتى بالنيابة عن الأجيال القادمة. أورد الخاتم مارواه ماركس عن نفسه إذ قال ( كنت وأنا صغير حينما أتطلع للعمال العائدين إلى أسرهم بعد ساعات عمل طويلة ومجهدة أرى ثيابهم وهى مبتلة بالعرق الغزير وكأنه النبل يشع من أجسادهم ). يقول الخاتم أن هذا التعلق المدهش بالعدالة الإجتماعية قد ظل ملازمآ لماركس طيلة حياته الأمر الذى دفعه حتى إلى رفض كل التصورات الدينية مادامت تقوم بتزييف للوعى الطبقى؛ وربما إستبدل كارل ماركس مفهوم المسيح المخلص ليستعيض عنه بالطبقة العاملة فرشحها لتخليص الفقراء من الإستغلآل والظلم وإلى الإبد وذلك حين تتمكن من السيطرة على السلطة السياسية وإقامة ( الجنة الأشتراكية على الأرض ).
سوف أتعرض بشىء من التفصيل للقضايا الجوهرية التى دفعت الرجل للإستقالة من الحزب الشيوعى ؛ فى مساهمة منفصلة لاحقة لأننى أعتقد بأن ما كتبه الرجل جديرآ بالتأمل والحوار . فإذا كانت رواية (موسم الهجرة إلى الشمال) درة أعمال أستاذنا الطيب صالح فإن ( آن أوان التغيير) تعتبر( موناليزا) أعمال الخاتم بكل المقاييس حيث صب فيها المرحوم عصارة تجربته السياسية والتى إمتدت إلى حوالى ثلاثة عقود فى الحزب الشيوعى. تميزت المساهمة بسلآسة اللغة وعمق الأفكار تحس أن الرجل قد وصل فيها قمة نضجه الفكرى.
نواصل ما إنقطع فى توضيح أهمية العوامل الثقافية التى تم تغييبها تقريبآ لمصلحة العامل الطبقى عند الماركسيين وذلك من خلال مواصلتنا فى استعراض آراء ماكس فيبر ووفقآ للتطورات الثقافية التى حدثت فى أمريكا الشمالية مع محاولة ملامسة قضايا السودان والمساهمة بعنوان(ما بعد الحداثة وبط اناهايم العظيم)The Mighty Ducks of Anaheim.. a Reflection of Postmodernity .

Post: #146
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: nadus2000
Date: 05-05-2006, 06:27 AM
Parent: #145

أجزم يقينا بأنه من أقيم البوستات التي قرأتها عبر كل منابر الحوار على النت
واصلوا.
واوجه نداء للأخ بكري بالعبور بهذا البوست الى الضفة الاخرى حتى يتواصل هذا السجال الفكري الراقي.
فاسهاما في تحرير الفكر السوداني، نرجو تحرير هذا البوست من أسر الارشفة.

وشكرا الأخوان
عدلان، قصي، ود.صدقي كبلو وحيدر قاسم وجميع المتداخلين الذين اثروا هذه المساحة.

Post: #147
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: saif khalil
Date: 05-05-2006, 12:08 PM
Parent: #146

عدلان عبد العزيز


تحياتي..اشواقي ..مودتي

اتابع هذا البوست بشغف..انه دسم لدرجة تسبيب الكولسترول..هو الواحة اليتيمة في هذا البورد..علي هذه الايام..احاول المشاركة..فاحجم..لان ذلك يعني الالتزام والمواصلة..والعمل ضاغط هذه الفترة..ولكن علي وعد مني ..سأدخل..مواصلة لحوارات بدأناها ايفاعا..

لك مودتي ..والتحية علي هذه الفخامة والجسارة

Post: #148
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: طلعت الطيب
Date: 05-07-2006, 00:17 AM
Parent: #1

ما بعد الحداثة وبط اناهايم العظيم

ثانيآ _ أدارت الماركسية ظهرها لمعنى نشاط الانسان فصادرت خياراته

كانت الثورة الفرنسية مصدر إلهام للعديد من المفكرين وتأسست على خلفيتها مدرستين على طرفى نقيض وهما الماركسية والمدرسة الوظيفية المحافظة ؛ فحين كانت الاولى ترى فيها إمكانية التغيير الثورى الراديكالى كانت الثانية تأمل فى إمكانية وجود مجتمع مترابط ومستقر مثلما كان عليه الامر فى العصور الوسطى والذى هددته الصناعة الناشئة بالتفتت ولذلك كان همها كيفية المحافظة على النظام الاجتماعى السائد, من الفوضى. وبينما كانت النظرية الوظيفية ترى ان القيم الاجتماعية هى ما يربط الناس بالاوضاع السائدة كانت الماركسية ترى العكس وهى ان هذه القيم انما تمثل مصالح الاقوياء فقط. لكنه ورغم هذا الاختلاف الكبير بينهما فى الاهداف إلا انهما اتفقتا على جوهر واحد وهو التفسيرالبنيوى, وذلك يعنى مدى تأثير نماذج العلاقات الاجتماعية على سلوك الافراد والجماعات . ما قصدت ان اقوله هو انهما افترضتا ان الناس تتبنى قيم واحدة وتشترك فى تفسير معنى واحد للانشطة ( تمامآ مثل قطيع من الضأن ). مع ان الحقيقة البسيطة هىان البشر يخلقون معانى مختلفة فى المواقف المتشابهة . فشلت هاتين المدرستين فى الاجابة على سؤال هام وهو لماذا يحدث ان يتبنى الناس مواقف وقيم لتغيير المجتمع رغم ان ذلك التغيير المنشود ليس فى مصلحتهم؟ بمعنى آخر لماذا يتبنى ماركس نفسه كمثقف تغييرآ لمصلحة البروليتاريا ؟ إزاء ذلك الواقع كان لا بد من وجود تنظير يضع فى اعتباره القيم والمعانى ليجعلها ذات اهمية فى النشاط الاجتماعى وقد كان ماكس فيبر هو اول منظٌر اجتماعى يفعل ذلك . وحتى نفهم معنى اى نشاط كان لا بد من اخذ السياق الذى حدث فيه ذلك النشاط بعين الاعتبار وكذلك لا بد من الشفافية , لأن فهمنا لمعنى فعل ما مهم للغاية فى تفسيراثره و تداعياته
وبذلك تكون الماركسية وفى خضم نقدها للمؤسسات المحافظة ومنظريها وعلى رأس هؤلاء الكنيسة والمدرسة الوظيفية قد قامت بإستلاف الاسوأ منهما ؛ اليقين المطلق ووهم امتلاك الحقبقة من الاولى بينما إتفقت فى ومفهوم الحتمية مع الثانية. وهذه الثنائية ( ثنائية الحق المطلق مقابل شر مطلق ) والتى كانت السمة المشتركة بين مدارس الحداثة جميعها بما فيها الماركسية , لم يتم تجاوزها الا فيما بعد الحداثة بإعادة بعث العامل الثقافى وإعتماد تعددية الحقائق. سوف أحاول تبسيط ماقصدت ان اقوله من خلال اصطحاب المفكر ماكس فيبر فى تطبيقاته الخلاقة لهذا التنظير( التنظير الخاص بمعنى النشاط الانسانى ) فى دراسته الشهيرة ( الاخلاق البروتستانية وروح الرأسمالية )
فىدراسته هذه اوضح ويفر ان الشروط المادية لتراكم رأس المال فى مراحله الاولى ( تكنولوجيا , توفر الملاحة النهرية ..الخ )كان غير كافي لتفسير صعود الرأسمالية فى القرنين السادس عشر والسابع عشر فى اوروبا, اذ ان هناك عامل آخر هو الاصلاح الدينى البروتستانى وبالتحديد الكالفانية . فمن وجهة نظر البروتستانت ان اعادة صياغة العالم كما اراد الله هى مسئولية تقع على عاتقهم , ويعتقدون ان الله يمقت المبذرين , وهم يحثون الناس على العمل بنظام وعقلانية فى خدمة الله . ومع ذلك فإن العمل المجٌود والمنظم لا يجبر الإله على ان يكافىء الافراد ( انتقال من يقين كاثوليكى وصكوك غفران الى شك بروتستانى) . وتقول التعاليم البروتستانية بعد ان يفعل الانسان كل ذلك لإرضاء الاله , فإنه ان يكون ( منتخبآ ) ولذلك فإن اتقان العمل والتقشف يعطى اطمئنانآ نفسيآ بالخلاص الابدى. يعنى ذلك ان الانسان سيعمل بإستمرار على ان يكون رأسماليآ فى سلوكه وليس تابعآ لتقاليد اقتصادية. النجاح المادى بهذا المعنى لا قيمة له فى حد ذاته ولذلك يعاد استثمارالارباح وليس استهلاكها لان الاستهلاك ليس من تقاليد تعاليمهم الدينية. ولذلك اعتبر ويفر ان البروتستانية وتداعياتها فى تغيير سلوك الناس كانت عاملآ مهمآ فى صعود الرأسمالية . اضاف ويفر انه بعد ان تأسست الرأسمالية ورسخت اصبح العامل الدينى غير ذو اهمية حيث صار النشاط الاقتصادى ممارسة يومية مستمرة فى حسابات الربح والخسارة الامر الذى سهلٌ ظهور البيروقراطية الرسمية والغقلانية لتطلع بمهام الادارة والانتاج بالشكل الذى نراه اليوم.
نواصل تحت العنوان نفسه

Post: #149
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: معتز تروتسكى
Date: 05-07-2006, 00:45 AM
Parent: #148

Quote: أجزم يقينا بأنه من أقيم البوستات التي قرأتها عبر كل منابر الحوار على النت
واصلوا.

Post: #150
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: HAYDER GASIM
Date: 05-07-2006, 04:28 PM
Parent: #149

الأخ طلعت

لم تخيب ظني فيك ... فظهرت للناس كما أعلمك ... علما وثقافة وتواضع

واصل ... حتى نعيد للمثقف رتقه بمجتمعه ... بعد إنفصام مستطال ... وغربة

كلفت الوطن الكثير ... فقد كانت هذه الشريحة منه هي مدخره للعزة والنهضة

لكنها تاهت فى تضاعيف الذات ... حينما زعمت أن المجتمع السوداني لا يملك

مقدرات فكرية وثقافية وتاريخية وإجتماعية تعينه فى نهضته المرتقبة ...

وراحت تبحث لنا عن ثرات نغرف منه ... ومن ديك وعيك .

أظننا لم نصل إلى بط آناهايم العظيم بعد ... ول كيف


سأعلق ... ريثما تنتهي


شكرا الأخوة نادوس وسيف ومعتز على المرور والتقريظ

فمثل هذا يزيدنا خببا وطحينا .

Post: #151
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: طلعت الطيب
Date: 05-08-2006, 10:42 AM
Parent: #1

الاخ الفاضل: عدلان
الاعزاء قراء البوست
واخص منهم الاخوان نادوس وسيف ومعتز وحيدر
للجميع عاطر التحية
نظرآ لتشابك الموضوعات فقد رأيت تقديم الحلقة الاولى حول المركزية الديمقراطية اليوم ثم اواصل بعدها الحلقتين المتبقيتين من الثقافة (والبط) اعود بعدها لتكملة موضوع المركزية الديمقراطية ( المبدأ التنظيمى الذى تعتمده الاحزاب الشيوعية ) . مستعرضآ نقد المرحوم الخاتم لها من خلال مساهمته (آن اوان التغيير) والتى كانت قد نشرت فى الشيوعى العدد رقم 157 قبل استقالته من الحزب الشيوعى . اعتقد انها مهمة نظرآ لتجربة الرجل الطويلة مع ذلك الحزب. احاول من خلال استعراض آرائه ان اجاوب على سؤال مهم كان قد طرحه السيد كبلو عما اذا كان قد قدم فهمآ مختلفآ عن الخاتم وحيدر؛ وذلك بسؤال عما اذا كان هو ( اى كبلو او ايآ من الشيوعين) قد لامس القضايا الجوهرية التى طرحها المرحوم الخاتم عدلان؟
ثم اختم بإذن الله بملاحظات اعتقد انها هامة حول الحزب الشيوعى السودانى( عدد المساهمات المتبقية خمسة)
اشكر لكم سعة صدوركم

Post: #152
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: عدلان أحمد عبدالعزيز
Date: 05-08-2006, 11:46 AM
Parent: #1

كتب Yaho_Zato:
Quote: أن ماركس وإنجلز لم يعيرا الغيرة الجنسية أهميتها الحقيقية

وكتب طلعت الطيب:
Quote: كان لا بد من وجود تنظير يضع فى اعتباره القيم والمعانى ليجعلها ذات اهمية فى النشاط الاجتماعى
الإقتباسات أعلاه لهـي إشـارات ليست باليسيرة، تقدح، وحتى العظم..، في إدعـاء قدرة المنهج الماركسي الكُلـيّة علي تفسـير الظواهر.

شكـراً طلعت على الإسهـام الفكري المجيد والإضاءات، وفي إنتظار المزيد..

شـكراً نادوس على الطلة المقدرة، والكلمة المشجعة الحافزة، وشكراً صديقي وزميلي سيف الدولة أحمد خليل.. حواراتنا يا سيف تنقطع فقط، لتلتئم في معوقع آخـر، فهي سبيلنا الموصل في بحثنا الأزلي عن الحق، وفي الحق يكمن الجمال، ولكن حيث لا كمال !

أقـدر أمر عنايتك بالبوست يا معتز تروتسكي، أبقى مرابط، وأبقى قريب..

فرحت بتصميمك على المواصلة ياحــيدر قاسم، وأفتقد قصي همـرور كثيراً، أعـرف مقدار أحـزانه والأوقات العصيبة التي يمر بهـا، له العـزاء والسلوى في فقده وربنا يجبر الكـسر..

وليتصل حـوارنا..

Post: #153
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: Bashasha
Date: 05-09-2006, 01:29 AM
Parent: #1

"زويلنا" القارئ!

لو كنت من الاجيال الناشئة، فدي فرصتك عشان ما تتامل ترف اللجاج الفكري، الانصرافي، الانبتاتي، الجهوي، العاشو او عاثو فيهو، اجيال الخمسينات، الستينات، السبعينات، وحتي مشارف الثمانينات.

لاصلة للدرش ده كلو بالسودان او مشاكلو، او ده ماصدفة!

بل ذي الانصراف والتهويم ده، هو السبب كيف مستصغر شرر "تمرد" 54 بق نار، اتت علي الاخضر واليابس كما نعايش جميعنا الان، والجماعة في رغيهم ده ذاتو!

طبعا الجماعة ليهم زمن من ذي متعة اجترار مهضومات الكرشة الاوربية، هذه، اوعشان كده الرفاق متكيفين، يضحكو سن سن!

فناس محمد ابراهيم نقد ذي ماكان بتفرجو زمان، فالرفاق هنا، قاطعين لوج، يمزمزو في "تسالي" الاسامي الاجنبية اوعايشين مع الهندي، من اول او جديد!

عيييييييييييييييييييييييك!!!!!!!!!!!!!

Post: #154
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: طلعت الطيب
Date: 05-10-2006, 10:47 AM
Parent: #1

على قدر أهل العزم تأتى العزائم

إذا كان الحتميةهيكل الاصولية فإن اليقين يعتبر لحمتها وسداها:

أشرت فى المساهمة السابقة إلى أهمية الإصلاح الدينى فىالتراكم الاولى لرأس المال فى اوروبا خلال القرنين السادس عشر والسابع عشر الميلاديين، وقد وجدت الدراسة المذكورة أعلاه إستحسانآ لدى قطاع واسع من قبل المهتمين بالعلوم الإجتماعية فقد اوضحت مثلآ لماذا لم تتمكن فرنسا الكاثوليكية فى عهد لويس الرابع عشر من تراكم رأس المال برغم ثرائها الفاحش نتيجة لإذدهار تجارتها والسبب كان الحروب وترف الطبقة الارستقراطية. قصدت من ذلك توضيح حقيقة أن الماركسية من خلال تعميمها الكاسح للعامل الإقتصادى أغفلت معنى النشاط الانسانى ، فإتسمت بالطابع الجبرى. بينما تأكد حقيقة أن القيم تلعب دور هام فى النشاط الإقتصادى قد أوضحت أن للإنسان هذه الدرجة أو تلك من الخيارات وذلك بحسب مستوى التطور الإقتصادى والإجتماعى.
إن إشكالية الماركسية فى إستخدام بنية المجتمع بشكل أساسى فى تفسير السلوك البشرى( جعل اشكال الوعى بناءآ فوقيآ يشترط أن يعكس الوجود الاجتماعى) وذلك من خلال تعميم قوانين العلوم الطبيعية ، قد قاد الى الايمان المطلق( بالحتمية) و (اليقين) ، اليقين التام بحتمية قيام دولة البروليتاريا على أنقاض الرأسمالية، اليقين العميق بأن التنمية والعدالة الإجتماعية لن تتحق إلا بقيام المجتمع الشيوعى حيث ينعدم إستغلال لاخيه الإنسان ، ما عدا ذلك فهو باطل فالديمقراطية التعدية وحقوق الانسان موروث (برجوازى) لا بأس من الصعود بواسطته الى الساطة من أجل إقامة العدالة والديمقراطية الحقة عن طريق سلطة الطبقة العاملة، لذلك كثيرآ ما يحلوللشيوعيين الترديد بيقين يحسدوا عليه بأن ( القطر ماشى) ويقصدون حتمية الوصول الى محطته الاخيرة حيث المجتمع الشيوعى. ظاهرتى الحتمية ( ظاهرة او حالة فكرية) واليقين ( حالة وجدانية) تقودان الى الأصولية الفكرية وهى الاب الشرعى لبنية تنظيمية عرفت بالمركزية الديمقراطية. فإذا كانت الحركات الإسلامية توصى أفرادها بالطاعة العمياء لأمير الجماعة بأن يكون ( كالميت بين يدى الغاسل ) فإن الأصولية الماركسية تفعل فى جوهرها الشىء نفسه. فما دام هناك يقين وحتميات ( ما فى داعى للاجتهاد) وللأمين العام حق التفكير نيابة عن الآخرين وما عليهم سوى التصفيق والتهليل والترديد ومن ثم التبرير ، فمن القادر على صياغة مثل هذه العلاقة المشوهة سوى المركزية الديمقراطية ( وعلى قدر اهل العزم تأتى العزائم وتأتى على قدر الكرام المكارم).

ثالثآ_ بتطبيقها للمركزية الديمقراطية أحدثت إذدواجية صارت الاحزاب الشيوعية بموجبها وجهآ آخر للنازية:

كان المفكر ماكس ويفر قد وصف البيروقراطية بالعقلانية والدقة والكفاءة مشيرآ الى دورها العظيم فى كل المجالات المدنية والعسكرية ولكن لم يخفى عليه الجانب المظلم فيها وكان شديد التشاؤم من مستقبل تطور الديمقراطية فى المجتمع الرأسمالى بسببها، وقد كان تخوفه هذا بسبب:
اولآ حقيقة ان البرجوازية الحديثة تعتبر منظمات شديدة التأثير والنفوذ وهى مكونة من مسئولين غير منتخبين تركزت فى قبضتهم القوة وبذلك فهم يشكلون تهديدآ مستمرآ على الديمقراطية.
ثانيآ لا يحق للمرؤوس من تحديد اى هدف ولكن عليه فقط ايجاد افضل الطرق للوصول الى الهدف الذى يتم تحديده بواسطة رئيسه وبذلك تعطل لديه النلقائية والابداع ، وحينما يكون نشاط الانسان لا يعبر عن نفسه ( ليس اصالة عن نفسه ولكن نيابة عن رئيسه) يفقد الانسان ثقته بنفسه ، تلك الثقة التى تمنحناذلك الاحساس البطولى. وبذلك تتقلص أحلام الموظف الى الترقى الوظيفى.
ولذلك كانت وما زالت البروقراطية تقوم بإضعاف مناعة المجتمع ضد كل الجرائم التى تتعارض مع الوجدان السليم من فساد ورشوة واستغلال نفوذ وربما حتى القتل. تم قتل اعداد ضخمة من غير المرغوب فيهم سياسيآ خلال حكم النازية فى المانيا وستالين فيما عرف بالإتحاد السوفيتى سابقا وذلك بسبب الرأى السياسى او العرق او الدين وقد كان السؤال المحيٌر هو كيف يقوم آلاف من الرجال والنساء العاديين فى مجتمع متحضٌر، بقتل ملايين الابرياء بما فى ذلك عدد كبير من المعوٌقين والاطفال؟ كان جزء كبير من الاجابة يكمن فى ان آلة القمع النازية جيدة التنظيم بيروقراطيآ وكان الهدف محددسلفآ وهو قتل اكبر عد ممكن من غير المرغوب فيهم ، وقد تمٌ تنفيذ هذه المهام الضخمة والبشعة عن طريق تفكيكها الى مهام صغيرة انيط بكل موظف تنفيذها فى مجاله ، فكان موظف السكة حديد فى موسكو مثلا يقوم بإحصاء الاسماء وضبط مواعيد القطار الذاهب الى جحيم سيبيريا غير مكترث بأن هذه الاسماء كان اصحابها قد ارغموا على ترك اطفالهم والى الابد ليواجهوا الموت البطىء هناك، كذلك كان هناك الموظف الذى يقوم بتحديد الكميات المطلوبة من غاز (زيكلون بى) القاتل لمعسكرات النازية. وكأى بيروقراطية كان هؤلاء مدربين جيدآ على عدم مناقشة الاهداف والاوامروالتى كانت هى القتل ثم القتل فكانت مثلآ اعداد اليهود الذين تمٌ قتلهم قليلآ فى أكثر الاماكن كرهآ لهم (رومانيا) بينما تضاعف اعداد الذين قتلوا فى الاماكن التى يكون فيها الجهاز البيروقراطى جيٌد التنظيم (هولندا).
إن تطبيق المركزية الديمقراطية على المجتمع حيث توجد اصلآ فى الجهاز الادارى البيروقراطى الذى تسوده ( خضوع الهيئات الدنيا للعليا ومنهج نفٌذ ثم ناقش) لهو بمثابة ايجاد اذدواجية لعينة تؤدى لا محالة الى ضياع حقوق المواطن. وبهذه المناسبة قد كان خطأ كبير جدآ من جانب الحركة الشعبية بترك بترول السودان دون مراقبة وفى ايدى تنظيم عقائدى.
للدكتور عبد الله على ابراهيم مقالات فى بوست آخر بعنوان سيرة الشاعر عبد الرحمن شيبون حنجرة الشعب له صلة بموضوعنا . ربما ساعدت التربية الابوية والوصائيةفى البيت والمدرسة ( سياسة شيلو اللحم وادونا العضم) اضافة الى هيمنة الفكر الاصولى بشقيه الماركسى والاسلامى على تقبل اشكال المركزية الديمقراطية دون إلتفات كبيرللتناقض الخاص بتبنى مناهج مجتمع ان تسعى يوميآ الى تغييره تغييرآ جذريآ. وربما كان هذا التناقض غير مبلوع لأصحاب المواهب والقدرات من ذوى الشفافية العالية فكانت محنة وتمرد المرحوم الشاعر صلاح احمد ابراهيم مع الحزب الشيوعى وانشطار الشاعر الشاب محمد عبد الرحمن شيبون.

فى المقابل قام الغرب بمحاصرة البيروقراطية وانحرافاتها بمزيد من الشفافية فأطلق العنان لحرية الصحافة وحرية التعبير واعطى صلاحيات واسعة مثلا للمراجع العام لمراقبة الصرف الحكومى وترك امر توسيع الشفافية لتلامس خلايا المجتمع و وسائل تحقيق هذه الغاية لكل جيل يعالجها وفقآ لما توفر له من وسائل. وأذكر انه اثناء محاولات اقليم كوبيك الفرنسى للانفصال عن كندا بترتيب استفتاء شعبى فى منتصف التسعينات ، قامت الحكومة الفيدرالية بتمويل حملة هدفها دعم الخيار الفيدرالى وتعرية اهداف حزب الانفصالين الكوباكيين. استلمت مؤسسات جزء من ذلك التمويل( عدة ملايين من الدولارات) دون منافسة من آخرين ( دون مناقصة) قد تحدثت الاحزاب المعارضة عن ذلك التجاوز ولم يصدقهم احد( بما فيهم انا) واعتبرت التهم مجرد مكايدات سياسية ، ولكننا صحونا يومآ على تقرير من المراجع العام السيدة( شيلا فريزر) اكدت فيها التهم . وقد كلٌف الامر حزب الليبرال كثيرآ بسب من تورط اثنين من اعضائه مع بعض البيروقراطين فى الفضيحة المالية ، فخسر الحزب الانتخابات بعد ان حكم كندا لاكثر من اثنتى عشر سنة.
واواصل

Post: #155
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: HAYDER GASIM
Date: 05-14-2006, 06:03 PM
Parent: #154

الأخ عدلان ... تحياتي

وكما وعدت القراء ... وبعد إذنك أخ طلعت ...

تأملات فى بعض الحيثيات الماركسية ... لتبيان علاقتها بالعاطفة الجغرافية ...

فهذه العلاقة تختلف عما هو مألوف , وإن إخترت من مكونات الجغرافيا الأرض لأدخل حيث أشرت , فالأرض ماركسيا لا تحمل غير القيمة الإقتصادية التي توفر من خلالها موارد إقتصادية , لتلبية إحتياجات الإنسان , وإلى هنا فربما يبدو الأمر فى عداد الطبيعي , لكن هذا الأمر أعمق مما يتبدي , حيث تتطور عاطفة داخلية بين الإنسان وحيزه الجغرافي , وتختلف هذه العاطفة بإختلاف درجة الإرتباط ومداها , وفوق تعلق الإنسان بحيزه هذا ككيان ضام للأسرة ولعلاقات الدم , فهناك الإرتباط المعنوي بالبناية نفسها , طعمها ونكهتها وتاريخها ورائحة ترابها بالحواس والمذاقات الإنسانية , شئ يعز على الفرد ويتخلل حياته ويستقر فى وجدانه كدالة على أحد مكونات هويته , وهذا الإحساس نفسه هو داعي الإرتباط بالحيز الجغرافي الأوسع , الحلة , المدينة , المنطقة , والقطر ... وهكذا يدلق المرء جزءا من مستودعه الروحي على الأرض , ليس من باب الخسران وكأس الكرام , وإنما من باب الإعتبار المعنوي بالضرورة , فقد تعاظمت قيمة الأرض لدى الإنسان بدفع من هذه الأحاسيس , بالإضاف لقيمتها الإقتصادية كمحور أساسي غير مختلف عليه , ولتبيان موقعها فى خضم مناولات البشر . إرتقت الأرض فى المفهومية التراثية ( على الأقل عندنا ) إلى مصاف عل , فصارت الأرض صنوا للعرض , ولما نعرف قيمة العرض هنا فنكيل نفس المكيال للأرض , إن كنا بغرض إثبات قيمتها المادية والروحية .

مثل هذه الأحاسيس ... تدغمها الماركسية فى حزمة شعورية واحدة لكنها مالئة تضم متعلقات أخرى , كالدين والثقافة والفكر والإنتاج الأدبي والفني ... تسميها البنية الفوقية للمجتمع , تربطها بموقع الروح من إصطفاءآتها النظرية , وهو موقع ثانوي لتأخر الروح عن المادة ماركسيا , وبالمناسبة فالوصف بمصطلح البنية الفوقية هنا , خادع ولا يشي بالإيثار , فقد إحتلت ( البنية التحتية ) مقام الأولوية سلفا لدى الماركسية , وهي ترتبط بالإنتاج والعملية الإنتاجية والقوى المنتجة , وهذا ما أود الناس أن يفهموه على طول عن الماركسية , فهي تتعامل مع الإنسان وكأنه حيوان إقتصادي بحكم الخلق , تسعى لتطويره لحيوان سياسي بحكم الماركسية , فمن واقع بغضاء الماركسية للملكية الفردية , فإن الأرض المملوكة على هذا النحو تعتبر جريرة طبقية , غض النظر عما ينسكب هنا من مشاعر ذات صلة , مع ملاحظة أن كل شاردة تاريخية تتكفلها الماركسية بواردة من عندها , فقالت بأن ( الأرض لمن يقطنها ) ... وإن تجاوزنا عن ( وضع اليد ) هذا كمدخل ثوري للتعبير عن الآلية الماركسية نحو التغيير أيا كان , وغير أنه ينزع الأرض بموجب قراءآت نظرية ماركسية أكثر من المفاعلات القانونية , فهو يعتقل مشاعرنا الإنسانية ( الأرضية ) كذلك , ويحيلها إلى معيبة أخلاقية وفكرية , إن لم تقترن بالأداء الثوري الزاعم للتخلص من الملكية الفردية لكل أمتعة الدنيا الإنتاجية , والقذف بها إلى رصيف الملكية العامة .

فى نزوعها الصوفي تجاه الطبقة العاملة ... فالماركسية تقول بأن ليس للعمال وطن , بمعنى أن كل الدنيا هي وطنهم , ولأجل هذا لا بد وأن تدين لهم كل السلطة وكل السطوة , حتى ينعموا بوطنهم ( كل العالم ) على بساط الثورية والمفاهيم الشيوعية , فقبل ذلك فالأرض عامل إقتصادي طبقي , شأنه شأن عوامل الإنتاج الأخرى , كرأس المال والمواد الخام والقوة العاملة , ولأننا نعيش فى هذه المرحلة الآن فالأرض مغضوب عليها ماركسيا , حتى تتطهر من دنس الرأسمالية وحتى تلاقحها رياح الثورية بإرادة الطبقة العاملة الظافرة , إذن فالعاطفة تجاه الأرض فى الوقت الراهن هي عاطفة ( رجعية ) لا يعتد بها ماركسيا , ما لم تتحول هذه القطعة منها أو تلك إلى بؤرة ثورية , فإن أردنا الحديث عن إمتداد الصحافة مثلا , فلا يستثاق ثوريا إلا عبر دخوله من بوابة ( دائرة الإنتفاضة ) وإنت ماش لى فوق . لقد حدثت تجليات كثيرة تثبت ( غرام ) الثوريين بمشاعية الأرض وأدوات الإنتاج , فقد سمعت ببعض التجار الصغار تبرعوا بحوانيتهم للثورة اليمنية , وهذا ما فتح شهية السلطة الماركسية آنها للتوسع فى عمليات التأميم الإشتراكي , حتى شملت زوارق الأهالي وهي تمخر عباب السواحل اليمنية الماركسية السعيدة , فهذا هو أعلى عمد فى التجلي الثوري على الطريق الماركسية , أن تشاع ملكية الأشياء أو قل تحول لإصول عامة , وبكل ما تكتنزه من قيم مادية ومعنوية وتاريخية .

أعتقد أن التدافع الفكري الماركسي يهزم العاطفة الجغرافية بمقدار إبتعادها عن التساوق الأممي , لأنه يرى فيها عصبيات بغيضة لا مكان لها من الإعراب الماركسي , فالنطاق المحلي بإفرازاته الثقافية هو أضيق حلقة وأبعدها عن الماركسية , يليه النطاق الوطني ثم القومي , وحيث لا ينسجم التوصيف الجغرافي/ الثقافي مع الماركسية إلا فى النطاق الأممي , بإعتبار عالمية الدعوة ووحدة ميدان الصراع ( الطبقي ) , ومن ثم وحدة المصير البشري , وربما تحاكم الماركسية العاطفة الجغرافية , بإعتبار الأخيرة تكرس الإنكفاء المحلى والشعور القومي , وذلك خصما على الإنفتاح الأممي والعاطفة الثورية , وهذا بدوره يخمد بعضا من ألهبة الصراع الطبقي و ( يدجن ) بعض الأحاسيس , فى معركة تراها الماركسية تستدعي كل الحضور المادي والمعنوي لأرتال البشرية أينما كانت , وهذه واحدة من إشكالات الماركسية , إذ إختارت الطريق القصير ( short cut ) , وإستعاضت عن تعقيدات البنى الثقافية والإجتماعية للأقوام البشرية بالعنف الثوري , ولخصت كل التاريخ البشري فى العامل الإقتصادي , وأغفلت ما هو أقوى من الإقتصاد أو أضفت عليه تأويلا إقتصاديا محضا , فالدين لديها حيلة إجتماعية لإستغفال الناس وتأميم عقولهم بغرض إستمرار إستغلالهم , والأسرة حيلة إقطاعية لضمان ( الوريث بالدم ) لحماية المكتسبات الإقتصادية , المتحققة بمفهوم الملكية الفردية لوسائل الإنتاج , و الفن والإبداع الإنساني فى عمومه وخاصته إنعكاس لحالة التداعي الطبقي الإجتماعي , وإن كان التجريد الماركسي يتوغل لهذه الشعاب الأساسية فى حياة الأفراد والمجتمعات الإنسانية , فالعاطفة الجغرافية من نوافل هذا التجريد ... لكن لاحظ كيف يتباعد هذا الوضع مع مسلك الناس فى أزمانهم وأمكنتهم المختلفة , وكيف تنداح مشاعر الناس كما هي وكما ينبغي ان تكون , لأ تعبأ بحاجز الصد الماركسي ولا تتوقف عنده ... وهنا يمكن تقييد مفارقة ماركسية أخرى للواقع ... أو هكذا أتصور ... والله أعلم .

Post: #156
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: طلعت الطيب
Date: 05-16-2006, 10:10 PM
Parent: #155





بط انهايم العظيم


القراء الأعزاء:

اود قبل الاسترسال ان اسجل هذين الإعتذارين
1 –التأخير في إيراد المساهمة لمشاكل فنية (في الكي بورد العربي) و لعل القارئ يكون قد لاحظ الاخطاء في المساهمات السابقة.
2 – اعتذر لمن فهم أن بيت الشعر المذكور في المساهمة السابقة تقليل من شأن احد فهو وصف لحالة فكرية و نفسية ليس إلا. قد يكون لبعض الشيوعين مساهمات هنا و هناك و لكن تبقى الاستراتيجية كما هي و يبقى جوهر النقد قائما.

أهمية العامل الثقافي

تقديم:

قام بوليس محافظة انتاريو في الايام الماضية بمهاجمة مجمع سكني كبير قيد التشيد و ذلك على أثر إحتلال بعض العناصر من السكان الاصليين للقارة الامريكية(يعرفون لدينا بأسم الهنود الحمر) للمبنى إحتجاجا منهم على بيع الأرض لمستثمر من قبل الحكومة الكندية. وقع الحدث في مدينة كلودونيا جنوب هاملتون حيث مازالت مجموعة منهم معتصمة حول الإنشاءات و مازالت الإجتماعات مستمرة بين وفد منهم مع الحكومة لمحاولة إيجاد حل ما. كان للحدث تداعياته حيث قام عدد كبير من قبائل الماهوك بالإعتصام على خط السكة حديدية قرب مدينة مونتريال و كذلك بين تورونتو و آتاوا و تعطلت حركة القطارات لمدة يومين متتاليين.
النزاع حول الأراضي بين حكومات امريكا و كندا و السكان الأصليين(الهنود) هو في الأساس صراع ثقافي حيث تلعب فيه ظاهرة المركزية الثقافيةEthnocentrism العامل الجوهري و الأساسي.
و للمعرفةKnowledge علاقة وثيقة بالقوة، فمثلا يقوم الطبيب النفسي بإستخدام المعلومات التى يجمعهامن المريض و يقوم البيرقراطي بإستخدام المعلومات الإحصائية عن السكان و إستخدامها بشكل فعَال حتى في تحديد سن التقاعد. و إستخدام المعرفة في منح أو حجب الحقوق يعتمد على كيفية معالجة المعلومة في السياق الثقافي. فمثلا لما كانت النزاعات حول الأراضي تفصل داخل المحاكم، و لما كانت المحاكم أو (القانون) يأخذ بالبيانات أو المعلومة المكتوبة أكثر من الشفاهية(يعتقد أن المعلومة المدونة أقل عرضة للتزوير و التشويه) فقد كانت مذكرة مكتشف اوروبي مغمور أفضل في المحكمة من الراوي المعتمد لدى قبائل الهنود و الذي ينقل القصص شفاهة من جيل إلى الأخر بما في ذلك ملكية الأراضي. و بذلك فقد و مازال الهنود مساحات واسعة من الأراضي التي ورثوها أبا عن جد و ربما لآلاف السنين و ذلك بموجب قانون قام تاريخيا على عدم العدالة التى تولدت عن توازن القوى بين المجموعات العرقية أو السكانية، حيث ساد (قانون الرجل الأبيض) و صارت لمعرفته الأولوية بينما تم تهميش أصحاب الأرض و إسكات صوتهم.
عندما تقوم الثقافة المهيمنة لظروف تاريخية، بتجاهل الإقليات الأخرى و نظامها المعرفي و ثقافتها، فإنها تخلق فراغا من عدم المعرفة بالأقليات الإثنية الأخرى ثم تسعى لملأ هذا الفراغ بتصوراتها هي، و التي غالبا ما تكون قائمة على الشك و الخوف و بالتالي تكَون تصورات في أغلبها سالبة، و هنا تقوم المجموعة السائدة بخلق أو بناء ظاهرة ثقافية تعرف(بالآخر المتخيل) Imaginary Other. في كندا و الولايات المتحدة يتم تصوير الهنود بشكل سلبي فمثلا يقوم سكان شمال اونتاريو بكندا بتصوير الشخص الأبيض الممل و الغير جذاب بأنه (لا يجذب انتباه أحد غير الهنود) و يوصف الشخص الغير إجتماعي بأنه مثل الهندي (الأحمر) Going Indian. على أن هناك دوائر اكاديمية مدركة لخطورة الظاهرة فقامت بعض الكليات الرياضية بمحاولة تشكيل إيجابي و تحسين صورة سكان الارض الأصلين لدي الرأي العام بتصويرهم أقوياء و شجعان (أصحاب مروة) و تعبَر فرق رياضية مشهورة عن ذلك مثل الهنود كليفلادCleveland Indians و شجعان اطلنطاAtlanta Braves في رياضة البيسبول، و زعماء كنساسKansas City Chiefs و اصحاب الجلد الأحمر في العاصمة القوميةWashington Red Skins فيما يخص رياضة كرة القدم الأمريكية. و هذه كلها أندية رياضية مشهورة و تبلغ اصولها مئات و ربما آلاف الملايين من الدولارات. نفس هذه الظاهرة لعبت دورآ هامآ فى انفجار الصراع الاثنى بعد انهيار المعسكر الاشتراكى( ترويس الاتحاد السوفييتى وصربنة يوغسلافيا)
و هنا نتساءل عن الظواهر الثقافية السالبة التي افرزتها ثقافة سيطرة وسط السودان على بقية الاثنيات و تداعيات ذلك في حروب مدمرة. ثم نتساءل عن أهمية إعادة تجميع القوى الحديثة لمعالجة مثل هذه الإشكاليات الثقافية بعد أن تبعثرت بعد الأستقلال بين اغلبية صامتة و أقلية طرقت باب الأحزاب الطائفية أو (ترنحت برا و سفينة) بين اليسار و اليمين.

3 - الأحزاب الشيوعية و غياب التحليل الثقافي:

ظلت الأحزاب الشيوعية مدركة لأزمة غياب العامل الثقافي عن مناهجها، فكانت محاولات الايطالي قرامشي، ثم محاولات رد الظاهرة للعامل الطبقي فيما يعرف (بالتحليل الماركسي النهائي) و لكن لأن العامل الثقافي أرتبط دائما بمعالجة الوعي الطبقي البروليتاري(Class for itself) و لانها عوملت كبناء فوقي و ليس كعامل مستقل لا يقل أهمية عن الإقتصادي، فقد تاهت كل تلك المحاولات و لم تحقق أغراضها لأانها إرتبطت أساسا بالمفهوم الطبقي الماركسي، و لم تضع إعتبار للتسلسل الهرمي للقوى الإجتماعية كما ذكرنا سابقا. و قد رأينا في موضوع نزاع الأراضي اعلاه كيف أن العامل الثقافي كان مستقلا بل و انتج العامل الإقتصادي (تحويل ملكية الأرض إلى الدولة) .
و بنفس القدر الذي اهملت فيه الثقافة قامت الدوائر الرجعية و اليمينية المتطرفة بإستخدام الثقافة و قد نجحت في ذلك رغم إهمالها طبعا للعامل الإقتصادي لانها غير معنية أصلا بقضيةالعدالة الإجتماعية، و رغم أن الحديث حول الثقافة و أدواتها شيئ شيق و غني إلا أنني أكتفي بهذا القدر لما له اتصال بجوهر موضوعنا. و لكن تبقت ظاهرة ثقافية لابد من تناولها ادناه.

ظاهرة الربكة الأخلاقية

بما أن الايديولوجية ظاهرة ثقافية بالأساس و هي نظام الأفكار الذي يصف و يوضح خبرات أناس معينين، ليبرر مواقفهم أو ليضع مقترحات بديلة، فقد درج اليمين الأصولي المسيحي و الإسلامي على السواء إلى السعي لخلق ايديولوجيات قائمة على ما يعرف في علم الإجتماع بظاهرة (ابلسة الصراع، نسبة لابليس) و بالتالي وصف المتغيرات الإجتماعية السريعة في المجتمعات الحديثة على انها صراع أساسا بين قوى الشر(يقف من ورائها الشيطان)، و قوى الخير. معروف أن بعض السلوكيات الإجرامية مثل القتل و إختطاف الأطفال و الإعتداءات الجنسية العنيفة تسبب صدمة لدى غالبية الناس، و يحاول الإنسان إيجاد معنى لها و يخافها قبل أن تستفحل و تصيبه و أسرته، و في مثل هذه الاحوال يحدث الإرتباك و يسعى الإنسان لايجاد تفسير أخلاقي بسيط بإهمال معرفته اليومية فيسعى لمن يسمونهم بخبراء الروحانيات في المجتمع (لاحظ اذدياد ظاهرة الفكي منذ إنقلاب الجبهة 1989) و قد قام حسن الترابي بإبتعاث كل من أمين حسن عمر و مهدي إبراهيم للولايات المتحدة لدراسة مثل هذه الآليات الإعلامية و توظيفها في خدمة إعلام التنظيم. و لعلنا نتذكر جيدا ما فعلته جريدتي الراية و الوان بعد الإنتفاضة من تضخيم و إستثمار حادثة إختطاف (أميرة الحكيم) المؤسفة. فقد كان الهدف هو إعادة صياغة الايديولوجية و توظيف للظاهرة الثقافية المذكورة.
ونواصل
تنبيه: سأقوم بتلخيص المساهمات بعد الإنتهاء منها بشكل مبسط في حلقة واحدة حتى يسهل الأمر على من ليس لديهم إهتمام كبير بشأن السياسي.

Post: #157
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: طلعت الطيب
Date: 05-20-2006, 06:27 PM
Parent: #156

في نظرته للمرأة، هل اختلف ماركس كثيرا عن شيخ الوهابية إبن العثيمين في السعودية؟

تقديم:

علاقة الماركسية بالمرأة و نظرتها لها تؤكد ما ذهبت إليه في أن ظاهرة سيادة الإستقطاب الطبقي على الثقافي هي إحدي العيوب الجوهرية في أصول الفكر الماركسي، في موضوع المرأة بالتحديد يتضح هذا الخلل أكثر حيث يصل التحليل الطبقي إلى مائه بالمائه بينما يتم إختزال العامل الثقافي تماما إلى الصفر. يشارك ماركس كل المدارس اليمينية المحافظة بما في ذلك الأصولية الإسلامية المعاصرة، يشاركها في الخلط بين مفهوم الجنس(إي النوع ذكر و أنثى) و مفهوم الجندر Gender، و هذا الخلط الذي يقود إلى إعتبارهما شيئ واحد، هو في إعتقادي سبب الأزمة الفكرية التي ظلت تعاني منها الماركسية فيما يتعلق بالمرأة و هو احد المواقف الفكرية الذي اوردها موارد الهلاك.

موقف مؤسس الماركسية من المرأة

يعتقد ماركس (و كل شيوعي من بعده) أن مسالة إضطهاد المرأة تجد جذورها في المجتمع الطبقي الرأسمالي و أنه لن يتم تحريرها إلا بتدمير هذا المجتمع و إقامة الإشتراكية. بمعنى آخر فانه يرى أن النظام الابويPatriarchy المسؤول عن إضطهاد المراة ماهو إلا نتاج المجتمع الراسمالي و لذلك فقد اعتبرت الثقافة الابوية عاملا ثانويا بينما مجتمع اللاعدالة الطبقي هو الذي يلعب الدور الاولي (يعني ماركس عايز يقنعننا مثلا بانه في المجتمع الإشتراكي لن تسجل حالة عنف واحدة ضد النساء!)
كان ماركس قد اتخذ في كتاباته موقفا مشابها لموقف المدرسة الوظيفية المحافظة Functionalism إذ اعتبر أن الصفات الانثوية للمرأة ذات طبيعة ثابتة فكتب عن المرأة( الأم، و ربة المنزل، و عضو الجنس الضعيف). هذا و قد كانت جلَ كتابات كارل ماركس عن المجتمع الراسمالي موجهة للرجال في الأساس.
اما فريدريك انجلز فقد اوضح في كتابه (أصل العائلة و الملكية الخاصة و الدولة) بان العائلة ظهرت كنواة للمجتمع بظهور الملكية الخاصة حيث للرجال حق التملَك و كسب الرزق اما النساء فإنتاج النسل فقط، و ربط انجاز بين وضع المرأة داخل الاسرة بوضع البروليتاريا في المجتمع الرأسمالي بينما شبه الرجل بالبرجوازية بل وذهب ابعد من ذلك حينما حاول تأكيد هيمنة الرجل تاسيسا على وضعه(الإيجابي) اثناء اللقاء الجنسي!

الجندر مفهوم ثقافي في الاساس

هناك خلط واضح بين مفهوم (الجندر) و مفهوم (الجنس)، بيد انه في علم الإجتماع فأن المفهومين مختلفين تماما. الجنس او النوع يقصد به المعنى البيولوجي للإنسان إي الإختلافات التشريحية و الفيسلوجية المعروفة بين الذكر و الأنثى. اما الجندر فهو المفهوم الإجتماعي الذي يلحق بنوع المولود و هو الدور الذي يرسمه المجتمع لكل من الرجل و المرأة، و هو اما دور ذكوريMasculineأ و انثوى Feminine و يعرف بهوية الجندر، و في المجتمعات المحافظة يرسم المجتمع دور الرجل و الذي يتسم( بالشراسة و القوة و العقلانية مقابل الخضوع و السلبية و العاطفية للمرأة. و مازالت المراة تعاني من هذا التوصيف حتى في المجتمعات المتقدمة و انعكس ذلك في إغلاق كثير من فرص الحياة في وجهها بما في ذلك إنعدام المساواة في الوظائف و الأجور. و قد كان يمكن ان يكون وضع المرأءة اسوأ بكثير لولا نضلات الحركة النسوية المتميزة وتعريتها المستمرة لثقافة المجتمع الابوي البرترياركي في كل المجالات. و لان هوية الجندر Gender Identity ظاهرة ثقافية في الاساس فأنه يمكن تشكيلها و يقوم المجتمع بذلك حسب درجة تطور مفاهيمه و هي قابلة للتغيير(إي إعادة التشكيل) عن طريق ما عرف بالصياغة الإجتماعيةSocialization عملية التعليم و التعلم التي تنهض بها مؤسسات المجتمع(الاسرة، المدرسة، الإعلام، المؤسسات الدينية..الخ) حيث يتم تلقينها للإنسان من المهدالى اللحد. اما محاولات تصوير الهوية الجندرية بانها ذات طبيعة ثابتة كما فعلت الماركسية فليست سوى محاولات لتأبيد تخلف المرأة و إضطهادها.
تجدر الإشارة إلى انه يعود الفضل في انتاج المعرفة الإجتماعية لمفهوم(الصياغة الإجتماعية) إلى مدرسة التفاعل الرمزي Symbolic Interactionism (إذا صحَت الترجمة) فقد اوجدت تركيب و اعادة تركيب الكثير من المفاهيم الإجتماعية، و في موضوع المرأة ترى هذه المدرسة امكانية إعادة بناء هوية الجندر عن طريق استكشاف و تغيير مفاهيم عالمنا الإجتماعي بإستمرار و هو ما عرف في أدبياتها بالتفاوض و اعادة التفاوض مع عالمنا الإجتماعي Negotiation & Renegotiation with the social world ، الأمر الذي بوأها مكانة مرموقة في علم الإجتماع الحديث (آسف علم الإجتماع البروجوازي كما يسميهه البعض،عجبي!)

Post: #158
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: HAYDER GASIM
Date: 05-21-2006, 01:20 AM
Parent: #157

الأخ طلعت

تحياتي ... وأشوافي

دفعت بموجة عالية ... وإذ لا ساحل للمعرفة الإنسانية

فالماركسية لم تكن سوى شبكة كانت تروم إصطياد الساحل

لتبني على رماله جنتها المزعومة ... فخلت الشبكة إلا من

بضع أسماك ... هي الغاية المعهودة فى طبيعة الأحوال ...

ربما تقتضي الفضيلة الماركسية حكما متساويا ... ولا غضاضة

من ثم فى طلوع الصياد وماركس ( حبايب ) ... وإلا فلياجدولنا

عن موضوعية الفرق بين العمل الذهني واليدوي ... حكاية ...


واصل يا حبيب ... فليس للتنوير منتهى كذلك .

Post: #159
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: عدلان أحمد عبدالعزيز
Date: 05-22-2006, 10:09 AM
Parent: #1

الأخ طـلعت الطـيب، سلامـات..

لحــين عــودة مفصلة.. قرأتُ:
Quote: يعتقد ماركس (و كل شيوعي من بعده) أن مسالة إضطهاد المرأة تجد جذورها في المجتمع الطبقي الرأسمالي
بحـسبان أنك تعني: يعتقد ماركس (و كل ماركسي من بعده) أن مسالة إضطهاد المرأة تجد جذورها في المجتمع الطبقي. (بدون كلمة "الرأسمالي"). أرجـو تصحيحي ان كنتُ مخـطئاً، ولك الشكر والتقدير.

عدلان.

Post: #160
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: Sidgi Kaballo
Date: 05-25-2006, 10:59 AM
Parent: #159

ودعونا نعود الى مواصلة مناقشتنا التي توقفنا فيها عندما بدأ الأخ حيدر إبداء ملاحظاته فشغلتنا أمور أخرى. وسننتقل لما طرحه الصديق عدلان:
إذا صح لي أن أعيد بعض ما قاله عدلان بترتيب خاص لأتفقنا على الآتي:
" الهدف المعلن والنهائي للحركة الشيوعية، أحزابها ومنظماتها، هو: تلبية حاجات الفرد المادية والروحية
توصل كارل ماركس الى أن شرور البشرية منبعها الرئيسي التقسيم الطبقي واستغلال الإنسان لأخيه الإنسان.. ودائماً ما تكون الطبقة المــستغِلة (بكسر الغين) هي الأقلية في المجتمع ولكنها تبسط سيطرتها على باقي طبقات المجتمع من خلال أدوات متعددة تشمل ملكية وسائل الإنتاج والتحكم فيها، السيطرة على جهاز الدولة واستخدامه في القمع المباشر أو الناعم، وبناء المنظومات الفكرية و الآيديولوجيات - بما فيها الدين - التي تبرر لهيمنتها وتكرس لسطوتها على كل جوانب الحياة. وللتخلص من شرور البشرية يطرح ماركس مشروعه الضخم الساعي إلي الغاء استغلال الإنسان لأخيه الإنسان، وذلك عبر الغاء الفوارق الطبقية بين البشر واقامة المجتمع الشيوعي، حيث تنتهي الفوارق الطبقية، ويعطي كل فرد حسب طاقته وقدرته لينال حسب حوجته، ولتضمحل أداة السيطرة الطبقية المسماة "الدولة"، ولينتهي التمييز ضد المرأة، والتمييز ضد الأعراق، الخ

لإنجاز المهمة التاريخية في الإنتقال بالبشرية إلى مجتمع العدل الأرضي، رشح كارل ماركس، الطبقة العاملة الصناعية كقائد لتلك المهمة التاريخية بحكم موقعها في العملية الإنتاجية والإستغلال الرأسمالي الواقع عليها، بجانب درجة وعيها التنظيمي العالي بحكم تجمعها بأعداد كبيرة في المنشآت الصناعية، كانت تلك هي الأسباب الرئيسية التي أهلت الطبقة العاملة -عند ماركس- لقيادة الثورة والتغيير نحو المجتمع الشيوعي"
وأظن أن هذا تلخيص واف لأهداف الحركة الشيوعية، ولكنه يحوي في داخله ما يحاول صديقي عدلان أن ينفيه عنها: توصلت لتلك الأهداف لأنها ماركسية، وهي في ذلك لا تتبع إرثا ساكنا، بل منهجا قال عنه عدلان " إلا أن أعظم منجزات ماركس تمثلت في صقله للمنهج الجدلي واستخدامه"، وذلك المنهج هو حلقة الوصل لما حاول عدلان أن يفرز بينهما: النظرية والمدرسة الفكربة (وعله قال مدارس)، لاحظ أن عدلان يقول
"خلّف ماركس اِرثاً مجيداً في علم الإقتصاد السياسي، والتاريخ، والإجتماع .. اِرث ماركس ونظريته في الإقتصاد والتاريخ (النظرية الماركسية) أسسّت لمدرسة فكرية نُسبت له وسميت (الماركسية) ولكن إرث ماركس نفسه (النظرية الماركسية) هو اِرث "ساكن" شأن كل المواريث"
الفكر الذي يؤسس مدرسة (أو مدارس) وفقا لمنهج للتفكير والبحث، لا يغشاه السكون إلا في لحظات جموده وتحنيطه، إلا إذا أصبح لا يأبه بالتطور ولا يساهم فيه، ويمكن الإستشهاد بنصوص كثيرة تثبت أن ذلك هو موقف ماركس وأنجلز ولينين، بل بالنسبة للينين لولا ذلك الموقف لما أستطاع أن يسهم ما أسهم نظريا ولا عمليا بقيادة ثورة في أضعف حلقات الرأسمالية: روسيا القيصرية.
من أين تأتي المشكلة عند عدلان؟ الماركسيون الجدد الذين يأتون بما لم يقله ماركس، أو أحيانا وفقا لعدلان لعكس ما يقوله ماركس! لكن صديقي عدلان لديه الحل بين يديه وهو لا يأبه به فهو:
1- يقول : " لاحظ أننا عندما نتحدث عن الشيوعية فإننا نعني الحركة الشيوعية.. منظمات وأحزاب، وعندما نتحدث عن الماركسية فإننا نقصد النظرية الماركسية، أما الماركسية كمدرسة فكرية، فتلك تحوي اضافات شتى عصية على الحصر، وتتناول قضايا ربما لم يسمع بها كارل ماركس نفسه، مثل السيبرنطيقا، وعلم الجمال، الحداثة، الخ.." والإشكال أن عدلان يفرق بين النظرية الماركسية والماركسية كمدرسة، ولا يقول لنا كيف تصبح مدرسة ما ماركسية؟
2- لو تبعنا إسهامات الصديق عدلان نجد أن ذلك في قوله: " التعميمات النظرية التي خرج بها ماركس والنتائج التي توصل إليها مستخدماً المنهج الجدلي في التحليل، من القوة والسطوع ما مكنها من ترك بصماتها في كل العلوم الإجتماعية تقريباً، بهذا المستوى أو ذاك.. وفي تقديري، ودون التقليل من صحة كثير من النتائج التي توصل إليها ماركس، إلا أن أعظم منجزات ماركس تمثلت في صقله للمنهج الجدلي واستخدامه، أي في السبب لا النتيجة، في الأداة لا في المنتج.. "
3- إذن ترك ماركس: المنهج الجدلي، وبعض التعميمات النظرية التي هي " من القوة والسطوع ما مكنها من ترك بصماتها في كل العلوم الإجتماعية تقريباً،"، ألا يكفي ذلك للماركسيين الجدد ليدعو أنهم ماركسيون، بمفهوم المدرسة الماركسية الذي أعترف عدلان بثرائها وتجاوزها ماركس وهذا هو المعنى الذي عبرت عنه عاليه عندما قلت: " ومن هنا يأتي الحديث عن نظرية للثورة السودانية أو للثورة في أي بلد أو في أي عصر، أو أي مرحلة أو فترة تاريخية، حيث يتم استحداث تلك النظرية من خلال أعمال المنهج ونظرية المعرفة في الواقع من جهة ومن خلال النشاط الثوري وتلخيص التجربة واستخلاص نتائجها من جهة أخرى وهما عمليتان متكاملتان. وهذا يقود إلى القول بتاريخية النظرية وخصوصيتها، مما يجعل هناك دائما ضرورة للالتصاق بالواقع والشعب والعصر والمرحلة والفترة الثورية، أي أهمية نسبية الزمان والمكان والمجتمع في استخلاص نظرية للثورة، و هذا بالضبط ما يجعل كتابات ماركس وانجلز ولينين وأي كتابات أخرى محدودة ونسبية وان أهم ما تحتويه هو منهجها، ولكن مثلما هناك مسائل نسبية فهناك في كل التاريخ البشري التعميمات في العلوم الطبيعية والاجتماعية مثل كروية الأرض وكون أن تحول قوة العمل إلى سلعة هو تعميم للإنتاج السلعي الرأسمالي، إذ أن مثل هذه الأشياء لا تحتاج لإعادة اكتشاف."
4- يطرح عدلان أمام هذا المنطق سؤال: لماذا لايتم فرز ما لماركس لماركس وما للحزب للحزب؟ والإجابة أظنها أبسط مما يتوقع صديقي عدلان: هي الأمانة الفكرية، فعندما تصل لنتائج بمنهج معين فالفضل يعود للمنهج.

