من جرائم الحرب _ التحريض المباشر والعلني علي ارتكاب الإبادة

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-23-2024, 07:58 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الثاني للعام 2004م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
08-04-2004, 12:55 PM

ahmed haneen
<aahmed haneen
تاريخ التسجيل: 11-20-2003
مجموع المشاركات: 7982

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
من جرائم الحرب _ التحريض المباشر والعلني علي ارتكاب الإبادة

    نقدم هذا المقال المهم تضامنا مع ضحايا
    الجنجويد في دارفور ومطالبة بمحاكمتهم

    التحريض على الإبادة

    كوليت بريكمان*

    حض الصوت المنطلق من الراديو "اعملوا بجد أكثر، القبور لم تمتلئ بعد". في شهر نيسان 1994، عندما بدأت الإبادة في راوندا، كان الناس يلتصقون إلى أجهزة الاستقبال. ففي ذاك الجزء من العالم الذي لا توجد فيه كهرباء عند معظم الناس، تكون تلك هي الطريقة الوحيدة لنشر المعلومات. ولكن في ذاك الصيف في راوندا، بدا أن غرض محطات الإذاعة الوحيد: تحريض الجماهير الهوتية على تصفية جيرانهم.

    وكانت أشهر محطات الإذاعة جميعاً محطة آر. تي. إل. إم.، راديو وتلفزيون الألف تلة. اشتهرت المحطة بوجود أفضل ديجيهات راوندا فيها، وبمزجها الجذاب بين الموسيقى الأفريقية والبرامج الإخبارية والتحليل السياسي. وبشرت المحطة التي أسست سنة 1993 ويملكها أفراد عائلة الرئيس هابياريمانا وأصدقاؤه، برسالة متطرفة تقول بالتفوق الهوتي، ولكن عديد الراونديين غير المسيسين أصبحوا مستمعين لها للموسيقى التي تبثها. وفي الحقيقة، كانت قلوبهم وعقولهم تُحضََّر للإبادة. وعندما أُطلق عنان القتل في السادس من شهر نيسان، أصبح واضحاً ما خلقه أصحاب المحطة ومديروها- منبراً جهنمياً يمكن من خلاله نشر رسالة القتل في جميع أنحاء راوندا.

    وما قدح زناد المحنة، إسقاط طائرة هابياريمانا بصاروخ. فبعد دقائق من تحطم الطائرة، اتهمت المحطة القوات البلجيكية التي تقوم بمهمة حفظ سلام للأمم المتحدة في رواندا باسقاط الطائرة. وفي الصباح التالي، قُتل عشرة جنود بلجيكيين بوحشية، وانسحبت قوات الأمم المتحدة. وكانت أر. تي. إل. إم. من أعطى إشارة بدء مجزرة التوتسيين والهوتيين المعتدلين.

    قالت آر. تي. إل. إم. في السابع من نيسان والثامن منه: "يجب أن تقتلوا [التوتسيين]، إنهم صراصير...". وفي الثالث عشر من أيار: "يا من تستمعون إلينا جميعاً، انهضوا كي نستطيع جميعاً القتال من أجل رواندانا.. قاتلوا بأية أسلحة تمتلكون، من يملك منكم سهاماً، بالسهام، من يمتلك منكم رماحاً، بالرماح... احملوا أسلحتكم التقليدية... علينا جميعاً أن نقاتل [التوتسيين]؛ علينا التخلص منهم، صَفّوهم، امحوهم من كل البلد... لا تدعوهم يجدون ملاذاً، لا ملاذ على الإطلاق". وفي الثاني من شهر تموز: "لست أدري إذا كان الله سيساعدنا على تصفية [التوتسيين] أم لا... لكننا يجب أن ننهض لتصفية هذا العنصر من الأشرار... يجب أن يصفوا لأنه لا توجد طريقة أخرى".

    وفعلت الرسالة فعلها. فإلى شهر تموز 1994، عندما وضع انتصار الجبهة الوطنية الراوندية التي يقودها التوتسيون نهاية للإبادة، كان قد ذبح ما يقرب من مليون راوندي- معظمهم توتسيون، وأيضاً هوتيون ينتمون إلى أحزاب ديمقراطية راوندية. لقد نجحت الراديوهات نجاحاً كبيراً في التحريض على الإبادة.

    وطبعاً، كان ما فعلته، تحضير الأرضية للقتل وتشجيع المستمعين على المضي فيه حالما بدأت الإبادة، غير قانوني كلياً وفقاً للقانون الإنساني الدولي الذي لا يعترف بحق مطلق لحرية التعبير. فبالتحديد، كان معظم من قتل مدنيون، أي "الأشخاص الذين لا يشتركون مباشرة في الأعمال العدائية". فحسب المادة الثالثة المشتركة في اتفاقيات جينيف الأربع لسنة 1949، يعامل المدنيون "في جميع الأحوال معاملة إنسانية، دون أي تمييز ضار يقوم على العنصر أو اللون، أو الدين أو المعتقد، أو الجنس، أو المولد أو الثروة أو أية معايير مماثلة أخرى".

    وإذ انتشر الاهتياج، أصبحت الوثيقة الأساسية اتفاقية الإبادة لسنة 1948 التي غدت راوندا طرفاً فيها سنة 1975. تعرف الاتفاقية جريمة الإبادة بأنها "أفعال ارتكبت بقصد تدمير جماعة قومية أو عرقية أو جنسية أو دينية، كلياً أو جزئياً". وتشمل الأفعال قتل أفراد المجموعة، وإيقاع أذى بدني أو ذهني خطير بها، وفرض شروط حياة مدروسة لتدميرها بدنياً، كلياً أو جزئياً. ولا تجعل الاتفاقية الإبادة نفسها جريمة دولية فقط، بل وتنص في مادتها الثالثة على أن "التحريض المباشر والعلني على ارتكاب الإبادة" محظور. وفي شهر أيلول 1998، حكمت محكمة جنائية دولية مؤقتة لراوندا، أقيمت في أروشا، تنزانيا، على جان كامباندا، رئيس الوزراء السابق، بالتحريض المباشر والعلني على ارتكاب الإبادة، جزئياً لتشجيعه محطة آر. تي. إل. إم. على الاستمرار في نداءاتها الداعية إلى قتل التوتسيين. وفي ذاك الشهر نفسه، أدانت المحكمة جان بول أكايزو،القائد المدني لكومونة طابا، بتهم شملت التحريض المباشر والعلني على ارتكاب الإبادة.

    هذا وقد ثُبِّتت المحظورات التي أقرتها اتفاقية الإبادة والسابقة القانونية التي أقرتها محكمة الجنايات الدولية لرواندا في نظام روما الأساسي لمحكمة الجنايات الدولية الذي تم تبنيه في السابع عشر من شهر تموز 1998. ووافقت 120 دولة على نظام روما الأساسي الذي وضع الأحكام الأساسية لأول محكمة جنائية دولية في التاريخ؛ فقد أدرجت المادة الخامسة من النظام الإبادة في رأس قائمة الجرائم التي تتمتع المحكمة بسلطة قضائية عليها.

    ظل صحفيو محطة آر. تي. إل. إم. المتاجرين بالكراهية على الهواء إلى أخر لحظة من لحظات الإبادة الراوندية. ففي شهر تموز 1994، عندما هزمت الجبهة الوطنية الراوندية- الجيش التوتسي الذي قدم من أوغندا المجاورة- الجيش الراوندي ووضعت نهاية للإبادة، حمل موظفو المحطة جهاز إرسال متنقل وفروا إلى زائير مع لاجئين هوتيين. وفر فردناد ناهيمانا، مؤرخ مشهور عمل مديراً للمحطة، إلى الكاميرون. اعتقل هناك وسلم إلى محكمة أروشا، حيث يواجه تهمة محددة جداً: التحريض على الإبادة.

