راحو مني ناس كتار

كتبت في بوست سابق عن مرحلة الصبا الباكر .. وكيف أنو
محجوب (الترزي) قد خدعني مع آخرين وجعلنا نندعك في
الشمش من صبح الرحمن حتى ظهره .. لقاء قريشات شوية وأمل
وظيفة تناسب أبناء الفقراء في الطاشرات من أعمارهم وقد أستحال
عليهم مواصلة الدراسة في وقت كان التعليم فيه مجانا .. لكين
مجانا دي ذاته ما بقدرو عليها .. ونواصل ..

كتبت في بوست سابق عن مزمل زميلي من مخدوعي محجوب الترزي
والذي غادرنا وتركنا عمال يومية في إحدى المؤسسات العامة
بأمدرمان وذهب للعمل بالجيش ضارباً بكلام والده عرض الحائط
بعد فترة قصيرة من ذهاب مزمل .. ذهبت للعمل عسكري
بالشرطة وتم قبولي رغم أني كنت وقتها في السابعة عشر من
عمري .. وحول سور مدرسة الشرطة بالخرطوم جنوب سمعت
صوت يناديني (تقدم أنت سوداني) .. فإذا به صوت الطيب محمد
الأمين (قريبي ومن أبناء قريتنا) .. وسلمت عليه هو بداخــل
سور مدرسة الشرطة وأنا بخارجه .. سلمت عليه وهو يلبس
عسكري (حلمي المستقبلي) .. ولاحظت أن قد بدا عليه الإعياء
أما النحول فهو قديم .. وقال لي:
ماشي وين؟
قلت ليهو: قبلوني معاكن هنا.
قال: أعوذ بالله .. أمش شوف ليك أي شغله غير دي.
قلت: لشنو؟
وحدثني بكلام كثير .. رجعت بقلب منقبض قبل أن ألج مدرسة
(البوليص) .. وأعرف أن الطيب مخلص وقد أمحضني النصح
ولكنه يعلم أني مثله .. خياراتي قليلة في هذه الدنيا التي تضيق
أمام الفقراء .. ونواصل .

بعد فترة قصيرة .. ذهبت لسلاح الأسلحة بالخرطوم كنت مصاباً
باليرقان .. أخذني والدي للعياشي (طبيب شعبي يعالج اليرقان
بالكي ويعمل في سلاح الأسلحة) .. لم أكن أشعر بأي شيء
ولكن قال العارفون أني عيوني صفراء أكثر من اللازم ومن هو
كذلك فهو مصاب باليرقان .. في سلاح الأسلحة التقيـــت
عبدالرحمن عوض الله (قريبي ومن قريتنا) وكان عسكري
في سلاح الأسلحة .. فرح بمقدمنا (أنا ووالدي) وأخذنا لمكان
الفطور والشاي .. وبعد أن فطرنا وشربنا الكركدي
البارد والشاي .. أخذنا عبدالرحمن بفرح شديد وأجلسنا تحت
ظل إحدى أشجار النيم الظليلة ونادى العياشي بمراويده وكيسه
الذي يحمل فيه (بعر الغنم) الذي يحمى ويوضع فيه مرواد
الكي .. وقام العياشي بإجراء اللازم كية واحدة بآخر مفضل
في الأصبع الصغير (المفصل الذي يربط الإصبع بالكف) لليد
الشمال وقام والدي بإعطاء العياشي الفيها النصيب .. لم
أكن مشغولاً باليرقان .. كنت أتطلع لأكون جندياً مع هؤلاء
الشباب النشطاء المليانين (إصرار وصحة) .. فهذه الوظيفة
فيها قروش كويسة لمن لفظهم قطار التعليم مثلي .. وقلت
لعبدالرحمن: ما ممكن تشغلني معاكن هنا؟ ونواصل

عبدالرحمن: يا أُمحمد إنتا هسع عيان والشغلة دي صعبة.
قلت له: مي أصعب من الشغلة مع أبوي وعمي حامد
في الزراعة.. بعدين دي فيها قروش كويسة.
عبدالرحمن: طيب خليها لامن تبقى كويس؟
قلت: أنا هسع كويس كان عندك طريقة شوفه ليّ.
عبدالرحمن طيب تعال معاي .. وأخذني لضابط (نقيب
مهندس) من أبناء منطقتنا إسمه يحى وقال للنقيب: قريبك ده جاء عشان
يكووهو عندو يرقان وقال عاوز يشتغل عسكري .. شوف
ليهو طريقة؟
كنت أنظر للنقيب الشاب المتواضع وثلاثة دبابير تلمع على كتفو
وتحدث معي بروح طيبة .. يا محمد والله ما فيش تعيين هسـع
التعيين بعد تلاته شهور .. أمش وتعال لي بعد تلاتثة شهور ..
شعرت بصدري ينقبض ولسان حالي يقول بى كتفك الملان حديد
ده ما بتقدر تشغلني .. وذهبت غير راض ولكن بلا حيلة ونواصل..

كان أحد أقاربي أسمه عمر شيخ إدريس قد ترك المدرسة بعد
السنة ألرابعة الأولية ودارت به الحياة دورات معقدة كسب
بها خبرات لا محدودة .. التقيته وحكيت له أني لم أترك
باب مصنع ظهرة أو صابون أو حلاوة لا في بحري ولا غرب أمدرمان
إلا طرقته للعمل بلا جدوى .. رضيت لأعمل في المصانع برائحتها
الكريهةولكنها لم تقبلني وحاولت البوليص وقنعني منو الطيب ..
وحاولت الجيش ما لقيت طريقة .. والزراعة دي تعب
كتير بدون فائدة .. والأيام دي شغال مع عمي حامد
وكلمتو أنو الزراعة دي ما نافعة معاي خالس وقال لي
كل ما تكون عاوز تمشي تفتش شغل في الخرتوم
بصرفك .. فقال لي عمر يوم السبت تجيني قالوا
السلاح الطبي فيهو تعيين .. وخلينا نمشي نعمل فيهو
محاولة .. ونواصل

ذهبت إلى عمر وذهبنا للسلاح الطبي وتم تسجيلنا
وإحالتنا للكشف الطبي .. وكنا حوالي خمسة وستين
شاب نمثل السودان بكل قبائله وسحناته ولغاته
يوحدنا (الفقر المدقع) .. تم قبول حوالي 60 من
الـ 65 ورفض خمسة كان من بينهم أنا
وعمر .. والسبب: أننا ضعاف ولا نقدر على
التدريب .. الطريف في الأمر أنه الأربعة ضعاف
أما أنا فقد كنت ضعيفاً فعلا ولكن لم يكن هذا هو
سبب استبعادي وإنما كان السبب هو ضعف الرؤية
بعيني اليسرى .. ولكن الرائد الذي أعيدت له
الأوراق واسمه عبدالله سيد أحمد: سأل العسكري
ديل ليه ما قبلوهم: فقال له ديل قالوا أجسامهم
ضعيفة وما بتحملوا التدريب .. فمزق أرانيكنا
وطلب أرانيك جديدة وتم قبولنا .. وقال عبدالله
سيد أحمد : يا بوي ديل أهلهم ما بوكلوهم بكرة
يضربوا العدس ده ويكونوا تمام التمام.

فرحنا فرحاً لا عهد لنا بمثله .. وإن كان من كلمة
تقال إنصر دينك يا عبدالله سيد أحمد .. طيب لو
نحنا ما بنقدر على التدريب لأننا جعانين .. مش
مفرض يشغلونا عشان ناكل!!!! بدل ما يقولوا
ما نافعين .. بئس السياسات القصيرة النظر
التي تقفل على الضعفاء أبواب الرزق ونواصل.

Quote: ولكن الرائد الذي أعيدت له الأوراق واسمه عبدالله سيد أحمد: سأل العسكري ديل ليه ما قبلوهم: فقال له ديل قالوا أجسامهم ضعيفة وما بتحملوا التدريب .. فمزق أرانيكنا وطلب أرانيك جديدة وتم قبولنا .. وقال عبدالله سيد أحمد : يا بوي ديل أهلهم ما بوكلوهم بكرة يضربوا العدس ده ويكونوا تمام التمام.

الأخ والزميل محمد عبد الجليل
متابع ولا أريد أن أقاطع هذه التراجيديا السلسة 00 لكن الحتة دي ضحكتني
لامن عيوني دمعت 000

أخي وصديقي وزميلي - عادل جبارة - تحياتي،

سعيد بأنك أول المتداخلين .. والأخت حليمة
محمد عبدالرحمن أول المتصلين حول هذا البوست
الذي كنت أخاف أن لا ينفهم كلامي فيه على وجهه
فهو رواية عن أحداث حقيقية وشخوص حقيقيين ..
ولست بالروائي .. ولكنكما طمأنتماني على أن
الموضوع يستحق أن يكتب ويقرأ .. فـسأواصل
الحكى .. وأبقى قريب ..

تم تعييننا وشهدنا أحداثا جساماً في أول
شهور خدمتنا .. ونمت بيننا علاقات قويـة
وترقد في الذاكرة قصص كثيرة بعضها مفرح
وبعضها محزن .. وعرفنا بعضنا .. وعــرف
كل منا الأسباب التي أجبرت الآخرين علــى
ترك المدرسة .. وكان بين المجموعـــــة
الكثير من العناصر لا يضلون الطريق
ولا تبعدهم وعثاء الحياة عن التحديـــق
في الشمس .. والسير صوب أهدافهم ..

كانت التعلمجية (المعلمين العسكريين)
من أكثر الناس معاناة مع هذه المجموعــة
التي ضمت بين جنباتها نماذج إنسانيـة
غريبة .. آمل أن أتحدث عنهم لاحقاً..

لا زال في الذاكرة بعض هذه النماذج ضاعوا
مني في دهاليز الحياة .. ليتني لو ألتقيهم
يوماً ..

بدأنا التدريب العسكري .. وقد كان الصيفً حاضرا
وقاسياً .. لكنه اقل قساوة من ظروف المتدربيــن
الذي كانوا في غاية السعادة بالوظيفة التــــي
تقلدوها .. في أول شهر في التدريب وبينما نحــن
نتلقى إحدى العقوبات الإدارية التي يتلقاهــــا
المستجدين في العسكرية .. جاء ضابط ومعه شخـص
مدني .. تلقى الضابط التحية العسكرية مــــن
الصف ضابط المسؤول عنا .. وقال الضابط: هنـاك
إمرأة بحاجة إلى نقل دم سريع .. لو في أي واحد
عاوز يتبرع يطلع بره .. ورفعت يدي وأيضاً زميل إسمه
لاكو من جنوب السودان وذهبنا فرحين بأن تخلصنا
من ورطة العقاب .. كلها شوية دم والسلام ..
وعندما ذهبنا لبنك الدم تم إيداع لاكـــــــو
سرير المستشفي لأنو دمو بسيط خالص ولا يكفـــي
حتى صاحبه .. وبالنسبة لي فقال أن دمي لا يكفي
ليؤخذ منه وأعطيت راحة طبية 48 ساعة وطلـــب
مني الطبيب أن أشرب عصير .. وطبعاً رجعـــــت
المعسكر واستلقيت سعيداً .. أما العصير.. الله
يطراهو بالخير ..

الرائد عبدالله سيد أحمدإداري من الطراز الأول
لم يتلق تعليماً نظامياً يذكر .. لكنه خبـــر
الحياة .. عركها وعركته .. واثقا من نفســه
كان عطوفاً على العاملين معه وملماً بظروفهــم..
وظروف أسرهم .. قال عن المجموعة التي تـــم
إستبعادها في البداية لضعف الأجسام: ديل أهلهم
ما بوكلوهم .. بكرة يضربو العدس ده ويكونوا
تمام التمام .. لكنه كان يعرف أن أهلهم لا
يبخلون عليهم .. ولكنهم يدخلون في دائرة
من عناهم
الشاعر صلاح عبدالصبور:

أنا رجل من غمار الموالي
فقير الأرومة والمنبت
فلا حسبي ينتمي للسماء
ولا رفعتني لها ثروتي...
ولدت كألاف من يولدون
بألاف أيام هذا الوجود
لأن فقيرا_ بذات مساء
سعى نحو حضن فقيرة
وأطفأ فيه مرارة أيامه القاسية
نموت كألاف من يكبرون
حين يُقاتون خُبز الشموس...

في فترة تلقي التدريب العسكري .. كان كل
خيمة بها 5 من الدفعة .. نقوم كل يـــوم
وبدون أي رغبة بشد أوتاد الخيمة وترتيبها
ورش الرمل الذي يعبيء أرضية الخيمة بالماء
ثم نأتي بالكنتين (وعاء من الطلس نستخدمه
للأكل والشرب معا) ولنا فيه مأرب آخـــرى
وهي الضغط بقعره على الرمل المرشــــــوش
حتى يستوى سطح أرضية الخيمة ويكون ولا
أجعص سيراميك حديث .. كان أحد زملائي فـي
الخيمة قد جاءته هدية من أهله واستلمها
وخبأها دون علمنا .. وضعها في أسفل شنطة
الحديد .. كانت هديته (كيك بالسمن البلدي)
كنا نشم رائحة الكيك فنزداد قهراً على
قهر ولا نرى له أثراً حتى أخبرنا النمـــل
بمكان الكيك في غياب صاحبه .. وغفر
الله لنا فقد فتكنا بالكيك ولم نترك منـه
حبة واحدة .. وعند عودة صاحبه
لكم أن تتصوروا ما حدث بأنفسكم ..

ولم يكن شخصا جيداً فكانت المرؤة
تقتضي بأن يقسم لنا بعض ما قسم له الله
حتى لا نثور ونستبيح كيكه ولكنها الإثرة
وحب النفس التي تفسد كثير من الفرح ..

لم يك صاحب الكيك صادقاً فقد كان يدعي
أنه شاعر وتيقنا أن القصائد التي كان
يدعيهـاهي لشعراء آخرين .. فهو أناني
يدس فضل الكيك وكاذب يدعي شعر ما كان
ينبغي لمثله أن يبدعه.

كان أول يوم دخلنا فيه المعسكر لنستقبل فيه الخدمة
العسكرية يوماً حافلا .. حيث كان هناك إحتفال ضخـــم
حضره الرئيس نميري ووزراء حكومته .. وكان بمناسبـة
تخريج دفعة الجنود التي سبقتنا ودخولنا .. معظـــم
الفنانين كانوا هناك ..
بعد أن تم تقديم البلابل وتقديم فاصل ألهب حماســة
الحضور .. تم تقديم الفنان الكبير الغائب الحاضـر
عبدالعزيز محمد داؤود الذي إبتدر فاصله بالقول:

فاتن البلابل وجاكن الصقر .. وضحك الحضور ونواصـل

سرد جميل جداً أخي محمد عبد الجليل .. واصل هذا الإبداع .. أنا غايتو متحكّر هنا ....

خالص تحياتي وحبي ؛؛؛

إخي - إدريس - تحياتي، وينك يا رجل المنبر
يفتقد أشعارك الجميلة ..

سرد من الذاكرة قبل أن تتسع ثقوبها ..

كان أول خبر تلقيناهو بعد أن إكتملت حلقات
تدريبنا هو خبر من الإذاعة السودانية ونحـن
بمعسكر السلاح الطبي بأمدرمان:

موسيقى عسكرية: سيلقي عليكم الرائد هاشم
العطا بيانا بعد قليل فترقبوه .. هاجــت
الخيم وماجت .. بين فرح بالخبر لمجرد نبأ
بتغيير متوقع .. وخوف من المجهول وأفراد مجموعتنا
لا زالوا زغب الحواصل .. ولكن حاصل جمع الحالة
كان فرح بإسقاط حجر على سطح ماء حياة المعسكر
المغلقة والمتعبة .. ونواصل ..

Quote: راحو منى ناس كتار

محمد عبد الجليل
عنوان بوستك ينجح مطلع اغنية
لكنى انا غير موفق فى كتابة الاغانى

بس انا بحب النجر

راحو منى ناس كتار
اصغر واكبر منى...
اضاءوا دربى
كالنهار
سقونى كاسات
ابهجنى....
تعلمت منهم
الثبات
على المبدىء والشعار
ذكراهم
انهار و دنى...
عبد الجليل
يا ذاك الفخار
كلماتك هيجنى...
خلاص مواصل
المشوار
ادبياتك
شعر وفن


ابو لـــدن

الأخ - أبوقوته - تحياتي،

قصيدتك عجبتني أنا غايتو .. وفعلاً راحو
مني ناس كتار التقينا في دروب الحيـاة
وافترقنا هكذا .. وبقيت الذكريات وتفاصيل
الأحداث ..

طالت فترة التوتر والإذاعة تكرر في المارشات
وتقطعها ب: سيذيع عليكم الرائد هاشم العطا
بيانا بعد قليل فترقبوه .. والكل منا يعـلم
أن هاشم العطا هو عضو مجلس الثورة في 25 مايو
ووزير الزراعة والذي تم إبعاده مع زميليـــه
بابكر النور سوار الدهب وفارق عثمان حمدالله ..

وأخيراً جاء صوت هاشم العطا معلنا بداية الثورة
التصحيحية .. وتحدث عن نميري وجماعته واصفاً
إياهم بأنهم الطغمة المبادة .. وظننا أنه قد
تم تصفيتهم ..

في صبيحة اليوم التالي تم جمعنا في طابور
وجاء المساعد (الصول) عمر أبنعوف وكان يتحدث
معنا عن الحاصل في البلد وأبلغنا بأن اللواء
الشلالي سيخاطبنا بعد قليل وفعلا ظهر اللواء
الشلالي وعندما رأي عمر أبنعوف يكلمنا أشار
إليه بيده خلاص وريهم الحاصل ورجع .. فشعر
المساعد الشجاع عمر إبنعوف بأنه هو الكل في
الكل وأخذ راحتو في الكلام معانا .. وقال:
شوفو يا جماعة جات حكومة جديد وبعد ساعة
والله ساعتين بجي هاشم العطا هنا .. وأي كلام
يقولو ليكم صفقوا بس .. والبعرس أمنا كلو
أبونا .. ومن ثم صرفنا في إنتظار حضـــور
هاشم العطا ..

Quote: وأي كلام يقولو ليكم صفقوا بس .. والبعرس أمنا كلو أبونا ..

بالله عليك يا محمد واصل الحكي بنفس الايقاع البسيط الحبيب الى النفس.
متابعة وجاياك في الايام الجاية دي، كان الله مد في العمير..

مودتي ..

حليمة

الأخت - حليمة - تحياتي .. تعليقك يغــرى
بأن كل شيء على مايرام .. فالنواصل الحكي

لم نتشرف بلقاء الرائد هاشم العطا .. فقد
تسارعت الأحداث .. مظاهرات مؤيدة لهاشـــم
العطاء في الخرطوم يوم 20 يوليو .. بعــض
قادة الحزب الشيوعي يخاطبون الجماهير فـي
ميدان الأمم المتحدة .. ليبيا أنزلــــــت
الطائرة التي تقل الرجل الذي أعلن رئيسـا
لمجلس الثورة الرائد بابكر النور سوار الدهب
وزميله الرائد فاروق عثمان حمدالله .. بعض
وحدات القوات المسلحة بالعاصمة لم تؤيـد
الإنقلاب .. جو من التوتر يسود العاصمـــة
السودانية ..

وفي عصر يوم أثنين وعشرين يوليو وبينما
نحن في معسكر السلاح الطبي إذ بقصـــــف
عنيف من الخرطوم صوب كوبر النيل الأزرق
بدبابات تي 55 كان الكوبري به حراسة من
بعض الجنود تسلق أحدهم الكبري وعنــــد
إشتداد القصف رمى بنفسه من أعلى قمـــة
الكبرى إلى الأرض الطينية بجوار النهـر
وعرفت لاحقاً أن هذا الشخص قد أصيب بكسر
في الحوض .. كما كانت هناك دبابات نوع
صلاح الدين قادمة من معسكر كان يسمى كتيبة
جعفر ويقع غرب سلاح المهندسين والموسيقى
تحركت صوب الإذاعة السودانية .. ســـادت
حالة من الخوف في البداية ولكن بعد وقت
قصير أصبحنا نتحرك بشعور غريب ولكــــن
ذهب الخوف نهائياً وإن إستمر شعور لا تصفه
الكلمات وأخذنا أسلحتنا وذخائرنا .. وتحركت
مع مجموعةفي سيارة عسكرية صوب الجهة
التي تحركت إليهـاالدبابات صوب مباني
الإذاعة .. لا أذكر الغرض من ذهابنا ربما
حب الإستطلاع .. وكان القصف عنيفاً والسيارات
تتحرك بسرعة عالية.. ونواصل ..
تم تصحيح خطا إملائي

صديقي الاسمراني ود عبدالجليل
مسكاقمي
واصل
ما في حد يقاطعو يا جماعة

Quote: واصل ما في حد يقاطعو يا جماعة

الخال حمزاوي .. تحياتي،

إنتا جيت .. الله يستر من صديق الموج

أنا بديت البوست ده عاوز أتكلم عن ناس
عاديين (فقارى لكين غنايا) .. وهســـع
لقيت نفسي بنضم سياسة لا حول ولا قوة إلا
بالله البمرقني من الورطة دي شنو ..

حتى ذلك الوقت كانت مايو تمثل أملاً للبعض
رغم الأحداث الجسام .. الجزيرة أبا وودنوباوي
.. إنقلاب هاشم العطا لم يجد ترحيبا حقيقياً
من الشارع .. عند مفترق طريق الموردة حيث
يتجه صوب الإذاعة والآخر صوب المجلس حدث لنا
موقف طريف .. كنا نسير صوب الإذاعة أوقفتنا
سيارة عسكرية راجعة من جهة الإذاعة وقالوا
لنا أرجعوا أرجعوا .. ضرب شديد .. وتوقفنا
ورجعنا لنسير بالطريق المتجه صوب المجلس
لندخل للإذاعة من الغرب وكان الشارع يمـوج
بأمواج بشرية تهتف (عائد عائد يا نميري)
ترجلنا من السيارة وأندفسنا في نص الناس
بأسلحتنا .. ولسان حالنا يلهج بالشكـــر
لله للنجاة من هذه الورطة .. وقد عانقنــا
الناس ظنا منهم أننا فعلنا شيئاً ونحــنا
ما صدقنا وصلنا محل الناس كتيرة والموت
مع الجماعة عرس .. شهدت في هذا المكـان
ملامح للبطولة السودانية من الرجـــــال
الذين كان يدافعون عن الإذاعة .. رجــال
إستقبلوا الهزيمة من جيوش كاسحة بأسلحة
أكثر كفاءة وفتكاً .. تؤيدها جماهير ملآت
الشوارع .. وأضطر المدافعون للإستســـلام
ولكن رأيت بأم عيني أن للإستسلام قواعــد
تجعله يمكن أن يكون مشرفاً .. وهكــــذا
كان أولئك النفر البسطاء الشجعان أستسلموا
دون دون أن يسمحوا للهوجة أن تذلهم ..
ونواصل ..

كانت الإذاعة في البداية تقول : هناك تدخل
أجنبي .. وصل الرائد أبوالقاسم محمد إبراهيم
لمبنى الإذاعة .. وأذاع بيان إنتهاء الإنقلاب
ورجعنا في الثامنة مساء وكان الأمر قد إنتهى
رغم أن طلقات الرصاص ظلت تسمع في العاصمة لعدة
أيام ..