Post: #161
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: Sidgi Kaballo
Date: 05-25-2006, 11:01 AM
Parent: #160

إذا كف الصديق عدلان عن النظر للماركسية كنظام فلسفي كامل ومغلق، ونظر لها كنظام فلسفي مفتوح بإعتبار أن البشرية تحل القضايا المطروحة عليها كما قال ماركس في مقدمة مساهمة لنقد الإقتصاد السياسي، واهم ما في النظام الفلسفي المفتوح هو المنهج، فسيجد أن أطروحة مقابلة فشل النظرية أم فشل التطبيق في دراسة أسباب سقوط بعض التجارب الإشتراكية والتجربة السوفيتية بالتحديد هي أطروحة خاطئة من أساسها، لأن النظرية ليست نموذجا يقاس نجاح تطبيقه أو فشله بالبحث عن الفشل بطريقة إما أو هذه. فشل التجربة الإشتراكية يطرح قضايا أكثر تعقيدا، وهي قضايا مركبة نظرية وتطبيقية تتعلق بنظرية الثورة السوفيتية "اللينينية"، وبتطوراتها (أو تدهورها اللاحق!) في الستالينية والصراع بينها والتروتسكية، ورفض أفكار بوخارين ومجزرة اللجنة المركزية في الثلاثينيات وما يدور حولها من صراع نظري وتطبيقي، والصراع بين الفئات الإجتماعية التي نتجت عن تطبيق النموذج السوفيتي، ولإشكالية أن ذلك الصراع يتم في ظروف مصادرة الديقراطية منذ محاولة إغتيال لينين، وفشل محاولات المؤتمر العشرين الإصلاحية وإبعاد خرتشوف وسيطرة الترويكا (بودقورني، كوسيجين وبرزنيف) ثم التخلص من بودقورني وتمركز السلطات في برجنيف، وعدم إكتمال إصلاح أندروبوف (الإشتراكية هي إلغاء إغتراب الإنسان، الملكية العامة لن تساعد في ذلك إلا إذا كانت الدولة ديمقراطية والملكية العامة تدار بشكل ديمقراطي) ومن ثم تسلم قوربتاشوف وحدوث ما حدث! هل يمكن تحليل كل ما حدث بدون منهج ماركس نفسه، بدون النظر آليه كصراع في سياقه التاريخي حيث يكون التنظير والفعل التطبيقي في حالة تواصل، إنقطاع، تكامل وتناقض، يعتمد على مصالح القوى، المسألة إذن ليست فشل النظرية والتطبيق، لأن هناك كما أعترف الصديق عدلان أكثر من ماركسية. ماركوز وآخرون يتحدثون عن ماركسية سوفيتية، وتقريبا ذلك ما قاله غارودي في نموذج وطني للإشتراكية والمنعطف الإشتراكي، وهذا ما جعل تولياتي والحزب الأيطالي يبتعدون بإستقلالية من المركز السوفيتي، وهذا جوهر ما سمي بالشيوعية الأوربية.
5- أجد نفسي في إتفاق كامل مع عدلان عن عدم عقلاتية إرجاع سقوط المشروع الإشتراكي السوفيتي لعوامل خارجية، مهما كانت اهمية تلك العوامل وأشعر بأن عدلان وشخصي يقتربان من فهم مشترك عندما يقول عدلان: ".. هل ما حدث وما يحدث، كان ممكناً بغير واقع الإنحطاط الداخلي الشامل، الذي أصاب تلك المشروعات؟ في الإجابة على ذلك نرجع إلي تحليل ماركس ودراسته لتاريخ التشكيلات الإجتماعية الإقتصادية، والتي شرح فيها كيف أن كل تشكيلة إجتماعية إقتصادية مكتملة النمو، كان تطور القوى المنتجة فيها يصل مستوىً يصبح معه الإستمرار في علاقات الإنتاج السائدة مستحيلاً.. ويكون جنين العلاقات الجديدة قد تخلَّقَ في رحم القديم، حيث لا مناص من الثورة لولادة الجديد وتسيدّه.. كما بيّنَ ماركس أن ذلك التغيير، غير ممكن الحدوث إلا في المجتمعات التي تسنمت فيها قوى الإنتاج ذُرى ناصية التقدم، حيث يغدو العائق في وجه تطورها أكثر، وإلى مستوى أرفع، هو العلاقات الإنتاجية القديمة السائدة.. بالمقابل، وفي تماه مع تحليل ماركس أعلاه، فإن محاولة التدخل الواعي المتعسف لتسريع الولادة قبل إكتمال الخِلقة، وفي غير بيئتها، كما حدث في روسيا القيصرية ولاحقاً شرق أوربا، كان لابد لها من إنتاج ذاك المسخ المشوه، المسمي الكتلة الإشتراكية.

هل من الممكن أن نتصور أنه يمكن، وبفعل خارجي، هزيمة مجتمع تسيدت فيه علاقات الإنتاج الجديدة لتطابق مستوى تطور القوى المنتجة المتطورة والناهضة، هزيمة نهائية؟ تقريباً للصورة نطلق لخيالنا العنان ونتصور أن مستوى تطور القوى المنتجة في أوربا الغربية وأمريكا واليابان وصل مستوىً كان لابد فيه من تغيير علاقات الإنتاج، ولنقل تغييرها إلى علاقات إنتاج إشتراكية، وأن ذلك التغيير قد حدث.. هل يمكن أن نتصور، مهما بلغ بنا الجموح في الخيال، أن هناك قوى خارجية بمقدورها إرجاع العجلة؟ ذلك غير ممكن لسبب بسيط جداً.. مستوى القوى المنتجة خارج مثلث أوربا الغربية وأمريكا واليابان، وجهازها السياسي المعبر عنها، لا يزال ضعيفاً جداً، وسيكون جُلّ همه في تلك اللحظات منصباً في حماية نفسه من رياح التغيير.. ما أود الإشارة له هو أن مشروع إقامة نظام علاقات إنتاج إشتراكية في بلد متخلف، هو مشروع يناقض تحليل ماركس في المقام الأول، قبل أن ننسب أسباب فشله إلى القوى الخارجية.. وبما أننا في السودان وضمن خارطة التشكيلات الإجتماعية التاريخية ومستوى تطور القوى المنتجة القائم، مازالنا نبعد محيطات وصحارى عن ذلك التصور الماركسي للتغيير الشامل، فإننا غير معنيين به في صورته الشاملة تلك، وإن كنا نأخذ الحكمة حتى من أفواه الحالمين، فهي –أي الحكمة- ضالتنا، لكن ماركس ليس نبينا" والطريف في المسألة أن أحد أسباب الخلاف مع نظام مايو، كان إصرار السيوعيين بأن المرحلة هي مرحلة للثورة الوطنية الديمقراطية، بل أم نقاشا ظل يدور داخل الحزب قبل سقوط المعسكر الإشتراكي أن طريق التطور غير الرأسمالي مفهوم مضلل وأن علاقات الإنتاج التي تسود في مرحلة الثورة الوطنية الديمقراطية هي علاقات راسمالية وأن القطاه العام يمثل رأسمالية الدولة الوطنية الديمقراطية. لكن هل كل هذا سبب لفك الإرتباط بين الماركسية والحزب الشيوعي؟ هذا يعيدنا لدعوة عدلان : ما لماركس وما للحزب للحزب، ولكن هل للحزب التوصل لما توصل أليه (حتى لو كان ما توصل إليه في وجهة نظر عدلان غير ماركسي مثل الديمقراطية التعددية) بدون منهج ماركس؟

ويظل إختلاف الرأي حبلا لإستمرار النقاس والود معا.
وسنعود لمناقشة رد الأخ حيدر أبة القاسم قبل أن نتطرق لما كتبه الأخ طلعت الطيب.

Post: #162
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: طلعت الطيب
Date: 05-28-2006, 09:26 AM
Parent: #161

الاخ عدلان تحياتي

لا يهم الفرق بين شيوعي و ماركسي فيما يختص بموضوع المرأة، لكن تظل ملاحظتك دقيقة في إضافة الرأسمالي و قد كانت الطبقي تكفي،و كنت قد اوردت ذلك في عرضي لمجمل آراء انجلز في الموضوع، ربما كان تركيزي على المجتمع الرأسمالي ناتج من اهمية كون معطياته هي التي شكَلت التعميمات الكاسحة و المخلة لماركس حول المستقبل فحدث الترادف.

القراء الاعزاء:

لفت نظري و إندهاشي الشديد في ذات الوقت مساهمة د.صدقي كبلو الاخيرة حينما رفض مساءلة الماركسية على المستويين النظري و العملي التطبيقي و ذلك بحجة انها نظام فلسفي مفتوح و ليس مغلق و ان فشل التجربة الإشتراكية يطرح قضايا اكثر تعقيدا. و قد اضاف هذا الموقف درجة من الغموض هي اقرب الى الاعمال الادبية منها للكتابة الفكرية و السياسية، سيما و اننا كبشر درجنا على تقيم الافكار و التجارب حال فشلها بما إذا كان العيب في الافكار نفسها او ان هناك خطأ في تطبيق تلك الافكار، و لكن يبدو ان الماركسية كانت اكبر من (مواعيننا) فإستعصمت بالبعد عنا (و تعالى ماركس علوا عظيما). و لان إفتراض السيد كبلو غير عملي في الأساس فإنه لم يلتزم به حيث قام بتقديم تقييم لسقوط التجربة السوفيتية وعزى ذلك لسببين:-
السبب الاول هو ان التطبيقات (السوفيتية اللينينية) ثم الستالينية و صراعها مع التروستسكية و رفض افكار بوخارين و مجزرة اللجنة المركزية في الثلاثينيات، حتى خلص إلى ان ذلك الصراع الفكري كان قد تمَ في ظروف مصادرة الديمقراطية منذ محاولة اغتيال لينين ألخ... من اسباب شبيهة.
اما السبب الثاني فيتلخص في ان قيام الثورة البروليتارية في مجتمع متخلف مثل روسيا كان بمثابة تسريع للولادة قبل اكتمال الخلقة، اي قبل التطور الكافي لقوى النتاج . بعبارة اخري(فان ما كان يعرف بالاتحاد السوفيتي العظيم صار الان طفلا مشوها غير مكتمل النمو!)
هذه هى الاسباب التي ساقها السيد كبلو في تعليل انهيار الكتلة الاشتراكية و لنا الملاحظات التالية:-
1 – الاسباب التي ساقها تفيد بان آرائه في مجملها تقول بان الازمة كانت في التطبيق و ذلك مقابل ما نقوله بان الازمة تتعلق بإصول الفكر الماركسي. و ان كان موقف السيد كبلو هذا هو الموقف الغير معلن عنه نظريا و لكنه المتبع عمليا، وعليه أرجو من القارىء أن ينتبه الى هذه الحقيقة الهامة.
2 – في معرض حديثه حول مصادرة الديمقراطية في الحزب الشيوعي السوفيتي وإقصاء آخرين، لم يوضح السبب الحقيقي الذي قاد لغياب الديمقراطية(و هو العادة و ليس الاستثناء) في الاحزاب الشيوعية و ذلك بسبب المبدأ التنظيمي للاحزاب الشيوعية و هو (مبدأ المركزية الديمقراطية) الذي يضع كل السلطات و كل القوة في يد حفنة من الافراد على قيادة اللجنة المركزية للحزب. و هو ما أشار إليه بوضوح المرحوم الخاتم في رائعته(آن آوان التغيير) و التي سوف اتعرض لها في مساهمتي رقم 8، و لذلك قلت في بداية مساهاماتي ان المرحوم الخاتم كان اكثر دقة في تحديد الداء بعكس معظم الشيوعيين الذين لم يلامسوا القضايا الجوهرية التي طرحها.
3 – اشكر للسيد كبلو اهتمامه بالرد على مساهماتي و وعده بذلك، على اني ارجو منه ان يوضح هل ما ساقه من اسباب توضيح لرؤية الحزب الشيوعي و موقفه من اسباب انهيار الكتلة الشرقية في القرن الماضي ام ان هذا التحليل هو رأي شخصي محض؟
في نهاية مساهمته طرح السيد كبلو ما يفيد بانه لولا اهتداء الحزب الشيوعي بالمنهج الماركسي لما كان يمكن له التوصل الى تبني الديمقراطية التعددية في السودان!
حقيقة هذا التعليق ادهشني فهل للدكتور إلقاء مزيد من الضوء حول مقصده!
و اواصل الحلقة الاخيرة من بط انهايم العظيم و الثقافة فيما بعد الحداثة.

Post: #163
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: HAYDER GASIM
Date: 05-28-2006, 07:42 PM
Parent: #162

الأخ صدقي ... وكل متابعي هذا الحوار ... سلام

تعرض الأخ صدقي لمناولة أمر التجربة الماركسية , من زاوية إعتلت خلالها القوى الشيوعية السلطة , وأشار إلى معالم فى طريق التجربة , من محاولة إغتيال لينين إلى البرنامج الإصلاحي لأندروبوف , وصدقي يتعرض لهذه المعالم ليقرن فشل التجربة الإشتراكية بالتطبيق , فى محاولته المستميتة لتبرئة النظرية , لأن المساس بالنظرية ربما يفضي لتخطيئها كليا أو جزئيا , وهذا فى ترادفه مع فشلها على الأرض , فإنه يؤذن بالتغاضي أو الإنصراف عنها , فهذا ما لا يود أن يسمح به صدقي , حتى لا تتداعي الماركسية فى نظره وهي التي تخلق كل معنى حياته , فالحسبة إياها طريق للإنتحار الفكري والمعنوي .

من أكثر نظريات هذا العالم صرامة ووضوحا وتحديدا هي الماركسية , من مصادر تكوينها التاريخي , إلى سبل وأدوات إنفاذها , إلى منتهياتها فى كنف المجتمع الشيوعي , فالسعة الإستيعابية للماركسية موقوفة على ما هو ماركسي فقط , إذ لا تعترف بغير سواها , وقد أحالت كل ما عداها آلى مصاف الأعداء, فى بوتقة جامعة للفكر المناهض لها ولقواه الإجتماعية على حد سواء , ولم تترك مصير هؤلاء للتاريخ أو للحساب الديمقراطي , إنما قالت بإفنائهم ثوريا وقبرهم فى مجرى الصراع الطبقي , حتى يعود المجتمع شيوعيا خالصا خاليا من الطبقات , فأي دعوة أوضح من هذا .

لكني أرى الأخ صدقي يحاول أن يكسب الماركسية مرونة وسعة غير معهودتين فيها , ولأن الماركسية غير ذلك , فهذا ( المط ) يبتذلها ولاشك ويهتك عراها واحدة تلو الأخرى , وتنتهي مهمة الدفاع عن الماركسية على هذه الطريقة إلى مزيد من التمزيق وليس الرتق , فحينما تعلو رايات الديمقراطية على لسان ماركسي , تسقط بالمقابل رايات ماركسية كالصراع الطبقي مثلا , وحينما يعترف الماركسي بالتداول السلمي للسلطة , فإنه يحيل مشروع الثورة إلى طيات التاريخ المأسوف عليه , ويعترف بالمقابل بالوجود المشروعي والموضوعي للطبقات الغير عمالية , بل وحظها فى السلطة والثروة والحياة من قبل , فتعلو حينها قيمة ( السجال الليبرالي ) خصما على الحسم الثوري الماركسي , وحينما يدعي الماركسي حكمة التعامل مع الأديان , فإنه يمحق ركنا أساسيا فى الفلسفة المادية الماركسية , ويترك الرياح تذرو منهاج التحليل المادي للتاريخ وللظواهر ذات الصلة , وحينما يستلف الماركسي من صحائف وتجارب الأعداء , فإنه يعترف بهم أولا وعلى غير الزعم الماركسي , وهو يضيف ثانيا مكونا ( غريبا ) للماركسية , يتفاعل موضوعيا وكيمائيا فى أحشائها , ولن تعود على إثره الماركسية المعهودة وكما قيضيها مؤسسيها وروادها وتاريخها .

كما أرى أخ صدقي يصرف بجزل العبارات والإيحاءآت , والتي من الممكن أن ( توهم ) الأخ عدلان بأن نقده للأزمة الماركسية لابد وأن يكون ماركسيا , علم بذلك أم لم يعلم , فالماركسية هنا هي الخصم والحكم , وهذه حالة عالية من حالات التجلي الماركسي , من الممكن أن يكون الأمر هكذا طالما أنك تنظر إلى الدنيا بمنظار واحد , لكن هذه الفرضية ينقصها عامل هام , هو أن الماركسية تعتبر نفسها خاتمة المذاهب الفكرية , بل أتمها وأصحها , لهذا فهي تستبعد موضوعيا اليوم الذي تمدد فيه على طاولة النقد , ناهيك عن أن يأتي من أهلها وبصميم أدواتها , مع هذا ففى هذا الكون متسع لمعيارة غير ماركسية , حيث أرى التاريخ يحكم على الماركسية كنافلة لم تعمر إلا قليلا , وعبر تجربة عملية فظة أحالها إلى مجرى التاريخ ( الإستثنائي ) . يمكن تحليل الواقع بمعطيات الواقع وأدواته , ويمكن الإستعانة هنا بثمة العصر وهو يتدافع فى إتجاه الديمقراطية وينسج على نول الليبرالية مستقبله المنظور , يمكن للمرء أن يكتفي بالملاحظة غض النظر عن إرتكاناتها ومآلاتها الآيدولوجية , يمكن كذلك النظر للواقع من خلال التجربة , فإعتراض أهل الإتحاد السوفيتي وشرق أوربا على الشيوعية جاء من واقع تجربة حرية بالإعتبار , وأحاسيس الأخ عدلان حول مفارقة الماركسية للواقع تشايعه تجربة السودان فى مضمارها الثقافي وتراكيبها النفسية , كما تؤآزره تجربة أخرى فى نطاق العالم ( الرأسمالي ) الموعود بالإفناء ماركسيا , وهكذا أرى أكثر من خيار لتفسير ظاهرة إغتراب الماركسية عن الواقع , لكن عدلان أجدر بالدفاع عن نفسه وآرائه , رغم أني أعتقد أن الأخ صدقي لم يزده إلا حيرة , ولم يبتعه إلا أواخير ماركسية بوار .

نعم ... أستغرب مع الأخ طلعت حول الإتحاد السوفيتي ( العظيم ) وهو يحال هكذا لمصحة الأطفال المشوهين , ألم تكن تلك هي التجربة التي بنت عليها الأحزاب الشيوعية كل مجدها الغابر , ألم تكن موسكو هي قبلة الأنظار وموطئ الجباه الشيوعية , ألم يرد شيوعيو العالم منتوجهم الفكري والدعائي من هناك , ألم يصطف الجل الشيوعي معهم فى صراع القبائل الشيوعية , فصاروا بلاشفة بطبيعة الأحوال السوفيتية , وضد الماوية ( الشيوعية ) وفى محط السخرية من الشيوعية الأوربية لطبيعة ذات الحال ؟ ولم جوزيف إستالين على وجه التحديد بينما كل القيد شيوعي , وهل كان لينين ديمقراطيا لإستمطار إستالين بالديكتاتورية , وهل كان ماركس ديمقراطيا لإستفلاح خصب شيوعي ليبرالي ؟ وإن كانت اللهفة الثورية تزين الباطل , وتوهمنا أن الشيوعية أبقى من سواها , وأن السوفيتي أسيد للمستقبل من الأمريكي , وأن الديمقراطية الشعبية ( سليلة الصراع الطبقي ) أفضل من الديمقراطية الليبرالية , فإن إنهارت كل هذه الدعاوى بين يوم وليلة , وإن قام بإشعال فتيلة هذا الإنهيار المحكومين شيوعيا وسدنة الشيوعية ( الطبقة العاملة ) , فماذا يتبقى للآخرين غير جزاف القول وسفسطائيته , وإن كان فى الأمر إستدعاء أخلاقي للإعتراف , حيث يقوم هنا مقام الفضيلة , فلم لا يقولون أن التجربة إستنفذت أغراضها لأن ما بني على باطل فهو باطل بالضرورة , أما الذي لا يتوخى أخ صدقي الإعتراف به هو ديكتاتورية الماركسية فى مبتدئها النظري , وليس فقط فى خبر من رعوا شأنها على الأرض , وهنا ترتد كرة الحوار الفكري إلى حيث لا يريد صدقي ... فالخطأ فى النظرية قبل التطبيق ... إيه رأيكم ... ؟

Post: #164
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: Sidgi Kaballo
Date: 05-28-2006, 08:10 PM
Parent: #163

كنت، عندما قرأت مداخلة طلعت أعلاه،مشغول بإستكمال مناقشتي لحيدر، قلت أتوقف وأوضح ما قصدت، فإذا بالأخ حيدر يرسل مداخلة جديدة، مما دفعني لطلب تأجيل الرد على طلعت في أسئلته الأخيرة حتى أنتهي من مناقشاتي لأفكار حيدر وأفكاره. وإلى ذلك الحين فأنا أدعوهما والقراء لإعادة قراءة مساهمتي في مناقشة عدلان خاصة هذا الجزء:
" فشل التجربة الإشتراكية يطرح قضايا أكثر تعقيدا، وهي قضايا مركبة نظرية وتطبيقية تتعلق بنظرية الثورة السوفيتية "اللينينية"، وبتطوراتها (أو تدهورها اللاحق!) في الستالينية والصراع بينها والتروتسكية، ورفض أفكار بوخارين ومجزرة اللجنة المركزية في الثلاثينيات وما يدور حولها من صراع نظري وتطبيقي، والصراع بين الفئات الإجتماعية التي نتجت عن تطبيق النموذج السوفيتي، ولإشكالية أن ذلك الصراع يتم في ظروف مصادرة الديقراطية منذ محاولة إغتيال لينين، وفشل محاولات المؤتمر العشرين الإصلاحية وإبعاد خرتشوف وسيطرة الترويكا (بودقورني، كوسيجين وبرزنيف) ثم التخلص من بودقورني وتمركز السلطات في برجنيف، وعدم إكتمال إصلاح أندروبوف (الإشتراكية هي إلغاء إغتراب الإنسان، الملكية العامة لن تساعد في ذلك إلا إذا كانت الدولة ديمقراطية والملكية العامة تدار بشكل ديمقراطي) ومن ثم تسلم قوربتاشوف وحدوث ما حدث! هل يمكن تحليل كل ما حدث بدون منهج ماركس نفسه، بدون النظر آليه كصراع في سياقه التاريخي حيث يكون التنظير والفعل التطبيقي في حالة تواصل، إنقطاع، تكامل وتناقض، يعتمد على مصالح القوى، المسألة إذن ليست فشل النظرية والتطبيق، لأن هناك كما أعترف الصديق عدلان أكثر من ماركسية. ماركوز وآخرون يتحدثون عن ماركسية سوفيتية، وتقريبا ذلك ما قاله غارودي في نموذج وطني للإشتراكية والمنعطف الإشتراكي، وهذا ما جعل تولياتي والحزب الأيطالي يبتعدون بإستقلالية من المركز السوفيتي، وهذا جوهر ما سمي بالشيوعية الأوربية."

Post: #165
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: عدلان أحمد عبدالعزيز
Date: 05-28-2006, 09:31 PM
Parent: #1

الأخ حيدر، تحـيات طيبات..

من موقعي المهني (كأستاذ!)، أدعــوك ودونما (أستاذية!) أن تحسن الظن في قدراتنا الذهنية والفكرية وفي تجربتنا السياسية.. فقد سآني إيحائك الوارد في مكتوبك: "كما أرى أخ صدقي يصرف بجزل العبارات والإيحاءآت , والتي من الممكن أن ( توهم ) الأخ عدلان بأن نقده للأزمة الماركسية لابد وأن يكون ماركسيا " فالحوار مع الأخ صدقي، وفي أحيان كثيرة من الضفة الفكرية المخالفة، لم يبتدئ في صالون منزل الأخ الرشيد سعيد في إمتداد الدرجة الثانية العام 1986 عندما كان الأخ صدقي يطرح للنقاش قضايا الإقتصاد السوداني.. كما أن إختلافاتنا لم تفصح عن نفسها بصفتها السافرة فقط في الحوار الذي نظمه التحالف الديمقراطي في ولاية فرجينيا في يوليو 2003 عند زيارة الأخ صـدقي للولايات المتحدة..، ولما لم أستكمل حواري مع الخ صدقي آنئذ..ٍ، فقـد نشرت نقدي لأطروحاته في الصحيفة الإلكترونية "سـودانايل" في يوليو 2003، وكانت مقالتي فيها.. تحمل الصفات الجنينية لفكرتي الرئيسية المعبر عنها في هذا البوست.. بعدها إمتد النقاش ساخناً إلى ساحات قائمة "الإيميل قروب" المسماة درب الإنتفاضة، وهاهـو السجال مع أفكار صدقي يتواصل، وأظن أن كلانا قد وصل إلى فهم أكثر قرباً للآخر..

الأخ حــيدر.. بعد أن أقررت بأن "عدلان أجدر بالدفاع عن نفسه وآرائه" عدت وتراجعت بسرعة عما أقررته، وذلك في "أعتقد أن الأخ صدقي لم يزده إلا حيرة ".. كل ذلك مما قد يصيبنا، إذ لولا حيرتنا وتوهماتنا، لما أجهدنا عقلنا بحثاً عن يقين وتحقيقاً لحق.. من خلال سردك يا أخ حيدر، عرفت أنك قد عملت في التعليم الحزبي.. أي أنك كنت أستاذاً لفترة ما، وفي تقديري أن الأســاتذة هم أبعد ما يكون عن روح الأستاذية.. وقد كتبت مستهلاً خطابي هنا أنه من موقعي المهني كأستاذ، وكنت أعنيه حرفياً لأنني حقيقة عملت كأستاذ "حرفياً" في كل المراحل التعليمية تقريباً، في مدرسة العشش الإبتدائية معاوناً لشقيقتي الكبرى مديرة المدرسة، وفي تأهيل المعلمين في بخت الرضا، وفيما يشبه التوجيه للمدارس المتوسطة خلال فترة عملي في معاهد التأهيل التربوي أثناء الخدمة، وفي الخرطوم الثانوية الجديدة بنات، وفي عبدالله بن رواحة الثانوية بنين (الخرطوم جنوب المسائية سابقاً) وفي كلية الأحفاد الجامعية كلية علم النفس ورياض الأطفال، وفي جامعة ميريلاند درّستُ الجبرا والفيزياء للبرالمة، وستة سنوات متواصلة في تدريس أطفال السودانيين في مدارس الأحد في ميريلاند، كما مثلك تماما درّستُ في مدارس التعليم الحزبي.. ومع كل تلك التجربة، أحرص حرصاً شديداً عن النأي بنفسي عن ممارسة دور وصائوي أو أسـتاذوي، وأرجو أن تكون أنت كذلك، ورغم بعض شعور الإستياء الذي قد يصيبنا، وقـد يكون ناجماً عن سـوء فهم، إلا أنني أرجو تأكيد رغبتي في مواصلة الحوار وفي إستمرارك فيه كطرف نكن له الإحترام..،

ولكـم أجمعين، الود جميعه..

عدلان.

Post: #166
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: HAYDER GASIM
Date: 05-28-2006, 09:58 PM
Parent: #165

الأخ صدقي ... تحياتي

أعتني بالحوار معك ... فربما فى الأفق سبيل تسعى عليه الحقائق , وإن لم يكن كذلك فليكن الرضى مثابا ...
الحوار هنا ربما لا يحتمل التنظيم بطبيعة هذا الصحن الإسفيري ( الرأسمالي ) العجيب ... لكن ليبقى الود ويتصل الحوار .

أخي عدلان ... لم أقصد ما أتيت ... ولا يقلل من إحترامي لك إيراد إسمك فى ثنيات حوار أنت مجترحه , فأن أزعم بأن الأخ صدقي ( يوهمك ) فليس بالضرورة تساوقك مع إفتراضي ... وبالتالي فأنت فى حل إلى حين إشعار آمل ألا يحل .

مع جزيل شكري

Post: #167
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: Sidgi Kaballo
Date: 05-31-2006, 04:08 PM
Parent: #166

في الرد على الأخ حيدر
(1)
مقدمة لا بد منها:
1- في الحلقة السابعة من مقالاته وضمن حديث الأخ حيدر عن معرفته للماركسية قدم سردا لتاريخه النضالي في صفوف الحركة الديمقراطية والحزب الشيوعي، وذلك نضال نعرف جزءا منه معرفة شخصية ونعرف أجزاء أخرى من زملاء وأصدقاء لحيدر ما زالوا يكنون له ودا كثيرا ولم يذكرهم ضمن قائمة شهود لم يكن محتاجا لها، فدوره في الحركة الثورية نقابيا وعضو جبهة ديمقراطية وشيوعيا هو دور مقدر ولا يلغيه، وقد أصبح تاريخا، تغيير موقفه.
2- أنا لا أملك حق أو قدرة إقالة شخص من دائرة معارف أي شئ، كل ما هناك، انني أناقش ما طرحه حيدر من فكر بإعتباره ماركسي، وأقول له أن تلك ليست ماركسيتي وأدعي أنها ليست ماركسية ماركس الموجودة في الكتب، بل أني أقول أن الأخ حيدر قد فعل خيرا بنفسه والآخرين بالتخلي عن تلك الماركسية. فالماركسية بالنسبة لي ليست دينا أو عقيدة، هي منهج للتفكير، ليست نموذجا أو قالبا اصب فيه الواقع، إنما منهجا لدراسة الواقع وفهمه وصياغة نظرية لتغييره، تلك النظرية بالنسبة لي هي النظرية الثورية، وليست النموذج السوفيتي او الصيني او الكوبي او الناصري او البعثي. وقد وجهت أسئلة محددة للأخ حيدر فيما كتب فأنا لا أعلم خبايا النفوس، وجميل أن يرد الأخ حيدر على أسئلتي المحددة، ورغم أنه ذهب لمناقشة قضايا جديدة ولا أمانع أن نناقش تلك القضايا ولكن مقتضيات الحوار تتطلب أن يرد على ما طرحت من أسئلة.
3- الأخ حيدر خلال المناقشة زعم أنني قلت أشياء لم أقلها وأورد عبارات خارج موقعها في النص مقتطعا لها عن معناها كما يفهم من مجمل النص. وسأورد أمثلة: أورد حيدر " ألا حركة ثورية بدون نظرية ثورية" مقتطعا لها من ورودها في مداخلتي عند مناقشة الفرق بيت الماركسية والتجريبية فقلت " أي أن العلاقة بين النظرية والتجربة هي علاقة تبادل في الاغتناء والإثراء، أي لمزيد من المعرفة التي تقود لمزيد من النشاط الخلاق، لا لمجرد تفسير وفهم العالم وإنما لتغييره. ومن هنا تنبع صحة المقولة اللينينية ""لا توجد حركة ثورية بدون نظرية ثورية" (لينين، ما العمل، ط البنجوين 1988 ، ص 40)" ومثال آخر يقول حيدر: " , فهو لا يزال يتداول بأريحية مصطلحات ماركسية غابرة , مثل الإقتصاد المبتذل نكاية بالإقتصاد البرجوازي أو الرأسمالي" والقارئ لمساهمتي أعلاه يجد موقف نقدي من التداول الأريحي (لوحاولنا متابعة لغة حيدر) فمثلا الفقرة التي ورد فيها الإشارة لتعبير ماركس قلت فيها " ويمكن القول أن ظاهرة تعدد العلوم الاجتماعية (علم اقتصاد، علم سياسة، علم اجتماع الخ) وفروعها الدقيقة الأخرى هي نتاج طبيعي لتقسيم العمل في المجتمعات الصناعية الجديدة، وكان ماركس قد أطلق على علم الاقتصاد البرجوازي الكلاسيكي الجديد عند نشأته اسم الاقتصاد المبتذل. وقد أدى ذلك لتعامل أعداد كبيرة من الماركسيين مع مجموعة العلوم الاقتصادية البرجوازية بنظرة أحادية، فلم يروا فيها غير تبرير أسلوب الإنتاج الرأسمالي. ولكن رغم أهمية هذا الانتقاد ذي المحتوى التاريخي، فان من الضروري النظر إلى ما هو علمي في هذه العلوم لان مهمتها ليست فقط التبرير بل السعي للإدارة الكفؤة للاقتصاد الرأسمالي وللحفاظ عليه ولإصلاحه، وكل ذلك بهدف تحقيق أقصى معدل للربح من خلال رفع درجة معدل الاستغلال. ولكي تحقق تلك العلوم هذا الهدف فإنها تقوم بتطوير معارف تقنية هامة في مجال الإدارة والمحاسبة ودراسة وبحوث الأسواق والعمليات الإنتاجية والتبادلية واتجاهات المستهلكين ... الخ. كما أنها تطور أدوات للسياسات الاقتصادية والمالية التي تساعد في توجيه النشاط الاقتصادي بشقيه الإنتاجي والاستهلاكي وتستنبط أساليب لإعادة توزيع الدخول والاستثمارات والتراكم تعمل من خلال التحكم على تأثيرات قانون القيمة. وهكذا ايضا تحاول العلوم الاجتماعية الأخرى في ظل الرأسمالية أن تقوم بالدور المزدوج في تبرير أسلوب الإنتاج الرأسمالي والعلاقات الاجتماعية (بما في ذلك العلاقات السياسية والقانونية) وتعمل على تأسيس وصيانة هجمنة الرأسمالية وحل تناقض فئاتها وتقليل حدة الصراع الطبقي وطمس معالمه، وفي نفس الوقت تسعى لحل تناقضات النظام الرأسمالي الثانوية وتحسين إدارته ورفع كفاءته لضمان استمراره وصيانته ولتحقيق أعلى معدلات الربح والتراكم. والعلوم البرجوازية تقوم بدورها هذا ليس فقط تحت ظل هيمنة البرجوازية، بل ايضا تحت تأثير الصراع الطبقي والتطور العلمي والتقني لوسائل الإنتاج. وكلاهما يؤثر بشكل مباشر وغير مباشر في منحى ومنهج ونتائج هذه العلوم.
· والعلوم الاجتماعية البرجوازية في أداء مهمتها هذه تنتج علما وأيديولوجية وعلى البشرية التقدمية أن تحتفظ بالعلم وتطوره وترسل الأيديولوجيا إلى متاحف التاريخ، وهذا يتطلب من الماركسيين أن يتحزموا بالمعرفة عند نقدهم للعلوم الاجتماعية البرجوازية إذ لا ينفع النقد العام باعتبارها أيديولوجيا فقط. وهذا يكتسب أهمية خاصة في البلدان التي لا تواجه للتو مهام التحول الاشتراكي والتي سيظل أسلوب الإنتاج الرأسمالي سائدا بها أثناء مرحلة الثورة الوطنية الديمقراطية، عندما تكون المهمة التي تواجه الثوريين هي: كيف يديرون نظاما رأسماليا بكفاءة في سبيل تطوير القوى المنتجة وإحداث تنمية متوازنة ومتسارعة؟ وكيف يحققون نظاما لتوزيع الدخول والخدمات الاجتماعية أكثر عدلا؟ كما يمثل ذلك ضرورة في فترات الانتقال للاشتراكية حيث تتعدد أشكال ملكية وسائل الإنتاج. وفي هذا المجال كان للحزب الشيوعي السوداني إسهاما كبيرا خاصة خلال الديمقراطية الثالثة." وفي تقديري أن الهدف من النتاقشة ليس هو تسجيل نقاط ضد المناقش بقدر ما هو توضيح نقاط الحلاف والإتفاق والحجج والحجج المقابلة، لهذا لم يكن معقولا أن يتجاوز حيدر كل نقدي لمن يرون الأيديولوجي في علم الإقتصاد البرجوازي ولا يروا العلم. ولنأخذ مثال آخر : يقول الأخ حيدر " وصدقي كذلك يدعو الماركسية للكف عن ترديد مقولاتها التاريخية عن الإمبريالية والإحتكارات , فيما يشي بلا جدوى هذا السلاح , وإن كانت هذه دعوة موضوعية" وقارن ذلك بما قلته فعلا ". وهكذا يصبح تطور الاقتصاد السياسي كعلم لا يعتمد فقط على ترديد المقولات التي أكتشفها ماركس حول أسلوب الإنتاج الرأسمالي، أو لينين وروزا لوكسمبريغ وهيلفردينغ عن الإمبريالية والاحتكارات، وإنما بالمعرفة الدقيقة للرأسمالية المعاصرة وكيفية تطورها وعملها والطبقات والفئات الطبقية الموجودة في مجتمعاتها والعلاقات التي تسود بينها وأيديولوجياتها وأشكالها التنظيمية الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، والصراع الطبقي وأشكال تجليه وكيفية إدارته وتنظيمه." فهي دعوة للدراسة الفاحصة للواقع الملموس، الواقع المتغير. أما من ناحية لغة فكيف جاز لحيدر أن يتجاوز كلمة "فقط"؟
ولكن لنعد لما قاله حيدر بتفصيل غير مخل.

Post: #168
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: Sidgi Kaballo
Date: 06-01-2006, 12:46 PM
Parent: #167

2-
أبدأ بحديث حيدر تعليقا على ما ذكرت عن عدم وجود مساهمات من شيوعيين، فقال: ", لأن هذا أمر غير مطروق وغير عادي لديكم , وذلك لأسباب تاريخية تتعلق بطبيعة التربية الشيوعية داخل حزبكم , والتي ( غالبا ) ما تربط المبادرة بالقيادة ... ولية العقل الجمعي الشيوعي , وإن لا تعود من ثم مبادرة مبادرة , وإنما أقرب للموجهات , فعلى هذا النسق يتربى العضو الشيوعي , دائما فى إنتظار شئ من عل ." وأظن هناك شقين للمسألة: الأول هو تقليد الثقافة والحوار الشفاهي والذي يسيطر على معظم المتعلمين السودانيين، إن الكثيرين منا يفضلون الكلام بدلا من الكتابة، وليس لذلك علاقة مباشرة بالتربية الحزبية والتي عكسا لما تقول تشجع الكتابة والنقاش المكتوب وتدعو للإسهام في الشيوعي والطريق والمنظم وغيرها من المجلات الداخلية، أما الشق الثاني فهي الخلطة بين سلبيات الفهم الستاليني للديمقراطية المركزية وإرث المجتمع الأبوي السوداني بشكل عام (والإسلام عربي على وجه الخصوص)، في أن يبحث الشخص له عن كبير أو شيخ. أتفق معك تماما أن الحزب، رغم جهده في وثائق نيرة مثل "إصلاح الخطأ" ودورة يونيو 1975 عن فرع الحزب، لم يستطع أن يفجر مبادرات الأعضاء (طبعا هذا تعميم هناك إستثناءات، بعضها أعرفع مثل مبادرة طلائع الشفيع في بورتسودان في السبعينات، ومبادرة بيت المال بإكتشاف شكل التحالف الدينقراطي في الأحياء بعد الإنتفاضة في 1975). وأتفق معك أن المناقشة العامة بشكلها الذي فتحت به عبرت عن فوضى تنظيمية، ولكن لا أرى ما علاقة كل ذلك ونشاطي الشخصي في مناقشة الناس في المنابر العامة، أولا أنا أقوم بذلك وفقا لقناعاتي، وأدعو الناس إلى ما أراه صحيحا، ولا أمثل في ذلك أي هيئة حزبية، فأنا الآن عضو حزب فقط وليس عضوا في أي هيئة قيادية حزبية، لا في الداخل ولا في الخارج. وقد ناقشت خلال وجودي في الخارج أفراد مختلفين، بعضهم كانوا أعضاء في الحزب وتركوه، وبعضهم ما وال عضوا في الحزب، وبعضا لم يكن عضوا في الحزب، وقد فعلت ذلك بإستقامة، ودون إسفاف وبإحترام لمن أحاوره، وأنا لا أحمل جزرة ولا قطعة بنجر، وفي كثير من الأحيان يكون الهدف توضيح نقاض الخلاف والإتفاق مع محاوري بشكل واضح، لأن ذلك يدعو للتأمل وتقليب وجهة نظر الآخر والنظر لحججه. الحوار لا يقصد "مسح الأرض بالآخر" فنحن لن نقنع من نحب، علينا فقط طرح ما نراه مقنعا!
ثانيأ: أود أن أشكرك لإقتطاعك جزءا من وقتك لتوضح لي لم أخذت مسهامتكفي بوست وراق ذلك المنحى، وبالطبع هذا خلاف في التقدير بيني وبينك، وهو حلاف مشروع.
ثالثا: أشكر لك تنبيهي بإقامتي "بأريحية" في الغرب، وويمكنني أن أقول ردا "أظن ذلك من لغة الحوار الديمقراطي، الذي تعلمته في كندا!" ولكن هذا لا يليق بمتحاورين في مثل وضعنا، وعلى أي حال إذا كان ذلك بسبب الحديث عن العداء للشيوعية فقد أوضحت أنت موقفك " عموما ليس بيني وبين الشيوعية عداء , وإنما إختلاف مشروع" وأنا سعيد بذلك.
ثالثا مرحب بنقدك من أي مواقع أنت بها، ونحن نعرفك ولا نشك لحظة في إخلاصك للوطن ولقضية الديمقراطية ولو تفرقت بنا الطرق، والتي ستجمعنا ذات يوم حتى ولو إستمر الخلاف الفركي بيننا.
رابعا: فيما يتعلق بمصادر الماركسية، فأرجو أن لا تأخذ المناقشة في المسألة بشكل شخصي. ما قلته أنت مطابق لرأي لينين (وخليك من حكاية "رب الكفر" فهي خارج النص كما يقولون في المسرح)، وما قلته أنا (وبالمناسبة قلته حتى في مدارس المرشحين التي درست أنا فيها) أن كتيب لينين تبسيطي، وبالمناسبة ليس هذا هو الكتاب التبسيطي الوحيد للينين فلديه محاضرة قدمها للطلاب في جامعة سفيردلوف عن "الدولة"، هي تبسيطية الأخرى ولا يمكن مقارنتها مع "الدولة في الثورة"، وطبعا لديه كتب في قمة العمل الأكاديمي والبحثي مثل "تطور الرأسمالية في روسيا القيصرية" و"المادية والنقد التجريبي" وتعتبر ملاحظاته أثناء قراءاته للكتب الفلسفية مثل كتاب المنطق للفيلسوف الألماني العظيم هيجل، من أعمق التعليقات الماركسية حول الكتاب، وقد نشرت تحت غسم الدفاتر الفلسفية وهي تمثل المجلد 38 من أعماله الكاملة كما نشرتها دار النشر باللغات الأجنبية في مطلع الستينات وأعاد نشرها لورنس آند ويشارت في لندن. حديثي عن أنجلز قديم أيضا وقد قلت به في سجن بورتسودان في تعليق على محاضرة للراحل الخاتم عن ماركس. وهو ببساطة معتمد على "الأيديولجيا الألمانية" و "ضد دوهرينغ" وبعض الكتيبات التي أخرجت منهما مثل "فورباخ ونهاية الفلسفة الكلاسيكية الألمانية" و "إشتراكية علمية وإشتراكية طوباوية". القصد من حديثي هو توضيح أن مسألة مصادر الماركسية أكثر تعقيدا مما يقول به لينين، وخاصة مسألة الأصول الفلسفية. وبالمناسبة حتى في الأصول للفكر الإقتصادي لماركس، لو تابعت ماركس في "نظريات فائض القيمة" وفي المخطوطات، تجد أن ماركس يحتفي بالمدرسة الفرنسية المسمى الفيزوكراتس" ومفكرهم الأساسي "كوينزي" صاحب الجداول المشهورة بإسمه. وهذا يعني أن أرجاع أصول إقتصاد ماركس للإقتصاد الكلاسيكي الإنجليزي هو تبسيط، رغم أنه أقل خللا من مسألة الفلسفة. فالمسألة ليس كما أوضحت محاولة للتقليل منك (وبدون زعل دي الحتة الوحيدة اللي ما فيها صراع معاك في ماركسيتك!)


خامسا: تقول " فأولا... أرى أن الذي يدافع عن الماركسية فى هذا الأوان وبعد كل الذي حدث , لهو ( جرئ ) دون شك , و لعله بهذا يبعث برسالة مؤداها , إن إحتملت على عصبي وقفاي كل مرارات وأثقال الإنهيار , وما أزال حي يرزق , فلماذا أترك الماركسية من بعد , بل وكيف ولماذا , هذه الرسالة تعبر عن أصالة هذا الموقف ومن يقف خلفه بلا شك , لكنها كذلك موصولة لدعاة و مترقبي التغيير داخل الحزب الشيوعي السوداني ... أو هكذا أفهمها , وأظن أن فحواها معلوم"، فبدون التوقف عن مسألة عصبي وقفاي: لماذا لا تصدق أنني ماركسي، ولماذا تتوقع أن يكون كل رد فعل الماركسيين مثل رد فعلك، فيا أخي لك رد فعلك ولنا ردود أفعالنا، وليطرح كل منا قكره. طبعا فيم يتعلق بالتغيير في الحزب الشيوعي فالمواقف مختلفة حوله وهذا البوست وغيره هو نقاش حول أي إتجاه يؤخذ التغيير، ولا أدري ماذا فهمت، ولكني أسهل عليك والآخرين المسألة بأن أعلن أن موقفي أن يتمسك الحزب الشيوعي بالمنهج الماركسي. موقفي مما حدث أوضحته في صيف 1991 عندما كتبت موسم الهجرة لليمين في مناقشة أفكار الزميل فيصل، ثم تبعت ذلك بمناقشة بعض أفكار الدكتور فاروق محمد إبراهيم، وختمت ذلك بمناقشة ورقة آن أوان التغيير للراحل الخاتم، ثم نشرت مقالاتي عن نظرية الثورة السودانية.

سادسا تثير قضية منهجية هامة عندما تتعرض لقضايا 1) المتاقشة النظرية 2) إستعمال المقتطفات 3) الماركسية ما بعد ماركس أ) النظرية ب) تجارب الماركسيين والتي يمكن إستخلاص تعميمات منها. وهذه جميعا قضايا تحتاج لرد تفصيلي، ولكني خوفا من الإطالة أوجز: 1) طبيعة المواضيع المطروحة للمناقشة وطبيعة المتناقشين تحدد مستوى المناقشة، فالمسألة يا صديقي ليست محاولة مني مقصودة للإستعراض النظري أو جعل النقاش معلقا، المسألة مرتبطة بأنني أناقش مثقفين قرأوا الماركسية أو يقولون ذلك ويقدمون مفاهيم يقولون أنها ماركسية لنقدها، أزاء ذلك لا بد لي من عرض ما أراه أنا مفاهيم ماركسية وأن أنقد ما نسب للماركسية، المستوى النظري فرضته طبيعة المناقشة. 2) أما عن إستعمال المفتطفات، فذلك تقليد أكاديمي، قلا يمكن أن تناقش أفكار شحص دون أن تأتي بما قاله، إن مجرد الأتيان بمقتطف لا يشكل حجة مقنعة إلا في مجال التوثيق أو إثبات قول أو فكرة لصاحبها، ولكن الإستدلال قد يقوي الحجة في حالة أن المستدل به حجة في ذلك المجال، وطبعا ماركس وأنجلز ولينين حجة في الماركسية. 3) اما الماركسية بعد ماركس وأنجلز فلها إمتدادات مظرية كثيرة من لينين إلى هبرماس، وكما قال عدلان بحق "، أما الماركسية كمدرسة فكرية، فتلك تحوي اضافات شتى عصية على الحصر، وتتناول قضايا ربما لم يسمع بها كارل ماركس نفسه، مثل السيبرنطيقا، وعلم الجمال، الحداثة، الخ.." كما أن تجارب الشيوعيين والماركسيين غنية، ولكن كانت لدي مشكلة مع الكتاب الروس الذين جعلوا من أنفسهم منظرين لحركة الثورة العالمية. ومثل صديقي الأستاذ حمزة زروق فأنا أعتقد أن السوفييت في فترة الستالينية كفوا عن التنظير الماركسي وأصبحوا برجماتيين. أما قولك عن خطابي الماركسي وقدمه، فهذا أيضا تفرضه طبيعة المناقشة، ولكني في غير هذه المناقشة مشغول بقضايا العولمة والثورة التكنلوجية والتطور الطبقي في السودان، وقضايا التغيير الديمقراطي وبرامجه. ودائما أحكي عن عبد الخالق الحكاية التالية التي ترد في مذكراتي:
" أذكر أن الجبهة النقابية بالسكة حديد بالخرطوم قد دعت عبد الخالق محجوب لإلقاء محاضرة عن الإشتراكية العلمية، فذهبت لحضور المحاضرة وكان عبد الخالق مدهشا كعادته قادرا على مخاطبة الطبقة العاملة في قضاياها وفي عقر دارها وقال أنه لن يحدثهم عن مبادئ الإشتراكية العلمية فتلك موجودة في الكتب (التي كانت متوفرة في المكتبات) ولكنه سيحدثهم عن كيفية أستلهم الشيوعيون السودانيون تلك المبادئ لدراسة الواقع السوداني وتنظيم الطبقة العاملة وإستلهام نظرية وبرنامج للثورة في السودان."
يا صديقي نحن أبناء العصر وننشغل بقضاياه والتي من ضمنها مناقشتكم كما قال الحلاج عندما سأله أحد القضاة "هل تشغلك الدنيا" فقال "هآنذا مشغول بها أرد على أسئلتكم"
سابعا: أراك تعارض بين شعار ", ألا حركة ثورية بدون نظرية ثورية" وشعار " ألا حركة ديمقراطية بدون منهج ديمقراطي" و الشعاران صحيحان و لا أحسب أن هناك تعارضا بينهما ويعتمدان على السياق الذي ورد كل منهما ضمنه، بل أزيدك شعارا جديدا "لا إشتراكية بدون ديمقراطية" والأخير درس عميق تعلمناه من تجربتنا الخاصة في السودان وتجارب حركة التحرر الوطني العربي والأفريقية وتجارب الإشتراكية السوفيتية وشرق أوربا. ونحن نتحدث عن الديمقراطية كحقوق سياسية وحقوق انسان في المجتمع وفي التنظيم.


