مذكرات باحث عن بلد يهاجر إليه (2)-صلاح إبراهيم أحمد

مذكرات باحث عن بلد يهاجر إليه (2)-صلاح إبراهيم أحمد


10-22-2007, 03:13 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=120&msg=1193062384&rn=0


Post: #1
Title: مذكرات باحث عن بلد يهاجر إليه (2)-صلاح إبراهيم أحمد
Author: abubakr
Date: 10-22-2007, 03:13 PM

Quote: مذكرات باحث عن بلد يهاجر إليه (2)
الرحلة إلى أسمرا
الرحلة إلى أسمرا بدأت عندما اخترنا شركة طيران ناس وعلمنا أن وكيلهم هو الخطوط الجوية السودانية وقلنا لا بأس ما دمنا لن نسافر على طائراتهم لأنه من الواضح أن لا معرفة لهم بالطيران ولكن وبما أن من بينهم تاجر كويتى فلابد وأنه يعرف كيف يدير توكيلاً- ولكن خاب فألنا- فقد حجزنا يوم السبت 8/9 وذهبنا يوم 5/9 واستلمنا تذاكرنا وبها تأكيد للحجز ويوم السفر 8/9- ذهبنا للمطار وفوجئنا بأن طائرة ناس لا تأتى لمطار الخرطوم يوم السبت وإنما يوم الأحد 9/9- فاتصلنا غاضبين بمندوب الشركة الذى أخطرنا بأن جدول المواعيد الجديد قد سلم لوكيلهم الخطوط الجوية السودانية قبل أسبوعين والمفترض أن يبلغوا المسافرين- وكالعادة لم نجد أى من مسئولى الخطوط الجوية السودانية لنشكو له فتأكد لنا أن هذه المجموعة الجديدة المالكة رغم وجود تاجر بينها لا تحسن حتى إدارة توكيل ناهيك عن خط طيران.
واليوم الثانى سافرنا على خط طيران ناس والحق يقال فإن الطائرة وصلت فى ميعادها ووجدنا أحسن معاملة- ولا يعيب هذه الشركة إلا وكيلها بالسودان ويا حبذا لو استبدلته.
أسمرا مدينة ساحرة ذات طقس مريح وطراز معمارى فريد مما جعل كاتباً يقول إنها مدينة صممها وبناها ثوار ويسكنها ثوار- فعندما أراد الإيطاليون الذين كانوا يستعمرون ارتريا بناء حاضرة لهم أسندوا الأمر فى مطلع القرن العشرين لعدد من المعماريين الشبان الذين كانوا يودون تغيير جميع الأنماط المعمارية السائدة فى أوربا آنذاك ووجدوا فرصتهم فى بناء أسمرا ولذا تجدها فريدة فى فنها المعمارى- ومن حسن حظ المدينة إنها وبعد ثلاثين سنة من حرب التحرير وسنتان من حرب التدخل الأثيوبى الآثم بعد الاستقلال لم تدمر- وأول ما يسترعى انتباه الزائر النظافة فأسمرا بلد نظيفة للغاية مقارنة حتى بالعواصم الأوربية ناهيك عن عاصمة المدهش- مما يجعل السودانيين يصبحون كالأسطوانة المشروخة يرددون "بالله شوف البلد نضيفة كيف" حتى يمل السامع تردادهم ولكنهم معذورون فإرتريا رغم إمكانياتها المحدودة استطاعت المحافظة على ذلك النظام وتلك النظافة- وواليهم المدهش رغم جباياته المليونية وزياراته المتكررة لهولندا قد عجز عن توفير معشار هذا لهم.
ثم تبدأ تنتابك الدهشة الكبرى كيف استطاع ثلاثة ملايين أن يحرروا أنفسهم من نير أعتى إمبراطورية فى القرن الأفريقى وثالث أقوى جيش فى قارة أفريقيا بعد مصر وجنوب أفريقيا- جيش ساعده الأمريكان فى تكوين سلاح طيران حديث قوى وعندما مالوا نحو الروس أمدوهم بدبابات ومدفعية وعربات مصفحة تكفى تسليح أفريقيا جميعها- ورغم كل هذا العتاد والتفوق العددى سبعين مليوناً مقابل ثلاثة ملايين استطاع ثوار إرتريا لا تحرير بلدهم فقط وإنما تحرير أثيوبيا نفسها من حكومة جائرة ظالمة- فالسيد ملس زناوى دخل قصره الرئاسى على أسنة الحراب الإرترية.- وما أن أستقر الأمر له حتى كافئهم بشن أشرس حرب عرفوها وإلى يومنا هذا يرفض تنفيذ أمر محكمة العدل الدولية ويفرض عليهم حالة اللا حرب واللا سلم التى تكلفهم الكثير.
وحركة تحرير إرتريا كأغلب حركات التحرير حدثت بها خلافات وتشققات سرعان ما انتصر عليها فريق القيادة الحالى والذى واصل الكفاح حتى التحرير وتقرير المصير ثم الاستقلال- ولكن وضعهم الجغرافى قد جعلهم يجاورون قطرين يعدان عمالقة بالنسبة لهم مساحة وسكاناً.
فمنذ أن نالوا استقلالهم بدأت إحدى دول الجوار فى تأليب المجموعات المسلمة على دولة إرتريا التى وجدت أن حكومة علمانية خير خيار لها نسبة لأن السكان نصفهم مسيحى والنصف الآخر مسلم وليس من سبيل لفرض ديانة على الأخرى- وأما الدولة الأخرى فقد شنت حرباً بإدعاء ملكية أرض تتبع لإرتريا وحتى عندما حكمت محكمة العدل الدولية بملكية إرتريا للأرض لم تتوقف أثيوبيا من مواصلة قرع طبول الحرب.
وفى حالة الحصار هذه بدأ السودان وأثيوبيا باتهام دولة إرتريا بالشمولية- وكما قالوا "رمتنى بدائها وانسلت"
الشموليات أنواع- فنوع يأتى عقب تآمر حفنة من الضباط وضباط الصف بعد أن يحنثوا بقسمهم على حماية الدستور والنظام السياسى بمساعدة حزب عقائدى صغير وقد فعلها الشيوعيين أولاً ثم تلاهم الإسلاميون فى السودان- أما فى أثيوبيا فالقوات التى نصبت ملس رئيساً هى ذاتها التى نصبت أسياسى أفورقى.
الفرق الأساسى بين هذه الشموليات إن حكام إرتريا أتوا عبر نضال دام ثلاثين عاماً وجيشهم الذى كونوه انضم أفراده لهم عن قناعة- ولقد كانوا برفقته طوال هذه المدة. والظروف الإقليمية والدولية التى يعانون منها تجعل نوع حكمهم يوصف بالشمولية. ونواصل………………
صلاح إبراهيم أحمد
20.10.2007