    أغلقت الحكومة الجديدة التي يقودها التوتسيون محطة آر. تي. إل. إم.، ولكن الرسالة استمرت عندما شرع الهوتيون بالبث من محطة راديو سرية أخرى من كيفو، زائير، والتحريض على كراهية التوتسيين في بوروندي، مستعملة الشعارات نفسها.


    --------------------------------------------------------------------------------
    * كوليت بريكمان مراسلة للشؤون الأفريقة في لوسوار (بروكسل). وهي مؤلفة كتاب "الفزع الأفريقي" (دار نشر فايارد، 1996)، و"تاريخ إبادة" (دار نشر فايارد، 1994)، و"الديناصور: موبوتو زائير" (دار نشر فايارد، 1991).
                  

08-04-2004, 01:04 PM

Asskouri
<aAsskouri
تاريخ التسجيل: 06-17-2003
مجموع المشاركات: 4734

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: من جرائم الحرب _ التحريض المباشر والعلني علي ارتكاب الإبادة (Re: ahmed haneen)

    هاك يا حمد اعتراف الجيش السوداني بقصف المدنيين في دارفور. ديل بقصقوا عديل ما بحرضوا


    SudaneseOnline.Com 2-11-03
    Posted on: 11/3 at 12:52am CDT
    KHARTOUM, Nov 2 (AFP) -- Khartoum has denied dropping bombs on rebel-held areas in western Sudan, saying rather that the air strike targeted areas not included in a ceasefire agreement, media reports said Sunday. Sudanese rebels in the Darfur region of western Sudan accused the government of launching air raids on their positions Saturday, threatening indirect peace talks underway in neighbouring Chad.
    Chadian mediators were shuttling between the two sides to find an explanation on the bombing, reports said.
    But military spokesman, General Mohamed Beshir Suleiman said the bombing was the result of "suspicious movements by armed groups belonging to the Justice and Equality Movement in the Orshu area in North Darfur," the independent daily Akhbar Al-Youm quoted him as saying Sunday.
    Although smaller than the better-known Sudan Liberation Movement/Army (SLM/A), the Justice and Equality Movement is drawn from the same ethnic African group and also wants a better deal from the central government.
    Suleiman said the area was "not covered" by the ceasefire agreement signed between the government and the SLM/A in Abeche, Chad, last September and denied violating the ceasefire.
    "The armed forces have resolved the matter militarily by air strikes," the newspaper quoted him as saying.
    Government forces "stood up to a hostile act by the Justice and Equality organisation, which has not signed the ceasefire agreement to which the government is still committed," the paper added.
    On Sunday, the independent daily Al-Rai Al-Aam reported that the SLM/A was suspending indirect talks with Khartoum in Abeche to protest against the air strikes, it quoted one delegate as saying.
    The bombing "manifested insincerity by the government in implementing the ceasefire agreement," Al-Rai Al-Aam reported deputy chief SLM/A delegate Osman Bushra as saying.
    But the group would not leave Abeche or "close the door to talks to spare the Darfur people the calamities of war," he was quoted as saying.
    Talks reached deadlock earlier this week, with the two sides accusing each other of putting forward unacceptable conditions for direct talks to take place.
    On September 3, the government and the SLM/A signed a ceasefire agreement which they later accused each other of violating.
    The Darfur rebellion, launched in February to protest against economic neglect of the semi-desert region by Khartoum, has left about 3,000 dead so far, according to UN estimates.
    Another 400,000 have been displaced by the conflict.
                  

08-04-2004, 01:05 PM

ahmed haneen
<aahmed haneen
تاريخ التسجيل: 11-20-2003
مجموع المشاركات: 7982

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: من جرائم الحرب _ التحريض المباشر والعلني علي ارتكاب الإبادة (Re: ahmed haneen)

    حقوق الضحايا

    لندسي هيلسم*

    مختبئة في منزلها في كيغالي، سامعة صرخات جيرانها وهم يذبحون، لم تعرف مونيكا يويمانا إلى أين تتجه لطلب المساعدة. كانت عصابات من الشبان تنتقل من منزل إلى منزل بمناجل وهراوات ملأتها المسامير وتقتل التوتسيين مثلها. اتصلت بموظفي الأمم المتحدة، فقالوا إنهم لا يستطيعون المساعدة. اتصلت بمراسل أجنبي وسألته النصح، فلم تجد لدى الصحفي أية نصيحة.

    يؤمن عديد الراونديين بأن قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة ملزمة بمساعدتهم. غير إن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة سحب معظم القوات في عزّ الإبادة الراوندية في شهر نيسان 1994 ولم يأمر بقوة جديدة لتدخل راوندا إلا بعد أن أصبح الأمر متأخراً جداً.

    نظرياً، يستطيع المدنيون اللجوء إلى دولة محايدة والوصول إلى سفارة أجنبية. ولكن حتى لو تمكنت يويمانا من تجاوز الحواجز على الطرق، فقد يتم ردّها، لأن معظم السفارات لا تستقبل وتحمي إلا الضحايا الذين يستطيعون إثبات صلتهم ببلادها.

    ورواندا مثال استثنائي لأزمة إنسانية اختفى فيها المجتمع الدولي وممثلوه من المشهد حين كانت الحاجة إليهم ماسة. وهي تكبسل مأزق ضحايا النزاع المسلح، أو الجرائم ضد الأنسانية، أو، كما في هذه الحالة، الإبادة. والدول ملزمة بدفع تعويض لانتهاك الاتفاقيات الدولية ومسؤولة عن ذنوب قواتها. فاتفاقية لاهاي لسنة 1907 تقول: "تُلزم الدول المحاربة التي تنتهك أحكام هذه الاتفاقية، إذا تطلب الأمر، بدفع تعويض. وستكون مسؤولة عن جميع الأفعال التي يقترفها أشخاص يشكلون جزءاً من قواتها المسلحة". وتحكم المؤسسات القضائية الآن في قضايا من الحروب التي دارت حول إرث يوغسلافيا ومن الإبادة في راوندا، ويجري في وقت كتابة هذه المادة تشكيل محكمة جنايات دولية. وفي النهاية، ستحدد المسؤولية في هذه القضايا. ولكن في لحظة العنف الأقصى، تكون الحماية غير موجودة تقريباً.

    واللجنة الدولية للصليب الأحمر واحدة من أول الأماكن التي يلجأ الضحايا إليها. وهي مفوضة حسب اتفاقيات جينيف بـ: حماية أكثر الأفراد ضعفاً، سواء كانوا أسرى حرب أو مدنيين يتعرضون للهجوم؛ تقصي المفقودين ولمّ شملهم مع عائلاتهم؛ الإشراف على إعادة الأسرى إلى أوطانهم؛ وتذكير جميع أطراف نزاع بأنهم ملزمون بتطبيق الاتفاقيات. وأثناء الإبادة الراوندية، وسع موظفو الصليب الأحمر الوطنيون والمحليّون تفويضهم وآووا ما بلغ مجموعه من الراونديين تسعة آلاف في مجمّعها في راوندا. إلا إنها لم تستطع فعل ما تريد. جمع ممثلوها آلاف الجرحى وأحضروهم إلى مستشفى. ولكن ذلك لم يعنِ حماية، ففي إحدى المناسبات، دخل الجنود المستشفى بعد أن غادره الأجانب وقتلوا المرضى. وفي مناسبة أخرى، جُرّ التوتسيون من مركبات الصليب الأحمر وقتلوا. وفي أجزاء من راوندا، شارك موظفوا الصليب الأحمر المحليّون في القتل.