Post: #169
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: Altayib Bader
Date: 06-01-2006, 04:06 PM
Parent: #168

إضاءات في نقد الماركسية (1)


الماركسية نظرية ام نشاط خلاق؟

للأخ صاحب البوست :- الاستاذ عدلان، الاستاذ حيدر ابو القاسم، الاستاذ د.صدقي كبلو، الاستاذ قصي همرور و الاخ طلعت و بقية العقد الفريد
التحايا العطرة
في البدء اقترح اخوتي لهذا البوست الرفيع في مناولاته الفكرية لنقد الماركسية الاستمرار.. دون الوقوع في مزالق المنبر السياسي و تبريراته للتصور الفكري..إذ ان هذا الانزلاق يؤدي احيانا الى خلط المنابر(الفكري و السياسي) و هي الحالة التي اطلق عليها الاستاذ قصي همرور(ذر الرماد في العيون)زز فيصبح الموقف السياسي تبريرا و مسوغا مقبولا نوعا ما .. و مخرجا من ازمة فكرية..كان الاجدر تناولها في إطارها الفكري لإضاءتها و سبر اغوارها و مديَاتها.. لتعم الفائدة..و يذهب الزبد جفاء.. و يبقى ما ينفع الناس.
فقد تناول البوست حوار رائعا.. و متجددا في نقد النظرية الماركسية.. كواحدة من اهم نظريات مدرسة الصراع Conflict Theory و برغم توافر النقد و التحليل الاكاديمي لاصول (اساسيات) و فروع هذه النظرية الماركسية في مباحث المعرفة الانسانية (الفلسفة، الاجتماع.. الاجتماع النفسيPsychco-socialogy ،الاقتصاد)إلا ان صاحب البوست اراد لهذه المعرفة النقدية ان تجد طريقهاالى اورقة (المناقشة العامة) ان(وجدت بهذا التصور الليبرالي)..لفك طوق العزلةالاجتماعية و الغربة الفكرية التي طال زمنها.. و قد القي بحجر في هذه ((البركة الساكنة)) و ما يضفي على هذا الحوار اهمية.. ليس فقط تناول المعرفة النقدية للنظرية الماركسية.. التي توافرت.. و توافرت في زماننا هذا بتطور المعرفة نفسها و ادواتها.. فلم تعد المعرفة ((ملكية خاصة)) او ثقافة انتجتها الطبقة((الرأسمالية)) المهيمنة – كما جاء في فكر كارل ماركس – لتغيب "الوعي الطبقي" للطبقة العاملة.. كما لم تعد "طلاسم" تجترع مناهج فلسفية عصية على الفهم.. تغذي منهج "الحشو الفكري" في خلايا او حلقات المرشحين لعضوية الحزب الشيوعي..بل اصبحت المعرفة "ملكية عامة" دون ان تتاثر سلبا ضرورات التخصص العلمي و الاكاديمي بهذا التوافر المعرفي..انما تعلو اهمية هذا الحوار الفكري بالدرجة الاولى لكشف سر تمسك"قيادات" الحزب الشيوعي السوداني بالمنهج الماركسي..كمنهج اوحيد لفهم الظواهر الاجتماعية.. برغم هذا التطور الهائل للمعارف الانسانية و تطبيقاتها العملية(هذا التطور الذي وصفته دراسة تحليلية بمنظمة العلوم و الثقافة – الامم المتحدة – بان الانجاز المعرفي للانسانية في الثلاثة عقود الاخيرة(30 سنة) من عمر التجربة الانسانية يضاهي او يفوق ما انجزته المعرفة لكامل التاريخ البشري!)
جاء هذا التمسك من خلال تاكيدات السكرتير العام للحزب الاستاذ نقد بأن(حزبه اشتراكي ماركسي).. و يبدو الموقف اكثر و ضوحا في مداخلات الاستاذ/صدقي كبلو في هذا الحوار الفكري.. متخذا موقفا كاثوليكيا تفوق فيه على البابا نفسه..في دفوعاته(المستحيلة)عن نظرية كارل ماركس كنظرية شاملة للحياة..تماما كما اراد لها صاحبها منذ قرون خلت – معبرا عن ذهنية" ماضوية".. لا تعترف بان للحقيقة اوجه متعددة..مؤكدا على ان عقابيل هذه النظرية"الشمولية" مازالت تشكل عائقا منيعا ضبابا كثيفا – الرؤية قاصرة عن إدراك كل هذا الزخم و الكم المعرفي الانساني الهائل في عالمنا المعاصر و تطبيقاته الملموسةTANGIBLE ،و الذي تلألأت قمة من قممه في منظور فكري يرى الحياة في حالة تفاوض و إعادة تفاوضLIFE IS NEGOTIATION AND RE-NEGOTIATION
و لعل سر تمسك هذه"القيادات" بالنظرية الماركسية و استدعائها "للمنهج الماركسي لفهم الواقع السوداني" – كما ذكر د. صدقي كبلو ينسجم و يتناغم مع سقف الإدعاء الفكري العالي للمنهج الماركسي بقدرته الغير منظورة في إمتلاك ناصية الوعي الشامل لحركة التاريخ – و تلك لعمري – آفة الماركسية – تماما كما هي آفة الحزب و قياداته.. هذه النظرية"البوصلة" لفهم الواقع.. و ضعت حركة الحزب في مسارمحدد "بشموليتها".. خصما على المبادرة المدنية، فالنظرية الماركسية بهذا الفهم اغفلت الدوافع الإنسانية للفردSubjective Perspectives بل ذهب كارل ماركس من خلال منهجه النقدي لهذه الدوافع الذاتية الى "الناس مقيدون" بالواقع الإجتماعي و ليسوا هم "الناس" الذين يصنعون هذا الواقع. برغم توفر الاستعداد لديهم لتغيير هذا الواقع و لكن؟ فقد تم خداعهم و تغيب وعيهم و تم استغلالهم و فقدوا القدرة في التحكم في مصائرهمPeople are constrained by and NOT makers of social reality. But could be free if some one(Social scientist) would reveals to them their oppression. People have potential but they are deceived and exploited and have lost control over their destiny
و استطاع كارل ماركس من خلال نظريته الماركسية كشف اسباب( الاضطهاد الطبقي) و بالتالي ساعدت الناس (الطبقة العاملة) في استعادت (وعيها) لترى الطريق الصحيح لتحسين حياتها. مركزة على نموذج الاستعداد للتغيير، و عموما فقد استطاع كارل ماركس كعالم إجتماع و إقتصاد(Socioeconomic) رؤية و معرفة القوة المتسلطة و مقدراتها.. و المصادر التى تحكمت عليها.. معتبرا القوة الإقتصادية و المصادر(الثروات) هي القوة الرئيسية التي تؤثر على كل اوجه الحياة.
لا شك بأن النظرية الماركسية - و إن اعتمدت على تغليب المنظور الموضوعي على الذاتيObjective Perspective لفهم الواقع الاجتماعي كما فعلت النظرية الوظيفية(Functionalism ).. و التي يرفضها الماركسيون(جملة و تفصيلا) لطبيعتها المحافظة..بل و يبررون رفضهم هذا إستنادا على الفهم الماركسي للثقافة كمعرفة انتجتها الطبقة الرأسمالية للمحافظة على وضع اللاصراع و تغييب وعي الناس (الطبقة العاملة) بالاستغلال و الظلم الاجتماعي الواقع عليها.. و في ذلك خطل واضح.. لا تخطئه العين..إلا ان النظريةالماركسية و بقية مدارس (نظرية الصراع) تعبر عن معرفة نالت حظا وافر من التميز في القاء الضوء و فهم مشكلات المجتمع و اسباب و ظروف الظلم الإجتماعي التي تمارسها الفئات المتسلطة بإمتلاكها لاسباب القوة و الثورة بيد أن المنظور الماركسي لكارل ماركس نفسه و انتاجه لهذه النظرية الماركسية جاء نتيجة دوافع ذاتية اسفرت عن انتاج هذه" المعرفة" كما دلت على ان كارل ماركس حرَم على الناس ما حله لنفسه.. بل و ذهب الى (إدعائه بإمتلاكه ناصية الوعي الشامل لحركة التاريخ)..إذ استطاع اكتشاف و تعرية التناقضات و معرفة قوانين الصراع مما جعل الماركسيون اليوم يقفون على ارضية ادعاء عال و لسان حالهم يقول بإمتلاكنا لهذه النظرية الثورية(الآن.. نحن ندرك ما كان و ما هو كائن و ما سيكون) و لم يبقي لنا سوى إضفاء البعد "الثوري" لهذه المفاهيم و الافكار و تحويلها الى "طاقة" لاحداث التغيير، و الذي اصتلحوا عليه طاقة خلاقة!PRAXIS
و اظن الدكتور/ صدقي..قد استدعى هذا التصور الماركسي تجاه المعرفة و ضرورة "تثويرها" و "تأطيرها" بهذه "النظرية الثورية".. و تحويلها- اي الافكار و المعرفة – إلى نشاط خلاق.
فإذا ارجعنا هذا التصور الماركسي للمعرفة و الافكارالى سياقه و ظرفه التاريخي.. لادركنا ان هذا التصور..لا علاقة له بمصطلح "النشاط الخلاق" للفرد.. إذ اشترط كارل ماركس ضرورة توَفر "النظرية الثورية" القادرة على تحويل هذه و المفاهيم و الافكار الى طاقة(نشاط خلاق)و هذا ينسجم مع اهتمامه بتحليل البناء الاجتماعي للمجتمع و المجموعات و تداخلاتها و اغفاله للفرد و دوره و دوافعه الذاتية و خياراته الحرَة –
و قد اجمعت نظريات اجتماعية معاصرة و منها نظرية التفاعل الرمزي و رائدها الفيلسوف و عالم الاجتماع و السايكولوجي – جورج هيربرت مييد(G.H. MEAD 1863-1931 Symbolic Interactionsim على ان دور النشاط الخلاق في بناء عالم الفرد(الانسان) ليس نتيجة "لتثوير" المفاهيم..و اطيرها بنظرية ثورية كالنظرية الماركسية التي ترى الفرد كعنصرفي جدول الدورة الكميائى ييتفاعل وفق مسار ثابت و محدد..بل هو نتيجة للدوافع الذاتية للفرد و تفاعلاتها الموضوعية.. و قدراته و إرادته و خياراته الحرَة.
وقد لا يختلف اثنانان دور النشاط الخلاق للافراد و المجتماعات البشرية من بناء عالم الفرد(الإنسان) و خاصة في التاريخ المعاصر و الذي ذخر بكل هذا الانجاز العلمي و التقني و الحضاري و لم تتوَفر له"نظرية ثورية" كالنظرية الماركسية كشرط لازم لبلوغه.. بل توافرت له الدوافع الذاتية للفرد.. و القدرات على القيام بخياراته الحرَة..مما يؤكد ان فعل الانسان له دوافع داخلية و ليس بسبب ام اسباب خارجية(موضوعية) (People act from internal reasons rather than external causes)
و اخال مناولات الاستاذ/حيدر ابو القاسم قد اضاءت هذا الفهم بامثلة حية..فلم يكن بل غيتBill Gate)) ماركسيا يتأبط نظرية ثورية حتى تتحول افكاره الى "طاقة خلاقة" كما لم يرفع المهاتما (غاندي) "الراية الحمراء" معلما لهذا النشاط الانساني الخلاق حتى يبلغ مدياتهابانجاز الاستقلال و السلام و العدل الاجتماعي. و اظن ان هذا المنظور الماركسي للنشاط الخلاق.. هو الذي دفع الاستاذ/عبد الخالق محجوب في دراسته (لو لم أكن شيوعيا ماذا أكون؟) لتبني ذات الموقف إذ قال:ـ ’’إن أفكار المهاتما غاندي و سعد زغلول رواد حركات التحرر الوطني لم تجذبه لانها تفتقر "للنظريةالثورية" كشرط لتحولها إلى طاقة خلاقة. فليس عيبا .. و لا مستغربا ان يجد الاستاذ عبد الخالق (رحمه الله)..بذكائه المتقد.. و قدراته المتميزة و (دوافعه الذاتية) و حماس الشباب في الفكر الماركسي.. و فعله الثوري "متأججا على موقد ساخن" فكرا جذابا و (عقيدة ثورية) تعانق عنفوان الشباب (الثائر) الطامح و جامح للتغيير "الثوري"..و قد عبر عن هذه (الحالة) الشاب كارل ماركس نفسه حين قال: ـ كنت أراقب مشهد العمال العائدون من المصانع و العرق يتصبب من جبينهم.. كأنه النبل يشع من اجسادهم.
و لا غرو أن صدحت شاعرية حميد:
و إيد العامل هي البنتج مو المكنات الامريكية
و يعَبر الاستاذ عبد الخالق محجوب.. في نفس الدراسة عن سر توجهه الماركسي فيقول: ـ ’’ و كشخص و ضعته ظروف الحياة لا كزارع او صاحب املاك ـ بل كمتعلم نال بعض التعليم المدرسي، كان لابد لي كغيري أن اقوم بجهد لانال من الثقافة ماينفعني في تطوير فكري و توسيعه.. و لم اكن اهدف إلى اي ثقافة، و لكن الثقافة التي تعطي تفكيرا غير مضطرب او متناقض للظواهر الطبيعية و الاجتماعية..إن النظرية الماركسية تمتاز بالتناسق و لاول مرة تضع قيما عالية للادب و التاريخ و الفن و الفلسفة مما كنا نعتقد ايام الدراسة انها بطبيعتها لا يمكن ان تكون لها قيم و إلا فقدت طبيعتها. و اني كفرد يحاول تثقيف نفسه و جدت في النظرية الماركسية خير ثقافة و انقى فكرة ثقافة نقية غير مضطربة تفتح العقل و تقدم البشرية الى الامام في مدارج الحضارة و المدنية’’
فلعل القارئ يدرك هذا السقف العالي (للادعاء) الفكري الذي اصبح آفة لازمت معتنقي الفكر الماركسي، فالثقافة الماركسية في نظرهم خير ثقافة.. و انقى فكرة لا يأتيها الباطل من بين يديها و لا من خلفها، بل هي "المنهج التحليلي" "غير المضطرب" او المتناقض للظواهر و الطبيعية الاجتماعية.. و تمتاز "بالتناسق" بل و لاول مرة تضع" قيما عالية" للفن و الادب و التاريخ و الفلسفة.. اي تمنحها الطاقة الخلاقةPRAXIS






Post: #170
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: Yaho_Zato
Date: 06-04-2006, 07:20 AM
Parent: #169

أعزائي جميعا.. لكم التحايا والأشواق..

بعد انقطاع طال عن القراءة المتأنية في هذا المنبر، عدت بالأمس لأعوض، في قعدة واحدة، ما فاتني من تواصل الحوار في هذا الخيط "وافر الظلال الفكرية"، كما قلنا عنه قبل اليوم..

تحيتي وسعادتي بمشاركات الجميع هنا، وفيها من شحذ الفكر وقوة الكلمة ما فيها.. بالإضافة إلى تحايا خاصة لصاحب الخيط عدلان، وحيدر قاسم، وصدقي كبلو، وطلعت الطيب، والطيب بدر (أو لعله "بادر"، مع المعذرة)، دون ذكر ألقاب مستحقة، ودون تجاهل لمداخلات الآخرين اللطيفة أيضا..

وبعد، ورغم أن الحديث ذو شجون، ورغبة العودة إلى اتصال الكتابة كبيرة، إلا أني سأحاول الآن الحديث عن نقطة واحدة، أعتقد أن تناولها سيعود على الحوار هنا بإضافة لا بأس بها..

تتعلق هذه النقطة بالتجربة السوفيتية وعلاقتها بالنظرية الماركسية، بصورة عامة..

علاقة التطبيق بالنظرية المستلمهة هي علاقة ذات اشكالية مستمرة عبر التاريخ، ومن هنا فإن للماركسيين طرفا من الحق حين يتحدثون عن أن ما فشلت فيه التجربة السوفيتية لا يعني بالضرورة فشل النظرية الماركسية.. هذا من أجل إنصاف الخصم الفكري، ولو أننا نرى أن الماركسية (النظرية) تحمل عوامل فشلها في داخلها منذ البداية، وقبل الشروع في أي تطبيق.. غير أني اليوم أريد أن أنظر لهذه النقطة من زاوية مختلفة بعض الشيء، وهي عن الدين الذي تدينه النظرية الماركسية للتجربة التطبيقية السوفيتية..

في بداية نشاطهم السياسي، وقبل أن يتربعوا على كراسي الحكم في روسيا، كان ماركسيو روسيا يقومون - ضمن مجموعة من نشاطاتهم السياسية - بالكتابة من المنافي، الاختيارية والجبرية، وكانت العملية التنظيرية عندهم جارية على قدم وساق من أجل مقاربة الماركسية لواقع روسيا، "أضعف حلقات الرأسمالية" كما ورد في تعبير موفق للدكتور صدقي كبلو هنا.. وقد كان ضمن هؤلاء الماركسيين (ليون تروتسكي).. تروتسكي كان قد شرع في بدايات انتاجه الفكري إلى بناء نظرية "الثورة الدائمة" أو "الثورة المستمرة" (Permanent Rovolution)، وهي تتعلق بنوع الثورة المطلوبة بالنسبة للدول التي لم تصل فيها الرأسمالية لمرحلة مناسبة تهيء لولادة الثورة الاشتراكية فيها.. ودون الإسهاب في تفاصيل هذه النظرية، ومراحل تطورها عند تروتسكي، وانعكاساتها على الحركة الماركسية الروسية وعلى قياداتها من أمثال لينين، وحتى تاريخ الاختلاف السياسي الذي كان منذ بداياته بين لينين وتروتسكي.. دون الإسهاب في مثل هذه التفاصيل الآن، أنتقل للعبرة من هذه القصة، مع العلم أن مشاركة تروتسكي هذه لها مثيلاتها من جانب بقية القيادات الفكرية والسياسية الماركسية لروسيا (كلينين وستالين)، في ذلك الوقت وبعده..

العبرة من هذه القراءة التاريخية العاجلة هي أن ماركسيي روسيا كانوا على وعي كبير بوضع روسيا الذي لم يكن يشبه الوضع الذي ترى الماركسية ضرورته لبداية ثورة اشتراكية في دولة ما، ولكنهم، ورغم ذلك، أعملوا فكرهم في دلالات الماركسية وأهدافها، نظريا، ليصلوا لصيغة عملية تمكنهم من إنزال الفكرة لأرض الواقع.. ونحن اليوم حين يتحدث بعضنا عن أن فشل التجربة السوفيتية قد يعود لعدم التوافق مع النظرية الماركسية، لا بد أن ندرك أن الماركسيين الروسيين لم يكونوا غافلين عن مثل هذه النقطة، ولكنهم، وبصورة عملية، سعوا لإيجاد حل لها.. خصوصا قياداتهم الفكرية، أمثال لينين وتروتسكي (وهما شخصان، رغم اتفاقهما في الكثير ومشاركتهما لبعضهما في درب طويل، إلا أنهما كانا مستقلين فكريا عن بعضهما بشكل كبير، وكلاهما يختلفان كثيرا عن ستالين، الذي له ميزاته المستقلة أيضا)..

وعليه، فإن للتجربة السوفيتية دينا في عنق الماركسية، كما أن العكس صحيح! إذ أن التجربة السوفيتية هي التجربة الوحيدة التاريخية التي استظلت بظلال الماركسية وحققت بها انجازات سياسية واقتصادية لم يستطعها أي نظام دولة ماركسي آخر.. كما أنها هي أيضا (التجربة السوفيتية) من ساعدت الحركات الماركسية في معظم أقطار المعمورة على النهوض الممكن، فكريا وعمليا، في بيئاتها المختلفة.. ببساطة، لولا التجربة السوفيتية لكانت الماركسية إلى اليوم تنتمي أكثر للنظريات المثالية العاجزة عن التطبيق، ولكان من الصعب وصف ماركس بالفيلسوف العملي (وهو فعلا كذلك)، طالما لم تجد نظريته وتنبؤاته أي أثر - ولو كان مشوها، في ظن البعض - على أرض الواقع..

لن يقدح فشل التجربة السوفيتية في أنها كانت أكثر تجربة استطاعت إنزال الماركسية إلى أرض الواقع إلى اليوم، ولن يستطيع الماركسيون اليوم أن يتبرأوا من التجربة السوفيتية (سواءا من انجازاتها أو من أخطائها)، بل وإن من الإنصاف للتجربة السوفيتية أن نقول أن فشلها في عدة نواح إنما كان بسبب إخلاصها الزائد للأيديولوجيا الماركسية على حساب شواهد واقعية كان يمكن أن تعي منها أن النظرية الماركسية نفسها تحتاج لإعادة نظر.. والمنهج المادي الديالكتيكي نفسه، حين تطبيقه على القراءة التاريخية للتجربة السوفيتية، سيقف إلى جانب التجربة السوفيتية من حيث أنها أعطت الماركسية (النظرية) بعدا ووزنا ما كان ليكون لها لولا تلك التجربة، بإنجازاتها وإخفاقاتها..

بالطبع يبقى هناك مجال من التناول التاريخي الذي قد يبرئ الماركسية من بعض أخطاء التجربة السوفيتية، كما يبقى هناك مجال من التناول الذي قد يبرئ بعض النجاحات السوفيتية من فضل النظرية الماركسية عليها.. غير أن الخلاصة من مثل هذه القراءة التاريخية تظهر في كون أن تبرئة النظريات من التجارب العملية التي استلهمتها، بإخلاص، لن يكون إلا في غير مصلحة النظريات، إذ أن ذلك يضفي عليها (على النظريات) صفة المثالية والعجز عن خلق انعكاسات عملية، وليس هذا من مصلحة أي نظرية.. أنا لا أقول بأني رأيت أحدا هنا حاول أن يبرئ الماركسية تماما من التجربة الشيوعية، وتناولي لهذه النقطة لا أقصد به نقد محاور معين في هذا الخيط، فأنا لا أرى أن صدقي كبلو، مثلا، قد حاول تبرئة الماركسية تماما من التجربة الشيوعية، رغم تحفظي الواضح على الصورة التي أراد تصويرها عن علاقة الماركسية بالتجربة السوفيتية..

وفي تبسيط أكثر، نضع تساؤلا كالأتي: إذا كانت التجربة السوفيتية، بكل تأثيرها على السياسة الأرضية لمجتمعاتنا المعاصرة، لم تكن ممثلة صحيحة للماركسية، فماذا بقي للماركسيين من التاريخ ليستدلوا به على أن الماركسية ليست مجرد فكرة مثالية عاجزة عن التطبيق، وليست، كغيرها من النظريات الفلسفية التي عفا عنها الدهر، تقطن صفحات الكتب لا أكثر؟

هذا، وبعد كل هذا، أحب أن أشير إلى أهمية التناول للأخطاء الفلسفية النظرية الفادحة للماركسية منذ بدايتها، في تفسير علاقة الفرد والمجتمع، وعلاقة الوعي الإنساني ببيئته، والقوانين الطبيعية المتشكلة مسبقا لتلك العلاقات.. فمشكلة الماركسية الأٍساسية، قبل مشاكل التطبيق، تكمن في فشلها النظري عن تصوير معنى منسجم للوجود بكافة تجلياته، وقد تم تناول الكثير من هذه المشكلة النظرية عند الماركسية في هذا الخيط، وبواسطة أقلام عدة..

ومحبتي للجميع..

Post: #171
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: Sidgi Kaballo
Date: 06-04-2006, 06:38 PM
Parent: #170

العزيز قصي
مرحب بعودتك قارئا فطنا ومحاورا ثرا.
كنت كما قلت في مساهمة لي سابقة قد رأيت أن أجل التعليق على مساهمتي في مناقشة الأخ عدلان حتى أنتهي من كتابة مساهمتي في مناقشة مداخلة الأخ حيدر، ولكن ظروف قاسية قطعت علي الكتابة في الموضوع لعدة أيام، وعندما عدت وجدت مساهمة الدكتور الطيب بدر والذي أرحب بإشتركه في المناقشة، وأرجو أن تساعد الظروف في العودة لحواره عندما يكمل مساهمته. ووجدت أيضا عودتك ومساهمتك التي، رغم خلافي مع بعض تفاصيلها، إلا أن وجهتها العامة حول العلاقة بين ماركسية ماركس وأنجلز وما أسميه الماركسية السوفيتية بتجلياتها المختلفة والتي كما تكرمت بالقول " أن ماركسيي روسيا كانوا على وعي كبير بوضع روسيا الذي لم يكن يشبه الوضع الذي ترى الماركسية ضرورته لبداية ثورة اشتراكية في دولة ما، ولكنهم، ورغم ذلك، أعملوا فكرهم في دلالات الماركسية وأهدافها، نظريا، ليصلوا لصيغة عملية تمكنهم من إنزال الفكرة لأرض الواقع.." تكاد أن تقترب من فكرتي. أن فشل التجربة السوفيتية هو فشل نظري وتطبيقي مركب ومعقد، لأن الماركسية السوفيتية كنظرية تعبر عن تعرجات كثيرة في تطورها (أو تراجعها وفقا للفترة التاريخية والمنظور التقييمي الذي يستخدمه الشخص) والتطبيق نفسه لم يسر في خط مستقيم بل مر بتعرجات فيها دروس إيجابية لأي تجربة إشتراكية في المستقبل وفيها سلبيات شديدة الوضوح وهناك قاش واسع إذا ما كانت تلك السلبيات تعود في أصلها للماركسية كما أسهم فيها ماركس وأنجلز أما أنها تعود للينين (نظرية الدولة، نظرية بناء الحزب) ومدى مسئولية ذلك عن مصادرة الديمقراطية في العهد الستاليني أم للتراجع هن نظرية تروتسكي حول الثورة الدائمة أم التراجع عن سياسة لينين المسمى بالسياسة الإقتصادية الجديدة والتي هي بطبيعتها كانت ساياسة مؤقتة ولكن كثيرون يعتقدون أن تراجع ستالين المستعجل عنها وإستعجاله لتجميع الزراعة والإسراع بالإنتقال للإشتراكية، ... وهكذا هناك قضايا تفصيلية ومعقدة صعب تلخيصها في تعبير فشل النظرية او التطبيق، بل من الصعب فصل العلاقة بين الماركسية والماركسية السوفيتية. وبالتالي يصبح تعبير الأخ طلعت الحماسي " و اننا كبشر درجنا على تقيم الافكار و التجارب حال فشلها بما إذا كان العيب في الافكار نفسها او ان هناك خطأ في تطبيق تلك الافكار" هو تعبير غير دقيق، فمن أين أتى له أن البشر ينتهجون نهجه في التقييم بطريقة النظرية أم التطبيق وكان الأجدر به أن يقول "أنا!
وكنت قد طلبت من الأخوين طلعت وحيدر إعادة قراءة نصي المكثف خول التجربة السوفيتية آملا أن يصلا لما توصلت له أنت يا قصي عندما قلت "، فأنا لا أرى أن صدقي كبلو، مثلا، قد حاول تبرئة الماركسية تماما من التجربة الشيوعية، رغم تحفظي الواضح على الصورة التي أراد تصويرها عن علاقة الماركسية بالتجربة السوفيتية"، فيا لك من قارئ مفتوح العين والذهن، وإني واثق أن الأخوين طلعت وحيدر لو قرآ ما كتبت دون حكم مسبق لوصلا لما وصلت إليه.
ودعني ما دام قد بدأت هذا أن أقطع تواصل المناقشة للرد على الأخوين طلعت وحيد في مسألة التجربة السوفيتية قبل أن اعود لردي على الأخ حيدر وطلعت ولربما الدكتور الطيب بدر في مساهماتهما الأخرى.

Post: #172
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: Sidgi Kaballo
Date: 06-05-2006, 06:18 AM
Parent: #171

لقد قلت في مساهمتي موضوع النقاش:
"فشل التجربة الإشتراكية يطرح قضايا أكثر تعقيدا، وهي قضايا مركبة نظرية وتطبيقية تتعلق بنظرية الثورة السوفيتية "اللينينية"، وبتطوراتها (أو تدهورها اللاحق!) في الستالينية والصراع بينها والتروتسكية، ورفض أفكار بوخارين ومجزرة اللجنة المركزية في الثلاثينيات وما يدور حولها من صراع نظري وتطبيقي، والصراع بين الفئات الإجتماعية التي نتجت عن تطبيق النموذج السوفيتي،"
والحديث هنا عن النظرية والتطبيق معا، المشكلة الحقيقية أن هناك فهما يعتقد أن الماركسية تحتوي خطة عمل أو خارطة طريق، أو برنامج تفصيلي ما على الروس والصينيون والألبان واليوغسلاف والسودانيون وغيرهم، فتح كتابه وتطبيقه حرفيا، إذا أخطأوا في التطبيق، يكون ذلك خطأهم والنظرية بريئة وإذا نجحوا في التطبيق وفشلت التجربة تكون النظرية (خطة الطريق او البرنامج التفصيلي) هي الفاشلة. وفي تقديري المتواضع هذا لا يمت للفكر او السياسة التي قال الأخ طلعت أن مساهمتي بغموضها قد خرجت من رحابهما لتصبح أدبا (وأنا أحمد له أن وجد لها تصنيفا) وفي الحقيقة أنا أجد جملته التالية غير لائقة بنقاشنا هذا " و لكن يبدو ان الماركسية كانت اكبر من (مواعيننا) فإستعصمت بالبعد عنا (و تعالى ماركس علوا عظيما)." وهذا بوست أهم سماته سمو النقاش. ولكن يبدو فعلا أن " على قدر اهل العزم تأتى العزائم وتأتى على قدر الكرام المكارم). كما أقتطف الأخ طلعت في أحدى بوستاته.
رغم ما قلت أعلاه فالأخ طلعت خلص إلى أنني ألخص أنهيار الإتحاد السوفيتي لسببين:
" السبب الاول هو ان التطبيقات (السوفيتية اللينينية) ثم الستالينية و صراعها مع التروستسكية و رفض افكار بوخارين و مجزرة اللجنة المركزية في الثلاثينيات، حتى خلص إلى ان ذلك الصراع الفكري كان قد تمَ في ظروف مصادرة الديمقراطية منذ محاولة اغتيال لينين ألخ... من اسباب شبيهة.
اما السبب الثاني فيتلخص في ان قيام الثورة البروليتارية في مجتمع متخلف مثل روسيا كان بمثابة تسريع للولادة قبل اكتمال الخلقة، اي قبل التطور الكافي لقوى النتاج . بعبارة اخري(فان ما كان يعرف بالاتحاد السوفيتي العظيم صار الان طفلا مشوها غير مكتمل النمو!)"
ويبدو مما ذكر الأخ طلعت أنه يرى اللينينية، والستالينية، والتروتسكية و"أفكار" بوخارين "والصراع الفكري" ليست قضايا نظرية لأنه مثل الجندي الذي كان يحرس قصر الشتاء أثناء الثورة البلشفية وجاءه طالب من المنشفيك يحاول أن يناقشه، فبينما كان الطالب يطرح قضايا فكرية معقدة حول الثورة الديمقراطية والثورة الإشتراكية كان الجندي يختصره ويقول له "أنا أعلم شيئا واحدا فقط أن لينين معنا نخن الفقراء فمع من أنت؟" وهذا ما يفعل الأخ طلعت، فهو يريدني أن أجيب على سؤال في ذهنه "هل الفشل في التطبيق أم النظرية؟" وحتى في طرحه السؤال فيبدو أن ما يعنيه بالنظرية غير ما أعنيه أنا بالنظرية، فهو يحتج لأني أقول بأن الماركسية نظام فلسفي مفتوح، ليس فقط ليحرم الماركسية من التطور ويحبسها في بطون الكتب كنظرية للقرن التاسع عشر، بل ليحرم أصحاب التجارب النضالية المختلفة من مساهماتهم في تطوير الماركسية (أو تخلفها) ومن هؤلاء الحزب البلشفي وقائده الفذ فلاديمير لينين.
الحقيقة أنا لا أريد أقنع الأخ طلعت بوجهة نظري، فقط أريده أن يتعرف عليها وفقا لصياغتي أنا، ودعني أبسط: أن أقول أن فشل التجربة السوفيتية هو علاقة مركبة بين تطور (تخلف) النظرية والتطبيق (الناتج عن صراع إجتماعي بين عناصر إجتماعية ولدتها التجربة تفسها). أما يتعلق بقيام الثورة في بلد متخلف بإعتباره أضعف حلقات الرأسمالية فتلك أحد أهم القضايا النظرية التي أسهم بها لينين وتروتسكي (الثورة المستمرة) وهي بدون أدنى درجة من الشك (وهنا السخرية حول الطفل الشائه لا تحل معضلة فكرية وتطبيقية) تركت بصماتها في إنتقال روسيا للإشتراكية (في طريقة التصنيع : نموذج فيلدمان التنموي القائمة على التركيز على الصناعة الثقيلة ما يسمى بالقطاع الأول: قطاع إنتاج وسائل الإنتاج، لأحداث تنمية متسارعة، وبالتالي الإحتفاظ بالإستهلاك عند المستويات الدنيا وكل ذلك لتجاوز تخلف الإقتصاد الروسي وبناء دولة صناعية).
وتظل تجربة ثورة أكتوبر وحقيقة وجود تجربة إشتراكية لحوالي 70 عاما، تجربة هامة للماركسيين والثوريين والساعين للعدالة الإجتماعية، بكل دروسها المستمدة من إيجابياتها وسلبياتها، من إنتصارها ومن إنهيارها.
وسأوصل حواري حول بعض القضايا التي شملها رد الأخوين حيدر وطلعت في ردودي على مساهماتهما الأساسية. ويبقى الود مهما تشعبت سبل الحوار وطرقه.

Post: #173
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: Altayib Bader
Date: 06-06-2006, 07:53 AM
Parent: #172

إضاءات في نقد الماركسية (2)

الموقف من الاديان

أرى ما جادت به مداخلة الأستاذ حيدر أبو القاسم..إضافة فكرية و نقدية متميزة..تناولت البعد المنهجي للألحاد في النظرية الماركسية إذ قال:ـ فكارل ماركس هو الذي اضاف البعد المنهاجي لللإلحاد وبصرامة لم يسبقه عليها الآخرون , كما لم يكتف بإعادة ترتيب إسهامه فى حدود قيد الموضوع النظري وفى إطاره الفلسفي وحسب , بل ألحقه مكونا أساسيا بنظريته (الشاملة) , وفتح للإلحاد أفقا جديدا لما ربطه بمناظيره الفكرية والسياسية كذلك..انتهى
و لكي ندرك هذا البعد المنهجي للماركسية في موقفها من الدين كايدولوجية..عرف كارل ماركس الأيديولوجية ((بأنها نمط مفاهيم تخدم مصالح الطبقات او المجموعات المهيمنة و المسيطرة في المجتمع)) فجاءت نظرته للدين كأيديولوجية و نمط مفاهيم تبيح الفوارق الاجتماعية الموجودة و تضفي عليها شرعية(الفوارق في السلطة و الثروة).. أو شيئ يمنع (الاقل سلطة) من رؤية الأسباب وراء هذه الفوارق الطبقية(Inequalities).. و في ذات السياق للتطور الماركسي و تبني كارل ماركس للمنهج النقدي في تحليل الظاهرة التأريخية لإكتشاف الأستقلال و تعرية التناقضات و تغليبه المنظور الموضوعي على الذاتي و إهتمامه بتحليل البناء الإجتماعي للمجتمع و المجموعات و تداخلاتها، و إغفاله لدور الفرد(الإنسان) و دوافعه الذاتية في التغيير الإجتماعي، إذ يرى أن الفرد "مكَبل" و "مقيد" (constrained ) بالمجتمع و المجموعات الإجتماعية التي ينتمي إليها و لابد من تحريره من هذه القيود ليأخذ دوره في التغيير الإجتماعي . و لعل هذا الإقرار و الإعتراف الضمني بدور الفرد(الإنسان) و قدراته "المقيدة" يكشف عجز التصور الماركسي في إدراك مكونات الصراع الثقافي كتصورات(Perspective) و المعتقدات الروحية و قضايا (الجندرية) المرأة و غيرها من عناصر الصراع الثقافي..مختزلا الصراع الثقافي إلى معرفة(Knowledge) تعبَر عن "ايديولوجية" الطبقة المسيطرة و المهيمنة في المجتمع (الطبقة الرأسمالية) و تخدم هذه الايديلوجية مصالح هذه الطبقة بإضفاء الشرعية على عدم المساواة في السلطة و الثروة..يبدو جليا ان هذا التصور المنقوص للمعرفة.. يضع الماركسية في خانة اللاعلمية و يعارض الفهم العام(Common Sense View) بأن تقَبل المعرفة تحدده أساسا المعايير العقلانية(Rational Criteria) أو أن أى قدر من المعرفة تدعمه و تسنده الأدلة المتاحة.. وهذا يفسر رغبة كارل ماركس في "إهداء المجلد الأول لرأس المال(Das Kapital) لتشارلس داروين صاحب نظرية أصل الانواع لانه أعتقد أن الدارونية(Darwinism) أنجزت عملا ضخما بالقضاء على المعتقدات الروحية(فكرة الإله ـالخالق).. تلك المعتقدات"معرفة تعَبر عن أيديولوجية" هي من صنع الإنسان لملء الفراغ الفكري(Religion invented by man to fill in the gaps in our understanding) و عبر هذا المفهوم يتم تغيب وعي الإنسان و "تكبيله" و "تقيده" (CONSTRAINED ) لقبول واقع الأستقلال، و بذا فالدين يصبح أفيونا للشعوب( Religion is an (opium of nations
و إعتقاد كارل ماركس بأن الدارونية قد خلَصت البشرية و حررت قيودها و مكبلاتها و قضت على المعتقدات الدينية(Killed the notion of god) فأصبحت بذلك مخلَص عالمي (Universal Solvent) كإثبات علمي(بايولوجي) لفلسفة كارل ماركس..فاضاف بعدا منهجيا لإلحاده..منسجما مع تصوراته و سايكلوجيته، فقد استدعي ذاك الفتى الحالم"كارل ماركس فكرة المسيح(المخلَص) في تصوراته و نظريته لتخليص "البرولتاريا" من الإستغلال و الظلم الإجتماعي الواقع عليها من الطبقة الرأسمالية المستغلة(بكسر العين)، و بناء المجتمع الشيوعي القائم على تصورطوباوي(Utopia) الخالي من الطبقات و من فكرة الإله الخالق..حيث يعطي كل حسب قدراته ولكل حسب حاجاته(From each according to abilities. To each according to needs). .حيث نهاية التأريخ!
و يبدو أن الأستاذ/كبلو لم يحالفه التوفيق في محاولة ذر الرماد في العيون و إستدعاء المفاهيم الدينية لقضية الخلق(بأن الأنسان خلق من صلصال) و تحميلها اوجها للتطابق مع المفهوم الماركسي(بأن أصل الحياة مادة) و هنا أترك الحكم للقارئ(و لي عودة تفصيلية لاحقا بهذا الشأن)، غير أنني لا أعبأ أن أعبر عن دهشتي و إستغرابي أن تصدر هذه الأفتراضات من رجل (شيوعي) في قامة الدكتور/صدقي كبلو..فهي إفتراضات تعبَر عن ضعفا في بنيتها الفكرية(Crucial Assumptions) لا تدعمها إدلة ماركسية متاحة بل العكس فهي تخرج صاحبها بلا ريب من الماركسية!(He makes crucial assumptions –
Crucial in a sense that if it were false, his entire argument would fall apart)
و لكي ندع كارل ماركس في مرقده، و إلى جنبه..نعود لنظرية التطور الدارونية ـ تلك النظرية التي لم تعد سوى مساهمة أو فرعا في علم البايولوجي..و فشلت في اثبات أصل الانواع و الكون. فلم تعد سوى افتراضات نظرية تقوم على الملاحظة المظهرية للتكوين البايولوجي. و بطريقة عمياء(Blind Process) .. و في سياق التطور العلمي و المعرفي في عالمنا المعاصر أستبدلت الدارونية بنظرية علمية سميت: التصميم المحكمIntelligent Design(الترجمة من عندي) مما يؤكد أن نظرية التطورالدارونية الجديدة(New Darwinism) لم تقتل (فكرة الإله) بل عادت و ادارت سلاحها و قتلت كارل ماركس نفسه. و لكن قبلها لم ترحمه الدارونية القديمة نفسها إذ رأى الماركسيون أن الدارونية اكتسبت شعبيتها في القرن التاسع عشر في (انجلترة) فقط لأنها عبرَت عن مصالح الطبقة الرأسمالية(المستغلة) في إطار التنافس الإقتصادي..إذ أكد دارون في نظريته على مبدأ التنافس و البقاء للأصلح(Competition and Survival for Fittest) بل و قدمت مبررا و مسوغاعلميا لذاك المجتمع الرأسمالي و خدمة لعلاقات الإنتاج السائدة و للطبقة الرأسمالية(المستغلة) التي تعتقد بانها جديرة بالبقاء و التميز الإجتماعي نتيجة لقدراتهم الذاتيةالمتفوقة..و كان من المفترض ان تكون الدارونية بهذه الحيثيات (معرفة)انتجتها ثقافة المرحلةخدمة لمصالح الطبقة المهيمنة حسب التحليل الماركسي! و هنا سجل الوظيفيون نقطة بالغة الخطورة ضد الماركسيون..بإستخدامهم لمنهج كارل ماركس نفسه(بنقل العلوم التطبيقية إلى النظرية) بأن اشاروا لجوهر الدارونية الذي يعزز فكرهم و هو أن البقاء للرأسمالية لأنها الأصلح و فق الارتقاء الطبيعي و القدرة على المنافسة و التطورالمجتمعي المتواتر.. بل أن أحتفاء ماركس بإندفاع بالدارونية سعيا لمنهجة إلحادة (علميا) اوقعه في تناقض مع نظريته و مبادئه هو ذات نفسه.. إذ تعامل مع النظرية الدارونية في شقها المظهري(تطور الانواع مثل تشابه القرود العليا و الإنسان..ألخ) و تغافل عن جوهرها الذي سخَره اصحاب المدرسة الوظيفية لمصلحتهم..أي أن ماركس تعامل مع ( البناءالفوقي) للنظرية(Appearance) دون(البناء التحتي) الشيئ الذي ترفضه الماركسية بجزم. distinguished between appearances and reality الفرق بين المظهر و الواقع(المادي)
صدق المرحوم الخاتم يوم قال : .. توصل ماركس إلى المفاصل الأساسية في نظريته كلها عندما كان عمره 24 سنة، ولم تكن حياته اللاحقة سوى تأكيد دغمائي نوعاما لمنطلقات كونها في بداية حياته أنتهى.. و إن كان هذا يفسر دفاع ماركس عن نظريته بما فيها الإلحاد باللجاج و المغالطة حد التناقض و عدم التواضع.. فهو يفسر مثابرة د/ صدقي في نفي الإلحاد عن الماركسية اليوم دفاعا عن حزبه(الماركسي) على حساب الامانة الفكرية.. باللجاج حد إنكار.. و المغالطة حد (الصلصال).. و عدم التواضع .. حد الإستبطان.

Post: #174
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: Altayib Bader
Date: 06-06-2006, 07:58 AM
Parent: #173

مرحب بالاخ قصي و مرحب بعودته الميمونة

الطيب بدر

Post: #175
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: عدلان أحمد عبدالعزيز
Date: 06-06-2006, 12:55 PM
Parent: #1

الأخ العزيز الطيب بدر، سلام وتحايا..

مرحباً بك في الساحة ومرحب بقلمك وإسهاماتك في الحوار الجاري.. سأرجئ نقاش التفاصيل إلي سعة أخرى، ولكنني هنا إنزعجت من ما أظنه خطأ ناتج عن القـراءة حول الماركسية، ربما ليس من مصادرها الأسـاسية، فقد قرأت لك في إضاءات في نقد الماركسية (2) التالي:
Quote: وهذا يفسر رغبة كارل ماركس في "إهداء المجلد الأول لرأس المال(Das Kapital) لتشارلس داروين صاحب نظرية أصل الانواع

لا أعرف كيف، أو ماهي الوسيلة التي توصلت بها إلى أن رغبة ماركس كانت في إهـداء المجلد الأول لرأس المال، لداروين؟

المعروف أن الإهــداء كان لصديقه "فِـلهـلم وولف" الـذي وصفه كارل ماركس ب "زعيم قضية البروليتاريا" وقد توفي قبل صـدور كتاب رأس المال ب ثلاث سنوات، وإليك ما كتبه ماركس في الإهـداء:
Dedication to Wilhelm Wolff
D E D I C A T E D
TO MY UNFORGETTABLE FRIEND
W i l h e l m
W o l f f
INTREPID, FAITHFUL,
NOBLE PROTAGONIST OF THE PROLETARIAT
Born in Tarnau on June 21, 1809
Died in exile in Manchester on May 9, 1864


يا عزيزي الطيب أرجـو مخلصاً ألا تكون أنت قد وقعت فيما أسميته (crucial assumptions) وعرفته ب:
(Crucial in a sense that if it were false, his entire argument would fall apart)

وفي إنتظار تصحيحك،

لكم جميعاً الـود، وليتواصل الحوار..

عدلان.

التعديل إقتضاه إدخال التنصيص أو الكوتيشن

Post: #176
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: HAYDER GASIM
Date: 06-06-2006, 10:04 PM
Parent: #175

الأخ قصي

تحياتي ... وفرحي بك تعود متأبطا خيرا ... هو قلمك الرفيع

الأخ الطيب بدر

تثاب على الفكر وطنا ... نأمله عفي

الأخ عدلان

لا فض فوك

الأخ طلعت

حماستك فى ميزان العقل كسبان

الأخ صدقي

لغة هؤلاء الشباب رائعة ومسئولة

كنت ستتغنى بها إن كانوا شيوعيين

... مع هذا ... فإختلاف الرأي

لا يفسد للغة موضوعا

اللهم إلا ( الشمولية ) وهي تسعى

بين نحو وصرف ... وبديع

كما سعت بين طبقات الأرض والمجتمع

ومدخول ... وريع

فواصل بالله مناولتنا من مستودع

الخزف الماركسي وفقه الضرورة ( الشيوعي )

ولا تعول كثيرا على الصرف اللغوي

فللغة أحكامها ... وقراءها البي ( مزاج )

وبالمناسبة ... ( دوري متين )

وتحياتي لكم جميعا

Post: #177
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: ثروت سوار الدهب
Date: 06-07-2006, 02:17 AM
Parent: #176

عزيزي عدلان
ازعجني انزعاجك ،إزعاجا و إنزعاجا شديدين، حتى و صلت إلى القلق و أصابني الارق.
أعدلان منزعج؟ يا لهول! و يا لمصيبة.
عزيزي..قبل ان اناقش انزعاجك تقَبل انزعاجي انا من ما خططه انت:ـ
Quote: ولكنني هنا إنزعجت من ما أظنه خطأ ناتج عن القـراءة حول الماركسية، ربما ليس من مصادرها الأسـاسية


نان يا العشا، و كت بدور نقاشات و معلومات ربما فقط من مصادرها الاساسية فاتح البوست لاشنو؟
موش كان اخير ليك تعمل قعدة كدا ظريفة و تلم الزملا ، تتناولو و تتناقشو، و من مصادر الماركسية (الاساسية) مباشرا(ربما) و تكون القصة مجرد Fairy tale يعني من دقنو و افتلو و زيتكم في بيتكم و حلقتكم المن مصادر الضلال (الشمولي) تكون على شاكلة (حبيبي مركس لي و انا امركس ليك) و يكون اتلم شمل الحبايب و عاش كفاح الطبقة العاملة وآلت واشنطون لنقابة السكة حديد(العارف منو انتو باقي ناس وهمكم ما عندو حدود) و المجتمع الشيوعي جا(و احتمال مع بدايات الصباح كدا يكون التاريخ تاني دور) و طبعا ما تنسو الزملا السقطو عموديا و الخونة و الماعارف شنو لزوم التحلية. و سيرة الشهداء و جخكم الكتير داك. و تزوج الامير الشجاع الاميرة الحسناء و الفيل تيتي لعب مع الفار فيفي و نوعية القصص و الحكايات (الثورية طبعا) قبل النوم و كدا.
حكى لي صديق نقلا عن الكاتب محمد محمد خير هذه الواقعة:ـ كنت في ضيافة شخصين شيوعيين. فلاحظت انهما لايتكلمان مع بعضهم البعض فظننت انهما متخاصمان و لكن بعد فترة وجيزة إكتشفت خطاي عندما ادركت انهما لا يتحادثان لان الامور كلها محسومة !
عزيزي عدلان
If life likes that you don’t need a visa!
كما تقول دعاية بطاقة الإتمان المشهور، الفيزا

قبل ما ارجع احجيك.

لاحظ ان الاخ الطيب اشار للرغبة كما نصصت انت عنه لم يكن هناك داع لجلب لمن اهدي ماركس مجلد راس المال كحجة ضده، لان الطيب لم يقول بغير رغبة من الواضح انها لم تتحقق ا و ليس كذلك؟


كتبت:

Quote: لا أعرف كيف، أو ماهي الوسيلة التي توصلت بها إلى أن رغبة ماركس كانت في إهـداء المجلد الأول لرأس المال، لداروين؟


يكون حلم بيها يا ربي؟ اصلو الطيب دا ود شيوخ و قبب. جدو الشيخ العبيد و د بدر. يلحقك يا عدلان و ينجدك.
شوفو جنس المحن دي يا ناس

ارقد علي حد قفاك ..لمن اشوف ليك (وسيلة)
لطفك يا رب

Post: #178
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: عدلان أحمد عبدالعزيز
Date: 06-07-2006, 10:55 AM
Parent: #1

الأخ حيدر قاسم، تحياتي وشكراً على الكلمات الطيبات، وعلى مثابرتك وصبرك.

شكراً ثروت على رفع البوست!

الأخ الطيب بدر، سـلام..

أجريت بعض البحث حول قصة رغبة ماركس إهـداء سفره "رأس المال" إلى داروين، ووجدت القصة كالتالي:

أن ماركس أرسل كتابه إلى داروين، وشكره داروين في رسالة مكتوبة في أكتوبر 1873 ميلادية – نفس السنة التي تم صدرت فيها الطبعة الثانية من كتاب رأس المال – وأتضح لاحقاً بعد وفاة داروين، وعند البحث في مكتبته، أن كتاب رأس المال موجود ولكن معظم صفحاته لم يتم فضها بعد! مما يمكن أن يعني أن داروين لم يكمل قرأءته.

في عام 1931 نشرت صحيفة سوفيتية رسالة كتبها داروين، كانت قد تم العثـور عليها ضمن أوراق ماركس التي كانت تحتفظ بها إبنته إليانور.. إليانور ماتت منتحرة في 31 مارس عام 1898 عقب إكتشافها خيانة عشيقها إدوارد أفلنغ بعد أن قضت شهور في ممارضته إلى أن شفا لتكتشف أنه تزوج سراً بإمرأة أخرى. رسالة داروين المؤرخة في 13 أكتوبر 1880 تبدأ ب سيدي العزيز، وفيها إعتذار عن قبول إهـداء كتاب –لم يذكر اسم الكتاب، ولا اسم صاحب الكتاب- لسببين؛ الأول أنه غير ملم بموضوع الكتاب، والثاني أنه لا يتفق مع وجهة نظر كاتب الكتاب ضد المسيحية والإلحاد ولا يعتقد أنها يمكن أن يكون لها تأثير على العامة.

بحكم أن الرسالة وجدت ضمن أوراق ماركس التي كانت تحتفظ بها " إليانور" فقد ظن الجميع أنها موجهة من داروين لماركس وفسر الأمر على أن ماركس كانت له رغبة في إهـداء كتاب رأس المال لداروين..
بالتمعن في الرسالة من السهولة إكتشاف أنها لا تتحدث عن رأس المال، لأن رأس المال كتاب إقتصاد في المقام الأول، ولم تتم فيه مناقشة المسيحية والإلحـاد.

كشفت أبحاث لاحقة أن إدوارد أفلنغ –حبيب إليانور- والذي كان يساعـد إليانور في جمع مخطوطات ماركس، هو الذي طلب من داروين قبول إهــداء كتاب كان قد كتبه وأسماه (The Students' Darwin) وقـد رد عليه داروين بالرفض، ويبدو أن إدوارد أفلنغ وضع رسالة داروين ضمن أوراق ماركس. ويمكنك مراجعة الأمر عند:
Lewis S. Feuer "Is the Darwin-Marx Correspondence Authentic?" Annals of Science, Vol. 32 (1975), pp. 11-12. See also R. Colp, Jr. "The Contacts of Charles Darwin with Edward Aveling and Karl Marx," Annals of Science, Vol. 33 (1976), pp. 387-394; also M.A. Fay "Did Marx offer to Dedicate Capital to Darwin?" Journal of the History of Ideas, Vol. 39 (197, pp. 133-146 and M.A. Fay "Marx and Darwin" Monthly Review Vol. 31 (1980), pp. 40-57.

وفي الوصلة التالية تجد بعضاً مما ذكر أعلاه: http://www.gruts.com/darwin/articles/2000/marx/index.htm

لك الشكر يا عزيزي الطيب في حفزنا على إلقاء مزيد من الضوء حول ذلك الإفتراض الخاطيء بأن ماركس كان يرغب في إهـداء الجزء الأول من رأس المال لداروين.

ليتواصل الحوار..

عدلان.

Post: #179
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: Bashasha
Date: 06-07-2006, 12:56 PM
Parent: #1

زويلنا القارئ،

زي ماقلت لاسامة الخواض، اخوك بزازي بين البوستات، ذي غنم بحري في كوش كوبر، "ارمرم" في "مشك" مرايس الطرح القديم المعتت، المسوس، ال"جاوو" بقي "صيص"!

ليش اخوك يا زويلنا القارئ، فاضل يزازي ذي كلب الحر، بين البوستات؟

لانو المنقة كلها هنا!

فبخلاف انو كلام الطير ده عن الماركسية ماعندو ادني صلة بي مشاكلنا في السودان، وبخلاف انو راح عمر بي حالو في تهويم مذاكرة ذي دي، فمن جانب اخر، ذي الترف الذهني ده، بسلط الضوء علي بعد غائب او غير مرصود، يتمثل في انبات نخب الاقلية المهيمنة عن واقع الحال خارج عالمم الجهوي الفقاعي، او دي محطة مهمة!

قبل مانواصل، هل وصفنا للترف الذهني المتداول في الخيط ده، بي كلام الطير، فيهو اي شبهة زراية اواحتقار للمخالفين لينا؟

قطعا لا!

ولكن صدق تسمية الاشياء باسمائها يحتم وضعية ذي دي، تجعل من الممكن استنتاج ان في الامر محاولة للاساءة!

ابدا والله، وبالذات اننا نحترم د.صدقي كبلو جدا جدا، او هو عارف كده.

فالكلام ده بنقول عليهو ترف، لانو بعيد كل البعد عن واقع حالنا المزري والماساوي صراحة!

بنقول عليهو كلام طير، كناية عن انو لامعني له من حيث صلتو بي حوجتنا الي وسيلة تحليل، لي حالتنا المرضية المزمنة.

الجزئية دي ما تنظير او استنتجاد نظري، بقدرما واقع معاش، دفعنا فاتورتو بالدماء الغانية!

الحزب الشيوعي اومن وراهو الطليعة المستنيرة، فشلو فشل مجلل قاسي جدا اومكلف!

سبب الفشل هو كلام الطير ده ذاتو!

علي كده، مامكن من اول اوجديد نعيد انتاج الكارثة من جديد، بي سبب ارتباط الرفاق العاطفي بي طرحهم الكارثة الماقادرين يكسرو حلقة الدوران الفارغ في فلكو!

زويلنا القارئ،

ده مجرد سرد لي ملاحظة، وليس بحجر، اعتراض، اورفض لي حق رفاقنا في التعبير عن اشواقم، ولذا لزم التنويه!

Post: #180
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: برهان تاج الدين
Date: 06-07-2006, 04:03 PM
Parent: #179

* سورى يا شباب ! انا داير بشاشا دة دقيقة بس .

بشاشا الجماعة مشختين ليك شخيت السنين ..

عجبنى ليك .. و الله عافى منهم ..
زووووول قال ليك بتقول فى شنو مافى ..
كدى اتخارج خلى الناس دى تتفاهم .
امشى على ناسك بى هناك

Post: #181
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: Bashasha
Date: 06-07-2006, 04:28 PM
Parent: #1

Quote: بشاشا الجماعة مشختين ليك شخيت السنين ..

برهان سلامات،

قلت لي ممكون اوصابر؟

كستا تفشها الغبينة؟

ان بقي علي الشخيت، مالو، هم يشختو، وانا اشخت!

هم لو"املين" تقال، اخوك "هجر تاهونا" ذي ماقال!

لانتعامل بي ردود الافعال، اوده كلو للقراء، مش كده برضو؟

علي العموم لوعندهم رد غير كان سمعنا، كان شفنا طحينو علي مدي نصف قرن من زمان الجعجعة!

حنديسها صنة اونجي صادين كالعادة!

Post: #182
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: برهان تاج الدين
Date: 06-08-2006, 10:08 AM
Parent: #181

Quote: كستا تفشها الغبينة؟

لا حولا ..غبينة شنو يا بركة
وحاتك انا ما بتذكرك الا اشوف اسمك قدامى .
قلوبنا ابيض من جضومك ديل يا جلابى يا وهم ..
لكن بينى وبينك دى غلبنى افوتها
اسمع .. شايفك مركب مكنة انصارى الايامات دى . انشاالله قسمت معاك

كدى نتلاقى اراوند ..باقى الجماعة ديل نضمهم غلاد غلاد ..و بوستيهم ضيق ..
و نحن سمان يالض امى .

Post: #183
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: ثروت سوار الدهب
Date: 06-08-2006, 05:25 PM
Parent: #182

عزيزي عدلان

هل تقصد تشكرني على رفع مستوى التواضع عندك؟
و مع ذلك
لا شكر على واجب برفع الاثنين معا، الغطاء عن المسلمات و البوست.
على المرء التواضع ليزاد معرفة و علما! والذي نجهله لا يعني عدم وجوده.
و لتشكر معجزة الإنترنت التي لم تجعل لليقين و الوثوقية طول بقاء، بتوافر المعرفة لمن اراد، و الكل المعرفي اصبح الان موضع شك و تحرَك و هو كذلك كما نفهم نحن باحثي الحقيقة. يا استاذ مدارس الكادر الحزبي التي تفرخ التحنيط، مدارس القرن التاسع عشر، اخالها.
و مع ذلك
ارى التطور السريع خلال اربعة و عشرين ساعة بين مداخلتيك الاخيريتين.من سوأل تهكمي نابع من زراية إفتراض الجهل في الآخرين إلى نعم..و لكن القراءة ..ألخ
و هذا شيئ نشكرك عليه و نشجعك عليه.
و مع ذلك
توصلت ببساطة لأن الموضوع مجرد قراءة خاطئة من جانب الأخ الطيب بدر و تلمظت بالمعلومات الواردة في موقع اصدقاء دارون(موقف مؤازي دارون مفهوم تاريخيا لماذا يرفضون مجرد إعجاب ماركس بدارون ناهيك عن أن يصل الإعجاب إلى رغبة بالإهداء ـ ستجده في مداخلة قادمة بإيضاح)
و مع ذلك
الف شكر لك للترجمة من الموقع و لكن أغفلت لب موضوع طرح الاخ الطيب الذي يسانده (من نفس الموقع) تغريظ كارل ماركس لكتاب شارلس دارون[في أصل الأنواع] مع ملاحظة أن الموقع (ليس من مصادر الماركسية الاساسية) مصادرالماركسية التي تنشدها هي كلام ماركس الذي غيبته و الجريدة السوفيتية التي سفهتها!
و مع ذلك
لو نظرت اعلى الصفحة في محرك البحث ستجد: Results 1 - 10 of about 2,500,000 for marx and darwin. (0.12 seconds). مليونين و نصف مدخل للبحث، من مداخلة لمقال لصفحة كتاب لبحث مؤسس لمحاضرة لكلمة القيت في مناسبة ما لجملة مبتثرة لعنوان كتاب لاسم مصدر لموقع متحاورين متخصصين(لعقالة زينا يكتبوا في بوردات) ورد فيها كلمتي ماركس و دارون يا عدلان!
و مع ذلك
فهي كتيرة من من جبل على التفكير الآحادي

حافظ على وتيرة هذه الخطوة إن كنت تنشد الخروج من النفق المظلم.
NOT so fast يا عزيزي... الفورة مليون و إن شئت 2 مليون و نص! حتى يمكنك أن تصدح بالقراءة خاطئها او صحيحها.


و الود محفوظ يا عدلان العزيز

Post: #184
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: معتز تروتسكى
Date: 06-10-2006, 02:33 AM
Parent: #183

خالص التحايا
الاستاذ عدلان
ودكتور احمد والاخرون..
مزيدا من الدفع ليظل هذا النهل عاليا ومجهودكم المقدر..
كذلك لازلت افتقد العزيز (Yaho_Zato) نامل ان يكون بخير

والتحايا النواضر

Post: #185
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: Abdalla Abbas
Date: 06-10-2006, 05:40 AM
Parent: #1

For an excellent and objective review of the failure of the prophecies of Marx despite his suberb analysis of the evils of unrestrained capitalisim, the trade cycle, class struggle, etc I recommend a a book by Karl. R. Popper entitled " The Open Society and its enemies

Post: #187
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: عدلان أحمد عبدالعزيز
Date: 06-13-2006, 05:04 AM
Parent: #1

الأخ ثروت سوار الذهب..

