المولد -- محمد المهدى المجذوب

واحدة من أميز القصائد فى ديوان الشعر السودانى، التى تذخر بالصورة أو الحدث/اللوحة، والتى أبدع في تشكيلها محمد المهدى المجذوب، مازجا فيها بين الروحى والمادى فى إبهار عجيب يدل على مقدرة فذة فى الصياغة الشعرية

نهديها بمناسبة ذكرى مولد محمد المجتبى، رسول الله، صلى الله عليه وعلى آله وسلم

المولد

محمد المهدى المجذوب

الخرطوم -- 1957م

صل يا ربى على المدثر
وتجاوز عن ذنوبى
وأعنى يا إلهى
بمتاب أكبر
فزمانى ولع بالمنكر

*****

درج الناس على غير الهدى
وتعادوا شهوات
وتمادوا
لا يبالون وقد عاشوا الردى
جنحوا للسلم أم ضاعوا سدى
أيكون الخير فى الشر انطوى
والقوى
خرجت من ذرة
هى حبلى بالعدم
أتراها تقتل الحرب وتنجو بالسلم
ويكون الضعف كالقوة حقا وذماما
سوف ترعاه الأمم
وتعود الأرض حبا وابتساما

*****

رب سبحانك مختارا قديرا
أنت هيأت القدر
ثم أرسلت نذيرا للبشر
آية منك ونورا

*****

هو عين الله لولا ضوؤه
لم نر البارى فى شتى الصور
جعل الموت رجاء وبقاء
وغراسا منه لا يفنى الثمر

*****

صل يا رب على خير البشر
الذى أسرج فى ليل حرا
قمرا أزهر من بدر السماء
يقرأ الناس على أضواءه
حكمة الخلق وأسرار البقاء
من إله قد هدى بالقلم
علم الإنسان ما لم يعلم

*****

صل يا رب على المدثر
وتجاوز عن ذنوبى واغفر
وأعنى يا الهى بمتاب أكبر

*****

ليلة المولد يا خير الليالى
والجمال
وربيعا فتن السحر بالسحر الحلال
وطنى المسلم فى ظلك مشبوب الخيال
طاف بالصارى الذى أثمر عنقود سنى
كالثريا
ونضا عن فتنة الحسن الحجابا
ومضى يخرجه زيا فزيا
وزها "ميدان عبد المنعم"
ذلك الحسن حياه الغمام
بجموع تلتقى فى موسم
والخيام
قد تبرجن وأعلن الهيام

*****

وهنا حلقة شيخ يرجحن
يضرب النوبة ضربا فتئن
وترن
ثم ترقص هديرا أو تجن
وحواليها طبول صارخات فى الغبار
حولها الحلقة ماجت فى مدار
نقزت ملء الليالى
تحت رايات طوال
كسفين ذى سوار
فى عباب كالجبال

*****

وتدانت أنفس القوم عناقا واصطفافا
وتساقوا نشوة طابت مذاقا
ومكان الأرجل الولهى طيور
فى الجلاليب تثور وتدور
تتهاوى فى شراك
ثم تستقر جرحى وتلوب
فى الشباك
مثلما شب لهيب

*****

وعلا فوق صدى الطبل الكرير
كل جسم جدول فيه خرير
ومشى فى حلقة الذكر فتور
لحظة يذهل فيها الجسم والروح تنير
وعيون الشيخ أغمضن
على كون به حلم كبير

*****

والمقدم
يتغنى يرفع الصوت عليا
وتقدم
يقرع الطبل الحميا
ورمى الذكر وزمزم
وانحنت حلقته حين انحنى
واستقامت وهوت الطبل نار تتضرم
وصدى ولد لشيخ وترجم
حيث للقطب حضور
وتداعى وتهدم

*****

وينادى منشد شيخا هو التمساح
يحمى عرشه المضفور من موج الدميرة
ندبوه للملمات الخطيرة
شاعر أوحى له شيخ الطريقه
زاهد قد جعل الزهد غِنى
فله من رقع الجبة الوانا حديقه
والعصا فى غربة الدنيا رفيقه
وله من سبحة اللالوب عقد
ومن الحيران جند
وله طاقية ذات قرون
نهضت فوق جبين
واسع رققه ضوء اليقين