    وتحاول المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، حسب تفويضها، توفير الحماية للذين يهربون من بلدهم بسبب نزاع. فقد أدى التزايد السريع في عدد الأشخاص المرحلين من أماكنهم داخلياً إلى قيام المفوضية بعمليات في عدد متزايد من البلدان للتعامل معهم. وتحاول المنظمات غير الحكومية التي يتزايد عددها باستمرار مساعدة ضحايا النزاعات المسلحة. غير إن قلة من المنظمات غير الحكومية المحلية والدولية تعمل في وسط النزاع، إلا إذا ضمنت دولة خارجية أمنها. ويُظهر النزاع في البوسنا حدود تلك الحماية القصوى، فالقوة العسكرية الخارجية نشرت لحماية قوافل الغذاء والدواء التي تحاول الوصول إلى "المناطق الآمنة" المعلنة كذلك من قبل الأمم المتحدة، لكنها لم تفعل أي شيء تقريباً لحماية المدنيين أو، حين تعرضت للهجوم، لمناطق الأمان أيضاً.

    وفي مرحلة ما بعد الحرب الباردة، استُهدفت منظمات الغوث باستمرار إلى جانب استهداف المدنيين الذين تحميهم. فقد استهدف رئيس بعثة الصليب الأحمر في البوسنا وقتل في شهر حزيران 1992، مما دفع الصليب الأحمر إلى سحب وجوده بالكامل من ذاك البلد مؤقتاً. بعد ذلك، بدأ صرب البوسنا حملة التطهير العرقي الواسعة. وفي بوروندي، نُصب كمين لثلاثة من مفوضي الصليب الأحمر على طريق رئيسي وقتلوا سنة 1996. وفي الشيشان، دخل مسلحون مجمعاً للصليب الأحمر وقتلوا ستة من مفوضيه سنة 1996. والهجمات على الذين يحاولون مساعدة الضحايا أكثر البراهين درامية على التجاهل الكامل لقوانين الحرب الذي يسم النزاع المعاصر.

    وفقاً للقانون الدولي، الدول ملزمة بمنع و، إن أخفقت، معاقبة الانتهاكات الواسعة لقوانين الحرب. ولكن لأسباب سياسية محلية، كثيراً ما تفضل الدول البقاء بعيداً عن نزاعات كل منها؛ والأدوات القضائية التي تبرر التدخل لا تملك، في أفضل الأحوال، إلا آليات ضعيفة لفرضها. فاتفاقية الإبادة لسنة 1948 التي تلزم الدول الأطراف فيها "منع ومعاقبة" الإبادة، لا تتضمن آلية لتقرير إن كانت إبادة قيد التنفيذ. فالمادة 90 من البروتوكول الإضافي الأول لسنة 1977 أنشأت مفوضية دولية لتقصي الحقائق لتحقق بالتهم بجرائم الحرب، إلا إنها تتطلب إجماع كلا الطرفين لتعمل، وظلت بعامة مهملة. ويتمثل الجهد الأجدد في هذا المجال في سعي الأمم المتحدة إلى خلق محكمة جنايات دولية سيخول نائبها العام القيام بتحقيقات في جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية في وقت ارتكابها.

    أما بشأن التعويضات، فللضحايا، بمقتضى القانون الدولي والمحلي، حق المقاضاة، ولكن بعد إبادة كالتي وقعت في راوندا، بالكاد ظل غني يستطيع دفع بدل الأضرار. تلقى ضحايا المحرقة النازية تعويضات من الحكومات الألمانية المتعاقبة، إلا إن "نساء المتعة" اللواتي استخدمن كرقيقات جنس من قبل القوات اليابانية أثناء الحرب العالمية الثانية، ما زلن ينتظرن التعويض بعد خمسين عاماً، رغم أن الحكومة اعترفت سنة 1993 بأن الجيش الياباني مسؤول عن الجريمة. ففي السابع والعشرين من شهر نيسان 1988 أمرت محكمة مقاطعة يابانية بأن يدفع تعويض لثلاث نساء كوريات، ولكن الحكومة استأنفت القرار. ودافعت مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان عن مجموعة من المبادئ لمساعدة ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان. وتشمل المبادئ حق عائلة بمعرفة مصير أناس مفقودين، وحق التعويض، وحق العدالة الجنائية، والمبدأ القاضي بأن تتخذ الحكومات خطوات لمنع تكرار الجرائم. ورغم ذلك، ليست هذه المبادئ إلا توصيات.

    بالحظ، بالصدفة، برحمة الله، نجت مونيكا يويمانا. إلا إن أطفالها الخمسة الذين كانوا يقيمون مع جديهما في الريف، قتلوا. ولا تؤمن مونيكا إلا إيماناً ضعيفاً بالقانون الدولي.
    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    (انظر الأشخاص المحميون؛ شارة الصليب الأحمر والهلال الأحمر؛ حقوق اللاجئين؛ نقل المدنيين).


    --------------------------------------------------------------------------------
    * لندسي هيلسم مراسلة أخبار القناة الرابعة (لندن) الدبلوماسية، ومساهمة في ملحق التايمز الأدبي ومجلة النيوستيتمان، وأنجزت عدة تقارير وثائقية. فازت سنة 1995 بجائزة صحفي العام، التي تمنحها منظمة العفو الدولية، لتقاريرها عن راوندا.

    مقتطفات من كتاب / جرائم الحرب

    (عدل بواسطة ahmed haneen on 08-04-2004, 01:10 PM)

                  

08-04-2004, 01:28 PM

ahmed haneen
<aahmed haneen
تاريخ التسجيل: 11-20-2003
مجموع المشاركات: 7982

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: من جرائم الحرب _ التحريض المباشر والعلني علي ارتكاب الإبادة (Re: ahmed haneen)

    الأخ عسكوري
    سلامات فينك يا راجل

    تشكر للمرور هنا
    دعنا نسجل ونوثق جرائمهم ليوم حساب قادم لا محالة
    يرونه بعيدا ونراه قريبا

    واليك المزيد من كتاب جرائم الحرب


    المرتزقة

    إليزابث وربين*

    كان الكولونيل رويلف أفريكاني [مواطن جنوب أفريقي] صرف حياته الراشدة كجندي، وقاتل محترف، في قمع حركات التحرر الوطني الأفريقية لصالح قوات الدفاع الجنوب أفريقية في مرحلة الأبارثيد. ورغم ذلك، عندما قابلته في ربيع 1996 في سيراليون، قال لي مدنيون أفارقة سود حرر لهم بيوتهم في خضم حرب أهلية شرسة، إنهم يعتبرونه مخلصهم.

    كان رويلف في سيراليون مع منظمة "النتائج المضمونة"، وهي جيش مرتزقة مشكل من جنود جنوب أفريقيين سابقين، استأجرته الحكومة لإنهاء الحرب. أخبرني رويلف عصر يوم في منطقة ماس قصيّة حيث أقام هو ورفاقه المرتزقة قاعدتهم العسكرية فوق تلة، "نريد مساعدة البلدان الأفريقية على التخلص من حروب المتمردين وعدم الاعتماد على الأمم المتحدة في حل مشاكلها". وقال "إننا مثل أمم متحدة أفريقية، ولكن بموازنة أصغر". وعندما توقفت نساء سيراليونيات قربنا ليطلبن حماية لمبارة كرة قدم ستجري عند النهر لأن المتمردين لا يزالون يتجولون في الدغل، وعد رويلف بالمساعدة. قال "أنا المحقق في الشكاوى هنا". وفي الحقيقة كان رويلف مارشال مستقلاً يأمل تكبير حسابه البنكي بالماس أكثر من أي شيء آخر. وكان يحاول بكل وضوح إخفاء عمليته الارتزاقية بلغة حفظ السلام الدولية. إلا إن رؤساء القرية لم يهتموا إذا كان رويلف مرتزقاً، أفريكاني، حافظ سلام أمم متحدة، أو أي شيء آخر، طالما استمر بحماية الناس بجنوده ومروحياته المقاتلة.

