سيناريوهات : تستجمرون

إعتاد (حموده) أن يستيقظ يوم الجمعة متأخراً إلا أن إنقطاع الكهرباء وتوقف (المروحة) عن الدوران جعله يستيقظ مبكراً على غير عادته صابا كل لعناته على (إدارة الكهرباء) التى ما فتئت تصرح بأن هذا الصيف خال تماما من القطوعات .. فى ذات اللحظة التى إتجه فيها (حموده) نحو (الحمام) سمع صوت (الموبايل) وهو يرن :
- إنت نائم يا (حموده) ولا شنو؟
- أنوم شنو عليك الله دى سخانه الزول ينوم فيها ؟ الكهربا قطعت والجو بقى نار والأوضه
بقت ما بتنقعد
- أنت فى الكهرباء وإلا الموية؟
- كمان الموية مالا
- إنت الظاهر ما سمعت
- بى شنو؟
- الموية الفى المواسير مش قالو مسمومة؟
- مسمومة كيف ؟ والسمما شنو؟
- والله قالو فيها مواد وطحالب سامة وهسع مستشفى أم درمان ده مليان ناس متسممة
- وهسع عندنا فى (الثورة) هنا قالو مستشفى (النو) كمان فيهو كم حالة !!
(مواصلا) أنا قلت أكلمك عشان ما تشربو منها !!
- ويعنى هسع الواحد يعمل شنو فى الحالة دى ؟
- بس تمشى تشترى ليك كم كرتونة موية معدنية من البقالة وتخليهم فى البيت !!
- والحمام كيف؟ الواحد لو إستحم بيها بتجيهو حاجه !!
- والله يا (حموده) إلا نسال لينا (دكتور) أنا والله ما عارف
- طيب العرق النازل فى السخانه ده نعمل ليهو شنو؟
- ممكن تشترى ليك مناديل ورق شايف فى شركة جديده العربات بتاعتا مكتوب عليها (إستثمار) قاعد تلف فى الشوارع تبيع فى مناديل الورق وكمان (ورق التوليت) !!

وضع (حموده) سماعة التليفون وهو غير مصدق ما أخبره به صديقه (حسين) وتوجه ناحية الحمَّام وفتح (الحنفية) وتدفقت المياه ؛ أخذ ينظر إليها فى حيرة وقلق ؛ ُثم تناول بعضها فى كفه يتشممها ؛ لم يشعربتغيير ما ؛ ولكنه أعاد الكرة تلو الكرة ؛ (قفل) الحنفية ووضع يده على بطنه فقد أحس بألم خفيف فى أعلى معدته ...ورن جرس (الموبايل) مرة أخرى حيث اتاه صوت أخته (نعمات) مشوباً بالفزع :
- (حموده) ؛ كويس انى لقيتك
- فى شنو إن شاء الله خير
- لأ الحمد لله احنا كويسين ؛ بس عاوزة أقول ليك ما تشربو من موية المواسير عشان الموية قالو مسمومة
- معقوله الخبر ده جاكم فى (الحاج يوسف)؟
- والله قالو ليك الناس فى المستشفيات ما يدوك الدرب
- وإنتو هسع عاملين كيف ؟
- بنشترى الموية من عربات الشركة
- شركة شنو؟
- والله إسمها ما عارفاهو لكن (تناكر) كبييييره مكتوب فى لوحتا (إستثمار) !!

