الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!!

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-24-2024, 05:31 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   

    مكتبة الاستاذ محمود محمد طه
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
04-24-2008, 00:49 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! (Re: عبدالله عثمان)



    1
    محاولة للتعريف بمساهمة الأستاذ محمود محمد طه
    في حركة التجديد في الفكر الإسلامي المعاصر
    د. عبد الله بولا
    دراسة نشرتها مجلة رواق عربي التي يصدرها "مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان"، في عددها
    . الرابع الصادر في أكتوبر عام 1996
    ثمة مشكلات عديدة تواجه قضايا التجديد في حركة الفكر الإسلامي في هذا العقد الأخير من
    القرن العشرين بالذات. وهي مشكلات تتطلب مواجهة حقيقية للنفس وللواقع لكي يكون للفكر
    الإسلامي المعاصر فرصةٌ للمساهمة في صياغة، أو بالأحرى في إعادة صياغة العالم بالفعل
    لا بالأوهام الذاتية. والمواجهة الحقيقية للنفس وللواقع المعاصر التي تمكن الفكر الإسلامي من
    الارتقاء إلى مستوى "عالمية جديدة" وتؤهله لدورٍ فاعلٍ فيها ليست من قبيل الاحتيال
    الإيديولوجي السفسطائي على المفاهيم والمناهج والنصوص والوقائع التاريخية التي تشكل
    نسيج هذا الفكر، كما أنها ليست في تجميد تراثه وقسره على الإجابة على أسئلةٍ وإشكالياتٍ لم
    تكن ضمن مشاغله في زمانه التاريخي المحدد، مما هو اليوم شأن الغالبية العظمى من
    اجتهادات المفكرين الذين يسمون أنفسهم ب"الإسلاميين". إن المدخل "الوحيد الممكن"* لأي
    ثقافةٍ تطمح إلى المشاركة في صياغة العصر هو تجديد بنياتها، أي مفاهيمها وآلياتها لإنتاج
    المعرفة وقيمها الأساسية ومناهج تعبيرها وإدراكها لذاتها وللآخرين "من حولها" بغرض أن
    تستوعب حركة هذا الواقع ومستجداته وتستشرف آفاقها الممكنة. ولا سبيل، في اعتقادنا، إلى
    تجديد بنيات الثقافة إلا بمواجهةٍ نقدية لإنجازها التاريخي ومسلماتها المستقرة. وليس معنى
    المواجهة النقدية بالطبع الرفض أو التخلي والطرد، وإنما تعني النظر الفاحص للعناصر
    المكونة لإبداعية الثقافة في إطارها التاريخي وفهم فاعليتها وضروريتها وغائيتها في السلب

    2
    والإيجاب، لإعادة انطلاقها، بإكمال هدم ما انهدم أص ً لا من بنياتها وأصبح حجر عثرة في
    حركة جدلها الداخلي وجدلها مع الواقع المحيط. وهذا أمر يمكن أن يجر إلى الموت، ضمن
    ما يجر من عواقب أخرى على المجدد. بهذا الثمن وحده، أعني بامتلاك هذا الوعي بفداحة
    العبء الذي ينبغي على دعاة التجديد أن يحملوه، وبامتلاك الاستعداد النفسي والأخلاقي
    لتحمله، يمكن الحديث عن فتح أفق حقيقي لحركة للتنوير في الثقافة الإسلامية المعاصرة
    عمومًا، وفي حركة الفكر منها على وجه التخصيص. في هذا الإطار، تشكل مساهمة المفكر
    الإسلامي السوداني الشهيد الأستاذ محمود محمد طه ( 1909 1985 ) نموذجًا أصي ً لا من عدة
    وجوه سنعرض لها في سياق هذه الورقة.
    إنني أزعم أن الأستاذ محمود هو بين المفكرين الإسلاميين المجددين المعاصرين أكثرهم
    وأعمقهم إدراكًا لمأزق الفكر الإسلامي السلفي في مواجهة متغيرات الواقع المعاصر وما
    تطرحه من إشكالياتٍ متواترةٍ ومعقدة. ولقد كان عميق الإدراك بنفس القدر لقصور محاولات
    الكثيرين من دعاة التجديد و"بؤس" مفاهيمهم وقراءاتهم ( بل تأهيلهم واستعدادهم أص ً لا، وليس
    المقصود بالطبع تأهيلهم المعرفي الأكاديمي أو مواهبهم الشخصية) عن التصدي لمثل هذه
    المسئولية الجسيمة. فالدعوة للتجديد الجذري لبنياتٍ فكريةٍ قائمةٍ على سلفٍ مقدسٍ وتقاليدٍ
    مقدسةٍ أيضًا، قداسة تحميها وتحتمي بها سلطة دولةٍ استقر فيها الاستبداد نحواٍ من ألفٍ
    وثلاثمائة عام ونيف، (حتى أصبح الاستبداد بذاته واجبًا مقدسًا عند نفرٍ ممن يظنون أنهم
    حماتها وورثتها الوحيدون) أقول إن الدعوة للتجديد الجذري في مثل هذه الشروط ليست نزهة
    سعيدة. ولم يكن غريبًا في هذه الحال أن يتراجع معظم دعاة التجديد عن جوهر مشروعاتهم
    في مواجهة سيف الإرهاب السلفي المشرع فوق الرقاب، تراجع طه حسين وتراجع علي عبد
    الرازق، وتراجع خالد محمد خالد، وآخرون كثر غيرهم، وقد سبقني إلى ملاحظة ظاهرة
    التراجع هذه الصديق الدكتور نصر حامد أبوزيد (وهو من الذين رفضوا أن يتراجعوا).
    تراجعوا بدرجاتٍ متفاوتة عن جوهر مشروعهم التنويري: النقد الجذري لسلطة التراث
    وسلطة السلف واقتراح قراءةٍ جديدةٍ، أو بالأحرى فتح أفق بلا حدود لقراءات أخرى نقدية
    Société Soudanaise des Etudes et Recherches en Arts, Lettres et Sciences Humaines3
    للمناهج والمفاهيم للنصوص والمؤسسات والمأثور من نماذج السلوك والمناقب. ولعل أهم
    مستويات هذا التراجع ومظاهره لجوء الغالبية العظمى من دعاة التجديد إلى الإمساك بالعصا
    من منتصفها كناي ً ة عن المنحى التوفيقي. وهو توفيق لا ينبني على أساسٍ مفهوميٍ صلب ولا
    بنيةٍ استنباطية يعتد بها، وقد أقول أن هذه أص ً لا صفة كل منهجٍ توفيقي. وما أظنني بغير
    حاجة إلى التأكيد لمرةٍ أخرى بأن نقد سلطة التراث وسلطة السلف وسلطة النصوص شيء
    مخالف تمامًا للقول بالتحقير والزراية والطرد للتراث وللسلف من مشهد التجديد ومطلبه. بيد
    أن النوايا السيئة والقراءة السيئة كانت ولا تزال تتربص الدوائر بالخطاب المجدد وتجهد
    وتصر على إنطاقه بما لم ينطق به ولم يرد عنده حتى في الخواطر الخفية. ولعل في النماذج
    الحديثة جداً من القراءات الخبيثة المغرضة مما أورده نصر حامد أبوزيد في معرض
    توضيحه لبراءة خطابه المجدد من شبهة الرغبة في هدم التراث والإساءة إلى السلف ما يبرر
    إلحاحي هذا في التوضيح.( 1) فتقدير السلف والتراث شيء وتنصيبهما سلط ً ة مطلق ً ة وأزلي ً ة
    على الحاضر والمستقبل شيء آخر. وأظن أن هذا يكفي لدرء كل التباس لو أن أمر القراءة
    السيئة كان أمر التباسٍ وحسب .
    ولنذهب مباشرًة إلى موضوعنا الرئيسي. ما الجديد في مساهمة الأستاذ محمود محمد طه؟
    وفيم هو هام وجذري إلى هذا الحد الذي زعمته له؟
    يمكن القول أن مفهوم قيام الإسلام على رسالتين، رسالة أولى قامت على فروع القرآن،
    ورسالة ثانية تقوم على أصوله، هو المفهوم الرئيسي المؤسس في فكر الأستاذ محمود. وكلا
    الرسالتين مما بلغ النبي(ص)، بيد أنه فصل الأولى تفصي ً لا بينما أجمل الثانية إجما ً لا. ومناط
    تفصيل الأولى وإجمال الثانية أن الأولى إنما جاءت على قدر حاجة وطاقة مجتمع القرن
    السابع وما تلاه من مجتمعات لا تختلف عنه اختلافًا مؤثرًا في مستويات تطور وعيها
    ومؤسساتها الحقوقية والثقافية والإنتاجية والسياسية. بينما أرجئت الثانية إلى أن يجيء زمانها
    ورجالها ونساؤها( 2). وهذا المفهوم الذي سنفصل القول فيه لاحقًا، إنما هو نتاج ونموذج لما