    فبين سنة 1991 وسنة 1995 انزلقت سيراليون إلى حالة فوضى عنيفة عندما كان المتمردون وجنود الحكومة المرتدين يخوضون حرباً مرعبة ضد المدنيين- إحراق قرى، رفس الناس حتى الموت، أو قطع أيديهم وأقدامهم وأعضائهم التناسلية. لم يكن لدى المجتمع الدولي إلا ميل قليل للانخراط في الأمر. فقد شهدت الأمم المتحدة إذلالاً كافياً عندما جرّ الصوماليون حافظي السلام الأمريكيين الأموات في شوارع مغاديشو، وعندما أخذ صرب البوسنا حافظي السلام التابعين للأمم المتحدة رهائن، وعندما قتل الإباديون الراونديون القبعات الزرق البلجيكيين [أفراد قوى حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة]. ولذا تحول الرئيس العسكري السيراليوني الشاب إلى السوق الدولية واستأجر "النتائج المضمونة". وافقوا على تدمير المتمردين واستعادة القانون والنظام مقابل خمسة عشر مليون دولار وامتيازات للتنجيم عن الماس. وخلال عام استعادت "النتائج المضمونة" استقراراً للبلد يكفي ليصطف السكان وينتخبوا في أول انتخابات رئاسية تجري منذ ثمانية وعشرين عاماً.

    تنتمي "النتائج المضمونة" إلى شركات الأمن الخاصة المزدهرة التي دخلت مسرح الحرب في العقد الأخير من القرن العشرين عارضة فعل ما لا تستطيع الأمم المتحدة فعله- الانحياز إلى طرف، نشر قوة كبيرة، وكثافة نيران وقائية مقابل أجر باهظ. وكما يؤكد مستخدِم رويلف في جنوب أفريقيا، لن تعمل الشركة، عكس مرتزقة الماضي، إلا لحساب "حكومات شرعية". ورغم ذلك، تتماشى "النتائج المضمونة" مع تعريف البروتوكول الإضافي الأول الملحق باتفاقيات جينيف للمرتزق- أي شخص ليس مواطناً من مواطني طرف من أطراف نزاع ومن وُعد بتعويض مادي أكثر مما يدفع لقوات مستخدِمه المسلحة".

    إن القوانين الدولية الخاصة بوضع المرتزقة واستخدامهم من قبل الأطراف المتحاربة ضبابية بسبب المناخ السياسي المتغير الذي جُندوا فيه. ربما كانت الارتزاقية ثاني أقدم مهنة. ففي أيام دول المدينة الإيطالية تعاقد حتى البابا مع قادة المرتزقة ليستأجر جنوداً أجانب للدفاع. وفي القرنين السابع عشر والثامن عشر اشتهر السويسريون بكتائبهم الجاهزة لمن يستأجرها من البلدان الأوروبية الأخرى. وفقط في القرن العشرين، أثناء فترة تفكيك الاستعمار المضطربة في أفريقيا، اكتسب المرتزقة شهرة ككلاب حرب متعطشة للدماء، وأوقعوا خراباً في الدول الأفريقية الضعيفة المستقلة حديثاً. ومثل بنادق الاستئجار الحرة هذه ليست مسؤولة أمام أية دولة قومية أو أية قوانين دولية. فهم جاهزون للعمل لحساب من يدفع أكثر، بغض النظر عن القضية، ويعتبرون بحق عناصر عدم استقرار. وبالمجمل، لا يهمهم مستقبل البلد الذي استأجرهم، فطالما استمرت الحرب، استمرت رواتبهم.

    وهكذا، في سنة 1968، أقرت الأمم المتحدة ومنظمة الوحدة الأفريقية قوانين ضد المرتزقة، جاعلة استخدامهم ضد حركات التحرر الوطني والاستقلال قابلاً للعقاب كفعل جنائي. وفي سنة 1966، تبنى مجلس الأمن قراراً يدين تجنيد المرتزقة لإسقاط حكومات الدول الأعضاء في الأمم المتحدة. وجردت المادة السابعة والعشرون من البروتوكول الإضافي الأول لسنة 1949 الملحق باتفاقيات جينيف المرتزقة من حق المطالبة بوضع العسكري أو بوضع أسير حرب، تاركة إياهم، لذلك، عرضة للمحاكمات كجناة عامين في الدولة المتضررة. لكن المادة تركت تعريف المرتزقة، برأي عديد النقاد، ذاتياً بشكل خطر ويعتمد جزئياً على تقدير الأسباب التي تدفع شخصاً للقتال.

    ورغم ذلك، يعلن ميثاق الأمم المتحدة أيضاً بأن أي شيء لا يجب أن يعيق الحق الفردي أو الجماعي بالدفاع عن النفس إذا وقع هجوم مسلح ضد دولة عضو في الأمم المتحدة. ومع انتشار النزاعات الداخلية منخفضة الكثافة حول الكرة الأرضية وتردد الدول الأعضاء في الأمم المتحدة في التدخل العسكري، قد تعتمد الدول وحتى المنظمات الإنسانية، في المستقبل، على شركات الأمن الخاصة. وعليه، هل انتهكت سيراليون القوانين المناهضة لاستخدام المرتزقة؟ أم إنها كانت تمارس حقها في الدفاع عن انهيار الدولة؟

    اعتماداً على كيفية تسجيلك لمكاسب سيراليون، سترى أن مزاعم رويلف صحيحة نوعاً ما. فقد سمح تدخل "النتائـــج المضمونـــة" لـنحو 000، 300 لاجئ بالعودة إلى وطنهم. كلّف الاحتفاظ بالعدد نفسه في مخيمات لاجئين قذرة في غينيا المجاورة منظمات العون الدولية ستين مليون دولار سنوياً. وأكثر من ذلك، وثق المدنيون بقدرة "النتائج المضمونة" على حفظ النظام أكثر بكثير مما وثقوا أبداً بجنودهم الذين لا يعتمد عليهم. هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن الحكومة المدنية الجديدة مدينة بملايين الدولارات لشركة مرتزقة جنوب أفريقية اعتمدت عليها كلياً للبقاء في السلطة. وكما انتهى الأمر، أمر البنك الدولي الحكومة المدنية المفلسة إنهاء عقدها مع "النتائج المضمونة". من دون جيش وطني يمكن الاعتماد عليه أو قوة حفظ سلام، انزلق البلد مرة أخرى إلى فوضى عنيفة. وبعد عام من ذلك، أسقط متمردون وجنود حكوميون جشعون الحكومة وحكموا بالإرهاب. لم تتوقف دورة العنف هناك. وبعد نحو ثمانية أشهر، شنت شركة بريطانية، لها علاقة بـ "النتائج المضمونة"، هجوماً مع قوة نيجيرية، وأسقطوا الطغمة العسكرية، الأمر الذي قاد إلى فضيحة كبيرة في لندن. وفي النهاية، أين تركت كل هذه الجيوش الخاصة سيراليون؟ في وقت كتابة هذه المادة، كان المرتزقة قد غادروا، وعاد المتمردون الغاضبون ليقطعوا أيدي وأذرع السيراليونيين بعيداً جداً عن العاصمة.