وضع (حموده) سماعة التليفون وتحسَّس بطنه فقد ازداد مايشعر به من ألم ثم مالبث (حموده) أن ذهب مرة ثانية وفتح (الحنفية) ؛ وتدفقت المياه ؛ تناول بعضها فى كفه وعاد يتشمّمها من جديد ؛ وبدى له تغييرا طفيفاً فى رائحتها ؛ (قفل) الحنفية ؛ وأخذ يجفف يده بعناية وهو يتشمّمها من آن لآخر......
ثم رن الموبايل مجدداً ليجده شقيقه (مـأمون) :
- أيوة
- إذيك يا (حموده)
- أهلا مأمون
- لسه ضارب النوم ولا شنو؟
- نوم شنو ياخى الكهرباء قاطعه من صباحت الله بخير
- إنت فى الكهرباء وإلا فى الموية
- ح تقول ليا الموية متسممة مش كده ؟
- أيوه... قلت أكلمك قبل ما تشربو منها .. إنت الكلمك منو؟
- كلمتنى أختك (نعمات) إتصلت فينى هسع من (الحاج يوسف)
ويتساءل (حموده) فى اهتمام :
- بس الخبر ده وصلكم فى (الكلاكلة) كيف يامأمون ؟ شنو الحكاية بالظبط ؟ انت سمعت شنو بالضبط؟.
- والله الناس عندنا هنا هايجه ؛ وبيقولوا إنو المويه مُسمَّمَه وفى حالات كتيره فى المستشفى .
- عندكم انتو كمان؟
- أيوه ؛ بس أنا اتصلت بالمستشفى ؛ وقالوا لى مافيش أى حاجة ذى دى وحاولت اتصل بأى واحد من المسئولين لكن إنت عارف عشان الزول يعرف الشخص المسئول القيامة تكون قامت
ربنا يُستر ... إن شاء الله تكون إشاعة ساكت
- وإنتو هسع عاملين كيف ؟
- بنشترى الموية من عربات الشركة
- شركة شنو؟
- والله إسمها ما عارفاهو لكن (تناكر) كبييييره مكتوب فى لوحتا (إستثمار) !!
غايتو ربنا يكون فى العون والله الواحد بقى متوقع أى حاجه فى البلد دى

وضع (حموده) سماعة التليفون ؛ وازداد الألم فى معدته ؛ وجلس حائرا لايدرى ماذا يصنع حيث تضاربت الأفكار فى رأسه ؛ كان على يقين من كذب الخبر فلا يمكن أن تتسمم المياه فى كل تلك المناطق البعيده والتى تشرب من (صهاريج) مختلفة وبالتالى شبكات مواسير مختلفه ولكن ما لم يفهمه هو الوجود السريع لالمكثف تلك الشركات التى تبيع المياه ومناديل الورق وورق التواليت وكل إحتياجات تلك الأزمة المفتعلة !!
تناول التليفون وهَمَّ بفتح (دليل التلفونات) لمعرفة أرقام المسئولين بهيئة المياه ليستفسرهم إلاّ أنه سرعان ما إبتسم فى مرارة وهو يخاطب نفسه :
- هى البلد دى فيها مسئول عشان يشتكو ليهو أو يستفسرو منو ؟
ثم خطرت له فكرة .. لم لا يتصل بشرطة النجده والعمليات ليستفسرهم وفعلا قام (حموده) بالإمساك بالموبايل والإتصال على 999 و سرعان ما جاءة الرد :
- آلو النجده
- أيوه أى خدمة
- والله الحقيقه .. أصلو الموية قالو بتاعت البيت
-(فى خلعة) قرنيت ؟ قرنيت وين؟
- (وهو يعلى فى صوتو) : لا لا ما قرنيت ما قرنيت مويت البيت مويت البيت
- موية شنو؟
- الموية الواااحده الفى الحنفيات دى
- انت يا زول بتتكلم جد
- آآى بتكلم جد طبعاً ... مافيش بلاغات عن حالات تسمم وصلتكم ؟
- لا أبدا .. لو فى حاجه ذى دى كان نحنا جانا خبر بيها
- طيب التناكر البتبيع فى الموية دى شنو؟
- ما شايف ليا تناكر
- والعربات القالو بتبيع فى مناديل الورق وورق التواليت دى شنو؟
- ما شايف ليا عربات
- يعن هسع مافى مويه مسممه؟
- أيوه يا أخى... انت ما مصدقنى ولا شنو؟ دى تكون إشاعه ساااكت
- مصدقك لكن والله (الجماعه) ديل بيعملوها !!
- (فى حزم) : تقصد منو بالجماعه؟
- لا أنا بقصد (المخربين) !!

جلس (حموده) على أحد (السراير) الموجوده فى (السهلة) مسندا ظهره إلى الحائط وهو ممسك (بالبشكير) :
- مالك يا راجل قاعد كده ؟ جنيت ؟ عارفاك مما الكهرباء تقطع بيركبك ألف عفريت
- الكهربا هينة
- يعنى شنو
- إنتى (نايمة) وما جايبه خبر وما عارفا الحاصل فى الموية شنو؟
- زادو سعرا كمان؟ لحقوها الرغيف؟
- يا ريت
- (فى إندهاش) : عاوزين يشيلوها مننا كمان يصدروها؟
- لا يا (عزيزة) المويه قالو مسممة وفيها طحالب وسميات أوع تكونو شربتو إنتى والأولاد
منها
- برى برى الأولاد لسه نايمين وأنا يا دوبى صحيت ... إن شاء الله يسممهم اللا نام لا أكل طعام بس ياهو ده الفضل ليهم كمان !!