    4
    أسميته آنفًا بالمواجهة الحقيقية للذات وللإشكاليات التي يطرحها الواقع المعاصر على الفكر
    الإسلامي، وعلى الفكر الإسلامي المتصدي لقضايا التجديد بالذات. فمن أرضية النظر النقدي
    الأمين والمخلص لحقائق الواقع المعاصر والقائم على احترامٍ عميقٍ لمقام الإنسان ولجهده
    المبدع وحقوقه الأساسية، وصل الأستاذ محمود إلى قناعةٍ رصينة بأن المنجز الإنساني
    الحضاري المعاصر في وجوهه المتصلة بحقوق الإنسان وضمان تفتحه وازدهاره وارتقائه قد
    فاق بما لا يقاس ما هو متضمن فيما لدى المسلمين المعاصرين من فهمٍ لدينهم، وفيما لديهم
    من تراث فكري وحقوقي وثقافي وسياسي، وفي ما استقر عندهم من ممارسات ومؤسسات
    تشكل مرجعيتهم في هذا الخصوص. فخرج على الناس بعد خلوة دامت عددًا من السنين،
    راض فيها نفسه رياضً ة قاسي ً ة بالعبادة والتأمل الفاحص والإطلاع الواسع العميق، بمقولات
    ،( جريئة وشجاعة فحواها أن "الإسلام برسالته الأولى لا يصلح لإنسانية القرن العشرين"( 3
    وأن للإسلام "رسال ً ة ثانية" هي في مستوى حاجة القرن العشرين وطاقته، بل هي تتجاوز ذلك
    إلى مستوى قيادة التطور الإنساني في مراقيه التي لا نهاية لها، مراقيه في الواقع التاريخي،
    في ما يتحقق له به من مستويات الرفاه والحرية في هذه الحياة، ثم في الإطلاق، عند الله
    "حيث لا حيث" و"عند لا عند". وأظنني بحاجة إلى وقفةٍ هنا أوضح فيها أنه ليس من أغراض
    هذه الورقة التشيع لهذه المقولات أو معارضتها وإنما إبانة أصالتها وجدارتها بالاعتبار
    والمناقشة الجادة من وجهة نظر منطق التجديد ومنهجيته. لم يغالط الأستاذ* الشهيد حقائق
    العصر، كما أنه لم يراوغ واقع تخلف الفكر الإسلامي وقصور تراثه من المناهج والنصوص
    والوقائع عن الارتفاع إلى قامة إشكاليات العصر وطموحاته وتحدياته. وهذا في حد ذاته أمر
    جديد على مشهد محاولات التجديد في الفكر الإسلامي المعاصر، من جيل الأستاذ، على أقل
    تقدير، وفي داخل دائرة الدعاة الذين ينطلقون من مرجعية دينية "صرفة". (وأعتقد أن تقديري
    في هذه النقطة متواضع جدًا وهو مما تفرضه عل  ي التقاليد الأكاديمية من تحفظ). هذه نقطةٌ
    منهجيةٌ هامة تتصل أساسًا بطرح المشكل. وكما نعلم أنه ليس من الصعب دائما أن نحل
    المشكلات ولكنه من الصعب أيضاً في كثيرٍ من الأحيان أن نطرحها طرحًا سليمًا وشجاعًا،
    وبصفةٍ خاصة عندما يتعلق الأمر بموضوع الدين المخيف. فحاجة الفكر الإسلامي، في نظر