    في القلب من الجدال الدائر حول المرتزقة وشركات الأمن أسئلة مهمة: هل يمكن التمييز، بتعبيرات قانونية، بين مرتزقة جيدين ومرتزقة سيئين؟ هل ستكون سيراليون في وضع أفضل لو وظفت "النتائج المضمونة" على أسس شبه دائمة؟ وماذا يمكن القول عن الجنود الصرب والكرواتيين الذين كانوا سابقاً أعداء، ومن استأجرهم دكتاتور زائير، موبوتو سيسي سيكو، لوقف ثورة شعبية؟ أو عن القناصة الرومان والجنوب أفريقيين الذين دفع صرب البوسنا لهم أموالاً ليقتلوا المدنيين البوسنيين أثناء حصار سراييفو؟ لربما حان الوقت لتعديل قوانين المرتزقة وتعريفهم. اقترح خبراء القانون الدولي أن بمنح المرتزقة وضع العسكريين وبالتالي حقهم، فقد يصبحون أكثر التزاماً بواجباتهم كعسكريين. ربما. وربما لا. ويقترح أخرون قانوناً يطلب من شركات الأمن أن تكون مسجلة في حكومات وطنية. فهذا يجعل الشركات مسؤولة أمام جهاز ترخيص حكومي يطلب من مثل تلك الشركات الالتزام بالقوانين الدولية. ورغم احتمال استخدام الدول لهذه الشركات الخاصة كغطاء للانخراط في سياسة خارجية غير شعبية، فقد تكون هذه الوسائل أفضل الوسائل الممكنة للرقابة عليها.

    ورغم أن "النتائج المضمونة" ليست أشهى شكل للتدخل في الأزمات، كان من الصعب محاججة كلمات سام نورما، نائب وزير الدفاع السيراليوني الذي قال لي في شهر نيسان 1996، "مات أهلنا، فقدوا أطرافهم، فقدوا أعينهم وممتلكاتهم لأجل هذه الانتخابات. إذا قمنا بتوظيف مؤسسة لحماية ديمقراطيتنا التي كسبناها بصعوبة، فلماذا ينظر إلى ذلك سلبياً؟" أخذاً بالاعتبار ظرف سيراليون الراهن الكريه، وأن أية دولة لم تهب لإنقاذها، فلربما استطاع السيراليونيون الاحتفاظ بأطرافهم إن تركهم المجتمع الدولي يحتفظون بمرتزقتهم.


    --------------------------------------------------------------------------------
    * إليزابث روبين محررة مساهمة في مجلة الفوروارد (مانهاتن، نيويورك) ومجلة هاربرز. وساهمت أيضاً في مجلة النيويوركر ومجلة النيويورك تايمز. تلقت شهادة تقدير من نادي الصحافة لما وراء البحار على امتيازها في تغطية المرتزقة لمجلة هاربرز.
                  

08-05-2004, 02:26 PM

ahmed haneen
<aahmed haneen
تاريخ التسجيل: 11-20-2003
مجموع المشاركات: 7982

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: من جرائم الحرب _ التحريض المباشر والعلني علي ارتكاب الإبادة (Re: ahmed haneen)

    الجرائم ضد الإنسانية

    م. شريف بسيوني*

    أصبح تعبير جرائم ضد الإنسانية يعني أي شيء فظيع يرتكب بحجم كبير. ورغم ذلك، ليس هذا المعنى هو المعنى الأصلي ولا التقني. جاء التعبير من ديباجة اتفاقية لاهاي لسنة 1907 التي قننت قانون النزاعات المسلحة العرفي. استند هذا التقنين إلى ممارسات الدول الفعلية القائمة على تلك القيم والمبادئ التي يُعتقد أنها تشكل "قوانين الإنسانية"، كما انعكست في ثقافات مختلفة طوال التاريخ.
    فبعد الحرب العالمية الأولى، أسس الحلفاء سنة 1919، بناء على اتفاقية فرساي، لجنة لتحقق في جرائم الحرب، استندت إلى اتفاقية لاهاي لسنة 1907 باعتبارها القانون القابل للتطبيق. وعلاوة على جرائم الحرب التي ارتكبها الألمان، وجدت اللجنة أيضاً أن المسؤولين الأتراك ارتكبوا "جرائم ضد قوانين الإنسانية" لأنهم قتلوا المواطنين والسكان الأرمن خلال فترة الحرب. اعترضت الولايات المتحدة واليابان بقوة على تجريم مثل ذاك التصرف على أساس أن الجرائم ضد قوانين الإنسانية انتهاكات للقانون الأخلاقي وليس القانون الوضعي.

    وفي سنة 1945، طورت الولايات المتحدة وحلفاء آخرون اتفاقية مقاضاة ومعاقبة مجرمي الحرب الأساسين في دول المحور وميثاق المحكمة العسكرية الدولية، ومقرها في نورمبرغ، الذي ضم التعريف الآتي للجرائم ضد الإنسانية في المادة السادسة (سي.):

    "الجرائم ضد الإنسانية هي: القتل، التصفية، الرق، الترحيل، وأفعال لا إنسانية أخرى ارتكبت ضد السكان المدنيين، قبل أو أثناء الحرب؛ أو الاضطهاد القائم على أسس سياسية أو عرقية أو دينية تنفيذاً لأية جريمة، أو لما له صلة بها، تقع في نطاق سلطة المحكمة القضائية، سواء أكانت انتهاكاً لقانون البلد المحلي الذي نفذت فيه أم لا".

    ويمثل ميثاق نورمبرغ المرة الأولى التي تثبّت فيها الجرائم ضد الإنسانية في القانون الدولي الوضعي. واتبعت المحكمة العسكرية الدولية للشرق الأقصى، في طوكيو، ميثاق نورمبرغ، كما اتبعه قانون مجلس الرقابة رقم 10 في ألمانيا، الذي حاكم الحلفاء على أساسه الألمان في مناطق احتلالهم. ورغم ذلك، من الغريب بمكان أن لا توجد منذ ذلك الوقت اتفاقية دولية متخصصة حول الجرائم ضد الإنسانية. ورغم ذلك، ضُمّن هذا الصنف من الجرائم في النظامين الأساسين لمحكمة الجنايات الدولية ليوغسلافيا السابقة ومحكمة الجنايات الدولية لراوندا، وبالمثل في النظام الأساسي لمحكمة الجنايات الدولية. وفي الحقيقة، يوجد أحد عشر نصاً دولياً تعرّف الجرائم ضد الإنسانية، ولكنها جميعاً تختلف قليلاً في تعريفها لتلك الجريمة وعناصرها القانونية. ورغم ذلك، فإن ما تشترك فيه كلها هو: (1) إشارتها إلى أفعال محددة من العنف ضد أشخاص بغض النظر عما إذا كان الشخص مواطناً أو غير مواطن وبغض النظر عما إذا كانت هذه الأفعال قد ارتكبت في زمن الحرب أو في زمن السلم، و (2) يجب أن تكون هذه الأفعال نتاج اضطهاد موجه ضد جماعة من الأشخاص معينة الهوية بغض النظر عن بنية تلك الجماعة أو غرض الاضطهاد. ويمكن لتلك السياسة أن تتمظهر أيضاً في تصرف المنفذين "الواسع أو المنظم" الذي ينتج عنه تخويل بجرائم محددة مشمولة في التعريف.