*****

وفتى فى حلبة الطار تثنى
وتأنى
وبيمناه عصاه تتحنى
لعبا حركة المداح غنى
راجع الخطوة بطار
رجع الشوق وحنّا
وحواليه المحبون يشيلون صلاة وسلاما
ويذوبون هياما
ويهزون العصيا
ويصيحون به أبشر
لقد نلت المراما

*****

صل يا رب على المدثر
وأعنى وانصر
بشفيع الناس يوم المحشر
الذى يسقى صفاء الكوثر

*****

وهنا فى الجانب الآخر أضواء رقاق
نشرت قوس قزح
من رجاء وفرح
من ربيع فى دحى الليل يراق
ونساق
أنفس شتى وبطء واستباق

*****

وفتاة لونها الأسمر من ظل الحجاب
تتهادى فى شباب وارتياب
قد تحييك وتدعوك بأطراف الثياب
وهى قيد وانطلاق
واضطراب واتساق
إن نأت عنا وأخفتها الديار
فعروس المولد الحلوة جلاها التجار
لبست الوانها شتى أميره
ما أحيلاها صعيره
وقفت فى كرنفال
فوق عرش دونه الحلوى كنوز ولآلئ
من اساطير الخيال

*****

وهى إن تصمت ففى أعينها الوسنى انتظار
حولها الأطفال داروا
بعيون تلمع الألوان فيها وتذيع
وبها من بهجة رفت دموع

*****

لهفتا كم عصفت البؤس بأطفال صغار
وردوا المولد بالشوق وعادوا بالغبار
ويح أٍّ حسبوها
لو أرادوا النجم جاءت بالدرارى
ويحها تحمل سهد الليالى
فى صحو النهار

*****

ربّ أرسلت يتيما
قام بالحق رحيما
قد ذكرناه فهل نذكر من أمسى عديما
وتعشينا وأحسسنا أمانا
وشربنا وارتوينا
ومشينا
وشعرنا بنعاس فى خطانا
وسلام هو لو دام لأحمدنا الزمانا
ومضى الليل ونادانى سريرى المنام
فتركت المولد الساهر خلفى والزحام
من نفوس رجت الرّى
ولم يهمل غمام
فهى ظمأى فى القتام

*****

وبسمعى الطبل دوى من بعيد
كوليد فى دجى الليل وحيد
وبقايا من نشيد
عبرت سمعى طيرا
فى ظلام بشّر الآفاق بالصبح الجديد
والوعود

*****
رب فى موطنى المسلم قد عدنا إليكا
ما اعتمدنا ربنا إلا عليكا
وذكرنا الهادى المختار ذكرى
ملأت أرواحنا طهرا وصبرا
صل يا رب عليه
وتجاوز عن ذنوبى وأغفرِ
وأعنى بمتاب أكبرِ