رجعنا للسلاح الطبي وتم إحضار جثث الضباط
الذين تمت تصفيتهم في قصر الضيافة التابع
للقصر الجمهوري ووضعت الجثث في هنقر بالعيادات الخارجية
للسلاح الطبي .. ووضع عليها الثلج .. كانوا بكامل زيهم
المدني جلاليب .. بناطلين وقمصان - عراريق
وسراويل .. بساعاتهم .. أحزيتهم .. وضعوا في صفين
تحسبهم نيام لولا أجسادهم المثقوبة بفعــــل
الرصاص .. كلفت ومعي زميل أسمه عماد نورالدائم
(دفعتي) بحراسة الجثث كلفنا بذلك المساعد (الصول)
حمدان .. أحضرنا كرسيين وجلسنا وسط الجثث .. ومرت
الساعات كئيبة ونحن ننظر لهؤلاء الشباب الذين قضوا
وتحولوا في لمحة بصر لجثث هامدة .. في حوالي
الساعة الثالثة صباحا شعرنا بإرهاق وبدأنا ندقس
على كراسينا وأتفقنا على أن نستلقى على كوم رملة
بجوار الهنقر والباقي على الله .. وفعلاً أحكمنا ربط
البنادق بأجسانا ورقدنا .. وبعد لحيظات وجدنا
أنفسنا واقفين بفعل قبضة قوية أخذتنا من أطراف
قمصاننا لنجد أنفسنا وجها لوجه
أمام الصول حمدان الغاضب .. وقال لنا: الناس
قاعدة تموت وإنتو تنومو؟ لم نرد عليه بشــــيء
فهو صف ضابطنا الأعلى .. وهو رجل كبير ونحــــن
مازلنا لم نبلغ الثامنة عشرة إلا بشهادة التسنين
التي أستخرجنا لضرورات التعيين ولم تكن لدينا
شهادات ميلاد أصلا .. فقد ذكرت أننا ولدنا كالآف
من يولدون بآلاف أيام هذا الوجود ولكننا نمينا واستطلنا
على كل .. أعادنا حمدان سيرتنا الأولى إلى حيث
الكراسي والجثث حتى أشرقت الشمس .. وبدأ صباح
يوم جديد في بلدي .. بلد التاريخ ما دمنا حزانى
ونواصل ..

لم يسمح لنا بالذهاب إلى أهلنا .. وبينما كنت
أسير داخل حوش السلاح الطبي رأيت ولد من حلتنا
عسكري في الحرس الجمهوري يلبس عراقي وسروال
وسفنجه يقتاده عدد من العساكر المدججين بالسلاح
وجريت عليهو وسلمت عليهو في إيدو وحاولو منعي
رغم أني عسكري ولابس كاكي .. وقلت ليهم دا أخوي
وقال لي أحدهم ممنوع ما تتكلم معاهو .. وسألته كيف
يا الماحي (إسمه الماحي) ولم يسمحوا له بالكلام
ودعته وذهبت في حالي .. بعد عدة
أيام ألتحقت مع عدد قليل من زملائي بكتيبة
مظلات شمبات (وهي من الوحدات التي لم تؤيد الانقلاب)
رغم أن أفرادها قد جردوا من سلاحهم وبقوا بالمعسكر بلا سلاح
وتم حراسة المخازن بواسطة أفراد مؤيدين للإنقلاب
أعرفهم واحد منهم .. وعند إلحاقي وجدت أنه قد
تم إعتقاله بعد أن استطاع جنود الكتيبة إستعادة
السيطرة عليها .. كنت متشوقاً لأخبار الحلة ..
أخبار أهلي .. أقاربي .. رأيهم فيما حدث ..
لأحكي لهم تفاصيل ما حدث .. وفي ضحى أحد الأيام
جاء عسكري من كتيبة المظلات وقال: وين محمد عبدالجليل؟
فقلت له: أيوه .. فقال لي: عندك ناس منتظرك في
البوابة الرئيسية .. ذهبت جري فوجدتهم عمنا
الحسين ود النور (والد الماحي) وبرفقته الأخ الأستاذ
حسن عبدالفضيل .. وقالا لي: عرفنا أنك قابلت الماحي
(سبحان الله) من أخبرهما .. كيف عرفا؟ شهد الله أني حتى
هذه اللحظة لم أعرف كيف توصلا لهذا الخبر .. رحم
الله عمي الحسين فقد توفى .. أما الماحي فقد أعتقل
لحين وفصل من الجيش فهو من مجموعة الرائد عثمــان
أبوشيبة أحد أهم أعمدة إنقلاب هاشم العطا وقد أشرك
الماحي وبقية زملائه من قوات القصر الجمهوري فــي
الإنقلاب .. وأبوشيبة من الضباط الذين غضب عليهــم
النميري غضباً شديدا لقربه منه .. وأذكر أنه كان
يتحدث في التلفزيون بغضب ويقول الخونة (أمثال
عثمان أبشيبه) .. أما الماحي فهو حي يرزق ولكن ليس
من العسكرية هذه المرة بل من الزراعة في الحلــــة
الزراعة التي أصبحت لا تفي بالحد الأدنى من العيش
سنة غرق وسنة السوق واقع ونواصل ..

الجيليل محمد


متابعين ..

تحياتي ،

خالد الأرباب

الأخ - خالد سعيد - تحياتي لك،

ظللت مرابطا مع الجثث لعدة أيام .. حتى
جاء يوم الدفن وشاركت كأول مرة في حياتي في
مهمة تجهيزها .. حيث كنت أقوم بمساعدة أحد
الأطباء في تجهيز الجثث التي تصلبت بعض
الشيء وأصبح وضعهافي الوضع النهائي للدفن
بتربيط الأطراف .. وبعد الدفن بمقابر حمد النيل
طلبت أذنالزيارة أهلي .. كنت أشتم رائحة دم الموتى
في الأكل .. في الماء .. في ملابسي .. في كل
شيء .. ذهبت لمنزل خالي الرشيد بودنوباوي
بنية أن أغير ملابسي .. عرفت أن خالي قـــد
تم إعتقاله، فقد كان يرحمه الله عضو باللجنة
المركزية للحزب الشيوعي.. تركت فكرة تغيير
الملابس وبقيت في أمر تاني .. كلمني إبـــن
خالي .. بأن العساكر أحاطوا منزل خالي
ودخل ضابط وعدد من الجنود وطلبوا منــــه
الخروج معهم .. فطلب أن يجهز حاله وبعــد
نصف ساعة خرج معهم بعد أن أشعل سيجارة ..
ولم يعد خالي لمنزله حيث كنت أقيم مع ابنائه
إلا بعد فترة طويلة قضاها بالمعتقل الذي تم
فيه إعدام معظم زملائه من قادة الحزب .. ولا
أذكر الفترة التي قضاها خالي بالمعتقل فقد
إختلط حساب الأيام .. ونواصل

كان أحد زملاء دفعتنا شاب أسمه حسين .. لاحظنا منذ
البداية أنه أكثر كفاءة من كل أفراد الدفعة ..
وظهر ذلك أكثر في حصص (فك وتركيب) السلاح فقد كان
بارعاً في ذلك .. عندما أعلن عن الإنقلاب كشف حسين
هذا عن نفسه .. وعندما فشل الإنقلاب تم إعتقـــاله
لفترة طويلة .. وفصل من الخدمة العسكرية .. ولم
أسمع عنه بعد ذلك .. وددت لو ألتقيه فلدي أسئلة
كثيرة أود أن أساله عنها فقد كان مثقفاً ومرتبــا
وجاداً ..

بدأت الأمور تهدأ تدريجياً وبعد عدة أسابيع ذهبت
لقريتنا .. فوجدت أن خالي محمد (شقيق الرشيــد
المعتقل) قد تم إعتقاله أيضاً .. وحكي لي أهلي أن عدداً
من السيارات العسكرية وبها عدد من الجنـــــود
والضباط قد جاءوا للقرية وقبضوا على خالي محمد
بعد أن أخذوا كل مكتبته العامرة والتي جمعهــا
عبر السنين وهو المزارع المثقف الذي يكتــــب
الشعر ويحرض البسطاء بشكل يومي على الثــورة
ضد الظلم .. سواء كان الظلم البسيط الذي يمارسه
ملاك الأراضي ضد المزارعين والعمال الزراعييـن
أو الظلم الوقح الذي تمارسه الحكومات وكتيـن
يكون الحكم ضيم .. ومحمد هذا شيوعي من منازلهم
فلم ينضم لأي حزب ولم يمارس أي عمل حكومي .. ألا
فترة بسيطة كنقابي بإتحاد المزراعين عندمـــا
كان هاشم العطا وزيراً للزراعة .. وقد أشيـــع
أن أحد قد بلغ فيهو من الذين تضرروا مــــن
تحريضه للمزارعين والله أعلم.. كانت لحظة إعتقاله
لحظة تعاطف إنساني كبير في مجتمع قريتنا البسيط
حيث تجمع كل رجال ونساء وأطفال القرية عندمـــا
كان العسكر يفتشون منزل خالي محمد كما حكي لي
بعض الشهود وحكي لي خالي محمد عن هذه اللحظة
بعد خروجه من المعتقل والذي قضى فيه فترة طويلة..
وأذكر أن أمي قد قالت لي حينها: عليك الله هسع
أمحمد أخوي ده الشويعية دي بدور بيها شنو؟ ..
ونواصل ..

الشويعية دي بدور بيها شنو؟ ..




متابع بشده ....تاريك عايش بقالك زمن طويل .

الأخ - خالد المحرب - تحياتي لك،

أخاف أكثر ما أخاف من الأشياء التي
تلد الأشياء .. أتاريك ليك كم يوم
ما أتداخلت .. قاعد تحسب في عمري..

أسكت ساهي .. حالتي ما قلت العارفو
كلو .. والله لو أقولو عييييك ..

محمد الجليل
انتظر هذه الرواية
لاننى بصدد امر فيها
امر يسمونه (التحرير )
انها رواية وتوثيق ايضا
وهى الرواية التاريخية والسيرة الذاتية معا
وسوف نلتقى حولها
لك جزيل مودتى

Quote: محمد الجليل انتظر هذه الرواية لاننى بصدد امر فيها امر يسمونه (التحرير ) انها رواية وتوثيق ايضا وهى الرواية التاريخية والسيرة الذاتية معا

سلمى ما تكبري الموضوع .. حالتي قاعد أفط سطر ..
مستخدما كي بورد وتداعيات الذاكرة .. غير مهتم
بتسلسل الأحداث ..

تم إستيعاب قوات الأنانيا في الجيش وتوزيعهم على
الوحدات .. جاء عدد كبير منهم للعمل معنا .. في
أحد الأيام كنا في صف صرف الرواتب .. كان أول
يوم مرتب للإخوة الذين تم إستيعابهم في الجيش
من الجنوبيين .. كان أحدهم يسير بسرعة للإلتحاق
بصف الرواتب ويلبس البوريه (الطاقية العسكرية)
بطريقة مش مزبوطة ويحمل في يده مجلة القــــوات
المسلحة .. وقبل أن يصل لصف الرواتب أوقفــــه
وكيل عريف (عسكري بشريط واحد) وكنا نقول لحملة
الشريط الواحد ضنب عقرب .. أوقفه وبدأ معــــه
حديث طويل عن الضبط والربط وكلام كتير والعساكر
يصرفون الرواتب وينصرفون وهو واقف يسمع فــــي
كلام ضنب العقرب وقد بلغ به الغضب مبلغا ..وبدأ
يتكلم مع الوكيل عريف ياخي الكلام ده كلو فـــي
شنو مس قروس ده أنا ما عاوزه .. ورمى المجلــة
على وجه ضنب العقرب وذهب .. وضحكنا جميعنــــا
كل حسب قراءته للحدث .. نحن معشر الواقفين في
صف الماهية التي لا زالت هي الحاكم الذي طوفنـا
لإجله الأصقاع والمهاجر وتركنا تحت سطوته الناس
الذين نحبهم والأرضى التي نعشقها رغم كل شيء ..
ونواصل ..

هؤلاء الـ 65 عسكري من دفعتي .. تقرأ
فيهم أنو (ليس بالإستعداد الذهنــــي
وحده) يستمر الناس في مسار التعليـم
النظامي .. فهؤلاء الشباب كانوا بيـن
الـ السابعة عشر والثانية والعشرين
من العمر كلهم (خرجوا من أسر فقيرة)
وتعرف من خلالهم أيضاً أن الفقر هـــو
أكثر وجوه التعدد وضوحاً في السودان
فهولاء الـ 65 كانوا يمثلون السودان
كأنهم جاؤا ممثلين من دوائر إنتخابية
جغرافية تمثل كل السودان .. فينبغي
على الذين يتحدثون عن التهميـــــش
هذه الأيام أن يعلموا أن التعميم مخل
ولو أعترفنا بأن هنالك أقاليم لـــم
تجد حظها من التنمية .. فهنالك جيوش
من المهمشين داخل الأقاليم التي حظيـت
بكل شيء .. وأي تهميش أكثر من الفقر
من المهد إلى اللحد .. أليس مـــــن
الحكمة أن ندرس ظاهرة اللواذ بالجهة
والقبيلة في سودان اللحظة الراهنــة
من جوانبها المختلفة حتى لا تتداخـل
الكيمان بين الماكل والمأكل الظالم
والمظلم وتضيع بوصلة توجيه الخطى..

تركت المدرسة كرهاً .. وقعدت أتفلسف وأقول
اصلو دور المدرسة هو أن تعلمك القراية والكتابة
وبعد داك العلم مبذول في الكتب لمن أراد .. أعلل
نفسي بالكلام الزي ده بعد أن فارقت زملاي
وبديت أشتعل مرة طلبة ومرة أضرب عن العمل
غير مدفوع الأجر مع والدي في الزراعة فأنتقل
للعمل مع عمي حامد حتى توجت (كفاحــي)
بالعمل عسكري في الجيش .. لم أسعد بحالي ..
رغم وجودي وسط 65 من الشباب النابهين الذين
تقطعت بهم أسباب التعليم قسرا .. ونواصل

بدأ كثير من أفراد الدفعة الـ 65 يلتحقون
بالثانوي المسائي .. كنت من بين من التحقوا بمدرسة
وادي سيدناالثانوية وكنت أذهب للمدرسة يومين ويوم يكون
(خدمة) يعني عمل حراسة مسائية وبعد شهر جاء الأمر
بنقلي للقضارف .. وأبلغت الملازم حمزة (قائدي) بأني
التحقت بالثانوي المسائي وطلبته أن يشوف زول
غيري يمشي القضارف .. فقال لي مافي كلام زي
ده .. تقوم القضارف يعني تقوم القضارف .. فقلت له
طيب أنا بمشي لكين والله من محطة السكة حديد
أسأل لو مافي مدرسة مسائية أجي راجع بنفس القطر
وركبت قطار الشرق ,, ولا أنسى أن الوقت كان
خريفاً والخضرة ممتدة والمطر يهطل .. وقطعان
الضأن .. وصلنا القضارف وكان الوقت مساءاً
وتركت شنطتي الحديد في القطار وجريت مسرعا
للمحطة وسألت أحد العمال ياخي القضارف دي
فيها ثانوي مسائي .. فأجابني : طبعاً .. ونزلت
شنطني الحديد وأخذتها على كتفي والظلام يطبق
على كل شيء (الكهرباء قاطعة والمطر شديد)
وانا جديد في هذا البلد .. سألت عن اللواء الرابع
مشاة وعند دخولي المعسكر أوصلني أحد الجنود لمنزل
الشخص الذي جئت بديلاً عنه أسمو محمد رحال
استقبلني بروح طيبة وفرح بمقدمي رغم أننا نلتقي
لأول مرة .. واحضر لي عشاءاً كنت أحتاجه بشدة
رغم الرهق الباديء جراء السفر والمطر والهموم
التي تعتصرني وأنا أفارق أهلي وأفارق أمدرمان
ببهائها وجمالها و(قدله يا مولاي حافي حالق)

كان رحال رجلاً طيباً .. وكان يتعلم العزف على
العود .. وكأنه كان ينتظر من يسمعه عزفه ..
وكنت أنا سيء الحظ .. يعزف ويقول لي أيه
رايك بالله .. فأقول: ياسلالالالام .. فيبدأ عزفاً
جديداً وأنا أتشهق .. وهكذا حتى بزغ الفجر
.. ونواصل ..

يا سلام عليك يا محمد
لي زمن ما عملت مداخلة ولا قريت بوست كله..

سأتابع

إن شاء الله

Quote: لي زمن ما عملت مداخلة ولا قريت بوست كله..

الأخ - عبدالله عقيد - تحياتي،
البلد إن أبوك أهلو وجفوك نظارو
زي المتلي قاعد فيهو شن أفكارو

نحكي شذرات من تاريخ أفراد قلبتهم الخطوب
التوالي .. وعلى قمة الجبل حيث قيادة
اللواء الرابع مشاة وقمة التل حيث المستشفى
العسكري القضارف قضيت ثلاث سنوات .. أكملــت
فيها دراستي الثانوية في ظروف لا يعلمها إلا
الله .. أسكن في عنبر فيهو حوالي ثلاثاً عسكرياً
من مختلف وحدات القيادة .. ويستقبل القادمين
الجدد للقيادة لدورة عسكرية أو رياضية .. الخ ..
يشبه اللكوندات الفقيرة في المدن المكتظة
وأذكر أني كنت أذاكر لإستقبال أحد إمتحانات
الفترة بالمدرسة وجاء بعض الزملاء وهم
يهزجون وقد لعبت بنت الراح برؤوسهم ودخلوا
وأطفأوا النور فتركتهم لبعض الوقت حتى هجدوا
وقمت مرة ثانية وأضاءت النور .. فصاح بي
أحدهم ياخي العنبر ده عملو لراحتنا نحنا
بكره شغالين .. إنتا لو عاوز تقرا الطلعك
من المدرسة شنو؟ .. وقام منفعلا وأطفأ النور ..
غضبت في نفسي ورأيته محقاً بعض الشيء لأنو
ما عارف الطلعني من المدرسة شنو؟! هذا أسوأ
ما في أن يكون الإنسان جاهلاً بالأسباب والظروف
التي تجعل الناس يتركون المدرسة باكراً وينطلقوا
في أركان الحياة .. ونواصل ..

جاء الرئيس نميري لزيارة القضارف .. وزيارة
القيادة الشرقية (اللواء الرابع مشاه) .. لا
أذكر لماذا بالضبظ .. أظنه كان يريد أن يشكر
لهم مساهمتهم بالقبض على الرائد مهندس حامد
فتح الله أحد الضباط المشاركين في إنقلاب حسـن
حسين .. والذي تم فيه القبض عليه على الحدود
الشرقية وأحضر للقيادة ومنها أرسل للخرطوم ..

كانت هنالك أسرة تسمى أسرة حنجوري (تسكـــن
داخل المعسكر) وتتكون من الأب (خفير بمدرسة
القيادة) وأسرته الكبيرة .. وأبنه (وكيــل
عريف بالقيادة وأسرته الكبيرة) .. وهـــذه
الأسرة من أطرف الأسر التي رأيتها في حياتي
رغم القترة المستمرة التي تضرب أفرادهــا
جهزت هذه الأسرة ثوباً من الدبلان بطول 6 أمتار
وعملت منه لافتة ومسك الأب الخشبة يمين والإبن
الخشبة يسار .. وسار جميع أفراد الأســـــرة
خلف هذه اللافتة التي كتب عليها بخط عريـــض
(أسرة حنجوري تحي الرئيس القائد جعفر نميري)
وكان منظراً أضحك الجميع عدا أفراد هذه الأسرة
فقد كانوا يؤدون دورهم التاريخي بلا ثمن ..

حضر الرئيس ومعه نخبة من وزرائه من بينهم
المرحوم عمر الحاج موسى .. وتجمع جميـــع
ضباط وجنود القيادة في الميدان وخاطبهــم
الرئيس عن فترة عمله بالقيادة إبان حكم الرئيس
الفريق إبراهيم عبود .. وسفره للولايات
المتحدة والحصول على شهادة الأركانحرب من
هناك .. وكيف أنه عندما عاد تم إعتقاله
بتهمة التخطيط لإنقلاب وأعتقاله من القضارف
وأخذ للخرطوم .. قائلاً: كان النظام يفكر
أنو لازم يكون وراء المحاولة الإنقلابية
دي الزول الجا من أمريكا ده ..
وكيف أن ضباط وجنود القيادة الشرقية قد
أكرموا زوجته وأعادوها إلى أمدرمان معززة
مكرمة ..

وذكر أنه شكلت له محكمة عسكرية برئاسة
المرحوم العميد عمر الحاج موسى الذي برأ
ساحته!
أسرة حنجوري تحي الرئيس القائد ونواصل ..

الانسان كغيره من مخلوقات الله يتحور
إن قست الحياة فتزيد فيه طاقــــة
الجلد .. ويستنهض قواه الخفيــــة
وتتهيأ له أسباب المؤازرة من بعـض
من حوله عطفاً على شقاوته أو إعجابا
بمثابرته .. وكانت القضارف أم رؤوم ..
وجدت فيها إخوان لم تلدهم أمي ..
وكان أحمد ود الأمين - زميلي في الجيش
ويوسف الحاج محمد صالح .. وحسين شرفي
(زملاء الدراسة) .. فأصبحوا إخواني
الخلصاء .. أحمد الأمين لازال عسكريا
بالقضارف .. كلمته هاتفياً قبل
شهور رفعت السماعة إبنته لبنى التي
تركتها طفلة صغيرة وسألتها أين
أنتي الآن فقالت: خلصت الجامعة
وأتزوجت وعندي أربعة أطفال ..
وحسين شرفي غيبته أمريكا منذ عشرين
عاماً .. ويوسف الحاج وأسرته بهولندا
منذ 15سنة .. وجميعهم غابوا
عني ولكنهم لم يغيبوا فيني ولن
أبداً ... ونواصل ..

غادرت القضارف بعد أن حصلت على
الشهادة الثانوية .. وتقدمـــت
للكلية الحربية واجتزت جميـــع
المعاينات لدخول الكلية وهنالك
معاينة أخيرة إسمها معاينة القائد
العام لم يظهر إسمي .. وشكوت الأمر
إلى قادتي فعاد ملفي مكتــــوب
عليه (نتمنى له حظا أوفر في مجال
آخر) .. صعدت المسألة حتى وزيـر
الدفاع بلا جدوى .. ولكني أتذكر
أن هنالك سؤال في أورنيك التقديم
عن أسم الأم .. وسؤال آخر هل لديك
قريب معتقل .. أو سبق أن أعتقل
ومجرد ذكر إسم أمي يكشــــــف
أن أثنين من أشقائها كانوا من من
تعرضوا لإعتقالات مايو الذي غنى
له أحد الفنانين .. وكان يقول:
مايو أتولد .. قالوا النجوم
زادت عدد!!!
(نتمنى له حظاً أوفر في مجــال
آخر هذه) كانت القشة التي قصمت
ظهر رغبتي في العمل العسكري
ونواصل ..

لم يك بإمكاني ترك العمل لمجرد
إنقطاع الرغبة .. فالخيـــارات
محدودة .. توكلت على الحي الذي
لا يموت والتحقت بمعهد الدراسات
الإضافية بجامعة الخرطوم كأول
فرصة أتيحت لي لدراسة علوم
المكتبات .. مع إحتفاظي بوظيفتي
كجندي بالجيش .. كانت الجامعة
تعج بالأنشطة الثقافية .. وكانت
أركان نقاش الجمهوريين هي أكثر
ما جذبني فيها .. كنت أتسمع
للحوارات الذكية المحلقة ..
التي قضيت فيها أضعاف الوقـت
الذي وفرته للموضوع الذي جئت من
أجله .. ليت لو بيدنا أن نقسم
العمل والقراية وفق رغباتنا..
وواهم من يظن أن هنالك حريــة
مع الفقر .. ونواصل ..