    وقد توسعت قائمة الجرائم المحددة المشمولة في معنى الجرائم ضد الإنسانية منذ المادة السادسة (سي.) من ميثاق المحكمة العسكرية الدولية لتشمل، في محكمة الجنايات الدولية ليوغسلافيا السابقة ومحكمة الجنايات الدولية لراوندا، الاغتصاب والتعذيب. ويُوسع النظام الأساسي لمحكمة الجنايات الدولية قائمة الأفعال المحددة. وبخاصة، يضيف ذلك النظام جرائم اختفاء الأشخاص القسري والأبارثيد. أكثر من ذلك، يضم نظام محكمة الجنايات الدولية الأساسي لغة وصفية في ما يتصل بجرائم محددة هي التصفية والاستعباد والترحيل والتسفير القسري للسكان والتعذيب والحمل القسري.

    وإلى حد ما، تتداخل الجرائم ضد الإنسانية مع الإبادة وجرائم الحرب. ولكن الجرائم ضد الإنسانية تتميز من الإبادة في أنها لا تتطلب قصداً لـ "تدمير جزئي أو كلي"، كما هو وارد في اتفاقية الإبادة لسنة 1949، بل تستهدف فقط جماعة معينة وتنفذ سياسة انتهاكات "واسعة ومنظمة". وتتميز الجرائم ضد الإنسانية من جرائم الحرب أيضاً في أنها لا تطبق فحسب في إطار الحرب، بل في زمن الحرب وزمن السلم.

    وكانت الجرائم ضد الإنسانية موجودة في القانون العرفي الدولي لأكثر من نصف قرن ومشار إليها في محاكمات بعض المحاكم القومية. وأشهر هذه المحاكمات محاكمة بول توفييه وكلاوس باربي وموريس بابون في فرنسا، ومحاكمة آيمر فنتا في كندا. ولكن يعتقد أيضاً أن الجرائم ضد الإنسانية جزء من المبادئ السامية - أسمى مرتبة في المعايير القانونية الدولية. وعليه، فإنها تشكل قاعدة من قواعد القانون الدولي لا يمكن الانتقاص منها. ومعنى هذه المرتبة أنها خاضعة إلى سلطة القضاء الدولية، مما يعني أن الدول جميعاً يمكنها ممارسة سلطتها القضائية في محاكمة منفذ جريمة بغض النظر عن مكان ارتكاب الجريمة. ويعني أيضاً أن من واجب الدول كلها المحاكمة أو تسليم الجاني، وأن أي شخص متهم بتلك الجريمة لا يستطيع طلب "استثناء" من التسليم لأن "الجرم سياسي"، وأن من واجب الدول مساعدة بعضها بعضاً في تقديم الدليل الضروري للمحاكمة. ولكن ما له أهمية كبرى أن أي منفذ لجريمة لا يستطيع الدفاع عن نفسه بالزعم أنه كان "يطيع أوامر أعلى" وأن أي نظام أساسي يقيد ذلك موجود في قوانين أية دولة لا يمكن تطبيقه. وأخيراً، لا أحد محصن من المقاضاة على مثل تلك الجرائم، حتى وإن كان رئيس دولة.
    ـــــــــــ
    (انظر المسؤولية القيادية)


    --------------------------------------------------------------------------------
    * م. شريف بسيوني أستاذ القانون ومدير مركز العدالة الجنائية الدولية ومراقبة الأسلحة في جامعة دوبول في شيكاغو. رأس مفوضية خبراء الأمم المتحدة حول يوغسلافيا السابقة، وهو مؤلف "الجرائم ضد الإنسانية في القانون الجنائي الدولي" (منشورات مارتينوس نجهوف، 199.
                  

08-05-2004, 02:33 PM

ahmed haneen
<aahmed haneen
تاريخ التسجيل: 11-20-2003
مجموع المشاركات: 7982

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: من جرائم الحرب _ التحريض المباشر والعلني علي ارتكاب الإبادة (Re: ahmed haneen)

    الإبادة
    ديان إف. أورينتلتشر*

    اعتماداً على التواتر والإلمام والاحترام الذين نادراً ما يرتبطون بوسائل القانون، أصبحت اتفاقية منع جريمة الإبادة والمعاقبة عليها تجسيداً للضمير الإنساني.

    وقوة الاتفاقية الأخلاقية مفارقة بالتأكيد. إذ يشهد سجل اتفاقية الإبادة، وبخاصة منذ تبنيها، بفشل معظم الدول تقريباً فشلاً بالجملة في فرض أحكامها.

    فرغم أن الاتفاقية تتصور (ولكن لا تطلب) قيام محكمة دولية لمعاقبة الإبادة، مرت خمسة وأربعون عاماً قبل تأسيس أول محكمة جنائية دولية. واقتصرت سلطتها القضائية على الجرائم، بما فيها جرائم الإبادة، التي اقترفت في يوغسلافيا السابقة منذ سنة 1991. وبعد عام من ذلك، أنشأت محكمة مشابهة، أكثر تقييداً، لراوندا. وفقط في الثاني من شهر أيلول سنة 1998- بعد نصف قرن من تبني الجمعية العامة للأمم المتحدة اتفاقية الإبادة- صدر أول حكم يفسر الاتفاقية أسدته محكمة دولية بعد محاكمة (واعترف متهم سابق بأنه مذنب بالإبادة). وفي ذلك اليوم وجدت محكمة راوندا جان- بول أكايسو مذنباً في تسع تهم لدوره في الإبادة التي وقعت في راوندا سنة 1994.

    ولم ترفع أية دولة قضية تندرج تحت اتفاقية الإبادة إلى المحكمة العالمية إلا سنة 1993، وبالكاد كان هذا معلماً في الجهود الدولية الدائبة لوضع الاتفاقية موضع التنفيذ. فتلك القضية رفعتها دولة عانت من جرائم الإبادة- البوسنا والهرسك- ضد دولة يزعم أنها المسؤولة- يوغوسلافيا السابقة- وليس من قبل دول أخرى مصممة على تطبيق قانون الضمير العام باسم ضحايا محبطين يعيشون أبعد من حدودها.

    على العكس من ذلك، عندما اقترفت هذه الجرائم نفسها- وصورت بشكل شنيع في وسائل الإعلام اليومية- طُلب إلى خبراء القانون في الحكومة الأمريكية، حسب كلمات محام سابق لوزارة الخارجية، "ممارسة تمارين بدنية لتجنب تسمية هذا إبادة". وعندما ذبح هوتيو راوندا مئات الآلاف من التوتسيين، وجهت إدارة كلنتون المتحدثين باسمها، حسب صحيفة النيويورك تايمز، بأن لا يصفوا ما كان يحصل بأنه إبادة خشية أن "يشعل ذلك دعوات جماهيرية للعمل". بدلاً عن ذلك، أصدرت وزارة الخارجية ومجلس الأمن القومي، كما يزعم، إرشادات توجه المتحدثين باسم الحكومة بأن يقولوا "إن أعمال إبادة قد تكون وقعت" في رواندا.

    وتركت عقود من عدم تطبيق اتفاقية الإبادة أحكامها الأساسية محجوبة بغموض كبير، الأمر الذي سهّل مراوغة السياسيين الجامحين. (ومع ذلك، تقف هذه المراوغات ضد الاتفاقية التي تطالب الدول الأطراف فيها ليس فقط بمعاقبة الإبادة- وهو إجراء يحتاج يقيناً قانونياً- بل أيضاً منع الجريمة وكبحها- وهذا عمل لا يجب بطبيعته انتظار معرفة يقينية بأن الإبادة قد وقعت).