لا أمـلك سوى الدعـاء لك بـشفاء قلبك وروحك من سقم كراهية الشيوعية ولوثة العـداء لها.. تأمل في مُـداخلتيك أعـلاه، لا أنت أثبتَّ فرضية الأخ الطيب الخاطئة.. ولا دحضتَّ أو نقضـتَّ تصحيحي! مُـداخلتيك محض هـراء.. فلا إستعداد لدي ولا رغبة لي في جرف النقاش المتزن، إلي تهـاتر صبياني.

وشكراً،

عدلان.

Post: #188
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: عدلان أحمد عبدالعزيز
Date: 06-14-2006, 10:21 AM
Parent: #1

الأخ محمد أحمد إبراهيم..

كتبت في 11 يونيو:
Quote: الاخ/ عدلان
تحيه طيبه
كلما اقتربنا من فهمنا للحاضر
ورسمناهو بفلسفات العصر و من ضمنها الماركسية
يصبح الواقع اروع و اجمل مما كان


أظـن أن لا خلاف كبير بيننا، فجوهر ما تم سكبه هنا من "Bytes" يهدف إلى وضع الماركــسية في موقعها الطبيعي الذي تستحقه كفلسفة "ضمن فلسفات العصر"، ونفي إدعاء صفة صحتها الكلية المحيطة والشاملة، مع الإعتراف بإسهامها المتفرد ضمن منظومة الفلسفات الأخرى.


الأخ معتز تروتسكي..

قبل أيام شاهدت برنامج عن دارسين عرب للغة الصينية في الصين، قدمته قناة الجزيرة.. وكما أخاف الكِضِب.. زي الشُفتك في واحد من الفصول!! أشاركك الشوق لمساهمات الأخ قصي، شـكراً على مرورك الجميل.


الأخ عبدالله عباس..

وجدت الجزء الأول من الكتاب (الطبعة الأولى صدرت في 1945) في "أمازون دوت كم" بسعر يبلغ حوالي عشرين دولار، سأبحث عن إمكانية استلافه من المكتبة. كما ووجدتُ أن "برتراند رُسل" قال عن الجزء الثاني من الكتاب:
' a work of first-class importance which ought to be widely read for its masterly criticism of the enemies of democracy, ancient and modern. His (Popper's) attack on Plato, while unorthodox, is in my opinion thoroughly justified. His analysis of Hegel is deadly. Marx is dissected with equal acumen, and given his due share of responsibility for modern misfortunes. The book is a vigorous and profound defence of democracy, timely, very interesting, and very well written."

شكراً على التنويه، وأتمنى أن أجد الوقت الكافي لقراءته.

لكم أجمعين، كل الود والتقدير..

عدلان.

Post: #189
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: ثروت سوار الدهب
Date: 06-22-2006, 01:39 PM
Parent: #188

الأخ عدلان سلامات


تعلم ان(اللوثة) واحدة من مظاهر الاضطراب الفكري و هو الابن الشرعي لمنهج الحشو (مثل تبني الفكرة و نقيضها) كما يفعل الحزب الشيوعي السوداني في التوفيق بين اللماركسية و نقيضتها الديمقراطية اللبرالية فمن منا مصاب باللوثة ياترى؟
لم تكن دقيقا حين وصفتني باني مصاب بلوثة الكراهية للشيوعية فقد كان حري بك ان تقول لوثة الكراهية ضد المشاريع الشمولية و رموزها من امثالك من اقصى اليمين الاصولي الشمولي الى اقصى اليسار النصوصي الشمولي(و ماالفرق الا اختلاف النصوص و الانبياء) و كراهيتي منبعها الادعاءات الاخلاقية للاولى و الفكرية للثانية. ولاعتقادى بأنه ما اضرَ السودان و قضيته سوى هرع مثقفيه لولوج ابواب المشاريع الشمولية و الطائفية و الذي ادى بدوره ا لى تضرر ثقافة الديمقراطية و السلام ايما ضرر و هي ثقافة كانت ضعيفة اصلا بسبب من التخلف التاريخي للسودان و بسبب تمكن التقافة الأبوية من المجتمع تاريخيا. و لذلك اعتقد جازما بان الحزب الشيوعي واحد من الاعباء الثقيلة في حياتنا الثقافية والسياسية السودانية و خطورته لا تقل عن خطورة الاسلام السياسي هذا من الناحية الفكرية طبعا. وعليه فأنا على اعتقاد بأن كراهيتى للمشاريع الشمولية ( والتى يسميها عدلان لوثة) هى كراهية ذات طابع نبيل.
أين يقف عدلان أحمد عبد العزيز؟:ـ

من خلال متابعتي للبوست اصابني منك الاحباط ( كنت فاكر انو الاورنج جووز طمر فيك يا عدلان) و هو ما دفعني للكتابة بتلك الطريقة المباشرة.و لعل القارئ المنصف سيجد لي العذر في ذلك لسببين:
الاول: و هو يتعلق بموقف عدلان نفسه حينما خاطبه صدقي كبلو في مداخلته الاولى قائلا(بانه كان يود ان يرى شيوعي آخر يحمل اراء عدلان) و طبعا بالضرورة هناك العديد من الشيوعيين الذين يحملون افكارا اصلاحية بها القدر او ذاك، و كان كلام الدكتور صدقي قمة في الوصائية بل ان شئت الدقة فهو يذكرنا بدور ال(الالفة) ومثل هذه الوصائية لا اخالها تخفي على عدلان. و لكن عدلان يدير خده الايسر لصدقي بينما ينتفض غضبا من كلام حيدر ابو القاسم حينما قال(محاولات صدقي ممكن ان توهم الاخ عدلان ان نقده للازمة الماركسية لابد ان يكون ماركسيا)و ان (صدقي لم يزد عدلان الا حيرة) و اي قارئ محايد يفهم تماما ان النقد اساسا كان موجها لاسلوب صدقي في الحوار خاصة و ان حيدر كان قد كتب(عدلان اجدر بالدفاع عن نفسه)..اعتقد ان عدلان هنا كان متبعا لمبدأ انصر(زميلك) ظالما او مظلوما، وذ لك على حساب الحقيقة و الواقع.
السبب الثاني يتعلق بموقف عدلان مما كتبه الطيب بدر حول نية ماركس في اهداء(رأس المال) لتشارلس داروين، فقد نفاه بتسرع غريب اولا ثم عاد بعد ان قرأ من موقع (اصدقاء داروين) الالكتروني بترجيح الرواية التي تنفي كلام الطيب مع انه كان يمكن ان يوضح للقارئ ان هناك روايات متعددة(و انا شخصيا محايد تجاه الرويات) حول الموضوع و انه غير مؤكد. بدلا من الانحياز للرواية التي تنفي كلام الطيب. و في كل الاحوال فان جوهر ما كتبه الطيب ما يزال قائما في وجه عدلان و هو انه كانت هنالك علاقة بين ماركس و داروين و ان ماركس كان معجبا (بأصل الانواع) رغم ان موضوع (البقاء للاصلح) كان يخدم الطبقات (الرجعية) التي كانت تهلل له في ذلك الوقت لانه يبرر(التفاوت الطبقي)
العجيب في الامر ان كارل ماركس كرس حياته لمهاجمة كل المعارف التي تخدم الطبقات الرجعية و لكنه اختار الانحيازلها حينما تعلق الامر باشباع نزعته الالحادية.. و هنا الموقف من ماركس يهدم موقف من يدافعون عنه و عن مقولته الشهيرة(الدين افيون الشعوب) بان المقصود هو الدين الذي يخدم الطبقات الرجعية.. ها هو جوهر الموضوع يا عدلان.و للمفارقة قد خدمت الدارونية الطبقات(الغير رجعية و الرجعية) على حد السواء اى ان التبرير الذي تذرع به هتلر لاحتقاره للاجناس الاخري من غير الآرية مصحوبا بتعاليم الفيلسوف نيتشه و البطش الذي تعامل به ستالين مع الشعب الروسي حاملا تعاليم كارل ماركس بالضرورة.(و بين الاثنين هلك حوالي106مليون من الانفس) يعود لحقيقة ان كل من الرجلين مؤمنين بنظرية داروين.و هو ما وعدنا بالعوده إليه بتوسع. فقد مع علم أن الماركسين(الجد جد) محتفين بدارون و نظريته و علاقتهما على غير ما توحي مداخلات الاخ عدلان الذي يجتهد في المغالطة ليبعد شبهة الالحاد عن حزبه على حساب الحقيقة، و اللهج بلسان كذوب، كيف و لا و هو الذى شب و ترعرع في اروقة ذاك الحزب الملتاث.
ثم يا عدلان تلويحك بسلطة النصوص الماركسية في وجه الاخرين مثلما تفعل كواردر الحركات الدينية السياسية ليس له تاثير لانها نصوص بشرية و غير مقدسة(على الاقل عند من لا يؤمن بها) و يمكن ان يخدع الاغرار في واقع تخلفنا الثقافي الذي نعيشه. لكنها على اية حال يعكس الحالة الفكرية الدوغمائية الي تعيشها.
هذه الاسباب التي ذكرتها هي ما دفعتني ربما للحدة في الكتابة إلى عدلان و هي التي زادت من شكوكي في دوافع الرجل.. و لكن دعونا نتساءل ما مدى حظ هذا الطرح (بإفتراض انه طرح للخروج من الازمة) داخل الحزب الشيوعي؟ وا قع الحال يقول ان مايطرحه عدلان لا حظ له داخل الحزب مما يدفعني ايضا للتشكيك في أن عدلان لا ينتظر تغييرا يذكر في مواقف الحزب الشيوعي تجاه الديمقراطية و انه( اي عدلان) لا يفعل اكثر من محاولات تحسين وضعه التفاوضي داخل الحزب.
اما لماذا اعتقد بان الحزب الشيوعي غير مؤهل لاحداث تغيير جوهري في سياسته الاصولية(إضافة لمداخلات عدلان و صدقي طبعا في هذا البوست ) لوقوع الحزب تحت سيطرة مجموعة قابضة على زمام قيادته من امثال محمد ابراهيم نقد و التجاني الطيب ، يوسف حسين و سليمان حامد. اما محمد ابراهيم نقد فيكفي تصريحه(نحن حزب اشتراكي ماركسي) و هو ينسف بذلك اطروحة عدلان من الاساس(مرة اخرى هذا لو كان لعدلان اطروحة جادة خاصة جوهر رايه حول عدم صحة النظرة الكلية للماركسية وبالتالى أهمية الاخذ من كل المصادر الانسانية الاخرى) بعبارة اخرى أتمنى ان يساهم عدلان فى كسر احتكار الماركسية للفكر السياسى داخل الحزب الشيوعى وان يساهم فى المهمة الجليلة المتمثلة فى إعادة دفن كارل ماركس على جنبه وفى تواضع تام اسوة بعلماء الفلسفة والاجتماع من امثال هيجل (المقلوب ) ودوركهايم وبقية العقد الفريد. اما التجاني الطيب فقد كان قد صرح بانه و لو صوت اكثر من 90% من اعضاء الحزب على تغيير اسمه او برنامجه فانه لن ينصاع لمثل هذه الديمقراطية لان إلغاء المشروع الماركسي يعني ألغاء لمعنى حياته! يسانده في هذا الموقف د.صدقي كبلو(راجع مقال بعنوان كيف حاصر الجمود والتناقض أطروحات د. صدقي كبلو؟. بقلم عدلان عبد العزيز/واشنطون. نشر في موقع سودانايل الالكتروني بدون تاريخ)

ثم ماذا عن يوسف حسين و سليمان حامد؟

يقول المرحوم الخاتم عدلان:... في الاحزاب الشيوعية تتحول تاكيدات القاعدة الى مديح و ثناء و تأليه و عبادة. فعبادة الفرد ليس سوى عبادة القيادة و هي ليس سوى الثمرة السامة للمركزية الديمقراطية و التي إذا كانت تخلق على مستوى القيادة، طغاة،قساة القلوب، مثل ستالين و شاوسيسكو،او تسمح لهم بالصعود، لإانها على مستوى القاعدة تخلق جيشا كاملا من المدَاحين و الكذابين و ماسحي الجوخ و المزيفين و المزيفين و المزيفين. و هؤلاء هم الذين سيحتلون اهم الوظائف الحزبية، و يفرضون سيطرتهم الكاملة على جهاز الحزب، و يسخرونه في عمليات القمع القاسية، و عمليات الافتراء الخبيثة التي يوجهونها ضد انظف العناصر الحزبية هذه العناصر التي تستفزهم إستفزازا لا يحتمل لمحض نبلها و استقامتها و صدقها و استماتتها في الدفاع عن القضية النبيلةالتي انشئ الحزب اساسا من اجلها. و هنا يصبح الحزب مريضا مرضا لا شفاء منه. أنتهى(مجلة الشيوعي العدد 157- آن أوان التغيير)
هل يعرف عدلان طريقا لما يعنيه الكاتب بالمزيفين و المزيفين و المزيفين؟
اكاد اجزم ان المرحوم حنما كتب هذا الكلام كان في رأسه بعض الممارسات داخل الحزب الشيوعي السوداني
و يحدثنا د.فاروق محمد ابراهيم(مجلة قضايا سودانية ـ العدد الرابع ـ ابريل 1994 م) انه حينما كان مسؤولا حزبياعن مديرية النيل الازرق، جاء اليه سليمان حامد يحمل منشورا حزبيا، كان المنشور يمتلئ بالقدح في شخص المرحوم قاسم امين و لكن فاروق يقول انه قام بتمزيق ذلك المنشور حتى لا يقرأه احد و لكن كم من الناس عرف بمحتوى المنشور مادام سليمان حامد قد ارتضى لنفسه ان يكون رسول اللجنة المركزية و يتحمل كل مشاق السفر الى الننيل الازرق لا لشيئ إلا لاغتيال شخص قاسم امين؟ الذي لم يفعل شيئ في ذلك الوقت سوى انه قبل ترشيح( شيخ الامين) لرئاسة المؤتمر التداولي(الذي يقدم ترشيحات اللجنة المركزية) فكيف يتجرأ قاسم امين على هذه الخطوة فقيادة اللجنة المركزية كانت حكرا على المرحوم عبد الخالق محجوب! و لا غرو ان سليمان حامد يقوم بنفس الادوار(رجل المهام القذرة ولا فرق بينه والمرحوم معاوية) اليوم تدعمه مباركات نقد الذي وضعه في برلمان الانقاذ المزيف لثقته في ولائه و مقدرته في التزيف و القمع.
اما يوسف حسين فهو مهندس المسرحية المهزلة الاخيرة و الخاصة بانتخابات ما يسمى بفرع العاصمة القومية و هي واحدة من محاولات اخراس الاصوات تمهيدا للاجهازعلى فكرة المؤتمر الخامس و الذي ظلَ معلقا اكثر من 38 سنة بفعل هذه العناصر الديناصورية.
و هل هناك اصلاح و هذا حال القيادة؟ و هنا حال القاعدة. بل النظرية الشمولية التي لاتؤمن بإصلاح لانها الكمال و حامليها بلغوا من رشد الثريا!

شخصيات برنديليو:

يحضرني تعليق لعميل سابق في سي أي أيه يقول فيه:ان ارادت امريكا خداع نفسها بأن إدارة الرئيس ريغان بالتعاون مع بابا الفاتيكان كانا وراء انهيار الاتحاد السوفيتي فهذه مشكلة..لم يسقط الاتحاد السوفيتي الا نتيجة لعدم وجود المجتمع المدني.
أي ان الماركسية سقطت حيث تدعي،بانها مؤهلة!أي ان الاطار الشيوعي(الحامل للماركسية)له قوة كامنة للتمير الذاتي و لم تكن لحظة الانهيار اكثر من انها مسألة وقت. من هنا يمكننا ان نفحص عنوان البوست كخطل اولا و كخديعة ثانيا.و الصحيح هو كلما اقتربيت الشيوعية من الواقع احترقت و الماركسية في لبها. فلا يمكن ان تتوجد شيوعية بلا ماركسية او ماركسية مخففة(معزَلة) او محررة من اثقال ضغط الواقع، و لسبب جوهري هو ان الماركسية لم تترك حيز لادعاء من هذا القبيل، فشمولية النظرية لم تسمح في سابق التجربة لمفاهيم تحديثية،و يوم اصرَ غرباتشوف على الإصلاح انهار البناء برمته، لان النظرية، نظرية مصمتة لا تقوى على احتمال التفاعل الحر. و لذلك ليس هناك شيئ اسمه كلما اقتربت الشيوعية من الواقع ابتعدت من الماركسية، لان الشيوعية أساسا هي المظهر السياسي للنظرية الماركسية و هما متطابقان الاولى تدعي سر الكون وزبدة المعرفة الموسوعية و ام الفلسفة..الخ. والثانية الأداة السياسية التي تحقق الفكرة على الارض. و هنا تاتي الاستحالة في الرغبة في الفصم بينهما(الفصم الذي لا يوجد الا في عقل مضطرب و نفسية جبلت على التبرير)فأية درجة من درجات الابتعاد تحولهما (الماركسية و وعائها الحامل الشيوعية) الى شيئ اخر مغاير. لا اجد شيئ اختم به لعدلان و حزبه في وصف حالة الحيرة و الاضطراب انسب من الوصف اللازع و المعبر للخاتم عدلان : حينما شبه الشيوعيين بشخصيات برنديليو(رائد المسرح العبثي) و انهم حزب يبحث عن مشروع اضاعه فأصبح كقطة عمياء يرتضم بجدران سجن صنعه بنفسه.

Post: #190
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: عدلان أحمد عبدالعزيز
Date: 06-22-2006, 04:42 PM
Parent: #1

الأخ ثروت، سلامات..


صدقـت..، كان الأخ صدقي يمارس نوعاً من الوصاية استبق بها المناقشة الجارية، عندما كتب أنه كان يود أن يرى "شيوعي آخر يحمل آراء عدلان" ولكن وصايته تلك كانت على الآخرين، وأنا لست لسان حال الآخرين! واقع الحال، الآن.. هـا نحن نرى كيف سار الأمر، حيث أنه لم يتقدم للمناقشة "شيوعي آخر يحمل آراء صدقي"! عتبي على الصديق حيدر قاسم أنه كان يمكن أن يتحدث عن نفسه أو القارئ بصفة عامة، ولم يكن هناك داع لإقحامي.. أؤكد لك يا ثروت، أن استنتاجك أني كنت "متبعا لمبدأ انصر(زميلك) ظالما او مظلوما" لهـو استنتاج خاطئ تماماً.

فيما يتعلق بما كتبه الطيب بدر حول نية ماركس في اهداء (رأس المال) لتشارلس داروين، من أن عدلان قد "نفاه بتسرع غريب اولا"، ذلكم قول ليس صحيح.. كل الذي قد فعلته أن تساءلت مخلصاً عن ماهية الوسيلة التي تعرف بها الطيب بدر على "رغبة" ماركس؟ ولرغبة حقيقية عندي في معرفة من أين أتى الطيب بذلك القول، فقد أجريت بحثاً جاداً ولخصت نتائجه للقراء وأبرزت مصادر معلوماتي..

شككت في جديتنا في البحث عن بديل نظري أكثر قرباً من الواقع ومعطياته، رغم استعراضنا وبحثنا في علل الماركسية التي تفقأ العين، وعارضت ذلك بقولك: "اما محمد ابراهيم نقد فيكفي تصريحه(نحن حزب اشتراكي ماركسي) و هو ينسف بذلك اطروحة عدلان من الاساس" ذلك تناول معكوس من حيث التسلسل التاريخي أولاً، ومن ناحية ثانية ما قاله نُـقد، هو مجرد تصريح.. والتصريح لا ينسف الأطروحات.. فالأطروحات تنسفها أطروحات مضادة أكثر تماسكاً منطقياً.. ومع ذلك أدركنا أن مثل هكذا تصريح، لا بد وأن تكون خلفه أطروحاتٍ ما.. وعليه عارضت تصريحاته بهـذا المبحث الذي نتداول فيه، و قبل شهـرين بالضبط من تاريخ اليوم، كنت قد كتبت في هـذا البوست مخاطباً الأخ معتز تروتسكي: "عزيزي الأخ معــتز، خالص تحياتي ومودتي..

عقب فراغي من إكمال نشر موضوع البوست الأساسي، أرسلت الموضـوع للجنة المناقشة العامة بعنوان "لســنا ماركسيون.. أو كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!" وأتوقع أن يتم طبعه ونشره ربما مع مناقشات أخرى"
.. ما أود قوله أنني بتلك المعارضة أدرك تماماً مدى قوة تأثير تصريح نُـقد، خاصة في آنتئذنه.. لكن ثقتي أكبر أنه باستمرار الطرح الصحيح فإنه قد يجد تجاوباً أكبر على المدى البعيد (مش بعيد خالص) وليس بالضرورة أن يكون هناك نفي كامل للأطروحات، فقد تحدث اختراقات مؤثرة هنا أو هناك لمصلحة تطور الثورة السـودانية، التي أعتقد مخلصاً أن كل المهتمين في استمرار هـذا الحوار، هم من قوى التغيير التي تقارب بينها أهـدافها وتباعد بينها وسائلها.. وبين هذا وذاك، هناك دائماً مساحة للتواصل.. فقط نحتاج لبناء جسور الثقة، ومد الأيادي عبر الأفقي، وإن لم يتيسر عبر الرأسي!

وليتواصل الحوار،


Post: #191
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: معتز تروتسكى
Date: 06-23-2006, 02:01 PM
Parent: #190


Post: #192
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: طلعت الطيب
Date: 06-29-2006, 04:55 PM
Parent: #191

هل يصلح العطَار ما أفسد الدهر؟


القراء الأعزاء
الأخ الفاضل/ عدلان عبد العزيز
قرأت مقالك المسئول تحت عنوان(كيف حاصر الجمود و التناقض أطروحات د. صدقي كبلو؟)، بعد أن أرسله لى الاخ ثروت سوار الدهب مشكورا وذلك بناءآ على طلبى. و لم اندهش كثيرا لموقف د. صدقي كبلو من الديمقراطية و من موقفه المتشبث بالمركزية الديمقراطية(المبدأ التنظيمي الذي يحكم الحياة الداخلية للحزب الشيوعي) كمثل العديد من الشيوعيين. سأقوم بنقد هذه المواقف من خلال مساهمتي حول المركزية الديمقراطية التي ستنشر يوم الأحد القادم بإذن الله. و بذلك تكون قد تبقت لي مساهمة أخيرة كما سبق و وعدت القراء(و آسف لانقطاعي لاسباب خاصة). قمت بإستصاحب دراسة الراحل المقيم الأستاذ الخاتم عدلان(آن آوان التغيير) التي نشرت في الشيوعي العدد 157، الطبعة الثانية فبراير 1994و التي كان قد صاغها قبيل أستقالته الشهيرة من من الحزب الشيوعي. و كان لهذا الإستصحاب عدد من الأسباب و لكن اهمها:ـ
أولا سبب ينبع من اهمية الدراسة نفسها إذ أنها تعكس تجربة الخاتم مع الحزب الشيوعي و التي أمدت لثلاثة عقود و هي أكثر من نصف عمره القصير.
ثانيا بمناسبة مرور الذكرى السنوية لرحيل الخاتم، و ربما أزعجني أن بعض من سيقدَم أوراق عن فكر و حياة الرجل في هذه المناسبة ممن هم على خلاف جذري معه و أشكك بالتالي في مقدرتهم على إلقاء حزم ضوئية تكفي للوصول إلى العمق المطلوب في كتابات الخاتم.
أود أن انوه كذلك إلى حقيقة إحترامي لمحاولات الأخ عدلان الإصلاحية داخل الحزب الشيوعي السوداني و اتمني له كل التوفيق(بما فى ذلك تكذيب عنوان المداخلة اعلاه)، على أن ذلك لم يمنعني من محاولة إستكشاف مدى حظ هذه المبادرة من النجاح في مساهمتي القادمة تلك من خلال فحص المبادرة قياسا إلى ما كان قد خطه قلم المرحوم الخاتم في (آن آوان التغيير) حين كتب:
إن المركزية الديمقراطية تنادي بحق الاقلية في الإحتفاظ برأيها و الدعوة إليه داخل المنابر الحزبية، و لكنها في واقع الأمر تجعل وجود أقلية في الحزب أمرا مستحيلا، فتكوين أقلية يقع تحت طائلة المبدأ اللائحي القائل بتحريم التكتلات و الإتصالات الجانبية. و لا توجد اقلية بالتالي إلا كافراد منعزلين، لا يلتقون إلا كمتآمرين. و ذلك هو السر في أن الاقليات لا تتكون إلا عشية الإنقسامات و تشهد بذلك ظاهرة البلاشفة و المناشفة في روسيا. إن الحديث عن إمكانية وجود اقلية داخل إطار المركزية الديمقراطية ليس سوى واحدة من إستهبالات الفكر السياسي و التنظيمي الأكثر مرارة و الأكثر إثارة للهزء. و إذا كانت الاقلية لاتوجد داخل الحزب، فإن الرأي الآخر لا يوجد بالتالي، بالنسبة للمجتمع، حيث يفترض أن يعبر عضو الحزب عن رأي الحزب صرف النظر عن وجهة نظره الشخصية.
انتهى الإقتباس.
ليس ما يدعونى للانزعاج فقط هو حقيقة أن من يدافعون عن المركزية الديمقراطية هم ممن يقدمون هذه الايام أوراقا عن الخاتم عدلان في ذكرى رحيله السنوية، و لكن سعي هؤلاء المحموم لتقلد المناصب في منظمات حقوق الإنسان بينما هم يعضون بالنواجز على مبادئ سياسية و تنظيمية تتعدى مصادرة حقوق زملائهم إلى حرمان حتى أوطانهم من مجرد وجود الرأي الآخر. ألا تثير مثل هذه المواقف(السخرية و الهزء) اليست هي فعلا(من اكبر إستهبالات الفكر السياسي و التنظيمي!).

Post: #193
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: طلعت الطيب
Date: 07-03-2006, 11:33 AM
Parent: #192

هل يصلح العطار ما افسد الدهر؟
(الحلقة الثانية)
تقديم:
كتب الراحل الخاتم عدلان حول صعوبة وربما إستحالة تغيير القيادات الشيوعية بواسطة قواعدها ما يلي:
أن النغمة السائدة حاليا هي إرجاع كل الشرور العظيمة و الجرائم المرعبة التي أرتكبت اثناء عقود التجربة الإشتراكية التي سقطت، إرجاعها إلى الستالينية دون توضيح حقيقة أن الستالينية نفسها هي الإبنة الشرعية للمركزية الديمقراطية. عن طريق مبدأ الطغيان القيادي هذا، صعد جوزيف ستالين إلى سكرتارية اللجنة المركزية. لم يكن في مقدور مؤسس الحزب نفسه، فلاديمير إليتش لينين أن يزيحه من موقعه ذاك رغم محاولاته المستميتة و(تآمره) مع مجموعة تروتسكي، و تحضيره لقضية شيوعي جورجيا الذين إضطهدهم ستالين، لتفجيرها داخل المؤتمر، لم يفلح في ذلك لأنه كان بسبب المرض قد فقد السلطة الحزبية، و عندما حدث ذلك فأن العبقرية السياسية و النفوذ المعنوي الهائل لم تعد تجدي فتيلا. و هذا اسطع مثال على أن المركزية الديمقراطية هي مبدأ الحماية المطلقة للقيادة في مواجهة قاعدتها بالذات.*
المركزية الديمقراطية هي المبدأ التنظيمي الذي يحكم الحياة الداخلية للجزب الشيوعي و قد ظلَ هذا المبدأ التنظيمي عرضة للنقد الموضوعى والبنَاء منذ صياغته في روسيا القيصرية بين عامي 1903 1906 إلا أنه ظلَ و منذ ذاك الوقت الشكل التنظيمي الذي تعتمده الأحزاب الشيوعية في عملها و حجتهم في ذلك أنها تضمن وحدة الحزب في وجه التكتلات و الإنقسامات كما أنها توفر نظام للطاعة يرتفع من فعالية الحزب!
حينما تكون الديمقراطية مجرد طلاء سكري لجرعة المركزية المريرة:
و يستطرد الخاتم عدلان فيقول أن المبررات التي صيغت اعلاه للدفاع عن المركزية الديمقراطية غير صحيحة لأن الديمقراطية تحتوي على مركزيتها الخاصة، فخضوع الأقلية لرأي الأغلبية مبدأ ديمقراطي معروف، يضمن وحدة المنظمة المعنية و يجسد إرادتها. يضاف إليها مبدأ التمثيلRepresentation الذي يؤدي المهمة على المستويات الاعلى فالأعلى. تكمل البناء الديمقراطي، و ترتقي بالفعالية الحزبية مبادئ أخري صاغها الفكر الديمقراطي الحر عبر القرون، مثل الإعتبارات الفئوية و الجغرافية، العرقية و القومية، المؤتمرات المنتظمة، الصحافة الحزبية..الخ) ثم يضيف و لكن هذه الديمقراطية المتكيفة بذاتها عندما تلحق كرديف ثانوي لمركب المركزية الديمقراطية و تستخدم كمسوغ لقبول المركزية المطلقة، و كطلاء سكري لجرعتها المريرة، فأن نهايتها تكون قد حلَت، و بالفعل فإن ممارسة الاحزاب الشيوعية تشهد بأن الديمقراطية قد تمت التضحية بها على الدوام لصالح مخدومتها المبجلة: المركزية المطلقة*
و كما قلنا، فبينما يرى العديد من الشيوعيين أن أزمة الديمقراطية داخل الاحزاب الشيوعية ناتجة عن سوء تطبيق المركزية الديمقراطية فأنني اتفق مع ما كتبه الراحل الخاتم عدلان في أن العيب يكمن في المبدأ نفسه وهنا تجدرالإشارة إلى الملاحظات التالية:

أولا: إجراءات إنتخابات اللجنة المركزية و كل الهيئات القيادية التابعة لها هي إجراءات غير ديمقراطية. فهناك لائحة مرشحين واحدة تقدمها عادة اللجنة المركزية السابقة ، أو مكتبها السياسي،و لذلك فهي تفوز في جميع الحالات.

ثانيا: لائحيا فأن المركزية الديمقراطية تمنع الإتصالات الجانبية (تعتبر ثرثرة) و لذلك فإنه يستحيل تكوين اية مجموعة بمعزل عن القيادة، و هنا أذكَر الأخ عدلان بأن محاولاته الإصلاحية تلك تعتبر غير لائحية و من حق السيد محمد إبراهيم نقد تطبيق اللائحة و فصل عدلان بتهمة أنه يدعو للتجهيز لانقسام(مع أن عدلان يمارس حقه الديمقراطي الطبيعي)...
نعتقد أن عيوب المركزية الديمقراطية واضحة و دون الدخول في تفاصيل كثيرة نشير فقط إلى حقيقتين يعتبران من التداعيات المباشرة لإعتماد الحزب الشيوعي السوداني لهذا المبدأ التنظيمي اللعين. و هما

1 ـ عدم عقد الحزب الشيوعي لمؤتمره الخامس طوال ثسعة و ثلاثون سنة رغم أن الظروف الأمنية كانت تساعد على ذلك في بعض الاحاين و خاصة بعد الإطاحة بجعفر نميري في إنتفاضة ابريل1985 و هذا لا يؤكد سوى شئ واحد و هو مدى إمكانية الإستغناء عن خدمات الديمقراطية لصالح المركزية دون أن تخشى قيادة محمد إبراهيم نقد أية حساب!

2 ـ أهم وثائق المؤتمرات الشيوعية الاساسية لا تخضع لحوار جدي قبل المؤتمر أو أثناء إنعقاده، فوثيقة الماركسية و قضايا الثورة السودانية مثلا تمت قراءتها على الاعضاء (مثلهم مثل التلاميذ) بعد أن صاغها المرحوم عبد الخالق محجوب في كتاب. و تمت تعبئة الحزب حولها بعد إنفضاض المؤتمر، و أستمرت التعبئة لاكثر من عام.*

و أود أن أشير كذلك إلى حقيقة هامة و هي أن الإدَعاَء بأن المركزية الديمقراطية تزيد من فعالية الحزب (عن طريق نظام الطاعة الحديدي) هو مجرد إدعَاء لا يسنده الواقع بأية حال من الأحوال، بل إنها تولَد جوا خانقا وطاردآ للمثقفين.إنَ ما تشيعه الديمقراطية من رضى عام وسط الحزب و هيئاته هو الذي يؤدي إلى الفعالية الحقيقية و هي فعالية ترتفع في كثير من الاحايين إلى حدها الاقصى. و عليه فإن وحدة و فعالية الحزب يمكن ترسيخها عن طريق الديمقراطية و هي تجربة ملموسة في عالمنا المعاصر. و في إعتقادي أن أخطر إفرازات تطبيق المركزية على المستوى التنظيمى يضاف إلى هيمنة الفكر الأصولي الماركسي على المستوى السياسى، هو ما عرف بظاهرة ضمور ديمقراطية الإنتاج الفكري و الثقافي لغياب المبادرة تمامآ وسط العضوية. المقصود بذلك هو إطَلاع قيادة الحزب الشيوعي بالتنظير و إكتفاء القاعدة بمباركة هذا التنظير و تبريره. و قد يكون ما أشار إليهالاخ عدلان فى أن إحجام الشيوعيين عن الخوض في موضوع هذا البوست كان بسبب وصائية صدقي كبلو صحيحآ إلى حد ما، و لكن في تقديري يرجع السبب إلى ما إشرنا إليه حول ترسخ ظاهرة ضمور الإنتاج الفكري على مستوى القاعدة حيث تعودت العضوية أن تطلع قياداتها باعباء الإنتاج الفكري الجاد بينما تتجه هى في معظم الحيان إلى إنتهاج أسلوب إغتيال شخصية الخصوم بدلا عن تناول القضايا الهامة و الملحة مثل تعرية المشروع الاصولي فيما يتعلق بقضايا السلام و الديمقراطية و الفساد. و لعلنا نلاحظ هذه الايام إمتلاء الصفحات الإلكترونية ( نضال )النبذ الشخصي و المهاترات من قواعد الحزب الشيوعى و هذا يؤكد ما ذهبنا إليه وهو نتاج طبيعى لضعف التثقيف الذاتي داخل الحزب حيث حلَت بدلآ عن التثقيف ظواهر ضارة للغاية مثل إنتهاج اساليب الهياج وكل مظاهرالبارانويا السياسية تجاه الآخرين.

و أواصل الحلقة الأخيرة تحت العنوان أعلاه كى أناقش موضوع المبادرة داخل الحزب الشيوعى بتساؤل هام وهو أيهما نصدق المرحوم عبد الخالق محجوب ام صدقى كبلو؟
ربمانكون قد لاحظنا كيف تقوم المركزية الديمقراطية بخلق غشاء سميك بين كل وحدة تنظيمية واخرى داخل الاحزاب الشيوعية فسوف نرى كيف يتم إنجاز المهمة نفسها داخل الجبهة الديمقراطية وسط الطلاب والنقابية وسط العمال وبقية المنظمات التى يسيطر عليها الحزب الشيوعى، وذلك عن طريق ماعرف بتقطيع الاوصال وخلق غيتوهات سياسية للمثقفين فى هذه المنظمات.

(1)آن آوان التغيير
(2) نفس المصدر السابق
(3) نفس المصدر السابق

Post: #194
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: Mohamed Abdelgaleel
Date: 07-06-2006, 06:20 AM
Parent: #193

الأخ الأستاذ عدلان .. هذا بوست للمراجعة ويستحق أن يرفع دائماً
ثانياً: هنالك العديد من المساهمات الجادة والرصينة التي تستحق النظر وإعادة النظر
ثالثا: أعتقد أنك يا عدلان لم تقل كل ما تود قوله في هذا البوست .. وكذلك المساهمين الآخرين ..
رابعاً: الواقع يزدري كل النظري المطروح .. فما العمل؟!

Post: #195
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: طلعت الطيب
Date: 07-07-2006, 06:37 PM
Parent: #194

هل يصلح العطار ما افسد الدهر؟
(الاخيرة)

تقديم:
ربما كان حلمنا كجيل فى التقدم والعدالة الاجتماعية قد حال دون رؤية أشياء كثيرة، وربما كان ذلك الحلم كافيآ لتقديم تنازلات كبيرة على مستوى الخيارات الشخصية، ولكن حينما يصبح ماكان بالامس يقينآ، محل شك اليوم وهو ماتؤكده شواهد عديدة، يصبح دفع مثل هذا التنازل بمثابة إستحقاق ضخم وفادح الثمن على الجميع... يقول الراحل الخاتم عدلان فى هذا المعنى ( تنامت الطبقات الوسطى على حساب البروليتاريا اساسا، و على حساب البرجوازية كذلك و أصبحت تشَكل الأغلبية الساحقة في المجتمعات الرأسمالية المتقدمة عشية إنتصار الثورة العلمية التكنلوجية، فحدثت تطورات عاصفة حين تحَول إنتاج الثروة القومية من اليد إلى الدماغ. و أصبحت المعرفة و المعلومة و الفكرة و التصميمات الذهنية هي أداة الإنتاج الأساسية، و هذه تمتلكها الطبقات و الفئات الجديدة، حيث أصبحت هي المنتجة الأساسية لتروة المجتمع، و أصبحت الوحيدة القادرة على قيادة المجتمع، إذ أنها تمتلك أدوات إنتاج لا تستطيع البرجوازية نفسها أن تجردها منها. و هذه ظاهرة لم يعرفها ماركس و لم ينظر إليها.
أن مآلات و مصائر الطبقة العاملة هام جدا بالنسبة لحزبنا. فمشروعه قائم بجوهره على صيرورة الطبقة العاملة القوة الأساسية القائدة في المجتمع. و هذا الموقف لن يتحقق لها إلا إذا صارت المنتج الإساسي لثروة المجتمع، و تحققت لها الغلبة العددية. و لكن هذه الأهدافا التي هي أهدافنا لم تعد أهداف للتاريخ، فقد كف التاريخ عن السير في هذا الإتجاه*)
بين الحداثة و متاحف التاريخ:
تدهشنا مرة أخرة مواقف د. صدقي كبلو حين يقول أنه(تعَلم الا إشتراكية بدون ديمقراطية و أنه يتحدث عن الديمقراطية كحقوق سياسية و حقوق إنسان في المجتمع و في التنظيم) بينما يقول ذلك نظريا فأنه يقوم عمليا بالدفاع عن المركزية الديمقراطية داخل حزبه، و لا نستطيع إبتلاع تغنيه بحقوق الإنسان في المجتمع و التنظيم و الدفاع في نفس الوقت عن مبدأ تنظيمي قائم على الطغيان القيادي و هضم حقوق القواعد! هنا تتعَرض مصداقية السيد كبلو لهزة كبيرة من نوع(السونامي). كذلك يحلو له ترديد العبارة التالية(أن العلوم البرجوازية تنتج علما و ايدولوجية و على البشرية التقدمية أن تحتفظ بالعلم و تطوره و ترسل الايدولوجية لمتاحف التاريخ). و لكن صدقي يقوم بفعل العكس عمليا حيث يقوم بالإحتفاظ بالايدولوجية و إرسال العلم إلى المتاحف بدلا عنها و إلا كيف نفسَر دفاعه المجيد عن المركزية الديمقراطية و هي المبدأ التنظيمي الديناصوري الذي صيغ مع بدايات القرن الماضي في منطقة متخلفة من العالم هي روسيا القيصرية. بينما يلقي إلى متاحف التاريخ جلَ ما أنتجه الفكر الديمقراطي الحر إضافة إلى التطورات الهائلة التي حدثت في العقود الأخيرة في علوم التنظيم و الإدارة!
ايهما نصدق عبد الخالق محجوب أم صدقي كبلو؟:
يقول د. صدقي كبلو في رد على الأستاذ حيدر أبو القاسم:
Quote: (طبعا هذا تعميم هناك إستثناءات، بعضها أعرفع مثل مبادرة طلائع الشفيع في بورتسودان في السبعينات، ومبادرة بيت المال بإكتشاف شكل التحالف الدينقراطي في الأحياء بعد الإنتفاضة في 1975).

كتب المرحوم عبد الخالق محجوب في الماركسية و قضايا الثورة السودانية بأسى ما يلي(أن الأساس لتنمية الديمقراطية في حزبنا ضعيف و مهزوز جدا، فمازال فرع الحزب الشيوعي يتلقى التوجيهات المفصلة، و يجري التدَخل في حياته الداخلية بحجة أن الفروع لا تسطيع العمل وحدها).
كذلك أشار المرحوم الخاتم في آن آوان التغيير(إلى وصائية قيادة الحزب على المنظمات التابعة، حيث ذكر أن التحالف الديمقراطي لبيت المال كان قد تعَرض للتقريع و التوبيخ من صحيفة الحزب المركزية لمجرد أنه قام بوضع برنامج إنتخابي لمرشحه ، ليلبي حاجة و طموحات الأهالي! و بذلك يكون الحزب قد أرسل رسالة واضحة لكل من تسول له نفسه بإطلاق مبادرات خارج إطار عباءة (مركزيته) و لكن صدقي الفخور بمبادرة بيت المال لم يطلعنا على مصير هذه المبادرة حيث أتى بانصاف الحقائق و على طريقة (لا تقربوا الصلاة) ليقدم للقارئ ما يشبع نزعته الايدولوجية على حساب الحقيقة و الواقع متعمدا تغبيش وعي القارئ(مستبطنا تسجيل نقاط على محاوريه ليس إلا!). فإذا كان الحزب يعاني من أزمة مبادرة كما يقول عبد الخالق فكيف يكون حال منظماته((حيث لا يستقيم الظلَ و العود أعوج). هنا أيضا تتعَرض مصداقية السيد كبلو لسونامي آخر، تماما مثلما تتعَرض مصداقية حزبه بسبب دعوته بتبني الديمقراطية التعددية في المجتمع في الوقت الذي يحرم أعضائه منها بسبب من إعتماده لمبدأ المركزية في التنظيم!
الغيتوهات السياسية المسماة بمنظمات الحزب:
من المعروف ان للحزب الشيوعي (تحالفات) وسط العمال(الجبهة النقابية) و وسط الطلاب (الجبهة الديمقراطية) و وسط الأحياء(التحالف الديمقراطي) و وسط المهنيين(كالمهندسين و المعلمين و الأطباء الإشتراكين...الخ) و التحالفات التي يخلقها وسط هذه الفئات وصائية و غير ديمقراطية لسببين:
الأول هو أن الحزب الشيوعي لا يسمح بوجود قيادات مستقلة لهذه الفئات(حيث ليس هناك مركزية مستقلة للطلاب الديمقراطيين مثلا) إنما يقوم الحزب بتقطيع أوصال هذه المنظمات عن طريق تتبيعها لفرع الحزب.
ثانيا بسبب إستخدام الفراكشن الشيوعي(الجزيئ الشيوعي) في تمرير سياسات و توجيهات الحزب داخل هذه المنظمات عن طريق ما عرف بحق التنظيم الإضافي، حيث يقوم الطلاب الشيوعيين بالإجتماع أولا لمعالجة الأجندة السياسية وفقا لما يراه الحزب لتمريرها بعد ذلك داخل وحدات الجبهة الديمقراطية، و قد تسببت هذه السياسة في خسائرأخلاقية فادحة و إن نجحت في تمرير خط الحزب.و تسبب ذلك في إبعاد العناصر الجيدة ذات الحساسية الديمقراطية العالية. و هنا يذكَرنا الحزب الشيوعي بالفيروس حينما يقوم بإمتصاص رحيق الحياة من الخلايا عن طريق تشفيره للحمض النووي كي ينمو و يتكاثر على حساب الجسم وعافيته. يحدث هذا التطفل في ظل خطاب سياسي هلامي قائم على حلقات يمسك بعضها برقاب بعض(مرحلة ثورة وطنية، فإشتراكية، فمجتمع شيوعي) و لنا أن نتخيل هنا مدى غربة الطرف الآخر في التحالف، و كان من الممكن كما يقول الخاتم(في إستطاعة الحزب أن يكون في متناول الجماهير لو أقتصر خطابه على مرحلة تاريخية واحدة، يراها و يدركها، تراها و تدركها معه الجماهير الواسعة و تنخرط على هذا الأساس في النضال من أجل تحقيقها. و ما دامت هذه المرحلة في إتجاه التطور التاريخي العام، فأن الاجيال القادمة و التي تصاغ المشاريع الشمولية من أجلها، لن تخسر شيئا، بل ستستلم الراية من نقطة متقدمة و لن يخسر المستقبل الإنساني شيئا، بل سيكف بالضغط بثقله على الحاضر، مفتتا بعده قوى التقدم الماثلة، التي تؤدي إختلافاتها حوله إلى حجب إتفاقها حول واجبات الحاضر،و عرقلة وحدتها لإنجاز هذه الواجبات*)
خاتمة:
منذ إنفضاض مؤتمر الخريجين العام على اثر تسابق المثقفين المحموم نحو الطائفية و المشاريع الشمولية، هجر المثقف السوداني الوسائل و الغايات الديمقراطية و نسي أن الحرية لا تتحقق إلا بالمزيد منها و أنه لا يمكن التضحية بإنسان اليوم من إجل إنسان الغد، تماما مثل التخلي عن تكنلوجيا اليوم و التضحية بها من أجل تكلنوجيا المستقبل مما لن يحقق أيا منهما. و قد كان لهذا(الهجر) عواقب وخيمة(فالمثقف ضعيف التكوين الديمقراطي أصلا حيث يضعف تأثير حكمته حتى على الحبوبات كما أورد أستاذنا د. حيدر إبراهيم). و تفخر قيادات التيار الأصولي في السودان بأنها إستفادت من التجربة التنظيمية للحزب الشيوعي فتمكنوا من إستخدام أمضى سلاح و هو سلاح الثقافة و الدين في أكثر أشكالهما تخلفا و بشاعة. أن تجربة تغيب الديمقراطية عن المثقف و مؤسساته كان بمثابة الجبهة التي هبت منها الرياح فلم يمتلئ منها شيئ أكثر مما انتفخت به اشرعة الهوس الديني في السودان، و قد كان الخاتم محقا تماما حينما كتب(لا شك في أن الفكر الديمقراطي مطالب بترسيخ أسسه في كل المؤسسات الإجتماعية و السياسية. و لا يتم ذلك إلا بصراع شرس ضد كل إرث الوصاية و الابوية و الطغيان، المتجسد في مؤسسات تبدأ بالعائلة و تنتهي بالدولة. و لا يتم في الاحزاب الكبرى إلا بإلغاء الطائفية و تحجيم دورها السياسي، و لا يتم داخل حزبنا إلا بإلغاء المركزية الديمقراطية، و التي تنصَب قيادة جديدة تربطها الولاءات الشخصية و روح العصبية*)

*( آن آوان التغيير) مجلة الشيوعي العدد 157، الطبعة الثانية 1994

Post: #196
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: Bashasha
Date: 07-08-2006, 01:47 AM
Parent: #1

زويلنا القارئ، كيفنك يالغالي؟

عارف، يازويلنا، ساقية الجماعة لسة مدورة!

الطريف لافرق يذكر مابين التابو سلفا، بعد خراب سوبا واللسة مبتلين بي شغلانة الماركسية دي!

من باب التذكير، نعيد تسجيل موقفنا الاساسي، من سبق الحمير الحساني،الفوق ده اونقول:

ياخلق، الدرش والطرش ده صلتو شنو بي بلاوينا في السودان الممكون اوصابر؟

هم عاملين "امي" اوضاربين طناش من السؤال، لانو حقيقة محرج، اوعشان كده هم غازين روسنم في الرمال كاجابة!

من جانبنا، من اهم اسباب بلاوينا، بالضبط ذي ماقلنا هو ذات كلام الطير الفوق ده!

ما"غردنا" بي كلامنا 'العنقر مامدنقر" ده، تب اهانة اواساءة او"ذراية" باحد كماقد يتبادر لاذهان البعض، بقدرما غردنا تسمية الاشياء القبيحة باسمائها القبيحة!

بنقول علي التسميع الفوق ده كلام طير، لانو ذي ماكررنا القول لامعني له علي الاطلاق ولاصلة، من قريب او بعيد بي واقع الحال عندنا، لوافترضنا انو ده معيار التقييم لاي طرح "سياسي".

اقر اني لااعرف عن الماركسية شئ يذكر، ولكني اعرف بمايكفي محو اميتي، عن واقع مرجعية ثقافتي الكوشية اي السودانية.

انطلاقا من المامي الطشاش ده، توصلت لي حقيقة بسيطة واساسية، تتلخص في كونو الماركسية هي بالضبط النقيض الكامل من حيث المرجعية الثقافية، وبالذات الرؤية للعالم، لي مرجعيتنا الثقافية!

لايوجد هناك ولاحتي شبهة عامل مشترك واحد مابين مرجعية ثقافتنا، والطرح الماركسي!

علي كده الطرحين في نقاط الارتكاز الاساسية، يمثلان، خطان متوازيان لايلتقيان ابدا!

عشان كده قلنا عليهو كلام طير!

اوعشان كده بتعجب من اصرار العالمين ديل علي طرح غريب الوجه، اليد، واللسان تماما- لايرجي منه غير التيه الكامل!

طبعا ده مامجرد ردحي او"سفسطة" نظرية عاجية.

ابدا!

نصف قرن من ودار الطرح الماركسي في بلدنا، هو الدليل المادي الملموس لي كلامنا ده!

هذا الودار حتي اليوم واضح في وضعية الشيوعي الباعثة علي الرثاء!

من التسطيح، الشيوعي الان بعدما سقط من عربية الفرملة، الان هو خارج التاريخ تماما في السودان، هائما علي وجهه، لايدري من هو، اين هو، من اين اتي والي اين ذاهب!

سنعود ونتناول بعض الاحاجي الواردة هنا، عن هيغل والجدل مثلا.

الناس ديل طرحهم فيما اتصل بتاريخ الفلسفة، قديم لمن معتت بالله!

الغريبة رغم انو حبل سرة معرفتم لازال موصول بي مهضومات الكرشة الاوربية، لكنهم الي الان ابدا ماخرجو عن شرنقة مااسماه "مارتن برنال" بالنموزج "الاري" للتاريخ اوالمعرفة، بتاع القرن الثامن عشر!

مارتن هذا بالمناسبة دي هو صاحب السفر الضخم، العنوانو:

BLACK Athena

اي اثينا السودانية اوالسوداء، اوالكوشية، او الاثيوبية، اوالذنجية..الخ.

يراعي في قرأة المفردات دي، انو مامقصود بيها بلد اوبلاد بعينها، وانما ثقافة تنتمي لمجموعة بشرية محددة، بغض النظر عن الحدود، الاقطار، والدول. بينما الاولي ثابتة الثانية هي المتحول.

طبعا الرفاق حواريي المركزية الاوربية، معروفين بي غرورم واستعلاءهم المعرفي المشهود!

عشان كده بي جدهم قاشرين حتي الان بي دعاوي النموذج الاري للمعرفة، بتاع القرن الثامن عشر!

ياها ذاتا القرضمة العورا، اوشيل البطارية في القمرا!

شفت زويلنا القارئ، الرفاق، غرقانين في فنجان جبنة معرفية كيف؟

جاييكم!

Post: #197
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: Mohamed Abdelgaleel
Date: 07-09-2006, 07:41 AM
Parent: #196

Up

حتى يستقيم السجال على جادة الموضوعية .. لنقول أن تلاقح أفكار مختلفات أبدع ثمرة أينع

Post: #198
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: Bashasha
Date: 07-09-2006, 07:47 PM
Parent: #1

غربة المرجعية اوسندروم ساقية جحا كنتيجة:

مشكلة ماركسيينا انهم وبحكم مركزيتم الاوربية، لم يتوفرو علي دراسة تاريخ ثقافتنا السودانية، انطلاقا من مركزية سودانوية كما هو متوقع ومفترض طبعا.

لوده حصل، مجري التاريخ كان تحول كليا في بلدنا، لانو ماكان حتكون هناك ماركسية اوحزب شيوعي في السودان اصلا!

النقطة دي صعب توصيلا في غياب حد ادني من الالمام، بي مرجعية ثقافتنا الكوشية اوالسودانوية.

لاحظ عزيزي القارئ كيف منظري الماركسية عندما اصطدمو بالثقافة الكوشية للمرة الاولي، حار دليلم تماما، ليخلصو لي نتيجة استحالة الثورة في نموذج الثقافة الكوشية السموها خطا A.M.P!

نعم النازية والماركسية التقتا في شطب اسماءنا كزنوج من اغلفة مجلدات اسهامنا الحضاري، النسبتو الماركسية بي بساطة للاسويين!

بالنسبة لي اهي دي قضايا الماركسية، مش التسميع الفوق ده!

الخلل المنهجي الاساسي في الشغلانة دي، المتمثل في غربة مرجعية ماركسينا الوافدة والاجنبية، بدا من هنا. وكنتيجة حتمية انتهي بهم الامر الي تناول معطيات واقعم الثقافي بعيون غزاتهم الزرقاء، الانجلوساكسونية تحديد!

مفتاح الحلقة الدائرية الجهنمية الدايرين فيها الرفاق، اعلاه، بالضبط هنا!

منهجيا، الطرح اعلاه اصلا غير مؤهل لنقد الماركسية، لغياب الارضية المغايرة المستقلة الضرورية لتناول الماركسية اللي سلفا فشلت فشل مريع، لذات الاسباب المذكورة هنا، وتحديدا، تعارض المرجعية!

الشرط الاساسي لتناول الماركسية بالنقد يتلخص في هل الناقد يري الاشياء والوجود بعيون مرجعية ثقافتو، ام بعيون مرجعية الثقافة الانجبت الماركسية؟

قطعا التناول الفوق ده للماركسية ينطلق من ذات مركزية الماركسية الاوربية!

علي كده حلقة ساقية جحا المفرغة، من بحر المركزية الاوربية، اولي بحر المركزية الاوربية، بتكون فعلا عبثية وجهنمية!

عشان كده قلنا لافرق يذكر مابين الهجرو الماركسية سلفا، والمتمسكين بيها لسة!

حنحاول لوجينا صادين، نفصل مااجملنا اعلاه حول ازمة منهج التناول الدائرية، اعلاه باعطاء نماذج محددة.

Post: #199
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: عدلان أحمد عبدالعزيز
Date: 07-10-2006, 00:33 AM
Parent: #1

بشاشا..

المعرفة دايرة صبر.. لو توفر ليك قليل منه وقرأت بذهن مفتوح ما كُتب أعلاه لتوصلت إلي حقيقة أولية بسيطة..

أن الخيط الذي يربط المتحاورين هنا.. يتمثل في؛ رفض فكرة مركزية المعرفة! الحكمة ضالة المؤمن، والمعرفة سعي المثقف.. أنى وجدها اتبعها، لايعنيه مركزها.. بكلمة، إنت يا بشاشا "أوف بويت" تماماً.

شكراً على أية حال!

عدلان.

Post: #200
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: عدلان أحمد عبدالعزيز
Date: 07-10-2006, 00:43 AM
Parent: #1

عزيزي الأستاذ محمد عبدالجليل، تحياتي..

صحيح أن الواقع دائماً ما يمد لسانه للنظري.. ربما لأن النظري يصوغ تصوراته في الأساس عبر النظر لتجارب الماضي فيحاول إستخلاص قوانين عامة يقولب فيها المستقبل المطلق النهائي.. وذلك المطلق النهائي لا يمكن الجزم بوجوده! أعتقد أن النظرية التي تُـشبه الزمان بعلامة الضرب (إكس X ) صحيحة.. حيث نقطة المنتصف فيه تمثل الحاضر، والجزء المفتوح لأسفل يمثل الماضي، بينما الجزء المفتوح لأعلى يمثل المستقبل، وذلك الرسم -بنقطة تقاطعه التي تمثل الحاضر- دائم الحركة طالما أن الحاضر دائم الحركة!. أي أن الماضي غير معروف نقطة إنطلاقه وبدايته..، وكذلك المستقبل غير معروف أين تقع نقطة نهايته.. يعني طرفي المعادلة، وكما يقول الخواجات "أوبن إندز" عشان كدة ب نُنادي بضرورة النظر تحت أقدامنا وحل المشكلات القائمة، والراهنة، والقريبة.. أما الحتمية التاريخية، فذلك.. ما شُـغلنا.. خلو كل جيل يرسم مستقبله بيده.