- يتبع-

Quote: هى البلد دى فيها مسئول عشان يشتكو ليهو أو يستفسرو منو ؟

أخي الفاتح الرائع،
رغم (يتبع) إلا أنني أقول لك you said it all
مودتي

تشكر يا رائع

الأحباء الأعزاء:
التحايا والود
ربما يكون الكثير منكم قد تابع ما دار من مداخلات وإقتراحات حول نشر (السيناريوهات) على سودانيزأونلاين وذلك على احد البوستات التى قمت بفتحها خصيصا لمناقشة هذا الامر وذلك بعد ملاحظة ثاقبة للأخ العزيز (الزوول) وقد تعددت الآراء حول المسالة فالبعض يرى أنها لا تناسب الموقع الذى تعتمد مواضيعه على النقاش والتداخل والرأى والرأى المخالف والبعض يرى أهمية وضعها حتى يجدها القراء الذين لا يستطيعون الحصول على الصحيفة ... وكان الرأى الوسط ( وهو للأخ الزوول) أن اقوم بوضع السيناريوهات فى شكل حلقات أو اجزاء .. وهنذا أفعل !! ودمتم

الأخ العزيز الفاتح جبرا والله العظيم القصة دي اكان ما واقعية انا بعتبرها واقعية بعد حال البلد

الما عندها وجيع والناس الغلابة المساكين بيصدقوا اي حاجة والحقيقة في بعض الجهات تقوم بنشر هذه

الإشاعات لتسويق بضاعتهم وعيني عينك وبعدين عليك الله من متين كانت موية المواسير دي صحية ما طول

عمرنا بنشرب منها وبنقول بسم الله و يا لطيف الطف واتعودنا علي وجع البطن والحريقان الفي البول

والكحة وعض الباعوض وتلوث البيئة !! هو شنو عليك الله الصالح الفي البلد عشان يعملوا حسابو ؟؟

نواصل :

إنتشر الخبر ملأ الدنيا .. توقف المواطنون عن إستخدام المياه فى ذلك اليوم .. أصبح الجو العام قابلا للإنفجار .. فى نشرة التاسعه مساءاً التلفزيونية كان الخبر الرئيسي هو المؤتمر الصحفى الذى أقامه المسئول (ع) الذى أعلن فيه أن مياه الشرب نظيفة مائة بالمائة ، وظهر على شاشة التليفزيون وهو يميل برأسه ويفتح فمه عن آخره أسفل أحدى (الحنفيات) وهو يشرب منها مسرورا ويضرب على (كرشه) المرتفع بيديه بثقة ثم يجفف لحيته التى تخللها الماء ولم ينس المسئول (ع) أن يناشد المواطنين بدفع ما عليهم من متأخرات للهيئة !! وكذلك دفع ما عليهم من متاخرات شركة النفايات (التى قيل أنه يمتلكها) بحجة تزايد حجم (النفايات) نتيجه لإنقطاع المياة .. إنتهى المؤتمر الصحفى لتعلن (مُذيعة الربط) ذات (الوجه الأبيض) والأيادى (السمراء) أن البلد بخير وأن الأمن مستتب ولم تكتف بذلك بل قامت بتحذير المواطنين من الإشاعات المُغرضة التى تستهدف أمن الوطن والمواطن .. ابتسم (حموده) وهو يقوم بإغلاق التليفزيون قائلاً فى نفسه :
- هسع الواحد يصدق منو يعنى؟ !!
فى اللحظة التى حاول فيها (حموده) إطفاء لمبة الحجرة وللخلود إلى النوم فاجأته (عزيزة) بدخولها للحجرة مخاطبة اياه فى زعل :
- كمان عندك نفس وعاوز تنوم ؟
- وما أنوم ليه؟
- البيت مافيهو نقطة مويه النايم ليها شنو؟ قوم فتش ليك مويه لى أولادك ديل يشربوها كان للحمام ده قنعو منو !! شويت المويه (الما مسمومه) الكانت من زمان فى التلاجه شربوها والشوية الفضلت بس ح تقعدهم للصباح
- خلاص يا عزيزة صباحت الله بى خير