    تعريف الابادة المطروح في اتفاقية الإبادة مرجعي وضمّن حرفياً في النظم الأساسية لمحكمتي يوغسلافيا وراوندا ومحكمة الجنايات الدولية الدائمة التي سوف تؤسس بعد أن تصدق ستون دولة على النظام الأساسي الذي تم تبنيه في شهر تموز 1998. فبعد تأكيدها على أن الإبادة جريمة وفقاً للقانون الدولي سواء اقترفت في وقت السلم أو في وقت الحرب، تعرّف اتفاقية سنة 1948 الإبادة بأنها "أي من الأفعال التالية المرتكبة عمداً لتدمير جماعة عرقية أو قومية أوعنصرية أو دينية، كلياً أو جزئياً: قتل أعضاء جماعة؛ إيقاع أذى بدني أو ذهني خطير بأعضاء جماعة؛ ابتلاء متعمد لجماعة بظروف حياة يقصد بها تدميرها بدنياً، كلياً أو جزئياً؛ فرض تدابير يراد بها منع الولادات داخل الجماعة؛ نقل أطفال الجماعة بالقوة إلى جماعة أخرى".

    إذاً، في اتفاقية 1948، كان لجريمة الإبادة عنصرين: بدني- يضم أفعالاً معينة معددة، مثل قتل أعضاء جماعة عرقية- وذهني- تلك الأفعال التي اقترفت بغية تدمير جماعة قومية أو عرقية أو جنسية أو دينية، كلياً أو جزئياً، بـ "حد ذاتها". ففي حكمها في قضية أكايسو، وجدت محكمة راوندا أن الاغتصاب المنظم للنساء التوتسيات في مقاطعة تابا شكل فعلاً إبادياً "مسبباً أذى بدنياً أو ذهنياً خطيراً لأعضاء الجماعة [المستهدفة]".

    وبالإضافة إلى جريمة الإبادة نفسها، تشترط اتفاقية 1948 المعاقبة على الأفعال الآتية: التآمر على اقتراف الإبادة، التحريض المباشر والعلني على اقتراف الإبادة، محاولة اقتراف الإبادة، والاشتراك في جريمة الإبادة.

    وما لم تعالجه الاتفاقية مهم بأهمية ما تضمنته. فرغم أن مسودات الاتفاقية المبكرة أدرجت الجماعات السياسية بين تلك التي غطاها الإلزام المقصود، حذف هذا الصنف في مراحل التدين الأخيرة. ويبدو أن عديد الحكومات ستكون غير حصينة على تهمة الإبادة إذا وقع تدمير متعمد لجماعة سياسية في مدى بوصلة الجريمة.

    واستثني من الاتفاقية أيضاً مفهوم الإبادة الثقافية- تدمير جماعة من خلال فرض تمثلها في الثقافة المسيطرة. فتاريخ المسودات يوضح أن اتفاقية 1948 قصد أن تغطي تدمير شعب بدنياً؛ والصدى الوحيد لمحاولات تضمين فكرة التصفية الثقافية هو إشارة الاتفاقية إلى نقل أطفال جماعة مستهدفة بالقوة إلى جماعة أخرى.

    في هذا الإطار وأطر أخرى، يعتبر تعبير الإبادة التقليدي أضيق من مفهوم الباحث البولندي رافاييل لمكِن الذي كان أول من اقترح، في مؤتمر دولي عقد سنة 1933، التوصل إلى معاهدة تجعل الهجمات على مجموعات قومية أو دينية أو عرقية جريمة دولية. صاغ لمكِن الذي خدم في وزارة الحرب الأمريكية، التعبير من الكلمة اليونانية genos التي تعني جنساً أو قبيلة، ومن التعبير اللاتيني cide، الذي يعني قتلاً. (في كتابه الصادر سنة 1944 "حُكم المحور في أوروبا المحتلة" لاحظ لمكِن أنه يمكن للفكرة نفسها أن تأتي من تعبير "ethnocide، المكون من الكلمة اليونانية ethnos- أمة- والكلمة اللاتينية cide").

    ورغم أن مفهوم لمكئن شمل تصفية المجموعات المستهدفة جسدياً، إلا إن هذا الأسلوب كان، برأيه، أكثر أساليب الإبادة تطرفاً فقط. يقول لمكِن::

    "نعني بالإبادة تدمير مجموعة عرقية. ... وبعامة لا تعني الإبادة بالضرورة التدمير الفوري لأمة، إلا إذا أنجزت بقتل جماعي لجميع أفرادها. والأصح القول إن القصد الإشارة إلى أهمية الخطة المنسقة لأفعال مختلفة والتي تهدف تدمير أسس جوهرية في حياة الجماعات القومية، بغرض إبادة الجماعات نفسها. وأهداف مثل تلك الخطة: تحطيم المؤسسات السياسية والاجتماعية، الثقافة، اللغة، المشاعر القومية، الدين، الوجود الاقتصادي للجماعات القومية، تدمير الأمن الشخصي، الحرية، الصحة، الكرامة، وحتى حياة الأفراد الذين ينتمون إلى تلك الجماعة. ...

    "وللإبادة مرحلتان: الأولى، تدمير المثال القومي للجماعة المضطهَدة؛ والأخرى، فرض المثال القومي للمضطهِد. وقد يقع هذا الفرض، بدوره، على السكان المضطهَدين الذين سمح لهم بالبقاء، أو على الأرض فقط، بعد طرد سكانها واستيطان المنطقة من قبل أفراد الجماعة المضطهِدة".

    ومرت أربعة أعوام قبل أن يُعترف بـ "جريمة" لمكِن في معاهدة دولية، إلا إن الأساس القانوني لها وُضع أثناء محاكمات نورمبرغ لسنة 1945 ومحاكمات أخرى جرت بعد الحرب العالمية الثانية. ورغم أن ميثاق نورمبرع لم يستعمل تعبير الإبادة، إلا إن تعريفه للجرائم ضد الإنسانية تداخل كثيراً مع مفهوم لمكِن للإبادة. استُعمل تعبير الإبادة في إدانة عديد مجرمي الحرب الأساسين الذين حوكموا في نورمبرغ والذين اتهموا بـ "تنفيذ إبادة منظمة متعمدة، أي قيام جماعات عرقية وقومية بتصفية السكان المدنيين في أراض محتلة معينة كي يدمروا أعراقاً محددة وطبقات من الشعب، وجماعات قومية أو عرقية أو دينية". وأيضا، أثار مدّعو نورمبرغ العامون في مداخلاتهم الختامية التعبير، وظهر أيضاً في حكم عديد المحاكم العسكرية الأمريكية التي عملت في نورمبرغ.

    وبعد فترة قصيرة من محاكمة مجرمي حرب أساسيين، تبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة قراراً يؤكد أن الإبادة "جريمة وفقاً للقانون الدولي". ففي ديباجته، دعا قرار سنة 1946 الإبادة بأنها "إنكار حق الوجود على جماعات بشرية كاملة، مثلها في ذلك مثل القتل الذي ينكر حق الحياة على كائنات بشرية فردية".

    جعل ضيق تعبيرات اتفاقية 1948 النسبي- بخاصة استثناؤها المجموعات السياسية وشرطها المقيد قصداً- القادة السياسيين قادرين على طرح شكوك حول ما إذا كانت عمليات إبادة محتملة تتفق مع معايير الاتفاقية غير المرنة. فهل قصد مبدعو حملات الأنفال لسنة 1988 التي يقدر أن خمسين ألف كردي جزروا فيها على الأقل، قتل الأكراد "بحد ذاتهم" أم كان هدفهم، حسب كلمات باحث مهم، تصفية "الحركة الكردية باعتبارها مشكلة سياسية؟" وهل قصد منفذو التطهير العرقي في البوسنا تدمير المسلمين والكروات "بحد ذاتهم"، أم إنهم سعوا لمجرد سيطرة متجانسة على أرض يحنّون إليها؟

    كما توحي هذه الأسئلة، يتمثل مصدر الغموض الأساسي في المعنى المقصود من شرط اتفاقية 1948. رغم أن تاريخ تدوين الاتفاقية غامض إلى حد ما، إلا إنني أعتقد أن من الخطأ معاملة استعمال الاتفاقية لتعبير قصد وكأنه رديف لتعبير دافع. فكون منفذو التطهير العرقي الصربيين ذبحوا المسلمين كي يسيطروا على أرض لا ينفي قصدهم تدمير المسلمين "بحد ذاتهم" كي يحققوا هدفهم النهائي.

