إجراءات مشروع سـد كجبـار مثال صارخ لإهانة المواطن وسوء فهـم حدود سلطـة الحكومـة

فى تأريخ المجتمعـات البشـريـة، الشعـوب سابقـة للحكومـات.. فقـد كانت الشعـوب بلا حكومـات.. وفى مثال الســودان وأفريقيـا، فإن شعـوب هـذه القارة لم تعرف الحكومـات الا قريبا.. مئات قليلـة من الأعـوام.. وفى حالـة السـودان فربما كانت 150 عامـا فقـط!! كانت تسـوس هـذه الشعـوب حياتهـا وحياة أفرادهـا بأفضل ما يكون.. فالارض هى ارض الشعب الذى يقطنهـا، لا احد من الخارج يستطيـع أن يأتى ويبنى أو يزرع فيهـا، الا عن طيب نفس من مالكها.. حتى تعقدت الحياة وظهـرت الحاجـة للتخصص الوظيفى، ومن ثم ما نسميه الحكومـة.
ومهمـة الحكومـة إذا هى تنظيـم الحياة، وليست إدعاء ملكيـة الأرض.. وحرمـة الحقوق تبدأ بحرمـة المنزل وحق ساكنه المطلق فيه، وحرمـة القريـة لأهل القريـة، وحرمـة الإقليم لأهله، هم الذين يشرعون له.. لا الحكومـة المركزيـة.

حكومـة السـودان يجب أن ترفع يدهـا عن كجبار فوراً، ولو رأت لأسباب إقتصاديـة قوميـة أن يقام سـد فى كجبار، فعليهـا أن توسـع دائرة الشـورى لتشمل أهل النطقـة بصـورة رئيسيـة، وعلماء من البيئـة والأثار والإجتمـاع والبنك المركزى أو وزارة الماليـة لتقريـر التعويض إن اتفق على تعويض المتضررين من السـد.. هـذا الفريق العلمى والتخصصى، هـو وحده الذى يستطيـع الوصول الى صـورة صحيحـة لفوائد ومضار المشـروع، ثم بعـد ذلك تستطيـع الحكومـة أن تتخـذ القرار المناسب وفق توصيات هـذا الفريق.
أما القرارت الفوقيـة، وفى جو عام من الفسـاد الإدارى والمالى الذى يزكم الأنوف، فإن المضى فى هـذا المشـروع هـو خطـأ كبيـر وسوف تترتب عليه أخطاء أكبـر.. ومشـاكل لا يعلمهـا الا الله وحـده.. والوطن الجريح فى غنى عن كل هـذا.