محمد عبد الجليل , وكفى !
وجاييك بى مهل يا طعم يا حلو !

مرحباً مامون أخوي .. تحياتي ..
أنها حقائق الواقع التي يمكن أن
نقرأ فيها ما كان وما هو كائن عسى
أن نستشرف آفاق ما سيكون .. فقد
قال عبدالله بولا: "الغول لم يهبط
إلينا من السماء": بل هو كائن
يمشى بل ظهرانينا بكل قبحه:

(نتمنى له حظاً أوفر في مجال آخر)
والحمد لله إنها لم تك:

في وطن آخر ..

أكملت دراستي بالمعهد جمعتني
بصديقي خوجلي علي خوجلي الذي
ضاع مني في دروب الحياة ..
كان خوجلي قد درس الإقتصاد
وأصبح معيداً ثم حصل على الماجستير
والتحق معنا نحن زمرة الثانويين
الذين يبحثون عن مستقبل وظيفــي
معلق .. كان خوجلي متفلسفاً متفائلا
نترافق بعد ساعات الدرس وحلقات
الجمهوريين لحي العرضة حيث صديقنا محمد
مصطفى .. نجلس في ضل العصر ونتحدث
عن: (أن الليل مهما طال فالصبح هنا آت)

يا خسارة .. غناكن ني
غنا الوهمي ..
كما يقول: محمد الحسن حميد ..

تركت وظيفتي في العسكرية .. وتلفت عسى
أن يكون مجالي الآخر سندسياً .. ولم يطل
بي الانتظار .. فلا وقت للحب ولا للآنتظار
وعملت بالملقة (وهو الإسم الحركي لسوق
الخضار بالسوق الشعبي بأمدرمان حيث يبدأ
عملي في الثالثة صباحاً وينتهي في التاسعة
صباحاً .. لأبدأ بحثاً جديداً عن خضار اليوم
التالي .. كان ذلك برفقة صديقي عبدالعزيز
الطاهر "يرحمه الله" ونواصل ..

إنت آزول داشر الواه دى كلها ونحن فى أضان طرش وين الزول دا وحسين شرفي
وبعض الحكى ربما أقف علي أجزاء منه وأذكر مداعبات جنابك سيف عوض وأذكر شفقة ذلك الذى إستوقفه دالى فى الركن بأن بصبر ليتعلم وليت النقيب يحى الزبير وبتاع الأسلحه محمد عوض الله وتذكرت ذلك الذى طلب منه عمر حسين بأن ينستر..............


خالص التحايا ساهرت بى يا زول ولا كلمه ما فطيتها


منصور

المنصور .. إنتا زول ذاكرتك تمام لأنك
بتحب الناس والبحب ما بنسى ..

حسين شرفي - الله يطراهو بالخير - مشى أمريكا
قبل خمسة وعشرين سنة يقرا طيران وطار بي وشو ..
كان يتصل وتوقف .. جنابو العميد
سيف عوض .. نسيت الحدث الذي تسأل عنه ..
ولكنه بخير وعافية .. أما شفقة الذي أستوقفه
دالي .. فأصححك .. ليس دالي ولكنه القراي
ذلك الجمهوري البارع .. كان يدير حلقة
نقاش حامية في الجامعة .. وأصبح الحوار
يسير من أعلى إلى أعمق حتى أصبح قطبيه
القراي وطالبة (كوزة) فوافق الحضور على
أن يتواصل الحور بين القراي وتلك الطالبة
الذكية الجميلة ودخل الحوار لذرى الفلسفة
التي تنبهم عندها العقول .. وحقق القراي
بعض الغلبة وأصبحت تلك الطالبة تقاطعه
فقال لها بلغة ريفية محببة إنتي ما تضيقي ..
فردت عليه أنا ضايقة عشان أعرف .. فقال لها
لكين إن ضقتي ما بتعرفي ..

نعم النقيب يحى الذبير هو الذي ذهبنا له
في سلاح الأسلحة طلباً في التعيين .. أما محمد
عوض الله فقد ذهب مستشفياً لمصر خلال هذا الأسبوع
والذي تحدثت عنه ليس محمد عوض الله لكنه أخوه
الأكبر عبدالرحمن عوض الله الذي سبقه في سلاح
الأسلحة ..

المنصور .. إنتا من الراحو مني لحين لكني
لقيتك .. عبر هذا المنبر الذي منحنا الكثير
من التزجية والمعرفة واللقاء بناس جميلين
.. وليه ما قلت لي أحكي عن أيامنا بالفتيحاب؟
ونواصل

محمد عبد الجليل تجربة حياة
والله ياامحمد هيكل مايلحقك .


كلام جميل ونناقشه فى دكان ود البصير خميس وجمعه انشاء الله .

المحرب .. هيكل من يومو لقاها مملحة
وشغلتو كلها بتلاثة أصابع بس .. أنا
بالعشرة وما لاحق ..

العمل في سوق الخضار ممتع .. لكين
كضبو كتير .. نتحرك بعربية عبدالعزيز
البوكسي عصراً وندور في المزارع ونشتري
ما تيسر من الخضار .. أحيانا نشترى
الخضار في نفس يوم زراعته في الأرض
وننتظره حتى يستوى على سوقه ويجهز
للسوق .. أحيانا نلقى فيه قروش كتيرة
وأحياناً يدق الدلجة ونتعوض الله فيما
خسرنا .. ونشتري كذلك الخضار الجاهز
للسوق .. وكان غالبه من داخل الجزيرة
إسلانج .. وصادفت بداية عملنا فترة
الفيضان فكنا نقطع بالمركب ومعنا
العمالة المجانية أنا معي أخي عوض
وعبدالعزيز معاهو إبنو بدرالدين
(يعمل طبيباً مميزاًالآن) .. نقوم
بقلع الخدار المشترى وتربيطه وتحميله
في المركب ونقطع به ونضعه في البوكسي
وننطلق للحلة فرحين مستبشرين .. في
الثالثة فجرا يأتي عبدالعزيز ويوقظني
فننطلق للسوق الشعبي أمدرمان وننزل
الخضار بأنفسنا ونبيعه في زمن وجيز
ونجلس عند ستات الشاي واللقيمات
ونكون قد إنجزنا مهمتنا التاريخية
قبل بزوغ الشمس .. ونتزود من السوق
بما (لذ ورخص وطاب) ونعود للقرية
لنأخذ قسطا من الراحة في إنتظار
العصر .. كانت أياماً جميلة رحم الله
عبدالعزيز الطاهر فقد كان رجلا جميلا
وحماسياً.. وكان بيننا عامل مشترك
هو كراهيتنا للحكومة .. منعنا سك
المعايش من إعطاء هذه الكراهية حقها
من الوقت والنضم .. ونواصل..

العمل في السوق يعرض الإنسان لتجارب
أكثر تعقيداً .. يختلف من رتابــــة
الوظيفة وبلادتها .. ينظر العاملون
في السوق للعاملين في القطأع العام
والخاص بأنهم ضيقي الأفق ويمكـــــن
خداعهم بسهولة رغم ما يبدو علــــى
حركتهم من ترتيب وعلى كلامهم النظري
من إدعاء وتقعر .. والسوق يشعــرك
بأنك تكسب بجهدك وتشغيل مخــــــك
بقلب خلي وسلوك تحكمه إختياراتك
ولا تضطر للتحور وفق مقتضيـــــات
أوتكيت المكاتب الرسمية الــــذي
يشعرك بالغربة عن نفسك أكثر ..
الموظفون يتهامسون وأولئك يصخبون
دون أدنى شعور بأنهم يخرقــــون
النظام ..
كنت في معهد الدراسات الإضافيــة
أدرس تصنيف ديوي العشري واليوني
فيرسل .. نظام بديع لتنظيـــــم
المواد القرائية والسمعبصريـــة
وفق أحدث المناهج المستخدمــــة
في غير مجتمعاتنا في ذلك الوقـت
.. لم تستهويني المسألة أبـــدا
كنت مهوماً مع أطروحات الجمهوريين
وحتميات الشيوعيين .. وكل يدعي
أنه قد عرف الطريق وتقوقع داخل
فلسفة نظرية تجتهد لتفسير عالم
شديد التغير وكلما قرب بعد ..
كل ما نعتقد بصحته صحيح حتى يثبت
بظلانه أو يتم تجاوزه وهكذا دائرة
الحياة (تتلولب) لتفتح نوافــذ
الإبداع للقادمين إلى ما شاء الله
ونواصل ..

قال لي إبن عمي الحسين يوسف .. هسع
إنتا أمحمد ودرت زمنك كلو تقرا هسع
الجايبك تشتغل في الخدار ده شنو؟..
كان الحسين خضرجياً ناجحاً في بداياته
وقد فتح محلات خضار في كثير من أحياء
أمدرمان وكون العديد من الصداقات
المدينية .. وكان بيته محل إقامة
المعلمين والمعلمات الذي يأتـــون
للعمل بالقرية .. وكان يحب الحياة
ويحب الناس ويسخر من الأميين رغــم
أنه لا يقرأ ولا يكتب .. فقد عركتـه
الحياة وجالس بعض وجوه المجتمـــع
العاصمي .. وخاض الكثير من التجارب
وأصبح لديه رأي في كل شيء .. وسخرية
من بساطة القرية وضيق إفق إهتماماتها
وسكناها خارج التاريخ (حسب رأيه)وكان يأتي
في مساء كل يوم ويمسك مجالس القرية على
حسابه ويحكى عن تجارب يومه فيضحك
البعض ويندهش البعض .. ويسخر غالب
بسطاء القرية من حسين الذي يرونه
يحاول أن يهوم في غير واقعه .. وهم
سعداء ببساطة حالهم هكذا كما خلقهم
الله .. ولا يرون من هو أحسن منهم ولا
أكثر منهم سعادة .. ولا داعي أن
يهتموا بما يقوله الحسين .. لأنه لن
يكون مثل من يحكي عنهم .. ولن يعود
هو إبن القرية البسيط .. أما هـــم
فيرون أنهم في أسعد حال .. خلقهم الله
مع بعضهم في هذا المكان ويسر لهــم
رزقهم فيه .. يتضافرون في الأفراح
والأتراح .. ويتعاونون لمقابلة كل
أحداث الحياة ويجهدون أجسادهم لسد
الكفاف ويحافظون على مشاعرهم
بلا خدوش ولا يدخلون أنفسهم في علاقة
لا تكفل لهم كامل الإحترام .. ونواصل

كانت أستاذة الرضية آدم التي تدرسنا
التصنيف Classification بمعهـــــد
الدراسات الإضافية حانقة علي فكثيرا
ما رأتني وهي في طريقها لإلقاء محاضرة
في حلقة الجمهوريين .. وفي أحد الأيام
قررت أن تنتقم مني ومن إهمالي للمحاضرات
فطلبت مني أن أنهض وأقف أمام الطلبــة
وأقوم بتصنيف كتاب إسمه روتس (الجذور)
فتوكلت على الحي الذي لا يموت وصنفته
تحت الـ Agriculture الزراعة .. فقالت:

إنتا ما قريت روتس
أجبتها: لا
ولم تسمع به
أجبت: لم أسمع به
فسخرت مني ما شاء لها الله .. وأنا
لازلت واقفاً بجانبها أمام الطلبـة
الذي يفرحون عندما يتورط واحد فيهم
فقالت لي بالله عاوزاك توريني إنتا بتقرأ
شنو خارج مقررات الدراسة؟
فقلت لها: والله أنا مما خليت المدرسة
ما بقرأ أي حاجة
قالت: ولا جريدة
قلت: ولا جريدة

فشب زميلي محمد حسن بدوي (المشالق)
وقال لها: العربي ده بقرا شعر عربي
قديم ..
فقالت: صنف هذا البيت:
وإنك كالليل الذي هو مدركي
وإن خلت أن المنتأى عنك واسع

ونواصل ..

يا زول الرضيه أستاذتى ومعها بروفسير عبدالرحمن النصرى وهى أشطر زول أنا أشوفه وهى عالمه فى مجالها ومثقفه موسوعيه ولغويه فريده وتحليليه بذكاء فريد لها ولك ولعبدالرحمن النصرى وأبوبكر السلام والدعاء.......................



منصور

المنصور - تحياتي،

قرأت تعليقك الجميل ده .. فأستخرجت رقم
الدكتورة الرضية ادم الذي حصلت عليه إبان
وجودي بالسودان قبل سبعة أشهر وكلمتهـا
قبل دقيقة واحدة لأول مرة منذ مغادرتــي
معهد الدراسات الإضافية .. (يا سلام لماتكلم
أستاذتك قبل 27 سنة وتتذكرك) .. أستعدت
معها الذكريات .. كلمتها بأني كتبــــت
عنها سخريتها مني (مكتوبة أعلاه) في ذلك
اليوم فتذكرت وضحكت كثيرا .. وقرأت عليها
مداخلتك
الجميلة دي فسعدت بها كثيرا وقد تذكرتك
بمجرد ذكر الإسم .. وطلبت أن أعطيك
رقمهالتتصل عليها .. سأرسله لك بالمسنجر ..
أنا الآن سعيد جداً بهذا الاتصال .. لا بد
أن أحكي بعض ذكريات المعهد .. وتلـــك
الزمرة الغريبة من الزملاء والزميـــلات
وسأتحدث عن الرحلة الدراسية إلى أديس
أبابا ودارالسلام التي منحنا إياهـــا
المعهد في ذلك الزمن الجميل .. ونواصل

رحم الله صديقي أحمد طه .. كان زميلي
في المعهد .. توفى قبل عدة سنــوات
عندما كان وزوجته في الصالة الداخلية
في مطار أبوظبي في طريقهما للسودان..
كان أحمد طه أمينا لمكتبة الرعايـــة
الاجتماعية بالخرطوم وكان شخصا شفافا
تقياً نقياً وقارئاً ذكيا يحب الأدب
والجمال .. ويطلق الطرفة فلا تغادر
ذاكرتك .. انتدب لدراسة علوم المكتبات
وفي أحد الأيام وبعد أن خرجنا من إختبار
صعب في المعهد دلفنا على برادة الماء
فكرعنا كوبين لكل .. وقفنا نتبادل الحديث
في الصالة وبعد دقائق قليلة خرجت إحدى
الزميلات من الإمتحان وشربت من البرادة
فصاح بها أحمد .. بالله أمليء معاك الكباية
فأستغربت وقلت له: إنتا هسع ما شربته!
فقال:
ما الماء من طلبي ولكن ربما مدت به فتنال من يدها يدي

أصبحناصديقين (أحمد وأنا) .. كنا
نتبادل المواد القرائية .. ونتفلسف
وعلى قلة معرفتنا ينتابنا شعور
بأننا نعرف ما لا يعرفه الآخرون ..
سبحان الله الذي جعل (كل زول عاجبو
الصارو) كنا نعتقد أن الكتيبات
التي نقرؤها هي نهاية التاريخ
والفلسفة .. كان يذهب معي إلى
قريتنا كثيراً وأرافقه إلى منزلهم
بأمبده .. لألتقي إخوانه الأصغر
محمد وعمر .. وكان عمر يحكي لنا
عن حياته بداخلية خورطقت الثانوية
وكيف أن الملاح كان يأتيهم فيهو
قطعة لحم واحدة فيتخاطفونها .. في
أحد الأيام كنا في منزلهم في يوم
كرامة وذبحنا خروفنا كبيراً ..
وجيء إلينا باللحم .. كنا نأكل
بشيهة إلا عمر لم يأكل من اللحم
شيء فقلت له: ما قلت في الداخلية
ما بجيبو ليكم لحم .. ما تأكل؟
فقال: لحم الحكومة حلو .. ونواصل

يا جنرال ..
أنــا امس بالليل قلت ليك .. موضوع الشيوعيين الاتكلمنا فيهو انا قاعد استمتع بيهو من ( ابوي ) ..
طبعا لما ادردقو ويبدا يحكي لي .. انا ببطل اي حاجة وبقعد احرسو ..
لانو طبعا المسالة بتكون ممهورة بي وثائق تاريخيه ... وورق لونو اصفر ـ وصور غريبة جدا فيها ناس لابسين بناطلين انيقة ، وقمصان بيضاء واحذية لامعة من الجلد الأنجليزي الفاخــر ما تنسى مسالة الحلاقة ..
المهم:
أنا بي صراحة موثقاتي جدا .. وحسع كلامك ( الخطير ) ده متابعو معاك بالحرف .. لكن الناس المتابعين معانا ديل ما عارفين إنو الكلام ده والحكي الانيق ده بيكون ليهو طعم خاص لما يتسمع منك ( كــاش ) .. اي العين تشوف والاذن تسمع.
بالمناسبة:
انا بثق دائما في شاهد العيان .. يعني الشاف بالعين ما زي الكلموهووجابو ليهو الخبر..

تامبا - تحياتي .. ليس كل ما يعرف يقال ..
خاصة فيما يتعلق بوجع الوطن .. والوجع الذاتي
والاحداث التي نقرأ فيها كل موجب وسالب حاضرنا
وسالبه كثير كما تعلم .. والواحد مرات كتيـرة
يفكر أنو أحسن ما يقول ..

أحداث 19 - 22 يوليو 1971م .. ليست هي الرصاص
الذي سمع في أجزاء متفرقة من العاصمة لثلاثــة
أيام .. وليست هي عشرات القتلى من الشــــباب
من كل الأطراف .. إنها تحكي عن أكثر من ذلـــك
إنها تضرب في هشاشة ديمقراطياتنا الرثة..التي
قامت على إرث إجتماعي لا يطيق الديمقراطيــــة
فكثرت خروقاتها وهي بعد زغبة الحواصل .. فلكي
نستوعب مآسي الحاضر ينبغي أن نتوقف عنـــــد
الماضي .. ليس في عناوينه التي أحسنت صياغاتها
بل في تفاصيلة التي أزهقت مشاعر الكثيرين

ليتك سجلت ما سمعته من والدك .. فليس من رأى
- كما ذكرت -كمن سمع عندما أقرأ بعض المذكرات
عن تلك الأيام التي أتيحت لي مشاهدتها بأم
عيني .. أضحك وأعرف أن أحداث التاريخ كثيرا
ما تسجل من وجهة نظر كاتبيه .. وليس كمـــا
حدثت في الواقع ونواصل ..

هسي يا محمد الواحد يعمل معاك شنو ؟
في صباحي المتعب هذا قرأت وتمعنت وغصت بين الحروف ..
فوجدت كلام جميل وسرد رائع لوقائع سيحفظها التاريخ مكتوبة بخط يدك ..
أمسك في كلام سلمى الشيخ دا قوي وما تجهل عمل زي دا ..


متابعين ..

الحبيب محمد عبد الجليل


الموضوع ظاهر عليهو ما ساهل

وعايز متابعة

قلت أثبت مداخلة


وراجع ليك بعد القراية


بمهلة






مع مودتي 000

الأخ - عثمان سيد أحمد - تحياتي،

مرورك يشرف .. هذه لمحات من حياة
زول بسيط كتبت كيفما أتفق .. أحاول
من خلالها أن أستعيد بعض الأعزاء الذين
راحوا مني في سكك الحياة المتعرجة
وبقوا نقشاً عزيزا على الذاكرة ..

Quote: أمسك في كلام سلمى الشيخ دا قوي وما تجهل عمل زي دا ..

المعتصم .. تحياتي .. الكلام ده ما من
مذكرات .. من راسي للكي بورد مباشرة
البجي بكتبو .. إلا ما راعيت فيــــه
بعض الاعتبارات لأنو أنا ما تروتسكي ..
أنا زول (مهمش جد) ففي دروس ثورة أكتوبر
الروسية قال ليون تروتسكي:

"لن أسكت لأسباب شخصية عن ذكر بعض الحوادث
التي قد تحرج بعض الرفاق القادة .. لأن
في المسائل الكبيرة ينبغي عدم السكـات
لاسباب شخصية في مسائل تهم الثورة العالمية"

وكشف أن بعض القادة البلاشفة كانوا ضد
قيام الثورة في أكتوبر 1917 .. وعند نجاحها
تهافتوا على المناصب ..

تروتسكي قتل بواسطة مخابرات جوزيف ستالين
في 1939م ..

وكلمات الكاتبة الرصينة سلمى الشيخ أسعدتني
ولكنها حملتني هماً .. فأنا زول عاوز أفضفض
بعض الشيء .. وانا (المعذب الشقي الذي
نصيبه من الحياة كوخ طين) ..

Quote: وانا (المعذب الشقي الذي نصيبه من الحياة كوخ طين) ..

ونصيبنا منك جمال الرواية وسعادتنا بترتيب النثر لتزدان الحكاية ..

مودتي

العزيز - حيمورة - إبن البوردابية ووالد أصغر البوردابيات
تحياتي لك ..

أتاح لنا معهد الدراسات الإضافية رحلة
دراسية (لأديس ابابا ودار السلام) ..
كنا 9 طلبه و8 طالبات ودكتور/ خليل
ود. الرضية آدم .. وكان الوقت ضيقاً
للتجهيز للسفر .. واكتشفت أن كل الزملاء
والزميلات جاهزين إلاي .. فبدأت أدور
كالموتور واستخرجت وثيقة سفر إضطرارية
وعند وصولنا لمطار أديس .. سمح لكل
الزملاء والزميلات بالخروج وبقيت أنا
محبوساً داخل المطار .. متوتر ومبسوط
متوتر لأن الزملاء قد غادروا المطار
لقلب أديس على أيام منقستو هيلاماريام
وصور ماركس ولينين ومنقستو تغطــــي
جدران صالات المطار .. ومبسوط لأن
المطر كان ينهمر والجو جميل والمطار
يعج بالجميلات .. وبعد أربعة أو خمسة
ساعات حضر شخص من السفارة وفك أسري
ولحقت بالركب في راس هوتيل .. ووجدت
أن الزملاء مازالوا حبيسي الدهشة
كانت دكتورة الرضية مهمومة بالبرنامج
العلمي للرحلة حتى تعود للخرطوم وتقدم
تقريرها بما تم إنجازه معرفيا مــــن
الرحلة .. وكنت مهموما بكل شيء إلا
الجانب العلمي من الرحلة .. أصلو أهم
شيء في دراسة المكتبات هو الكلاسيفكشن
وانا مملحق فيهو وراجيني إمتحان الملحق
بعد العودة من الرحلة ..ونواصل ..

كانت أيامنا في دار السلام .. أجمل
من أيام أديس أبابا .. فتنزانيــا
أقل توتراً .. ورحلتنا قد شارفـــت
نهاياتها .. ومـازال
في الميزانية فائض فتم ترتيب زيارة
للـ National Park والتي يتوسطها
فندق بني بحيث يمنع دخول الحيوانات
المفترسة والمتواجدة في أنحاء البارك
التي تسير فيها السيارة لساعــات
وسط الغزلان والنمور والأسود والفهود
والقرود والزراف .. كيف حملت سفينة
سيدنانوح كل هذه المخلوقات العجيبة ..
سبحان الله .. عندما كنا في السيارة
وجدنا أسداً رابضا في نص الظلط
فوقفنا لعشر دقائق قبل أن ينهض
ويتمطى ويذهب متثاقلاً .. أحتفـــى
أهل الفندق بهؤلاء السياح الفقراء
وشاهدنا فيلما وثائقياً عن الحياة
في الغابة .. الطبيعة البكر ..
والجو رائقً ينسيك قلعة شنقـــل
وحر الخرتوم .. وتحدث المتفلسفة
وسط مجموعتنا عن جوليوس نايريري
والإشتراكية الأفريقة وتم إبلاغنا
بأن برنامجنا في اليوم التالــي
سيكون محاضرة في مكتبة جامعـــة
دار السلام .. فلابد من حزن يقيم
بعد كل فرح عابر ونواصل ..