    تفرض اتفاقية الإبادة واجباً عاماً على الدول الأطراف بـ "منع" الإبادة و"معاقبة" مرتكبيها. إذ يجب محاكمة المتهمين بالإبادة سواء في الدولة التي وقعت الجريمة فيها أو "من قبل محاكم جنائية دولية لها سلطة قضائية على الأطراف المتعاقدة التي ستقبل سلطتها القضائية". ورغم أن الاتفاقية لا تذكر احتمالا ثالثاً- المحاكمة في دولة ثالثة- فمن الثابت الآن أن أية دولة تستطيع فرض سلطة قضائية على جرائم الإبادة، حيثما وقعت الجرائم ومهما كانت جنسية المنفذين والضحايا.

    إضافة إلى المسؤولية الجنائية الفردية على الإبادة، تثبّت الاتفاقية أيضاً مسؤولية الدولة- أي، مسؤولية الدولة القانونية الدولية عن انتهاكها القانوني لالتزاماتها وفقاً للاتفاقية. إذ يمكن لأطراف الاتفاقية رفع قضية أمام محكمة العدل الدولية تتهم فيها دولة طرفاً أخرى بمسؤوليتها عن الإبادة. وكما أشير أعلاه، رفعت البوسنا والهرسك أول قضية من هذا النوع ضد يوغسلافيا سنة 1993 وما زالت تنتظر.

    وتمعن المادة الثامنة من الاتفاقية النظر في تدابير لا المعاقبة على الإبادة فقط، بل أيضاً لإيقافها وهي جارية: "يمكن لأي طرف متعاقد دعوة الأجهزة المكونة للأمم المتحدة إلى القيام بمثل ذاك العمل، وفقاً لميثاق الأمم المتحدة، كما تراه مناسباً، لمنع وكبح أعمال إبادة أو أي عمل من الأعمال المعدّدة في المادة الثالثة". فعلى سبيل المثال، تستطيع الدول الأطراف في المعاهدة السعي إلى تفويض من مجلس الأمن باستعمال القوة العسكرية لوقف الإبادة التي ترتكب في بلد أخر.

    وأخيراً، رغم أن المعاهدات نفسها ملزمة فقط للدول الأطراف فيها، لاحظت محكمة العدل الدولية، في رأي استشاري سنة 1951، أن المبادئ التي ألهمت اتفاقية الإبادة جزء من القانون العرفي الدولي الذي يلزم الدول جميعاً.

    الإبادة تاريخيا

    رغم أن لمكِن لمّح إلى أن جرائم النازية كانت جوهرياً مختلفة عن أية جرائم ارتكبت سابقاً، إلا إن "حلّ" هتلر "النهائي" لم يكن حملة التصفية الأولى التي تتفق مع تعريف لمكِن للإبادة. فتصفية الأرمن المنظمة على يد حزب "تركيا الفتاة"، ابتداء من شهر نيسان سنة 1915، كانت الإبادة الأولى في القرن العشرين. ومتشجعاً بإذعان العالم لذبح الأرمن- يقدر عدد الموتى بأكثر من مليون شخص- رُوي أن هتلر اشتهر بتطمينه المشككين بين صفوفه قائلاً، "في كل حال، من يتحدث اليوم عن الأرمن؟"

    ومن بين سلاسل الذبح بالجملة الراهنة، استنتج باحثون أن مجزرة الأتراك للأكراد في منطقة ديرسم من 1937- 1938، والمجزرة التي نفذها التوتسيون ضد الهوتيين في بوروندي سنة 1972، وحملة التصفية التي نفذها الخمير الحمر في منتصف سبعينيات القرن العشرين، وحملة الأنفال ضد الأكراد العراقيين، ينطبق عليها تعريف الإبادة القانوني.

    ومن بين هذه الحالات، لا توضح حالة، ربما، تعقيدات تعريف اتفاقية 1948 للإبادة بأكثر مما توضحه حالة كمبوديا. ففي ضوء حجم المذبحة هناك- يُعتقد أن مليوناً ونصف المليون من مواطني كمبوديا البالغ عددهم سبعة ملايين ماتوا نتيجة لسياسات الخمير الحمر- ظهرت رغبة شديدة في لصق تعبير الإبادة بجرائمهم. ورغم ذلك، بما إن معظم المنفذين والضحايا كانوا من الخمير، تطلّب الوصول إلى هذا الاستنتاج تعليلاًً ذكياً. صاغ بعض الباحثين مفهوم الإبادة الذاتية، محاجين أنه قد يرضي تعريف اتفاقية 1948 حتى وإن سعى المنفذون إلى قتل جزء أساسي من جماعتهم العرقية/ القومية. وسلّم آخرون، أكثر محافظة، بأن الأغلبية العظمى من الضحايا قتلوا لأسباب يمكن وصفها بعامة بأنها سياسية، إلا إنهم لاحظوا أن جماعات أقلية معينة، مثل الكاميين [أفراد الشعب الفيتنامي] المسلمين والبوذيين الخمير، استُهدفوا بخاصة ليدمروا، ويحاجّون بأن الجرائم ضد هذه الجماعات كانت، في الأقل، عمليات إبادة.

    وبينما يمكن اعتبار بعض حملات التصفية أكثر وضوحاً من غيرها كإبادة- ومنها المحرقة والإبادة الراوندية سنة 1994- فالحقيقة هي أن حججاً مقبولة يمكن أن تثار في معظم حالات الإبادة المحتملة. ففي غياب قرار قضائي أو عزم سياسي، يمكن، فرضاً، طرح تساؤل عن أية حالة من حالات الإبادة. فعلى سبيل المثال، حاجج أول مدعى عليه في محكمة رواندا بأن دافع المجازر في رواندا كان سياسياً، أسلوباً رهيباً لخوض حرب أهلية. رداً على ذلك، استنتجت المحكمة بأنه "إلى جانب النزاع... اقترفت إبادة في راوندا سنة 1994 ضد التوتسيين كجماعة". وأن يكون "النزاع قد سهّل، ربما" تنفيذ الإبادة، لا ينفي أن الإبادة حصلت.

    إن ندرة السوابق القانونية التي تعزز الاتفاقية- وتلك شهادة كالحة على فشل إرادة الأسرة الدولية- لم تترك الخبراء، لقرون، قادرين على فعل شيء أكثر من الجدال بمهارة في ما إذا كان مرشحون لدمغة "الإبادة" معروفون جيداً، يجوز عليهم التعريف القانوني. ويمكن للغموض الذي ارتبط باتفاقية الإبادة أن يتلاشى فقط عندما تكون الدولة مستعدة للاعتراف صراحة بأن الإبادة وقعت وأن تفرض قانون الضمير.


    --------------------------------------------------------------------------------
    * ديان إف. أورينتلتشر أستاد قانون ومدير مكتب البحث في جرائم الحرب في كلية واشنطن للقانون، الجامعة الأمريكية. وهي مؤلفة "تصفية حسابات: واجب محاكمة انتهاكات نظام سابق لحقوق الإنسان" (منشورات مجلة جامعة ييل القانونية، 1991).
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de