إستيقظ (حموده) صباحا متجها نحو الحمام قام يترنح فى مشيته وقد تفتّحت مسامه عن آخرها وتصبب العرق من وجهه و التصقت (الجلابية) التى كان يرتدبها بجسده ؛ فعلى الرغم من ان (الدنيا صباح) إلا أن درجة الحرارةكانت فى أقصى معدلاتها ؛ تناول كرسيا بلاستيكيا ، وتوجه إلى الحمّام ؛ ووضع الكرسى أسفل الدش مباشرة ؛ وخلع عنه ملابسه ؛ وجلس مسترخياً ؛ وفتح الصنبور.... ولكن... لم تنزل نقطة ماءٍ واحدة .
- (خاطب نفسه بصوت عال) : يعنى تبقى كمان مسمومة ومقطوعة ... قالها وهو يقوم يقوم من الكرسى البلاستيك ويعاود إرتداء جلابيته متجها خارج المنزل فى محاوله لشحدت شوية مويه من جاره (حاج إسماعيل) :
- أهلا بيك يا أستاذ (حموده)
- أهلا يا حاج
- ( فى حرج بالغ ): - معليش ياحاج بس عاوز ليا شوية موية ومد له يده (بجيركان) بلاستيكى كان يحمله
. (ينظر إليه حاج باستغراب وأسف) : - والله يا أستاذ (حموده) ما كان يتعز عليك لكن المويه العندنا يا دوبك تكفى شراب الأولاد ؛ المويه مقطوعه من أمبارح بالليل ونحنا منتظرنهم يرجعوها غايتو ربنا يسهل . .. ويردد (حموده) بقلق :
- قلت شنو؟ مقطوعة من بتين؟ ! .... ويرد عليه العم اسماعيل مؤكدا :
- مقطوعة من أمبارح بالليل ... إنت ما عارف ولا شنو؟ مش قالوا عاوزين يتأكدو إنو المواسير ما فيها (سم) ؟
ويعود (حموده) إلى منزله خالى الوفاض كاسف البال حزين ؛ وتمر الساعات الطويلة السمجة وماتزال المياه مقطوعة ، وتحولت (الحنفيات) إلى قطع حديدية جافة صامته . انبعثت رائحة العرق والأبخرة كريهة الرائحة من جسد (حموده) ووصلت إلى أنفه ؛ وتلبّد شعر رأسه ؛ وغطت وجهه وجبهته طبقة زيتية متربة ؛ وأحس بالظمأ الشديد...
جلس على أحد الكراسى وبدأ يقوم بحركة لا إرادية متكررة حيث يرفع يده يمررها على رقبته جيئة وذهابا فتنفتل خيوط سوداء ثعبانية رفيعة ؛ ويمد يده من تحت جلبابه يمررها على كتفيه وصدره يفرك جسده ويجمع الخيوط السوداء يكوّرها فى يده كرات طينية لدنه يعبث بها ويتأملها ويلقى بها على الأرض وقد غرق فى تفكير عميق لم يقطعه إلا صوت (عزيزة) :
- أولادك ديل العطش عاوز يكتلهم كدى إتحرك شوف ليك مويه ليهم إن شاء الله حاجه بارده !!

- يتبع -

الاستاذ الاديب القاص
الفاتح جبر

دائما تسعدنا .. و تعيد الينا الابتسامة (المرة)
و جبر الله كسرنا و كسركم.. فى بلد كان اسمها السودان

Quote: زادو سعرا كمان؟ لحقوها الرغيف؟

Quote: وتمر (السنوات) الطويلة السمجة

و انت احد أسباب وجودنا فى هذا المنبر

Quote: و انت احد أسباب وجودنا فى هذا المنبر

وأنتم يا أسعد (كل) أسباب وجودى فى هذا المنبر!!

