|
زهاء الطاهر.....كان يحب الخيل والليل .و.و.و الجسارة في الكتابة
|
مرحبا بعودة المنبر حراً، وليكون على أسس جديدة، وإليكم موضوع كنت قد أعدته للنشر، حول أحد مبدعينا "المطاليق" والصفة هذه حسب رؤى نادوس والصديق الأستاذ هاشم كرار. زهاء الطاهر من كثرة ما ضحكت معه‚ في هذه الدنيا‚ أنساني حتى البكاء‚‚ حتى البكاء عليه‚ اذ هو يلملم انفاسه الاخيرة‚ من هذه الدنيا‚ ذات ليل من ليالي الخرطوم‚ ويغيب‚‚ يمعن الغياب في الليل الطويل‚ اتذكره الآن‚ بكل تناقضاته البديعة: أدبه «وقله أدبه»‚‚ طيشه واتزانه‚‚ ايمانه وشكه‚ افلاسه وكرمه‚‚ نظامه وفوضويته‚‚ حكيه الطاعم وصمته‚‚ حياؤه ونزقه‚‚ جسده الكثيف وروحه اللطيفة جدا‚‚ واتذكر الآن: كان النور مقطوعا لأشهر‚ في منزله البسيط جدا‚ في شعبية خليفة‚ كانت بيننا شمعة تبكي على طاولة بثلاث ارجل‚‚ طاولة فوقها كتاب‚ تحته كتاب‚ فوقه كتاب‚ تحته كتب‚‚ وكانت في المسافة التي بين اذني وفمه‚‚ فمه واذني‚‚ صدى ضحكة‚‚ ضحكات‚‚ حين اشرأب صوته ـ فجأة ـ يتراقص مثل شمعة في مهب الليل: ـ لا ادري ـ يا ولد الشايقية ـ لكن يعتريني شعور غامض في هذه اللحظة‚‚ احس انني اذ ارحل‚ سأرحل بليل‚‚ الكلاب تعوي ‚‚ والريح‚‚ ولا تلويح بالوداع لأصحابي «المطاليق»!‚ كان حدثيا مُنبتا‚‚ نبت هكذا‚ غريبا وموحشا‚ وبلا مقدمات‚ في ليل شعبية خليفة‚ ذات شتاء‚ اواخر العام 1985‚ اذكر ان الشمعة ترنحت‚ رقصت رقصتها الاخيرة‚ رثت عمرها بآخر دمعة‚ و‚‚ من قلب الظلمة‚ شبّت «هوْهوْه» اعقبتها ضحكة‚‚ كان هو‚‚ وكان صوت الريح يعوي‚ وكنا وحدنا‚ ولا صحاب «مطاليق»! : لم أكن هنالك‚ في ليل الخرطوم‚‚ كنت هنا: شيئا من الذكرى‚ والحنين‚ ورجع ضحكات‚ واسترجاع مشاوير‚ وحكايات في طرف اللسان‚ و«ايام لن تعود»‚ الجملة الاخيرة‚ قلتها بأسف حقيقي‚ واطنان من الاشواق‚ الى صديقي الروائي المدهش‚ أمير تاج السر‚ كان قد سألني: كيف زهاء الطاهر؟ السؤال كان عاديا‚ بيد اني لو كنت قد التفت الى نبرته في هذه المرة‚‚ أو كنت قد انتبهت الى الكيفية التي راوغ بها تاج السر نظراتي‚ وراوغ بها هتاف دمع في عينيه‚ لكنت قد تبينت ان السؤال لم يكن عاديا‚ ـ بصراحة‚‚ وسكت تاج السر‚ لم أقل شيئا إلا باحتباس انفاسي‚ واستفهام بالغين‚‚ استفهام هو اكثر الحاحا من الحياة واكثر الحاحا من الموت‚ ـ يا أخي‚‚ اقول بكل صراحة‚‚ زهاء مات! هكذا‚ صديقي تاج السر‚ الذي لم ينس ـ في تلك اللحظة ـ ان يستجمع اي ذرة من ذرات شجاعته المتبقية‚ في هذه الدنيا‚ ليرمي في وجهي بتلك الجملة‚‚ نسى ان يترفق بي‚ ريثما احاول ان استجمع قدرتي الباقية‚ لأتماسك‚ لا ألومه‚ تلك «نظرية» الاطباء ـ وتاج السر منهم ـ في الابلاغ عن المرض‚ واحتمالات التعافي‚‚ والابلاغ عن الحياة‚ والموت! : لم اكن هنالك‚ في ليل الخرطوم كنت هنا‚ وكان هو هنالك‚ والظلام والريح تعوي‚ والكلاب‚ ولا صحاب‚‚ فمن؟ مَنْ بربكم يروي لي تفاصيل الحكاية دقة الموت لباب القلب‚ تفضل؟ شهقة الروح‚‚ جملته الأخيرة‚ «his yccLL stop» : كان يحب الخيل‚ والليل‚ والعدو والاصحاب‚ والورق الملون‚ والمظاريف الانيقة والطوابع والجسارة في الكتابة؟ كان‚‚ وكنا‚ وكانت سدف الظلام‚ والريح تعوي‚‚ والكلاب‚ وحين سمع النداء‚ توكأ ـ في منتصف العمر ـ على عصا كل ايمان العجائز‚ ومضى‚‚ يمعن في الغياب‚ ولا‚‚ لا لنا غير القصة‚ والغصة‚ واسترجاع المشاوير‚ الحكايات‚‚ تقليب الدفاتر ولا لنا غير اللوعة فداحة الفقد‚‚ الدمع ولا جدوى الانتظار!
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
زهاء الطاهر.....كان يحب الخيل والليل .و.و.و الجسارة في الكتابة | أبنوسة | 08-17-04, 01:00 AM |
Re: زهاء الطاهر.....كان يحب الخيل والليل .و.و.و الجسارة في الكتابة | Giwey | 08-17-04, 11:06 AM |
Re: زهاء الطاهر.....كان يحب الخيل والليل .و.و.و الجسارة في الكتابة | Adil Osman | 08-17-04, 12:14 PM |
Re: زهاء الطاهر.....كان يحب الخيل والليل .و.و.و الجسارة في الكتابة | Ishraga Mustafa | 08-17-04, 12:30 PM |
Re: زهاء الطاهر.....كان يحب الخيل والليل .و.و.و الجسارة في الكتابة | الجندرية | 08-18-04, 01:59 AM |
Re: زهاء الطاهر.....كان يحب الخيل والليل .و.و.و الجسارة في الكتابة | تراث | 08-19-04, 02:31 PM |
Re: زهاء الطاهر.....كان يحب الخيل والليل .و.و.و الجسارة في الكتابة | فى حافة الغياب | 08-19-04, 09:46 PM |
Re: زهاء الطاهر.....كان يحب الخيل والليل .و.و.و الجسارة في الكتابة | فى حافة الغياب | 08-20-04, 08:38 AM |
Re: زهاء الطاهر.....كان يحب الخيل والليل .و.و.و الجسارة في الكتابة | nadus2000 | 08-21-04, 01:02 AM |
Re: زهاء الطاهر.....كان يحب الخيل والليل .و.و.و الجسارة في الكتابة | أبنوسة | 08-21-04, 01:06 AM |
Re: زهاء الطاهر.....مات في الشارع | أبنوسة | 08-21-04, 01:47 AM |
Re: زهاء الطاهر.....كان يحب الخيل والليل .و.و.و الجسارة في الكتابة | Ehab Eltayeb | 08-21-04, 03:22 PM |
|
|
|