لك ود بقدر حرصك على سجال موضوعي تتلاقح فيه أفكار مختلفة فتبدع ثمراً مفيداً

عدلان.

Post: #202
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: Sidgi Kaballo
Date: 07-10-2006, 05:28 PM
Parent: #200

الأعزاء والعزيزات
شغلتني أمور كثيرة من مواصلة الحوار الذي بدأته مع الأستاذ حيدر قاسم وبدأ حواري مع الأستاذ طلعت الطيب، وخلال هذه الفترة نشرت مساهمات كثيرة، بعضها وصفني ناقدا بأنني مارست أو حاولت ممارسة وصاية عندما قلت في مقدمة دخولي لهذا الحوار " وكنت أود لو أقرأ مساهمات مؤيدين لوجهة نظر صديقي العزيز عدلان من أعضاء الحزب الشيوعي"، وأظن، لست آثما ولا باغيا، أن الإخوة/ات من رأوا /رأين فيما كتبت، تعاملوا مع ما كتبت بحساسية شديدة، أو برأي مسبق في شخصي، بعضهم دون معرفة بي، أما البعض الآخر مثل صديقي عدلان عبد العزيز، فقد فاجأني بموافقته علي وصف الوصاية، وهو يعرف أنني، مثله تماما، أقول ما أعني ولا أحاول أن أظلل كلامي وما قلته لا معنى له سوى التعبير عن رغبة صادقة أن أقرأ مساهمات بعض الرفاق ممن أعرف أنهم يوافقون على وجهة نظر عدلان الداعية لتخلي الحزب الشيوعي السوداني عن الماركسية، وأنا لا أملك لا الحق ولا القدرة ولا الرغبة في فرض الوصاية على أحد، وددت أن يتسع المجال لمناقشة كل الحجج الرافضة للماركسية كمنهج للحزب الشيوعي.
وقد حاول أحد المتداخلين، ولعله الأستاذ حيدر، أن يوقع بيني وبين عدلان وقد سعدت برد عدلان، فعدلان وشخصي ورغم فارق العمر، نعرف بعض لزمن طويل، ونحفظ ودا عميقا بيننا، رغم إختلافنا الفكري في عدد من القضايا، وقد كنت وما زلت أثمن دور عدلان النضالي منذ كان طالبا، والذي لم يفت من عضده خلافه مع بعض قادة الحزب، ولا رأيه في الماركسية، عدلان مناضل في الحزب الشيوعي، يناقش ويعمل في نفس الوقت، تتفق معه أو تختلف فالشخص لا يملك إلا أن يحترمه.
بالطبع هذا لا يعني عدم إحترام من ترك الحزب أو إختلف معه، وعموما نحن من جيل لا يفسد إختلاف الرأي عنده للود قضية. وهذا يقودني لبعض طرق الأستاذ طلعت في المناقشة التي توحي بعدم إحترام الطرف الذي يناقشه، ولقد إعتذر من قبل لإستعماله بيتا من الشعر وعاد وأستعمله مرة أخرى، ولكنه عاد ليصفني بالإستهبال مما يدعو للسخرية والهزء، يقول في مساهمته بتاريخ 29/06/06
"ليس ما يدعونى للانزعاج فقط هو حقيقة أن من يدافعون عن المركزية الديمقراطية هم ممن يقدمون هذه الايام أوراقا عن الخاتم عدلان في ذكرى رحيله السنوية، و لكن سعي هؤلاء المحموم لتقلد المناصب في منظمات حقوق الإنسان بينما هم يعضون بالنواجز على مبادئ سياسية و تنظيمية تتعدى مصادرة حقوق زملائهم إلى حرمان حتى أوطانهم من مجرد وجود الرأي الآخر. ألا تثير مثل هذه المواقف(السخرية و الهزء) اليست هي فعلا(من اكبر إستهبالات الفكر السياسي و التنظيمي!)."
وهي فقرة غير موفقة في مثل هذا النقاش، فلا أدري إذا كان الأستاذ طلعت الطيب، الذي لا أعرفه، قد قرأ رأي في المركزيو الديمقراطية أم لا. ولا أدري هل يعرف أنني من مؤسسي المنظمة السودانية لحقوق الإنسان في وقت كان الكثير من الذين يتحدثون اليوم عن الديمقراطية وحقوق الإنسان كانوا يسخرون مني يإعتباري متأثر بأفكار ليبرالية، ولم أدعو لحقوق الإنسان والديمقراطية أبان موسم الهجرة لليمين بعد سقوط إشتراكية شرق أوربا والإتحاد السوفيتي. وقد حكيت قصتي مع حقوق الإنسان في مقدمة كتاب أعده عن " انقلاب يونيو حزيران 1989
وانتهاكات حقوق الإنسان في السودان"

فقلت

"تقديم
هذا كتاب تفرضه علي مسئوليتي كناشط في مجال حقوق الإنسان، وتلك مسئولية كبيرة، يجب لمن يتصدى لها أن يتحملها بموضوعية وتجرد ونكران ذات، وهي اختيار شخصي اخترته في ظروف صعبة كنت فيها ضحية لانتهاك حقوقي الشخصية والسياسية على أيام حكم ديكتاتورية جعفر نميري الغاشمة، ففي أحد الأيام من عام 1980 وأنا معتقل بالقسم الشرقي بسجن كوبر حمل لي أحد الضباط رسالة من فرع منظمة العفو الدولية ببروكسل في بلجيكا. وكانت الرسالة بسيطة وواضحة المضمون تسأل عن حالي ومن معي وكيف يمكن للمجموعة مساعدتي. وقام صديقي الأستاذ يوسف حسين بترجمتها وكتابتها على سبورة مبنية على حائط الزنازين الشرقية، واحتفلنا يومها ووزع مسئول الكميون سيجارة إضافية للمدخنين من المعتقلين وكويا من الشاي لكل معتقل فقد كان الشعور العام للمعتقلين سعادة فائقة بالتضامن. إن كل شخص مهما كان شجاعا ومقتنعا بما يفعل يحتاج للتضامن ولمن يمسك بيده في ظروف محنته. وقد ولدت تلك الرسالة في شعور عميق بالإعجاب بنشطاء حقوق الإنسان، أولئك الناس الذين أولوا على أنفسهم الدفاع عن حقوق إنسان لا يعرفونه وقد يكون مختلفا معهم في الرأي والهوية. وعاهدت نفسي حينذاك أن أتحمل مسئوليتي الشخصية في الدفاع عن حقوق الإنسان. ولقد ساعدني أستاذي البروفسير محمد عمر يشير أن أفي بذلك الوعد بأن أتاح لي فرصة للمساهمة معه وعدد من نشطاء حقوق الإنسان في تأسيس المنظمة السودانية لحقوق الإنسان في عام 1985 عندما قرر اجتماع فرع المنظمة العربية لحقوق الإنسان الذي تأسس عام 1984 ولعب دورا كبيرا في كشف انتهاكات حقوق الإنسان في السودان في السنة الأخيرة لحكم نميري أن يستجيب لمتطلبات الواقع السوداني بأن يتحول لمنظمة سودانية لحقوق الإنسان.
ولهذه العلاقة قصة أصبحت معروفة بين أصدقائي فأذكر أنه في حوالي فبراير 1984 جاءتني سكرتيرة الدكتور البروفسير إبراهيم حسن عبد الجليل مدير مجلس الأبحاث الإقتصادية الذي عملت به كباحث إقتصادي منذ فبراير 1976 وقالت لي البروفسير يريدك وعندما دخلت عليه وجدت معه البروفسير محمد عمر بشير فسارع البروفسير إبراهيم بأن قال لمحمد عمر: هذا هو الشخص الذي سيساعدك! فقلت لهما أساعد فيما ماذا؟ فحكى الأستاذ البروفسير محمد عمر بشير أنه قد حضر إجتماعا للمفكرين العرب في تونس وقد طرح في الإجتماع فكرة إنشاء منظمة عربية لحقوق الإنسان وعندما لم يجدوا مكانا لعقد الإجتماع التمهيدي في البلدان العربية فقد عقدوا إجتماعهم التأسيسي في إيماصول بقبرص وأنه حاضر لتوه من هناك وقد إتفقوا على إنشاء منظمة عربية لحقوق الإنسان وهو يريد أن ينشئ فرعا للمنظمة في السودان، فأثنيت على فكرة قيام منظمة لحقوق الإنسان لكني رفضت أن تننشئ فرعا للمنظمة في السودان بإسم المنظمة العربية لآنها تعني إستبعاد غير العرب في السودان وحاول البروفسير إقناعي ولكني تمسكت بتحفظي ولم نتفق. وفي أكتوبر من نفس العام ألتقيت البروفسير في مطار القاهرة الدولي حيث كان متجها للأردن بدعوة من سمو الأمير الحسن ولي عهد الأردن حينذاك وكنت أنا متجها لروما لحضور كورس في إقتصاديات التخطيط والتنمية بنابولي بجنوب إيطاليا. ورغم إغراء المصريين لنا بالدخول أصرينا على الإنتظار في الترانزيت نتسامر. فأسرني أستاذي بسر مرضه بالسرطان وأنه لن يعيش طويلا وأنه قرر ألا يستسلم للمرض وأن يحاول إنجاز مشروعين فيما تبقى من حياته ويريدني أن أساعده في الإثنين وهما إنشاء جامعة أهلية بأمدرمان ومنظمة لحقوق الإنسان. فحكيت له قصتي في المعتقل والعهد الذي قطعته على نفسي للمساهمة في الدفاع عن حقوق الإنسان لكني رددت تحفظاتي على أن تكون المنظمة في السودان إسمها المنظمة العربية وقلت أنني لا أمانع أن تكون المنظمة السودانية للدفاع عن حقوق الإنسان (فيما بعد في مايو 1985 إعترض أستاذنا الدكتور أمين مكي مدني على كلمة الدفاع وقال إنها سلبية وتعني نحن فقط سسنتظر الإنتهاكات وأقترح إسم المنظمة السودانية لحقوق الإنسان) فقال لي بروفسير محمد عمر أنه لا يمانع الفكرة ولكن وجودها كفرع للمنظمة العربية يحميها من تغول النميري وأجهزته ويعطيها فرصة للحراك ووعدته بالعمل معه فور عودتي. وقد نفذت عودتي فور عودتي من إيطاليا في منتصف أبريل 1985 وساهمت في التحضير للإجتماع الذي تم بمعهد الدراسات الآفروآسيوية والذي قرر تغيير الإسم وإنشاء المنظمة السودانية لحقوق الإنسان وتكوين لجنتها التمهيدية والتي كان لي شرف عضويتها ثم عقد الاجتماع التأسيسي وأنتخب مجلس الأمناء الذي أنتخب اللجنة التنفيذية و كان يرأسها البروفسير محمد عمر بشير وينوب عنه الدكتور أمين مكي مدني والدكتور بشير بكري وأمينها العام الدكتور محمد نور الدين ونائبه الأستاذ عبدالله الكارب وأمين إعلامها الدكتور محمدأحمد محمود وأعضاء مجلسها مولانا ميرغني النصري والأستاذ جلال السيد المحامي والأستاذة (الدكتورة) فايزة حسين والدكتورة فاطمة بابكر والدكتور الكبير عبداله هداية الله إخصائي العلاج بالذرة (الذي أصبح أمينا للمال بعد سفري في 1987) والأستاذ الكبير أحمد عبد الرحمن (كبيدة) المحامي والمستشار القانوني حينها لبنك السودان، والأستاذ المحامي عمر حسن شمينا والدكتور علي فضل الله عميد كلية القانون حينها والأستاذ الكبير المرحوم عبدالله الحسن نقيب المحامين والأستاذ الصادق شامي وكيل نقابة المحامين."
وبعد قيام إنقلاب يونيو ظللت أعمل مع صديقي عبدالسلام حسن وزكي الحسن في التعاون مع آمنستي إنترناشونال، وآفريكا وتش وأساعد في بحث الدعم عن ضحايا التعذيب حتى إتفقنا دكتور أمين مكي مدني (بعد إطلاق سراحي) مع البروفسير محمد عمر بشير الذي جاء للعلاج على إعادة تأسيس المنظمة في لندن، وفي تلك الفترة أسأل عن دوري في جنيف وفيينا وبروكسل في إستقطاب الدعم والتأييد لضحايا خقوق الإتسان في السودان وفي عزل النظام، ويؤسفني أن أضطر لذكر كل ذلك فما حاولت يوما الدعاية لنفسي ولم أطلبها من أحد، ولكني فقط أردت أن أقول للأستاذ طلعت: أجمع معلوماتك قبل الكتابة.

أما عن إشتراكي في تأبين المرحوم الخاتم عدلان، فيبدو أن الأستاذ طلعت لا يعرف طبيعة علاقتي بالمرحوم الخاتم ولم يكلف نفسه قراءة حتي نعيي له حتى يعرف العلاقة الشخصية، ولا أدري ماذا فهم من حواري مع الصديق صديق عبد الهادي، ولقد كتبت ردي على "آن أوان التغيير" بحياة الخاتم، وقد قدمت مساهمتي في الصباح، ثم ذهبنا في المساء، زوجتي وطفلاي وشخصي، معه للمنزل في مساء اليوم وقضينا يوما جميلا، وتزاورنا عدة مرات بعد نشر الكتاب، وقد أوصاني وهو على فراش الموت أن أكمل مذكراتي عن المعتقل ( وهي كادت تكتمل) حتى أحق للمناضلين في المعتقلات صمودهم وشجاعتهم. فبأي حق يحكم الأستاذ طلعت على مشاركتي في تأبين صديقي بانها تدعو للسخرية والهزء؟



Post: #201
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: Bashasha
Date: 07-10-2006, 01:29 AM
Parent: #1

Quote: رفض فكرة مركزية المعرفة


عدلان،

الانطلاق من مركزية مرجعية بعينها، اصلا مااختيار عشان مانرفض اونقبل، والدليل هومركزيتكم الاوربية كماركسيين او شيوعيين.

لايوجود حياد الافي الفضاء خارج منطقة الجاذبية.

الخطورة كل الخطورة هو كلام المستلبين ثقافيا ومعرفيا عن لامركزية المعرفة!

المعرفة دايما مركزية، بل الوعي زاتو مركزي يصوغه من بيده القلم!

ولهذا الماركسية ذاتا تعبير في جانب منها عن امبريالية المعرفة الغربية!

لهذا، امبريالية المعرفة الكوشية علي اياما هي الصاغت عقول امثال قيثاغورث وافلاطون، اللي مدينتو الفاضلة لم تخرج قط عن استلهام النظام السياسي الكوشي!

حتي نظام الكاست الكوشي، كان مثار اعجاب شديد، في اوساط من يسمون بفلاسفة الاغريق!

ده حالتو شمس الحضارة الكوشية حينها كان ماري بي مرحلة شفق المغيب، مش ذي منتصف نهار الحضارة الغربية الحالي، اللي مازال شمسها يلسع! اي كلام عن عدم مركزية مش المعرفة بل الوعي نفسو، يتوبيا خطرة والسلام!

Post: #203
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: Mohamed Abdelgaleel
Date: 07-11-2006, 04:14 AM
Parent: #201

Quote: عزيزي الأستاذ محمد عبدالجليل، تحياتي..

صحيح أن الواقع دائماً ما يمد لسانه للنظري.. ربما لأن النظري يصوغ تصوراته في الأساس عبر النظر لتجارب الماضي فيحاول إستخلاص قوانين عامة يقولب فيها المستقبل المطلق النهائي.. وذلك المطلق النهائي لا يمكن الجزم بوجوده! أعتقد أن النظرية التي تُـشبه الزمان بعلامة الضرب (إكس X ) صحيحة.. حيث نقطة المنتصف فيه تمثل الحاضر، والجزء المفتوح لأسفل يمثل الماضي، بينما الجزء المفتوح لأعلى يمثل المستقبل، وذلك الرسم -بنقطة تقاطعه التي تمثل الحاضر- دائم الحركة طالما أن الحاضر دائم الحركة!. أي أن الماضي غير معروف نقطة إنطلاقه وبدايته..، وكذلك المستقبل غير معروف أين تقع نقطة نهايته.. يعني طرفي المعادلة، وكما يقول الخواجات "أوبن إندز" عشان كدة ب نُنادي بضرورة النظر تحت أقدامنا وحل المشكلات القائمة، والراهنة، والقريبة.. أما الحتمية التاريخية، فذلك.. ما شُـغلنا.. خلو كل جيل يرسم مستقبله بيده.

لك ود بقدر حرصك على سجال موضوعي تتلاقح فيه أفكار مختلفة فتبدع ثمراً مفيداًعدلان.


تحياتي لكم جميعاً.. ولك أخي عدلان
.. سعيد بتواصل الحوار وعودة بعض الإخوة وفي إنتظار الآخرين .. كثيرا ما أفكر في أن ملامح المستقبل تكمن في أشواق الناس .. تؤرقهم فيوفرون لها إرادة الفعل والتنفيذ.. والأفكار النبيلة قد يضفى عليها طابع القدسية وبالتالي فرضية الثبات في واقع متحرك يضيق بالإعتماد على ثوابت نظرية ويمد لها لسانه على قولك .. والمستقبل يظل مفتوحا على إحتمالات الفعل الإنساني .. ولا يمكن تصور خارطة طريق للمستقبل بمجرد إعتبار أن القراءة التحليلة لتجارب الماضى ستفي بتوفير مرآة ينعكس فيها التطور المستقبلي.. وما يجري في السودان الآن يعطي مثالاً على ذلك .. فقد تراجعت القوى المدينية الحديثة .. وأنتفضت الأطراف والقوى المهمشة التي كانت تأتي ثانيا في قيادة الاحداث ..

إن واجب القوى التي ترى لها دوراً في تغيير الواقع دفع الاحداث بما يساهم في خلق المستقبل الحلم دون إرتهان مسارها لنقاط إرشادية يصبح الإعتراض عليها خرقاً للناموس ..

إن صياغة المستقبل ستحدده القوى الحية التي ستقود الأحداث في ذلك الوقت وستكون هي الأقدر على صياغتها من خلال التعامل مع معطيات الواقع لا مع ما قضت به أي فكرة نظرية باردة.

يتشعب الحوار في هذا المجال .. ويفتح الباب لأسئلة كثيرة .. ويظل أمر اتفاق الناس على حد أدنى وإجتماعهم تحت سقف مرتفع .. دون الإخلال بدفع الأحداث في نفس الإتجاه .. فالقوى التي لديها مصلحة في بقاء الواقع على سؤ حاله تتفتح أمامها آفاق واسعة جراء الخلافات الناشبة بين القوى الناشدة للتغيير .

Post: #204
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: HAYDER GASIM
Date: 07-11-2006, 11:02 PM
Parent: #203

الأعزاء ... جميعا .... سلام

الاخ محمد عبد الجليل

الآن عرفت مغزى إهتمامك الباطني بهذا الحوار .... ومن باب أولى فهمت ظاهر حرصك على صدارة هذا البوست, عجبني مبتدؤك هنا , ولما تشمر عن ساعد فكري حري بالتحسس وعن فكرة جديرة بالتأمل, وإلا فكيف تنقلب كل الموازين رأسا على عقب, وأقرب الحيثيات إلى واقعنا الموضوعي مسألة القوى المدينية والهامشية كما أشرت, فتاريخنا الوطني الراهن لم يقوض أركان الدعوى الماركسية فى تجلياتها الطبيقة فحسب, بل إستفاض على نحو معاكس للزعم الماركسي, فقوى الهامش السوداني هي فى المحط الماركسي زراع ورعاه وعمال زراعيين, وهم بقيض طبيعتهم أنفال فى معركة الصراع الطبقي , ولما إستفردت الطبقة العاملة بالزبدة الماركسية منافحة فإنتصارا.
كان من الممكن أن يكون هذا هراء ... لولا تأكيديدة سليمان حامد بان ما يجري فى دارفور هو ( صراع طبقي ) بين زعماء القبائل ورعاياهم, فالمقولة مستمسك بها إلى ما بعد النخاع, وهي بالمثل ما تزال المثل الأعلى فى مناولة الحيثيات السودانية ماركسيا, فأي درس أبلغ من هذا ولما يندثر فائض القيمة مع المخدم فى إتون الصراع بين الغابة والصحراء.

الأخ ... عدلان

ألهمتني معنى ومقام .... ولما أعلنت عن إنفتاح فوهتي التاريخ والمستقبل, أوافقك بشدة على هذه القراءة الناصحة, فهي وبعد أن تحررنا من قيود الآيدلوجية وتمنحنا وقفا للإستطابة, تهبنا رشدا ليتسق كل بجيله وعصره, وهذه لعمري أفضل وصفة للتعبير عن إستحقاقنا الإنساني , قبل إبداءآتنا الموضوعية للتخلص من داء الشمولية ... ومن وحشة النضال بالوكالة عن الأجيال المقبلة.... تصيبنا هوى ... والماركسية مقتلا. كنت أعلم علمي المتواضع أن المستقبل مفتوح , لكن كنت بالمقابل أعتقد أن التاريخ يستوي على صرح المعرفة ويتحدد فى الإثر, طالما تطالنا رغبة التقصي وإدراك الكنه والمبتدأ, لكني الآن ومن بعد أستدرك الأسطوانة بديلا للمنشور وإن لا تخضع المعارف الإنسانية للتشكيل الهندسي بصرامة رياضية كهذه.

الأخ ... صدقي

ما أسلفته فى معرض الرد على دعواك الماركسية, يتواضع إلى مقدار معرفتي, مع هذا فلم ترض خاطري بعد, فأمهات القضايا الماركسية ما زلن يتوسلن الكرامة, ... وغدا أواصل.

Post: #205
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: Sidgi Kaballo
Date: 07-12-2006, 07:48 AM
Parent: #204

3
يقول حيدر:
"يقول الأخ صدقي ودون إبانة كذلك , أن علوم الإقتصاد البرجوازي ذات صلة بالمادية التاريخية والإقتصاد السياسي ( الماركسي ) , وكأنه يقول أن الرأسمالية لا تتطور إلا بفرضيات ماركسية , ولست هنا متحريا لهزيمة هذه الفكرة , بل أومن بإمكانية التداخل والتماس بين البرامج الإقتصادية وإن إختلفت , فالنشاط الإقتصادي عملية إجتماعية فى الأساس , تحكمها ترابطات حلقية وليست ميكانيكية , لكن ما يحيرني أن هذا المفهوم فى كلياته , مفهوم تطور الرأسمالية , وكمان بفرضيات ماركسية , لهو يتنافى جملة وتفصيلا مع المنظور الماركسي ( الإستراتيجي ) تجاه الرأسمالية , حيث تقضي الأولى بإفناء الثانية , وعلى أنقاضها يتوفر الشرط الموضوعي لقيام الإقتصاد الإشتراكي , فالعنف الثوري كخاصية ماركسية إستحضر لأداء هذه المهمة التاريخية , مهمة دحر الرأسمالية وإنجاح الثورة الإشتراكية . ربما ليس فى الإمكان إنفاذ التصور الماركسي , وربما يكون فى إدغام بعض المفاهيم الإشتراكية فى البينة الرأسمالية تقويما للأخيرة , وحلا موضوعيا لأزمة الفكر الإقتصادى الإشتراكي كذلك , لكن هذا لا على المستوى النظري ولا على المستوى العملي يمكن أن تسميه ماركسية , هذا شيئا مختلف , والأمانة الفكرية تقتضي أن يحمل إسما مختلفا”
وهذا خلط للأوراق. دعنا نفرق بين تأثير المادية التاريخية ومنهج ماركس "من المجرد للمحدد" وتأثيرهما المباشر وغير المباشر على مجموعة العلوم الإجتماعية كدراسة التاريخ أو السوسيولوجي، وهذا تأثير تم في مجال الفكر والبحث العلمي، وبين الإصلاحات الإقتصادية والأجتماعية التي تمت في المجتمعات الرأسماية نتيجة لنضال الطبقة العاملة ولتأثير أفكار الإشتراكية الديمقراطية والتأثيرات الإيجابية للمعسكر الإشتراكي بعد الحرب.
أما مفهوم تطور الرأسمالية فهو مفهوم أصيل في الإقتصاد السياسي الماركسي، فالرأسمالية بطبيعتها تسعى لتطوير القوى المنتجة، وبدون تطور هذه القوى المنتجة حتى أقصى حد بحيث تصبح العلاقات الرأسمالية نفسها تعيق ذلك التطور يصبح الإنتقال للإشتراكية ليس نفيا تاريخيا لها وإنما إختيارا إراديا يعتمد على كيفية إقتناع الناس به و إنجازه وإدارته بشكل ديمقراطي وإلا تكرر النموذج السوفيتي بكل أخطائه.
وهكذا ينبغي ألا نخلط بين الرأسمالية كنظام إقتصادي إجتماعي، وبين العلوم الإجتماعية أو النظريات التي تتطور داخل النظام، فرغم وجود علاقة جدلية بين الإثنينن لكنهما ليسا نفس الشئ، فالماركسية نفسها لم يكن أن تنشأ بدون تطور الرأسمالية، ولن تبقى ذات فائدة معرفية ونضالية إذا لم تتطور بتطور الرأسمالية.
ويبدو أن الأخ حيدر يساوي بين الماركسية والتجربة السوفيتية، والتي تعني نهايتها بالنسبة له الدليل الذي لا يناقش حول فشل الماركسية. تصبح المناقشة حول مفهومين للماركسية لا يلتقيان. وبالتالي اصبح مناقشة فلسفية عميقة حول العلاقة بين البرغماتية والماركسية، سيكون مرجعها عند حيدر التجربة السوفيتية (وبالمناسبة ليس صحيحا أن الرأسمالية كنظام إقتصادي إجتماعي لا تعتمد على التنظير والتجريبية والبرغماتية في النهاية نظريات أيضا، وليس كل المنظرين البرجوازيين يؤمنون بالبرغماتية)، مسألة البطالة والجيش الإحتياطي للعمل يتم التهرب من مناقشتها بشكل علمي بالمقارنة مع بطالة مبطنة في النموذج السوفيتي (كأنما الرأسمالية في عهد الكينزية لم تستخدم بطالة مبطنة لزيادة الصرف العام لدفع النمو الإقتصادي عن طريق المضارب، وكأنما الرأسمالية في عهد النقدية الجديدة لم تقفل المناجم والمصانع بحجة تجديد التكنلوجيا وكأنما الإشتراكية البديلة للرأسمالية الحالية هي النموذج السوفيتي). وما هي المرجعية لساعات العمل التي ينبغي للعامل عملها؟ من يحدد ذلك ولماذا كانت 18 ساعة في اليوم وبلغت الآن تحت تأثير نضال الطبقة العاملة إلى 35 ساعة في أوربا و42 ساعة في بلاد أخرى.

يتضح من مناقشات الأخ حيدر أن أطروحته تختلف عن أطروحة الأخ عدلان والتي دفعته لكتابة البوست: حيدر يقول بسقوط الماركسية كنظرية بسقوط التجربة السوفيتية. وعدلان يقول أن أرتباط الحركات الشيوعية بقضايا الواقع تجعلها في غير حاجة للماركسية، لأنها تطور نظرية للثورة ينبغي أن تنسب لتلك الأحزاب. النقاش مع الأخ عدلان ممكن لأن هناك مساحة مشتركة وهي ما توصل له الحزب الشيوعي السوداني من إقتراب للواقع، ويصبح الخلاف بيننا هل للمنهج الماركسي أي علاقة لما توصل له الحزب خلال تاريخه. وقد نعود لذلك بعد تناول بعض الأفكار التي طرحها الأخ (ولعله الإبن فمعذرة) طلعت.

Post: #206
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: Sidgi Kaballo
Date: 07-12-2006, 07:11 PM
Parent: #205

يواصل الأخ حيدر محاكمة الشيوعيين والماركسية بفهمه هو كما قلنا للماركسية، فلا يفرق بين التجريد والتحديد، بين الجزء والكل، فهو يرى الالصراع الطبقي بين طبقات مجردة وكأنها تعيش خارج الزمان والمكان بل والمجتمع المحدد المتشكل بكل موروثه الإثني والثقافي والجهوي، ولا يرى تجليات الصراع الطبقي في مجتمعات منقسمة إثنيا وثقافيا وتتفاوت في تطورها الإقليمي، ولا يرى كيف تحدث الوحدة مع التباين في جبهات الصراع الإثني والإقليمي، كما حدث كم قبل شئ مشابه أبان معارك التحرر الوطني، عندما تتوحد الجماهير ضد العدو الأجنبي تحت قيادة براجوازية أو مثقفين برجوازيين، وعندما تجبر جماهير العمال والمزارعين المنظمين في منظمات مستقلة قيادات حركة التحرر الوطني لإصطحاب بعض شعاراتها ومطالبها في النضال ولكن سرعان ما تتخلى عنها عندما تصل السلطة. إن مناقشة مثل هذه القضايا ما يتعلق بالتحديد، لا بالتجريد، بالتحليل الملموس، كما كان يقول لينين، لا بالدوغمائية ولا باليسارية الطفولية. إن ما يحدث من صراع إقليمي وإثني في البلاد لا ينفي الصراع الطبقي ولكن يؤكده، وهو يدعو لتنظيم جماهير العمال والرعاة والمزارعين في كل هذه المناطق لتكوين منظماتها الميتقلة في تظاق الجبهات العامة التي توحد كل جماهير الإقليم، حتى لا ينتهي نضالهم بتحقيق ميزات خاصة لبرجوازية ناهضة ومثقفيها وأرستقراطية القبائل في تلك المناطق، ولعل ما يحدث في الجنوب والصراع في الحركة الشعبية ينبئ بأكثر من أبناء قرنق وسلفاء كير. وكل هذا لا يعني أن يقف الشيوعيون خارح هذا الصراع فهم جزء منه وإن إختلفت أشكال مشاركتهم فيه.
وقد كتبت في غير هذا المكان محاولات للتحليل الطبقي المملوس، الذي يرى الطبقات، ليس في تجريدها وإنما في تحديدها الذي يشمل طبيعتهاالإثنية ومكانها الجغرافي، بل وأثر ذلك علي الصراع بينها بحيث يتجلى بأشكال مختلفة.
لا انكر أن هناك ماركسيين كثر يقفون عند التجريد فيقدمون رسوما كاركتيرية عن مجتمعاتهم وبالتالي يعجزون عن صياعة التكتيكات والأستراتيحية المناسبة لنضالهم، وهؤلاء لا يستخدمون الماركسية التي رأى فائدتها حتى ناقديها المستقيلين من الحزب الشيوعي والذين قالوا في بيان إستقالتهم:
". إن الماركسية ما تزال تحتوي على أفكار عميقة و صالحة لفهم بعض ظواهر المجتمع البشري، و هي قد أدت خدمات جليلة للبشرية، بتوضيحها أن المجتمعات يمكن إخضاعها للدراسة و الوصول إلى قوانين تطورها و تسييرها، من خلال الإرادة الحرة لأفرادها، نحو غايات نبيلة، و لو إنحصرت مساهمة ماركس -و هي لم تنحصر في هذا وحده لأحتل مكانه المشروع وسط القائمة الطويلة للمفكرين الإجتماعيين العظام في تأريخ البشرية." (من إستقالة الأستاذ الخاتم عدلان و د. خالد الكد ود. عمر النجيب ود. أحمد علي أحمد).
ونواصل.

Post: #207
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: Sidgi Kaballo
Date: 07-12-2006, 07:58 PM
Parent: #206

-
يقول الأخ حيدر:
" فالأخ صدقي يحاجج بأسانيد من مرحلة ما قبل عالمية الماركسية أو تعولمها الغابر , وغير أنها حجج زائغة عن تطور الماركسية نفسها , ففيها تبخيس للماركسية أكثر من إفحام خصمها , فإن لم يقل هذا الفرد ما قال , هل تنتفي الحجة ؟ لهذا أعتقد أن هذا ( الإستايل ) للإثبات أو النفي , لا يقيم الدليل المقنع بقدرما يمثل هروبا من الحاضر إلى الماضي , ومن العام إلى الشخصي , ومن الفقه إلى النص . .. "
وردي هنا بسيط، أنا لم أبدأ النقاش عن الماركسية أساسا والمناقشة بدأت عن أسس الماركسية ومكوناتها ومصادرها، ثم طرحت مفهومي للماركسية، بإختصار ووضوح، فأنا لا أطمع في إستعراض معلوماتي، إذ أني أعرف قدر نفسي، وأعلم ما أعلم وما أحتاج تعلمه، ولا أفتي ومالك في المدينة ولا أمد رجلي مثل أبي حنيفة إزدراءأ حتى ولو حق لي فعل ذلك. أما إيراد النصوص فهو إثبات لما قيل، وليس برهان على أن ما قيل صحيح، فإذا تحدثنا عن فكر ماركس فليس هناك أفضل من ماركس للنطق بفكره.
وأنا لا أميل لهذا النوع من النقاش، ولكني أجبرت عليه، وكم يكون ممتعا مفيدا النقاش عن قضايا الساعة.

يتحدث حيدر عن إعجاب بالمجتمعات الرأسمالية، وذلك من حقه، ولكن من حقنا أيضا نقدها، ومن حقنا أيضا النظر بشكل نقدي لمستوى الحياة في تلك المجتمعات وربطه بإستغلال دول العالم الثالث ونهب ثرواتها ومن حقنا أيضا أن ننظر للعولمة بإعتبارها مرحلة جديدة في تطور الإمبريالية، تتسم بالتالي:
1- شركات عابرة للحدود الوطنية تبحث عن الأسواق، وعن مجالات جديدة للاستثمار تتسم بمعدلات ربح أعلى، وقوى عاملة أرخص، ورقابة اجتماعية أضعف على البيئة ومتطلبات حمايتها ومصادر للطاقة والمواد الخام أكثر وفرة وأقل تكلفة.
2- سوق أوراق مالية عالمية وتدويل لسوق النقد يسهل انتقال رؤوس الأموال عبر الحدود الوطنية ويصبح أداة وميكانيزم لحسم المنافسة بين الاحتكارات العالمية المدعومة بدولها وتحجيم المؤسسات الوطنية والتحكم في التنمية الاقتصادية في بلاد العالم المختلفة عن طريق خلق الأزمات في سوق الأوراق المالية المحلية وأسعار العملات الوطنية.
3- نظام عالمي للرقابة على السياسات المالية والنقدية، يجرد الدولة الوطنية وبنوكها المركزية من السلطات السيادية في تقرير سياستها الاقتصادية والمالية والنقدية والأسعار التبادلية لعملاتها الوطنية، يمارس هذا النظام العالمي نفوذه عن طريق صندوق النقد الدولي، والبنك الدولي ونادي باريس، ويفرض خصصة مؤسسات القطاع العام، وتسليع الخدمات وحرية تداول النقد الأجنبي وحرية الاستثمار الخاص الأجنبي والمحلي وإنشاء أسواق للأوراق النقدية والأسهم وضمان ذلك الاستثمار ضد التأميم والمصادرة وضمان تحويل أرباحه وأصوله.
4- نظام عالمي للتجارة الحرة يهدم الحدود الوطنية الجمركية أمام السلع التي تنتجها الشركات المتعددة الجنسية فيمهد لإغراق الأسواق الوطنية بالسلع الصناعية والزراعية الرخيصة المنتجة في البلدان الصناعية المتقدمة ويسمح لهذه البلدان بالحصول على المواد الخام ومواد الطاقة والغذاء بأرخص الأسعار وهذا النظام تحرسه منظمة عالمية لحرية التجارة.
5- تكتلات إقتصادية إقليمية تهدف لتحسين فرص منافسة الدول أعضاء التكتل الاقتصادي بالاستفادة من ميزات الاقتصاد الكبير في توسيع الأسواق وجذب الاستثمارات وتخفيض التكلفة والاتفاقات التي تنشئها هذه الكتل مع دول بعينها أو مجموعات دول أو كتل أخرى مثل الاتفاقات التي أنشأها الاتحاد الأوربي مع الدول الآفروكريبية باسفيكية (اتفاقية لومي) أو مع دول حوض البحر الأبيض المتوسط أو التي تجري مناقشتها مع الدول الآسيوية
6- حروب أهلية ومحلية وإقليمية محدودة تساعد في انتعاش تجارة وصناعة الأسلحة التقليدية، وإعادة تقسيم الأسواق وموارد المواد الخام والطاقة وتساعد في التراكم البدائي لراس المال بتجريد المواطنين في هذه المناطق من وسائل معيشتهم بالذات وخلق سوق عالمي للعمل يتم تنظيمه والاختيار والانتقاء فيه عبر قوانين للهجرة واللجوء السياسي.
7- نظام عالمي للمعلومات يسمح بجعل العالم سوق عالمي واحد ويسمح بانتقال أدق المعلومات عبر شبكات الإنترنت والأقمار الصناعية.
8- نظام عالمي جديد للإدارة السياسية والإقتصادية يحاول السيطرة على إتخاذ القرارات في العالم عن طريق مجلس الأمن الدولي أو تجاوزه تكون السيطرة الأساسية فيه لدول الثمانية عبر إجتماعاتها الدورية منذ عام 1975
9- أيديولوجية جديدة تقوم أساسا على ما يسمى بما بعد الحداثة والتي ينكر تيارها اليميني المعرفة العلمية ويشكك في إمكانية معرفة العالم ويشكك في إمكانية تغيير العالم بإعتبار أن الليبرالية عي نهاية التاريخ.
هل عرف حيدر لماذا ندعو لعدم تكرار المقولات المجردة (يقول حيدر: " كذلك يدعو الماركسية للكف عن ترديد مقولاتها التاريخية عن الإمبريالية والإحتكارات , فيما يشي بلا جدوى هذا السلاح , وإن كانت هذه دعوة موضوعية") لأن دراسة الواقع الملموس هي أغنى من التجريدات ولأن العالم يتغير والرأسمالية تتغير، ومن يتبنون مثل ماركسية حيدر السابقة لن يفهموا العصر ولا قضاياه.

Post: #208
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: HAYDER GASIM
Date: 07-12-2006, 10:28 PM
Parent: #207

الأخ صدقي ... سلمات

ربما تقتضيني ظروف كونك بدأت فى التواصل ردا علي, أن أنتظر قليلا حتى تعرض ما تهم به من أفكار, وإن آمل ألا يطول إنتظاري هذه المرة, فقط أحس أنه لا يضيرك شيئا أن تضع فى هامش مفكرتك ملاحظاتي التالية, والتي إستخلصتها من ردك أعلاه على الأخ طلعت وما إفتهمته من متعلقات أخر.

فأولا, وإن أحسنت ( أنا ) قراءة ما ورد الأخ طلعت, فهو لا يعيب فيك ولا فى حزبك قصوراتكم وضعف مبادراتكم فيما يتعلق بمنظمات حقوق الإنسان, حتى تأتيه بما يثبت العكس وبما يؤكد حسن إبتلائك فى هذه الجبهة تأسيسا وتاريخا ومنافحة. كان مقصد طلعت هو تسليط الضوء على ( التناقض ) الذي يلازم الشيوعي وهو يقتحم مجالا يتغاير مع مرجعيته الفكرية, فالشيوعي شمولى بالنازع الفكري , وثوري بمقتضيات الثورة وموجبات الصراع الطبقي, وأحادي بدواعي المنهج الماركسي, بينما حقوق الإنسان صنيعة تاريخية رأسمالية أولا, ومدخل لتفتيت عرى الصراع الطبقي ثانيا , وماء باردا يصب على جبين الثورة العمالية ثالثا, إنها بإختصار بدعة أعداءكم الطبقيين لتدجين أفكاركم وقواكم الإجتماعية, هذا إلى غير الفهم الموضوعي البسيط لجدل المنطق وهو يتنزل إلى الذهن وإلى رقاع المعارف الأولية, والتي مؤداها أن من ينافح من أجل فكرة فلا بد وأن يكون مقتنعا بها , ومن باب أولى أن يقيدها فى دفتر أحواله الفكرية ويرعاها فى ظاهره وباطنه, يعني وحدوه أيها الشيوعيون, خاصة وأنكم دعاة وحدة فكرية معهودة فيكم ولما نفيتم لأجلها كل مغاير. حقوق الإنسان وفق المتعارف عليه ووفق مرجعية التأسيس ووفق وقائع الحال المعاصر, تشمل فيما تشمل حرية التنظيم والتعبير والإجتماع والتظاهر كمداخل أساسية للتعددية ولتسكين كل المكونات الحيوية فى جسد المجتمع وفى تلافيفه القانونية, فلا يمكن أن يحرس مثل هذه الرسالة من لا يؤمن بالتعددية فى الأساس, ولا يمكن أن يرعى الهموم الديمقراطية شمولي, ولا يستقيم شطر الفؤاد بين نقيضين لا يلتقيان, لاحظ أنني أقول هذا بإعتبار الموقف ( الرسمي ) لحزبكم ولما لم يزل ماركسيا. أعتقد من حق طلعت أن يحاسبكم آيدلوجيا طالما أنكم ألي آيدولوجية وطالما توفرت لديه الرغبة فى أن ( يأخدا من أولا ) حتى يتسق ا لحكم من أساسه.

ثانيا , تناول الأخ طلعت موضوعات جمة فى مداخلاته الآنفة, وأخالها لا ترتبط بك ( كشخص ) وإنما كشيوعي, خاصة وقد أكدت بذات نفسك عدم توفر المعرفة بينكما, مع هذا فأراك تقدم فرضية الموالاة لنفسك أكثر من حزبك وتستنقب دفاعا عن تاريخك الشخصي قبل دفاعك عن حزبك, ربما تأتيني فى مقبل الأيام بما يدحض زعمي, لكن ما عهدنا فى الشيوعيين مثل هذا التراتب المعكوس , اللهم إلا أن تكون هذه شيوعية آخر الزمن.

ثالثا, قراءة مساهمات ومواقف الأخ المرحوم الخاتم عدلان تتم عبر عيون وفرضيات وزوايا مختلفة, خاصة تلك المتعلق منها بكم, فهنا دراما شيوعية مركبة, فعندما خرج الخاتم من السودان وفق حيثيات مكتب خارجكم الحزبي فهو متجاوز, وعندما تقدم بإستقالته عن حزبكم فهو خائن وقد نصبت لمحاكمته كل الشراك والحيل السياسي منها والإجتماعي, وعندما كون ومن معه ( حق ) فهو خصم خصيم, وطلب إنضمامه ومنظمته للتجمع يقف شاهدا على ما أقول, وعندما إنقسمت ( حق ) وإضمحلت قوتها وفعاليتها كان الخاتم ( المعقول ) ولما تسيد الإحباط وطعم الفشل المساحة الممتدة بين أفكار الخاتم وما يليها من فعالية سياسية, كان الخاتم الوطني الغيور, ولما توفاه مولاه كان الخاتم الخاتم. لهذا أرى أن شعور الشيوعيين تجاه الخاتم كان وما يزال سياسيا جدا, وهو شعور يستصحب متوالية عكسية مع همة الخاتم السياسية. ربما تجادلني أخ صدقي بما كتبته فى ( موسم الهجرة إلى اليمين ) , وليس لي أدني إحساس بأنك تواجه الخاتم وتنتقد مسلكه وأطروحته بعد خروجه عن حزبكم, ولما حدث ذلك فى حياة الخاتم فى إتون حراكه السياسي الجديد, لكن هذا لا يؤثر على ( الموقف الشيوعي ) من الخاتم على وجه العموم, فقط تستحق ثناء لإستلالتك الفكرية هذه .... بينما نترك تناقضاتها لحوار آجل. عموما المفهوم والمعلن من مواقف المرحوم الخاتم تجاه حزبكم الشيوعي هو مساهمته فى مجلة الشيوعي العدد 157 وإستقالته ورفاقه من حزبكم وإسهماته الفكرية والسياسية ذات الصلة, يتعين الموقف الشيوعي بموجب وثائق الخاتم ومواقفه, وليس ثمة إسترداف إجتماعي يصمد أمام حيثيات ووقائع فكرية/سياسية على طاولة شيوعية.

رابعا, قلت ما إستوجبه خاطري حول تهجسي من إحتمال دخولك لهذا الحوار من باب الوصاية , ولما لم تنعجم بعد كنانة الإختلاف فى الحور الشيوعي, رميت ببعض دلالات فأوردني حصى التجربة ( بيت المال وطلائع الشفيع ... كمثال ) فما بالك تعيد سيرتي كمحرض للوقيعة بينك وبين عدلان, عله أواني أن أقول لكليكما أنني أحترمكما بقسط عدل, وأفضل عدلان على صدقي فى مصاف التفكير ولما يؤخذ غلابا .

خامسا, ... وأخير أسديتني معروفا فى سيرتي الأولى ولما كنت شيوعيا, وحفظت ( نضالاتي ) عندكم ... فتشكر, ومع أن إنتمائي للشيوعية تاريخ لا أنكره, لكن لا أتشرف به, وهذا ما إخترته لنفسي وأنا أفاصل بينكم وحياتي الفكرية الجديدة, وإلا فحدثني كيف يستقيم ( النضال ) من أجل الحرية والديمقراطية قبل القطع مع الشمولية ؟

Post: #209
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: طلعت الطيب
Date: 07-13-2006, 05:15 PM
Parent: #208

تنبيه
كانت مساهمتى السابقة هى الاخيرة فيما يتعلق بموضوع المركزية الديمقراطية، بيد أني كنت قد وعدت القارىء فى بداية مساهماتى بمحاولة الاجابة على سؤال هام ذو صلة جوهرية بالموضوع، والتساؤل هو الى اى مدى كان الحزب الشيوعى اصوليآ فى سياساته، وبما انه تهل علينا الذكرى الخامسة والثلاثين لحركة 19 يوليو الانقلابية فاننى سأحاول تقييمها من هذه الناحية، والمساهمة تحت عنوان( الحزب الشيوعى السودانى وجرثومة الاصولية)
إعتمدت تعريف روجيه غارودى لمعنى ودلالة الأصوليةفى( الاصوليات المعاصرة)، مستعينآ ببعض النماذج من مسلك وسياسات قيادة الحزب الشيوعى الحالية وكنلك بعض تناقضات الاخ د صدقى كبلو
فيما كتبه هنا إضافة الى ما كتبه فى الرد على الاستاذ صديق عبد الهادى.
اختم مساهماتى انشاء الله بتعاظم دور الثقافة فيما بعد الحداثة وبط انهايم العظيم.
انتظر لحين انتهاء الاخ صدقي.

Post: #210
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: Sidgi Kaballo
Date: 07-14-2006, 09:08 AM
Parent: #209

6
يتحدث حيدر عن الديمقراطية كأنما إكتشفها للتو فأنظر قوله " لعل وجودي فى بلاد الديمقراطية علمني الكثير , فقد ( إقتنعت ) بصحة تصريفهم السياسي آنف الذكر , وأعلم الآن الديمقراطية نهجا وممارسة أفضل من أي وقت مضى , وأنا الآن أكثر قدرة على التعايش معها بحلوها ومرها"
وإستغرابي أن يأتي ذلك من الصديق حيدر لأنه كان ضمن حركة (الحزب الشيوعي والجبهة الديمقراطية والتحالف الديمقراطي) ناضلت من أجل الديمقراطية في السودان ردحا من الزمان حتى كتب عبد الخالق محجوب:
"واصبح الكثير يرى في الحزب الشيوعي مكافحا من اجل الديمقراطية، فربما ادى هذا إلى دخول الكثير من العناصر على اعتبار قضية الديمقراطية وحدها لا على اعتبار البرنامج الكامل للحزب الشيوعي وافكاره الاشتراكية العلمية"(لمحات ص 116).
وفي الحقيقة يعتبر نضال الشيوعيين السودانيين في مجمله نضال من أجل الديمقراطية والحقوق الأساسية، ولعل هذه أحد النقاط التي إعتمد عليها الصديق عدلان في بوسته هذا من إقتراب الحزب الشبوعي من الواقع وبالتالي مفارقته للماركسية، ولعل هذا ما ظل يثيره الأخ طلعت (وعدد آخر من النقاد بينهم الأستاذ هشام عمر النور) حول أن الماركسية والديمقراطية لا يلتقيان، والمتابع لمقالاتي حول "الشيوعيون وقضية الديمقراطية" والتي نشرت في قضايا سودانية وأعيد نشرها في أكثر من موقع بالإنترنت، وهي موجودة في مكتبتي في سودانيزأون لاين في هذا الرابط الشيوعيون السودانيون وقضية الديمقراطية
تحت العنوان التالي: الشيوعيون السودانيون وقضية الديمقراطية
أقول المتابع لتلك المقالات يلاحظ أنني ناقشت التناقض بين نظرية الشيوعيين حول الديمقراطية ونضالاتهم حتى ما بعد 1971 وكيف أن ذلك التناقض بدأ في الزوال بتعميم ما توصل له الشيوعيون من خلال التجربة والنضال وصياغته بشكل نظري، لقد بدأت بوادر تلك الصياغة في دورة 1974
""نظام وطني ديمقراطي تنبثق سلطته السياسية من حركة جماهير شعبنا الثورية وانتصار مقاومتها، وتعبر تلك السلطة عن التحالف الديمقراطي بين تلك الجماهير باحزابها ومنظماتها السياسية التقدمية، بمنظماتها النقابية، باتحاداتها وتنظيماتها الاجتماعية والثقافية والاقليمية، وكل مؤسساتها وادواتها الديمقراطية التي تتوسل بها للدفاع عن كيانها ومصالحها، وتخلقها من خلال مقاومة حكم الردة اليمينية الدموية وتدخل بها معترك الثورة الاجتماعية.
"نظام يختط الديمقراطية مبدأ ومنهجا - الديمقراطية كحقوق سياسية وحقوق اساسية، كحريات ديمقراطية، كنظام للحكم في كل المستويات، كعلاقات انتاج لتحرير اغلبية سكان الوطن، وفي جهاز الدولة، ولسيادة حكم القانون واستقلال القضاء، وكشرط لتوحيد القطر وتنفيذ الحكم الذاتي الاقليمي في الجنوب، وحل مشاكل القوميات والاقليات ."( مقتطف في دورة اللجنة المركزية -يناير 1974 ص ص 9- 10)"
ومر ذلك الموقف بتطور آخر في دورة 1975
"إن تدرك القوى الثورية في المدن انه مهما علا شأنها، ووجدت من الدعم النشط من المزارعين في القطاع الحديث، لن تكتمل مسيرتها نحو النصر في الثورة الاجتماعية الديمقراطية إلا بمشاركة نشطة وثورية من جماهير القطاع التقليدي - حيث أغلبية سكان السودان، أي لا يكفي التأييد والتعاطف كما كان الحال في ثورة أكتوبر. إن السلطة الوطنية الديمقراطية مهما توفرت لها مقومات الذكاء ووضوح الرؤية والقدرات القيادية الفذة، لا تستطيع إنجاز الإصلاح الزراعي والتحرر الاجتماعي - والتحرر الإداري من نير الإدارة الأهلية - بدون النشاط الثوري المستقل لجماهير القطاع التقليدي، ومشاركتها بالفعل والرأي وبالتصور... فمحنة محاولات تطبيق الإصلاح الاجتماعي والزراعي والإداري من أعلى ماثلة إمامنا في تجارب أنظمة البرجوازية الصغيرة العسكرية في المنطقة العربية والأفريقية و في السودان" (دورة اللجنة المركزية يونيو 1975 ص 36)(التشديد ليس في الأصل)
وواصل التطور في دورة اللجنة المركزية في 1977 التي خصصت للعلاقات الخارجية:
"ان التجربة في العديد من البلدان تثبت ان الاصلاح الزراعي وتأميم المصارف والمصالح الاجنبية وبناء قطاع عام والاجراءات المماثلة تبقى مجرد تدابير فوقية بدون الديمقراطية - أي بدون ان تشارك الجماهير في الصراع من اجلها وانتزاعها وتثبيتها في صميم التركيب الجديد للمجتمع - ومن ثم يصبح سهلا سحبها من الجماهير بعد أي انقلاب مضاد، ولا تكون اساسا متينا لتمسك الجماهير بالثورة ودفاعها عنها وعن حياتها الجديدة""(أعمال اللجنة المركزية للحزب الشيوعي، دورة يوليو 1977، الجزء الاول ص 66).
ثم جاءت وثيقة الديمقراطية مفتاح الحل لتضع المسألة على النحو التالي:
"لن يكتب للسودان الاستقرار والتطور والازدهار الا بتطوير واستكمال الحقوق والحريات التي تحققت مع الاستقلال، وتبوء بالفشل كل محاولة للارتداد على تلك الحقوق والحريات والمكتسبات تحت شعار دستور اسلامي أو دستور اشتراكي" (الديمقراطية مفتاح الحل: ص 22)
"الحزب الشيوعي لا يطرح مبدأ الديمقراطية لمكاسب تكتيكية مؤقتة. فهو في نضاله من اجل بناء وطني ديمقراطي يفتح الطريق للانتقال إلى الاشتراكية، ينطلق اولا من تجربة الحياة السياسية في السودان بتقاليدها ومنجزاتها وعثراتها، وتطابق تلك التجربة مع المنطلق النظري والفلسفي الذي يهتدي به الحزب الشيوعي وهو ان النضال من اجل الاشتراكية مستحيل من غير النضال من اجل الديمقراطية"(الديمقراطية مفتاح الحل ص 25)
وكنت أتوقع أن يكون الصديق حيدر من المتابعين لهذا التطور بسبب انه أحد المناضلين الذين ساهموا فيه في النضال اليومي خلال دكتاتورية نميري وبعد الإنتفاضة.

Post: #211
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: معتز تروتسكى
Date: 07-16-2006, 01:00 AM
Parent: #210

كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!

Post: #212
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: Mohamed Abdelgaleel
Date: 07-17-2006, 04:18 AM
Parent: #211

Quote: الأعزاء ... جميعا .... سلام

الاخ محمد عبد الجليل

الآن عرفت مغزى إهتمامك الباطني بهذا الحوار .... ومن باب أولى فهمت ظاهر حرصك على صدارة هذا البوست


الأخ حيدر .. تحياتي لك ولجميع الإخوان .. وقد جئت فقط لأقوم بدوري في رفع البوست الذي يهمني والذي عرفت أنت لماذا هذا .. وودي لو أكتب رأئي مفصلاً .. ولكني من الذين أوقعتهم الرأسمالية التي أراك تدافع عنها-بدأب شديد ومثابرة صارمة- تحت طائلة أن أكون من العمال الذين لا وقت لهم .. ولا وطن .. وأشكر الأخ صلاح شتات زميلنا بالمنبر فهو الذي يقرأ تفاصيل ما تكتبون وعندما نتقابل نتحاور حول المسألة .. وهو يغريك السلام والاعجاب بما تكتب شكلا ومضمونا .. ووافقته جزئياًعلى أن ما يكتبه حيدر لولا ما يعتريه من غرض سياسي يؤثر سلباً على رصانة الإستقراء بإضفاء شعارات سياسية لا يسندها واقع الفقر والحروب التي تنتهب أطراف العالم .. لكان يمكن أن يكون مساهمة عالية القيمة، وكذلك ما لاحظت من إعتبار تجربة راسمالية الدولة في روسيا على قاعدة التخلف .. وما حدث باكراً في بداية العشرينيات من أحداث أبقت على الشعارات وأبدلت الدولة الإشتراكية في شكلها الجنيني في الواقع المتخلف .. بدكتاتورية الحزب .. مع الاحتفاظ بالشعارات .. كنموذج للدولة الإشتراكية، وقرأءة ماركس ثابتاً لمية وخمسين عاماً.. والواقع يتحرك ومحاكمة النظرية التي لم تدع أنها قالت الكلمة الأخيرة .. فقط خطوطاً عامة يمكن أن نقرأ على ضوئها ما يحدث الآن .. وسوف أكتب تفصيل ما أوجزت في أقرب سانحة .. آمل آن يتواصل حواركم الذي يضيف إلينا كثيرا كثيراً.

Post: #213
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: Mohamed Abdelgaleel
Date: 07-20-2006, 05:31 AM
Parent: #212

up حتى يكمل الأخ عدلان ملامح بحثه .. ويوضح الأساس النظري للشيوعية وهي تبتعد
من الماركسية لتقترب من الواقع! ..