تنزانيا مثل السودان .. يوجد بها تنوع
غريب .. أهل البلد ..هنود .. باكستانيين
.. عرب (غالبهم يمن ولبنانيين) .. كنت
أسير في الشارع وحيدا .. أرتدي جلابية
وعمة لففتها على رأسي بإهمال .. عندما
سمعت أصوات إنفجارات تنطلق من فندق
كبير وهرول الناس وهرولت أكثر فأنا غريب
وأحلامي كبيرة لم يتحقق منها شيء .. وكنت
وقتها أؤمل أن يكون المستقبل زاهرا..
أستوقفني عسكري تنزاني (يمني الأصل) .. وقال لي
إنتا سوداني؟ بلغة العرب العاربة .. قلت:
أيوه نعم .. فقال لي: في حريق كبير في
الفندق ولحدي الان ما معروف السبب وإنتا
غريب ولبسك غريب وجاري .. كده بتخليهم
يتهموك .. وسار معي حتى أصبحت على مرمى
هرولة بسيطة للفندق الذي أقيم فيه ..
لم أك أحكي مغامراتي إلا لعبد القيوم
زميلي ويسكن معي في الغرفة .. وهو مثلي
لديه أجندته الخاصة التي تتجاوز الجانب
العلمي للرحلة .. قبل عدة أشهر إبان
تواجدي بالسودان أتصلت على عبدالقيوم
وعرفت أنه قد واصل في مجال المكتبات وحصل
على شهادة الدكتوراة .. وأصبح أستاذا
بالجامعة .. شرحت له موضوع الحريق الذي
كاد أن يورطني لولا ذاك اليمني التنزاني
الذي أنقذني من عقوبةعلى الهوية كانت
ستكلفني كثيرا دون ذنب جنيته غير لبس
الجلابية والعمة ..

كنا ننزل مساء كل يوم لصالة الاحتفالات
بالفندق ونشاهدالرقص على أنغام الموسيقى
الأفريقية الصاخبة .. وتحدث بعض الزملاء مع إدارة
الفندق بأننا نريد أن نسمع رواد الفندق
الفن السوداني فوافقوا وأفتكرنا أننا
سنريهم الفن الصاح .. وجهزنا عدد مــن
الأشرطة للعملاق عثمان حسين .. وبدأ الحفل
ذلك المساء على أنغام أغاني عثمان حسين
ولم أعرف أنو سلمنا مختلف ومشاتر وغنانا
لا يطرب غيرنا إلا ذلك المساء .. قامت بعض
التنزانيات يرقصن (رقبة) بلبسهن الافريقي
أو الأفرنجي وهن يحاولن جاهدات أن يقلدن
زميلاتنا بجهد كبير دون جدوى .. وكنا نصفق
ونضحك بتكلف .. ونحن ندارى حرج إفساد ليل
القوم .. وانقضى الليل بمجاملة كبيرة
وفرح قليل ونواصل ..

عدت من الرحلة إلى أثيوبيا وتنزانيا
بذكريات حميمة وفخر وإدعاء بأننـــي
رأيت (بلاد بره) ..
واصلت فترتي التدريبية بمكتبة كليـة
الطب بجامعة الخرطوم تحت إشـــــراف
الاستاذ / بابكر بكار .. وبعـد
فترة قضيتها مذاكرة شديد في البريتش
كاونصل تحت إشراف زميلي محمد حسن بدوي
ود الهاشمات وهو أشطر دفعتنا في
الكلاسيفكيشن .. كان يذاكر معي وإحدى
الزميلات مملحقة برضو .. وفي أحد الأيام
وبينما هو يشرح لنا خطوات تصنيف ديوي
العشري قفل الكتاب ونظر إلي بعينيه
الخبيثتين الذكيتين وبإبتسامة محملة
بالمعاني .. وقال لي:
إنتا يا عربي ما تسيبك من الكلاسيفكشن
والكلام الفارغ ده .. وتعرس البت دي؟

دهشت .. والبت أكثر .. وأنقضى ذلــك
اليوم بتوتر ضيع قدر الفهمناهو منو
ونواصل ..

محمد سلام
دكتوره الرضيه سألتنى إنت محمد دا من ناس الشيخ الكباشى قلت ليها ليه قالت أكان بقرأ الكف وإيدو لاحقه يا خوى إنت جارك ود دربين أداك الطريق والله شنو......................



منصور

المنصور - تحياتي لك

قال بقرأ الكف .. ياخي أنا
لو بقرا الكف والله الساق .. كان
الدنيا لفت بي كده ..انا ياخي ما
بقرا أي حاجة .. بس كان عاجبني
كلام الجمهوريين ..

محمد الجليل
ما زلت انتظر ما ستجود على به
الان اشتغل على رواية لصديقة جميلة كتبتها عن ارتيريا واعيد تحريرها
ولو ما مرتاح للفكرة (خلاث)
لكن (مصرة ) اننا نشتغل الشغل دا باقصى درجة من الاتقان
دا تاريخ يا جميل
وما مكتوب يعنى لافى وزارة تربية ولا ثقافة
برانا بنحرر بكانا
وهذا هو عنوانى الاليكترونى
[email protected]
وحاكون اسعد زول ولى شرف ان اكون فى معيتك لنخرج هذا التاريخ لابنائنا ناصعا وهيابا

سلمى

والله لو عارفك بتقولي كده كان كتبت
بطريقة تسهل عليك لملمة الحاجات
وتسلسلها .. وانا كلما أكتب حاجة
أتذكر حاجات أكثر أهمية .. وأقول
سيبك خلاس .. بعدين انا مش ما مرتاح
للفكرة .. العكس سعيد بيها جدا
لكين شفت كلامي ده شيء عادي يشبه
حياة كل الناس العاديين .. وقلت
سلمى دي دايرة تكبر لي راسي ساكت
لكين طالما ذلك كذلك أنا معاك فل
وسندير المسالة بالإيميل ..


واتمنى أنو سك المعايش يديني
طريقه أكتب عن كثيرين حاجات
تستحق .. وأذكر قبل سنتين كان
أبوي يحكي لبناتي امنة وسناء
عن أنو زمان قبل مولدي كان عيان
ومشى معاهو أخوه الكبير ورقد
في مستشفى أمدرمان .. ولم تتحسن
حالته وفي أحد الايام جاهو الدكتور
وقال ليهو خلاس تمشي وتجي بعد
خمستاشر يوم .. وأبوي قال أنا
لاحظت أنو الدكتور جاهو واحد
بعرفو كان عاوز يرقدو لكين
سراير مافي .. فقال للدكتور
طيب أنتا لو أنا طلعتا بتتحمل
مسؤوليتي .. فقال له الدكتور
طيب تعال معاي المكتب ..
ومشى مع الدكتور وعندما رجع
وجد الزول رقد في محلو ..

هذه القصة خلقت حالة من الإثارة
وسط بناتي .. وعن الكلام عن أن
التدقيس للناس العاديين قديم
وأصبح كلما جاء أبوي يطالبنه
بالمزيد من هذا القصص ..

العزيز
محمد عبد الجليل

كحال هؤلاء النفر الكرام
اتابع هذا الحدث
البديع






واصل إمتاعنا
لنواصل الإستماع لجميل قولك

موده وإحترام

عبدالله داش .. الشاعر والبوردابي الجديد المدهش
مرحب بي مرورك .. الحكاية يا أخوي عندي ناس
سمحين كتار رايحين مني عاوز افتش ليهم .. وسلمى
طورت الموضوع وقالت ده مشروع رواية..

مرحبا بك عضوا جديداً ببورداب الرياض

سرد رائع

محمد عبد الجليل,


أتابعك منذ أيام وباهتمام بالغ,

في الجزيرة اسلانج لي معارف وأصدقاء تربط أسرتي بهم علائق باذخـة وقد كنت أجلس في إجازتي السابقة مع العمدة الشاب كمال عبد المحمود,

فرصة رائعة لمزيد من المعرفة


أحمـد

الأستاذ - أحمد الشايقي - تحياتي،

أنا من النوبة .. والنوبة أقرب القرى
لإسلانج وتربطهما أواصر كثيرة .. كــان
أهل إسلانج بالجزيرة قبل أن يخرجـــوا
بالغرب بسبب الفيضانات .. والنوبــة
وإسلانج الآن يفصل بينهما خور صغير
إسمو خور أبودلاله ..

العمدة/ كمال عبدالمحمود محمد الأمين
أحمد ناصر من إسلانج وهو خالي إبن خال
والدتي وهو يصغرني قليلاً .. وفي
زياراتك القادمة سنتشرف بلقائك عند كمال أو
عندي .. وهذه بداية لعلاقة جديدة وكلام
جديد وتفاصيل جديدة .. شكرا لمرورك

العزيز محمد عبدالجليل، حكي من القلب، للكي بورد، لي قلوبنا..

صدق الحروف هو ما يمنح الكتابة والسرد سر البهاء والمتعة.. لم أستطع التوقف عن القراءة، ولم أهتم لا بالداخل ولا المارق.. ومنتظرينك عن باب الفُـرن، واصل ياصديق.

الأخ الأستاذ / عدلان أحمد عبدالعزيز - تحياتي

وينك يا راجل .. إنتا ذاتك رايح مني .. في
دروب الحياة .. كنا نمني النفس بوطن ما يتكلنا
على غيرو .. كنا مفتكرين أننا حنبنيهو البنحلم
بيهو يوماتي .. وطن شامخ وطن عاتي .. وطن خير
ديمقراطي .. مش وطن تحت الوصاية .. وتقسيم
السلطة والثروة على مالكي أدوات السيطرة ..
والنيل ذاتو محتار قاعد يعاين ساكت .. ولسان حاله
يقول ياربي أنا قصرت فيهن عاوزين يقسموني أنا
برضو؟! ..

الجلوس على طاولة ..
والإمساك بالقلم للكتابة صعب يا محمد ..
لكنك فعلتها ..
وأخرجت لنا رواية ومسرح وتفاصيل جميلة ..
لذلك أكتب وواصل في الحكي فنحن نتعشم بمطبوعة لهذا الكلام ..

المعتصم .. الصعب ليس الإمساك بالقلم
والكتابة .. أصعب كتابة تفاصيل
حياة المهمشين ومشاهداتهم ..
فكثيرا ما نمر بتجارب ومشاهدات
وأحداث وأحزان تستعصي على السرد ..
تستعصي حتى على الإستدعاء والتأمل
في تفاصيلها .. واحد من أعز أصدقائي
أسير الآن في إحدى بؤر الحرب في
السودان .. أتصلت بزوجته قبل شهر
أسأل إن كان من جديد، وجاءني صوتها
تشوبه حشرجة الحزن الشديد وصوت أبنها
بقربها يصيح:
ماما .. ده بابا .. عاوز أكلمو ..
وأسكت عن كثير .. وكم في (السكوت
فواجع ومآسي) ..

بينما كنت أتلقى التدريب العملي بمكتبة كلية
الطب كانت بعثات العساكر لأبوظبي كتيرة ..
وعرضت علي فرصة للسفر .. فرفضتها رفض من لا
يخشى الفقر .. كنت أنشر الثقافة التي صاغها
محجوب شريف شعراً:

بخاف الطريق
اللي ما يودي ليك
وأعاف الصديق اللي ما بهم بيك

لم أك وقتها متيقنا بنسبية صلابة المواقف ..
ففي أحد أركان الجمهوريين كان أحمد المصطفى
دالي يعرض كتاب (إسرائيل هي الكرباج الذي
سيقود العرب الى الإسلام) .. فقال له المرحوم
محمد طه محمد أحمد: الإسلام ده ذاتو لـــــو
دخوله بالكرباج ما كان دخلناهو .. فقال
دالي: ده لو إنتا أقوى من الكرباج .. أما
لو الكرباج أقوى منك بسوقك ..

ونواصل ..

متابع وبقرا بى تركيز ارجو طبع البوست عثمان ولدنا راجل لايعرف للانترنت طريق قال عاوز يقرا فيه




فى ناس لسه بياكلو الكسره وبحلو بى الفول ياامحمد

الأخ - خالد المحرب .. تحياتي،
كنا شغالين في الزراعة مع والدي .. والنهار
حار .. ومعنا بعض العمال الزراعيين .. وجاء
موعد الفطور وتنادى المزارعين الواقعين تحت
مرمى الصوت .. وحمل كل بستلته وكانت عشرات
البستلات (مواعين حمل طعام المزارعين) ومحتوياتها
كالتالي .. كسره من فوق ليها ملح وشطه ..
كسره بى روب .. كسرة بايتة بأم رقيقة ..
كسر محشوش فوقه بصل .. كسرة بملاح روب وكان
هنالك بسله واحدة فيها فول ..

قلع كل منا بصله أو بصلتين وقطع كم قرن شطة
خضراء وجينا لشجرة الفطور .. ووضعوا البستلات
وجلسنا في شكل دائرة تتوسطها البستلات .. أخذ
واحد من العمال الزراعيين الفول وأبعده بعيدا
عن الدائرة .. وقال .. اخير الفول ده نختو
غادي .. عشان الفول ده نحنا بنحليبو ..

يا لجمال هذا السرد الجميل
وجوانب من السيرة والحياة والتجربة رائعة يا محمد
واتفق مع سلمى الشيخ سلامة
هذه كتابة هامة جمالياً ومعرفياً
والعمل عليها كرواية سيسمح لك أكثر
بمعالجة الكثير من التفاصيل
والاحداث التي ربما اهملتها هنا
او ان طبيعة المنبر لم تسمح لك بمعالجتها ..
امسك في يد سلمى قوي وامشي معاها في دربها..

أما عن واحد من الذين راحوا منك:

Quote: في صبيحة اليوم التالي تم جمعنا في طابور وجاء المساعد (الصول) عمر أبنعوف وكان يتحدث معنا عن الحاصل في البلد وأبلغنا بأن اللواء الشلالي سيخاطبنا بعد قليل وفعلا ظهر اللواء الشلالي وعندما رأي عمر أبنعوف يكلمنا أشار إليه بيده خلاص وريهم الحاصل ورجع .. فشعر المساعد الشجاع عمر إبنعوف بأنه هو الكل في الكل وأخذ راحتو في الكلام معانا .. وقال: شوفو يا جماعة جات حكومة جديد وبعد ساعة والله ساعتين بجي هاشم العطا هنا .. وأي كلام يقولو ليكم صفقوا بس .. والبعرس أمنا كلو أبونا .. ومن ثم صرفنا في إنتظار حضـــور هاشم العطا ..

عمر ابنعوف( الصول )
في ام درمان / ام بدة الحارة 11، في نهاية الثمانينات او بداية التسعينات
قام باحضار شتول الاشجار وزرع شارعاً كاملاً بعرض الحارة يميناً وشمالاً، أمام كل المنازل
ويومياً من الصباح الباكر جداً
يحمل خرطوش الماء بنفسه من بيته
ويسقي كل الاشجار من البيوت

حتى صار هذا الشارع اشبه بغابة جميلة
واصبح اسمه شارع عمر الصول
ولو سألت من أي بؤرة في أم بدة شمال وين شارع عمر الصول سيجيبك الكبار والصغار

وايضا من الناشطين جدا في انشطة المجتمع المدني
وفي مجال المطالبة بكافة الخدمات للحارة وترقيتها
وله مساهمات في التعليم
واسس مدرسة اهلية في الحارة 11 ام بدة التي يسكنها..
وظل رافضاً ومقاوماً وعنيداً ضد الانظمة العسكرية
واعتقلته الانقاذ وحبسته في بداياتها مرات ومرات...


جميل وبديع جدا ما تكتبه يا محمد.. وعلى موعد اللقاء هذا المساء.

Quote: عمر ابنعوف( الصول ) في ام درمان / ام بدة الحارة 11، في نهاية الثمانينات او بداية التسعينات قام باحضار شتول الاشجار وزرع شارعاً كاملاً بعرض الحارة يميناً وشمالاً، أمام كل المنازل ويومياً من الصباح الباكر جداً يحمل خرطوش الماء بنفسه من بيته ويسقي كل الاشجار من البيوت حتى صار هذا الشارع اشبه بغابة جميلة واصبح اسمه شارع عمر الصول ولو سألت من أي بؤرة في أم بدة شمال وين شارع عمر الصول سيجيبك الكبار والصغار وايضا من الناشطين جدا في انشطة المجتمع المدني وفي مجال المطالبة بكافة الخدمات للحارة وترقيتها وله مساهمات في التعليم واسس مدرسة اهلية في الحارة 11 ام بدة التي يسكنها.. وظل رافضاً ومقاوماً وعنيداً ضد الانظمة العسكرية واعتقلته الانقاذ وحبسته في بداياتها مرات ومرات...

الأخ الشاعر - نصار الحاج - تحياتي .. طالما اتفقت
مع سلمى حول ما أوردت في هذا البوست فهذا مدعاة
لمزيد من حماستي لفكرة توثيق أحداث تجاربي الملولوة
صعودا وهبوطا.. وقد بدأ التواصل بيني وسلمى حول
هذا الشأن ..

أما الصول عمر أبنعوف ..فعنه أشكرك على ما أوردت
حول سيرته التي لم أشهدها .. كان آخر لقاء لي معه
قبل سنوات طويلة وبعد أن ترك الجيش .. واشترى
قلاب كان يستخدمه في النقل داخل سوق أمدرمان
بمساعدة إبنه (أقل من 18 سنة) .. وفي أحد الأيام
وبينما كنت أسير في الحي الواقع غرب شارع الشنقيطي
بسوق أمدرمان رأيت عمر وولده وقد خلعا ملابسهما
وأمسك كل منهما بقضيب حديد ليواجهوا عشرات
النساء والرجال في شكلة أظنها بسبب أنهما نقلا
عفشاً ولم يعطوهم حقهم .. فأعلنا الحرب ..
وعمر ضئيل الجسم وقد أنهكته تصاريف الحياة .. سلمت
عليهو بالحضن وقلت له في اضانو ياعمي عمر عرفتني
انا محمد عبدالجليل كنت عسكري في السلاح الطبي معاكن ..
قال لي .. أيوه أيوه عرفتك .. قلت ليهو هسع إنتو مقلعين
دايرين تضاربوا حلة كاملة وفي موضوع بسيط .. ياخي
كان ما خايف على رقبتك عاين لولدك ده ..
لبسا ملابسهما وركبت معهما ولم ينبس أي من أفراد
الجيش المتحرش بهما ببنت شفه .. وودعتهما .. وكان
هذا آخر لقاء ..

من الشخصيات التي أضطر للتوقف عندها
في كل محطات حياتي .. عمي حامد ..
الذي عملت أجيرا لديه بما قسم الله لمدة
ستة أشهر بعد تركي المدرسة .. يعرف
عنه أنه أكثر مزارعي القرية صبرا
وكدحا وحظا ضنيناً .. لا يتبرم أبدا
حكى لي قبل سبعة أشهر عندما كنت معه
في الزراعة وسألته كيف آلام الضهر ..
ضحك وقال لي قبل فترة رميت حجرا على
خلية النحل ديك واشار للخلية في الشجرة
التي كنا نجلس على عنقريب في ظلها
فهاج النحل وهاجمني والجماعة قاموا
جاريين من النحل وضربني حتى سقطت
على الآرض وبديت (اتدردق با##########)
وبقيت ما واعي بنفسي ومن يومها ما
شعرت بأي ألم في المفاصل ولا الضهر
ولله الحمد .. ونواصل ..

بعد المصالحة في 1977م زادت نسبيا مساحات
التعبير في السودان وظهرت الانشطة الثقافية
وفي 1979م زار نزار قباني السودان .. وأقام
ليلة شعرية في قاعة الصداقة .. خليت الجاي
والجاي وجيت من بدري قعدت في الصف الأول
وزول سعلني والله قال لي ما تعقدهنا مافي ..
طبعاً دي أول مرة أقعد في الصف الأول ..
فالصف الاول في منتدياتنا محجوز دائما ليه
كده مش عارف .. المهم .. كنت على بعد
أمتار قليلة من نزار قباني هذا الشاعر
الضخم الذي إستخدم مطرقة الكلمة :
(حامل حبها ثلاثين قرنا فوق ظهري وما هناك معين)

وأمتلأت القاعة وخارج القاعة وجاء نزار
وصفق الناس طويلا قبل أن يبدأ .. وكان وجهه
متهللا ولسان حاله يقول: دولة الشعر والثقافة
ستنتصر .. كانت تجلس بجانبي بت سمحة ..
حيا نزار الحضور وقال معظم المنابر التي
وقفت فيها القي الشعر في الوطن العربي
منابر ليست حرة .. أما منبركم هذا فهو
ربع حر .. وقرأ نزار وتفاعل الحضور وتفاعلت
البت التي كانت تجلس بجانبي .. وقرأ نزار
قصيدة من تلك المختلف حولها .. يراها البعض
تخدش التراث .. أنتهت دون أن يصفق أحد
إستدرك نزار وقال .. أيها الأعزاء لا تحزنوا فأنا
طفل في الخميس من عمري وقد غفر الله كل
ذنوب شعري .. وصفق الناس من جديد وتواصل
ذلك المساء الذي لا أزال أذكره كذكراي لوجه
تلك البنت التي كانت تجلس بجانبي وتتفاعل
بظهور أثر القصيد على وجهها السمح الله يعافيها
محل ما تقبل .. ونواصل

بعد شهور من إنقلاب هاشم العطا واظن
في بدايات العام 72 أجريت إنتخابات رئاسة
الجمهورية والمرشح واحد هو الرئيس جعفر
نميري .. وأجريت الانتخابات لمنطقـة
أمدرمان العسكرية بالقرب من مقابر حمد
النيل حيث دفن قتلى بيت الضيافة .. وكان
حشدا كبيرا ولا زالت عكة الإنقلاب وتداعياتها
تصيح في الأفق .. حضرت مع زملائي
للتصويت .. في مناخ غير ديمقراطي ..
صندوقين بس في كل خيمة وحولهما
عدد من الضباط .. واحد صندوق (لا)
والتاني صندوق (نعم) .. تدخل وتعطى
الورقة وتبلغ بأن هذين الصندوقين لو
عاوز تقول نعم هنا ولو عاوز تقول لا هناك

وقد سرت إشاعة بأنو هنالك أرقام سرية
في البطاقات تكشف إسم المصوت .. وكان
هنالك زميل جنوبي إسمو دينق .. عرف
عنه أنه يعبر عن حاجاتو بصوت عالي
وبلا وجل .. فقال وهو متجه نحو الخيمة

يا أخوانا وين صندوك بتاع لا .. فقال
له أحد الضباط وكان يعرفه .. إنتا
شيوعي يا دينق .. فرد :

والله أنا شيوعي شيوعي أظرط من عبدالخالق
ونواصل ..