أبوذر البديع

كل سنة وأنت طيب

جميلة هي ذكرى المولد

وكما ذكرت متميزة هي القصيدة

لك المنى

العزيزة

تارا

كيف الأحوال

إفتقدنا حضورك المبهج والله

وكل الأعوام وأنتِ بخير وعافية وسعادة

أهلا أخي المطر
جميل أن تستدعي ذكر محمد المهدي المجذوب ورائعته المولد
لعله لاتزال نار المجاذيب مشتعلة تستمد جذوتها من روعة ما خلد لنا أبناء تلك المنطقه من روائع هن الدرر بعيونهن يسحرن كل ناظر ويخلبن كل لب
شاعرنا اليوم صاحب لغه أدبيه رفيعه جدا تحتشد مفرداتها بروح الشعر وحرارة الاداء وصدق الكلمه والتي منبعها الوجدان الصادق لذا ترتقى أسفاره إلى فضاءات رحبه تخترق جدار الوطن لتعبره نحو أوطان أخرى تردد شعوبها بعضا من أبياته الشهيرة فهو مميز عن غيره من الشعراء إن لم يكن إمتدادا للتجانى يوسف بشير والشابي فى تونس والأخطل الصغيروأمين نخله فى لبنان ولقد جزم النقاد بأن محمد المهدى المجذوب أكثر إتصالا بتراث الشعر الصوفي وأقدرهم على التعبير عن هذا الانتماء والتواصل مع التربيه الصوفيه فى السفر لدى أعلامها الكبار من طبقه إبن الفارض وبن عربى
ترد مفردة كأس فى شعر المهدى كثيرا وهى رمز من رموز الشعر الصوفي وترمز الى كأس المحبه والعشق الأسمى وهى من حيث الصيغه تنزع الى تعدد القوافي جريا على عادة الرومانسيين لتحريك المجال النفسى وتعدد صور الحاله الشعريه مع كل مقطع من مقاطه القصيده ولقد كان إرتباط المجذوب بالحياه الصوفيه ومشائخها وأعلامها فى السودان وثيقا فأشعاره تنهل من هذا الفيض الصوفي ينسج على أو تار متقاربه أناشيده وأذكاره الروحية
لم تغادر تاثيرات الخلوه وجدانه الشعري بل تجلت فى نزعته البائنه بوضوح شديد, فهو سليل المجاذيب بالدامر نشأ وترعرع وأستمد شاعريته الثرة من بريق نار المجاذيب المتوهجه بأقباس الحب الالهي والوجد الصوفئ رافق الدكتور عبد الله الطيب فى صباه ثم إنتقل بعد ذلك لينهل من فيض العلم حتى تخرج من كلية غردون التذكارية ثم عرج على مهنة المحاسبة ولكن حنينا أخر لدنياه السابقه وحياته الاولى كان يشده أكثر
كان المجذوب مثقفا ومطلعا أيضا يحب الفنون الأخرى ويتابع مسيرة الثقافه خارج إطار الوطن ويعكف على قراءة الترجمات الادبيه لعظماء الكتاب
أعجب كثيرا بديزى الأمير تلك العراقية الساحره وقرأ لها الكثير وشرع فى مراسلتها أدبيا رسائل أتت كاروع ما يكون لاتزال محل سجال قضائى بين ديزى ورجاء النقاش والذى وصلت اليه هذه الرسائل بطريقةما
أحب الإستماع لأم كلثوم كثيرا وفى زيارتها للخرطوم كتب لها القصيدة الشهيرة ( نخلة النيل )
كتب قصائد دواوينة ( الشرافه والهجرة) و(نار المجاذيب)
والمجذوب واحد من بين قلائل بهرتهم الموناليزا بسحرها وغموضها فعكف يكتب قصيدته الشهيرة الموناليزا ولقد شبه النقاد قصيدته تلك بصلوات فى هيكل الحب للشابي وأقبلى كالصلاه تلك النسمه الروحيه لمحمود حسن اسماعيل ولقد جزم النقاد بتفوق المجذوب على هؤلاء جميعا ومن ضمن أبيات الموناليزا نختر لكم هذه الابيات
هى أمن وكم أتوق الى أمن وضعف يثيرني وإقتدار
وهي كالبحر ليس يؤمن منها جانب فيه عصف وقفار
وجبال من حيث لايدرك الظن تهاوي وما حواها قرار
حبها مقمر فليس يضل الليل فيه ولا يغيب النهار
هي كاس فى ظلها ضحك الانوار خدر يذوب فيه السرار
ملء عيني فكيف اعجز أشواق لون يشق عنه الإزار


وفى مطلع آخر نجده يقول
فى حشاي المشوق سحب لا تهمي بارض تخاف لمع البروق
جنة حلوة الثمار بها والغدران تغني عن السحاب الدفوق
يشتهي قطرة من العسل المخبوء نحل مثور فى عروقي
وحشاي المشوق سحب من الريح بها الشوق صرخة من غريق
_________________
موعدنا غدا فوق تلك الربى لا زال يا وطنى للحديث بقيهمولد

Dear Rain

Salamat

Could you check the poem with the orginal?

I think there are some changes that I am not familiar with at the original text as I remember it.