وحتى يبين لنا الأخ حيدر (العلاقة بين ما يحدث في دارفور وشرق السودان وفي لبنان والعراق
وأفغانستان والمجاعات في الصومال وفي أجزاء كثيرة من العالم) والنظام الرأسمالي بديمقراطيته الليبرالية والذي لديه اليد الطولى في عالم اليوم .. وهل لبلدان العالم الثالث مساحة في ظل عسف الرأسماليات الغربية لإحداث أي إصلاحات (إقتصادية أو ديمقراطية)!

وحتى يبين لنا الأخ صدقي رأيه في الانظمة التي حكمت بإسم الإشتراكية في روسيا وأوروبا
الشرقية وثارت عليها شعوب تلك البلدان مستجيرة من قمعها بنار نظام السوق ..

الفكرة: من يرى ما يجري أمامه في السودان وفي العالم قبيحاً وأن لا بد من تغييره .. ويرى أن
مسؤولية التغيير رهن بمن يرون الواقع قبيحاً وان الظلم يتعاظم.. سيظل يبحث عن
(فهم ما يجري من أجل تغييره) .. ولو كان ماركس موجوداً لما أنتظر أحداً ليحاكم
نظريته قبل قرن ونصف .. وإنما كان سيتفاعل مع المتغيرات على الأرض ليطور أدواته
النضالية .. ولا يمكن لإنسان الألفية الثالثة أن يعتبر أن ما قال به ماركس كاف
للإجابة على ما سيكون تفصيلاً .. وإلا ذهب بالنظرية إلى ما لم تدعيه .. فهي كما قال عنها
مبدعيها (ليست دوجما .. ولكنها مرشد للعمل) .. ولو إرتهن بلاشفة روسيا نفسهم لمقولات
ماركس وأنجلز .. لتسمروا عند أن الظروف الموضوعية في روسيا المتخلفة بطبقتها العاملة الصغيرة 3% من مجموع السكان 1917 غير مناسبة لإنجاز ثورة إشتراكية .. ولما كانت اللينينة وإضافاتها المعروفة .. وربما لولا عقم الإشتراكية
الديمقراطية في ألمانيا في تلك الفترة .. لكان العالم غير عالم بربرية اليوم..ولتم تأسيس ديمقراطية حقيقية لا تشبه الديمقراطيات التي تبقي على الظلم الإجتماعي بل توفر له الحماية

ولا بد أيضاً من إنتظار مساهمات جميع الإخوة المساهمين في الحوار لمزيد من الإضاءات حول موضوع البحث وشكراً.



Post: #214
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: HAYDER GASIM
Date: 07-20-2006, 06:41 PM
Parent: #213

الأخ محمد عبد الجليل

تحياتي

فيما يليني من تقديرك الآنف, ولما إخترت لي الدفاع عن الرأسمالية ومسئوليتها عن فواجع دارفور والعراق ولبنان والصومال ... وما يتصل ببؤر الحروب القائمة والمحتملة. فمن المهم ألا يغفل إدراكك أن ما قلته عن الرأسمالية فى معرض مداخلاتي مع الأخ صدقي وآخرين فى هذا البوست, أنني كنت أتناول الأمر من زاوية المقارنة بين الرأسمالية والماركسية, بحسبان أن الرأسمالية هي الهدف الإستراتيجي والمباشر الذي وضعته الماركسية أمامها للإنقضاض عليه, كإستهلال ضروري وحتمي فى تقديرها لفتح طريق جديد للبشرية, تنتفي على إثره موبقات الصراع الطبقي وتصعد الإشتراكية فالشيوعية بديلا أبديا, لهذا لم تكن مهمتي الدفاع عن الرأسمالية أكثر من تبيان خطل الماركسية وهي تبني فرضياتها على مبدأ ( الإطاحة ) والقضاء المبرم على الاخضر واليابس , الإيجابي والسلبي, القويم والمعوج, البادرة والعرجون , التاريخ والمستقبل ( الغير ماركسي )

وإذ لم يعد لدي موقف آيدولوجي صارم وقطعي من الرأسمالية, فبالتأكيد سوف تختلف نظرتي إليها عمن يرونها من خلال مناظيرهم الآيدولوجية المحددة سلفا, فهو على أية حال إختلاف يحكي كل القصة التي نحن بصددها الآن, قصة الموقف من الآخر فكرة وتجربة وتاريخا وقوى إجتماعية, فالشاهد أن الماركسي لن يهضم الرأسمالية وإن يزدردها بموجبات الواقع, سوف تظل ( غصة ) تطعن حلقه وتعسر معدته, لا لسبب غير أن للماركسي موقف نهائي من الرأسمالية, وهو الموقف الذي إستحصده من ثنايا الفكر الماركسي وفى إطار تجربته كذلك, ولانه موقف إستراتيجي ثابت فهو يعف عن فرضيات المرحلة والإنجاز والنجاح والمواكبة , فالناظر ماركسيا لا يرى فى الرأسمالية إلا عيوبها حقيقية كانت أم وهمية, لهذا فسيظل ( إستغلال ) الرأسمالية يعلو على ديمقراطيتها وعلى منجزاتها المادية والروحية وعلى إيقاعها المتسارع فى تطورها العلمي والتكنولوجي وعلى مستحقاتها التاريخية فى العدالة الإجتماعية وفى التأسيس لأنماط إدارة ديمقراطية للمجتمع الحديث وفى إعلاء رايات حقوق الإنسان وحكم القانون وما يتصل.

آنفه ليس مجرد أكليشيهات نظرية مقتطفة من السلال الفكرية للرأسمالية, بل هي أركان ثابتة وبناءآت أساسية فى المجتمعات الرأسمالية المتطورة, بل أضحت حقوقا فردية ومجتمعيه متجذرة لا يمكن لا للفرد ولا للمجتمع ان يعيشوا بدونها, إذن فهذه المجتمعات تملك من التجربة فى مضمار الحكم المؤسسي الديمقراطي ومن أنماط التقدم الإقتصادي والإجتماعي ومن الحوامل القانونية والتشريعية ومن أساليب البحث والتفكير العلميين ومن إضطراد السعي نحو الرفاهية والحياة الأسهل والأجمل ما لا يمكن سفهه هكذا... كما لا يمكن ان تلغي كل هذا الجهد الإنساني بحجة ماركسية تاريخية زائغة , فهذه منهاجية خطرة لأنها تكرس الأحادية, ولأنها تغض الطرف عن التفاصيل والتي فى إستجمالها تتكون الحياة بأسرها, وبالضرورة فهي منهاجية إقصائية لا تعترف إلا بنفسها ولا تؤسس مشروعية إلا لذاتها. لاحظ أن الماركسي ( يسترشد ) بالماركسية وبالتالي فهي أداته فى تحليل وتقييم الظواهر والتجارب وبالتالي فإن حكمه على الرأسمالية معروف سلفا, وبالتالي فلم يخلق بعد الماركسي الذي ( ينصف ) الرأسمالية ويسكنها فى ثناياه الفكرية, وإن حدث ذلك فلن يعود المعني ماركسيا, فما كانت الماركسية إلا لتحل محل الرأسمالية عنوة ولتكنسها إلى مذبلة التاريخ. فالماركسية هي الخيط الرابط لكل إمور الشيوعي , سياسيها وإجتماعيها , كبيرها وصغيرها, وعلى هذه الفرضية فالتعليل الماركسي هو الذي ينظم الموقف الشيوعي ... من بغض الرأسمالية إلى عشق اللون الاحمر إلى الإحتفاء بإنقلاب ( 19 بوابو كمثال )

لقد تعرضت فى هذا البوست للرأسمالية بما يدفع عنها الضيم الماركسي, وربما إتسع نطاق إسهامي هنا كميا بما أقتضاه مجرى الحوار وموضوعاته, فجاءت تحفظاتي على النظام الرأسمالي كخاتمة موجزة, أردت من خلالها أن أبعث برسالة مؤداها أن للرأسمالية عيوب كذلك, كشأن أي منتوج فكري إنساني, فلم أقل أنها الأجمل وإن أراها الأفضل, وفى إطار المعطيات التي نعيشها والزمن الذي نحضره والمكان الذي نقيم فية والمجتمع الذي يأوينا, ففرضية ( الأفضل ) نفسها بلورتها عوامل موضوعية ذات طبيعة نسبية وحياة متحركة ومعطيات متغيرة, فهذا هو خياري الذي أرتكن إليه الآن , ولما ركلته وطويلا وإبتعت بدلا عنه الأماني السليقة والتوق الآيدولوجي للعدل المطلق, فما هكذا تجري الدنيا وما هكذا ينبغي أن تعاير... مع كامل إحترامي لمن يراها غير ذلك. أعيد هنا المقتطف الذي يدفع عني تهمة ( التقاضي ) عن عيوب الرأسمالية فيما يجيب ضمنيا على موقفي من تجاوزاتها التي أشار إليها لاحقا الأخ محمد عبد الجليل.

Quote: مع هذا فالمعايرة الموضوعية للأمر تشير لإصطفاف حزمة من القصورات والمخاوف على الجانب الآخر من المرصد , وأشير هنا لبعض يستحق :

• أعتقد أن المكافأة الإجتماعية التى يحظي بها المجتمع نتيجة إدارته رأسماليا , تقل عن الريع الذي تحققه الرأسمالية لنفسها , وهذا مسلك يرتبط بمراكز القوى الإقتصادية الواقعة تحت وطأة الشركات العملاقة , وبالطبع مقدار تأثيرها فى القرار السياسي , وربما إستغلال نفوذها لتحقيق أوضاع إقتصادية وقانونية متميزة , لكن لاحظت أن المجتمع هنا ( فى الغرب ) لا يعاقب هذه الشركات خصما على الوضعية التايخية للتنفذ الرأسمالي , ولا يعصف بكل الإرث السياسي والإنساني الذي تعهدوه عنوانا لمجدهم وحضارتهم لقاء تجاوزات هؤلاء , بل ربما تنهض عندهم تيارات الإشتراكية الديمقراطية وتتفاعل أنشطة الحركة النقابية والمجتمع المدني لتوقيف محركات الشطط الرأسمالي , فالحل عندهم دائما موضوعي وليس راديكالي .
• أن الإستثمار الرأسمالى الكبير يتجاوز أحيانا حدود اللياقة البيئية , ويقترف مما بعد الخطوط الحمراء , ويعرض بهذا مجتمعه المباشر , والمجتمع الإنساني بشكل عام , والمجرة الأرضية كذلك إلى مخاطر بيئية داهمة , ولما إستبانت بعض إنعكاساتها حاليا فى الإرتفاع غير العادي لدرجات الحرارة , وثقب الأزون ... وما إليه .
• أن الصبر والعناية المجتمعية آنفتي الذكر ربما تشمل المواطنين المنتمين بالأصل , أو بالتجنس المضني , لكن المهاجرين يحطون على قيد آخر ومختلف ولا محالة سيئ .
• أن الأحلام الإمبراطورية العسكرية تخسئ التوجهات الليبرالية , ولما يرتبط الأمر بالسياسة الخارجية والتعامل مع الآخر الخارج عن نطاق الحظوة المجتمعية ا لغربية , إذ ليس هناك إنعكاس حميد لمقررات ( الداخل ) الديمقراطي والمفعم بالحساسية تجاه الإنسان , بل العكس هو الحادث .
• أن ثمة حلقات ثقافية وتربوية مفقودة فى مسارات النهضة الحضارية الغربية الراهنة ... هكذا أوجز , حتي لا يتصل الأمر بإحتقاني المشرقي ... بإعتبار ( ده ما وكتو ) .


عموما فالرأسمالية كتاب مفتوح , وهي نظام إنساني خاضع للتحسين و للنقد والنقض , لها محاسنها ولها عيوبها , لكنها أفضل تجربة تحط على رقاع البشرية إلى الآن , مع ذلك فما إدعت الرأسمالية لنفسها ما إدعته الماركسية من كلية وحتمية وجبروت


فأن تشعل الرأسمالية الحروب, فالماركسية والتجربة الشيوعية ولغاء فى الدماء كذلك, وأن تستهدف الرأسمالية مللا أخرى وتستنزفها بالحرب أو الإقتصاد أو كلاهما , فالشيوعية تخلق حالة الإحترب والإستنزاف هذه فى كل مجتمع, وذلك من خلال سيفها الباتر ( الصراع الطبقي ) ومن خلال جحفلها الثوري وهو يقضي على كل ما هو لا عمالي, وإن كانت الرأسمالية تروج لثقافتها بالترغيب والترهيب, فالماركسية إمتشقت العنف وعلى الدوام لتسييد ثقافتها وتجربتهم على ما أقول شهيد, بل ان ثمة مزايا هنا تصب فى خانة الرأسمالية وترجح كفتها على الماركسية, فقرار الحرب مثلا تتخذه هيئة تشريعية, تتابع القرار وتراجعه وتعدله ما إقتضى الأمر, تشرف على ميزانيته وتحدد مواردها , والإعلام المفتوح والخالي من الرقابة الشمولية يتابع على مساره كذلك , ويكشف وينتقد ويملك حتى الأسرار للناس, والناس بدورهم يشتركون فى الأمر عبر صناديق الإقتراع, فيهزمون الحرب بهزيمة الرئيس أو يشايعونها بفوزه, وغير هذا فإنهم يعبرون عن مواقفهم بشكل عملي ومن خلال وسائل ديمقراطية راسخة, كالإجتماع والتظاهر والإحتجاج وحملات التضامن والعون الإنساني, كما أن المنظمات النوعية للدولة ( الخاتية ), كمنظمات حقوق الإنسان تكشف لمجتمعها وللرأي العام العالمي, تجاوزات ( جيوشهم ) فى الحرب وفى التعذيب وفى الإعتداء البدني والمعنوي على خصومهم. فهذه كلها وغيرها مزايا لم تعرف العسكرتاريا الشيوعية إليها من سبيل.

مع هذا ... فألعن معكم ( سلسفين ) أمريكا وهي تمخر فى دماء الأبرياء وتقوض اليسير المتاح إليهم من سبل الحياة, فقط لا أخلق من هذا الإحتجاج ( جسرا ) لألعن الرأسمالية ككينونة تاريخية ولأبصق على الليبرالية كضرورة حياتية لمجتمعات العصر , ولأشنف الديمقراطية بسبب الحروب الامريكية, هذا ما يفعله الشيوعيون ولما أمريكا هي عدوهم التاريخي, وهي مقوض تجربتهم الإشتراكية وأس هزيمتهم الفكرية, لكن مهلا ... فهي ذات أمريكا التي يتماهي الشيوعيون فى أطروحاتها الحقوق إنسانية, وهي ذات أمريكا التي أغدغت على المعارضة السودانية ( وهم جزءا منها ) من الدعم السياسي والمالي والمعنوي ما لا ينكر, وهي ذات أمريكا التي تخفض رقاب الإصولية الدينية وهي غريمهم التقليدي, وهي ذات أمريكا التي تعد العدة لتدخل ( بموافقتهم ) جيوشها بلادهم السودان .... فلطفا.

نعم أخى محمد عبد الجليل... من الصعوبة أن تتحرر شعوب هذا العالم المغضوب عليها أمريكيا, وأن تسلك السبيل الذي تختاره لنهضتها السياسية والإقتصادية, فأمريكا سيدة العالم جبرا, نحن أمام مرحلة جديدة من تاريخ العبودية والإستزلال, مرحلة سمتها القهر العسكري والجبرية الثقافية والتبعية الإقصادية, مرحلة ينشط فيها اليمين الكنسي , وذلك بغرض فرض واقع جديد يفصل البشرية عن تاريخها ( ولما يعتبره الأمريكان سبب البلاء ) ليحل محله التاريخ الأمريكي والثقافة الأمريكية ... فهنا قضية ... لكنه مبحث آخر.

Post: #215
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: Mohamed Abdelgaleel
Date: 07-22-2006, 03:14 AM
Parent: #214

Quote: نعم أخى محمد عبد الجليل... من الصعوبة أن تتحرر شعوب هذا العالم المغضوب عليها أمريكيا, وأن تسلك السبيل الذي تختاره لنهضتها السياسية والإقتصادية, فأمريكا سيدة العالم جبرا, نحن أمام مرحلة جديدة من تاريخ العبودية والإستزلال, مرحلة سمتها القهر العسكري والجبرية الثقافية والتبعية الإقصادية, مرحلة ينشط فيها اليمين الكنسي , وذلك بغرض فرض واقع جديد يفصل البشرية عن تاريخها ( ولما يعتبره الأمريكان سبب البلاء ) ليحل محله التاريخ الأمريكي والثقافة الأمريكية ... فهنا قضية ... لكنه مبحث آخر.


الأخ حيدر والاخوة جميعاً .. تحياتي،

ما أقتطعته أعلاه من مداخلتك أخي حيدر .. حول ملاحظاتي هو فعلا لب ما أزعجني في موقف من يرى النموذج الغربي هو الحل لمجتمعاتنا التي نزعت مقدراتها وتم تهديد وجودها ذاته، ووقعت إختياراتها تحت مغبة تشويش الاحباط والهزائم..

إن خصخصة المؤسسات التعليمية والصحية ألخ في السودان (كمثال) و(غابات الأسمنت) والمباني الفاخرة التي غزت سوح الخرطوم والتي يمكن أن يشير إليها البعض بإعتبارها دليل تقدم تفسر محيط الفقر الذي يلف العاصمة كالسوار ويهدد مستقبلها .. ويمكن أن نقرأ فيه إلتهابات الهوامش التي تنذر بالتشظي والإنفلات وتبدد أحلام (الوطن الحر المتعدد الديمقراطي إلى ما شاء الله) ..

إن المرحلة التي وصفتها بأن (سمتها القهر العسكري والجبرية الثقافية والتبعية الاقتصادية .. وتجدني قد استخدمت لها اللفظ الماركسي (البربرية).. هي التي تضطر الشعوب المستباحة للاختيار بين الذوبان في مستبيحيها أو تطوير أشكال تحافظ على كياناتها وأشواقها .. والإعجاب بالمنتصر
يسهل مهمته في تحقيق إستيعاب الآخرين في ثقافته وطرائق تفكيره ومعاييره لتقييم الأشياء .. وأن ليس في الإمكان أبدع من نظامه.

أرى أن المستقبل بآماله الإنسانية النازعة للحرية والرافضة للإستغلال يظل مفتوحاً ورهناً بإرادة قوى التغيير .. والماركسية هي إحدى المدارس التي أشارت لإمكانية تحرير البشر وفق إرادتهم، ولو أن ماركس وأنجلز قد ركزا على الطبقة العاملة الصناعية بإعتبار معايشتهما لذرى ريادتهاعلى وقتهما .. فقد ذهبا دون أن يدعيا أنها نهاية التاريخ إلا لمن أراد أن يفهم ما قالا به كذلك .. ولن يكون قوله بذلك إلا إجتزاء لنظرية عبقرية ومجرد مرشد للعمل .. وقولهما بأن الاشتراكية قادمة حتى يكون "من كل حسب طاقته ولكل حسب حاجته" هو شوق وأمل إنساني مشروع لمن وظف طاقاته وقدراته لتفسير العالم من وجهة نظر القوى التي تنتج كل شيء وتظل في قاع المجتمع وفي بؤس وتعاسة لا تسعفهما إنتخابات تجرى كل أربع أو خمس سنوات في ظل دولة تم فيها تقسيم الغنى والفقر
سلفا (تحت حماية سيف القانون)..

إن العالم يتغير كل يوم .. والقوى التي ترى أن البشر مسؤلون عن المساهمة في صياغة العالم الذي ينشدونه وفق رؤاهم لن تتكلس عند إجتهادات السلف .. ولكن وبالتأكيد فإن التجارب (الإشتراكية السابقة) والتي ظل يقرظها المؤيدون أو ينتقدها بشدة المعارضون "حتى أصبح الصبح" لا تشبه الإشتراكية التي قال بها كارل ماركس إلا (كما يشبه الميت مخنوقاً الاحياء).. وسوف أحاول لاحقاًالمساهمة بما وعدت.. آملاً أن ينفتح الحوار على واقع اللحظة الراهنة والعالم يعيش البربرية في أنقى صورها.

شكراً أخي حيدر على مواصلة الحوار الذي سنخرج منه أكثر معرفة بأزمتنا ..

Post: #216
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: Mohamed Abdelgaleel
Date: 07-25-2006, 07:08 AM
Parent: #215

Quote: مع هذا ... فألعن معكم ( سلسفين ) أمريكا وهي تمخر فى دماء الأبرياء وتقوض اليسير المتاح إليهم من سبل الحياة, فقط لا أخلق من هذا الإحتجاج ( جسرا ) لألعن الرأسمالية ككينونة تاريخية ولأبصق على الليبرالية كضرورة حياتية لمجتمعات العصر , ولأشنف الديمقراطية بسبب الحروب الامريكية, هذا ما يفعله الشيوعيون ولما أمريكا هي عدوهم التاريخي, وهي مقوض تجربتهم الإشتراكية وأس هزيمتهم الفكرية, لكن مهلا ... فهي ذات أمريكا التي يتماهي الشيوعيون فى أطروحاتها الحقوق إنسانية, وهي ذات أمريكا التي أغدغت على المعارضة السودانية ( وهم جزءا منها ) من الدعم السياسي والمالي والمعنوي ما لا ينكر, وهي ذات أمريكا التي تخفض رقاب الإصولية الدينية وهي غريمهم التقليدي, وهي ذات أمريكا التي تعد العدة لتدخل ( بموافقتهم ) جيوشها بلادهم السودان .... فلطفا.

نعم أخى محمد عبد الجليل... من الصعوبة أن تتحرر شعوب هذا العالم المغضوب عليها أمريكيا, وأن تسلك السبيل الذي تختاره لنهضتها السياسية والإقتصادية, فأمريكا سيدة العالم جبرا, نحن أمام مرحلة جديدة من تاريخ العبودية والإستزلال, مرحلة سمتها القهر العسكري والجبرية الثقافية والتبعية الإقصادية, مرحلة ينشط فيها اليمين الكنسي , وذلك بغرض فرض واقع جديد يفصل البشرية عن تاريخها ( ولما يعتبره الأمريكان سبب البلاء ) ليحل محله التاريخ الأمريكي والثقافة الأمريكية ... فهنا قضية ... لكنه مبحث آخر.


الأعزاء جميعاً .. تحياتي،

ثلاثة قرون من سيادة الرأسمالية .. إبتدرت بأخذ المنتجين مكبلين بالسلاسل .. وأنتهت بجذبهم ليساهموا في تصنيع موادهم الخام بعد أن تم نهبها وإفقار قارات بأكملها.. إنها ديناميكية الرأسمالية التي كلما تسارعت وتائرها إزدادت فوضاها ولا إنسانيتها .. لتهدي لمجتمعات البلدان التي تم إفقارها الحروب والأوبئة.

لا يمكن أن تقام مقارنة بين الإشتراكية والرأسمالية .. لا يمكن المقارنة بين سيطرة الناس على إنتاجهم وتحديد أولوياتهم .. وبين إجبارهم على العمل المأجور حتى وإن بدا ذلك أمراً طبيعياً بعد أن نسي الناس حالهم قبل أن تحكم الرأسمالية سيطرتها وتعمم ثقافتها ..

النماذج (الإشتراكية) التي تجرى المقارنة بينها وبين الرأسمالية ليست نماذج إشتراكية .. ولو
رفعت شعارات الإشتراكية أو إستخدمت لغتها .. وهذا كثيراً ما يحدث .. فكم من أنظمة تغنت بشعارات
الإسلام ومارست إنحرافات متنفذيها .. فالعبرة ليست بالأسماء ولا الشعارات .. الممارسة في الأرض هي التي تحدد طبيعة الأنظمة.

الموضوع ليس ما قال به ماركس أو غيره .. فقط الخروج من قبح الواقع لعالم إنساني يصنعه الناس
الذين يرون الواقع الراهن غير محتمل وينبغي تغييره بفعلهم الإرادي .. وبالتأكيد وهم يفعلون ذلك سيحققون إنسانيتهم ويلتقون بتطلعاتهم بافضل الممكن الذي ترقد ملامحه في رهان الصراع بين من يعمل لتغيير الواقع ومن رضي بالتدثر بحماية الفوضى الراهنة .. أو من يقول ليس في الإمكان أبدع من محاولة تخفيف عيوب الرأسمالية بديمقراطيتها الليبرالية وأمراضها العضوية .. (السودان، الصومال، لبنان والعراق "نماذج من اللحظة الراهنة").. والبقية تأتي تباعاً.



Post: #217
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: Sidgi Kaballo
Date: 07-25-2006, 03:49 PM
Parent: #216

يطرح انهيار المعسكر الاشتراكي للمناقشة قضايا نظرية وعملية كثيرة. ولعل أحد أهم هذه القضايا قضية ماهية الاشتراكية وعلاقتها بالديمقراطية. فهل الاشتراكية هي الملكية العامة لوسائل الإنتاج؟ أي أنها إلغاء الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج واستبدالها بالملكية الاجتماعية بأشكالها المختلفة؟
أن الاشتراكية، وفي تقديري، هي نظام يهدف لإلغاء اغتراب الإنسان. وجوهر اغتراب الإنسان في المنظومات الاقتصادية الاجتماعية القائمة على الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج هو فصل المنتج عن ملكية وسائل الإنتاج التي يعمل بها لإنتاج وسائل معيشته بشكل مباشر أو غير مباشر، وفصله عن منتجات عمله بالذات، فهو ينتج ما لن يملك لان الوسائل التي استخدمها في الإنتاج ليست ملكه. أن هذا يجعل ملكية وسائل الإنتاج، وهي عنصر واحد فقط في علاقات الإنتاج، تبدو وكأنها علاقات الإنتاج كلها. ورغم أهمية عنصر ملكية وسائل الإنتاج في صياغة علاقات الإنتاج إلا أن الأخيرة تشمل علاقات تنظيم و توزيع الإنتاج وتبادله.
أن تجريد المنتج من وسائل الإنتاج يؤدي إلى عزله عن عملية تنظيم الإنتاج (اتخاذ القرار حول ما ينتج وكيف ومتى ينتج وإلى من وأين يتم تبادله وبأي قيمة أو شروط) وعن عملية توزيع الإنتاج أو العائد من تبادله. وجوهر هذه العملية في التشكيلة الاقتصادية الاجتماعية الرأسمالية هو تحول قوة العمل إلى سلعة، أي اضطرار العامل لبيع قدرته على العمل خلال فترة زمنية محددة، لذا أسمى ماركس عملية التحول هذه بالتراكم البدائي لرأس المال؛ يقول ماركس "ليس التراكم البدائي إلا العملية التاريخية التي فصلت المنتج عن وسائل الإنتاج" (ماركس، راس المال، دار التقدم، الطبعة الإنجليزية، الجزء الأول، ص 66. وهذا هو جوهر انتقاد الماركسية والاشتراكية للديمقراطية الليبرالية التي تكفل الحرية السياسية للمنتج بينما يظل معزولا ولا حق له في الاشتراك في عملية إدارة وتنظيم وتوزيع الإنتاج وعائد الإنتاج. والملكية العامة لوسائل الإنتاج عندما تأخذ شكل ملكية الدولة لا تحل إشكال عزل المنتج عن وسائل إنتاجه أو حرمانه من اتخاذ القرار حول تنظيم عملية الإنتاج وتوزيع عائد الإنتاج إلا في حالة أن تكون الدولة نفسها دولة المنتجين، أي خاضعة لأرادتهم كدولة وكمؤسسات منتجة على كل المستويات وفي هذه الحالة تنتفي الدولة الطبقية ويضمحل دورها كأداة في الصراع الطبقي. وإلا أصبحت ملكية الدولة أداة لسيطرة البيروقراطية والتكنقراط على وسائل الإنتاج وبروز طبقة جديدة، تحتكر الدولة ،ادوات الانتاج التي تملكها وهذا ما نقده جيلاس المفكر اليوغسلافي . وهذا بالطبع ما يضع قضية الديمقراطية كقضية جوهرية وأساسية، بل يمكن القول تعريفية (problem of definition)، إذ يستحيل تعريف الاشتراكية بدون الديمقراطية؛ وهذا هو بالضبط البعد الاجتماعي للديمقراطية الاشتراكية . وبالتالي فان أي تنظيم اجتماعي قائم على ملكية الدولة لوسائل الإنتاج لا يمكن أن يلغي اغتراب المنتج، وبالتالي لا يمكن أن يطلق عليه تعبير الاشتراكية إلا إذا كانت الدولة ديمقراطية وتسود الديمقراطية المجتمع على كافة مستوياته التنظيمية؛ سياسية كانت أم إنتاجية. إن الدولة التي لا يملكها ويسيرها منتجوها لا فرق بينها وبين المالك الخاص أو الشركة الخاصة، توسع القطاع العام ليس رديفا للإشتركية. وإذا كان الأمر كذلك فما معنى ارتباط مفهوم الانتقال للاشتراكية بديكتاتورية البروليتاريا؟
لقد تعرضت قضية ديكتاتورية البروليتاريا للتزييف الأيديولوجي مثلما تعرض مفهوم المادة والمادية، ولعل أهم ما ساعد في ذلك التركيب السلبي للفظ المقولة نفسها، التي استخدمت بدلا عن ديمقراطية الطبقة العاملة (أو ديمقراطية كل الشعب)، يقول البروفسير ديفيد هيلد، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة المفتوحة ببريطانيا وهو باحث متمكن في قضايا الدولة والديمقراطية والطبقات، "بديكتاتورية البروليتاريا كان ماركس يقصد السيطرة الديمقراطية على المجتمع والدولة بواسطة أولئك الذين هم أغلبية الناس الراشدين، الذين لا يملكون أو يسيطرون على وسائل الإنتاج" (ديفيد هيلد، نماذج الديمقراطية، البوليتي برس، ط 1995، ص 12.


في هذا الصدد انظر مقالات ماركس حول بريطانيا خاصة مقالته " الرابطة لأجل الإصلاح الإداري" والتي انتقد فيها اوركهارت لموقفه الرافض لنضال الجارتيين من اجل توسيع الديمقراطية وتطوير البرلمان نحو سلطة شعبية، ايضا انظر انتقادات انجلز في الجريدة الرينانية الجديدة الموجهة لبرينيز ومناقشات ماركس وانجلز لثورة مارس 1948/ 1949 في فرنسا وألمانيا وقضية الحريات العامة بها خاصة حرية التعبير وحق الجماهير في ممارسة ضغوطها على البرلمان. ولعل اجمل تلخيص لكل تلك المواقف هو ما ورد في مقالة هال دريبر :
Hal Draper 'Marx and the Democratic Forms of Government' in the Socialist
Register, 1974, pp 101-124.
وكذلك مقال جاك تاكسية، النفكر والباحث الفرنسي الذي كان يرأس تحرير مجلة ماركس اليوم وعنوان المقال"الثورة والدينقراطية في الفكر السياسي لماركس وأنجلس والتي ترجمها رائد فهمي ونشرها في مجلة النهج العدد 46 الستة الثالثة عشر 1997 صص 68-110 (والذي ربما أعود لتلخيصه في وقت لاحق لو سمح لي وقتي).
والسؤال المباشر الذي يخطر للباحث هو: إذا كانت هي سيطرة ديمقراطية ولأغلبية الناس الراشدين فلماذا تسميتها بديكتاتورية؟ والإجابة ببساطة لأنها تجرد البرجوازية من ملكيتها الخاصة وتجعل من ملكية وسائل الإنتاج ملكية اجتماعية، إذن أنها تصبح ديكتاتورية من وجهة نظر وضد البرجوازية فقط. إن الحديث هنا عن ديكتاتورية طبقة؛ بمعنى سيطرتها وهيمنتها. وبالتالي كانت الديمقراطية الليبرالية توصف بأنها ديكتاتورية البرجوازية. ولكن المفهوم السياسي الدارج لتعبير ديكتاتورية اصبح هو السائد حتى في وسط دارسي العلوم السياسية والاجتماعية مما جعل استعماله لوصف هيمنة الطبقة العاملة سلبيا ولا يصلح للخطاب الأيديولوجي والسياسي الذي يوجه لجماهير واسعة متعددة المستويات التعليمية وفي مواجهة خطاب أيديولوجي وسياسي يستعمل تعبير الديمقراطية بشكله العام المجرد. ولكن هذا لا يلغي حقيقة أن مفهوم ديكتاتورية البروليتاريا كما أستعمله ماركس و أنجلز كمفهوم مضاد لديكتاتورية البرجوازية، هو مفهوم يتعلق بديمقراطية دولة الطبقة العاملة في مواجهة ديمقراطية الدولة البرجوازية.
أن ماركس وانجلز في البيان الشيوعي يتحدثان عن البروليتاريا المنظمة كطبقة حاكمة، والتي تنتصر نهائيا في معركة الديمقراطية. بل أن انجلز في خطاب له لبيبل (يشير إليه لينين في "الدولة والثورة" ص ص 78 و 79 من الطبعة الإنجليزية لدار النشر باللغات الأجنبية ببكين عام 1976)، ينتقد فيه برنامج غوتا للحزب الاشتراكي الألماني، طالبا حذف أي إشارة للدولة في البرنامج واستبدالها بكلمة ألمانية تعطي معنى كلمة الكميون الفرنسية ، باعتبار أن الدولة بمعناها الطبقي تنتهي بعد الثورة وتضمحل تاركة مكانها للجان لإدارة الشئون العامة والاقتصاد. ويقول انجلز أن البروليتاريا عندما تستعمل الدولة فإنها تستعملها لمواجهة أعدائها ولكنها عندما تنشر الحرية تختفي الدولة كجهاز قمعي. إن هذا التحول النوعي في طبيعة الدولة والذي يعرف في الأدب الماركسي باضمحلال الدولة، أي فقدها لطبيعتها كجهاز طبقي قمعي، لم يتم في البلدان الاشتراكية. وهذه في تقديري تتعلق بمسالة الظروف المحلية والعالمية لإنجاز الثورة في تلك البلدان. إذ أن المسألة الأساسية فيما يبدو ليست هي دولة البروليتاريا، بل كيف تصل البروليتاريا للسلطة؛ أي كيف تنجز ثورتها وتقيم مجتمعها الجديد :الاشتراكية؟ إذ انه على حل هذه الإشكالية السياسية الاجتماعية، يعتمد ليس فقط شكل، بل جوهر ما يسمى بدولة البروليتاريا أو دكتاتوريتها، وعما إذا كانت هذه الدولة ديكتاتورية بالمعنى السياسي البسيط، أي سلطة سياسية لأقلية تحكم عبر العنف والإجراءات الاستثنائية، بما في ذلك مصادرة حقوق الإنسان المدنية والسياسية؛ أم أنها دكتاتورية بالمفهوم التاريخي لهيمنة وسيادة طبقة اجتماعية بمعنى أنها استطاعت عبر إقناعها لأغلبية الجماهير أن تلفهم حولها باعتبارها المعبر التاريخي عن تطلعاتهم في تشكيلة اقتصادية اجتماعية جديدة؛ وبالتالي تتحول ديمقراطيا للجان لإدارة الشئون العامة والاقتصاد، أي تضمحل كدولة بمفهوم الدولة السابق، الأداة الطبقية لقهر الطبقات الأخرى وبالتالي تنتفي صيغتها كدكتاتورية ويصبح ممارسة الناس لحقوق الأساسية أكثر غنى.
إن استيلاء البروليتاريا على السلطة هو خلاصة أو قمة نتائج عملية ثورية طويلة ومعقدة من النضال السياسي والاقتصادي والأيديولوجي، ولحظة استلام السلطة تعبر عن قمة الأزمة التي تواجهها التشكيلة الاقتصادية الاجتماعية الرأسمالية. وهذا أيضا يطرح ما إذا كان إنتقال السلطة سيتم بشكل سلمي أو عنيف.
إن تطور الديمقراطية بفضل النضال الطويل الذي خاضته الشعوب لمدى أكثر من قرنين من الزمان تجعل الإنتقال السلمي لللإشتراكية ممكن في عالم اليوم وتصبح مسألة الإمكانية خاضعة للظروف التاريخية المعينة وردود فعل الطبقة الرأسمالية.
وسأعود ولكن ربما بعد وقت فأنا أعاني من ضيق وقت شديد.
ولكني حتما سأعود لمناقشة الأستاذ طلعت الذي بدأت في كتابة ردي.

Post: #218
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: Mohamed Abdelgaleel
Date: 07-26-2006, 08:27 AM
Parent: #217

د. صدقي – تحياتي
على ضوء مداخلتك الأخيرة .. لدي بعض الاستنتاجات، وكذلك الأسئلة:
- بناءً على ما أوردت يكون – حسب ماركس - من الخطأ إطلاق (دول اشتراكية) على دول المعسكر الاشتراكي السابق. فرغم أن الدولة كانت تسيطر على وسائل الإنتاج .. ولكن كانت الدولة تحت سيطرة البيروقراطيات الحزبية في تلك البلدان وبقي المنتجين مغتربين ولا علاقة لهم بمآلات إنتاجهم،
وبالتالي: فيمكن القول: لتكون الدولة اشتراكية ليس مجرد سيطرة الدولة على وسائل الإنتاج .. بل أن تكون الدولة المالكة لوسائل الإنتاج تحت سيطرة المنتجين كشرط أساسي.
- جاء نقد كارل ماركس لشكلانية الديمقراطية الليبرالية مع استمرار اغتراب المنتجين عن إنتاجهم.
- أرى أن التزييف الذي حدث (لديكتاتورية البروليتاريا) حسب المفهوم الماركسي الذي أوضحت أنه يفيد ديمقراطية الطبقة العاملة المسيطرة .. قد نتج بشكل رئيسي من الوضع الخاص الذي شهدته روسيا بعد ثورة أكتوبر 1917 من خلال سيطرة الطبقة العاملة والمزارعين والجنود على الدولة في واقع روسيا المتخلف، وما تعرضت له تلك الدولة العمالية من ضغوطات داخلية من القوى التي جردتها الثورة من ملكياتها وكذلك من الدول التي رأت في الثورة تهديداً لها .. هذا الوضع هو الذي أضطر الدولة الاشتراكية الوليدة لتأخذ شكل ديكتاتورية الأمر الواقع للتعامل مع المهددات عندما أصبح خيارها الآخر هو قبول الهزيمة بدلاً من الإمساك بأمل دولة اشتراكية مترنحة .. لتصبح هذه الدولة النموذج الذي يشار إليه لاحقاً بديكتاتورية البروليتاريا (العمال والفلاحين والجنود) .. والذي تطور فيما بعد لبيروقراطية الحزب الواحد .. وأصبح هذا النموذج المشوه والدول التي ألتزمت بخطه هي النماذج التي يشار إليها باعتبارها نماذج الاشتراكية.
- حسب (ماركس) الثورة هي الأداة الوحيدة التي تؤمن إنهاء غربة المنتجين.
- دكتاتورية البروليتاريا (ديمقراطية الطبقة العاملة) هي مرحلة تأمين إلغاء النظام الطبقي وتبقى ما بقيت الحاجة للدولة كأداة للسيطرة الطبقية ولمنع البرجوازية من إستعادة سيطرتها.
- الملامح المحددة التي يزول فيها اغتراب المنتجين وسيطرتهم على إنتاجهم لا يمكن تحقيقها سلمياً .. إلا إذا أفترضنا أن النظام الرأسمالي قد توقف عن أن يكون نظاماً قائماً على التنافس والربح من أجل الربح ليصبح نظاماً إنسانياً .. ومؤشرات الواقع كلها تشير بأن العكس تماماً صحيح، والفرضية الأخرى أن تكون القوى المنتجة قد توحد وانسجمت وملكت زمام المبادرة بشكل يمكنها من أن تفرض برامجها وتقوم بفرض برنامجها الاشتراكي في الواقع دون الحاجة لاستخدام القوة.

أسئلة:
- هل يمكن للبرجوازية والقوى المسيطرة على الأرض ووسائل الإنتاج أن تتخلى عن ملكياتها سلمياً؟
- بالنظر لطبيعة نظم الديمقراطيات البرجوازية وتوجهاته الآنية هل يمكن أن يعيد الضغط على البرلمان البرجوازي قرار الإنتاج للمنتجين .. حتى في دول الديمقراطيات الراسخة والتي لم يعد يهددها الضغط .. بل تسمح بمزيد منه وتستخدمه كأداة تفريغ طاقات الغضب ؟

علماً بأن تاريخ الديمقراطيات البرجوازية، هو تاريخ إبقاء حماية العلاقات الطبقية بواسطة القوى العسكرية غير المنتخبة ديمقراطياً، كما أن الضغط على البرلمان لا يتولد عنه أكثر من إصلاحات "إن وجدت لها إمكانية" في حدود الإبقاء على سيطرة البرجوازية.

Post: #219
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: Mohamed Abdelgaleel
Date: 07-27-2006, 06:33 AM
Parent: #218

Quote: أنه من العبث والإستخفاف القول بأن الإجتهاد الماركسي الخلاق ومعرفة الواقع هو من قاد الحزب الشيوعي السوداني مثلاً لقبول الديمقراطية الليبرالية!! حركة المجتمع أكبر بكثير من محاولة تفسيرها بالماركسية وحدها، والتفاسير نفسها.. ما الداعي لمحاولة "مركستها" كلما ثبت صحة إحداها.. حتي ذلك الذي ثبتت صحته وصلاحيته اليوم، قد لا يصلح بعد ربع قرن من الزمان..


الاندغام في الديمقراطية الليبرالية (البرجوازية) وسوقها الذي أخرج مجتمعاتنا (من الجنة وسقطه) .. هو الأفق المتاح للقوى التي تلظت بالسوق والخصخصة والدكتاتورية و(غشتها الهزيمة) حيث تخلفت أدواتها وقواها عن إدارة الصراع .. والتاريخ مليء بموالاة المنتصر وعونه للقضاء على من تبقى من فلول من يدعي رؤية خلف الأفق .. فلا ماركس سيجيب على أسئلة الحاضر والمستقبل .. ولا الديمقراطية الليبرالية (الرأسمالية) هي الحل على قاعدة الفقر في المجتمعات المسيطر عليها من قبل الرأسمالية الطفيلية وبرجوازيتها (الرثة) ..

لا يمكن للإبداع الخلاق إلا أن ينطلق من موازين قوى التغيير من جانب وقوى تكريس ظلم الواقع الراهن من آخر، والواقع في السودان (مثال) يؤكد أن الطريق أمام تداول السطلة سليماًأو لتحقيق أي محتوى إجتماعي للديمقراطية مغلق .. يعني الإبداع الخلاق عاوز تجميع قوى و (جكة).

Post: #220
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: Mohamed Abdelgaleel
Date: 07-29-2006, 04:53 AM
Parent: #219

Up
Quote: اظن أن ما تصفه انت بالحركة الشيوعية ، ادنى ان يُعرّف بالماركسية (كمدرسة) اكثر منه بالشيوعية (كلافتة) ، لقلة المنظومات التي ترفع لافتة كتب عليها الحزب الشيوعي وسط لجة من تلك التي تنطلق من الماركسية (المدرسة) ، و بالواقع ، فكل الاحزاب الشيوعية طالبات في المدرسة الماركسية ، اما (الكثير) من المنتمين الى ما يصطلح عليه بحركة اليسار – مناهضة العولمة – الاشتراكيين الخ فهم تفريعات و اجتهادات اصلها ماركس ثم تفرقت بها السبل . و من ظني الشخصي ، و قد لا أُثاب عليه و لكن لا أؤثم ، ان نصحك بالاقتراب من الواقع اكثر ، موجه الى منتوجات الماركسية هذه ، احزاب و افكار و حركات و قضايا عادلة .. و يصبح ، ان على هذه الناس ، ان تتلاقى و تأتلف احزابا على غير ايديلوجية ، و ان تتلافى منظماتها هذه اللافتة الشيوعية ، غير ذات المضمون ، غير ذات الشوكة ، امعاناً ، في الاقتراب من الواقع كما فعل ماركس بالذات

محمد حسبو


Quote: إن الممارسة، النشاط الخلاق والتاريخ هي المقياس الممكن لتطابق (المحدد- المفهوم- المنطقي)،( للمحدد- الواقع- الحقيقي). إن المعرفة التي لا يمكن إخضاعها للممارسة والنشاط والزمن تظل معرفة نظرية فقط تقوم على تماسك فرضياتها الأساسية وتماسك بنائها المنطقي (بما في ذلك صحة فرضياتها، إذ أن ثبوت بطلان فرضياتها يثبت بطلانها نفسها، كالبناء الذي ينهار أساسه). إن العلوم الطبيعية تخضع نظرياتها للتجريب المعملي والحقلي وغيرها من أشكال البحث التطبيقي، وهي تستفيد من عملية التجريد النظرية فتحاول إن تنقلها للتطبيق العلمي والمعملي في دراسة واكتشاف العناصر والعلاقات لخلق كليات جديدة لم تكن موجودة في الطبيعة (من خلال تشكيل علاقات جديدة بين عناصر جزئية موجودة مسبقا ولكن لم تكن بينها نفس العلاقة أو عزل عناصر عن علاقاتها مع عناصر أخرى، أو الاستفادة من اكتشاف وجود علاقات بين عناصر أما لإعادة إنتاجها أو إيقاف إنتاجها ...أو كما قال أنجلز جعل الشيء في ذاته، غير القابل للمعرفة عند كانط، شيئا لنا) . أما العلوم الاجتماعية فان نظرياتها هي موضوع التجربة والنشاط الإنساني الاجتماعي بكافة أشكاله السياسية والاقتصادية والثقافية والتربوية...الخ. إذ أن التجريد في العلوم الاجتماعية التي تدرس المجتمعات الإنسانية لا يتم إلا على مستوى نظري، على مستوى المفاهيم والمقولات؛ بينما في العلوم الطبيعية من الممكن عمليا ومعمليا أحيانا عزل العناصر وإعادة بناء الكل، بل يمكن القول إن تاريخ علوم طبيعية كثيرة كالكيمياء والكيمياء العضوية والأحياء ..الخ، يمكن النظر إليه من خلال اكتشافات واختراعات قامت على نجاح عزل العناصر واكتشاف خواصها وعلاقاتها مع بعضها البعض. وهذا لا يعني بالطبع أن العلوم الطبيعية لا تحتوي على علوم نظرية مبنية على افتراضات، فالتنظير في علوم الفيزياء والفضاء مثلا يقود المعرفة العلمية التطبيقية في تلك العلوم ويعيد صياغة النظريات كلما حققت المعرفة العلمية التطبيقية اكتشافا علميا أو اختراعا جديدا.
وتظل الفلسفة عموما معرفة نظرية تعتمد على البناء المنطقي لحيثياتها واطروحاتها وعلى صحة افتراضاتها ومقولاتها المعبرة عن الواقع الطبيعي أو الاجتماعي أو الإنساني. والمعرفة الفلسفية لا غنى عنها لتطور الإنسان وتطور المعرفة الإنسانية، لأنها أساس المعرفة العلمية و مصدر أداتها المعرفية، أي مصدر منهجها و نظريتها للمعرفة، وسواء أعترف العاملون في مجال العلم المعين بأن ثمة معرفة فلسفية خلف نشاطهم العلمي أو لا فإن ثمة فلسفة وراء ذلك النشاط حتى ولو لم يدركها أولئك "العلماء".
ومن هذا المنطلق فان الماركسية هي أداة لمعرفة العالم ولكنها أداة ليست فقط لتفسير العالم وإنما ايضا لتغييره، أي أنها منهج فلسفي للبراكسيس Praxis؛ أي للنشاط الخلاق، وهي تستند في النشاط الخلاق ذلك على دراسة وتحليل الواقع الملموس،(يقول لينين إن أهم شئ في الماركسية هو دراسة الواقع الملموس وان الديالكتيك الجاد هو تحليل الواقع كعملية، أي في حركته وتحوله) فالتكتيكات المناسبة والحلول للمشاكل والقضايا العملية الملموسة تحتاج لمعرفة دقيقة بالواقع الموضوعي والقدرات والإمكانيات الذاتية للقوى الاجتماعية والسياسية المختلفة، والقدرة على تلخيص التجربة واستخلاص الدروس العامة والخاصة منها (وهو مستوى من التنظير) والاختلاف الأساسي في تقديري بين التجريبية كوسيلة للمعرفة والماركسية، أن التجريبية تحصر المعرفة في التجربة بينما الماركسية، تنظر (هي تنتج نظرية أو تمارس نشاطا تنظيريا) قبل وبعد التجربة وتقوم باستخلاص نتائج التجربة وهي تجرد و تحلل وتعيد بناء (تركيب) الواقع وتعمم ببناء النماذج واستخلاص المقولات أي أنها تنظر، تنشئ نظرية للاسترشاد بها، وهذه النظرية تزداد غنىً من خلال النشاط الخلاق، أي من خلال التجربة. أي أن العلاقة بين النظرية والتجربة هي علاقة تبادل في الاغتناء والإثراء، أي لمزيد من المعرفة التي تقود لمزيد من النشاط الخلاق، لا لمجرد تفسير وفهم العالم وإنما لتغييره. ومن هنا تنبع صحة المقولة اللينينية ""لا توجد حركة ثورية بدون نظرية ثورية" (لينين، ما العمل، ط البنجوين 1988 ، ص 40)

د.صدقي كبلو


Quote: الماركسية تقدم مشروعا لتحرير الإنسان لا يصطدم بأي دين إلا عندما يجند ذلك الدين لتكريس إستغلال الإنسان. محاولة ربط ذلك المشروع بالإلحاد بدعوى تنقية الماركسية والحفاظ على "عبقها الخلاق" هي دعوة تسعى لمحاربة مشروع تحرير الإنسان، إنها لا تخدم الماركسية ولا التقدم، بل تهدي سلاحا مجانيا لأعداء التقدم. دعوى البحث الفكري والفلسفي بعيدا من السياسة (من تغيير العالم)، مهما تلبث من ثوب علمي أكاديمي هي دعوى سياسية. إن "العبق الخلاق" للماركسية هو مشروعها الإنساني لتحرير الإنسان وإلغاء إغترابه.

د. صدقي كبلو


Post: #221
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: Mohamed Abdelgaleel
Date: 07-30-2006, 07:38 AM
Parent: #220

Quote: ** لا بد من الإشارة هنا إلى أن الديموقراطية نفسها، كنظام حكم، هي من "أبغض الحلال" للنظام الرأسمالي.. وهي ليست جزءا أصيلا منه، وإنما اضطرت لها بعض الدول الصناعية الكبرى اضطرارا، أمام قوة المستهلك المتنامية، ومحاولة مساومته وارضائه.. فالديموقراطية لا يجب أن ننظر لها كحسنة من حسنات الرأسمالية، وإنما كهزيمة من هزائمها..


قصي

Post: #222
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: عدلان أحمد عبدالعزيز
Date: 11-22-2006, 10:41 PM
Parent: #1

.
باديء ذي بدء أعلن شوقي لأقلام -أو، كي بوردات- الأعـزاء قصي همرور (ياهو زاتو)، طلعت الطيب، الطيب ود بدر، وصديقي كبلو.. لعل المانع خير؟! أمـا الأعزاء حيدر قاسم، معتز تروتسكي، محمد حسبو، وكل المهتمين.. أتابع كتاباتكم أنا وجدت,, و.. بشغف!

الأخ العزيز محمد عبدالجليل، تحياتي وعساك بخير..

لا تقلق يا صديق.. الرأسمالية لم، ولن.. تنتصر إنتصاراً حاسماً ونهائياً.. ف التاريخ لم يعرف نهايةً له بعد، رغم أنف "فوكوياما"، وفي رواية أخرى.. (كـيتاً تكويه!) يا صديق، ليس من المهم، إذا ما كان، أن الرأسمالية قبلت ب "الديمقراطية الليبرالية" مجبرة، لا بطل.. أو قبول أصيل، يتفق ومصالحها.. يازول، أياًُ كان.. جيداً جو! المهم هنا، أن "الديمقراطية الليبرالية" هي في مصلحة المسحوقين.. عشان كدة، كتيرين جداً -وأنا من هؤلاء- يرحبون ويناضلون من أجل سيادة "الديمقراطية الليبرالية" كنظام لإدارة الصراع الإجتماعي.. ذلك النظام الذي لا يسلبنا حقنا في الدعوة ل.. وتحقيق الدولة.. الإشتراكية، الديمقراطية المستندة على العلمانية.. ولَ شنو يا محمد عبدالجليل ومحمد حسبو؟

في المداخلة القادمة.. سألخص بإيجاز.. و.. مباشرة.. كنه، دعـــوتي، فيا محمد حسبو، وآخرين.. لا تقولوني ما لم أقل.. التذاكي، مُضِـر بِ.. الحوار، والصحة أيضاً!

خالص الود،

عدلان.


Post: #223
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: HAYDER GASIM
Date: 11-23-2006, 00:57 AM
Parent: #222

الاخ عدلان

قبل أن { أحمي } مشاعري لطوف جديد على هذه البناية ... فكرت فى { الأرشفه }

... فالحديث ذو سنان وأمضاغ لا تخلص ... فطمنا ... والامر بيدك ... نحبذك أن

{ تجي حازما } ... فلغرق خيار لا يتسق ... والساحل .


مع مودتي

Post: #224
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: عدلان أحمد عبدالعزيز
Date: 11-23-2006, 01:00 PM
Parent: #1

الأخ محمد حسبو، سلام وتحايا..

توفي كارل ماركس في 1883، بينما معظم المؤرخين لحركة الحداثة، يرجعون بداياتها إلى منتصف القرن التاسع عشر، حيث بدأت في إتجاهات "بودلير" في مجال الأدب، و"مانت" في مجال الفنون والرسم، لتنطلق في المجالات الأخرى.. ولكن ظل إرتباطها الأساسي مع الفنون.. عرفت سنوات 1890 إلى 1910 كبدايات لحركة الحداثة، وشهدت سنوات 1910-1930 إنتشارها وتمددها، ثم الجيل الثاني منها بين 1930-1945،أما المصطلح نفسه (الحداثة) المرتبط بحركة ثقافية وفكرية، فكثيرون يرجعونه ل الماركسي الأمريكي "مارشال برمان" في الربع الأخير من القرن العشرين، وبعد ما يقارب المائة سنة من وفاة ماركس. وقد يكون كارل ماركس أشار إليها (الحداثة) وقد لا يكون، لا أعـرف. مالم تثبت لنا أن ماركس قـد كتب عنها فعلاً، أو تطرق لها قولاً.. يظل صحيحاً ما كتبته أنا عن أن:
Quote: "أما الماركسية كمدرسة فكرية، فتلك تحوي اضافات شتى عصية على الحصر، وتتناول قضايا ربما لم يسمع بها كارل ماركس نفسه، مثل السيبرنطيقا، وعلم الجمال، الحداثة، الخ.. "
ويكون الظلم الحقيقي قد وقع في شأني عندما "قوّلتني" ما لم "أقله" وذلك في ما كتبته أنت يا محمد حسبو عن أن:
Quote: "اما سمعان ماركس بالحداثة و ما الحداثة ، انت ظلمت فيهو ماركس ، و ظلم اولي القربى اشد ، لأنو ماركس دة اول الكتاب الحداثيين ، و اول من حلل التحديث (محتوى الحداثة ، و قاعدتها) و الكلام دة قاله من اولادنا مارشال بيرمان في All this solid melts into air 1982
بل و يمضي هارفي ، ودة ما من اولادنا ، يمضي اكثر في تبجيل مساهمة ماركس قائلا (يقدم ماركس احدى اولى النظريات المفسرة للتحديث الرأسمالي و اكثرها اكتمالا) ثم والحديث مايزال لهارفي عن مساهمة ماركس ككاتب حداثوي(انما كذلك لأن نظريته حول التحديث الرأسمالي تبدو امرا لا مفر منه في اي قراءة متعمقة للاطروحات الثقافية ما بعد الحداثية) – د. هارفي ، بحث في اصول التغيير الثقافي ."

من الواضح أنني لم أصف "ماركس" بالحداثة من عدمها.. كما أن من تحدثوا عن "حداثية" ماركس، هم قوم لاحقون له، وذلك لا يضعف حجتهم، لكنه على أية حال ليس "قولي" أنا.. فإفتراضك أنني قلت، أو كتبت أن ماركس لا ينتمي للحداثة، ثم تبني معظم مداخلتك على ذلك الإفتراض.. فذلكم هو الظلم الآثم.