- الجزء الأخير-

تستجمرون :
قبل أن يرتدى حذائه ليخرج وفى محاولة يائسة ذهب بكسل وقام بفتح ماسورة الحوض الخارجى التى لم تصدر غير بعض الهواء والشخير الخافت فقام بقفلها وقرر أن يخرج باحثاً عمّا يروى ظمأه وظمأ أطفاله ؛ مرّ فى طريقه بمنزل عم اسماعيل وتذكر قوله : (المويه العندنا يا دوبك تكفى شراب الأولاد) وذهب إلى (البقالة القريبة):
- كيف الحال ؟
- (نظر إليه آدم سيد البقالة مندهشاً إذ لم يره من قبل بهذه البهدلة والإتساخ):
- أهلا أستاذ (حموده)
- عليك الله بالله يا (آدم) أدينى كم قزازة بتاعت (موية)
- والله يا أستاذ (حموده) الموية الفى من زمان خلصت .. بس فى مويت الشركة الجديده وكمان الحاجة البارده ذاتا شطبت !! مافى (حاجه بارده) إلا العاملاها الشركة الجديده الإسمها (مويت زمزم) دى؟
- والقزازة بى كم؟
- الصغيرة بى ألفين جنيه والكبيرة بى أربعه ألف وكان كمان عاوز جركن الجركن بى عشرة ألف !!
- معقوله ؟ غاليه كده ليه؟ يعنى هسع الواحد لو عاوز يستحم هو وأولادو يكون عاوز ليهو ميتين الف؟
- لا إنت المويه دى (أشربوها) بس ... لكن للحمام أخدو ليكم (ورق توليت) ومناديل ورق
- وديل يجيبوهم من وين ؟
- كييييف نفس الشركة عندها برضو (كلينكس زمزم) !!
- خلاااس يا آدم أدينا جركانه كبيرة (مويت زمزم) وكرتونة (كلينكس زمزم) وشويت ورق تواليت !!
- كان ورق التوليت ده ما بنفع معاك عندنا ده (ويمد له بكيس صغير فى حجم الكف) يحتوى على عدد من الحجارة
- (يقلبه بين يديه فى إستغراب) :الحصحاص ده شنو كمان!!
- ده (منتج جديد) عاملاهو الشركة ذاتا إسمو (تستجمرون) عشان الناس الما متعوده على (ورق التواليت) وكده !!
- (فى سرة) : الله لا كسبكم ده كلو فى (تلاته) يوم !! –مواصلاً – والكيس بتاع (تستجمرون) ده بى كم؟
- والله يا استاذ حسب (العبوة) !! – مواصلا- وما تنسى يا أستاذ إنو الحجار دى معقمة ومحسنة !!
- حسب العبوة شنو هو أصلو (زبادى) ؟ وبعدين (معقمة) دى عرفناها .. (محسنة) دى شنو؟
- لا .. ما أصلو فى عبوة صغيرة (خمسة حجار) وعبوة (فاميلى) عشرين (حجر) !!
وبعدين يا استاذ (محسنه) دى عشان شايلين منها (الشرشر) وملساء ما بتعوق ليها زول !!
- خلاص جيب ليك كيس واحد (فاميلى) !!
عاد (حموده) إلى منزله حاملا تلك الثروة بعناية على الطاولة وما لبث أن وجد جميع
أفراد الأسرة يتحلقون حوله :
- شوفو يا أولاد المويه دى للشراب عشان غاليه ... بس الجركانه الشايفنها دى بى عشرة تالاف .. يعنى ما أشوف ليا زول قاعد يغسل منها وشو ... سامعين .. العاوز يتنضف اهن ديل مناديل ورق والعاوز يمشى الحمام أهو ده جبت ليكم كيس (تستجمرون) كبير .. كل واحد فيكم يشيل ليهو (حجرين) ... - وهو يحدجهم بنظرة قوية- ... مفهووووم ؟؟