أكملت المرحلة الوسطى بالأهلية أمدرمان
تلك المدرسة الأنيقة .. التي
تزدان بشجر النيم وبإذاعتها المدرسية
ومقابلتها لبيت الزعيم الأزهري .. وكشك
عمي خليفة الذي يبيع فيهو العصير والحلوى
والدندرمة .. وعم فرج الله بطبقه الذي يحوى
العنب والتفاح والفواكه النادرة التي
لا يقربها إلا من يعطي أكثر من حق الفول
الضروري وهم الغالبية .. ولكن من نعم الله
على العباد لم نكن نشعر بأننا في حاجة
إليها .. ما أن غادرت المدرسة
حتى بدأت البحث المضني عن أي
وظيفة أسترزق منها وارتاح شوية من حر
(أم ضبعة) وهي إسم المنطقة التي يزرع
فيها والدي وإخوانه .. اشتغلت فــــي
مستشفى كان تحت الإنشاء.. فيهو غفير
إسمو (عمي إبراهيم) الكل يناديهو عمي
إبراهيم حتى أصبحت عمي جزء من إسمو
وبها أيضا عدد من عمال اليومية كنت
واحد منهـم وفي أحد أيام مارس 1970
وعند حضورنا لموقع العمل قبل طلوع الشمس
سمعنا دوياً قويا في منطقة ود نوباوي
صاحت إحدى النساء .. الله ضربوا القبة
(تقصد قبة الإمام المهدي) علما بأن
موقع الضرب كان في جامع ودنوباوي ..
تكهرب الجو .. لبس عمي إبراهيم جلابيته
وعمتو التي كان يحرص أن ينزل جزءاً
منها على الجانب الأيمن من صدره كحال
أنصار ذلك الزمان وامتشق سيفه الذي
كنا نراه كل يوم معلقا في غرفته (غرفة
الغفير) وخرج مقطبا .. التففنا
حوله نحن جوقة شفع وقلنا ليهو ماشي
وين يا عمي ابراهيم؟ قال ماشي محل
الضرب ده .. قلنا: لكين يا عمي إبراهيم
الناس ديل بكتلوك؟! قال: الزول اصلو
بموت بموت لكين أخير الزول يلاقي ربو
بالنجيضة. وذهب عمي إبراهيم وعرفنا
بعد ذلك أنه قد قتل بعد ساعة واحد
من مغادرته لنا .. وبعد عدة أشهر
تم إفتتاح المستشفى وجاءت بنته الكبيرة
وعرفنا أن لديها 8 أخوات أصغر بلا عائل
وعاوزة يشوفو ليها طريقة تشتغل فراشة
في المستشفى ونواصل ..

المصالحة الوطنية 1977م جاءت بكل القوى
التي أدمت مايو أنوفها لسوح العمل بالداخل
فقد كانت تجربة شعبان الشهيرة 1973 وكان الإنقلاب
الذي قاده المقدم حسن حسين عثمان 1975
وكان ما سمي بالغزو الأجنبي 1976 .. والذي نفذته
قوات الجبهة الوطنية التي تلقت تدريبها
في أثيوبيا أولا ثم ليبيا أخيرا وباء بالفشل
ودخلت بعض عناصر الجبهة الوطنية في مايـــو
وبدأ الصراع بين القادمين الجدد وعناصر مايو

دعى طلاب الجامعة الإسلامية في العام 1977
كل من الفريق عبود والسيد/ الصادق المهدي
لندوة بدار إتحاد طلاب الجامعة:
قال مقدم الندوة أن الفريق عبود إعتذر
قائلا: يا أولادي أنا ما بجيكم وما عايز
أقول أي كلام .. انتظر لقاء ربي على هذا
السرير .. وجاء السيد الصادق وتحدث كثيرا
عن الظروف التي أدت لقبول المصالحة .. وأوضح
رفض الشريف حسين الهندي لها .. وتداخل أحد
الطلاب (من حزب الأمة) وقال للسيد الصادق:
هسع إنتو ليكم سنين ورجعتو سويتو شنو والأتغير
شنو؟ فرد عليه السيد الصادق غاضبا: نحنا طعلنا
والقدرنا عليهو سويناهو والغلبنا خليناهو .. إنتا
سويت شنو؟ وضحك الناس .. ونواصل

والله ياعمى امحمد البت سلمى دى خلت تتقهقر الى الخلف كتير جدا لكن اسمع كلام سلمى وهات من الاخر
لان الموضوع مهم والسرد جميل والبت سلمى عندها راى سلمى دى بت ليها ضل لاتهتم الى التواريخ ولاتبخل
بها .. انا عبرك برسل ليها التحيه والسلام .

الأخ - خالد - تحياتي لك، والله كلام سلمى
يخلي الزول يقول ما أدخره لغير ذكريات
البوست .. ويجعله يقول ما كان يؤجل الخوض
فيه لامن يحين وكتو .. والسبب لأنو كل شـي
في وقته وفي مكانه جميل كما يقول
الشاعر الفيتوري .. وانتا قايلني قلتا
العارف كلو؟ طبعا ممكن الواحد يموت
قبل ما يقول حاجاتو .. دي حتكون حاجة
ما كويسة .. لكين وكت بديت أكتب ما كنت
أقدر كما ترى سلمى أن ما أٌقوله يرقى
لأن يكون مشروع رواية ذات قيمة على أي
مستوى .. فلا حب في زمان كوليرتنا ..
فكوليرتنا توجهها حضاري .. ومن الحضاري
ما قضى على الأخضر واليابس ..

فبالله عليك يا خالد المحرب ما تسخن راسي
وتخليني أنضم ساكت ..ونواصل ..

كل شيء سار متعرجا في بلدنا
(بلد التاريخ ما دمنا حزانى)
حتى صاح الديك ..
فحتى شعارات الجماهير كانت متوترة
وإقصائية:
لا زعامة للقدامى ..
لا شيوعية في الجمعية
لا شرقية ولا غربية جمهورية اسلامية
عائد عائد نميري
حاسم حاسم يا ابوالقاسم
سير .. سير يا بشير
المهم نرجع لموضوعنا:
في 1979 وفي ندوة صاخبة في كلية القانون
في جامعة الخرطوم .. تحدث كل من:
الصادق عبدالله عبدالماجد
فاطمة أحمد أبراهيم
ومتحدث ثالث من الوطن الإتحاد نسيت إسمو
قالت: فاطمة .. مايو دي إصلها ما فيها
خير ولا فائدة .. وكان فيها فائدة فهي
انها علمتنا ما نخاف) ..
وتحدث صادق عبدالله معلقاً على أن السودان
أصبح (جمهورية السودان الديمقراطية) وقد
أصدر الرئيس نميري كتابه (النهج الإسلامي لماذا؟)
وقال صادق:
أيها الإخوة نحن بلد ديمقراطي وإشتراكي أيها
الإخوة .. وإتحادنا إشتراكي .. ونهجنا إسلامي..
لماذا؟!!!!!
ونواصل

د. جون قرنق .. ليس أول من طرح فكرة
السودان الجديد وإن جاء بها مفصلة
فعندما كنا في المدرسة الأولية وبعد ثورة
أكتوبر 64 طلب منا ناظر المدرسة الأستاذ محمد
عمر الركاب أن نحفظ قصيدة
خالي محمد نايل أذكر منها:

هلل الشعب وكبر
إن عهد الظلم ولى
وضياء الصبح أسفر
وبدت إشراقة العهد الجديد

حينما أستيقظت والعالم أصغى لندائي
حينما حررت أرضي بدمائي

وندائي رددته الكائنات
ومشت أصداؤه بالفلوات

وبصوت دونه قصف الرعود
سأنادي
يا أخي من منبع النيل تعال
من حدود الشرق من عالي الجبال
من سهول الغرب من أقصى الشمال

وأبسطوا أيديكموا للإتحاد
وتعالوا نبتني صرح البلاد

ونشيد اليوم سوداناً جديد

الشيء الذي يستحق الوقوف أن
خالي محمد لم يدرس دراسة نظامية
إلا لثلاث سنوات فقط.. ونواصل..

نهل محمد نايل الكثير من المعارف وأصبح يمتلك معرفة تجذب نحوه
طلاب الثقافة والحوار الجرئ الذكي في كل القضايا السياسية
والدينية والمجتمعية .. فيجدون عنده المعرفة حد الدهشة..
وجرأة الفكر حد الإبهار .. كان يحب الحياة بطريقته الخاصة
وفهمه الخاص .. خشن الملبس والمسكن والمأكل .. يعمل في الزراعة
ويقرأ ويحلل بكل القوى الموجودة فيه .. كان من حوله يقول
عنه أنه شيوعي .. ودعم زعمهم إعتقاله لأكثر من عام بعد
حركة يوليو 1971م كما سبق أن ترشح في إنتخابات 1965م ضمن قائمة الحزب
الشيوعي .. أما عدا هذين الحدثين فقد كان إشتراكي
بفهمه الخاص وطريقته الخاصة .. فطبيعته لا تسمح بتأطيره في نظام الحزب ..
فقد كان يبني تقديراته للناس والأِشياء وفق رؤاه الذاتية في كل وقت
بإعتداد بالنفس شديد وبشكل أقرب للثقة منه للغرور .. الأمر الذي
ساهم في صياغة الكثير من الشباب من حوله .

ظل يكتب ويحاور وينتقد ويعمل .. حتى آخر ساعة من
حياته .. وقبل يوم من وفاته قبل عدة سنوات وقد كان على سرير المرض
جاءه أخي عوض عبدالجليل وقال له يا خال رزقت بنت وسميتها إنتصار
فرد عليه: لكين يا ولدي تسميها إنتصار في زمن الهزيمة ونواصل..

واصل وفى رجاك
مستمتعة جدا بهذا السرد
الله يخدر ضراعك
تسلم يا بارع

الأستاذ محمد عبد الجليل
في حضرتك يحلو الكلام ويطيب الحكي
أمتعنا بمواصلة سردك الجميل الذي يبدد السآمة ويزيل الملل
كلنا أذن صاغية بس زدنا من هذا الشهد المصفى

الأخ العزيز إسحق بله .. الله يطيب خاطرك ياخي ..

كان محمد نايل إنسانا بسيطا
ومفتريا على المغرورين ..
وكان يكتب شعرا بسيطا ومتقدما
محاولا أن يعيد به صياغة الحاجات
في مجتمعو لتستقيم : وقد كتب

عامل مثقف حضرتك
ماشي ومصلح قدلتك
تائه غرور في بدلتك

ناسي التعابه العلموك
البي هوانم كرموك
علمك عرق راجينك إنتا تجففو
علمك تعب راجينك إنتا تخففو
وإت يا الظريف من وظفوك
أصبحت ما بتاكل الورق عند ناس أبوك
بس يا عظيم تاكل الرغيف

علمك بنات في أسرتك
يلقطن لوبيا الجرف
ويقيلن بفرد حرف
صيفن شتاهن ليك خريف

وأصبحت زي ود الملوك
ما بنهروك في دقهن

حيلك تعال شوف انتا وين؟
وين يا ظريف ؟!
..................
.................
.................

تائه غرور في بدلتك
ماشي ومصلح قدلتك

العزيزة .. سلمى .. يا ريت لو
الزيك قعد في السودان يسجل تاريخ
الناس العاديين البدخلوامن (باب
الحياة لباب المنون) تسكنهم كل
المشاعر التي كرم الله بها البشر
دون أن يذكرهم التاريخ أو تحفظ
صورهم الجميلة أجهزة الاعلام او
حتى تعبر أسماؤهم في سجلاتها التي
أصبحت لزوم تسجيل الانجازات
والانتصارات الخواء.. أبقي عافية
وأبقى معانا حيثما كنت.. ولنشكر
العقول التي أبدعت أن نتواصــل
وسأواصل ..

محمد عبدالجليل لك التحية ،،،،،،
واصل الحكى و الإمتاع نحن متابعين
الكلام السمح ده و الذى من خلال
شرحه مضمونه عظيم و معناهـ كبير .



ولك ودى ،،،،،،،،،،،،

الأخ - عبدالمنعم عمر - تحياتي،
تعرف مرات الواحد بحس بأنو مفروض
يقص الدرب من أولو جديد .. على
المستويين العام والخاص .. فلا ندع
التفاصيل تتساقط من ثقوب الذاكرة
وكمان نستعيد تجارب أهلنا البسطاء
من النساء والرجال .. النساء اللائي
كن يبعن الجداد والروب والطعمية
والكسرة والشاي والسعف والبروش
والحلاوة ويرعن الغنم ويلقطن القطن
والبامية والشطة والاسود والطماطم
كل ذلك بمثابرة صارمة عشان يختن
القرش فوق القرش ويربن الاجيال
ويساهمن في صناعة التاريخ وهن
فرحات مطمئنات .. لا تروعهن قومة
الفجر ولا حر الدوكة .. يا بؤس
التاريخ الذي لا يكتب إلا القادة
بجلودهم الخرش ما فيها .. ونواصل

صديقي عبدالمنعم عبدالرحمن - طبيب
بيطري كان يعمل في جبال النوبه ..
حكي لي أن الرئيس نميري زار المنطقة
وقد تأخر المطر في ذلك الموسم وزاد
سعر العيش .. وخاطب النميري الجماهير
في ميدان عام .. أثناء الخطاب جاء
راعي يركب على جمل ..
الراعي يسمع منتبها لكلام الرئيس
وصديقي عبدالمنعم ينظر منتبها
لتعابير وجه الراعي التي لوحها
تأخر الخريف .. لاحظ الراعي أن الرئيس
يتحدث عن أشياء هو لا يعرف عنها شيء
ولم يتطرق للعيش .. فصاح بأعلى صوته:

يا سيدي الرئيس العيش

رفع الرئيس رأسه لمصدر الصوت وواصل
حديثه بلا إكترات .. فصاح الراعي
مكررا عبارة : ياسيدي الرئيس العيش
مرة ثانية وثالثة وأصبح صوته يؤثـر
على تركيز الرئيس .. فقال له الرئيس
بغضب:
يا عربي العيش ال يشقك؟
فرد العربي: العيش ال يشقك إنتا ده

ومحط جمله وغادر المكان .. ونواصل

الناس الراحو مني ديل فيهن ناس
كتيرين ماتوا .. واحدين ماتوا موت
الله .. وبعضهن ماتوا في حروب السودان
الكتيرة دي .. كلهم ناس بسيطين ..
لكنهم لم يموتوا في خندق واحد
ماتوا في خنادق متقابله .. ما اسهل
أن تقوم الحروب في السودان .. فبعد
الحروب يدفن الناس موتاهم ويحاولون
النهوض .. لكنهم لن ينهضوا كما قبل
أن يموت موتاهم .. خاصة أولئك الذين
يموتون في الحروب الخاسرة .. الحروب
التي ما كان ينبغي أن تشتعل ..
لكننا بين ضيق الأفق ووسع طمع البعض
كدنا نفقد الوطن الجميل .. ونواصل

كنا نجلس في كشاشة دكان خالي محمد
في فضاء ديمقراطي في كل الازمنة ..
كل من يرتاد ذلك المنتدى ينبغـــي
أن يقبل الرأي الآخر والاختيار الآخر

نأتي بجميع تجاربنا وقراءاتنــــا
وأفكارنا التي تشكلت حتى لحظتها..
ونسقطها على بساط المنتدين .. كنا
نشعر بأننا كلمة مهمة في سفر التاريخ
الإنساني .. لم نكن نحس مطلقاً بأي
شكل من أشكال الاحباط ولا الهزيمـة
ولا حتى نقص المعلومات .. الشعور
بالإمتلاء ميزة إنسانية .. كــــل
زول في بعض مراحل حياتو أو كــل
مراحلها يشعر بأنو منه (يبدأ وينتهي
التكوين) .. ففي الحياة متســـع
للجميع على مستوى الخيال علـــى
الأقل ..) .. ونواصل ..

لعب ذلك المنتدى دوراً مهماً في تثقيف
العديد من الشباب الذين ما كان سيتأتي
لهم الحصول على كتاب ..

كان منتدى مفتوحاً .. يوفر الكتاب
والحوار الذكي .. فتح أذهان رواده
على العالم .. إنضم إليه العديد من
العمال الزراعيين يأتون بأسمالهم
ودهشتهم .. وبعد قليل من حلقات
الاستماع يصبحون مساهمين رئيسيين
في إثراء الحوار .. ونواصل

في السبعينيات ترشحت الدكتورة فاطمة عبدالمحمود
في دائرتنا (ريفي شمال أمدرمان) .. ضد عدد من
المرشحين من ضمنهم أخو مسلم إسمو د. زكريا
بشير إمام .. كانت لجنة الانتخابات في القرية من
أتباع الجبهة الاسلامية أو من تبعهم .. كان يفترض
أن يتقبل الجميع إختيار اللجنة حفاظا على وحدة القرية
خاصة أن جميع سكانها أقرباء دم.. بدأت اللجنة في
مقابلة المرشحين والتحدث إليهم حديث أهل القرى
للمرشحين . لو صوتنا ليك بتجيب لينا شنو لو فزت؟ ..
ويقوم المرشح بإطلاق الوعود الكاذبة ويصدقه
الناس .. ويفوز ويخلف وعوده التي لا يملك لها
باباً للتنفيذ ولكنها مجرد إستغلال للناس ..
كانت فاطمة عبدالمحمود أقلهم حظاً .. فقد تم
إبلاغها بأنها لن تجد صوتاً واحداً في القرية
وحاز المرشح الإخواني على قبول اللجنة ليس لما
سيأتينا به فيما لوفاز .. ولكن لأنو سينفذ (برنامج حزب
أعضاء اللجنة) خرج أعضاء اللجنة من غرفة الاجتماعات
بالنادي وصعد أحدهم على المسرح وقال : بعد أن قابلت
اللجنة المرشحين فقد قررت أن يكون مرشح القرية
هو الدكتور: زكريا بشير إمام .. الله أكبر .. الله
أكبر .. وصاح يوسف عمر (أحد الشباب الذين
لم يعجبهم الموقف) الويل لكم الويل لكم .. واعترت
القرية حالة من التوتر .. ونواصل ..

أيام الإنتخابات (أي إنتخابات) تجتاح القرى
حالة من الحيوية السلبية إن صح التعبير
ينشط الجميع ويبدأون حواراً سياساً فجاً ..
دخلنا نفق التناقض بين فاطمة عبدالمحمود
التي تمثل النظام (المكروه) والكيزان الذين
أعطتهم القرية حق الاختيار وفق ما يحقق
مصالحها فأختاروا مرشحهم الحزبي دون
مراعاة لمصلحة القرية ..
اجتمعت مع شلة من أبناء
القرية واتفقنا ألا نلتزم بمرشح اللجنة .. بل
نعارضه ونعمل قدر المستطاع على ألا
ينال أصوت من القرية ..
واستقر الرأي على فاطمة بإعتبارها ليس
المرشح الأفضل ولكنها المرشحة التي
أبلغتها اللجنة أن لا أحد هنا سيصوت لها
ومن ثم بدأت حملة اللجنة تحت شعار (لا
بارك الله في قوم ولو أمرهم إمرأة) وبدأت
التعبئة والاستقطاب والتأثير من جانب
مجموعتنا التي كانت سعيدة بغضب اللجنة
وحزينة بسبب تأييد مرشح محسوب على النظام
المكروه وأصاب علاقات الأهل الكثير من التوتر
وكان الحال مشابهاً في غالب القرى المجاورة شد
وجذب وتوتر في العلاقات ..
فازت فاطمة في الإنتخابات بعد أن
حصلت في قريتنا على أكبر نسبة أصوات
أمنت لها الفوز .. وتم استقبالها في القرية
في حفل ضخم ضم كل من صوتوا لها في
القرى المجاورة وسط هتافات مدوية
(الدكتورة تلعب دوره) .. واستقبلت بـ
( جاء الحق .. ) .. وغاب عن
حضور ذلك اللقاء أعضاء اللجنة
التي أبلغتها بأن القرية ستكون ضدها ..
وتحدثت فاطمة بلغة المنتصر بأنها تود أن
تقابل أولئك الشباب الذين أبلغوها بأنها
لن تجد صوتاً في القرية وتم الاعتذار لها
عن دعوتهم باعتبار أن الدعوة للاحتفال دعوة
عامة ومن لم يحضر فهذا خياره ..
فازت فاطمة ودخلت مجلس الشعب .. وصدقت
مقولة أحد ناس البلد من سكان العاصمة قابلته
في العاصمة وقلت ليهو (فوزنا فاطنة لأنو
الكيزان ما عاوزنها .. ووعدتنا بكذا وكذا)
فرد عليّ: إنتو ناس مساكين .. والله ما تجيب
ليكم أي حاجة .. زهجت منو وقلتا الزول ده
بنضم ساكت .. لكين طلع كلامو صاح فقد أطلقت
لنا الكثير من الوعود البراقة وصدقناها ولكن
مافيش فايدة .. وبقينا على بؤس حالنا بعد
أن توترت علاقاتنا الاجتماعية أكثر
كحال أهل القرى الذين ينخدعون بالسراب ..
الجابرية تحي الثورة
الجابرية تحي الشعب
ونواصل ..

كان عمنا الهادي ود الطيب مرافق للدكتورة في
حملتها الإنتخابية ويوزع تعليقاته الساخــرة
التي عرف بها هنا وهناك .. وفي أحد الأيـــام
كان يدور معها بين العرب الرحل وهم يعرفونـه
ويحبونه كثيرا .. وقال له أحدهم من باب
الفكاهة:

يا الهادي نحنا بنصوت لبتكم دي .. وأكان فازت
دايرنها تسوي لينا جامع ..

قال له عمي الهادي: والله تسوي ليكم جامع بعجلاتو
محل ما رحلتو تسوقو معاكن
ونواصل ..

في وقت مبكر قرأت حكمة في كتاب تقول:
( لا يستطيع حاكم كائنا من كان أن يذل
شعباً بأسره ما لم يك معظم أفراد هـذا
الشعب أعوانا له في إذلاله لهم) ..
جاءت مايو بصوت مجلجل وحكمة قصيرة
تريد أن تعيد صياغة البلد من جديد
وقتها كانت إدارة ريف الخرطوم الشمالي
تحت إدارة الناظر سرور رملي .. وكان
ود مجدد ناظر القريات .. وكان رجالات
الادارة الاهلية يديرون تجمعاتهم بثقة ونفس
هاديء إستنادا على إرث طويل من الخبرة
الأسرية والقبلية والمعرفة بمن يديرون
شؤونهم عن كثب .. عقد النميري إجتماعا
لرجالات الإدارة الأهلية .. ولم يكن ود
مجدد يعتبر أن هنالك حاكماً فوق ود سرور،
تحدث النميري بلغته العسكرية القوية
معلنا إنتهاء سلطة الإدارة الاهلية من
نظار وعمد وشيوخ وإبدالها بمنظمات
مايو (المنظمات الجماهيرية) القاعدية
كان ود مجدد مندهشاً لما يسمع ويرى
فصاح بأعلى صوته:

يا شيخ سرور والله الليله عرفنالك رئيس!!
فصاح الرئيس نميري: يازول بطل الكلام
الفاضي ..
وبالطبع لم يكترث ود مجدد .. فهو يحمل
وجدان غير قابل للتدجين .. وصاح أخرى:
يا شيخ سرور والله الليله عرفنالك رئيس!!
ونواصل ..

حتى ذلك الوقت كان المال العام شديد
الحرمة .. والمتسلق مزموم في
أي ثوب جاء .. وامتلاء الريــــــف
بمبتدعي التعاونيات الجديدة للتجارة
في السكر وغيره من المواد التـــــي
أصبح أسمها المواد التموينية .. وكان
نايل (إبن خالي) مولعاً بتصوير الحياة
البكر .. كان يأخذ مسجلا صغير ويطوف
فرقان العرب الرحل ويعقد معهم جلسات
الونسة حول كل شيء ..