إقتراحك بتعديل عنوان البوست إلى "كلما اقتربت الماركسية من الواقع ، كلما ابتعدت عن الشيوعية" يدخلنا من جديد في متاهـة تعريف الماركسية وتحديد حدودها، والمدهش أنك نفسك أشرت لتلك المتاهة عندما كتبت:
Quote: "البعض فصّل النظرية الماركسية على مقاس ماركس انجلز لينين ، و الغالب اكتفى لدهشتي بماركس و لينين ، و على ايام التجميع كانت تدعى الماركسية اللينينة الستالينية ، و آخرون في المعارضة اضافوا تروتسكي ، و لديك بوخارين ، لوكسمبورج ، قرامشي ثم ابداعات التوسير وباليبار و و .. في اي لحظة تاريخية نعمل المبضع الفكري ؟ و لماذا هذه اللحظة بالذات دون تلك ؟ علما ان الماركسية نفسها ، تبوِّب الفلسفات و فقا لعاملي ، حزبية الفلسفة و مرحلتها التاريخية "


بكلمات أخرى، إقتراحك تعديل العنوان، ليصير "كلما اقتربت الماركسية من الواقع ، كلما ابتعدت عن الشيوعية" يبعدنا من المحسوس الأكثر (الشيوعية).. إلى المجرد الأبعد (الماركسية).. ذلك خلاف أن الهدف المعلن لأب الماركسية، ماركس "هيمسلف" قد حدد هدفه بوضوح في تغيير المجتمع نحو إزالة الطبقات وإقامة المجتمع الشيوعي، وهو يستعين في ذلك بفهم وإستيعاب الواقع التاريخي والماثل، فكيف بالله عندما تقترب "الماركسية" من ما تستهدف تغييره، تبتعد عن هدفها في نفس الوقت؟!

لابد لي هنا من التنويه إلى أنني أعتبر أن مناقشة الأخ محمد حسبو حول موضوع الدولة المدنية، وتمسكه الصارم بالعلمانية، يشكل بالنسبة لي مرتكزاً أخراً في مشروعي ورؤيتي حول مستقبل الحزب الشيوعي. وده ما كلام "كومبليمنتري" ياحسبو..

الأعـزاء.. مشروع بحث ودعــوة للحوار.. كان ذلك هو السطر الإستهلالي، الذي بدأت به هـذا البوست. طـيب.. بحث في ماذا؟ هو بحث يستهدف التحقق من فرضية معينة، وتلك الفرضية تتمثل في أن الحزب الشيوعي السوداني (يمكن أن يخدم كنموذج للحركة الشيوعية عموماً) وفي رحلته للخروج بالشعب السوداني إلى رحاب التقدم والإشتراكية.. ومع تبنيه منذ تأسيسه، للنظرية الماركسية، بحسبانها مرشد هادي لنضاله.. ومن خلال مسيرة نضاله العملي والتعلم من تجارب الشعوب الأخرى.. وفي سعيه للإقتراب من إستيعاب الواقع الذي ينشط فيه وطرح الحلول الملائمة والممكنة.. طرح الحزب الشيوعي السوداني العديد من أحمال الماركسية التي ثبت خطلها وتهويمها، مثل ديكتاتورية البروليتاريا، وتغيير المجتمع بالعنف الثوري.

من خلال المساهمات الجادة التي تم طرحها ونقاشها في هـذا البوست "الملف" زادت قناعتي في صحة الفرضية الأساسية، حول أن الإدعاء بماركسية الحزب الشيوعي السوداني، محض إدعاء.. رغم الإسهام الواضح للنظرية الماركسية في البناء الفكري والبرامجي للحزب الشيوعي، إلا أنه ليس الإسهام الوحيد، فالديمقراطية الليبرالية التي يتبناها الحزب الشيوعي السوداني، ليست إسهاماً من صلب النظرية المماركسية.. عشان كده دعينا للإعتراف بتلك الحقيقة البسيطة، والكف عن ترداد "أننا مازلنا حزباً ماركسياً" والإنتقال عملياً لتضمين ذلك في مشروع لائحة ودستور الحزب، التي يجب أن تعرف الحزب تعريفاً يتسق وممارسته العملية وأهـدافه التي يناضل من أجلها حقيقةً، بإعتباره حزب إشتراكي ديمقراطي.. ومن باب البداهة أن إثبات فرضية أن الحزب الشيوعي في إقترابه من واقع الحياة ومتطلبات تغيير واقع حياة شعبه نحو الأفضل، إنما طرح وظل يطرح عن ظهره عدداً من مداميك أركان بناء النظرية الماركسية، وبالتالي يصبح تغيير إسم الحزب نفسه، ضرورة نظرية وعملية.

عميق إمتناني لكل من ساهم بجدية في هـذا النقاش، فمساهماتكم قد أضافت كثيراً لمعارفي، وتعلمت من محتواها وطريقة عرضها، الكثير، لكم الحب والود مجدداً ومتصلاً..

عدلان.


.

Post: #225
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: طلعت الطيب
Date: 11-26-2006, 01:42 AM
Parent: #224

العزيز الاستاذ: عدلان

خالص تحياتى وعميق شكرى لدعوتك الكريمة فى امكانية اثراء هذا البوست والعودة الى المساهمة ويسعدنى الاستجابة وذلك لسببين:
الاول هو يتعلق بموقفك الصادق والتعامل بذهن مفتوح على الرغم من التزامك التنظيمى وهو لعمرى شىء يدعو الى الاحترام والتفدير غض النظر عن اتفاقنا هنا واختلافنا هناك ، ان وجد مثل هذا الاختلاف
السبب الثانى خاص بانقطاعى مع اننى كنت لم انتهى بعد من ختام مساهمتى والتى كانت تحت عنوان بط اناهايم العظيم ، وربما لم يتسنى للقارىء بعد معرفة مقصدى من ذلك ...والحقيقة انه اسم لواحد من اعرق اندية الهوكى بامريكا الشمالية ، ومقر النادى كاليفورنيا والتسمية هى من دلالات ما بعد الحداثةلاسباب ربما اتعرض لها فى وقت او مجال لاحق ، وقد توقفت عن السلسلة لان اتحاد الهوكى للاسف قرر عدم قانونية الاسم فى اجتماعه الشهير اواخر يوليو السابق ليصبح اسم النادى هو بط اناهايم بعد شطب كلمة العظيم يعنى بالعربى كدة اتحاد الهوكى تآمر على سلسلة المساهمات، مما اضطرنى للتوقف عن الكتابة تحت ذلك الاسم اذ انه ببساطة لم يعد موجودآ
على اية حال سأحاول تلخيص مساهماتى مع بعض المساهمات والافكار الاضافية وهى تتعلق بالجبر والاختيار فى تاريخ الفلسفة العربية الاسلامية ومقارنتها بنفس الفكرة فى علم الاجتماع فى المقابلة بين افكار دوركهايم ومدرسة علم الاجتماع الظاهراتى ومن ثم الاستعانة بذلك فى توضيح المقارنة بين افكار كارل ماركس من حهة وماكس فيبر من جهة ثانية فيما يتعلق بالعلاقة بين الذات والموضوع وموضوع التسيير والتخيير. احاول بعد كل ذلك العرض ان اصل الى حقيقة قد تبدو بسيطة وهى ان علوم الاجتماع والفلسفة قد توصلت بعد المثابرة فىطرح اسئلتها الخاصة بها انه لا يمكن الاستغناء عن الذاتى او الموضوعى وذلك بما يشبه اليقين على اثر تراكم المعارف التدريجى.
اتفق معك تمامآ يا اخ عدلان فى ان اعتماد الحزب الشيوعى السودانى لكارل ماركس كمرجع وحيد على الرغم من اتخاذه مواقف عملية تعكس ادراكآ اعمق للواقع قد حرم هذا الحزب من فرصة ذهبية فى تطوير خبراته ومعارفه، بل واكثر من ذلك فقد اظهر الحزب بمظهر لا يخلو من التناقض الذى يدعو ربما حتى لاثارة الشفقة والرثاء
والى عودة قريبة انشاء الله

Post: #226
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: HAYDER GASIM
Date: 11-27-2006, 10:28 PM
Parent: #225

خارطة الطريق للإصلاح الديمقراطي فى الحزب الشيوعي السوداني .... { 1 }

الأخ العزيز عدلان

تحياتي الأسميات ... بعد طول إنقطاع

حفزتني والاخ طلعت بإبتداراتكما الموضوعية ... وأخالني أننا جميعا إستفدنا من هذا الحوار , وهنا يكمن مغزى تواصله طالما المعارف لا تنقطع , ومن هذه الفرضية المستزاقة الجاسرة أرى أبواب اليقين تتخلع وتتمفصل تراكيبها بفعل رياح التغيير وناجزية المتغير ... فهكذا رحلة الكون الذي نعيش عليه , دأب لا يحتمل الثبات , من الحياة فى جوهرها وفى دورتها السجالية بين أيض الحياة وعقاب الموت, بين الغضية والإمتلاء بالحياة حتى قمة منحناها , إلى الهبوط المتدرج أو المتسارع إلى نقطة النهاية , لتفتح الحياة أبوابها لجديد آخر ... يقتفي ذات المنحنى . ولأنها دورة تمثل { اليقين } الوحيد فى دنيانا هذه , فهذه الصيرورة تنطبق على السبل الفرعية التى تتصل بالحياة , من الفكر إلى إليات صنع الحياة إلى الطبيعة إلى المجتمع إلى الفرد ... فكله فى حالة موار ... فمن ثم ليتنا نؤسس على هذا الواقع مدخلا { نتفق عليه } ... إذ لا يستقيم الإعتقاد بأزلية وصلاحية فكرة ما أو حزمة أفكار على الدوام ... ربما تتجاسر المفاهيم الدينية على هذه الفرضية ... لكن ولحسن الحظ فالموضوعة قيد البحث ليست بدين ... إنها الماركسية كجهد بشري خالص .

فدعونا نرفع الحصانة الفكرية والمعنوية عن الماركسية حتى نطلع على حقيقتها وحتى نحسن توقيعها فكرا وتجربة , وعندما يحدث هذا تؤول الماركسية إلى مصاف الإنتاج الإنساني , ولأنه كذلك فهو حري بأن يطبق عليه معيار { ضبط الجودة } لإقصاء الطالح ولضمان سلعة جيدة تغر بها عين المشتري ويستسيغ طعمها , لا أن { يزدردها } ... فهذا هو التحدي الذي يواجه دعاة الماركسية ... لكني على قناعة أنهم سوف يتعدلون لمسايرة أنساق الحياة والإستجابة لخواصها الجبارة كما أنفت الإشارة , فإرتباطهم الراهن بالماركسية محشو بالعاطفة والتاريخ والشجون , وتهيل عليه الرأسمالية من جساماتها ومن مفارقاتها ما يجعلهم يلوزون بماضيهم الماركسي , بحثا عن { البراءة } الفكرية والنفسية وعن الإتزان الإنساني كأضعف الإيمان , فقط عليهم أن يدركوا أنهم بهذا يتقهقرون إلى خانة رد الفعل , والذي عند الإستغراق فيه , فإنهم سوف يتحولون نخبة جديدة من { المعتزلة } والمتصوفة الفكريين , وحتى عندما يدارون هذا الواقع الفكري بالإسراف فى العمل السياسي , فإن المتناقضات المستفحلة بين الماركسية وقضايا العصر السياسية لن تمنحهم التوازن المطلوب , سيظلوا كذلك وكأنما يسيرون على حد الموسى .

هناك مدخل آخر لا يقل أهمية عن سابقه , هو ضرور توقيع رسالة الأحزاب الشيوعية فى إطار السياسة , حتى تصبح تلك الأحزاب سياسية بمعنى الكلمة وحتى تستوفي مقتضيات العملية السياسية ... صحيح أن هذا التصور ربما يختزل مهمة الأحزاب الشيوعية إلى النطاق الحرفي للسياسة , فيرفع عنها مهمة الإختطاط الفكري الذي يمثل فى جملة تآلفاته { منهجا } للحياة كما يقولون , لكنه يرفع عنها بالمقابل صفة الشمولية وضيرها كمدخل للإستبداد والإقصاء , وهي تحتاج لهذه البراءة ولما تمكنت فى مناهجها وفى تجاربها الشمولية كما شهدها التاريخ . كما أن ما لا يجده المرء فى الحزب السياسي سوف يجده فى نواحي من دنياه , فهناك المجتمع والدين والتاريخ والتراث وعلوم الإجتماع والأخلاق والفلسفة والجمال ... فهذه وغيرها مصادر متنوعة لينتهل الإنسان ما يشاء , بل أن هذا التنوع يجعل الإختيار أكثر سلامة وإقناعا لأن المرء هو الذي يصطفي ما يختار , وليس على نسق النظرية التي تجد نفسك مطالبا فكريا وأخلاقيا بتمثلها مجتمعةا طالما تنتمي إليها , كما أن ثمة العصر الرامية نحو المزيد من تعدد مصادر المعرفة وتفكيك البني التقليدية الشمولية , يجعل هؤلاء أكثر إقترابا من واقعهم وأكثر قدرة على التعامل معه ... وهذا جزء من مشروع الحل الذي ينتظرهم ما توخوا مقدرات عصرهم ومقتضياته .

طيب ... ما المنتظر فى معالجة أمر الماركسية , ينبغي أولا أن نعلم أن هذه الماركسية نشأت فى القرن الماضي لذا فالزمن فى مسيره من ذاك الوقت وإلى الآن يحاكمها بمعيار المحدث , خاصة وأنها { أي الماركسية } إختارت لنفسها دفوعات حتمية مستمرة وغير قابلة للإزاحة وأضفت عليها قيمة مقدسة ومسحت عليها من دهان الجبرية ... مع هذا فليس فى الإمكان الإلغاء الكلي والجزافي للماركسية , لكن أكرر ما قلته من قبل ولأكثر من مرة ... فالحل يكمن فى { تفكيك } الماركسية ... ليختار الناس منها ما يشاؤون , وليس فى هذا تقويض للماركسية بقدرما فيه إكرام وتقدير فيما أصابت , وبالضرورة فما عدا ذلك يرسب إلى القاع ... وهذا جيد حفاظا على صحة المتناول الفكرية والنفسية , بل حتى القيم الصحيحة والفعالة فى زماننا هذا ... فهي لمجرد زماننا هذا ... لا يمكن إفضاء نعوت مستديمة على جودتها ومواكبتها للأزمنة القادمة , فلكل جيل رسالتة ولكل زمان ملامحه ... وكما يقولون فى الغرب
Politcs is all about the moment .

لما أنف ... وفى إطار فرضية التفكيك أعلاه , أعتقد أن الماركسية ما تزال تحمل جوانبا خيرة وعلى رأسها مشروع العدالة الإجتماعية ... أتناول هذا من حيث الجوهر وأعترف بسعي الماركسية لإحداث أعلى قدر من العدالة الإجتماعية بين الناس على المستوى النظري , وأختلف معها فى { درجة } العدل المنشود , مع أن هذا الإختلاف لا يلغي المشروع الماركسي فى هذا الصدد بقدرما يتطلب إحالته إلى أروقة الواقع والموضوع , لتبيان مستوى تنفيذه بواسطة الحوامل السياسية الماركسية , وهنا يصدر الواقع أحكامه ربما بدرجات مختلفة , لكن يظل المنظور الماركسي متحققا بشكل من الأشكال ... يعني الماركسية وفى سياق أرفع قممها { العدالة الإجتماعية } فهي مقيدة بمستوى التطور الإجتماعي والقابلية السياسية لتطبيق بعضا من فرضياتها , بمعنى سيادة الظرفية السياسية على مقدرات الماركسية الإجتماعية , ليس لسبب غير لكون الماركسية إختارت لتنفيذ إطروحتها على الأرض الثورة والطبقة والحزب , بينما الواقع السياسي يؤمن على خيار الناس الديمقراطي ... وهنا مفارقة تقيد تطبيق مهفوم ماركسي بغير أدواته النظرية , فهذا ربما يأتي خصما على القيمة الجوهرية لمشروع العدالة الإجتماعية الماركسي , لكنه يحقق { الممكن } ماركسيا ... وهكذا السياسة .

وربما إلحاقا بسابقه ... فالماركسية كذلك تولي إهتماما بالطبقات الإجتماعية المقهورة , وغض النظر عن ضعف الخيال الماركسي فى ترسيم خطى المجتمع البشري حتى يتبدى اكثر عدلا ورفاهية , إذ أقامت بالمقابل مقصلة للطبقات الأخرى وسفكت دم الفكرة ورحيقها بلا جدوى ... تظل قيمة المشروع الماركسي هنا متكأ للفقراء وحافزا لإستنهاضهم , إذا ما تم إعادة الإعتبار للعوامل الاخرى التي إعتسفتها الماركسية من قبل ... على سبيل الصراع الطبقي والثقافة المادية الحصرية ... ومن قبل العنف الثوري .

إختطت الماركسية كذلك ... وهذا من محامدها أيضا , نهج الإستقصاء العلمي , بل بنت تأسيسا عليه مكوناتها الأساسية فى الفلسفة والإقتصاد وعلم الإجتماع ... فقط غاب عن خيالها كذلك أن العلم نفسه ليس فريضة ثابته , فما يثبته العلم اليوم يخلعه غدا ... لكن تظل القيمة فى المرجعية العلمية من حيث المبدأ من أفضال الماركسية .

وأواصل ... فهي { خارطة } مع التواضع وفى إطار تجربتي ومعلومي المحدودين ... فالآخر طعم الزاد ومشتهاه ... وليتكم تتوفرون .

Post: #227
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: HAYDER GASIM
Date: 11-28-2006, 03:34 PM
Parent: #226

خارطة الطريق للإصلاح الديمقراطي فى الحزب الشيوعي السوداني { 2 }

من مزايا الماركسية أيضا أن سلطت الضوء على دور الإقتصاد فى تطور المجتمع البشري ... مع إنها إنحازت تماما لهذا العامل وبنت عليه كل تصورها , خصما على مؤثرات أخرى بالطبع , وهي كذلك فقد رفدت علم الإقتصاد بأسانيد وأخيلة علمية لم تكن مطروقة من قبل , أو قل رفعتها الماركسية من معارف خام إلى علم محدد , فوفرت الماركسية فى هذا السياق تراثا إنسانيا لمقابلة وتحليل ونقد نظيرها الرأسمالي , ومع أن الرؤى الماركسية لم تستطع أن تحل محل الرأسمالية , لكنها أسهمت ولا شك فى ترشيدها وفى ضبط تفلتاتها , بل وفى حفز الرأسمالية لإرتياد آفاق جديدة فى مضمار التقدم الإقتصادي والتشريع القانوني فى مجال العمل , والإنطلاقة التقينة والمعلوماتية الى تسيطر على هذا العصر , فوجود مشروع { بديل } فى حد ذاته كان عاملا إيجابيا لتحمية المنافسة ليكون المجمتع البشري هو المستفيد فى نهاية المطاف .

أسهمت الماركسية كذلك فى إيقاظ الإحاسيس الإنسانية بوحدة نوازع ومصير البشر , غض النظر عن الميكانزيم الثوري الذي إختارته لتفعيل هذا الأمر , فالماركسية بالفعل تحلم بعالم سعيد , وهذا ما يجعلها أكثر كفاءة إنسانية من نظيرها الرأسمالي الذي لا تتعدى أحلامه سعادة الدولة لذاتها فى أفضل الأحوال , إن لم تكن هيمنتها على الآخرين , وإن تغاضينا عن إفتراقات تلك السعادة داخل الدولة نفسها .

التاريخ كذلك يسجل للمشروع الماركسي نصرا أخلاقيا لا يمكن تجاهله , إذ نهض هذا المشروع فى غمرة الصلف الرأسمالي وإحتكاره للعالم من خلال الإستعمار المباشر من جانب , والتصعيد النووي كمهدد لإفناء النوع البشري من الجانب الآخر ... فكان { التوازن } الذي فرضه المعسكر الإشتراكي آنها من أسباب السلام العالمي , وكانت يد العون { الإشتراكي } خير معين لكثير من دول هذه المعمورة للتخلص من ربقة الإستعمار .

هذه فى إختصار محاسن الماركسية من على دفاترها النظرية وتجربتها العملية ... لا أدري إن أغدقت عليها أم إعتسفتها ... فالحكم للقارئ وللمهتمين بالشأن الماركسي ... لكن المهم أن حتى تلك المحاسن فالتاريخ يحكي أن كثيرا منها لم تجترحه الماركسية , إنما أضافت إليه وسواء ذلك فى كل مصادرها المكونة , وهذا فى حد ذاته أول إعتساف مارسته الماركسية فى حق الفكر البشري بإدخال الطابع { الإحتكاري } وتأميم الفكر ووضع نهايات له , كان الأحرى للماركسية أن تضيف وتذهب ... ليتواصل النسق الطبيعي فى التراكم والإندثار والإضافة . تفكيك الماركسية يعيد الإعتبار لهذه العملية التاريخية لتحتل مكانها وفق قانون الطبيعة والمجتمع , وكذلك يعيد الإعتبار للمفكرين وللأفكار التي سبقت ماركس وأعقبته ... إذن فنحن بصدد { تقويم } الإعوجاج الذي أحدثته الماركسية فى مجرى التثاقف الإنساني ... وأراها بداية صائبة .

عرضي لمزايا الماركسية كان من باب الامانة الفكرية , لكنني بالمقابل أرمي لأن أعرف من الذين ما يزالون يتشبثون بالماركسية ... هل تطابق أحكامهم ما ذهبت إليه أم لا , وهل ما تقدم { كليا أو جزئيا } هو الذي يربطهم بالماركسية أم أن هناك ما هو أكثر من ذلك , والاهم هل يقتنع الماركسيون بخاصية الإنتقاء ؟ والتي يتوفر فيها المرء للمزاوجة بين خيارات متعددة المصادر وربما تكون مختلفة , وإن إختار الواحد فيهم بنودا من الماركسية وتحفظ أو إعترض على أخريات ... هل سيظل ماركسيا ؟ والأهم ... هل بالضرورة أن نكسب مفاهيمنا وأفكارنا إسما ومرجعية بعينها ؟ وفيم العبرة ... إسم البارجة أم سلامة الرحلة ؟

تتمة لما تقدم ... سأحدثكم فى الحلقة القادمة عن مسالب الماركسية , تعرضت إليها من قبل فى هذا البوست وفى أخريات , لكن لزومية وحدة الموضوع وترابطه لا تترك لي من خيار غير التكرار ... فلهذه الورقة غرض ولما أود أن أسهم بإخلاص ومن خارج الرواق الشيوعي , فى تسكين أمر شيوعي السودان بما ينفع شعبي المقهور والذي يحتاج لكل أبنائه الآن سالمين ومعافين وقادرين على عونه ... وفيهم الشيوعيون ... والذين آمل أن تجد منهم هذه المساهمة المتواضعه إهتماما يليق .

Post: #228
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: HAYDER GASIM
Date: 11-29-2006, 08:40 PM
Parent: #227

خارطة الطريق للإصلاح الديمقراطي فى الحزب الشيوعي السوداني { 3 }

من عيوب الماركسية ... الجبرية , فرؤآها ذات بعد إلزامي للتاريخ نفسه الذي يصنع الأحداث , وهذا ليس أمرا عارضا فيها بل متمكن ومتراص مع كل تصوراتها ومراحلها , بل ليس فى حدود التصور الملزم أخلاقيا لمن يلتزم بالنظرية , إنما إنفاذها كذلك جبرا وعبر العنف الثوري . أهالت الماركسية على نفسها بطرا أحال كل فرضياتها إلى حتميات تاريخية , وضعت الماركسية تقييما طبقيا محضا للتاريخ البشري عبر التشكيلات الإجتماعية والإقتصادية التي ألقت بملامحها على الحقب السالفة , وإمتدت بخيالها الطبقي هذا لترسم ملامح المستقبل البشري حتى منتهاه , وعرضا هنا , فالماركسية هي التي أعلنت نهاية التاريخ من قبل بالمجتمع الشيوعي كآخر نقلة وخاتمة مطاف لتاريخ المجمتع البشري , وليس فوكوياما المغضوب عليه من ماركسيي اليوم لزعمه بنهاية التاريخ , ناهيك عن أن القائل هنا فرد بينما نهاية التاريخ ماركسيا هي فى صلب النظرية ... { شفتوها حارة كيف } ... عموما الواضح أن التصور الماركسي جاء داهما ومتجاوزا لأنماط وآليات تراكم المعرفة وإنتقالها من جيل لآخر ومن حقبة لأخرى .

المختبر الحقيقي للماركسية كان حول الديمقراطية ... فالشاهد أن الماركسية نشأت فى كنف المشروع الليبرالي الذي تمخضت عنه الثورة الصناعية , وربما كنا سنجد العذر للماركسية وهي تدعم الخيارات الديكتاتورية إن نشأت قبل ميلاد الديمقراطية , بإعتبار أن التاريخ آنها كان أسير النزعات التسلطية والقائمة أصلا على القوة والحرب والبطش , ومع أن المناخات الليبرالية التى تربت فى أحضانها الماركسية خاصة فى أوربا هي التي وفرت لها معين النشاط والحوار والتنظيم , لكن ماركس وزمرته لم يكونوا ليعبأؤون بهذه الخاصية . يلاحظ كذلك أن الموقف المعادي للديمقراطية كان موقفا ماركسيا شاملا , لم يختلف حوله إلا قلة خفيضة الصوت والحجة وربما فى أزمان متأخرة نوعا عن منشئها , ليس لسبب غير أن الماركسية إختارت سبيل الصراع الطبقي والتحشيد الإجتماعي والنزال بالعنف والثورة وهذا بالمناسبة جوهر الماركسية , ولا يعفيها عن هذا التجاوز إستعاضاتها العاطفية عن أحوال العمال والضيم الواقع عليهم وضرورة إنتصارهم , لقد عمدت الماركسية لتأجيج أوار الصراع الطبقي وهي تعلم أنه إقصائي , وهنا لا تختلف الماركسية عن المشروعات الشمولية الأخرى وهي تقدس الفكرة ولا تأبه بالوسيلة الراشدة لتطبيقها على الأرض . الحجية الماركسية لإقصاء الديمقراطية تقوم على فرضية أن الديمقراطية توفر الإعتراف بالطبقات الغير عمالية وربما توفر لها نصيبا من السلطة , وهي بذلك أداة { لتمييع } الصراع الطبقي والإجهاز على مشروع الثورة من بعد , إذن فهي فى زعمهم { حيلة } رأسمالية لا بد وأن تناهضها الماركسية بعزم وشدة ... وهذا ما حدث .

على الخلفية الطبقية لإدارة مشروع الثورة والحكم ... لا تعترف الماركسية بغير حزب واحد تعتبره مؤهلا لحكم المجتمع هو الحزب الشيوعي , ممثل الطبقة العاملة وحادي ركبها , والطبقة العمالية لا يستوي أمرها بإنجاز الثورة فحسب بل بتسنم الحزب الشيوعي للسلطة , وبالطبع فإن المشروعية الماركسية لهذه الوضعية منبثقة من تصوراتهم حول الثورة نفسها , والتي لا ينبغي لها أن تنجز أهدافا غير الإشتراكية , والإشتراكية نفسها تستصحب تصورا لاحقا ينتهي بها إلى الشيوعية فى نهاية المطاف , فالمشروع واضح المعالم والأدوات وأعجب لمن يستنكفون الأمر بحجج زائغة لا تصمد أمام المقرر الماركسي وتجربته العملية .

أما أن تكون الديمقراطية قد نجحت فى مقاصدها توغلا فى حشايا المجتمع , وإنتصارا لإرادة الناس وتحقيقا لحرياتهم على كافة الأصعدة , ومن ثم إستطاعت أن تفرض نفسها على مكابريها , فتسللت إليهم حيث يرغبون أم لا , فهذا من عظمة الديمقراطية ومن قوة تأثيرها ومن الحصار الفكري والمعنوي الذي فرضته على معارضيها ... فرضخ بعضهم وإستجاب الأخر ... فهذا لا يشي بديمقراطية الماركسية , بقدرما يشير إلى لمسات الواقع والتي لا بد وأن تنطبع على الوجه , حسنا أن يتغير الناس نحو الديمقراطية , لكن هذا الحسن يظل شائها ما لم يأخذ هذا التغيير طريقه للمرجعيات الفكرية , حتى يتصالح المرء مع قناعته ظاهرا وباطنا , وحتى يزيل التناقض الذي تستعصي مداراته وتتعاظم كلفته . فالماركسية وغض النظر عن مقاصدها هي مشروع ديكتاتوري ... بيريود

أما على مستوى الجدل المادي ... فالماركسية إختارت بتر آصرة ما وراء الطبيعة بزعمها لإستباق المادة للروح , وقد إعتبرت الماركسية بذات نفسها أن هذه هي المسألة الأساسية فى الفلسفة , وهذا تصدير مقصود لقطع دابر الظنون المثالية من جهة الفلسفة , وعلى سبيل { إحكام } القبضة السياسية فى نهاية المطاف , فقد إنتقت الماركسية الشق المادي من الشروح الفلسفية , حتى لا تعيق المفاهيم الغيبية مشروعها الإجتماعي , وحتى لا يأتيهم من يقول أن ما يحل بنا هو من إرادة الله وإليه توكل الإمور , فالماركسية عنت أن تأخذها من أولها ليواجه المجتمع البشري أمره والذي هو صراع دنيوي بحت كما يزعمون . صحيح أن هذا التكنيك يعتلي قمة الفصل بين الدين والسياسة , لكنه بالمقابل يذبح الدين على مضرج السياسة , لاحظ أنني أتناول أمر الدين هنا كإحتياج إجتماعي أكثر من كونه مسألة فلسفية , إذن فذات الآلية التي أقصت بها الماركسية الطبقة البرجوزية من المجتمع والديمقراطية من السياسة والملكية الخاصة من الإقتصاد , هي نفسها التي أودعت بها الدين إلى حيز العدم ... فالماركسية أحادية جزمية إقصائية ... بيريود

لا أود الخوض فى غمار النطاقات الفلسفية التي تأسس عليها المشروع الماركسي المادي , فربما المجال لا يسع وربما مقدوري يتواضع عن الإمساك بأذمة كل الأمر , لكني أعلم أن الماركسية تجادل بمنطوق ولاية المادة على الروح حول المسألة الدينية , بينما بني قومي يكتفون باليقين المتأتي عن التأمل ... وهو جائز بالمناسبة لأنه يوفر فرضية الأسئلة غض النظر عن التجواب ... وهذا موضوعيا يبسط المدخل للجدل الفلسفي فى النهاية ... إذن فهو شأن إيجابي ... أو كما أعتقد ... فعلى سبيل التأمل هذا ينظرون للإنسان ولما كان يوما ما لا شئ , فصار شيئا متدرجا من القلة الأقرب للعدم إلي هلام إلى مرئي خفيت إلى تكور مبهم إلى جسيم بأبعاد ثم بملامح ثم بأعضاء ثم التخلقات { الأدمية } المعلومة ثم ابن آدم يصرخ ويعلن ميلاده , وتمتد هذه الظلال إلى أخريات ... فيسألون ... كيف تستطيل الشجرة باذخة شاهقة ولما كانت بذرة وضيعة , بل كيف تتحول الماء والأملاح إلى صفق وأزهار ورياحين وسوق وفروع , وكيف يتحول العشب فى بطن المعزة إلى لحم وشحم ودم ولبن وبراز وصوف وأظلاف وكل فى نسقه دون أخلاط , كيف ينظر المرء ويسمع ويحس ويجري وكيف تجتمع فى حيز محدود هشاشة اللسان وصلادة الأسنان , لماذا لا يرى الإنسان من سائر أعضائه إلا بعينه ... مثلا , وكيف تلحتق الأحاسيس وهي المجردة بالمادة وهي الماثلة فى تناغم مدهش , فنزرف الدموع { المادية } إثر الأحزان { الإحساس/روحية } ... بل كيف تتوالى الطبيعة فى نظميتاها العجبية لتجد الماء الرقيق مجراها بين جلاميد الصخر , بل هل فرغنا بعد من { مجرد } إكتشاف هذا الكون ولما لم نعط بعد عظيم مجراته وكراته غير بعضها الأسماء ... فمخيلة مجتمعي الدينية ترى أن هذه رحلة جبارة , يتبين من خلاله ضعفنا الأدمي وإدعاءنا الذي يحول من حولنا ويحولنا لأرقام صفرية { يسارية } حيال هذا المشهد { الرباني } العظيم ... لم أقصد من بعد إستنطاق العاطفة حتى يصمت العقل ... كلا , فقط وددت إعادة الإعتبار { لطريقة مجتمعنا } ذات الطلع الروحي والبسط التأملي ... وهذا عالم قضت عليه الماركسية للاسف بإستبداد لحظاتها المعملية العابرة ... لتبقى الأسئلة الكبيرة الدائمة ... ما قيض الله للدنيا من عمار , لهذا سيظل تعارض الماركسية مع مجتمعنا قائما ما ظل كل على حاله .

لن اخوض من بعد فى أمر الإلحاد ... فقط لأنه من مسلمات الماركسية ... فالماركسية بالمناسبة نصية جدا ... بدعوى الحزق والوضوح الثوريين ... وكتابها موجود ينبئ ... لا يخاطر . يحز فى نفسي أولا { الإنكار } ولما لا يتفق وسمة الماركسية كما أنف والثوريين كذلك .. .كما يحز فى نفسي ما جره هذا الإرتباط بالدغل الماركسي على حزبنا الشيوعي السوداني , فهنا تكسرت مجاديف الحزب وتوقف حصان الشيخ عند العقبة ... فمن الناس من يعتقد أن لهم { رب } ... فهل يدع الحزب كل وشأنه ... الحل بيدهم ... يقتضي فيما يقتضي إقصاء العزة بالفكرة ... والفلسفة عن السياسة ... كما الدين عن الدولة ... بيريود

وأواصل ...


Post: #229
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: طلعت الطيب
Date: 11-29-2006, 11:13 PM
Parent: #228

1 من 3

تقديم

القّراءالاعزّاء

اتفق مع الاخ حيدر فى أهمية استيعاب الماركسيّة وانجازاتها ضمن سياق نظرى جديد ولقد رأيت انزال هذه المقدمة الآن لتوضيح ذلك ولالقاء بعض الضوء على المساهمة القادمة والتى سأمسك عنها لحين انتهاء العزيز حيدرلاهمية ما يطرحه الآن.
من خلال محاولتى المقابلة بين اميلى دوركهايم و علم الاجتماع الظاهراتى فى المساهمة المذكورة قصدت ابراز اهمية الذات والموضوع كلّ على حدة، على انى سأحاول اعادة اعتبار للعامل الذاتى الذى قامت الماركسية بنعيه تقريبآ من خلال المقابلة بين كارل ماركس من جهة وماكس فيبر من حهة ثانية، فى محاولة لاعادة الاعتبار للعامل الذاتى ولكن خارج اطار مقابلة الذات والموضوع لالقاء المزيد من الضوء ، تمامآ كما فعلت من قبل ، على اهمية ايجاد معانى للنشاط الانسانى وهو ما اهملته الماركسية لان نظريتها فى المعرفة ترتكز على التفاعل بين الذات والموضوع وهى الثنائية التى تشكّل اساس دوغمائيتها، لانه وببساطة ان القاء الضوء على اهمية ايآ من العامل الذاتى او الموضوعى فى اطار ثنائية التفاعل بينهما سيكون خصمآ على الآخر، حينها تكون الموضوعية عند دوركهايم مثلآ كمؤسس لعلم الاجتماع الحديث خصمآ على انجازات علم الاجتماع الظاهرى .
وتجدنى هنا عزيزى القارىء فى اتفاق تام مع ما كتبه الاخ الفاضل هشام عمر النور فى ان اعادة الاعتبار للذات لن تتم الاّ من خلال الخروج على هذه الثنائية الى رحاب عوالم متعددة ، اذ ان هذه الثنائية اللعينة انتهت بالدياكتيك نفسه الذى تمّ اللجوء اليه كمحدد، انتهى هو نفسه الى الانحياز كما لاحظ هشام ، حتى صار لدينا فى نهاية الامر ديالكتيك مادى وآخر مثالى. ولذلك لا بد من الخروج على هذه الثنائية الى نموذج بين الذات والذات من اجل الانتقال الى التعدّد، وبهذا التجاوز لأزمات نظرية المعرفة الماركسية يتم ترسيخ الاساس المعرفى للتعددية حتى يكتمل بها ويتزين جانبها الاخلاقى.
واواصل باذن الله

Post: #230
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: HAYDER GASIM
Date: 11-30-2006, 02:55 PM
Parent: #229

خارطة الطريق للإصلاح الديمقراطي فى الحزب الشيوعي السوداني { 4 }

من عيوب الماركسية كذلك أنها لم تكن لتضيف للتراث البشري السابق ... أو قل { تحسنه } كما تزعم , بل لتستأصل هذا التراث بدعوى أنه منتوج الطبقات { المستغلة / بكسر الغين } ليحل محله التراث الثوري القاطع والذي لا يحتمل مشاركة غيره ولا يتعايش معه , فمن { المخلفات } التي آلت الماركسية إزالتها تمهيدا للأرض للمجتمع الثوري الجديد ... الدين والقومية والديمقراطية وسائر مكونات البنية الفوقية للطبقات الغير عمالية ... بل حتى علومها وفنونها وتقاليدها الثقافية ومرجعياتها القيمية ... بالمقابل فإن البديل المرفق بمشروعها الثوري والذي يعبر عن بنيتها الفوقية كنظام حياة جديد , يتمخض عن موضوعات ومكونات تعبر عن العامل الإقتصادي إن لم تكن إنعاكسا له , فهي بالتالي ليست مستقلة عنه كما كان يحدث فى الحقب ما قبل الماركسية , وحتى هذه { الإنعاكاسات } الإقتصادية فهي تعبر فقط عن المنظور الماركسي وليس كل إقتصاد , لتدير الماركسية بنيات المجتمع الفوقية بما يخدم أغراضها الإقتصاد/سياسية , فالدين يقصى حتى لا تحدث شوشرة فى مفهومية النظم المادي للحياة , والسياسة لا بد وأن تخدم المقاصد الإشتراكية والشيوعية للطبقة العاملة , والقومية ضيم إقتصادي/ثقافي يتحرر منه المجتمع فى كنف العدل الإشتراكي والتوزيع المتساوي للثروة , والفنون لابد وأن تتماهي فى العشق الثوري لقضية الطبقة العاملة , والأخلاق لابد وأن تكون ثورية مندغمة فى إهاب المجتمع العمالي الجديد .

هذا الإحلال الداهم لإرث المجتمع الإنساني هو من { شطحات } الماركسية التى عادت عليها بنتائج عكسية , وأسهمت على نحو مباشر فى إنهيار تجربتها العملية , وألقت كذلك بظلال كثيفة على محتوياتها النظرية , وهذا ما يجعل المشروع الماركسي برمته قيد البحث الآن . ليس بالضرورة أن يكون الدين أداة لإستغلال الطبقات المقهورة كما ينتحي الزعم الماركسي , وإن هذا لا يلغي إشكالية إستغلال الدين لأغراض مادية دنيوية , لكنه فى الأصل { أي الدين } مكون روحي مستقل عن الإقتصاد ويقابل الإحتياج الروحي للإنسان ما رنى إليه , وهو كذلك من فرضيات التفسير للكون وغض النظر عن إختلاف الماركسية معه , وهو أيضا يملك المضامين والمفاهيم اللاعقة لجراح البشرية وتطييبها بترقب المجتمع الأمثل الصادر عن السماء فى اليوم الآخر , وهو يوفر المعين فى رحلة الإنسان بحثا عن القيم والأخلاق الحميدة والسلوك الإنساني القويم , وربما فى غيابه أو فى إلغائه القسري مدعاة للفوضى وإنطلاق الروح الشيطانية الكامنة فى صدور الناس . فللدين قيمة جوهرية كما أراه وهو العماد الروحي للمجتمعات الإنسانية قديمها وحديثها , بل هو فى موقع شديد العزة والبأس فى صدور كثير من الناس , إنه فى واقع الأمر كل حياتهم وأحلامهم فيما بعد الحياة . ما يزال الدين فى تقديري ضرورة إجتماعية تحرسها إرادة مانعة لا تحتمل تطاول الماركسية عليه ... وعلى المعنيين تدارك هذا الامر إن أرادوا أن يصلحوا حالهم والمجتمع .

أما الشعور القومي فهو من مخالطات الجين والثقافة ونقوع الذهن الإجتماعي , ليس بالضرورة أن نجد للقومية تفسيرا إقتصاديا كما تقول اللينينية , هي فى واقع الأمر قوة دفع يمكن أن تكون ملهمة وحافزة للترابط والتقدم ما أحسن توجيهها , كما يمكن أن تكون قوة هدامة جانحة نحو إحتقار الآخر وتصفيته ما أسيئ إستخدامها , وفى كلا الحالين هي أمر يرابط على جذور الواقع والموضوع ويتكلب فى عرى التاريخ , تبدو الأحاسيس القومية متخلفة عن إيقاع التواصل الإنساني الأشمل , بل تسدد له أحيانا طعنات هاتكة كما تقول بذلك شواهد التاريخ , لكن تظل قيمة الشعور القومي حارسا معنويا وثقافيا للبيئة المحلية أو الإقليمية , وهذا أمر يحتل مكانه المتقدم فى هوية الفرد والناس ويمثل ضلعا يعبر عن مغزى الإنتماء , إذن لا يمكن تجاوزه لكن يمكن ضبطه وتطويره ليتسواق ومفهومية السلم الإجتماعي وليلعب دور إيجابيا فى نهضة المجمتع الإنساني , كما أن إضطراد التقارب وتكاثق المصالح المشتركة بين الأمم القاطنة فى هذه الأرض سوف يمتص النزوع القومي لصالح المشروع الإنساني فى إطاره العام . مع هذا إختارت الماركسية { تثوير } الحل بغرض إستعجاله , إعتقدت ان فى كفالة الإشتراكية سوف تذوب النزعة القومية وتضمحل , لكن هذا ما لم تثبته تجربتها على الأرض والتي إستطالت لسبعة عقود ونيف , لم تستطع خلالها الدولة الإشتراكية التخلص من الإرث القومي وما تجربة تفكك الإتحاد السوفيتي وإنبعاث التيار القومي فى كل جمهورياته إلا دليل على فشل الوصفة إياها . كما أن إدعاء القفز من فوق كل هذا الركام التاريخي إلى مصاف الأممية كما تدعي الماركسية ليس هو الحل , لأنه لا يعتمد تمهيد الأرض أولا ولأنه يهرب من تناول الظاهرة فى حد ذاتها المجتمعية إلى الدواء الماركسي , ولأنه يقيم شعاره الاممي على سقف سياسي آيدلوجي لا يلم كل الناس ... لهذا كان الفشل .

ربما تسير بقية مكونات البناء الفوقي القائمة على الفرضيات الماركسية ... على ذات المنوال , لهذا سأكتفي بما تقدم على سبيل المثال ... وإن كنت أعجب كيف أن الفن لايمكن إلا أن يكون { واقعيا إشتراكيا } ... شفتو { التأميم } ده .

أنتقل من بعد لآخر النقاط التي إخترتها عيوبا للماركسية ... وهي تغييب الفرد فى إطار المجتمع , فالمجتمع هو الأصل قيد المناولة الماركسية , وربما كان النزوع الإنساني هو الدافع لفكرة المساواة فى الماركسية , لكن أول ضحايا هذه المساواة هو الفرد , فبإسم العدل الإجتماعي يرتص سائر المجتمع ويتساوى أفراده فى كل شئ , دخلا ومسكنا وتعليما وصحة ومشاعر {ثورية} , وربما يجادلوني بأن هذا ليس ما نرمي إليه لان شعار الإشتراكية الجوهري { من كل حسب قدرته ولكل حسب إنتاجه }... لكن ... طالما الهدف الإستراتيجي هو المساواة فلا ينبغي لهذا الشعار أن يهزم سياسة الدولة الإشتراكية بقدرما يستوعبها ويتساير فى إطارها , إذن فهو شعار { لتمكين } أقصى درجات العدالة الإجتماعية والتي هي المساواة ... وهذا ما قامت لأجله الماركسية . فعندما يكون هذا حال المجتمع فإن سقف الفرد فى الإنطلاق بقدراته الذاتية يكون خفيضا جدا ولدرجة تلامس هامته , وبطبيعة هذا المجتمع الماركسية المتخلية فإن كل جوانب الحياة مؤممة ولا يكون الفرد حرا فى إختيار ما يشاء , وعندما تحتجب الحرية يتساوى الناس فى الإحباط وفى إنكسار عزيمة المثابرة والإبداع , ويخلو معين كل فرد من ثمة حافز معنوي أو مادي للإنجاز المتميز , وهنا تنتزع الماركسية عنوة اهم خواص التاريخ , وهو الذي يشهد بأن للفرد دور متعاظم فى حياة الناس , بل دعني هنا أركز على الفرد { المبدع } الغير عادي الذي حباه الله بذهن متقد جبار , فهولاء هم الذين تنسب إليهم كل النظريات والإكتشافات والمخترعات التى تثبتت فى مجرى الحياة الإنسانية ... بل الفرد أحيانا يغير نمط المجتمع الإنساني بأثره , من قانون الجاذبية إلى إكتشاف البنسلين إلى سحر المايكروسوفت .... ولنا من بعد أن نتخيل حياتنا لولا هؤلاء ... فمن هذه الزاوية أنظر للماركسية كمشروع لإفقار الجنس البشري ماديا ومعنويا ... وليس العكس .


وأواصل ...

Post: #231
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: HAYDER GASIM
Date: 12-01-2006, 06:34 PM
Parent: #230

خارطة الطريق للإصلاح الديمقراطي فى الحزب الشيوعي السوداني { 5 }

على ضوء ما سلف ... أفترض { تقريري } فى موقف الحزب الشيوعي السوداني من الماركسية ... يعني { لو كنت المسئول } ... بل لتقريب الخيال التنظيمي ... أعتبروني سكرتير الحزب الشيوعي السوداني ... متحدثا بإسم حزبه في هذا الصدد ... كنت لأقول:

أولا ... ساقبل مبدأ الإنتقاء من هنا وهناك ما يؤازر منطلقاتنا الإنسانية والأساسية الداعية للعدل وللسلام الإجتماعيين .

ثانيا ... نعيد الإعتبار لكل الفكر الإنساني الناهض فى إتجاه عون البشرية فى الخلاص من الظلم أيا كان , وفى أي وجهة للتقدم الإنساني ... وعلى مختلف دروبه وإستطراداته .

ثالثا ... سنرفض فى الماركسية { عتوها } الطبقي ... ولما نحن نستأنس الديمقراطية ونريد تسكينها فى مفاصلنا الحزبية ديدنا وأداة ... ولما نريد كذلك توطينها فى وطننا الكبير لتفي بمتعدداته ... وأعتقد أن هذا هو السبيل لإزالة ثمة تناقض بين مواقفنا النظرية والاخري العملية

رابعا ... كما نرفض فى الماركسية أحاديتها والتي تضعها لا محالة فى عداد الأنظمة القهرية ... مهما تجملت رؤاها الفكرية وعزت غاياتها الإنسانية ... فحكم الطبقة الواحدة ديكتاتورية ... وحكم الحزب الواحد ديكتاتورية وحرمان الجماهير من إختيار حكامها ومؤسساتها الحكمية يتنافى وأبسط قواعد الديمقراطية ... لهذا سنشيح بوجهناعن ثمة { ديكتاتورية } ماركسية كانت أم غيرها ... بل وإن كانت ديكتاتورية الطبقة العاملة ... فالعصر لكل إنسان ... ولكل صوت ... ومن خلال الإقتراغ ...نحن الآن نتبرأ من كل سالف المذام الماركسية ونحرر إٍرادتنا من ضيورها .

خامسا ... بالمقابل فلن نتخلى عن الفقراء والمحتاجين وكل القوي الإجتماعية التي تبحث عن حزب يتبنى قضاياها العادلة , فسوف نظل حزب هؤلاء بشكل أساسي , لكن فى إطار حرصنا على كل مواطن وأيا كان موقعه الطبقي ... فمن يتوخى رعاية كل المجتمع لا يصح أن يهمل بعضه .

سادسا ... ولو تصح الماركسية فيما بعد على سبيل لا نطرقه وفى زمن لا نحضره ... فنرفض من طرفها حاليا { إلغاء } الدين ... لانه ببساطة من أسباب أهلي فى الحياة ... ولأجله يقيمون ... وعلى روافعه يرحلون ... بالمقابل لن نقبل الإستغلال السياسي والدنيوي للدين وسنقف ضد هذا بحزم , أما على صعيد الموقف الفكري فسوف نتواصل مع تصورنا فى ضرورة الدعوة لفصل الدين عن الدولة , كما نؤكد على موقفنا الأخلاقي والتنظيمي { اللائحي } الداعي لإحترام الأديان والمعتقدات .

سابعا ... ولما أنف حول الماركسية ... وبعد مدارسة متأنية شارك فيها تغريبا كل الحزب فى هيئاته ومن خلال قنواته التنظيمية المختلفة ... ولفترة تجاوزت العقد ونصفه من الزمان ... وفى إطار التقيد التام بالموضوعية ... وفى سياق الإلتزام بالأمانة الفكرية ... فقد توصلنا إلى أن الماركسية لم تعد تمثل حلمنا كما إختارناها فيما مضى ... لهذا فسوف نتحرر من إرتباطنا الفكري والمذهبي بها ... فهذه حرية نحتاجها الآن وبشدة ... لنبحث عما يشبهنا ويحقق تطلعاتنا ويهبنا قوة وقبولا وإتزانا وتصالحا ... وهذا ما نحتاجه بالضبط لمعاونة شعبنا الكريم لأجل حياة كريمة .

ثامنا ... وعلى ما تقدم ... فحاشانا أن ندير ظهرنا للماركسية { كشر محض } ... لكننا نتوسل الآن حريتنا فى أن ننتقي منها ما نراه يناسب دعوتنا ويعود بالخير على أمتنا ... لهذا فسوف نختار فى سياقات الماركسية إبرامها لأمر العدالة الإجتماعية ... دون أن نلقي من إستبقوا الماركسية فى هذا الشأن ومن أعقبوها عرض البحر ... لأننا نؤمن بتواصل وتلاقح المفاهميم الإنسانية ... بلا دهم ولا إدعاء .

تاسعا ... كما سوف نختار من الماركسية كذلك { دأبها } العلمي ... مع فرضية التلاحق هنا ... بلا وصاية ولا أفق للنهاية ... فكما يقولون { العلم بحر لا ساحل له }

عاشرا ... وإلحاقا بأولا ... سوف نقيد مبتدأنا بنهاياتنا , ومظهرنا بجوهرنا , وسوف نذهب مع النظام الديمقراطي ما تجمل وما أوثق عراه بقيمه الفاضلة فى الديمقراطية وحقوق الإنسان والتقدم الإقتصادي ... وسوف نحظ فى الأخير { منسوبه } الإجتماعي ... فهذا مما يهمنا ... وكثيرا .

إحدى عشر ... نرى أن إنتماءنا الماركسي قد إستنفذ أغراضه ... وهذا شأن الدنيا ... فلكل بداية نهاية ... بل نرى أن ما نحتاجه منها قد وجدناه ... إنه تعميق روح الإحساس بالعدل والشفافية تجاه قضايا الكادحين والتوق النبيل لبناء مجتمع إنساني يلبي إحتياجات كل أبنائه ... فهذه هي القيمة الجوهرية فى المشروع الماركسي عندما نرده لأصوله الإنسانية , أي عندما نخلصه من نزوعاته القسرية وإتجاهاته الجبرية ... والشاهد أن الأمر الأعلى قيمة فى الإطروحة الماركسية من الناحية العملية هي الإشتراكية ... فسوف نتمسك بها عنوانا لمسارنا الجديد ... وسوف نسعى بها بين الناس , فهي دعوة إنسانية حميدة ... ومقبولة .

إثنا عشر ... وبالمقابل كذلك ... ونحن نعيش فى عصر سمته الديمقراطية , فلا يمكن أن تكون إشتراكيتنا عدوانية تقوم بحد السيف وتفرض على الناس ... سوف ننتهج الديمقراطية لتسخير إشتراكيتنا ولن نقبل دونها بديل .

ثلاثة عشر ... نكون بهذا قد حسمنا كل إمورنا التي ظلت معلقة لردح من الزمان , فقد حددنا علاقتنا بالماركسية وإخترنا الإشتراكية غاية لمرامينا ... والديمقراطية أداة لتحقيقها ... فنحن من الآن فصاعدا سوف نكون حزبا إشتراكيا ديمقراطيا ... وسوف نتوسل كل ضروب التراث والفكر والتجربة الإنسانية توسلا خلاقا خالي من الإلتزام الأبدي ومن الإقصاء والإقصاء المضاد ... لن نكون من بعد عبدة لفكرة أيا كانت ... إنما سوف نسخر الفكر لصالح مشروعنا الإشتراكي ... ونوالى فيما بعد بعض الشروح الضرورية لإتجاهنا الجديد .


وأواصل ....

Post: #232
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: HAYDER GASIM
Date: 12-02-2006, 03:56 PM
Parent: #231

خارطة الطريق للإصلاح الديمقراطي فى الحزب الشيوعي السوداني { 6 }

فكرة تحول الحزب الشيوعي إلى حزب إشتراكي ليست فكرة جديدة ... طالت الأروقة الحزبية منذ ثورة أكتوبر وعبرت عن نفسها فى المؤتر التداولي للحزب فى 1967 ... لكنها وئدت فى حينها عبر ملابسات ذات صلة بمركز الحركة الشيوعية العالمية آنها { موسكو } ... هذه الإشارة ليست للإستغراق فى تفاصيلها وإختبار كنهها السياسي والرجال الذين كانوا وراءها والآخرين الذين أعاقوها , لكنها إشارة للتأريخ لمحاولات توسيع وعاء الحزب والخروج به من حيز الصفوية إلى قوة إجتماعية كبرى ... وأظن أن كان هذا مؤدى الفكرة ودافعها ... فى الإشارة كذلك أن هم { التغيير } داخل الحزب هو هم مبكر كذلك ... بل سابق لأزمة الشيوعية وإنهيار معسكرها الإشتراكي فى مطلع تسعينات القرن المنصرم . بالضرور الإنتباه إلى أن التغيير الذي كان مرتقبا آنها إن حدث كما قيضته المبادرة ذات الصلة , لكان { سابقة } آلقة فى تاريخ الحزب ... وإمارة مبكرة لعلم الحزب بالأزمة وشروعه العملي فى حلها , بل لكان من ربا الحزب العلية وهو يتجاوز مسبقا أزمة المشروع الشيوعي العالمي , يعلمها بحدسه الذاتي ويتفاداها بإسبتصاراته المبكرة فى خضم حقل التجربة ويبني بديلها الموضوعي ... إن حدث ذلك ... وغير أنه يشير لتميز هذا الحزب { العملي } وليس ذاك التميز الإطرائي العطيب الممزوج بأهازيج العاطفة وبسكرة المعمعان الثوري ... عموما إفتقد الرفاق اليوم لسانا كان يمكن أن يقول لكل العالم { ما قلنا ليكم } ... بل فى واقع الامر فإن أفرقة العالم الثالث الشيوعية كانت تحتاج لمبادرة تخصها لتثبت قدرتها على الإبتكار والتفهم العميق لظرفيتهم الإجتماعية التي ربما لا تطابق المحاور الأساسية فى الماركسية ... والتي تستحضر المجتمع الرأسمالي أو الصناعي أولا ثم تتناوله بالنقد ... واقع أفريقيا على نحو الخصوص والعالم الثالث بشكل عام بعيد كل البعد عن الفرضية الماركسية ... هذا إلى غير الظرف الثقافي والديني ... إضافة إلى التخلف والفقر المدقع ... فهذه كلها وغيرها إمور تجعل الإطروحة الماركسية فى سياقاتها النظرية التاريخية ... إطروحة غير موفقة ولا تتوفر لها فرص { التفهم } ناهيك عن النجاح .