حديث المدينة :
قال (حموده) خطبته تلك وجلس يراقب (مأسورة الحوض) على أمل أن يسمع صوت خرير المياه ؛ وقد شعر بالإعياء والظمأ الشديد بعد أن قام بشرب عدد من (عبوات شركت مويت زمزم) ثم تمدد على سريره قام بفتح جهاز التلفزيون ليجد المسئول (ع) مرة أخرى وهو يدلى بحديث لإحدى المذيعات فى برنامج (حديث المدينه) :
- سعادتك الموية قاطعه من المواطنين فى البلد ليها تلاته يوم والناس عاوزة تعرف الحاصل شنو؟
- (بعد أن بسمل وتحوقل وتنحنح) : والله أنا احسب أن المواطنين ديل لا بعجبهم العجب لا الصيام فى رجب
- (المذيعه فى إندهاش) : كيف سعادتك؟
- أيواا أوريكى كيف .. أول حاجه طلعو ليهم إشاعه إنو المويه مسمومة وإنو فى حالات تسمم فى المستشفيات وأنا عشان أوريهم وأأكد ليهم إنو دى إشاعه سااااكت عملت مؤتمر صحفى ولميت كل الصحفيين ووكالات الأنباء وفتحت مأسورة التلفزيون الحيه وموجوده دى ودخلت راسى ده تحتها وشربت !! أها بعد ده مش يقتنعو؟
- (المذيعه وهى تؤمن على حديثه) : والله يا سعادتك ما خليت ليهم حاجه ومفروض يقتنعو !!
- لكن هم نفوسهم وحشه ومش صافيه
- كيف يا سعادتك
- طلعو إشاعه قالو الموية بتاعت الحنفيه الأنا شربت منها على (الهواء مباشرة) دى
مويه معدنية وكمان مستورده ختوها ليا جوه الماسورة عشان المواطنين يفتكرو إنى بشرب من ماسورة !! يعنى ذى ما قالو على (الفراخ) ألأكلتها زمااان
- ممكن يا سعادتك نعرف أسباب القطع ده شنو؟ والمويه ح ترجع متين ؟
- شوفى نحنا عشان نأكد للمواطنين إنو ده كلام فارغ قطعنا المويه وح ننضف ونراجع المواسير والصهاريج الرئيسيه كلها وبعد ما نتأكد إنو مفيش اى حاجه ح نرجع ليهم المويه
- والمسألة دى سعادتك ح تاخد ليها كم يوم عشان المواطنين ديل بيعانو معاناة كبيرة
- إن شاء الله وبإذنه تعالى بعد بكرة المويه تنساب من جديد فى المواسير
- شكرا سعادتك (ثم توجه حديثها للمشاهدين) : أيها المواطنون الأعزاء .. شفتو المسئولين ديل قلبهم عليكم كيف ؟ هسع ح يقومو يفكو المواسير الفى البلد دى كلها مأسورة .... مأسورة ... وخزان .... خزان عشان يتأكدو إنو مافى أى ماسورة مصديه أو متسممة
- (مستدركة) لكن يا سعادتك الناس فى الفترة الح تقطعو فيها الموية دى المواطنين ديل يشربو من وين؟
- ما يشترو موية من الدكاكين والبقالات !! أو من عرباتنا (مستدركاً) أقصد عربات الشركات اللافة فى الأحياء دى؟ (ثم فى تباهى) بالمناسبه نحنا حتى ورق التوليت وفرناهو ليهم .. تانى عندهم كلام ؟
- والما بقدر يشترى سعادتك يعمل شنو؟
- يمشى يشرب من البحر !! أقصد النيل


شربوا من البحر :
بالفعل بعد أن نفذت كل (النقود) التى كان يدخرها المواطنون أو كادت من فرط بشرائهم لمنتجات زمزم الباهظة .. (مويت زمزم).. و(كلينكس زمزم) .. (ورق تواليت) .. لم يكن امامهم إلا أن يتجهو ليشربو من (البحر) حيث توافد الناس من كل الاعمار يحملون (الجراكن) و(الجرادل) والصفائح إلا أنهم فوجئوا بوجود صفوف طويله تنتظم (الرصيف) وبعض (العسكر) يحملون الهراوات يقوموا بعملية التنظيم وقف (حموده) يحمل (الجركان البلاستيكى الأخضر) ولدهشته وجد أن جاره فى نهاية الصف هو (حاج إسماعيل) :
- بس معقول يا حاج إسماعيل المويه قاطعه ليها سته يوم وكمان يجو يعملو لينا صفوف فى البحر
- ما قالو قاعدين ينظفو لينا فى المواسير!!
- مواسير شنو؟ ديل نضفو جيوبنا
- (تتشالب الحديث إمراة كانت تستمع للحوار) : والله يا ودالحلال كلامك صاح .. والله صارفه ليا (صندوق) صرفتو (تلتميت ألف) ما إتهنيت بيها كلها شربوها الأولاد (مويت زمزم) !!
- فى هذه الأثناء بدأ الصف فى التناقص فوجد (حموده) نفسه أمام شخص طويل القامة عريض المنكبين يقف عند حافة النيل بينما إنغرست رجليه حتى منتصفهما فى الوحل :
- عاوز كم جركان ؟
- بس الجركان ده
- (ينظر إلى الجركان) : ده خمسه جالون مش كده !!
- ياخى خمسه .. سته ... القصة ما فارقه .. أملأ لينا خلينا نفوت نشوف لينا حمام وإلا مصيبه
- ما فارقه كيف؟ دى بتفرق معانا !!
- (فى دهشه) : بتفرق معاك كيف يا شيخنا كمان أصلو (جاردين) ليك البحر ده ؟
- ما أصلو جاردنو ... إنت ما عارف يعنى الجالون بى ألف جنيه !!
- مويت الله دى الجالون بى ألف جنيه !!
- ده كان زمااان
- يعنى شنو؟
- يعنى هسع بقت بتاعت (زمزم لمياه النيل والكلينكس المحدوده) !!