في أحد الأيام وجد نايل شيخاً عجوزاً يقيم
في بيت شعر وجلس معه يحتسيان الشاي
المر أمام بيت الشعر وعلى مقربة منه
شيدت مباني جديدة فخمة .. سأله نايل
عن أمر هذه البيوت الغريبة على المنطقة
فقال الرجل: ها زووول ديل بيوت أولاد
فلان .. أصلهم شغالين
(ما شاء الله) في التعاون
نايل: وبسفو والله شنو؟
الرجل: سف جد
ونواصل ..

أصبح أمر الناس في يد الوحدات
الأساسية والمجالس الشعبية ..
ولم يكن ذلك صدفة بل عملا منظما سيطر
فيه المنتمين للحركة الاسلامية ..
وفي ريفنا الشمالي حدثت المسألة
بكثير من العفوية .. فلم يكن
غيرهم ينظر لهذه المجالس بأنها
شأن يستحق أن يتنافس حوله الناس
وتدريجياً أصبحت هذه الوحدات
والمجالس تسيطر على مفاصل حياة
الناس في كل ما له علاقة بالحكومة..
وتطورت حلقة الإحكام بعد دخولهم
لمراكز السلطة بعد المصالحة وتولى
د. الترابي لمنصب النائب العام ..
سيطر الاخوان على مراكز مهمة في الدولة
وتعالت وتائر زيادة عضويتهم في
كل مرفق .. رغم إعلان النميري
أن الداخلين معه دخلوا كأفراد
وليسوا تنظيمات وإطلاقه تصريحا
في التلفزيون .. أتحدى أي واحد
يقول أنا إسلامي؟! لم يرد عليه
أحد ولكنهم صمتوا صمت من تسير
خطاه صوب إستراتيجياته لإحكــام
القبضة بلا مهددات .. ونواصل ..

كان أحد أهل قريتنا (النوبة) يرقد في مستشفى
أمدرمان العنبر المقابل لحوش
المولد وقبة الإمام المهدي وكان غالب رجال
ونساء القرية يجلسون تحت أشجار النيم المقابلة
للعنبر كحال أهل قرى السودان في تلك الأيام إذا
رقد منه عضو بالمستشفى أقام سائر الناس بالمتسشفى
حتى يخرج منها مريضهم .
احتدم النقاش حو الانتخابات التي كانت تجرى في تلك
الأيام .. إنتخابات (التوالي قبل أن يسمى توالي
ولكنها إنتخابات كان يخوضها كل من إرتضى الإتحاد
الإشتراكي مرجعا سياسياً وحيداً باللسان أو باللسان
والقلب معاً .
كان ذلك في الوقت الذي أنقسم فيه مجتمعنا الريفي
إلى كيزان وغير كيزان .. حيث ظهر الكيزان كمجموعة
منغلقة تلتقي في أحد البيوت على الشاي والبرتكان
وتجنيد الطلاب من فقراء الريف .. في وقت أكتفت
فيه بقية الأحزاب بمجرد الإستغراب والسخرية من هذا
التنظيم الأخطبوطي الناشيء .. وقد صدق السيد محمد
أحمد محجوب عندما كان رئيسا للوزارة حين قال مخاطباً الترابي
الذي كان عضوا بالجمعية التأسيسة ومعه أربعة أعضاء
من الأخوان المسلمين قال المحجوب: (إن كنت أعجب من
شيء لعجبت من هذا الشاب الملتحي الذي يريد أن يسقط
وزارتي بأربعة أعضاء!!)

قال أحد رجال القرية( وهو أب لعدد كبير من الأولاد
والبنات) في جمعنا تحت نيمة المستشفى
والله يا جماعة زول الكيزان بفوز في الإنتخابات
لأنهم قاعدين يرشوا الناس ..
فصاح أحد الشباب الكيزان: يا زول هوي ما تكضب رشوا
منو؟
فرد الرجل: رشوني أنا ده ..
فرد عليه الشاب: لا .. إنتا القروش الجاتك دي جبتها
ليك أنا وكلمتك قلت ليك دي زكاة عاوزين نساعدك بيها
لانك زول محمول ..
إنكسر خاطر الرجل وبدأ ضعيفا أمام الجمع .. (الفقر
ليس عاراً لكنه أسوأ من العار) .. صمت الجميع .. لم
يستطع أي منهم أن يدفع عن خاطر الرجل المكسور ..
لأول مرة أرى هذا الرجل يهزم أمام الناس .. كــــان
رجلا سمحاً وواثقا من نفسه .. وقد مات قبل 15 سنـــة
بأحد الأمراض التي يسببها القهر .. ربما كانت تلــك
الكلمات الجارحة بداية نهاية الرجل!!

محمد السلام والرحمه أراك ذكرت عمك الهادى ولم تذكر عبدالرحمن ودالهادى الغلب الوادى ولا الجقر ولا جباره ولا الناريه ولا الحواتى ولا الفكهى أبوالقاسم عبدالسلام................................



وليالى نائل الملونه بموسيقاه



منصور

ديل ما راحو مني .. لكين برضو بجي
ليهن في الكلام .. قبل شهوية كنت
بقرأ في المنبر لقيت بوست عن عبدالمنعم
الجزولي (بتعرفوا طبعا) هو واحد من
الناس الراحو مني .. عرفتو مع مامون الرشيد
هو وحسن الجزولي .. أيام محمد حسين
في أواسط السبعينيات وكان الشعر
السمح وتبحت المشاكل .. لقيتو يتكلم
عن الرتب العسكرية وتداخلت معاهو
بالآتي:

عبدالمنعم .. كيف حالك ياخي .. وكت أتفرقنا
أيدي (بلقيس) ما تكتب طوالي في المنبر ده عشان نلاقيك ..

رحم الله عمي عوض الجزولي .. فقد عملت عسكري (نفر) وكان
قائدي الأعلى - يرحمه الله - وكان زهجان مني من اليوم
الكان فيهو ظابط نبطشي والرئيس نميري كان راقد في
رئاسة السلاح الطبي وكنت أنا خفر في البوابة الرئيسية
وجاء الريس طالع بعربيتو حوالي الخامسة والنصف صباحاً
(كان يسوق بنفسو) وأشرت عليه بالخروج دون أن استطلع
الشارع بقدر كاف وجاء بص منطلق من جهة سلاح المهندسين
وكاد أن يصطدم بسيارة الرئيس ويدخلني
التاريخ من أضيق أبوابو وسمع عمي عوض كركرة الفرامل
وجاء قال لي .. عاوز تكتل الرئيس؟ وكان النميري قد توقف
في هذه اللحظة ونزل القزاز وأدار رأسه وسمع
كلام عم عوض الجزولي.. وقال ليهو سيبو .. سيبو ومشى

يالله يا عبدالمنعم أكتب لينا شعر وكلام ثقافة سمح وخلي
لي تفنيط الرتب ده بميزو ليك أنا .. والسلام من هنا لعندك

تعرف يا منصور الأيام ديك مامون وعبدالمنعم ديل أعتقلوهم
ومشيت مدرسة محمد حسين أشوف الحاصل شنو .. لقيت الطلبة
معتقلين الناظر وبعض المدرسين ومشغلين مكرفون الاذاعة
المدرسية ويقولوا : (كيف تذهب يا أبانا الروحي لمنزلك
وابنائك في السجن؟!) وحقيقة الحكاية كلها على بعضها
عجبتني .. وكان الدخول ممنوع .. وجاءت عربة شرطة ونزل
منها ضابط بدبورتين وحاول الدخول وكان الباب مغلقا
وخلفو طالب صغير ونحيف وقال له الضابط: عاوز أدخل ..
فرد الطالب: والله أنا ممكن أفتح ليك الباب وتدخل لكين
لو حصلت أي حاجة تتحمل مسؤوليتك؟ ضحك الضابط ورجع
وركب العربية وفاتو ورجعت البيت وكلمت خالتي ليلى
قلت ليها والله ناس مامون لهسع معتقلين لكين بنفكو لانو
معاهن رجال .. وحكيت ليها الموضوع وانشرح صدرها يرحمها
الله.. وبعد يومين أطلق سراح الطلبة .. ونواصل ..

كان عمي عبدالسلام عمر - يرحمه الله -
متصوفا يمشي على قلبه متأملا في الناس
والأشياء مندهشاً من تفاصيل صغيرة لا
يتوقف عندها غالب الناس .. في أحد الايام
بينما كان حاقبا عصاتو على كتفو في
طريقه للزراعة شرق القرية استوقفته
سيارة فخمة وجديدة وسأله قائدها:
يا حاج وين دار المؤمنات في الحلة
دي؟

صعق عبدالسلام بالسؤال وقال:

دار المؤمنات!! الحلة دي فيها دار مؤمنات؟!!!

دي بعدين .. هناك .. في الآخرة .. وذهب في
طريقه.. ونواصل ..

عجيب أمر السلطة .. حتى في أدنى مستوياتها
ما أن يتسنمها أحدهم .. حتى لو كان ريفيا
بسيطاً .. حتى لو كانت سلطة في قاع الهرم
السلطوي حتى يصبح هذا الشخص بؤرة إهتمام
كثير من الناس يتحلقون حوله يتزلفون له
يوسعون له في المجالس .. يصيخون إليـــه
السمع .. رغم أن الجميع يتفقون نظريا حول
صحة: (ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان) ونواصل

الاخ/ محمد عبدالجليل

سلام

اليوم تلقيت اتصال هاتفي من زول رايح لي ليهو واحد وعشرين سنة .. وهو أخ لأحد اعضاء اللجنة المركزية للحزب الشيوعي .. كانت لنا صولات وجولات في إفشال ندوات الاخوان المسلمين .. بالفكر وليس الهرجلة ..

ولي عودة

الحبيب الذي يكتُب من قلب الذاكرة :
الكاتب : محمد عبد الجليل

لن أخدش هذا النهر السلسبيل بمُداخلة تقف كتضاريس الحجارة .
ألف سلام عليكَ من مُبتدأ اللغة السهلة والمعاني العميقة التي تتناثر دُرراً
بفعل بنانَك المُتقد وحفركَ بالأظافر في زمان تاريخي محشو بكثرة الأحداث.

Quote: ألف سلام عليكَ من مُبتدأ اللغة السهلة والمعاني العميقة التي تتناثر دُرراً بفعل بنانَك المُتقد وحفركَ بالأظافر في زمان تاريخي محشو بكثرة الأحداث.

أخي عبدالله الشقليني - تحياتي لك،

فعلا كان زمانا محشوا بكثرة الأحداث
كنا مستغرقين فيها لم نستطيع أن
نساهم في تعديل الدفة فكثرت ثقوب
مركبنا .. خان بصيرتنا الجمعية
(الإنتباه) .. و:

إذا رضيت بحفر قبرك كنت كالحفار قبري

لا بد من إستعادة تفاصيل ما حدث
لا بد من تسجيل كلمة .. بفلسفة
عالية .. أو بالبلدي كما أفعل
في هذا البوست بإعتباري شخصا
تلقى غالب معارفه من مدرسة الشارع..
ونواصل ..

العزيز - إدريس ودالناظر - تحياتي،

جيدا جيت .. أنا ذاتي كايس ليك .. عشان
نمسك الدرب من أولو .. أصلو مآسي حاضرنا
تسكن في تفريط الماضي ..

بالله ورينا صاحبك ده البقى عليهو شنو؟

كان النيل يأخذ كل سنة واحد من أولاد
القرية .. رغم صرامة الآباء وحق أي
زول كبير في الحلة أن يجلد من يجدهم
يعوموا في البحر أيام الفيضان ..
كل من غرقوا كانوا من أذكياء القرية
بالاضافة لإجادتهم للسباحة .. لكن
الشيم والبردة والمحلات التي كان
يقال أنها مسكونة .. غرق محمد المبارك
وغرق نصرالدين وغرق العوض .. لم يكن
أي من أفراد القرية يغادر البحر
حتى يجدو الجثة .. بعض الناس لا يخرج
من الماء .. كان الحزن على أي ولد
يغرق حزنا كبيراً ولكنه يقسم على قرية
كاملة لا يحزن فيها فرد حتى يتداعى
له الجميع .. بالصدفة بس لم أك من
الغارقين .. فكثيرا ما تعرضت لغرق
وفهمت أن لحظات الغرق القصيرة يمر
بها شريط حياتك الماضي كلو .. مثل
الحلم الذي يمكن أن يمتد لسنوات خلال
لحظات النوم .. بالصدفة بس لم أمت
في البحر .. مثلما بالصدفة بس حصلت
على قليل من التعليم النظامي ..
وسبيل لكسب العيش بعد أن خبرت في
مرحلة مبكرة من عمري كل دروب مصانع
بحري وأمدرمان ورائحة تلك المصانع الكريهة
التي لم توفر لي فرصة حتى هداني
أحد أهلي للعمل كطلبة تحت إشراف محجوب
الذي تحدثت عند في بوست سابق
كان غالب أبناء القرية يتوقفون من التعليم مبكراً
ويلوذون بالوظائف الدنيا سلباق .. كمساري
ليرقى سائق في مقبل أيامه .. عسكري ..
فأسر المزارعين تحتاج جهد الأولاد
في الزراعة أو في رعي الغنم .. أو
سواقة الساقية .. ليس الأولاد فحسب حتى
البنات اللائي كن نادرا ما يلتحقن
بالمدرسة فهن ناجحات في لقيط الشطة
والبامية والأسود والعدسي .. ليس
فقراء الريف هم الذين شكلتهم الصدفة
بل بالنظر لتاريخ السودان القريب
بأحداثه ومكايدات ساسته .. يشعر
الانسان بأنو مثل فقراء الريف .. صمد
لحد هسع بالصدفة.. ونواصل ..

أنقسمت قرانا لاعضاء الحركة الإسلامية من
جهة وبقية المجتمع بأحزابه من جهة أخرى.. كان
أعضاء الحركةالاسلامية الأقلية المنظمة .. البقية
لم ينتظموا إلا كحالة رد فعل .. كانت الاحزاب
في منطقتنا مترهلة .. لا أجتماعات منتظمة
لا خطط واستراتيجيات يمكن أن تقود عمل
ذا بال .. وظهرت المساجد الحديثة
البناء كمراكز ثقافية تحت سيطرة
أعضاء الحركة الإٍسلامية وبعض العناصر التي يسهل
توجيهها وقيادتها .. فوفرت لأعضاء الحركة الإسلامية
قاعدة إنطلاق وتجنيد قوية .. بدأ دور الإندية
الثقافية الاجتماعية الرياضية في التراجع بعد أن
كان أهم مراكز التأثير في مجتمعات القرى ..

ظهر في كل قرية عدد قليل من الأفراد المتوجسين
مما يحدث .. قامت بعض محاولات إعاقة حركة مجموعات
الحركة الإسلامية ولكنها كانت تحركات قصيرة النفس
استخدم أعضاء الحركة الإسلامية منابر المساجد ككوابح
لهذه التحركات وبدأت تظهر أفكار مثل ديل الاخوان
المسلمين طيب ونحناما مسلمين يعني؟ وجاءت المصالحة
في 77 كإحدى ركائز التمكين للحركة الإسلامية ..

كان نشاط أعضاء الحركة الإسلامية في قرى ريفنا الشمالي
هو الاكثر تنظيماً وحضوراً ودعماً من قيادات التنظيم
في العاصمة، فقد كانوا يحضرون ويلقون المحاضرات
التي يدغدغون بها مشاعر العامة بكلام عن الدولة
الدينية المرتقبة والتي ستقيم العدل بين الناس ..

أصبحت الحواجز التي تعوق أعضاء الحركة الإسلامية
تتراجع بإستمرار .. وأصبحوا على قلة عددهم أقوى
حضورا .. ونواصل ..

أبو التومات

سلام

في بدايات الثمانينات بدا نشاط الاخوان المسلمين (وذلك مسماهم حينها) المنظم في مدينة الدويم .. وكان علي رأسه طالب يدرس الطب بجامعة الخرطوم (توفي في عام 85م) وخلفه قريب له تخرج حديثا من كلية الطب (الان مسئول متنفذ في الحكومة).
لاحظت ان معظم المنضمين لهم من النساء وأغلبهن طالبات في المرحلة المتوسطة والثانوية .. المنضمات لهم لايصافحن غير المحارم بحجة الحجاب والتدين.
في احدي ندواتهم لاحظت انهم يتصافون فيما بينهم بطريقة اكثر من عادية .. سألت قريبة لي قائلا لها (ما قلتي ما بتصافحي غير المحارم) .. فادهشني ردها الجاهز (ديل أخواني في الله) .. قلت لها(الخوة البعرفا انا هي رابطة دم وما بتطلع من تلاتة أخ شقيق وأخ لأم وأخ لأب ) .. وهنا تدخل رئيسهم قائلا (والخوة في الله).. فأيقنت بأن هناك انهيار أخلاقي قادم لامحالة.....

ولي عودة

إدريس - تحياتي .. يالله خلي الحكاية
تتمدد جغرافيا عشان نشوف الدنيا كويس ..
ونشوف الحصل في الصعيد عندكم زي الحصل
في سافلنا والله مختلف .. عندما يقام حفل
عرس ويتجمع الناس ويفرحوا ينبرى الخطباء
ويتحدثوا عن ضرورة وقف المظاهر الغريبة
على المجتمع .. يتحدثوا من علٍ بلغة نحنا
أهل الدين والفضيلة والاخلاق وباقي الناس
هم (المغضوب عليهم) فيضيق المجتمع وتضيق
القلوب وتعتريها حشرجة تنقلب لكراهية..
لأنو نحنا (مما خلقنا وشفنا
خلقنا) كانوا الناس بغنوا وبرقصوا في
الطهور وفي العرس .. وزمان كانوا بنضربوا
سوط والدم يسيل والبنات يزغردن .. وكانوا
متراحمين ومتحانين ولا فوارق بينهم ..
يتقاسموا كل شيء الاكل والهدوم والفرح
والحزن .. والجميع يحمي الجميع .. فماذا
حدث؟!!! ونواصل ..

الدنيا أتغيرت بسرعة في ريفنا من
البساطة والتلقائية والانسجام .. تلوثت
البيئة الاجتماعية بخبث السياسة ..
والقرصنة الفكرية التي داهمت بساطة
الناس بدأ الشد والجذب حول تفاصيل
حياة الناس التي ألفوها منذ أن خلقهم
الله .. بدأ الانتقاد يوجه لكل ممارساتهم
الطبيعية ودينهم المتسامح وحتى حول الليالي
التي كان يقيمها رجال الطرق الصوفية
بنوباتهم وحلقات ذكرهم التي كانت تشبع
جميع الأرواح نقراً ورقصا .. وبدأ كثير
من الناس ينفضون من حولها .. اتهمت بأنها
حلقات يجري فيها الخضوع لغير الله وأنها
تبيح الاختلاط في مجتمع
نشأ باختلاط طبيعي ومعافى .. مجتمع
كانت المرأة فيه تشارك الرجل في غالب
أنشطة الحياة والرزق من الزراعة للرعي
لورود الماء .. وبدأ بعض الناس يستسلمون
لأفكار شباب الحركة الإسلامية رغبة أو
رهبة .. بدأ الحصار يطال كل حركة
ثقافية أو اجتماعية خارج الأطر التي
أحكمت صياغتها .. وبدأ الخروج على
تلك الأطر والمعايير يتطلب قدرا عالياً
من الجسارة، وكما أوردت آنفا فكل
أعضاء الأحزاب والتنظيمات الأخرى
كانوا يتصرفون بردود الأفعال الفردية
فقط ..وبوعيهم المحدود بخطورة ما يدور
حولهم .. فتمدد الإسلاميون في ريفنا في
وقت وجيز .. ونواصل ..

كانت قرى ريفنا أسعد حالا قبل أن يسيطر
على لجانها الشباب المؤدلج .. سرقــوا
العفوية .. غابت القيادات التقليديــة
بحكمتها وطول نفسها .. من غيبهم الموت
ومن إنسحبوا عن الصدارة نأئيا بنفوسهم
عن ممارسة لم تألفها تقاليدهم.. لقــد
صيغ المجتمع على أساس جديد ومربك ونواصل..

كانت قرى ريفنا سعيدة على حالها .. على
بساطة شكل عيشها وفرحها .. كان الجميع
متساوون في الحقوق والواجبات .. والكـل
يحترم الكل بلا رياء .. وكانوا يتقاسمون
الفرح والحزن كما يتقاسمون الطعام ..
ولقد عشنا طرفا من ذلك الزمن الجميل ..
قبل أن يظهر بيننا من يقلب معادلــــة
الإستقامة على جادة الفطرة للإيقـــــاع
بين الناس وخلق جدران فاصلة بين الأهـــل
والعشيرة .. وإذا كانت الأشياء بنتائجها
فقد شوهت العلاقات وظهر الطواويس الذين
يعتقدون أنهم يملكون كل الحقيقة ..
ويدعون أن الله اصطفاهم وفضلهم علـــــى
العالمين .. وبدأ المجتمع يفقد وهـــج
نقائه وعفويته ويتحور للتعامل مـــــع
المناخات الإجتماعية الخانقة التي بدأت
تدب في قلب فرحه .. ونواصل ..

مازال ريفنا يضج بحركته القديمة .. زراعة باليد والطورية
والملودة والمنجل والواسوق .. مازالت الحمير هي وسيلة
مواصلات ا لمزارعين .. مازال طعامهم كسرة بالروب
أو بالبامية الخضراء ..استبدلت السواقي بوابورات صغيرة الحجم
تنفس دخانها في تهالك لتوفر القليل من الماء .. مزارعيه
يحاولون الإستمرار في شكل حياة الآباء والاجداد دون جدوى
زادت متطلبات الحياة وتغيرت طبيعة السوق .. الأطراف
الصحراوية للعاصمة إستثمرها الأثرياء الجدد .. ماذا دهى
أهل الريف .. إستبدلوا حياة التكافل والتراحم والفرح بحياة
الزيف و (أنا خير منه) .. الفردية التي لا يبلغون مطلوباتها
وإن إجتهدوا .. ضحكت بأسى عندما وجدت ستة أو سبعة أطفال
بين السادسة والسابعة من العمر جالسين فسألتهم ليه ما مشيتوا
المدرسة؟ فأجابوا: طردونا
ليه: عشان ما دفعنا القروش
فسألتهم أخرى: إنتو فرحانين عشان طردوكم والله زعلانين
أجاب بعضهم: فرحانين.
ليه: عشان نلعب
لولا إنحسار التكافل لما أصبح أطفال فقراء الريف يطردون من
المدارس في السادسة من العمر بسبب عدم تسديد المصاريف
والآباء يرتكزون على مصدر دخل واحد هو زراعة متخلفـــة
أصبحت لا تفي بالحد الأدنى الضروري .. بل لا تسدد ديــون
البنك الزراعي فتعرضهم لزلزلة لا تشبه كبرياءهم .. كـــان
هذا المجتمع متماسكاً (لا يجوع فيه فرد إلا إذا جاع كل أفراده)
أي شيطان هذا الذي أدخل بينهم عراك سياسة لا يفيدون منهـا
إلا إيذاء مشاعر بعضهم .. ونواصل

الأخ محمد عبد الجليل حضور ومتابعة والله فعلاً راحو منك ناس كتار , ربنا يبارك ليك في البقية الباقية

سرد جميل وسلس يلا ما زلنا معاك متابعين .

