الشّرد بنات الريح

اليوم يوم خرطومى بارد ، الخروج من تحت ملاءتين للغطاء استحدثتا على عجل تكونا غطا من جحافل هجمات البرد والذى يكون عادة فى السودان خجولا فى نوفمبر ثم مترددا فى ديسمبر ثم جريئا فى يناير ، الاستيقاظ فى ذلكم البيت السودانى البسيط كان عقوبة يومية لا تغيب الا يوم الجمعه حيث يوم (العطلة ) ينهض (اسامة ) بعد ان يكون قد استيقظ اصلا قبلها بربع ساعة اثر تجوال والده بين (الحوش ) والغرفة الخاصة به حيث يبدا اليوم عند الوالد عادة بالتجول والليل لم يتعلم بعض فضيلة فصل قواته عن النهار يقوم (الحاج الزين ) فيدلف الى (الحمام ) والذى تكون المياه فيه عادة ضعيفة هالكة لا تستطيع الاندفاع عبر (الماسورة ) والصعود الى على ليتكون ما نسميه (الدش ) فيضطر (الحاج الزين ) للجوء الى خيارات منها الاضطرار الى (غرف ) غرفات من برميل وضع بجانب الحوش فى زاوية مجاورة – على خفاء – من حديقة منزلية بائسة لا تتميز سوى بشجرة الليمون وحزمة من الحشائش المنثورة على الارض وكانها لرسم شعر على راس انسان مصاب بالقوب ! هناك وبياض النهار يزحف متثاقلا يرفع (الزين ) اناء عريضا هو وعاء بلاستيكى قلمت اطرافه وفتحت للتحول الى (باقة ) وفى رواية (باغة ) وللسودانيين جدل مقيم حول اقلاب القاف اعرب اسامة فيه قول خطيب غليظ الحنجرة والتفاسير ان ( ان انزلناه فى ليلة القدر ) ستدخل كل بنى شعبنا النار ، حركة السائر فى تلكم العتمة الخفيفة تكون ساكنة لكن الادوات وضجيج اصطدام المياه من (الباقة ) الى (الجردل ) ياتى داويا لحد يضطر معه صاحب الحاجة للتطلف فى دلق الماء بتلك الساعة بانزال الاناء الى عمق الجردل للحصول على انزلاق ناعم . تنتهى المهمة عادة فى دقائق او اقل نسمات الصباح الباردة – جدا – تضطر عم (الزين ) الى السعال الذى يتعبه عنده نحنحة كانه يستدعى بها اياد خفية لجر شى من حلقه يسد عليه منافذ التنفس ، حركة الحاج الزين على حذره فيها تنشر الحركة فتدب الحياة فى سياج من مصنوع من الاخشاب والشبك (النملى ) معروشة بلوح قديم وصدى من (الزنك ) بداخلها ثلاث دجاجات وديك من شواهد التعايش بقربه انه لا يصدع بصياح الا ان راى حاج الزين يتجول فى ساحة المنزل ، حركة مثل شجار السكارى داخل السياج متبوعة فى العادة بصوت اقرب لمحاولات الطيران ( بت ) بضم الباء و(بت ) اخرى ورجرجرة اجنحة تحرك الهواء بكثافة داخل (العش ) فيطير غير قليل من الريش وروائح روث الدجاج النفاذة وربما تيسر من (هيم ) وحشرات صغيرة تتخذ من (ابط ) الديك وصويحباته مقرا وسكنى للحصول على الدم والدفء ،