بعد ثمانية ايام :
إستيقظ (حموده) على اصوات زغاريد وصياح .. المويه جات ... المويه جات .. المويه جات ..
خرج إلى الشارع ؛ كانت الدنيا مقلوبه ؛ رأى المواطنون يقفون زُرافات ووحدانا وهم يحملون أوعية المياة الممتلئة من كل نوع ؛ بعض المواطنين يفتحون خراطيش الماء على أنفسهم يستحمون بكامل ملابسهم على قارعه الطريق ... الإذاعة قطعت برامجها وأخذت تردد الاناشيد الوطنية إبتهاجا بعودة المياة إلى المواطنين بعد ثمانية ايام من العنت والرهق تم فيهن التأكد من عدم وجود أى (محاولات تخريبية) لتسميم مياه الشرب .. أسطول من (الشاحنات) والعربات التى لا يعلم أحدا مصدرها متجهه إلى (ميدان الإحتفال) وهى تحمل أعدادا من المواطنين متسخى الثياب ذو اشكال غريبه يحملون لافتات قماشية مكتوب عليها ... الإحتفال بعودة المياة .. الدولة تهنئ المواطنين بعوده المياه ...
- الناس دى ما غبيانه ساااكت
- كيف (تمانية يوم) حالكه ذى دى يجو بعدها يحتفلو ؟ المحتفلين بيها شنو؟
- أنا ما مستغرب إنو (الحكومة) تحتفل بعودة المياة لأنو (الحكومة) بتحتفل بى أى حاجه لكن المحيرنى (الشعب) ده يحتفل لى شنو وهو (تمانية يوم) بيعانى ؟
- والقال ليك الناس البتحتفل ديل (الشعب) منو؟
- كيف؟
- كدى عاين للوحات بتاعت العربيات دى ما بتذكرك حاجه؟
- نظر (حموده) إلى الشاحنات والعربات المتجهه إلى ميدان الإحتفال والتى كتب على (لوحاتها البيضاء) جميعا (إستثمار) وسرعان ما هنف :
- أيواااا .... دى ما عربات ناس (زمزم) ذاتا !!!!

أكتر من رائع ....

Quote: ربما يكون الكثير منكم قد تابع ما دار من مداخلات وإقتراحات حول نشر (السيناريوهات) على سودانيزأونلاين وذلك على احد البوستات التى قمت بفتحها خصيصا لمناقشة هذا الامر

ونحن والله ما عندنا مانع حتى لو طالت الحلقات عشان يظل البوست أعلى المنبر .... لأنو بصراحة بنقرأ البوستات دي وبنستمتع بيها .. بس غالباً الواحد بيلقاها أكبر من تعليق متاضع منو .... فيكتفي بالقراءة.

يديك العافية

والله ياجبرا قراءة مواضيعك متعه لا توصف
ودابكدوك

الأعزاء أبوالريش - أبوكدوك
شكرا للإطراء وللمتابعة .. دى الحاجات ذاتا البتدفعنا والبتخلينا نحاول نكتب .. دمتما

السلام عليكم
استاذنا الفاتح
شكراً على اشراكك لنا في الكيفية التي تنزل بها السيناريوهات الجميلة

Quote: - عاوز كم جركان ؟ - بس الجركان ده - (ينظر إلى الجركان) : ده خمسه جالون مش كده !! - ياخى خمسه .. سته ... القصة ما فارقه .. أملأ لينا خلينا نفوت نشوف لينا حمام وإلا مصيبه - ما فارقه كيف؟ دى بتفرق معانا !! - (فى دهشه) : بتفرق معاك كيف يا شيخنا كمان أصلو (جاردين) ليك البحر ده ؟ - ما أصلو جاردنو ... إنت ما عارف يعنى الجالون بى ألف جنيه !! - مويت الله دى الجالون بى ألف جنيه !! - ده كان زمااان