With all my appreciation

العزيز
أحمد المرضى

تحايا وسلام

كما تعلم يا أحمد، كان الفنان "عبد الكريم الكابلى" قد أخذ عدة مقاطع من القصيدة، وهى طويلة كما ترى، وصاغها فى لحن جميل وأداها وأضحت عملا رائعا بالحق، ثم جرت العادة، وخاصة عند حلول ذكرى المولد النبوى، أن تنشر بعض الصحف والمجلات القصيدة، ربما حسب الترتيب والشكل الذى غناها به الكابلى، ومن هنا ربما تعود الناس على ذلك الشكل، إنماهذا هو النص الكامل للقصيدة وبالترتيب الذى كتبها به المجذوب ونشرت به أول مرة حسبما أعلم

لك التحية يا مرضى

وتحياتى للعزيز ياسر

العزيز
نزار باشرى

تحايا وتقدير
وأشكر لك هذه الإضاءة الجميلة عن شاعرنا المجذوب، ذلك الإنسان المسكون بنار الشعر وشرافة أهله المجاذيب
وأذكر أن أول علاقة لى بشعره الجميل، كانت مع قصائده المتأخرة نوعا ما والتى نشرها فى ديوانه "البشارة، القربان، الخروج" ثم استمرت العلاقة وبدأت ابحث عن كل بقية أعماله وأكثر ما يلفت فى شعره هو ذلك الحضور القوى للمفردة المتميزة حتى لكأنك ومن أول وهلة تدرك أن هذى القصيدة أو تلك من نظم المجذوب

تحيتى مجددا لك وتقديرى

ياه يامطر

هاهي الايام النديات قد اظلتنا ومازلنا في غينا سادرين

ليلة المولد ياسر الليالي

عاشر مولد ونحن تلجمنا الغربة البكماء عن التغني جهرا بحب المصطفى

العزيز
زول ساكت

كل عام وأنت فى سعادة وطمأنينة
سنعود قريبا بإذن الخالق، ونتفيأ ظلال وأنسام الوطن

ولك الود

عزيزي أبو ذر المطر الهطاّل

لك الشكر من بعد التحايا..

وصلى الله وسلم عليك يا رسول المحبة والسلام..

Quote: درج الناس على غير الهدى وتعادوا شهوات وتمادوا لا يبالون وقد عاشوا الردى جنحوا للسلم أم ضاعوا سدى أيكون الخير فى الشر انطوى والقوى خرجت من ذرة هى حبلى بالعدم أتراها تقتل الحرب وتنجو بالسلم ويكون الضعف كالقوة حقا وذماما سوف ترعاه الأمم وتعود الأرض حبا وابتساما

كلام عجييييييييييب..

ألف رحمة وسلام على روح أستاذنا المجذوب..

ياسر

Quote: صل يا ربى على المدثر وتجاوز عن ذنوبى وأعنى يا إلهى بمتاب أكبر فزمانى ولع بالمنكر

شكرا the rain على ايرادك هذه اللوحة الرائعة للشاعر محمد المهدي المجذوب

مطر ..
اللهم صلي علي المصطفي المدثر وتجاوز عن ذنوبي ..

ترجمها الكابلي واللبسها اجمل ثياب .. من مرقوعة الدراويش ، وجلاليب السادة القوم..

العزيز

علاء

كيف حالك يا صديقى البديع

والشكر أرتال على تنغيم ساحة المجذوب
دفقا سماويا منغما بأناشيد الأرواح ومضاءا بسناء الذكر

وتحية لأستاذنا المبدع الخلاق الكابلى والذى نفخ بالفعل روحا مشبعة باللحن فتكاملت اللوحة وخلدت معالمها

وتحية وود عميق لك يا خازن جنان النغم

العزيز
أنور الطيب

لك التحايا والود

وقد أضاءت أنوار حضورك جنبا الى جنب ضياء المجذوب

العزيز
د. ياسر الشريف


كيف حالك

المجذوب شاعر يملك الرؤية ونفاذ الحس الى بواطن المعنى
وكأن نار أهله قد كانت بردا وشعرا وسلاما فى روحه النقية الخلاقة

لك الود يا عزيزى وكل المودة والتقدير