الأخ الفنان هاشم .. تحياتي ورمضان كريم..
والله فعلا كتار .. قابلت بعضهم في هذا المنبر
بعض طول غياب أخي منصور المفتاح وصديق الصبا
عبدالمنعم الجزولي .. وبعض من فرقتنا عنهم
الأيام بعد أن كنا رفاقا في الصباالباكر والأحلام
تترى كل شيء كان أخضرا والأمل أخضر والسودان
لم يوغل بعد في دروب التيه .. ولا زلت أذكر
أجمل مواعيد الذكرى في الأهلية الوسطى بأمدرمان
وزملاء الدراسة الذين لا زالت تضج بهم الذاكرة
وسكناي في أمدرمان الحبيبة وحي القلعة والسوق
الجديد (سوق ودنوباوي) والفتيحاب وودنوباوي
شرق والثورة الحارة الرابعة والـ (13) ..
وذكريات عزيزة .. ومحجوب الترزي أول من عملت تحت
إدارته مع عدد من الشباب المقبلين على الحياة
وتلقينا منه درسا مفيدا فقد علمنا بالبيان العملي
أن لا نصدق كل ما نسمع .. ونواصل ..

العم محمد عبدالجليل

لك التحية
ولك الإحترام

إنسان مثلك يجعلنا نحس بالعزة ونفخر بأهلنا
الذين عاشو تجارب مختلفة يمكن التوثيق لها
لتكون عبر ودروس يمكن الإستفادة منها

لك التحية مرة أخري
لسردك الجميل
الشفافية المطلقة

كسرة
المتأكد منو أي واحد دخل البوست دا يا عمنا
بالتأكيد يجد هناك موقف ينطبق عليه كأنما يتحدث عنه هو شخصياً
لا سيما أبنا القطاعات التقليدية


ودالبدري

Quote: راحو مني ناس كتار

وجوك ناس كتار يا جليل يا محمد

وأنا أقول الجمال العميق دهـ ،،

دمت يا رائع ،،

ودعبدالجليل
كل عام وانت بخير

Quote: كان ذلك في الوقت الذي أنقسم فيه مجتمعنا الريفي إلى كيزان وغير كيزان .. حيث ظهر الكيزان كمجموعة منغلقة تلتقي في أحد البيوت على الشاي والبرتكان وتجنيد الطلاب من فقراء الريف .. في وقت أكتفت فيه بقية الأحزاب بمجرد الإستغراب والسخرية من هذا التنظيم الأخطبوطي الناشيء .. وقد صدق السيد محمد أحمد محجوب عندما كان رئيسا للوزارة حين قال مخاطباً الترابي الذي كان عضوا بالجمعية التأسيسة ومعه أربعة أعضاء من الأخوان المسلمين قال المحجوب: (إن كنت أعجب من شيء لعجبت من هذا الشاب الملتحي الذي يريد أن يسقط وزارتي بأربعة أعضاء!!)

هذا البوست يستحق التقدير لانة يعكس ممارسات واساليب سياسة الكيزان الانتهازية الملتزمة بالسياسة البريطانية فرقد تسد وهذا هو سلوكهم اليومي ومنهجهم المادي الدنيوي المتسربل بلباس الاسلام والاسلام منهم براء

الأخ - يوسف السماني .. وقراء بوست راحو مني ناس
كتار .. كل عام وأنتم بخير ورمضان كريم .. أعاده
الله على السودان وعليكم جميعاً .. وكل شيء أفضـــل
مما هو الآن والسودان قد وجد طريق العودة لنيته
الحسنة وأخلاق أهله التي لا زلنا ندعى أنها الأفضل
بين شعوب الآرض .. ولكن لا شيء ثابت حيث هو فإن لم
نك في مستوى أن نكون كذلك .. فسيضيع من بين أيدينا
هذا الوطن الجميل رغم (التناقض في إذقته ..)
وسنواصل راحو مني كتار كمشروع نحكي فيه بعض التجارب
بقدر الإمكان من الصدق فكل الصدق (أحيانا معجزة)
كما قال الأحنف بن قيس .. وسأحرص في رمضان أن أتوخى
الحكى الخفيف اللطيف .. الطيب .. ولن أوغل في السياسة
إلا برفق ..

حقق الله الأماني .. ونواصل ..

رأفت ميلاد أنت من راح عنه وله بالمسادير نداء لك ورمضان كريم تصوموا وتفطروا على خير...............


منصور

المنصور - رمضان كريم

وتحياتي لك ولصديقي رأفت ميلاد.
رأفت حالاقيهو كان العمر فيهو
وعلاقتي بالمسادير قراية .. فلا
حظ لي في سبكها ..

وضاع مني رمضان زمان في قرانا .. وكت كان
الزرع والضرع والعافية والناس يشتغلوا في
حر رمضان من الفجر حتى قريب المغيب .. ولا
يزيدهم ذلك إلا صحة وسعادة .. ويعودون
المغرب بشوق للطعام الشهي الكسرة اللقمة
والملاح الاخضر خضرة وبامية والبليلـــــة
والسلطة الخضراء والبصل الاخضر والشطة
الخضراء وكلو طازج مما زرعت أيديهم ..
يتجمعون وحولهم أبناءهم يضحكون ويكرعون
الابرى المسكر بنشوة .. لم يكن هناك بنك
زراعي ولا زكاة ولا قبانة ولا ضرائب .. ولا
أدعياء يقرفصون على رؤوسهم بحكم بائرة..
ولكن دوام الحال من المحال .. وضاع منهم
الفرح والطمأنينة وداهمتهم صفحات الزلزلة
ونواصل ..

سرد جميل ، وتوثيق متكامل ،،،
وماتوقيعى إلا تسجيل حضور ومتابعة بشغف ،،،
تسلم ابو التومات ،،،

الأستاذ الفاتح الجنيد .. رمضان كريم
وكل عام وأنتم بخير .. مرورك يشرف ..
الفكرة أن نستجمع تجربة فرد مهمش
بشخوصها وأحداثها ونحاول أن نكتنه
أسباب سفينة وطن ظلت وجهتها إلى أعمق
ليعرف من يأتي بعدنا لماذا شالت
نعامتنا حتى أورثناهم وطنا مسيخاً

كان أهل الريف نموذجا باهراً للقناعة
بالقليل قبل أن تنسرب لسوحهم يد وقاحة
السياسة لتشطرهم، عندما أصبحت علاقة
جزء من أبنائه بالسلطة والمصالح طاغية
على ما عداها من علاقات الدم وحميمية
أهل الريف المعروفة، وأصبح للمرتبطين
بالسلطة ميزة انتفخت بها أوداج البعض
وحافظ البعض على أوداجه على
حالها رغم أن أثر السلطة لا يخفى ..

أصبح هؤلاء هم الواسطة بين السلطة
والمجتمع الريفي، قبلهم كان العمدة
والشيخ، غير أن المتسلطين الجدد ليس
لديهم رحمة ولا حكمة العمدة والشيخ.
توجس البعض من هذا التوجه الذي بدأ
ينخر في لحمة التماسك الذي ظل لأجيال
صمام أمان المجتمع أمنياً ومعيشياً ولكن
دوام الحال من المحال .. وظهر التنافس
بين شباب الريف تنافساً لا تكافؤ فيه
فهنالك مجموعات مرتبطة بالسلطة ونفوذها
وتستطيع أن تقدم بعض الفتات فتسلس لها
القيادة والريادة وهنالك مجموعات
التزمت جادة النقاء شعارها:

أنا ان خيرت ما بين أثنتين
أن أصلي جائعا خلف الحسين
أو أصلي مترفا عند يزيــد
سأصلي جائعا خلف الحســين

وزادت الإنهيارات في جدار المجتمع وانجازت
مجموعات مقدرة لجانب اليزيد أقصد لجانب
السلطة بكعكها وثومها وبصلها .. وحصلت
أشياء كثيرة أهمها تراجع روح النفير
والعمل الجماعي التضامني الذي كان يخلق
حالة من الفرح والقدرة الإستثنائية على
الخلق ونواصل.

عندما أجتمعت القرية بصدد جمع التبرعات
للمدرسة الثانوية .. ونادى مدير الاجتماع
بأنو ينبغي أن نبدأ التبرع في هذا الاجتماع
نهض عمنا أحمد ود حمد - يرحمه الله - وقال:
والله يا جماعة أنا قروش ما عندي لكين رأئي
أنو لجنة المدرسة تشيل السكر بتاع التعاون
وتبيعوا في السوق الأسود ليوضع الربح في
حساب بناء المدرسة ولو المدرسة ما أنبنت
نحنا سكر ما عاوزنو

على أيام مايو وبعد أن إنتشرت
ثقافة الرعب .. وكنت أعمل عسكري في
الجيش، ركبت في أحد الأيام أحد المقاعد
الأمامية في (برينسة) والبرينسة هو الإسم
الحركي للبكس الذي عمل له سقف وكنب جانبي
ليحمل عشرة أشخاص وراء وأثنين قدام
غير السائق والكمساري، التفت يسارا
لارى السائق فرأيت أمامي شخصا أعرفه
حق المعرفة، زول طويل نحيف لونو بني
هو الرقيب أول (نسيت أسمو)
ولكني أعرفه حق المعرفة فقد عملت معه
وكان شخصا طويلا ونحيفاً ومنضبطاً وذو
خلق سلمت عليه بحرارة وعرفته بنفسي
وانساب الكلام بيننا سهلا سألته:
إنتا خليت الجيش والله شنو؟
هو: ها زول خليتو طول
وبعدين مشيت اشتغلت سواق في حرس
الرئيس .. شغلانة كويسة وأدوني عربية
هنتر كنت بجيبه معاي البيت ..
لكين بعد فترة بسيطة عندي ولد في تالثة
إبتدائي سألني:

إنتا يا أبوي جاسوس يعني شنو؟
قلت ليهو: يا ولدي جاسوس دي حاجة كعبة
خالص .. معناها الزول بتجسس على الناس
وينقل أخبارم؟
أنزعج ولدي وقال لي طيب يابوي الاولاد في
المدرسة بقوا يقولوا لي ود الجاسوس
صعقني كلام ولدي وذهبت للعمل في اليوم
التالي وطلبت من قائدي أن يعفيني من هذه
الوظيفة نهائياً، رغم أنها كانت مريحة
وتدر علي دخل كويس، وتم إعفائي وسلمت سيارة
الجن التي كانت تريد أن تنكد علي حياتي،
وبمكافاة الجيش وشوية ديون أشتريت البكسي
ده ومسترزق منو في أمان الله ..

وصلت محطة بانت ونزلت وكلمات الرجل ترن
في أذني وقد صار أطول في نظري عشرة مرات
مما هو.. ولا زلت أذكره:

(فهو إنسان عقيدة
وأنا من أجله اليوم سعيد)
ونواصل

أهل ريفنا يعرفون تفاصيل بعضهم .. فغالبهم
ينتمي لهذه المنطقة منذ مئات السنين،
منذ أن كانوا حلماً بعيدا في قلوب الأسلاف،
وأهل جميع قرى المنطقة تربطهم أواصر القربى
والمعرفة اللصيقة.

بعد أن بدأت السياسة تنخر في عضد هذا التماسك
ظهرت العاهات الإجتماعية فكم رأينا البعض
يقف أمام الملأ ليعلن:

أنا فلان الفلاني أتقدم بإستقالتي الآن من الحزب
الفلاني وأنضم للإتحاد الإشتراكي، أو أنضم للمؤتمر
الوطني، وعندما أنقسم الحزب الحاكم إلى مؤتمر
وطني ومؤتمر شعبي رأينا أنصار الحركة الإسلامية
في منطقتنا ينضمون للمؤتمر الوطني دون أن
يسوقوا مبررات لهذا الإنضمام ولن يقود التأويل
لأكثر من المصلحة القريبة كأهم محدد لمواقف
الناس، بعد أن أصبحت المباديء في خبر كان.

وأخونا الصادق السماني يصدح في المجتمعات
على لسان والد يوصي ولده:

ما تبقى أنصار تمد عزبتك
ولا ختمي بلياقة جلابيتك

أبقى جبهة تنفعني وتنفع رقبتك
لقد أصبح التخلي عن المواقف في رائعة الضحى
من أجل إلتقاط الفتات المتساقط من موائد
الحكام أمرا عادياً، فلا يعتقد معتقد أن ما
راح منا سيعود بسهولة، ونواصل.

لم تك مجرد حكاوى وونسة وكلمات
إنفعالية تنطلق من هنا وهناك
وتغيير فرد ريفي بإنتقاله من حزب
لآخر .. كانت هنالك قيم جديدة
تتشكل وموازين قوى تعاد صياغتها
وتأسيس لحركة مستقبلية نتلظي
بمر حرثها الآن، ينبغي قراءة
الماضي سطراً سطراً ونقد ذواتنا
وسكاتنا وتفريطنا حتى كان ما
كان .. حتى أصبح وطننا على كف
عفريت تتقاذفه صوب إحتمالات
كثيرة كلها بائسة ونواصل ..

كنا نحيا على أفكار معلبة نقرأها من
بعض القلة التي لديها مكتبات نعبيء
رؤوسنا بالإيديولوجيا التي نؤمل أن تعيد لنا
صياغة قبح الواقع وهي حبر بارد علـى
الورق كتبها أشخاص ربما في ظروف مختلفة
وواقع لا يشبه واقعنا في شيء وننحو
باللائمة على الجماهير التي لم تصطف
خلف محفوظاتنا، يا للغفلة، ونواصل

أفكار لا تلامس أشياء الناس الحقيقية، تهويمات
خارج الواقع، فرضيات مستحيلة، يا لخواء مـن
يغوص في الأفكار المعلبة دون أن يحتك بحركـة
الواقع، يريدها أن تتمطى صوب أفكاره المعلقة،
كنا نسير مطمئنين بأن كل شيء سيسير على مايرام
فحركة التاريخ تسير صوب القيم الجديدة النبيلة
العدالة والحرية والمساواة، يا سلام، وأصبح
الصبح على الحلم السراب.

كنا نتكيء على وسادة فرحنا البسيط
في ريفنا الذي يعانق المديح:

الحجاج سافروا مننا حجوا وطافوا بعرفة ومنى

وتبكي النساء والرجال من الفقراء والذين
يبدو لهم الحج لبيت الله (النجم أقرب)
فيحجون بالتفاعل مع طار المداحين وهم
يطوفون بأرجاء البيت المنى ويسيل الدمع
مدرارا .. وفي الأفراح يهتز الناس مع
ود السافل والغناء المباشر:

ماشفتوها يا خلاني .. آمنة الفي الضمير ماذياني
شفته عيوني في سيقانه ما شفتوها يا خلاني

ألم يقل نزار

الحب في الأرض بعض من تصورنا
لو لم نجده عليها لأخترعناه

كان ريفنا يعج بالفرح والغناء والبكاء وكل
على ليلاه، حتى دان أمره للرساليين فلا مديح
ولاغناء ونواصل.

الكتبتو كلو خلوه جانب أعزائي .. فما
كتب أعلاه كتب من ذاكرة ثقبتها الغربة
والاحساس بأن فرصة الفرح في السودان
ضيعتها الخيلاء وضيق الأفق وظن البعض
بأنه خير من البعض الآخر فاستحالــت
أفضل الامكانيات في أن نعمل يداً واحدة
بمجرد إحترام إختلافات بعضنا هذه
الاختلافات التي أرادهاالله الذي خلقنا
هكذا مختلفين لحكمة يعلمها
هو، وبقيت هنالك مساحات شاسعة من
المتفق حوله والذي كان يمكن لو قيض
له أن ندفع في أتجاهه مجتمعين أن
نحافظ على فرحنا ونبني بلدنا وتصير
الدنيا أوسع وأجمل وأنضر والعلاقات
بيننا الناس ملؤها الود والحميمية
ولكن سبق السيف العزل فينبغي أن لا نضيع
الحزن على زجاج تكسر .. بل نصنع
زجاجا جديدا ونواصل

الاعزاء زملاء المنبر والقراء .. كل عام وانتم بخير
غادرت للسودان بتاريخ 7 أكتوبر 2007 وعدت مساء أمس
الأحد 4 نوفمبر 2007م .. ومثلما كان وصولي للسودان
في صيف الجراد والجندب بعد أن لوح الفيضان عيون
أهلنا المزارعين .. وجدت نفسي وبسرعة ألغى كل
ما كنت قد خططت له من لقاءات مع الاصدقاء القدامى أو مع
بورداب الخرطوم .. أو .. أو ففي السودان لا تملك
إلا أن تقول:

يا هو ده السودان؟! نواصل

أُمحمّد حبابو

وحمدلله على سلامتك.

المنبر نور تاني.

الأخ أبوحريرة .. تحياتي لك ..
وكل عام وأنت أحسن حالا وأهدأ بالا
والسودان يجمع أطرافه ويبدع شكلا
جديدا للعودة لجادة القضاء على
التناقض (في أذقته) فلا وطن إلاه
وهو يترنح .. شوارع خرطومه تعج
بالعربات الفارهة والمساكين
يحدقون بعيونهم الزائقة فيما
يدور حولهم ولا يعرفون ما تخبئه
لهم الأيام أكثر من هذا .. وربك يسهل
.. ربك يسهل ..

الغالى الجليل
الف مرحب بيك
وعودا حميدا
ونتمنى ان تكمل مابداته
كل الود

سلمى .. كل عام وانتي واقفة
تكتبين الكلام الما أنكتب ..
والله أول ما وصلت مطار الخرتوم
ونحن في إنتظار العفش مسكت
ورقة وقلم عشان أكتب تفاصيل
الشهير القضيتو في السودان من
أول لحظة مبتدئا بتسجيل ما
أسمعه من المنتظرين لوصول
عفشهم مسجلا بعض كلمات من
عوجت لسانهم الغربة (شفتي
أيش لون) .. والباقي لامن أفتش
الورقة الكتبتها. ومنذ أن خرجت من المطار
حتى عودتي إليه مغادرا لم أكتب
ولا كلمة واحدة متذكرا حكمة حبوبتي
أمنة بت عبدالكريم التي رافقتنا
في حج أحد الأعوام وكانت تشتبك
معها إحدى قريباتنا وآمنه لا ترد
فقلت لها مازحاً: إنتي خايفة من
المره دي والله شنو؟ فردت: والله
ياولدي أنا ما بخاف لكين:
السكات أخير.
لم أشاهد التلفزيون إلا في مباراة
المريخ مع الصفاقصي التونسي .. ولم أقرأ
أي صحيفة طوال الإجازة .. بس أعاين
ساكت ساكت .. ونواصل

Quote: كان النيل يأخذ كل سنة واحد من أولاد القرية .. رغم صرامة الآباء وحق أي زول كبير في الحلة أن يجلد من يجدهم يعوموا في البحر أيام الفيضان .. كل من غرقوا كانوا من أذكياء القرية بالاضافة لإجادتهم للسباحة .. لكن الشيم والبردة والمحلات التي كان يقال أنها مسكونة .. غرق محمد المبارك وغرق نصرالدين وغرق العوض .. لم يكن أي من أفراد القرية يغادر البحر حتى يجدو الجثة .. بعض الناس لا يخرج من الماء .. كان الحزن على أي ولد يغرق حزنا كبيراً ولكنه يقسم على قرية كاملة لا يحزن فيها فرد حتى يتداعى له الجميع ..

هذا الاقتباس من مداخلة لي سابقة في هذا البوست
وخلال إجازتي خلال أكتوبر 2007م .. غرق شابان من
قريتنا .. كليهما في الرابعة والعشرين من العمر هما:
السمؤال البشير عبدالسلام محمد سلمان
وعلي عبدالقادر سليمان محمد سلمان

كانا من أنبل شباب القرية ليس من باب (أذكروا
محاسن موتاكم) ولكنهما كان حقا كذلك .. وكانا
أعمدة لأسرتيهما، ولم يطل البحث فقد غرقا في
ترعة هي إحدى المحلات التي أشرت إليها أعلاه
والتي يتحدث أهل قريتنا بأنها مسكونة .. وفي
رائعة النهار خرجت جثتان من دار واحدة، حيث
رفعت العناقريب التي حمل عليها جثامين السمؤال
وعلي من أعلى حوش منزل إبن خالتي البشر عبدالسلام
في أكبر تجمع باك تشهده القرية في تاريخها، لم
يستطع أحد أن يحجر الصراخ على النساء والرجال
الأطفال والشباب .. بكوا كلهم بحرقة، رغم أن
الموت ينهش الناس كل يوم والحزن تزداد أسبابه
مع كل صباح جديد، ولكن يبقى فراق السمؤال
ووعلي حدثا وحزنا خاصا لكونه ترك ثغرة يصعب سدها إن
لم يستحيل، فأسألوا الله لهما الرحمة والمغفرة
ونواصل.

أكثر ما أزعجني في السودان وما يزعج
كثير أن أحد الرجال الذين عرفتهم طوال
حياتي كإنسان نبيل يحيا بكل القــــوى
الروحية والمادية الموجودة فيه ويمشي
بين الناس زارعا الأمل بكلماته القليلة
الصادقة المتدفقة قد أصبح مراوغا!!!!
بلا مبرر كاف، لم أدخل معه في معاملــة
تجارية ولا غيره ولكنني التقيته في مجلس
كان يقتضي قول النصيحة الصعبة ولم نك
نتوقعهـاإلا من مثله وعندما شرع فــــي
الكلام فرحت ولكني وجدته يلوك حديثــــا
دائريا لم أفهم منه شيء مثل كـــــــلام
المراوغين فعرفت أن المصيبة كبيرة
ونواصل ..

كان منتدى خالي محمد يعلمنا صناعة
الفرح منذ الطفولة وفي الصبا الباكر
صناعة الفرح غض النظر عن ظروفنا، يعلمنا
أن نختار أشياءنا ومواقفنا وأن
تكون الممارسة وفق القناعة الحقيقية
ليكون السلوك طبيعيا ليتحقق الفرح
كان غالب المنتدين يحاولون تدريب
إنحرافاتهم صوب هذا الفهم فتخــرج
شباب كثر من ذلك المنتدى كلهم ينشدون
تلك المباديء ويحققونها كل حسب طاقته
وقناعته، وظلت ثمار ذلك الغرس ظاهرة
فيمن نهلوا من ذلك المعين، في إجازتي
الأخيرة بدا لي أن الأمور في السودان
تتدحرج نحو أن يكون الصدق غالبا وليس
أحيانامعجزة (كما قال الأحنف بن قيس
حين تولى اليزيد خلافة أبيه) في مثل
واقع بلدنا في عهد التيه ونواصل ..

Quote: العم محمد عبدالجليل لك التحية ولك الإحترام إنسان مثلك يجعلنا نحس بالعزة ونفخر بأهلنا الذين عاشو تجارب مختلفة يمكن التوثيق لها لتكون عبر ودروس يمكن الإستفادة منها لك التحية مرة أخري لسردك الجميل الشفافية المطلقة كسرة المتأكد منو أي واحد دخل البوست دا يا عمنا بالتأكيد يجد هناك موقف ينطبق عليه كأنما يتحدث عنه هو شخصياً لا سيما أبنا القطاعات التقليدية ودالبدري

الإبن العزيز ودبدري .. كلماتك الشفيفة تبعث
في تداعيات ذاكرتي روحاً جديدة بأهمية مواصلة
هذا السرد كما أوردت سلمى الشيخ سلامة، ومـن
جانبي أرى أهمية أن نكتب أشياءنا مرورا على
محطات تواريخنا الشخصية التي تشكل التاريـخ
ولكن لا يسجلها التاريخ الرسمي، تاريخ الساسة
والقادة العسكريين وكبار القوم .. فالنسجـل
تاريخ صناع الحياة من الناس العاديين حتــى
لا يخدعنا البريق الزائف وعشان (نشوف الدنيـا
كويس).