    5
    الأستاذ محمود، ليست في مستوى معالجات موضعية وإنما هي في مستوى بعث الأصول،
    في مستوى إعادة تعريف الأصول والعمل بها. وهذا مشهد آخر من مشاهد أصالة مساهمة
    الأستاذ محمود. فبينما اكتفى معظم المجددين (وأنا أتحفظ مرة أخرى من أن أقول كلهم)،
    بالدعوة إلى بعث الأصول، من موقع التسليم بأن تعريف الأصول ناجز أص ً لا، انطلق الأستاذ
    من أن تعريف الأصول الذي بين أيدينا هو في الواقع ليس من أصول الإسلام في شيء.
    فأصول الإسلام عنده لا تلتمس في المفاهيم والشروط وطرائق الاستدلال وتحديد القضايا،
    التي وضعها السلف الصالح من الفقهاء المؤسسين، على جلال إنجازهم وضرورته في حدود
    حاجة وقتهم وطاقته، والتي اصطلح على تسميتها بالشريعة بإطلاق من باب الوهم أوسوء
    الفهم، وإنما تلتمس في مقاصد الدين النهائية: الحرية الفردية المطلقة والكرامة الإنسانية
    المطلقة، بل الكرامة المطلقة لجميع الخلق. كما أن الذي يحدد الحاجة إليها وضرورة بعثها
    وإمكانه ليس الرأي العارض المزاجي وإنما تهيؤ المكان والزمان موضوعيًا لاستقبالها. ولقد
    تهيأت الأرض في زماننا لاستقبالها بما بلغه المجتمع الإنساني المعاصر من مراقي التقدم
    الهائلة في المعارف والتقنية وسبل الاتصال، وهو في المقابل يحتاجها لما يضرب عليه من
    "الحيرة والفقر الروحي"، يكتب الأستاذ في معنى الاستعداد:"الإسلام عائد بعون الله وبتوفيقه
    ... هو عائد، لأن البشرية قد تهيأت له بالحاجة إليه وبالطاقة به ... وهو سيعود نورًا بلا نار
    لأن ناره بفضل الله ثم بفضل الاستعداد البشري المعاصر قد أصبحت كنار إبراهيم بردًا
    وسلاما".( 4) ويكتب في معنى الحاجة: "فإذا كانت الأرض اليوم بكل هذه الطاقة المادية
    الهائلة ثم بكل هذه الحيرة المطبقة على عقول الناس وقلوبهم. فقد أصبح لزامًا على ورثة
    الإسلام – على ورثة القرآن – أن يدعوا إلى الرسالة الثانية ..." ( 5) وعن الداعية أو"المأذون
    له" بالحديث في أمر الرسالة الثانية، فإن أمره لا يتقرر بالرأي المقتحم المرتجل وإنما هو في
    تعريف الأستاذ محمود "رجلٌ أتاه الله الفهم عنه من القرآن وأذن له في الكلام". وضوابطه
    تجويد العبادة واستقامة السيرة والسريرة وهي ثمار تظهر للناس واضحة ملموسة. ويضرب
    الأستاذ مثلا لذلك قول المسيح (ع س) "أحذروا الأنبياء الكذبة" قالوا "كيف نعرفهم؟" قال"
    ( بثمارهم تعرفونهم". ( 6

    6
    فما الأصول إذن وبأي منهجيةٍ ومعيارٍ نعرفها ونحددها ؟ الأصول هي معاني الحرية الكبرى
    في القرآن، "الحرية المطلقة" فيما يعبر الأستاذ، وفي ذلك يكتب: "الأصل في الإسلام أن كل
    إنسانٍ حر، إلى أن يظهر، عمليًا، عجزه عن التزام واجب الحرية، ذلك بأن الحرية حق
    طبيعي، يقابله واجب الأداء، وهو حسن التصرف في الحرية، فإذا ظهر عجز الحر عن
    التزام واجب الحرية صودرت حريته، عندئذ بقانون دستوري، والقانون الدستوري، كما
    سلفت الإشارة إلى ذلك، هو القانون الذي يوفق بين حاجة الفرد إلى الحرية الفردية المطلقة
    وحاجة الجماعة إلى العدالة الاجتماعية الشاملة،(...) هذا الأصل هو أصل الأصول، وللوفاء
    به بدأت الدعوة إلى الإسلام بآيات الإسماح، وذلك في مكة، حيث نزلت "وادع إلى سبيل ربك
    بالحكمة والموعظة الحسنة، وجادلهم بالتي هي أحسن، إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله،
    وهو أعلم بالمهتدين" أخواتها، وهن كثيرات."( 7) وتشريع الرسالة الثانية كله مبني على مقصد
    الوفاء بغاية الحرية وتأسيسها مما جاء فيما يسميه الأستاذ بآيات الأصول، وهي الآيات التي
    ترسي القواعد الأساسية للوفاء بغاية الحرية: العدالة الاجتماعية والاقتصادية والحقوقية
    والسياسية ...الخ التي تشكل القاعدة الموضوعية الضرورية للحرية. فليس الجائع حرًا ولا
    المظلوم والمقهور والخائف ولا الظالم والباطش ... الخ بأحرار بأي معنى من المعاني. آيات
    الأصول هي الآيات التي تبين مقاصد الدين النهائية في هذه المجالات، فالأصل الإسلامي في
    الاجتماع المساواة بين الناس على اختلاف ألوانهم وألسنتهم وأنواعهم من ذكور وإناث، ومحو
    التفاوت الطبقي والتراتب بينهم من أي شاكلةٍ كان. والأصل في الاقتصاد المشاركة في
    خيرات الأرض والإنتاج، ويسميها الأستاذ الاشتراكية دون لجاجةٍ أو تحفظ. وهوفي الحقوق
    العامة المساواة أمام القانون، المضبوطة بضماناتٍ دستورية تجعل المساواة حقًا عضوضًا لا
    منح ً ة ولا تلطفا. والأصل في السياسة الديمقراطية الكاملة. والأستاذ لا يرجم في ذلك بالرأي
    الفج، وإنما يقيمه على شواهد من القرآن السنة المؤكدة. فالآية الأصل في المساواة
    الاجتماعية" يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبًا وقبائل لتعارفوا إن
    أكرمكم عند الله أتقاكم."( 8) وهي في العدالة الاقتصادية "يسألونك ماذا ينفقون قل العفو"