حقيقي سعداء برؤيتك يا محمد

بعد ان ينتهى (الديك) سريعا من ممارسة نشاطه الصباحى يطلق حركات صاخبه بجناحيه ويصيح (عوووووووع عوووووووووو) وحين لا ياتيه رد من طرف الحى او الجوار القريب يطلق نداء اخر ويدرفه بثالث وكانه يغمز بطرف عينيه الى (اسامة ) الراقد على مسافة (معقولة ) منه فيستشيط غضبا – اسامة – ويخرج متثاقلا يده وينزلها يجوس بها طرف الارض فان وجد حجرا قذف به بغيظ الى اتجاه الديك لكنه فى العادة يخطى هدفه ويصيب (طشت ) الغسيل الذى يكون موضوعا مسنودا الى الحائط مثل ميدالية نالها احدهم بمنشط رياضى ، الحجر القافز من تحت يد اسامة تصيب (الطشت ) فتحدث صوتا مفزعا يضطر معه الديك وصويحباته الى الهمهمة والصمت لبرهة لا تطول اكثر من ثوان يطلق بعدها الديك مرة اخرى صافرة ايقاظ ينهض معها اسامة وكما قال التيجانى يوسف بشير (لاعنا الدنيا وما فيها من عالم ومن اشباح ) متعثرا فى ردائه ينهض لا يلوى على شى حافيا والملاءة تتدلى خلفه مثل المشمية فيركل القفص بقدمه اليمنى اولا ثم اليسرى غير مباليا بانغراز قدمه فى سلك ناتى او هياب للسعات البرد النازلة على ظهره متسللة اليه من منافذ فى (الفنالة ) الداخلية التى (كانت ) بيضاء لكنها تحولت الى لون معتم مع فتحات متناثرة وكانها ادخلت فى ماء يذيب المعادن او كانها نزعت من صدر رجل اعدم رميا بالرصاص !
عند تلك النقطة يكون الحاج الزين قد اكمل استحمامه وخرج مرتديا جلابية بيضاء متوسطة الطول وجلس على حافة كرسى يكون عادة منسيا كل ليلة من احد المتحلقين حول التلفاز فيشرع فى الوضوء وهو يكثر من البسملة والحوقلة والدعاء ثم يدلف الى غرفته ليصطحب طاقية خضراء فضافضة ومسبحة من اللاوب قصيرة جعلها المرور بين الاصابع ذات لون داكن يقترب عم الزين فى تلكم اللحظات من (اسامة ) الذى يكون عادة يبحث فى طرف (الراكوبة ) وبين ثنايا الحصير المكون لجسدها بالجنب عن فرشة الاسنان مرسلا تضجراته على ضياع المعجون الذى يضيعه (طارق ) اخاه الاصغر كل ليلة بتحوليه من مكانه فى (مصطبة ) صنعت على عجل وعلى علو بمكان ونتوء داخل الحمام يقترب عم الزين من ابنه وينهره (بطل جوطه ) ولا يردفها بجملة اخرى فيصمت اسامه على مضض مكملا البحث وهو يمسح حينا رقبته ويهرش حيناه راسه وما ان يجد المعجون حتى ينتبه الى احد (فردات السفنجة ) قد ضلت موضعها من جانب سريره ومرقده وانه يتجول حافيا تقريبا فيذهب محتالا وعلى حذر ليدس قدميه الباردتين فى اقرب حذاء و(شبب ) يجده شاغرا وصاحبه يغط فى النوم العميق .
والحاج الزين يكون حينها قد فتح الباب الخارجى لمنزله المقابل لزاوية (الشيخ عوض الله ) فيضرب تيار من الهواء البارد المندفع وجهه فيسارع الى دس يديه فى جيب الجلباب وقبلها يكون قد شد الطاقية الخضراء على راسه ويسرع فى المشى للحد ان احد الجيران قد يقابله فيلقى عليه السلام على عجل دون ان يدرك شخصية المار ( عليكم السلام ) ثم ينتفل داخلا وقد شعر بالدف يسرى فى اوصاله وهو فى حضن الزاوية التى يكون (عبد الحى ) المؤذن قد وصلها منذ وقت اسبق واضاء جوانبها وعطرها وجلس مستندا الى احد الجدران ممسكا بمسبحة طويلة يسبح حينا ويغفو حينا ويسرح بعيدا احايين اخرى مهوما فى هموم زواجه ومرض شقيقه بالبلد واصرار اللجان الشعبية على تعيين لجنة للزاوية دون اسباب مقنعة

نجيكم تكوركو,نمشي تكوركو من القائل؟

حمدلله على سلامة العودة ... ونشكر لكم استجابتكم السريعه للمناشدات التى اتت من اناس كثيرين للعوده... لكن بس يا اخوى سردب ساي وارجى الراجيك طالما رجعت(ده ما تخويف) لكن (البلدى المحن لا بد يلولى صغارها) ... وانت عارف محنك فى(البورد) كتيره ...لكن صدقنى حيويت البورد نابعه من هنا ...اصبر واحتمل..........وشكرا كتير للعوده

يتبع



( بين قوسين )

شكرا لكم جميعا ...ودمتم وتحية صادقة للاخ علاء حيمورة .. حبابك الف

مرحبا يا محمد،
أختلف معك في بعض المسائل لكنني أحترم كلماتك وجد سعيد ، مع سعد ، بعودتك.
لكن حمام الشتاء قاسي.
مودتي يا رجل.

Quote: نجيكم تكوركو,نمشي تكوركو من القائل؟

وفى رواية اخرى
نجيكم تكوركو... تمشو نكورك

اهلا جديدا

مرحباً بعودتك

))ودمتم وتحية صادقة للاخ علاء حيمورة .. حبابك الف ((

أصيل