كان مشروع الحزب الإشتراكي السابق يعتمد { قلبا } شيوعيا ... لضمان سيطرة الحزب الشيوعي على الحزب الإشتراكي ... ومع أن هذا إستباق ينبئ بالرغبة المبكرة فى الهيمنة ... لكنه ربما كان هذا جزءا من ضرورات الإنتقال إلى الجسم الكبير ... وليس فى الإمكان الآن حساب النتائج التي كانت متوقعة لتجربة لم تبتدء بعد ... لكن أي { تغيير } كان ... فإن مترتباته كانت ستكون أفضل من الوضع الراهن بلا شك ... أقول هذا وأعلم أن تقديري والحزب يختلفان ... فالحزب يقيس نجاحه بمقدار { تمسكه } بالشيوعية ومثابرته لبقائها ... وأنا أتواضع إلى وطن متهتك يستدعي أمره وجود قوى سياسية ديمقراطية موحدة ومتماسكة وفاعلة ... إستطردت نوعا ... وأنا أعلم أن ما تناولته تاريخ لا يتعدل ولا يغير فى واقع اليوم شيئا ... لكنها { الحسرة } على ضياع فرصة كان فى الإمكان أن توسع دائرة القبول والتفاهم بين الحزب وأهل السودان ... وكانت سانحة { لسودنة } الحزب كمحور إرتكاز مؤهل لبناء كيان وطني ديمقراطي تؤمه جماهير السودان وتمحضه ثقتها ... فهذا مما كان سيحاصر الإتجاهات العشائرية والظلامية التى أوجدت لها مواقعا فى الساحة آنها ... فموضوع السودان كله ينحصر فى من يتقدم الصفوف ويثابر ويثبت وجوده وغض النظر عن أهليته وأفكاره ... لهذا خلت الساحة لليمين الطائفي فالإسلاموي ... وبينهما العسكر ... حتى اليسار الشيوعي وهو يتعثر بتلقاء نفسه وبقيوده الفكرية والنفسية ... آثر { المغامرة } العسكرية كطريق مختصر إلى السلطة ... من أن يقترب من الناس ومزاجهم ويستجيب من ثم لدواعي كونهم هكذا , مما كان يقتضي أن يتغيروا أولا فى ذاتهم حتى يفلحوا من ثم فى تغيير الناس من حولهم ... هناك مسائل تبدو ذات طابع { حزبي } يقرر فى شأنها أهل الدار ... وهذا صحيح بالمفاهيم التنظيمية ... وفيما يتعلق بالحزب الشيوعي ورغم أنه { مارق } للعمل الوطني وهو يعلم متكلفاته ... وقد كان له فيها نصيب لا ينكر ... إلا أن الإلتزام الأغلب والأصرم فهو { آيدولوجي } وإن كان هذا خصما على مستحقات الوطن ومصيره ... بهذا أظن أن الحزب والذي غالبا ما يتمثل فى قيادته ... يؤثرون النجاح فى الصمود الآيدولوجي أكثر من التكيف لحل مشكلة وطنية ... فالأخيرة يمكن مداراتها بالإختفاء أو الإدعاء أو التنميط الإعلامي من باب { نحن موجودون } ... بينما الأولى هي الأورطة التي تنتهي إلى قلب يحتله الحبيب { الفكري } الأول ... وبكل زخم التاريخ والعاطفة والشجون البواكر .

تبرر حسرتي الفرص الضائعة والتي كان فى الإمكان إستغلالها لتأمين مسقبل السودان عبر جهاز سياسي مقتدر , ضاع مؤتر الخريجين فإئتمر السودان بأمر الطائفية ... وأضاع الحزب الشيوعي فرصة أن يتموطن ويتسودن فإعتلت الساحة الجبهة الإسلامية ... وضاعت فرصة وحدة القوى الجديدة الديمقراطية فتسعرت النزوع الجهوية والإثنية ... والآن ربما يضيع الحزب الشيوعي فرصة أخرى ... فلا نجد السودان ... هكذا تسوء الأوضاع مع كل سانحة جهيضة .

لاحظ ... ورغم غمار المأساة الناجمة عن هذه التقاعسات ولججها التي تسلب عضايا الوطن ... لم يكن مطلوبا من المعنيين بالأمر { تحديدا هنا الشيوعيين } أن ينزعوا ما يعتقدون أنه من مواصفاتهم الجوهرية , لجهة كونهم إنسانيين , سياسيين , تقدميين , ديمقراطيين , وطنيين , نظيفين , مثقفين ... إلى ما شئت , فقط كان المطلوب { عونهم } لأنفسهم بإزالة ما يعارض المواصفات آنفة الذكر ... كان المطلوب ويظل تخلصهم من الإحتباسات الفكرية والإجتماعية والثقافية التي تحول دون تمدد نفوذهم السياسي ... يعني لمصلحتهم ... تخيلوا .

مشروع الإصلاح فى الحزب الشيوعي أحد محاور أرى ضرورة إنسجامها ... حتى يظفر السودان بالحلقة المفقودة فى تاريخه الحديث ... وسوف أتعرض لكل في حينه وربما فى غير هذا المقام ... طالما يختص هذا البوست بالمسألة الشيوعية حصرا .

سأظل أجاور شعلة الأمل ... وإن يتجاسر الظلام .

وأواصل ...

Post: #233
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: HAYDER GASIM
Date: 12-03-2006, 05:57 PM
Parent: #232

خارطة الطريق للإصلاح الديمقراطي فى الحزب الشيوعي السوداني { 7 }

ربما تفتح فكرة تحويل الحزب الشيوعي لحزب إشتراكي ديمقراطي جدل واسع ... لهذا أدفع بما أعتقد لأجل تحسين { ظنية } الفكرة ... على أمل أن تثمر ما فى الحسبان .... علما بأن وقت السودان يتضاد وجدل الإنتظار .

فأولا ... تعود بهذا الحزب إلى حيث كان ينبغي أن يكون وفى المقام الأول ... حزب { وطني } وليس أممي ... وديمقراطي وليس ديكتاتوري ... وإشتراكي وليس شيوعي ... وهذه تخفيضات { هائلة } و محسنة تدغدع أحاسيس الجماهير السودانية نحوه ... وتعيد من كراتها ما يؤهل بينهما الجسور المضعضعة والثقة البذيلة .

وثانيا ... فض الإلتزام بالماركسية ... ينقل الحزب إلى حيث يريده الناس ... وليس كما كانت تريده الماركسية ... وهنا يقترب الحزب فراسخ من عقول وقلوب بني وطنه ... ويكسر الحاجز النفسي الذي إنتصب كحائط أشم , لجهة التطرف الماركسي , وتمنع المجتمع السوداني عن الماركسية من الأخرى .

ثالثا ... مشروع الحزب الإشتراكي الديمقراطي هو مشروع حزب { سياسي } بالدرجة الأولي ... وهنا تنزيل آخر يعفي الناس من المشاق الآيدولوجية ذات الأبعاد الصفوية والظلال الشمولية ... وينقلهم من { المنهاج } إلى { البرنامج } ومن { الصراع } كمأثورة ثورية إلى { حلة الملاح } ... كما تقول الأستاذة فاطمة أحمد إبراهيم ... فهذا مما يعيد الحزب إلى موطنه السياسي ... ويتيح الفرصة لأن يتعلم الناس أشياءهم الأخر فى مدارس أخرى ... طالما الدنيا موضوعيا أوسع من حزب واحد .

رابعا ... بالضرورة أن يعتني مشروع الحزب الإشتراكي باللحظة كعامل حاسم فى الحكمية السياسية الديمقراطية , واللحظة المعنية هنا هي فعلا لحظة ... لأنها لا تتكرر ... ولأن العالم المتحضر كله يمتطي عقارب الزمن لجدولة أي نشاط كان ومهما قلت قيمته ... فلم لا السياسة السودانية ؟ ... أما الأهم فهو رفع أثقال التفكير بالنيابة عن الأجيال المقبلة ... ليحصر هذا الحزب همومه فى المرحلة التي يعيشها أولا ... حتى يتوفر الحافر لأبناء الجيل المعني لدعم هذا الحزب طالما فى الإمكان أن يفي بتطلعاتهم الحياتية ... وبالطبع فإن حزبا بهذا المستوى فإنه سيورث الأجيال القادمة أفضل التجارب والبنيات الأساسية فكريا وميدانيا ... وهذا خير تواصل بين الأجيال . عليه ... فمن المأمول أن { يقلص } الحزب الإشتراكي أحلام سابقه من إسعاد البشرية لإسعاد جيله ... فالعقل البشري حري بالتواصل الخلاق ... وكما يقول الرفاق { فأجمل الأطفال قادمون ساعة فساعة } ... وأن أحلى الزهرات لم تتفتح بعد ... فدورهم جاي ... بس الله يقدرنا على دورنا .

خامسا ... يقفل مشروع الحزب الإشتراكي كذلك باب الإلحاد ببتر وصلته الفكرية الماركسية , وبصرف هذا البند عن طاولة الحزب تسقط حجة أساسية حالت بينه والناس , صحيح أن هذا التغيير ربما لا يقنع { المتطرفين } والذين يطلقون أوصافهم التكفيرية حسب أهوائهم , على الشيوعي وعلى العلماني وعلى الديمقراطي وعلى المتصوف , بل على الداعية الإسلامي الذي لا ينتمي لفرقتهم , فهذا مفهوم وليس لأجل هؤلاء تقام الحجة , لكن هذا التغيير المزمع يقنع الناس العاديين وأولي العقل والبصيرة ... وهؤلاء هم أغلب المجتمع وتياره العريض الذي لا غني لكيان سياسي عاقل عن الإقتراب منهم والسعي لنيل رضاهم .

سادسا ... التحول إلى حزب إشتراكي هو تحول موضوعي تقيضه ظرفية التجربة الماركسية الفاشلة وأوضاع المجتمع السوداني السياسية والثقافية ... إذن فهو مراجعة خلاقة وضرورية وليس بحال من الأحوال { نكوص } عن المبادئ كما سوف يزعم بعض الناس ... ناهيك عن أن { المبادئ } الديكتاتورية لا تشرف المرء ... بل كل الشرف في مغادرتها بحثا عن مبادئ بديلة تستقر على وجدان سليم .

سابعا ... ربما رابطة التاريخ سوف تشير إلى ان الحزب الإشتراكي الديمقراطي هو الإسم الجديد للحزب الشيوعي , أو هو الحزب الشيوعي { سابقا } ... فيما يشي بأن لا جديد تحت الشمس وأن كل الأمر لا يتعدى كونه تخريجات فنية لحيلة سياسية ... أعتقد أن من يقول بذلك هو واحد من إثنين , فإما أن يكون شيوعيا رافضا لمبدأ مبارحة الشيوعية والتخلي عنها , أو أن يكون على الطرف النقيض من هذا الطيف , وهو فى هذه الحالة شخص { يميني } معبأ بحكم تكوينه بأحكام جاهزة حول خصومه السياسيين وضمنهم أولياء مشروع الحزب الإشتراكي , بل ان هذا الشخص سوف يكون أكثر شراسة مما قبل , لان من قبل كان الحزب الشيوعي { يساعد } خصمه هذا بإختياراته الشاطحة التي تفرض عليه العزلة عن الناس , اما فالحزب الإشتراكي فهو الاكثر قبولا وإستعدادا للقضم من رصيد خصمه السياسي موضع التعليق . إضافة لأن ما سوف يجريه الحزب الشيوعي من تغيير فى منطلقاته الفكرية ومقاصده السياسية وعلى بنيته التنظيمية شكلا ومحتوى , حتى يصبح حزبا إشتراكيا ديمقراطيا يتطابق إسما على مسمى , فهذا عمل سوف يأخذ طريقه إلى الناس عبر { الوثائق } ... وهي أعظم شاهد لدحض الإفتراء المزمع .

ثامنا ... الإنتقال إلى حزب إشتراكي ديمقراطي لا يغسل مرارات التجربة الشيوعية الفاشلة فحسب , وإن كان هذا من أسطع ملامحه , لكنه بالمقابل يوفر سبل تأهيل المعنيين للمستقبل , وهذا مهم للخارجين من المعترك وهم مهزومي الفكرة والخاطر ... وفيه تطييب ناجع وتأهيل فاعل وتسريع فى إلتحاقهم بسبل العافية , فدون عناء يلحظ المراقب العادي ان الشيوعية كانت تحدي كبير ومنسوب أحلام غير قابلة للتنفيذ , وهذا يرهق القائمين بامرها فكريا ونفسيا طالما أنهم يواجهون تحديات ومهام أكبر من القدرات الحقيقية المسخرة لتنفيذها , فالتغيير نحو الأهداف الممكنة والواقعية يعيد القوم إلى زمرة الناس العاديين ويرفع عنهم عبء { إصحاح } كل التاريخ , وفي هذا مشروع عودة من الإستثنائي إلى الطبيعي ومن الكلي إلى الجزئي ... وهذا ما يتسق وطبيعة البني آدم .

تاسعا ... وكذلك ينقلهم هذا التحول إلى قلب العصر ويدغمهم فى ميكانيزم محركاته ... فالشيوعية دعوة متمردة تحسس المنتمي إليها بالغربة , وقد ساد هذا الإحساس حتى عندما إعتلت الشيوعية السلطة فى حقبة ما بعد الحرب العالمية الأولي وإلى إنهيارها , فرغم كونهم حكاما لكن تعارضهم مع ثقافة المجتمع ولما لم تكن شيوعية بحتة , وسطوهم على السلطة بالقوة جعلهم وكأنهم { معارضة } وهذه هي بالمناسبة الصفة السائدة للشيوعية , والتي يمتد أثرها { النفسي } إلى قلب كل شيوعي وتستظهره وكأنه محترف معارضة ... وهذا صحيح من الناحية الفكرية لأنه يعني أن ما يتطلع إليه الشيوعيون لم يزل منقوصا طالما لم يصل الناس إلى المجتمع الشيوعي . أما الاحزاب الإشتراكية الديمقراطية فشأنها مختلف وتماما عن سابقة , فهي قوة طبيعة وسط مجتمعاتها وتتوسل الديمقراطية , تقرن إشتراكيتها بالدفاع عن حقوق الناس القانونية والمعيشية , تصل السلطة عبر التفويض الشعبي وتعارض لما لا يسعفها حظها فى السلطة , وهي فى صفوف المعارضة تتمثل الديمقراطية وتنقد الحزب الحاكم وتستعد للجولة القادمة من النزال الديمقراطي .

عاشرا ... التحول إلى حزب إشتراكي ديمقراطي , يفتح آفاقا جديدة فى السياسة السودانية , فهو أولا يرسي فضيلة الإعتراف بالخطأ والعدول للصح , وهو يعني المسايرة والمواكبة وسنة الحياة تستوي على ذلك , وهو يفتح باب الإصلاح السياسي داخل الحزب لتلج صفوفه القوى التي ترابض فى الخارج خوفا من الآيدولوجية , بل وكذلك القوى التي غادرت الحزب إحتجاجا على عدم الإصلاح الديمقراطي . أما خارج الحزب فهو يستثير القوى السياسية الأخرى لتفعل شيئا شبيها , خشية أن يفوتها قطار التغيير فتخسر الكثير وفى ذلك إزكاء حميد للتنافس الحزبي ناحية الإصلاح , خاصة وأن كل أحزاب السودان تحتاج لتفعيل هذه الخاصية . أم الاهم فهو أن الحزب وهو يجري هذا التغيير فإنه يقترب من مساحات لم تكن له من قبل , بدعوى القسمة التقليدية التي أذعن لها الحزب وهو يرتكن إلى الصفوية والمدينية .


وأواصل ....

Post: #234
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: HAYDER GASIM
Date: 12-03-2006, 06:02 PM
Parent: #233

خارطة الطريق للإصلاح الديمقراطي فى الحزب الشيوعي السوداني { 8 } ... والاخيرة .

يتأهل مشروع الحزب الإشتراكي لحزمة معالجات ناجزة لجملة من قضايا ذات صلة بالإلية الشيوعية البائدة , فهو مثلا يزيل الوسائط الحزبية التي إبتدعها الحزب لخدمة مراميه ولما هو عاجز عن { الإفصاح } عن نفسه , على سبيل الجباه الديمقراطية والنقابية وإتحادات الشباب والنساء والتجمعات الديمقراطية والإشتراكية , فهذه المنظمات هي عصب الحزب ومع هذا لم تكن لتندغم فى أحشائه لضعف مناعتها الفكرية , فهذا تقسيم جزافي لقوى سياسية فى قلب المعركة إن لم تكن وقودها , وهي تتحمل أثقال حسابها لصالح الحزب بينما لا تتشرف بالإنتماء إليه إلا كأفراد . أما الحزب الإشتراكي الديمقراطي فهو حزب طبيعي وصحي فى إمكانه إيواء هؤلاء بكل الفرح , فسقفه الفكري فى حدود قامتهم كجيل , وأهدافه السياسة تتصل بتطلعاتهم السياسية , وجهازه التنظيمي يقوم على الديمقراطية وهي فى صميم قناعاتهم … فهنا مشروع لوحدة سياسية مباشرة حول محور متحد وخالي من { الحجب } التنظيمية ومن زحمة المرور وتعقيداته .

كما سيخفض الحزب الإشتراكي بطبيعة محتواه شأن القيادة إلى القدرة فى إطار قيد زمني … أسوة بالعصر ومنظماته الديمقراطية … فالزعامة الشيوعية إرتبطت بالبقاء المفتوح والذي ينتهي إما إلى قبر أو إلى ثورة … هذا عيب … فإن كان قدر الحزب ألا يبقى إلا ببقاء هؤلاء … فليذهب كل الحزب غير مأسوف عليه … لأنه يؤسس هنا لفرضية إستثنائية تقوم على رجل { بضم الجيم , معليش ما عندي متصفح للتشكيل } …بينما بناء الامم يحتاج إلى قوة إجتماعية جبارة … فحتى الرجال وسيمي الفكر { بيل كلينتون كمثال } فالديمقراطية تحيلهم جبرا إلى المعاش … فهذا هو الأنموذج الذي يتطلع إليه الناس وهم يهمون بالديمقراطية .

كذلك فالحزب الإشتراكي الديمقراطي يختط كل مقرراته التنظيمية على أساس المشاركة الديمقراطية , من قمة الحزب إلى قاعدته , من رؤاه الإستراتيجية إلى برامجه الإنتخابية , فى حالة صعوده وهبوطه كذلك , إن هو يحكم أو هو فى المعارضة … ليس من سبيل { لإجراءآت وقائية } تكون خصما على الممارسة الديمقراطية … بل حتى فى ظرف الإستثناء فالاوجب هو الديمقراطية وليس { رفع اللائحة } … بل أرى أن الأكرم هو رفع القيود الآيدولوجية على اللائحة التنظيمية حتى يتحرر الفكر ويغيم فى مداواته المنتخبة إنسانيا … لنفترض فى الإثر أن كل مواطن يتقدم بطلب للحزب الإشتراكي هو { مواطن صالح } … إلا أن يثبت العكس , ولان الفكر الديمقراطي غير الماركسي … فكثير من الأشياء ذات الصلة سوف تتعدل … لكن فى إتجاه الديمقراطية .

والحزب الإشتراكي الديمقراطي يحاول الحفاظ على { أطول } مدة لثبات إستراتيجيته لبناء المجتمع , طالما تظل القناعة بها متوفرة بين أعضائه وجماهيره , لكنها كذلك قيد النظر ما إستدعت لحظة المجتمع . أما السياسات والبرامج , فاللهم إلا ما يتعارض والقانون , فهي بالمثل ستظل فى حالة حراك وإن تتسارع وتائره عن الإستراتيجية حتى لا يغيب الحزب عن الناس … كثير من هذه الأشياء تلزمها تفاصيل , لكن الأولوية لضربة البداية ... Just let’s keep our fingers crossed والأمر بين يدي شيوعي السودان .

أظنني فرغت مما هممت به ... ولما أحلته من همي الخاص إلى هم كل الناس , أو قل المعنيين بالأمر ... أتحرى حوارا مفيدا ومثمرا حول هذه الموضوعة .

شكرا للجميع على صبرهم ... مع تحياتي


Post: #235
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: طلعت الطيب
Date: 12-04-2006, 00:46 AM
Parent: #234

الاخ حيدر
تحياتى
عرض جيّد ولكنه محتاج لحوار لتجويده، لاحظت انك لم تتعرض لموضوع المركزية اليمقراطية واهمية ان تذهب الى مزبلة التاريخ والى الابد غير مأسوف عليها ، وان كنت اخالك قد ضمنتها فى سردك من خلال دعواك الصادقة للمقرطة. كنت قد تعرضت للمركزية الديمقراطية فى مكان ما اعلى هذا الخيط ولم اجد من يدافع عنها وهذا طبيعى لان الشينة منكورة. كذلك يا حيدر اعتقد ان موضوع المرأة كان يحتاج الى بعض الاشارات حيث ان الماركسية فى سعيها المحموم نحو اقامة مجتمعها الشيوعى كانت قد رهنت الموضوع الى حين بلوغ تلك الغاية التاريخية وتركت عازة عرضة لانياب الثقافة الابوية البارترياكية تنهشها بلا رحمة وقد كنت ايضآ قد تعرضت لهذا الموضوع وان باختصار فى مكان ما اعلى هذا الخيط وتحت عنوان :
فيما يختص بالمرأة هل يختلف ماركس كثيرآ عن بن العثيمين فى السعودية؟
ولحين مساهمتى حول دوركهايم الموضوعى المحافظ وكارل ماركس الثورى وحتى ادخال الروح الانسانية داخل اقفاص ماكس فيبر الحديدية
ارجو ان تثمر مساهمة العزيز حيدر نقاشآ تستحقه .
مع خالص تقديرى للفاضل عدلان صاحب البوست
وللقارىء عاطر التحيّة

Post: #236
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: طلعت الطيب
Date: 12-05-2006, 09:46 PM
Parent: #1

فى احادية ودوغمائية الماركسية
تقديم
1من 3

يحكى ان جوزيف ستالين كان يلقى كلمة فى حضور عدد من قيادات الخدمة المدنية ، وبعد ان انتهى من خطبته العصماء أخذ الحضور بالتصفيق الحاد للقائد الملهم كعادتهم ، واستمر النصفيق لاكثر من عشرين دقيقة وكانت محنة الحضور هو كيف يتوقفون عن التصفيق والذى كان ستالين يطرب له اشد الطرب، واخيرآ تبرع احد الحضور بالتوقف ووجدها بقية الحضور فرصة فتوقفوا ايضآ . حينما سئل ذلك الشخص عن سبب توقفه اجاب بأنه ببساطة قد تعب، فما كان من ستالين الا ان اجاب بأنه لامكان للضعفاء بيننا ولم يفقد الرجل وظيفته وحسب بل ارسل الى السجن مع الاشغال الشاقة. والقصة هذه موثقة فى احدى مواقع النت.
ويحكى احد اصدقاء الدكتاتور انه كان رفيق درب ستالين منذ الصبا الباكر وقد كان الرجل شغوفآ بنظرية داروين.
جدير بالذكر ان النبلاء كانوا اول المحتفين بتشارلز داروين لان موضوع البقاء للاصلح والاقوى يبرر تميزهم الطبقى وقد كانت نظرية التطور تخدم ايدولوجية الطبقات الرجعية ولكن رغم ذلك ولدعم الموقف المادى من المسألة الاساسية فى الفاسفة، اى اسبقية المادة على الروح احتفى كارل ماركس بها. ولست هنا بصدد مناقشة مدى صحة اوبطلان نظرية التطور من حيث هى علم بيولوجى ولكنى اعتقد بأن الماركسية وكل افكار الحداثة المعاصرة لها تقريبآ وقعت فى خطأ مقابلة الذات والموضوع او الافكار المثالية كنقيض للمادية. وان اكبر عيوب الماركسية هو انها حاولت تطبيق قوانين العلوم الطبيعية على الاجنماعية رغم انف الانسان والمجتمع والاخلاق وذلك من خلال استخلاص قوانين كلية من تلك العلوم وتعميمها، اما العيب الثانى والقاتل ايضآ فهو اعتقاد ماركس بان العمل هو مصدر المعرفة، وربما كان يقصد المعرفة التقنية ،على ان اكبر مصادر المعرفة بالنسبة لانسان هى ما يتعلمه من المجتمع the socialization
اعتقد ان استلاف قوانين الطبيعة وتطبيقها على المجنمع البشرى كان مسئولآ عن الكثير من الجرئم والتى ارتكبت بأسم المعرفة وقد كانت القيادات الشيوعية وعلى رأسها ستالين من هؤلاء المجرمين ولا استثنى حتى ادولف هتلر الذى كانت فلسفته تقوم على مسألة البقاء للاصلح وبعض افكار نيتشة وحكايته مع ذرادشت وقصة موت الاله، فقد كانت كما قلت سمة لفلسفات ذلك الزمان وهذا ما يفسر قتل اعداد كبيرة من المعاقين والاقليات فى العهد النازى البغيض. وربما كانت قصةالنجاح الكبير لرواية د.زفاقو واعجاب الملايين بها تعود لمقدرة مؤلفها لويس باسترناك فى تصويره الصادق لقسوة الرفاق من جهة و لمعاناة الشعب الروسى وتآمر الطبيعة المذدوج ، اما بالبرد القارص بشكل مباشر اوبواسطة قوانين مستمدة منها تقوم على تمجيد القوّة والقسوة بأسم العلم والمعرفة.
حاول قادة ما كان يعرف بالاتحاد السوفيتى العظيم قبر سيرة ستالين واعتبارها ظاهرة شاذة ولكنى اعتقد ان الرجل كان نموذجآ صادقآ فى تطبيق الماركسية وقد امتدت بدعه حتى للفنون وبدلا ان تكون تعبيرآ خالصآ عن الذات جعلها تعبيرآ عن الموضوع بتطبيق قوانين العلوم الطبيعية عليها لتنسجم مع صيرورة الطبقة العاملة كصاحبة المستقبل وخاتمة التاريخ الانسانى ، ولذلك كان الرجل يرعى الفنون وبقال ان احدى جوائز الدولة التقديرية قد ذهبت الى شاعر مغمور عن قصيدة احد ابياتها يقول: يا قمر يا اجمل رغيف فى السماء
ومغمور آخر عن قصيدته التى يقول فيها :
عيناك نقابتا عمال وخصرك اضيق من افق برجوازى
واواصل

Post: #237
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: طلعت الطيب
Date: 12-07-2006, 10:48 PM
Parent: #236

الاخ عدلان
عزيزى القارىء
اواصل غدآ باذن الله ما انقطع من حلقات نظرآ لزحمة العمل، لى اقتراح للاخ عدلان لاغناء هذا البوست بوجهات النظر المتعددة حول الموضوع وذلك بدعوة الاخ د. هشام عمر النور بنشر حلقات موضوعه القادم تحت عنوان( من الماركسية الى النظرية النقدية ) هنا، اضافة الى نشره فى سودان للجميع حتى تعم الفائدة وربما وجدت مساهمته هنا حظآ افضل فى الحوار ، اذ انى اتوقع ان تكون مساهمة رصينة مثل سابقتها الموجودة الآن فى الموقع المذكور اعلاه.

Post: #238
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: طلعت الطيب
Date: 12-10-2006, 01:46 PM
Parent: #237

وما رميت اذ رميت

ظلّ التسيير والتخيير او الجبر والاختيار من اهم القضايا التى شغلت الانسان ومنذ فجر التاريخ، وكان الصراع الاجتماعى والسياسى هو فى العادة ما يدفع الناس الى الانحياذ لايآ من الموقفين. ففى صدر الاسلام وبعد ان تحولت الخلافة الاسلامية الى ملك عضوض ،اى يورّث، تمسك بنى اميّة بالموقف الجبرى بل قل تسلحوا به فى مواجهة خصومهم والذين كانوا فى المقابل يرون اهمية ان تصان خيارات الناس الذين كرمهم الله بنعمة العقل، واهم تلك الخيارات على الاطلاق هى خيارعزل الحاكم الظالم . بينما كان خلفاء بنى اميّة وفقهائهم يبذلون ما فى وسعهم لتكريس اهمية الطاعة المطلقة للحاكم على اعتبار انه ظل الله فى الارض وان وجوده فى الحكم يجسّد ارادة الله، ومعارضة ذلك الوضع يعنى الوقوف فى وجه الارادة الالهية والتى لا بد نافذة .
كان القرآن الكريم والسنة النبوية هى مسرح هذا الجدل بين اهل الجبر واهل الاختيار، وقد كان اهل الجبر يلوحون بمسألة ( جفت الاقلام ورفعت الصحف) وما رميت اذ رميت ولكن الله رمى، وكل مايمكن ان يدعم حججهم تلك بدءآ من اخراج النص من السياق واسباب النزول وكل الحيل الممكنة بما فى ذلك النحل. ويحدثنا التاريخ ان اهل الاختيار كانوا هم الاكثر حكمة وعقلانية من خصومهم اذ انهم فى سيا ق دعم حججهم القوية اوضحوا ان حجج خصومهم تتناقض حتى مع طبيعة الاسلام نفسه اذا وصلوها الى نهاياتها المنطقية فهى مثلا تتناقض مع مسألة العقاب والحساب وانها تتعارض ووحدانية الله، فاذا كان الانسان مسيّرآ تسييرآ مطلقآ فما معنى ان يحاسب؟ فالتسيير ينسف مبدأ المحاسبة من اساسه، كذلك طرح هؤلاء مسائل فقهية على درجة عالية من العقلانية والخطورة فى نفسى الوقت كما فعل المعتزلة( او اهل التوحيد) حينما طرحوا قضيّة خلق القرآن فى مقابل ما يطرحه التيار الجبرى من ازلية القرأن (جفّت الاقلام ورفعت الصحف) ويقول المعتزلة فى هذا الشأن انه اذا كان القرآن ازلى اى موجود فى لوح محفوظ منذ الازل كما يفهم البعض فانه بذلك يكون قد شارك الله فى واحدآ من اهم صفات الالوهية وهى الوحدانية اذ كيف يشارك القرآن الله فى الخلود، تعالى الله عن ذلك علوّآ كبيرآ، اذن لا بد من ان يكون القرآن حادثآ ( مخلوقآ).
بعد استقلال الفلسفة كعلم انسانى رفيع يعالج قضايا الوجود والمعرفة البشرية، اصبح للمنهج الجبرى اشكالآ مختلفة ولكن كان اهمها المدارس المثالية المتطرفة التى ترى ان المشيئة الالهية هى التى تسير الكون والانسان تسييرآ مطلفآ فى نهاية الامر وما علينا الا الخضوع التام لها ، واخرى مادية ممعنة فى تطرفها ايضآ، ترى ان فهم قوانين الطبيعة وصيرورتها امر ضرورى من اجل الخلاص البشرى وهو ما عرف فى الماركسية بمعرفة الضرورة. فالماركسية هى امتداد للمذهب الجبرى فى التاريخ البشرى وان دعت الى العدالة الاجتماعية وهى بذلك تصادر خيارات الانسان، التى ما هى الا وهم برجوازى محض، وما علي الانسان الاّ معرفة اتجاه سير التاريخ البشرى الحتمى ( فهو حتمى بدليل استنباطه من القوانين الكلية والجوهرية التى تحكم العلوم الطبيعية) فهناك حقيقة واحدة وماعداها باطل مطلق. فى المقابل اعتنت مذاهب مثالية بأهمية خيارات الانسان ولكن فى اطاراحادية الحقيقة القائمة على مقابلة الذات والموضوع وانحياز احدهما على حساب الاخر وهو الطابع الدوغمائى الذىاتسمت به كل مدارس الحداثة هو الذى هزم الطابع التعددى للحقائق وهذا ما سأوضحه فى تناولى للهجوم المتبادل بين الدوركهايميين( نسبة الى دوركهايم ) والفينومينولوجيين ( علم الاجتماع الظاهراتى) ، وكيف كاد ان يقود اليه التطرف والانحياذ فى الخندقين ، كاد ان يحرمنا من الاضاءات المتعددة للظاهرة الاجتماعية الواحدة والفوائد القيمّة التى يعود بها هذا التعدّد فى تعميق مفاهيمنا والافادة من ذلك على مستوى التطبيق والمعالجة.

Post: #239
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: طلعت الطيب
Date: 12-10-2006, 11:32 PM
Parent: #238

وما رميت اذ رميت
(2) من ( 3)

اوضحت فيما سبق كيف ارتبط المنهج الجبرى عبر التاريخ بمشاريع تقوم على السيطرة وتقود فى نهاية الامر الى الظلم الاجتماعى وامتهان انسانية البشر وكرامتهم، بينما قام مشروع الاختيار (الذى يقول بوجود مساحة معقولة تمكّن الانسان من اتخاذ قرارات وفق خيارات متاحة)، قام هذا المشروح من اجل التحرر الانسانى من الظلم الاجتماعى الذى يقود الى مصادرة فرص الحياة فى التعلم والتطوّر الانسانى. رأينا كيف كانت الماركسية بحتمياتها المعروفة ضمن اطار مقابلة الذات قد اعتبرت ان المعرفة موضوعية خالصة بحكم موقفها مما عرف فى ادبياتها بالمسألة الاساسية فى الفلسفة اى اسبقية المادة على الوعى لتقوم باختزال مخل لكل ما يمت بصلة للذات الانسانية بما فى ذلك دوافع الانسان وطموحه ومعانى نشاطه وقيم المجتمع ومسالة الاخلاق وهى من اهم ما يميز العلوم الانسانية والاجتماعية ولعلنا نلاحظ محنة الماركسية هذه فىالاعجاب الخفى لكارل ماركس نفسه واعترافه الصريح بدور المدرسة التى يجهد لنفيها وهى، المثالية، فى تطور الفلسفة وذلك فى معرض رده على فلسفة فيورباخ ولعل هذا التناقض لكفيل بتوضيح المآزق الفكرى لما سمى بالمسألة الاساسية فى الفلسفة ودوغمائيتها.

موضوعية دوركهايم ودورها فى تأسيس علم الاجتماع الحديث:
كان الاعتقاد السائد قبل ماركس ودوركهايم هو الافتراض بأن الاحداث الاجتماعية ( الزواج ، الانتحار، الثورة، النجاح الاقتصادى المتميز) كل هذه الاحداث ما هىالاّ نتاج لدوافع افراد، وكانت الاشكال الاجتماعية لا ترى الاّ كنتاج لمجموع عواطف ووجدان وقرارات الافراد. على ان اميلى دوركهايم ( 1897) قام بقلب تلك الحكمة رأسآ على عقب حينما قرر وبناءآ على نتائج ابحاثه الشهيرة عن الانتحار، قرر ان العكس هو الصحيح، اى ان عواطف ووجدان وقرارات الافراد ما هى الا نتاج لاشكال اجتماعية معينة ، وان المجتمع ككل اكبر من مجموع افراده ومن ثم اضاف قولته الشهيرة ان دراسة القوى الاجتماعية وتأثيراتها على الافراد هو موضوع علم الاجتماع.
كان الاعتقاد السلئد حول الاسباب المؤدية الى ظاهرة الانتحار هو انه قرار شخصى محض يحدث نتيجة تراكم مشاكل خاصة فى ذهن مرتكبه، ولكن دوركهايم بعد ان درس مائة الف حالة انتحارفى غرب اوروبا توصل الى نتائج مخالفة لهذا الاعتقاد. نتائج مفادها ان حوادث الانتحار تعبر عن مدى وكيفية تأثير قوى اجتماعية تقع خارج نطاق الافراد ولكنها تدفعهم فى اتجاهات معينة ، وقد عرّفت هذه القوى ب(الحقائق الاجتماعية) .وقد قام دوركهايم بدراسة حوادث الانتحار وسط مجموعات مختلفة ليتوصل الى النتائج التالية:
اولآ على العكس من الاعتقاد السائد، فاءن حالات الانتحار تتناسب عكسيآ مع معدلات الاضطرابات العقلية والنفسية.
ثانيآ بينما يصاب عدد اكبر من النساء بالاضطرابات العقلية الا انه توجد اربعة حالات انتحار بين الرجال فى مقابل حالة واحدة بين النساء.
ثالثآ يعانى يهود فرنسا من اكبر معدّل اضطرابات عقلية الا انهم يتمتعون بآقل معدل انتحار.
رابعآ تصل الاضطرابات العقلية والنفسية مداها مع البلوغ بينما الميل للانتحار يظل يتزايد مع تقدم السنين.
وبذلك تكون تلك الدراسة الشهيرة قد طرحت عددآ من الاسئلة والتى من اهمها :
لماذا ينتحر الرجال اكثر بكثير من النساء؟
لماذا يصير الاكبر سنآ اكثر عرضة للانتحار؟
لماذا يقل الانتحار وسط الطلئفة اليهودية عند مقارنتها بالكاثوليك؟
والكاثوليك اقلّ من البروتستانت؟
قام دوركهايم بالاجابة على هذه الاسئلة بشكل حاسم ليرسى قواعد علم الاجتماع بعد ان قام بتسليط الضوء على بنية المجتمع وقواه الموضوعية ومدى تأثيرها على الافراد.وقد اوضح دوركهايم ان حالات الانتحار تزداد كلما ضعفت الروابط الاجتماعية وسط مجموعة ما، بعبارة اخرى انها تتناسب عكسيآ مع درجة الترابط الاجتماعى، وهذا ما يفسر مثلآ ان حالات الانتحار وسط (العزابة) هى ضعف الحالات التى تحدث بين المتزوجين، ومعروف ان الزواج يوفر رولبط اجتماعية تقوّى من علاقة الفرد بمجتمعه، كذلك تقل حالات الانتحار بشكل ملحوظ وسط الاسر الكبيرة والممتدة ( حيث يسود دفء العشيرة كما يقول الطيب صالح) مقارنة بالاسر الصغيرة. ويقول دوركهايم فى معرض تفسيره انه كلما كان الفرد اقلّ اعتمادآ على مجتمعه وبالتالى اكثر اعتمادآ على نفسه، كلما لذداد قناعة بأنه ليس هناك من قيم وقواعد سلوك تعلوا على تلك التى تشكل ارضية مصالحه الخاصة. وهكذا فان المنهج الدوركهايمى يعطينا فكرة نصل لدرجة التميّز فى تفسير معدّلات الانتحار واختلافها من مجموعة الى اخرى، على انه ربما لا يستطيع تفسير حالة انتحار معينة ودوافعها ، وهذا ما تستطيع ان تقوم به المدرسة الظاهراتيّة.

رد فعل الظاهرتيين على نتائج دراسة دوركهايم:
رأينا كيف ان تسليط دوركهايم الضوء على بنية المجتمع ( مسألة الحقائق الاجتماعية وكشف تأثيرها على الافراد) قد اظهر لنا حقيقة هامة واساسية عن ظاهرة الانتحار يمكن توظيفها فى اتجاه المعالجة، ولكن هذا المذهب(الموضوعى) يعتبر ان ذلك كل الحقبقة فى محاولة لنفى المذاهب( الذاتية)، وفى المقابل يلاحظ القارىء ان العنوان الجانبى هو رد فعل وقد قصدت ذلك لابيّن للقارىء محاولة الفينومنولوجيين نفى المنهج الموضوعى واثبات فشله حيال فهم ومن ثم ايجاد معالجة للظواهر الاجتماعية. وهذه جرثومة مدارس الحداثة كما سبق ان اوضحت ( احادية الحقيقة ورفض التعدّد).
على ان مناهج البحث الحديثة قد تخطت تمامآ هذا العيب الموروث، فما زال علماء البحث الاجتماعى المعاصرين بعتقدون بآهمية التركيز على دراسة الضغوط الاجتماعية التى تحد من او تؤثر على الافراد. اليوم يستخدم الباحثون طرائق احصائيّة لقياس المؤثرات المستقلة والمركّبة للمتغيرات الاجتماعية على العديد من انواع السلوك البشرى. يعتقد مثلآ ان اختيار شريك الحياة تلعب فيه المحبة الدور الحاسم، بيد ان هذه المحبة نفسها محددة ومكبوحة بواسطة الحقائق الاجتماعية حيت اوضحت الابحاث ان اكبر عدد من الزيجات يتم بين افراد من نفس المجموعة الاثنية او نفس الطبقة الاجتماعية.ومع ذلك لاتتم كل الزيجات بين من هم من نفس الطبقة الاجتماعية او المجموعة الاثنية ولذلك يحاجج الظاهراتيون بأن الدوركهامية فشلت فى احتكار تفسير كل الظاهرة لانها طبعت السلوك الانسانى بطابعها الاكثر تحديدآ و ميكانيكية وتصور البشر وكانهم قطيع من الضأن يسلكون سلوكآ متشابهآ فى الظروف المتشابهة وغير قادرين على تحديد خياراتهم وامتلاك مصائرهم. والحقيقة ان تجربة حياتنا اليومية تؤكد وجهة نظر الظاهراتيين، حيث يقوم الناس بتحديد خياراتهم والتى قد تكون صعبة فى بعض الاحيان، خيارات حول مهنهم ، فى اىّ بلد سوف يعيشون، وهكذا. وقد يأتى تصرف شخصين يتعرضان لنفس الظروف الاجتماعية مختلفآ وذلك بساطة لانهم يفهمون ويقرأون هذا الظرف الاجتماعى المحيط بهم قراءتين مختلفتين. وفى رأى اصحاب المنهج الظاهراتى ان التفسير الكافى للظواهر الاجتماعية يحتاج منا لاستيعاب المعانى الذاتية التى تربطنا بالحقائق الاجتماعية ومعرفة الطرق التى نقوم بواسطتها بعملية خلق ايجابى لهذه الحقائق الاجتماعية.

Post: #240
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: طلعت الطيب
Date: 12-11-2006, 11:12 PM
Parent: #239

وما رميت اذ رميت

2من 3

اواصل ما انقطع من حديث حول المثل اعلاه والخاص بمعدلات الانتحار بعد ان عرفنا حقيقة ان معدلات الانتحار تختلف باختلاف درجة الترابط الاجتماعى، وهى الحقيقة التى ندين فى التوصل اليها لمنهج دوركهايم الموضوعى ودور الحقائق الاجتماعية فى توجيه سلوك الافراد. والسؤال الآن عما هى الاضاءات التى يقدمها المنهج المقابل؟
يفيدنا علم الاجتماع الظاهرى فى التوصل الى حقيقتين هامتين وهما:
اولآ نفترض ان فلانآ قد توفى فى حادث نتيجة اصطدامه بعمود فكيف يتسنى لنا معرفة ما اذا كان الحادث انتحارآ ام قضاء وقدر. ولمعرفة ذلك لابد من التحقيق مع اهل ومعارف المرحوم لمعرفة حالته العقلية والوجدانية قبل الحادث مباشرة وذلك لمعرفة ما اذا كانت هناك دوافع انتحار.

ثانيآ مدى دقة المعلومات الاحصائية:
يحاجج اصحاب علم الاجتماع الظاهراتى بأن الانتحار يصاحبه احساس يالعار والخجل لدى اهل المرحوم ولما كان مسجل الوفيات بشر فانه يتردد الف مرة فى تسبيب الوفاة نتيجة حادث انتحار ما لم تتوفر له معلومات اكيدة بذلك، اذ علينا هنا ان نتذكر ان احصائيات الانتحار ليست مجرد (حقائق موضوعية ولكنها مسآلة تتعلق بحياة البشر) وهذا السبب كافى للتأكيد بأن احصائيات معدلات الانتحار الرسمية فى المستشفيات تقل كثيرآ عما يحدث فى الواقع، وقد اجمع عدد كبير من الباحثين على صحة الملاحظة واكدوا ان حوالى ثلث الحالات على اقل تقدير لا يتم تسجيلها، اذ ربما تكون حالات الانتحار هى فى الواقع ضعف الاحصائيات المسجلة.
قامت هذه المدرسة بالتشكيك المنطقى فى العديد من المعلومات الاحصائية ومنها على سبيل المثال التقارير الاحصائية عن اذدياد معدل الجريمة فى منطقة ما او وسط اقلية ما، وهنا يحذرنا الفينومينولوجيون من شرك الوقوع فى التسليم بتلك المعلومات ففى الكثير من الاحيان يكون سبب اذدياد البلاغات ناتج عن زيادة دوريات الشرطة وعدم التهاون مع اهالى المنطقة المعنية لمزاعم ازدياد الجريمة فيها وذلك لاسباب تتعلق بالتعالى الثقافى والاثنى. كذلك هناك جرائم يعاد تعريفها لاسباب سياسية politically motivated
وبذلك نكون قد توصلنا لحقيقة هامة عن الانتحار وفرتها لنا مناهج البحث الدوركهايمية، وحقيفتين اخريتين لم يكن التوصل اليهما ممكنآ بدون منهج البحث المثالية( الظاهراتى) . وهذا التعدد فى الحقائق هو بالضبط ما ينشده الباحث المعاصرولذلك فهو يستخدم طرائق هى مزيج من انجازات المدرستين الموضوعية(المادية) و(المثالية) وذلك من اجل فهم وخلق وتغيير الوجود الاجتماعى، ولكن وفقآ للحد الذى تسمح به المحددات الاجتماعية ، بمعنى آخر هناك دائمآ خيارات للانسان بهذه الدرجة او تلك، وهذا هو المنهج الذى رسخه بامتيازالمفكر ماكس فيبر.
وهو موضوع المساهمة القادمة .

Post: #241
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: طلعت الطيب
Date: 12-13-2006, 11:22 PM
Parent: #240

عزيزى القارىء

قبل انزال مساهمتى الختامية ، لدى بعض الملاحظات :
اولا قرأت خبرآ مفاده ان الحزب الشيوعى ببحرى قد عقد مؤتمره وذلك فى اطار التحضيرلمؤتمر حزبهم العام الخامس، وهذه خطوة ايجابية وهامة خاصة وان آخر مؤتمر قد عقده هذا الحزب كان قبل حوالى 39 سنة، فى حالة نجاحه فى عقد مؤتمره ( وقطعآ الظروف السياسية تسمح بذلك ، وقد كانت تسمح فى قترات سابقة خاصة بعد انتفاضة ابريل 1985 بيد ان الارادة السياسية لم تكن متوفرة لدى قيادته)، فاءنه سيواجه قضايا فكرية هامة نأمل ان يتوفر على تخطيها بنجاح. اقصد هنا النجاح المتعلق بعملية الانتقال المعقدة من الماركسية الى التعددية والدفع بقضايا البلاد خطوة الى الامام وفى قلبها قضيّة العدالة الاجتماعية.
وقد تكون هذه النقلة المرجوّة غير معقّدة لانها الثانية، اذ كانت الاولى فى تقديرى فى النصف الاول من السبعينات حيث قد تم نقل هذا الحزب الى موقف الاعتراف بواقع التعدد السياسى فى السودان وذلك باصدار السكرتارية المركزية وثيقتها الهامة ( الديمقراطية مفتاح الحل) والتى كان قد صاغها على ما اعتقد الاستاذ محمد ابراهيم نقد،
فهل تتمكن قيادة هذا الحزب من تكملة مهمة الانتقال الى موقف فكرى تعدّدى ( وهى موضوع هذا البوست)؟
هذا ما سوف تجيب عليه الايام، فالاجيال القادمة هى بالتأكيد القادرة على تقييم قيادة الحزب الحالية، وارجو صادقآ الا تفهم الوثيقة المذكورة على انها موقف تكتيكى على اثر فشل حركة 19 يوليو العسكرية وفى اطار درء آثار الحملة الشرسة على الحزب الشيوعى فى ذلك الزمان.
ولأن هذا التحوّل لايتحقق بالحوار الفكرى وحده ، فانه يجب الا يفوتنا تناول العوامل الذاتية (النفسية) التى يمكن ان يكون لها تأثير كبير فى انجاح او تعويق الانتقال المنشود، ولذلك رأيت اهمية الاستعانة ببعض مناهج علم النفس ( اتمنى ان تغتنى بالحوار) فى محاولة للاجابة على او(على الاقل طرح اسئلة صحيحة) على الآتى:
1) هل تتوفر لدى قيادة الحزب الشيوعى الارادة فى تجاوز الماركسية وهى التى( استثمرت ) جل حياتها فى التبشير بها؟ سيما وان هذه القيادة قد جاوزت عقدها السابع؟
2) ما هى العوامل التى يمكن ان تقود الحوار وبالتالى نتائجه؟ اى الدوافع النفسية التى يمكن ان تقود الى حوار فى اتجاه التطرّف وتلك التى تؤدى الى الاعتدال؟

القارىء العزيز
نظلم هذا الحوار الجيّد كثيرآ اذا ما قمنا بتغييب المناخ النفسى الذى سيتم فيه ، داخل دهاليز الحزب الشيوعى. لتوضيح وجهة نظرى سوف اقوم بايراد التفسيرات التى قدمها علم النفس الاجتماعى فى محاولته الاجابة على السؤال التالى:
كيف تورّط زعيم سياسى فى حجم ومهارة الرئيس الامريكى الراحل كينيدى، كيف تورّط فى اصدار قرارآ باعطاء الضوء الاخضر لتنفيذ اغبى عملية عسكرية على الاطلاق، تلك المعروفة بعملية (خليج الخنازير)؟
هل يمكن ان تجد ميكانيزمات نفسية مشابهة طريقها داخل اروقة المؤتمر الخامس المرتقب للحزب الشيوعى السودانى؟
هذا ما سأتناوله بالتفصيل بعد المساهمة المقبلة انشاء الله

Post: #242
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: عدلان أحمد عبدالعزيز
Date: 12-19-2006, 01:37 AM
Parent: #1

الأخ العزيز حيدر قاسم، أطيب التحايا..

عرفت من بوست للأخت انعام حيمورة، أنك هذه الأيام تنعم بصحبة الأهل "آت لارج" فهنيئاً لك ولهم، وتبدوا مداخلاتك الأخيرة في هذا البوست أنك كمن قرر سداد دين كبير، قبل السفر، فأوفيتنا ياصديق، فما أجمله من تلخيص يقترب من الشمول، فقد أعجبتني إشارتك الذكية عن أن "فوكوياما" لم يكن أول من تكلم عن نهاية التاريخ، فقد سبقه "كارل ماركس" في حديث السيرورة (أو الصيرورة؟) والحتمية التاريخية! وقد إلتقط إشارتك (حسب ظني) الأخ الفاضل طلعت الطيب، فأعطاها بعداً إضافياً في حديثه عن " المنهج الجبرى" والحديث "يتسلسل" كما صدح مغنينا الراحل مصطفى سيدأحمد، وهو تسلسل بديع جمع المعرفة بالتراث الإسلامي مع علم النفس الحديث.

الأخ العزيز طلعت الطيب، تحايا وتقدير..

توقعتك في عطلة نهاية الإسبوع الماضي، ولكن يبدوا أن أعمال الصيانة للموقع ساهمت في حجب مساهمتك، أقدر مشغولياتك كما تقديري العميق لمساهماتك التي تناولت جانباً مهماً كثيراً ما نغفله، جانب التركيب النفسي، وأحد سماته البارزة "الغلاط" و"المكابرة" وذلك الجانب أعتقد أن المسؤول عنه لحد كبير هو عقلية وأسلوب الحياة الرعوي الذي وسم حياة كثير من قبائلنا، ف تلك العقلية لا تهتم كثيراً بمبادئ التعايش التي تتطلب التنازل، والبحث عن نقاط إلتقاء، فعند أول خلاف.. يازول أرض الله واسعة.. أها يقوم كل واحد يصر على رأيو.. يا إتكاتلوا يا إتفرتقوا كل واحد على بلد، ما أرض الله واسعة، وخاصةً في السودان! شفت كيف منهج التحليل المادي خاشي هنا برضو يا أخ طلعت؟ وقطعاً الأمر ليس إنعكاساً ميكانيكياً، فأنا أعتقد بصحة النظرية التي تزعم أن ما نكتسبه بالتعلم والمران يمكن أن يتم توريثه جينياً.. وفي سبيل إثبات ذلك تم إجراء تجربة على فئران الجيل 1، حيث يتم إغراقهم في حوض في عدد من المنافذ المكهربة بتيار غير قاتل، قليل جداً من المنافذ غير مكهرب.. الفئران تحاول الخروج وتذهب عشوائياً إلى المنافذ المختلفة، فترتد عن المكهربة حتى تجد طريقها للخارج بعد عدة محاولات، وبتكرار التجربة مرات ومرات، أضحى عدد المحاولات الخطاء يقل تدريجياً.. الأجيال اللاحقة منها 2، 3، و4.. كان حظها أفضل، حتى في تجربتها الأولى تجاه إيجاد المخرج الصحيح، بينما نفس الجيل رقم 4 من نفس نوع الفئران والذي لم يدخل أجداده التجربة، كانت نسبة محاولاته الخطأ عند أول تجربة له، ممثالة للجيل رقم 1 عند تعرضه للتجربة أول مرة! أعتذر إذا كنت قد سرحت قليلاً، ولكن أظن أن هناك صلة ما بالموضوع.

الأخ طلعت أستحثك إكمال ما بدأته فهو قيم، ويلامس جانب لم نعتن به كفاية، وبه أعتقد أن هذا البوست بالتحديد سيكون إستنفذ غرضه تقريباً -رغم أن قضاياه لا تستنفذ- سندعه قائماً في الإرشيف، وسنواصل نقاش القضايا التي تهمنا في بوستات أخرى ربما.

لكم، المساهمين، والقراء، عميق تقديري.

عدلان.

Post: #243
Title: Re: كلما اقتربت الشيوعية من الواقع.. ابتعدت عن الماركســية!
Author: طلعت الطيب
Date: 12-20-2006, 03:34 AM
Parent: #242

الاخ الفاضل عدلان
خالص التحايا والود
فعلآ المشغولية والارشفة هى التى حالت دون ظهور مساهمتى فى عطلة نهاية الاسبوع واوافقك الرأى فى اهمية مواصلة الحوار فى مناسبات اخرى ، وحتى تسنح الفرصة اود ان انبه الى ان المساهمة الاخيرة كانت تدور حول امكانية ادراج كارل ماركس مع ماكس فيبر كامتداد للمدارس الفكرية وبالذات تلك الخاصة بما بعد الحداثة ، اذ ان ماركس يعتقد بالدور الذى تلعبه الثقافة ولكن الاشكالية الفلسفية الخاصة ( باهمية حسم المسألة الاساسية فى الفلسفة) هى التى جعلته يلحق الثقافة والاديان (بالبناء الفوقى ) الامر الذى غيّب دور الثقافة كعامل مستقل لا يقل اهمية عن العامل الاقتصادى ولعله من المفيد ذكره ان اهم اضاءات المفكر ماكس فيبر جاءت من خلال نقده الايجابى لاعمال كارل ماركس واتفاقه معه فى العديد من القضايا الاساسية والتى من اهمها اهمية العامل الاقتصادى والتحليل الطبقى لكل من يضع العدالة الاجتماعية كهدف نبيل يسعى الى تحقيقه. ربما كان اهتمام فيبر باهمية معنى النشاط الانسانى والاعتراف بالدور المستقل للعامل الثقافى هو ما يميّزه . هذا اضافة الى شكّه العميق فى تنبؤات ماركس حول ترشيحه للطبقة العاملة كخاتمة للتاريخ البشرى.
كذلك اؤكد على اهمية العامل النفسى ودوره الذى ربما لا يقل اهمية عن العوامل الاقتصادية والثقافية فى اتخاذ اهم القرارات السياسية فى بعض الاحيان وذلك ما لشىء الا لان القيم الانسانية هى التى تشكل العصب فى علوم الاجتماع والسياسة.
ربما تسنح الفرصة لتوضيح مثلا كيف لعبت نظرية عدم الانسجام (dissonance theory) دورا هاما فى تفسير موقف الناخب الامريكى بعد فضيحة ووترقيت الشهيرة، وكيف يمكن لما عرف بالرغبة فى التطابق (conformity) بأن تحوّل القرارات ااتى يتمخض عنها النقاش الجماعى الى ان تكون اسوأ من رأى شخص واحد واكثر تطرفآ وعدم واقعيّ وذلك عندما تتسبب فى خلق ظاهرة الاستقطاب(group polarization) وكذلك اهمية الفرق بين ما يعرف بالتوضيح المعلوماتى والآخر المعيارى Informational and Normative explanations و مدى نجاح تلك الظواهر النفسية فى استكمال تفسير كيف اتخذ البيت الابيض اسوأ القرارات مثلآ حينما قرر غزو كوبا وتصعيد الحرب فى فيتنام
وهل المؤتمرالخامس المزمع للحزب الشيوعى يعد معصوما من مثل تلك العوامل النفسيّة ام انه الاكثر عرضة للاصابة بها؟
ربما تسنح الفرصة لتوضيح ذلك قريبآ انشاء الله