    7
    ويفسر العفوبما زاد عن الحاجة الحاضرة.( 9) وآيات الأصول في المساواة الحقوقية " ولا
    تزر وازرة وزر أخرى" و"فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره* ومن يعمل مثقال ذرة شرا
    يره"( 10 ) ثم "إن كل من في السموات والأرض إلا آتي الرحمن عبدا* لقد أحصاهم وعدهم
    عدا* وكل آتيه يوم القيامة فردا"( 11 ) فردًا، أي دون تمييز من جنسٍ أو نوع أو مكانة، في
    المسؤولية، ومن ثم في الواجبات والحقوق. وهي في السياسة وحق الاعتقاد والتعبير "فذكِّر
    إنما أنت مذكر لست عليهم بمسيطر" "وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء
    فليكفر."( 12 ) والواقع أن هذا غيض من فيض من استشهاداته العديدة التي يوردها في سياقٍ
    محكمٍ من التحليل قلما يحسن مجاراته حتى أكثر تلاميذه موهب ً ة. ومن واجبي هنا أن أعترف
    بقصوري عنه. وأتمنى ألا أكون قد أخللت به إخلا ً لا شديدًا. وفي سياق منطقه المحكم يقرر
    الأستاذ أن نزول آيات الأصول إنما سبق نزول آيات الفروع لسببين. الأول طبيعي هوفي
    منطق الأشياء نفسه أن يجيء الأصل أو ً لا. والثاني تعليمي لكي يثبت بالدليل العملي القاطع
    قصور أمة البعث عن الإسلام في مستوى الأصول. يكتب الأستاذ: "وبعبارةٍ أخرى، بدئ
    بدعوة الناس إلى الإسلام (في مستوى أصوله) فلما لم يطيقوه، وظهر ظهورًا عمليًا قصورهم
    ( عن شأوه، ُنزِل عنها إلى ما يطيقون. والظهور العملي حجةٌ قاطعةٌ على الناس".( 13
    وثنائية الأصول والفروع هي عنصر أو قول توطئة أو قاعدة لثنائية أدق منها هي ثنائية
    معنى الإسلام نفسه عند الأستاذ. فالإسلام وإن كان واحدًا إلا أنه معنيان. المعنى الأول هو
    إسلام أمة البعث، إسلام الرسالة الأولى، ويكفي للدخول فيه النطق بالشهادتين كما هو معلوم،
    حتى إذا انطوى القلب على النفاق والكفر. نقرأ في كتاب "الرسالة الثانية من الإسلام": "فأنت
    حين تقرأ قوله تعالى "إن الدين عند الله الإسلام" يجب أن تفهم أن المقصود الإسلام الأخير،
    وليس، على التحقيق، الإسلام الأول، ذلك بأن الإسلام الأول ليست به عبرة عند الله، وإنما
    كان الإسلام الذي عصم الرقاب من السيف، وقد حسب في حظيرته رجال أكل النفاق قلوبهم،
    وانطوت ضلوعهم على بغض النبي وأصحابه ثم لم تفصح ضلوعهم عن خبئها، وذلك لأن
    المعصوم قد قال "أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله

    8
    فإذا فعلوا عصموا مني دماءهم وأموالهم، إلا بحقها، وأمرهم إلى الله".( 14 ) وفي هذا المعنى
    أيضا جاءت الآية "قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في
    قلوبكم". ومن الواضح هنا أن هذا الإسلام هو مرتبةٌ أقل من الإيمان ربما قلت بكثير. ولن
    يستقيم عق ً لا أن يكون هذا هو نفس معنى الإسلام الذي يرد في نصوص أخرى من القرآن في
    معانٍ كبيرة من الإجلال والتبجيل. من ذلك مث ً لا: "يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا
    تموتن إلا وأنتم مسلمون". أو قول القرآن على لسان النبي "قل إن صلاتي، ونسكي، ومحياي
    ومماتي لله رب العالمين* لا شريك له، وبذلك أمرت، وأنا أول المسلمين".( 15 ) فالنبي، فيما
    يوضح الأستاذ، طليعة أمة المسلمين بمعنى الإسلام الأخير الذي يجيء في مستوى بعض
    الأصول وهي "أمة لم تجئ بعد، وإنما جاء طلائعها، فرادى على مدى تاريخ المجتمع البشري
    الطويل. وأولئك هم الأنبياء، وفي مقدمتهم سيدهم وخاتمهم، النبي الأمي، محمد بن عبد الله،
    عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم".( 16 ) ويتجلى هنا لكل من يعنى ببسائط المنطق وآليات
    البرهان أننا أمام حجاج ذي نفسٍ قوي يصعب شق غباره. كما أننا أمام شجاعةٍ فكريةٍ مذهلة
    لا تتهيب مواجهة تناقضات النص الظاهرة ومعالجتها بالفكرة الجريئة التي قد ترمي إلى
    التهلكة (وقد أدت بالفعل إلى استشهاد الرجل) حين فضل كثير من دعاة التجديد مراوغة مثل
    هذا التعارض في النصوص بحيل شتى دون جدوى .
    يذهب الأستاذ إلى المزيد من التوضيح لثنائية معنى الإسلام فيكتب: "الإسلام فكر يرتقي
    السالك فيه على درجات  سلَّمٍ سباعي أولها الإسلام، وثانيها الإيمان، وثالثها الإحسان، ورابعها
    علم اليقين، وخامسها علم عين اليقين، وسادسها علم حق اليقين، وسابعها الإسلام من جديد،
    ولكنه في هذه الدرجة يختلف عنه في الدرجة الأولية، اختلاف مقدار*، فهو في الدرجة
    الأولية انقياد الظاهر فقط، وهو في الدرجة الثانية انقياد الظاهر والباطن معًا .. وهو في
    الدرجة الأولية قول باللسان وعمل بالجوارح ولكنه في الدرجة النهائية انقياد واستسلام ورضا
    بالله في السر والعلانية.. وهو في الدرجة الأولية دون الإيمان، ولكنه في الدرجة النهائية أكبر
    من الإيمان .. وهذا ما لا يقوى العلماء الذين نعرفهم على تمييزه".( 17 ) قد تبدو هذه الفقرة

