كلمات عاجزة إلى عرفات قبيل الشهادة

هذه الرسالة نشرتها سودانايل ورأيت أن أبعث بها لكم لتعميم الإطلاع


كلمات عاجزة إلى عرفات قبيل الشهادة

د. أحمد عبد العال

إلى كل العناوين .. وكل العناوين محددة ..

اللهم إنك تشهد في هذه الليلة المظلمة أن قائدا عربيا مسلما يحاصره الصهاينة في غرفة صغيرة في أرض الأقصى الذي باركت حوله ..

اللهم أن كل الأنظمة والعروش والجيوش عاجزة ..

اللهم لا مغيث إلا أنت في هذه اللحظة الرهيبة, أن يقتل قائد مسلم أمام أعينن.

قائد ينادي الإخوة .. والإخوة في غياب .. الإخوة أين هم؟ ومن هم؟ لا أحد يعلم على وجه التحقيق! اللهم إنك تشهد أن شعب فلسطين وقيادة شعب فلسطين وقد عز النصير وحدهم الآن يواجهون اسرائيل ..

ونحن نتابع ما يجري عبر شاشات التلفزيون مرحلة من بعد مرحلة في أمان بين زوجاتنا وأطفالنا نتابع المسلسل اليومي وقد بلّغ عرفات:بأنهم يردونني إما طريدا أو أسيرا, إما قتيلا ولكني أقول لهم ... شهيدا ... شهيدا ... شهيدا .. نعم سمعنا كلماتك الأخيرة القصيرة يا عرفات .. سمعنا وضمائرنا مثقلة بالهزيمة ملطخة بدماء الجريمة .. نحن أبناء الأمة العظيمة ... نقلب أعيننا بين محطات التلفزيون العربية وبعضها يعرض علينا تفاهات الراقصات والراقصين والفرص السانحة في مسابقات المليون .. يعرضون علينا قصر قاماتنا بكل لون...

نراك يا عرفات الآن ..

نتعرف على أنفسنا من جديد ..

كم نحن فاسدون وتافهون ..

لا يعبأ الله بنا ..

ويعبأ الله بكم يا عرفات ويا شعب فلسطين ..

أنتم يا سيوف الملحمة .. في هذه الليلة المظلمة .. أنتم وحدكم العنوان الوحيد المقيم في ذرى الشرف ..

أما نحن فمحض أكاذيب وأضاليل ..

محض بهاليل وتعاليل ..

السلام عليكم يا عرفات ومن حوله الآن .. لقد اخترتم واختار الآخرون ..

هاهو شارون .. يرفع ساقه ويتبول على رؤوس كل البيادق .. وعلى فوهات كل البنادق المعطلة .. وعلى الضمائر الآفلة ..

هذه نهاية البيادق في المآزق ..

السلام عليكم يا عرفات ومن حوله الآن بين لحظة وأخرى قد يقع الاقتحام .. هذه مساعي اخوتك الآن .. ينقذونك بالاتصالات التلفونية .. يطمئنون على صحتك الغالية .. ويعجبون لروحك المعنوية العالية .. ويؤكدون لك .. أنه لا خوف على حياتك وانت في ضوء الشموع !!

ويؤكدون لك كما أكد لهم بوش أن أنه ضامن لحياتك فلا تخش شيئا مما يجري حولك الآن يا عرفات يا رئيس .. يا مرابط.

سيطوى الملف وتغلق المضابط ..

غدا تنهال برقيات التعازي ويموج بحر الكلام المجازي .. من يمنع عنك شارون الآن ... إلا الله؟

وقد اخترت وقد عرفت يا رئيس يا مرابط .. أراك تمتنع .. وتتقدم مشرعا سلاحك .. في وجه المقتحمين الأوغاد ..

ظهرك وظهور شعبك بلا جدار ..

نراك رأي العين على ضوء الشموس ..

وقد بلّغت أن الأمة كلها ستعرى غدا وتجوع .. غدا ستضاف آلاف المخيمات من الخليج إلى المحيط ولا عاصم .. أيتها العواصم .. المستحكمة وراء المراهنات والدفوف والأغاني ..

يا عرفات أراك تمتنع وتتقدم مشرعا سلاحك في وجههم ..

لقد سمعنا كلماتك القصيرة الأخيرة .. نعم تبينا كل شئ في لحظة الاقتحام ..

ثم تفرقنا في الظلام ..

كالبهلوانات في حذر نمشي على حبال الكلام ..

سلام على عرفات الشهيد ..

هذه المنابر والاقلام والمحابرعادت تفيض من جديد ..

اني أراك الآن قائما بالحق وفيا للعهدة العمرية .. ثم أراك في السدة العلية تشكو إلى الله .. ما فعله بك الإخوة الأعداء ..

تشكوإلى الله ما فعلناه بكم ..

ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ..

اللهم انك تشهد في هذه الليلة المظلمة ..

ان حزمة سيوف الملحمة ..

كانت هناك .....

هم الأيادي التي لا تصفق..هم الأيادي التي تبتر بعضها..المحاصر ليس عرفات..فقد أنتهي عرفات..المحاصر هو التالي..الشبل؟ العبدلله؟ مبارك؟..وما المانع؟ ألم تنقل لنا الأخبار أن وزير الخارجية الإسرائيلي أعلن أن ما يجري في ذاك البلد يجري بتنسيق مسبق مع أمريكا..وياسادتي ألا تلاحظون أن الأمر كله أنحصر في حصار عرفات..وإذا فك الحصار عن عرفات فعندها ترتفع السبعات..علامة النصر..أو تنطلق السواعد قبل الهتاف شاقة عنان السماء بالتهليل والتكبير والشعارات والمارشات..وحينها لا يقف أحد ويسأل ماذا بعد وماذا لو..أمة لا يجمعها إلا لسان وحرف منهار لاهدف لها ولا خطة ولا إستراتيجية..لن أواصل وسأنكفي على فرحتى قبل أن تغادرني