دعاء في عهد الدم المسفوح

دعاء في عهد الدم المسفوح


11-25-2007, 10:42 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=120&msg=1195983744&rn=0


Post: #1
Title: دعاء في عهد الدم المسفوح
Author: Saif Mahmoud
Date: 11-25-2007, 10:42 AM

"اللهم لا تجعلني جزاراً يذبح الخراف
ولا شاة يذبحها الجزارون "

حكيم هندي

لتحقيق هذه المعادلة الصعبة لابد من حدوث أحد الأمرين : أن يتسامي الجزار بمهنته ويصبح جراحاً يستأصل بمبضعه موطن الداء وُيبقي علي باقي الجسم سليماً ومعافي ، أو أن تثور الشاة علي ذابحها ولا تمكنه من عنقها ليُعمل فيها سكينه ، وتفوز بالحياة .
ولفجيعتنا ، فإن التاريخ الغابر والمعاصر يشهد بسطوة الجزار علي الخراف دون دلائل عملية علي الرغبة في التسامي ، ويشهد علي ذبح الشاة ، في غالب الأحوال ، وإن قاومت ذابحها .
تستمد هذه الصورة القاسية دلالتها الرمزية من ضرورة حدوث ثورة فكرية تقلب حياة الجزار والشاة رأساً علي عقب . والثورة الفكرية لا تسعي للهدم كغاية قصوي بقدر ما تسعي للهدم وفي جعبتها خارطة البديل لما هدمته . لذا فمن الحكمة الإتفاق أولاً علي النموذج المرتجي تحقيقه من وراء الهدم ، والسعي لتنوير العامة والخاصة بجدواه وفعاليته .
قد يقول قائل أن هذا النموذج المرتجي يتمثل في مشروع السودان الجديد الذي سعت الحركة الشعبية ، وآمل ان لا تنفك ، إلي تحقيقه بالدم المسفوح لأكثر من عقدين من الزمان ، وبالعمل السياسي الفعال في الشراكة الحكومية والمؤسسات الدستورية . وقد يقول قائل أن هذا النموذج المرتجي في جعبة اليسار السوداني أو اليمين الإسلامي السياسي ( وبشقه الطائفي أيضاً كإرث تاريخي ) أو في الفكر الجمهوري ، او حتي في أحزاب جديدة ناشئة . ولكن يبقي المحك العملي لإحداث الثورة الفكرية هو ملامسة ذلك الفكر للواقع ، والتلاقح معه ، والإرتقاء به لمدارج الكمال المنشود ، أو أن يرتقي الواقع إلي مصاف الفكر الراشد السديد ، بمعني أن تشُل الشاة يد الجزار وتُفقد السكين القدرة علي الذبح .
فهل تأتي لأي من الناشطين السياسيين والمصلحين الإجتماعيين والدينيين في سوداننا المحزون القدرة علي إحداث تلك الثورة الفكرية ، والمضي بها إلي نهايتها المنطقية في إحداث التغيير المنشود ؟ ولم لا؟
وبالمقابل ، هل تأتي لأي من شعوب العالم القدرة علي الثورة والنهوض دون فكر سديد؟
لابد من إيجاد صيغة جديدة متمدنة للتعايش والحوار بين الشاة والجزار لصيانة الحياة وإخصابها لصالح عالم أفضل يسوده السلام والوئام .
سيف