    9
    لدى الوهلة الأولى ضعيفة الصلة بموضوعنا الرئيس. إلا أنها في الواقع تقع في صميمه
    وتترتب عليها استنتاجات مهمة تتصل بموضوع التجديد ومكانة مساهمة الأستاذ محمود فيه
    وأصالة منهجه وتماسك بنيته الداخلية وسلامتها من الانتقائية والارتجال. فلا مخرج في
    الواقع من ورطات التعارض بين النصوص في مستويات الخطاب القرآني المتصلة بتعريف
    الإسلام بالحيل الذهنية الموضعية المجزأة والمحدودة النطاق وإنما يتطلب الأمر إنشاء بنيةٍ
    مفهوميةٍ كاملةٍ تتجاوز التعارض في صميمه، (أو تقره في صميمه كما يفعل غلاة المتشددين
    الظاهريين). وإلا فكيف يمكن أن نجمع في بنيةٍ مفهوميةٍ واحدة بين إسلام الأعراب وإسلام
    النبي دون أن نوجه للمنطق ضرب ً ة قاضية. إننا نملك الحق في الاتفاق مع الأستاذ محمود
    أومخالفته إلا أن اقتراحه سيظل يمثل احد المخارج الأصيلة جدًا من هذه الورطة. وهو
    مخرج يؤسس بنية مفهومي ً ة رصين ً ة للاستدلال تشكل دعام ً ة رئيسي ً ة من دعائم مشروعه
    التجديدي. ومع ذلك فقد كان جزاؤه على هذا الحل الأصيل الذكي التكفير والقتل (شنقًا عن
    76 عامًا)!! يتأسس على ذلك أنه في المستوى الثاني من الإسلام تسقط كل صور الإكراه
    الواردة في الشريعة الأولى أو، بعبارة أدق، ُتنسخ، فيما ُتنسخ آيات الفروع المقررة لها، وفيها
    عدد من الفروض التي اعتبرتها الشريعة السلفية أصو ُ لا .
    فيقول الأستاذ إن الجهاد ليس أص ً لا في الإسلام وإنما الأصل الدعوة بالموعظة الحسنة
    وبالنموذج السلوكي، وذلك لأسباب مبدئية أظنني أوضحتها، فض ً لا عن أسباب واقعية منها أن
    قهر الناس على الإيمان بالعنف (بالسلاح)، هو أمر غير مرغوب فيه أخلاقيًا وعرفًا في
    زماننا، كما أنه غير ممكن عمليًا. بالصعود إلى مستوى قيمة السلام، التي أصبحت قيمة
    أساسية في عصرنا، في مستوى المواثيق والمؤسسات المعرفية والحقوقية التي تبدع القيم
    السائدة القائدة والمثل العليا على الأقل، والتي هي الأصل في الإسلام، ُتنْسخ آية السيف "فإذا
    انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم ..." الآية، وُتبعث آيات الإسماح من
    جديد. ذلك أن غلظة القلوب والعقول المفضية إلى سوء التصرف في الحرية هي التي أوجبت
    أحكام السيف ودخول العنف في وسائل الدعوة كما يقول الأستاذ. إن السيف في استخدام
    الإسلام له كان "أداة لطب النفوس" ، في رأي الأستاذ،وليس أداة للعقاب في ذاته. يكتب

    10
    الأستاذ "وكل ما يقال عن تبرير استعمال الإسلام للسيف هو أنه لم يستعمله كمدية الجزار،
    وإنما استعمله كمبضع الطبيب".( 18 ) ومع دقة هذا الحجاج، فهو يبدو لي غير متسقٍ مع
    وقائع التاريخ، في مستوى الممارسة الفعلية للمسلمين، على كل حال. وهذه ملاحظة أرجئ
    تفصيلها إلى مكانها من سياق البحث ضمن ملاحظات نقدية أخرى.
    والرق ليس أص ً لا في الإسلام. (وأقول استطرادا أن التفسير الذي يعطيه الأستاذ محمود
    لوضعية الرق في الإسلام الأول يبدو لي "أقل نصوعًا وإقناعًا" في كثيرٍ من جوانبه، بالمقارنة
    مع وضوح رؤيته النقدية في القضايا الأخرى المتصلة بمفهوم الحرية، ومن ثم فإنني سأورده
    كاملا بقدر ما يسمح الحيز، من باب الحفاظ على نفس مبدأ القراءة النقدية والإخلاص في
    تصوير حقائق الواقع وحقائق النصوص وهي عين الصفات التي حمدتها له). يكتب الأستاذ
    في هذا الموضوع الدقيق: "فالأصل في الإسلام الحرية، ولكنه نزل في مجتمعٍ الرق فيه جزء
    من النظام الاجتماعي والاقتصادي. وهو مجتمع قد ظهر عمليًا أنه لا يحسن التصرف في
    الحرية، مما أدى إلى نزع قيام أفراده بأمر أنفسهم، وجعل ذلك إلى وصيٍ عليهم، وقد رأينا
    أن هذا أدى إلى شرعية الجهاد، ومن أصول الجهاد في سبيل الله أن يعرض المسلمون على
    الكفار أن يدخلوا في الدين الجديد، فإن هم قبلوه، وإلا فأن يعطوهم الجزية، ويعيشوا تحت
    حكومتهم، مبقين على دينهم الأصلي، آمنين على أنفسهم. فإن هم أبوا عليهم هذه الخطة
    أيضًا، حاربوهم، فإذا هزموهم اتخذوا منهم سبايا، فزاد هؤلاء في عدد الرقيق السابق للدعوة
    الجديدة. والحكمة في الاسترقاق تقوم على قانون المعاوضة. فكأن الإنسان عندما دعي ليكون
    عبدًا لله فأعرض، دل إعراضه هذا على جهلٍ يحتاج إلى فترة مرانة، يستعد أثناءها للدخول،
    عن طواعية، في العبودية لله، ف  جعل في هذه الفترة عبدًا للمخلوق ليتمرس على الطاعة التي
    هي واجب العبد. والمعاوضة هنا هي أنه حين رفض أن يكون عبدًا للرب، وهو طليق،
    ( ومكنت الهزيمة منه،  جعل عبدًا للعبد، جزا  ء وفاقا. "ومن يعمل، مثقال ذرة، شرًا، يره". ( 19
    من الأفضل أن نؤجل التعليق على هذا حفاظا على وحدة السياق، واستميح القارئ عذرا في