تعرف يا شيخ الفاتح كلامك ده ذكرني بقصة حقيقية حدثت معنا في قريتنا
وملخصها اننا في القرية كنا نشرب من النيل مباشرة
وبسبب التعليم الذي حصل عليه ابناء القرية ، فقد رأى المتعلمين منا أن الشراب من النيل يمثل بالاضافة للمشقة والعنت ، خطورة صحية في تسببه في العديد من الأمراض وخطورة على أرواح الناس خاصة أيام الفيضان
فقرروا السعي في مطالبة الحكومة أن تحفر لهم صهريجاً لحل هذه المشكلة
وبعد سنين من المطالبة للمعتمد والوالي والوزراء وكل من يتوسمون فيه جاه السلطة
أدركهم اليأس والقنوط وقرروا أن يعتمدوا على أنفسهم وعلى أولادهم المغتربين
وفعلاً تم حفر البئر وبناء الصهريج وشراء المواسير و شراء الجازولين وتعيين موظفين يتقاضون رواتبهم من خلال المساهمة الشهرية المفروضة على كل بيت في القرية
وعاش الناس بعدها في سعادة فخورين بانجازهم الذاتي
حتى فوجئنا يوماً بإخطار من المعتمدية يطالبنا فيه بتسديد مبلغ من المال كرسوم شهرية
ورفضنا التسديد بحجة أن الحكومة لم تقدم لنا أي مساعدة سوي في إقامة الصهريج او في تشغيله
وفي يوم أصبحت كل قريتنا (حمودة)
وعرفنا أن مسئول الحكومة قد حضر ومعه قوة من الشرطة وأغلقوا الصهريج بالطبل التي كانوا يحملونها معهم وذهبوا..
استأجرنا سيارة وذهبنا خلفهم ، فرفض أن يقابلنا ، حتى تهدده بعضنا بان يقوموا بثورة في المصلحة ويخربوها على من فيها..
وبعد أن استمع لنا ببرود ونحن نحكي عن السنين التي قضيناها في حفر البئر وبناء الصهريج ...الخ وأن الحكومة لم تقدم لنا شيئاً ، كان رده
طيب ... والموية الجوه الـواطة دي القاعدين تشربوها دي ، مش حقت الحكومة؟
ما أطول عليك
لغاية هسه قاعدين ندفع رسوم شهرية بتاعة موية الحكومة الجوه الـواطة
.......................
شكراً للسرد الممتع...


.............................
وما الناس إلا هالك وأبن هالك *** وذو نسب في الهالكين عريق

المحترم الفاتح سلامات..

طبعاً أنا من المتابعين بنهم لكتاباتك وأسعدني إقتراح الزوول ولى ملاحظة وهي أن الجزء الآخير كان يمكن أن يقسم ايضاً
عموماً أمتعتنا بتفصيل المعآناة..

خالص الود ..

السلام عليكم

ألحق يا استاذ الفاتح
الشركة فتحت ليها فرع في لندن

] بريطانيا: احذروا ماء يباع على أنه من «زمزم»!!


.............................
وما الناس إلا هالك وأبن هالك *** وذو نسب في الهالكين عريق

الأخ العزيز الفاتح

تحياتي .. يا خوي (يستجمرون) زي الكأنها على وزن العملية ( يهتدون Mission Yahtadoon) بتاعت الإمام وهجرتة إلى أسمرا!! وحمودة دا أوعى يكون أخونا حلاق الجامعة ؟!.. شر البلية ما يضحك ورمضان كريم.. سيناريو محكم

Quote: دى الحاجات ذاتا البتدفعنا والبتخلينا نحاول نكتب

Quote: نحاول

Quote: نحاول

قمة التواضع

يا (الزوول) ياخوى ما بعيد يكونو فتحو ليهم فرع هناك !!
شكرا يا عزيزى أبوبكر على الدخول والمتابعه ... الف شكر

Quote: ولى ملاحظة وهي أن الجزء الآخير كان يمكن أن يقسم ايضاً

بينى وبينك يا مجاهد عملية التقيم دى عاوزة ليها شوية تفرغ !!

Quote: قمة التواضع

المبارك أخوى ... شكرا !!

thank you

just wonderful

to you and to your family

Thanks brother Mustafa it's realy very kind of you, you're welcome

Fatih

Quote: ... إن شاء الله يسممهم اللا نام لا أكل طعام بس ياهو ده الفضل ليهم كمان !!

أللهم آمييييييييييييييييييييييييييييين بركة الجمعة الجامعة والدعوة العند الله سامعة.

ويديك العافية ياجبرة

وكل سنة انت طيب

تحياتى

وكل سنه وإنتى طيبة يا (مهيرة) وربنا يحقق ليكى أمنياتك وكمان ربنا يحقق أمنيات كل الشعب (الفضل) !!

من أجمل ما قرأت

الباقر موسى

عزيزى وأخى الباقر
شكراً على الإطراء .. كل سنة وإنت طيب