فاكر أمشي السودان في أجازتي
وأسترخي تحت شجرة السدر عشان
أرتب الذاكرة لكين يا خسارة، فمن
أراد أن يرتب ذاكرته فاليبحث عن
غير سودان هذه الأيام .. ليس
الغلاء وحده وإن كان وحده يكفي
لتشويه حياة الفقراء .. ولكن
الجراد والجندب حماكهما الله
والرسول .. أيها الشيء الذي
ليس يصدق ، و (الناس من صعوبة
البكاء يضحكون) .. ونواصل

الاخ الكريم الراقي ابو التومات

الف حمد الله على السلامة

وكل سنة وانت وكل اهلك بالف عافية

د. محمد حسن .. كل عام وانت بخير وعافية،
ونلاقيك إن شاء الله ونحدثك عن أمدرمانكم
التي زادت عليها القترة التي أرهقتها دهرا

رجعت من السودان يوم 4 نوفمبر 2007م بروح متشائمة
تنظر للمستقبل بنظارة رمادية، كانت ملاذ إبنتي
(تلميذة في الروضة) تحاصرني طوال الوقت:
- أقول ليك نشيد العلم؟ وتختمه بـ : جاهزين
جاهزين لحماية الدين!! تحدق في عيوني بإصرار لماذا
لم أتفاعل معها كما هي عادتي عند سماع الاطفال،
وتعيد الكرة وتنتهي بـ : جاهزين جاهزين ..

تسربت مني فلسفتي القديمة بخلق الفرح مهما كان
الواقع، وجدت هذا صعباً وربما مستحيلا هذه المرة
فحتى مجموعة الشباب الذين يتعاطون الشعر بتفاؤل
ويلوكون الصبر الجميل إنتظارا لحلم وطن سمح قـد
بدأوا يشعرون ببعد الشقة ويتوسلون للوظيفة بواسطة
لا تريق كل ماء وجوههم!!

الوطن هو المكان الذي تجد فيه نفسك ولا تهضهم فيه
حقوقك وهو المكان الذي تؤدي فيه واجبك وأكثر برضى
كامل وفرح

اللواذ بالماضي مثل عصى موسى يغطى
لبعض الوقت قبح واقع إستبد به (سفين
المعتدين) ويكشف المعالم التي قادتنا
إلى مسارب التهلكة ونتكيء عليه لمقابلة
قادمات الدواهي ..

كانت القضارف التي دخلتها ذات ليل داج
إحدى محطات بعض من راحو مني .. عرفت
أثيوبي أسمو آدم، شرحت له أن أحد أقاربي
أوصاني لشراء مسدس إيطالي أبوخزنه وعرفت
عن طريق أحد زملائي أحد الذين يعملون في
هذا المجال وأعطيتو35 جنيه سعر المسدس
على أن يأتيني به خلال أسبوع، كان رجــلا
في العقد السادس من عمره ذو وجه ماكــر
يتظاهر بالبراءة، أخذ قريشاتي وأختفــى
نهائياً وأضطررت لأعطي أحد الجزارين فــي
سوق القضارف مبلغ خمسة جنيه (مؤجلــــة)
متى ما أبلغني بمقدمه، وفعلا أبلغنــــي
الرجل بحضور الرجل في الوقت المناســـب
وخدمتني ظروف كثيرة في أن أسترد القروش
دون خسارة إلا الخمسة جنيه التي (كريـت)
بها الجزار الوفي.
كلمت آدم الاثيوبي بالأمر فسعد بما سمــع
خاصة عندما علم أني أدخلت الرجل في حرج
كبير في البنك الزراعي عندما حضر لتسليمي
القروش وطلب مني أن أنتظره خارج البنــك
حتى لا يتهمه الناس فرفضت ودخلت معه أحمـل
بندقية ج 3 حيث كان هناك إستعداد للجيش
وكل العساكر سلموا الأسلحة والذخائر وبقوا
بالمعسكر يزيهم الكامل طوال الوقت
بسبب إستيلاء محمدنور سعد ورفاقه علــــى
العاصمة 1976م وهذه قصة أخرى.

إنبسط الأثيوبي ووعد بأن يعطيني مسدس جيـد
بأقل سعر ووفى بوعده، وأصبحنا صديقيــــن
ودعاني لزواجه في ديم النور بالقضارف وكنت
السوداني الوحيد في ذلك الحفل البهيج وكان
يقدمني بأني صديقه، وأصبحت أزوره في منزله
حتى كان ذلك اليوم الذي حضرت لمنزله لأجــد
(قطية وصريف من القش الخالص) وقد إنقلب رأساً
على عقب وزوجته تجلس لوحدها تبكي بحرقة،
سألتها فقالت أن زوجها أخذه العساكر للسجن
طار رأسي من الخوف، ولكني تظاهرت بالتماسك
وأين هو الآن؟ قالت: في نقطة شرطة ديم النور
وذهبت إلى هناك ووجدت أن الشاويش المسؤول
شخص أعرفه فهو والد زميلي بالثانوية محمد
عبدالله وقلت له أني أريد أن أزور آدم الأثيوبي
فقال لي: بتعرفو من وين ده؟ قلت له صاحبي
من زمان، فسمح لي بالدخول، وطلب من العسكري
أن يخرج آدم من الحراسة وجلس معي في الهواء
الطلق واخبرني أن العساكر قد جاءوا وضربوه
وأخذوا أسلحته ومن مجموع ما سمعت عرفت أن
الرجل أكثر من مجرد أثيوبي في العشرينات من
عمره يقيم في القضارف ويبيع السلاح بالقطاعي
ولكنه سياسي ممارس وله نشاط كبير كــان
يخفيه حتى عني ولكنه وقع في الفخ.

أثناء وقوفي معه جاء ضابط شاب وسألني:
- الزول ده بتعرفوا من وين؟
- صاحبي
- طيب إنتا دخلت هنا كيف؟
- أسأل ناسك
وغضب الرجل وأعاد السجين لسجنه وطلب
مني الخروج فورا وأسوأ من كل هذا أن
أحرج عمي عبدالله الشاويش طيب القلب الذي
سمح لي بمقابلة آدم الاثيوبي، بسبب من
سؤ تصرفي.

ذهبت لزوجة آدم وأبلغتها أنه بخير وعافيه
ولم تهتم كثيراً، وظللت ألتقط أخباره
حتى عرفت بإطلاق سراحه بعد عدة أيام.

زرته بالمنزل فوجدته هو وزوجته ولا زالت
تبكي بحرقة شديدة فسألته لماذا تبكي زوجتك
وقد أطلق سراحك؟
فقال لي: أسألها بالله.
وبعد إلحاح مني قالت: العساكر ضربوا آدم
فقلت: طيب طبيعي
قالت: طبيعي كيف؟ الراجل يضربوهو وما يضرب
قلت: ديل عشرين عسكري ومسلحين يضربهم كيف؟!
قالت: المهم الراجل لو ضربوهو يضرب .. أنا
ما بقدر أعيش مع راجل يضربوهو وما يضرب
وواصلت البكاء .. ونواصل

الدكتور أحمد الحاج أحمد شرفي الشقيق
الأصغر لزميلي حسين شرفي، وحسين هذا قد
غيبته عني أمريكا لأكثر من عقدين مــن
الزمان.

كان منزل عمنا الحاج والد أحمد وحسين
والفاضل وأستاذنا محمود وأخوانهــــم
هو منتدانا في غالب الوقت وبالذات في
عطلة نهاية الأسبوع وكان أحمد طالبــا
في الثانوية العامة وكان ساخرا وماكرا،
فهو الذي أصطلح لفظ (بورو) لشقيقه
الأكبر الفاضل لأن الفاضل كان يستخدم
لفظ البروليتاريا دائما وغالبا فـــي
غير ما وضعت له (الطبعة العاملة
الصناعية)، يستخدمها الفاضل لكل
المهمشين قبل أن يظهر هذا المصطلح
الإشكالي، وعندما أساله الفاضل وين؟
يقول بورو مافي، ويحاذر أن يعـــرف
الفاضل ذلك، فقد كان أحمد يستخدمها
من باب السخرية، وعندما نقول كلامـا
سياسيا منتفخا عن النضال وما أدراك
ما النضال أرى أحمد وكأنه يريد أن
ينفجر ضاحكا وينظر لكل أشعارنا
وانفعالاتنا كملهاة تبعث على الضحك،
وكان مبدعا في نسج القصص الساخرة عن
بؤس (البروليتاريا) حكى مرة:

أنه وبعض زملائه في المدرسة ذهبوا
لمنزل فاخر في حي الموظفين بالقضارف
برفقة زميلهم عصام إبن الموظف الكبير
وكانوا مجموعة من التلاميذ بعضهم من أطراف
القضارف واحيائها الفقيرة وبعد دخولهم
لغرفة الإستقبال الفاخرة بمنزل عصام
دخل عصام ليحضر لهم العصير وبعد دقيقة
إنطلق صوت الخلاطة عالياً:

فصاح زميلهم إسماعيل: هي .. ناس عصام
عندهم حلواني! ونواصل

Quote: ففي السودان لا تملك إلا أن تقول: يا هو ده السودان؟!

أخي محمد عبد الجليل
ألف حمد الله على السلامة
وكيف الأهل جميع والتومات وأمهن ماخلاص كبرن وونسنكم

الأخت - سمية - كل عام وأنتي بخير وعافية
وتجودين بمسادير البطانة وقشها المفروق
على قراء المنبر ..
الله يسلمك .. فقد وصلت بسلام بعد إجازة
قصيرة طويلة، التقيت فيها بالتومــــات
لأول مرة وبالسودان المتململ يعاين النيل
العكران والتقيت بضنك مزارعينا بعد غرق
عامين متتابعين.
أطمأنيت بأن إبني الصادق 4 سنوات لا يمس
التومات بسوء فهو يتصرف بعنف مع الجميع
وإذا ناديته يأتيك هرولةحتى يصطدم بالمنادى
إلا مع التومات فهو رفيق رقيق، أما التومات
فهن موضوع كل الونسات.

فقد غالب الناس في منطقتنا حماسهم
تجاه الحكومة حتى مؤيديها ربما يعود
ذلك لغيابها الواضح في تنمية المنطقة،
ربما لأنها أقامت دروة ضرب نار للعساكر
غرب قرى المنطقة غصبا عن أهل هذه القرى
وهو أمر يتسبب في كثير من الإزعاج،
ربما لأن ضيق العاصمة بساكنيها قد جعل
عيون الحكومة تمتد لريف العاصمة إغتصابا
لأرضه وحواكيره التاريخية للوفاء بمتطلبات
إتفاقيات السلام مع حملة السلاح، ربما لأن
الفساد المالي لبعض لمرتبطين بالسلطة من
بين أبناء المنطقة قد أصبح ظاهـــراً
حتى لمن كان شعارهم (من خدعنا بالدين
إنخدعنا له)، ربما لأن وجود وظيفة لخريج
كان أحد أفراد اسرته من غير الحزب الحاكم
قد أصبح أمراً دونه إراقه مياه الوجوه
(وغالبا دون جدوى) في ما يفترض أنه الوطن،
ربما لأنه قد أصبح الصبح وتكشف حتى
للغافلين أن الشعارات التي رفعت لبعض
الوقت ولاقت في نفوس البعض هوى لم تك تساوي
جناح بعوضة وأن لا ثابت في السياسة وكلها شعارات
حتى وإن إصطبغت بالدين فقد هدفت لتمكين
مبتدعيها للسيطرة الأرضية، فوا حسرة من
أراق الماء توسما لخير في السراب، وصدق
أحلاما بائسة ونواصل

لاحظت من خلال تجربتي في المواقع الهامشية
أننا شعب رقيق نخفي أراءنا الحقيقية
ونجامل، لا نخدش المشاعر حتى لو كانت المسألة
تهم الوطن ومستقبله، لا نواجه قادتنا بسؤ
أفعالهم التي نتحدث عنها مع بعضنا، نخاف
مغبة العواقب ولا نملك ما يبرر الخوف بعد أن
أصبح الصبح لنكتشف أن بلدنا قد أصبح في قبضة
عفريت لا يهز التردي منه شعره طالما هو بمنجى
عنه، نحيا على وهم أن رحم الغيب يحمل حلولاً لم نبذل
فيها جهدا ولم نفعل لها إرادة، إن الذي
يحيق بالوطن من أرجاس هو نتاج طبيعي لسلبيتنا
ولعقم الطريقة التي ندير بها الأشياء، بلدنا
يتدحرج بسرعة من أعلى إلى أعمق ونحن نسقط
في ملاذات جهوية وقبيلة وعنصرية لن تقدم
إلا مزيداً من المحن ليضحك ماضينا البائس على
حاضرنا الأكثر بؤسا (بكيت على يومي فلما مضى
بكيت عليه) .. ونواصل

الأخ محمد عبد الجليل حكاية الصادق دي أجمل حاجة
أتخيلت منظره يجي جاري متلهمك بدون كوابح
والأجمل تصالحه مع التومات ، دا يجيكم إنسان معتد بنفسه
وأنت جيت من الإجازة ولسان حالك يقول :
وماالأهل بالأهل الذين عرفتهم * وماالدار بالدار التي كنت أعلم
الله يهوّن القواسي ويطيّع العواصي .

Quote: وماالأهل بالأهل الذين عرفتهم * وماالدار بالدار التي كنت أعلم

الأخت - سمية طلحة - تحياتي،

الصادق والتومات وعبدالرحمن نجم الدين (إبن أختي)
وزمر الأطفال الحيويين يلطفون علينا لؤم تردى
الواقع العام حتى وإن بدا الوطن (غير الذي كنت
أعلم)

إبان عملي في سوق الخضار كان رفيقي الذي عملت معه
(شراكة) هو المرحوم عبدالعزيز الطاهر الذي تحدثت
عنه سابقاوقد كان رجلا يشيع الحماس والفرح فيمن حوله
- يرحمه الله - وكان مريخابياً متعصبا، وفي أحـــد
الأيام وبعد أن أفرغنا شحنة البوكسي في سوق خضــار
الخرطوم بسعر مجز وتوجهنا صوب أمدرمان، وبعد أن
عدينا الكبرى وجدنا عدداً كبيرا من طالبات الثانوي
ينتظرن المواصلات فأوقف عبدالعزيز البوكسي وركبت
أكثر من 30 طالبة وكانت إحداهن تلبس (طربوش) عليه
نجمة المريخ .. نزلن عند المجلس وقالت لابسة الطربوش
مخاطبة عبدالعزيز
- شكرا ياعمي
- عبدالعزيز : شكرا يا بتي والله أنا ما وقفت إلا عشان
نجمة المريخ دي
الطالبة: ياعمي إنتا مريخابي
عبدالعزيز: والله يا بتي أنا لو ما المريخ ده كان مت
قبل 30 سنة.

وانا لو ما القدموني ورجعوا كان ياما كان ياما كان
ونواصل

في إحدى حصص الأدب بالقضارف الثانوية كان
أستاذنا علي الأزرق - الله يطراهو بالخير -
رجلا يشبه أهل السودان ومعلمي السودان في
ذلك الزمن السمح، يأتي للحصة ويؤديهـــا
بحيوية تتعداه لتظلل كل الفصل وتنبــــه
الكسالى والنعسانين ويقودنا لعالم مـــن
الإنتباه والفرح والضحك والدهشة والحــزن
وكل المشاعر الحية حسب موضوع القصيدة،
كنت من انتظر حصته بشوق كبير وفي أحـــد
الأيام حضر كعادته وكتب الأبيات التي يريد
تناولها على السبورة وقرأها وبدا لي أن
هنالك كلمة نشازاً في أحد الأبيات التــي
كتبها ورفعت يدي ونبهت الأستاذ الأزرق
للكلمة وكان كعادته في حالته الإنفعالية
عندما يتعلق الأمر بالشعر فغضب وثــــار
ثورة قوية وهاجمني هجوماً عنيفاً بــــان
أترك الفلسفة وأجلس وأسمع وبس.

جلست أتلمظ طعم الهزيمة أمام زملائــــي
الذين لابد أنهم بين متعاطف معي وشامــت
على بسبب تطاولي على الأستاذ، ومرت تلـك
الحصة طويلة ومملة.

في حصة الأدب المقبلة حضر الأستاذ الأزرق
وطلب مني الوقوف فوقفت ظانا أنه يريـد
أن يواصل ما أنقطع من هجوم، ولكن الرجل
أعتذر لي بكلمات رقيقة أمام الطلــــلاب
معترفا بأنه قد أستعجل في التعامل مــع
ملاحظتي، وأعتذر عن هجومه علي وأكد للجميع
أن الكلمة التي أشرت إليها كانت فعلا كلمة
نشاذا ووضع الكلمة الصحيحة وظللت أحترمه
أكثر مما كنت .

تضج الذاكرة بكثيرين كنا نحلم معاً
بمستقبل مختلف للوطن ونلوك كلامــا
كثيرا عن أن العاقبة للفقراء ونغني
معاً:

ونسير فوق جماجم الأسياد مرفوعي البنود

ونكاد نبكي عند:

وتزغرد الجارات والأطفال ترقص والصغار
وسنابل القمح المنور في الحقول وفي الديار
والنخل والصفصاف والسيال زاهية الثمار

وغدا نعود .. حتماً نعود

بعضهم توفي .. وبعضهم غادروا الديار
بغير رجعة، وآخرين ينوون الرجوع
عندما تزهو ثمار النخل والصفصاف
والسيال، والنيل لا زال يتمطى ضجراً بما
يرى ويسمع ونواصل

السودان قاعد في محلو .. وحلتنا
لا زالت تنام بين وادي ماريا وخور
أبودلالة ولكن تغير شيء كثير ..
فقد كثيرون الطعم واللون والرائحة
وأصبحنا متشابهين طوعاً أو كرهاً
مثل درنات البطاطس .. حتى من جاءوا
من زحمة العاصمة للإقامة بالريف
على نفس المقاس المطلوب ونفس
اللغة الكل يتمظهر بالتقى ولكن
أريج صدق حياتنا الريفية قد ذهب
وأخاف أن يكون إلى الأبد، هنيئا
لمن ذهبوا دون أن يشهدوا عصر ضياع
الفرح القديم والأمل القديم ونواصل

متابعين يا محمد لكن صاحبك الأثيوبى المجلود
قدام زوجتو دا مرتو دشينابيه والله شنو وبعدين
هو سياسى قدر شنو ولو ملسا زناوى أو أسياس
أفورقى كلمنا كذلك والقضارف تلك أمرها عجب
رحم الله أهلها وأبقى عافيتها
فهى مدينة السخاء والوفاء وإحترام القادم
إليها وإغداقه بعشرة تظل إلى يوم الدين
ودعائى لك وسلامى وأشواقى لذلك الحسين شرفى
الذى إبتلعته غيلان أمريكا وأنقطعت عنا
أخباره وملاحظاتك عن التحول الواضح فى ذلك
الريف الذى كان يقف للكبير ويحترمه ويوسع له
فى المجلس ويتأدب له أخذت تدب فيه فيروسات
المدنيه وقرأت عنه فى مكان ما بتوسع أسهب فيه
صمويل باسليوس أستاذ علم الإجتماع بجامعة
القاهره موضحا أنثربولجيته ومشخصا لخصائصه
فهو أعرف بالعيناب من العيناب وبالحريزاب من
الحريزاب وبالنوفلاب من النوفلاب ولو بعثه
الله ثانية لرأى ما لا يستوعبه نتيجة
لسرعة حدوثه........................


منصور

المنصور - الأمهرا دشيناب أثيوبيا، فقد رأيت
في تلك المرأة الجميلة عنادا حد رسوخها فـي
الذاكرة شكلا وموقفاًطوال هذه العقود، لا تملك حيالهما
إلا أن تحترمها فالجمال والصلابة يستحقان التسجيل
وقضارف تلك الأيام أمرها عجب على قولك، سآتي لذكرها
مرات ومرات، ونأمل أن تأتينا هنا ببعض ما قال
(صمويل باسليوس أستاذ علم الإجتماع بجامعة
القاهره) لنستأنس برأيه عن تحولات أيامه تلك.

أما تحولات أيامنا نحن يا منصور فأمرها عجب، لم
نعد كما كنا نلتقي فايقين في وادي ماريا، نغني
لبكرة، فقد أصبح وادي مارية في مرمى المحليــة
وسوداتل، أصدقاء الصبا تفرقوا كل بأحلامه بعد أن
أصبحت ضغثا في زمان ضيق الأفق، أما الذين لا زالوا
هناك فيقيني أنك لن تعرفهم، لم يصبحوا أعضاء في
المؤتمر الوطني لكنهم نسوا الكلام!!

الأخ/ محمد عبدالجليل تحية وإحترامًا

هذا البوست يجب أن يتبوأ دوماً الصفحة الأولى فهو لسان حال الغالبية العظمى منا، نحن اللذين تركنا الريف وحاولنا التمسك بأهداب المدنية ونحن بين رحى حكامنا اللذين إنغمسوا فى الجلوس على رءوس الغلابة وسندان العسكرتاريا المدفوعة خفية من أولئك أيضا، نرجو الإستمرار فى التوثيق لسيرة البسطاء العظماء ، علنا نجد لنا مخرجًا من هذه الحلقة المفرغة مع بروز تهديد غريب وإكلشيهات جاهزة من منسوبى تلك الجهات والتى لم تترك مجالاً لسماع أصوات البسطاء والمغلوبين على أمرهم......... نرجو المواصلة وتوثيق تجربتك التى نرى من خلالها أنفسنا.

أبوبكر

Quote: نرجو الإستمرار فى التوثيق لسيرة البسطاء العظماء ، علنا نجد لنا مخرجًا من هذه الحلقة المفرغة مع بروز تهديد غريب وإكلشيهات جاهزة من منسوبى تلك الجهات والتى لم تترك مجالاً لسماع أصوات البسطاء والمغلوبين على أمرهم

الأخ أبوبكر أبوالقاسم - تحياتي لك ..
مازلنا نحلم بإنبلاج الصباح رغم طول
العتمة، ومازال الماضي متكئا نلوذ
إليه من هجير قبح آني مستحيل ..
سيتستمر التوثيق رغم ضيق العبارة عن
توصيف بعض الحوادث .. وبعض من راحوا
مني تاركين كل الآمال معلقة.

قرأت في المنبر قبل ثلاثةأيام وفاة صديقي بشار
الكتبي، التقيته أولا عبر كلام أصدقائه عنه: محمد
ربيع (ودنوباوي) كنموذج للإنسان النقي، كان
ربيع يتحدث عنه مثلما يتحدث الناس عن الأبطال
الأسطوريين، ومن ثم سمعت عن بشار من صديقه
الطيب ابراهيم العبادي، في 1990 سافر إلى
القاهرة، إتصل الطيب العبادي ببشار ليقابلني
وكان أن قابلني في المطار وذهبت معه إلى
شقته الصغيرة الرحبة بثوريتها وحميميتها،
وكانت مستقري وسكني طوال أيام زيارتي للقاهرة
والتقيت فيها بعدد كبير من الناس وكانوا
يشتركون جميعاً في أنهم يحلمون بوطن تحترم
فيه حريات الناس وإنسانيتهم، وطن يسكن في
احلامهم التي يصدقها العمل والمواقف اليومية
رحم الله بشار فقد كان نموذجا إنسانيا فريدا

رحم الله بشار فقد عاش طوال حياته
يطابق قوله الفعل وتقف هموم الوطن
على رأس أولوياته طوال الوقت.