    11
    مواصلة هذا الاستشهاد الطويل الذي سأستثمره لاحقًا، ضمن مآخذ أخرى في نقدي لهذه
    المساهمة التجديدية التي أجلها كثيرًا مع ذلك. يواصل الأستاذ: "وهكذا أضاف أسلوب الدعوة
    إلى الإسلام، الذي اقتضته ملابسة الوقت، والمستوى البشري، إلى الرق الموروث من عهود
    الجاهلية الأولى، رقًا جديدًا، ولم يكن من الممكن، ولا من الحكمة، أن يبطل التشريع نظام
    الرق، بجرة قلم، تمشيًا مع الأصل المطلوب في الدين، وإنما تقتضي حاجة الأفراد
    المسترقين، ثم حاجة المجتمع، الاجتماعية، والاقتصادية، بالإبقاء على هذا النظام، مع العمل
    المستمر على تطويره، حتى يخرج كل مسترق، من ربقة الرق، إلى باحة الحرية. وفترة
    التطوير هي فترة انتقالٍ، يقوى أثناءها الرقيق على القيام على رجليه ليكسب قوته من الكدح
    المشروع، وسط مجتمع تمرن أيضاٍ، أثناء فترة الانتقال، على تنظيم نفسه بصورة لا تعتمد
    على استغلال الرقيق، ذلك الاستغلال البشع الذي يهدر كرامتهم، ويضطهد آدميتهم، والذي
    كان حظهم التعس إبان الجاهلية. وهكذا شرع الإسلام في الرق، فجعل للرقيق حقوقًا
    وواجبات، بعد أن كانت عليهم واجبات، وليست لهم حقوق. ثم جعل الكفارات، والقربات،
    بعتق الرقاب المؤمنة، السليمة، النافعة. وأوجب مكاتبة العبد الصالح الذي يستطيع أن يفدي
    نفسه، وأن يعيش عيشة المواطن الصالح. وهو في أثناء ذلك يدعو إلى حسن معاملتهم فيقول
    المعصوم "خولكم إخوانكم، جعلهم الله تحت أيديكم، فأطعموهم مما تطعمون، وأكسوهم مما
    ( تلبسون". ( 20
    والرأسمالية ليست أصلا في الإسلام عند الأستاذ، و"الأصل في الإسلام شيوع المال بين عباد
    الله، ليأخذ كل حاجته: وهي زاد المسافر، وذلك أمر يلتمس تطبيقه في حياة المسلم الوحيد في
    تلك الفترة، وهو النبي. ولكن الإسلام نزل على قوم لا قبل لهم به، فلا يعرفون إلا أن المال
    مالهم. وهم لم تكن عليهم حكومة تجعل على مالهم وظيفة يؤدونها، ولذلك فقد شقت على
    نفوسهم الزكاة التي  جعلت على أموالهم وكانت لدى التحاق النبي بالرفيق الأعلى، السبب
    المباشر في الردة. (...) وهذا هو السبب الذي جعل تشريع الإسلام في المال دون حقيقة
    مراده، وذلك تخفيفًا على الناس، وتدريجًا لهم، ودرءًا للمشقة عن نفوس أضمرت الشح.
    12
    وهكذا جاءت الزكاة ذات المقادير وجعلت ركنا تعبديا في حقهم، وذلك بمحض اللطف.
    يضاف إلى هذا الاعتبار الفردي اعتبار آخر، هو أن شمس الاشتراكية لم تكن قد أشرقت
    بعد".( 21 ) وربما كان من الإنصاف أن نوضح هنا أن الرجل كان كثير النقد لنماذج
    "الاشتراكية" التي كانت "قائمة"، وقد أخذ عليها، ضمن أشياء أخرى، غياب الديمقراطية عنها،
    وإن كان يحمد لها إرادة المساواة وإن لم توفق فيها.
    "وعدم المساواة بين الرجال والنساء ليس أص ً لا في الإسلام والأصل في الإسلام المساواة
    التامة بين الرجال والنساء"( 22 ) وهذه في الواقع أصعب القضايا التي تواجه دعاة التجديد في
    الفكر الإسلامي المعاصر وهم طالما تلجلجوا فيها واحتالوا لها أفانين الحيل دون جدوى.
    ويبدو لي أن موقف الأستاذ محمود فيها قاطع وجذري ومتجاوز لكل المعالجات التوفيقية
    المطروحة الآن. وموطن جذريتها في منهج الأستاذ نفسه الداعي إلى نسخ النصوص
    المؤسسة للتمييز والعمل بالنصوص المؤسسة للمساواة باعتبارها الأصول والمقاصد النهائية
    للدين. وشتان بين هذا وبين من يريدون الاحتفاظ بالنصوص القائلة بدونية المرأة مع إثبات
    مبدأ المساواة!! ومع ذلك فسيكون لي بعض الملاحظات النقدية على رأي الأستاذ في هذا
    الشأن. يواصل الأستاذ: "ويلتمس ذلك في المسئولية الفردية أمام الله، يوم الدين، حين تنصب
    موازين الأعمال. قال تعالى في ذلك "ولا تزر وازرة وزر أخرى، وإن تدع مثقلة إلى حملها
    لا يحمل منه شيء، ولو كان ذا قربى، إنما تنذر الذين يخشون ربهم بالغيب، وأقاموا الصلاة،
    ومن تزكى فإنما يتزكى لنفسه، وإلى الله المصير"، وقال تعالى "اليوم تجزى كل نفس بما
    كسبت، لا ظلم اليوم، إن الله سريع الحساب"، وقال تعالى "كل نفس بما كسبت رهينة" ولكن
    الإسلام نزل، حين نزل، على قوم يدفنون البنت حية خوف العار الذي تجره عليهم إذا
    عجزوا عن حمايتها فسبيت، أو فرارًا من مؤونتها إذا أجدبت الأرض، وضاق الرزق: قال
    تعالى عنهم "إذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودًا وهو كظيم، يتوارى من القوم من سوء
    ما بشر به، أيمسكه على هون، أم يدسه في التراب، ألا ساء ما يحكمون" ومن هنا لم يكن
    المجتمع مستعدًا، ولا كانت المرأة مستعدة ليشرع الإسلام لحقوقها في مستوى ما يريد بها من
    الخير، وكان لا بد من فترة انتقال أيضًا يتطور في أثنائها الرجال والنساء، أفرادًا، ويتطور

    13
    المجتمع أيضًا. وهكذا جاء التشريع ليجعل المرأة على النصف من الرجل في الميراث، وعلى
    النصف منه في الشهادة. وعلى المرأة الخضوع للرجل، أبًا وأخًا وزوجًا.. "الرجال قوامون
    على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض، وبما أنفقوا من أموالهم" والحق، أن في هذا
    التشريع قفزة بالمرأة كبيرة بالمقارنة إلى حظها سابقا، ولكنه، مع ذلك دون مراد الدين
    بها."( 23 ) وهذه أيضًا قفزة كبيرة، في طرح المشكلة على الأقل، تتجاوز، بما لا يقاس،
    مستويات الثأثأة واللجاج التي تسعى إلى إقناعنا بأن حظ المرأة موفور على تمامه في الشريعة
    السلفية على الرغم من وضوح النصوص القائمة على دونيتها. وهو لجاج لم تنج منه حتى
    أقلام مستنيرة جدًا. وفي نفس السياق يذهب الأستاذ إلى أن "الحجاب ليس أص ً لا في الإسلام
    والأصل في الإسلام السفور.. لأن مراد الإسلام العفة.. وهو يريدها عفة تقوم في صدور
    النساء والرجال، لا عفة مضروبة بالباب المقفول، والثوب المسدول. ولكن ليس إلى هذه
    العفة الغالية من سبيل إلا عن طريق التربية والتقويم. وهذه تحتاج إلى فترة انتقال لا تتحقق
    أثناءها العفة إلا عن طريق الحجاب، وكذلك شرع الحجاب. فكأن الأصل ما كان عليه آدم
    ( وحواء قبل أن يزلا (...) والسفور في الإسلام أصل لأنه حرية".( 24
    وهو يقدم تعليلاتٍ وشروحا مطولة فيمًا يراه من ذلك أسقطتها هنا نزو ً لا إلى مقتضيات
    الحيز، ويمكن إجمالها في أن الأستاذ يميز تمييزًا دقيقًا بين السفور والتهتك والابتذال الذي
    يجعل من جسد المرأة مجرد حليةٍ وأداةٍ للإمتاع مما نشهده في ذلك الفيض الهائل من
    موضوعات الدعاية والإعلان الصادرة عن مفهوم "المرأة الشيء" و"المرأة السلعة" في أفق
    الحضارة الرأسمالية السائدة .
    "والمجتمع المنعزل رجاله عن نسائه ليس أص ً لا في الإسلام، وتعدد الزوجات ليس أص ً لا في
    الإسلام، والطلاق ليس أص ً لا في الإسلام".( 25 ) كل ذلك في سياقٍ من التعليلات والشروح
    أقل ما يمكن أن يقال عنها أنها ذكية جدًا وتخبر عن منهجية نقدية تحليلية تركيبية فذة، وعن
    عقلٍ مفكرٍ ومثقفٍ من الطراز الأول سواء اتفقنا معه أو خالفناه.
    تمثل آلية التجديد وضوابطه المنهجية إشكالي ً ة عويصً ة في الفكر الإسلامي المعاصر.
    فبالإضافة إلى هالة القداسة المخيفة التي أحيطت بها المنهجية التي حددها السلف من الفقهاء

    14
    المؤسسين (وليس للسلف فيها من يد بالطبع)، والسطوة الخفية لمقولة قفل باب الاجتهاد،
    وربما أيضًا بسبب من ذلك، فإن أجندة المجددين الإسلاميين قد خلت من منهجٍ متكاملٍ
    لإجرائية التجديد. في هذا الإطار أيضًا تمثل مساهمة الأستاذ محمود، التي هي جزء لا يتجزأ
    من جهازه المفاهيمي، إضافة فريدة. يمثل المنحى الإجرائي عند الأستاذ محمود عنصرًا من
    بنية فكره العامة مقولاته الأساسية. فوجود مستويين من التشريع في الإسلام، مستوى الفروع
    ومستوى الأصول، والذي لا يناقض مبدأ واحدية الإسلام بقدر ما يؤكده، إنما هو عنده معن  ى
    يتصل برسالة الإسلام التاريخية المحددة التي بلغها النبي محمد مجمل ً ة في مستو  ى ومفصل ً ة
    في مستوى آخر كما أوضحنا، أو كما أوضح الأستاذ بعبارة أدق. ويبقى المعنى العام للإسلام
    أوسع من ذلك. وهذا الفهم متصل بمشروعية التجديد وإجرائيته عند الأستاذ. وهو يكتب
    موضحًا ذلك: "الإسلام دين واحد.. وهو دين الله الذي لا يرضى غيره.. قال تعالى فيه:
    "أفغير دين الله يبغون، وله أسلم من في السموات، والأرض، طوعا وكرها، وإليه يرجعون"
    (...) وبالإسلام جاء جميع الأنبياء من لدن آدم وإلى محمد.. قال تعالى في ذلك: "شرع لكم
    من الدين ما وصى به نوحًا، والذي أوحينا إليك، وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى، أن
    أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه.. كبر على المشركين ما تدعوهم إليه.. الله يجتبي إليه من يشاء،
    ويهدي إليه من ينيب..". "شرع لكم من الدين" هنا لا تعني الشرائع وإنما تعني "لا إله إلا
    الله".. ذلك بأن شرائع الأمم ليست واحدة، وإنما " لا إله إلا الله" هي الثابتة، وإن كان ثباتها
    في مبناها فقط، وليس في معناها.. وإنما يختلف معناها باختلاف مستويات الرسل.. وهو
    اختلاف مقدار أيضًا.. قال المعصوم في ثبات مبنى "لا إله إلا الله".. "خير ما جئت به أنا
    والنبيون من قبلي لا إله إلا الله.."( 26 ) لا أحسبني بحاجة إلى جهد كثير في إثبات قوة الَنَفس
    النظري لهذا التلخيص والاستخلاص البارع للفكرة من عناصر النص ومعطيات الواقع. هذا
    الاستخلاص البارع للقاعدة النظرية لتطوير التشريع وتجديده، في مستوى مشروعيته
    وتاريخيته وضرورته ومناهج إجرائيته معا، استخلاصًا مبرأً من الارتجال والتقحم. أقول هذا
    في إطار المنطق الداخلي للفكرة الدينية بالطبع. يتابع الأستاذ : "واختلاف شرائع الأنبياء
    الناتج عن اختلاف مستويات أممهم لا يحتاج إلى طويل نظر.. ويكفي أن نذكر باختلاف

    15
    شريعة التزويج بين آدم ومحمد. فقد كان تزويج الأخ من أخته شريعة إسلامية لدى آدم..
    وعندما جاء محمد أصبح الحلال في هذه الشريعة حرامًا.. أكثر من ذلك أصبح التحريم
    ينسحب على دوائر أبعد من دائرة الأخت.. قال تعالى في ذلك: "حرمت عليكم أمهاتكم،
    وبناتكم، وأخواتكم، وعماتكم، وخالاتكم، وبنات الأخ، وبنات الأخت، وأمهاتكم اللاتي
    أرضعنكم، وأخواتكم من الرضاعة، وأمهات نسائكم، وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم
    اللاتي دخلتم بهن، وإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم.. وحلائل أبنائكم الذين من
    ( أصلابكم.. وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف.. إن الله كان غفورًا رحيما."( 27
    فتطوير التشريع الإسلامي يجد مشروعيته في تطور الشرائع الإلهية (الإسلامية) من لدن آدم
    وليس هو بدع ً ة ابتدعها مجددو اليوم. وليس من قاعدةٍ أصلب من هذه لمشروعية التجديد. بعد
    إرساء هذه القاعدة المتينة للاستنباط، والتي لم أورد إلا نذرًا يسيرًا من وجوهها المركبة في
    تحليل الأستاذ محمود الإستقرائي، أذهب إلى عرض وجوهٍ أخرى من تأسيسه لمشروعية
    التجديد وتحديد آلياته وضوابطه، فلنستمع: "فإذا كان هذا الاختلاف الشاسع بين الشريعتين
    سببه اختلاف مستويات الأمم، وهو من غير أدنى ريب كذلك، فإنه من الخطأ الشنيع أن يظن
    إنسان أن الشريعة الإسلامية في القرن السابع تصلح، بكل تفاصيلها، للتطبيق في القرن
    العشرين، ذلك بأن اختلاف مستوى مجتمع القرن السابع عن مستوى مجتمع القرن العشرين
    أمر لا يقبل المقارنة، ولا يحتاج العارف ليفصل فيه تفصي ً لا، وإنما هو يتحدث عن نفسه..
    فيصبح الأمر عندنا أمام إحدى خصلتين: إما أن يكون الإسلام، كما جاء به المعصوم بين
    دفتي المصحف، قادرًا على استيعاب طاقات مجتمع القرن العشرين فيتولى توجيهه في
    مضمار التشريع، ومضمار الأخلاق، وإما أن تكون قدرته قد نفدت وتوقفت عند حد تنظيم
    مجتمع القرن السابع، والمجتمعات التي تلته مما هو مثله، فيكون على بشرية القرن العشرين
    أن تخرج عنه، وأن تلتمس حل مشاكلها في فلسفات أخريات، وهذا ما لا يقول به مسلم..
    ومع ذلك فإن المسلمين غير مؤمنين بضرورة تطوير الشريعة. وهم يظنون أن مشاكل القرن
    العشرين يمكن أن يستوعبها، وينهض بحلها، نفس التشريع الذي استوعب، ونهض بحل
    مشاكل القرن السابع، وذلك جهلٌ مفضوح.

    16
    المسلمون يقولون أن الشريعة الإسلامية شريعة كاملة.. وهذا صحيح.. ولكن كمالها إنما هو
    في مقدرتها على التطور، وعلى استيعاب طاقات الحياة الفردية، والاجتماعية، وعلى توجيه
    تلك الحياة في مدارج الرقي المستمر، بالغ ً ة ما بلغت تلك الحياة الاجتماعية، والفردية من
    النشاط، والحيوية، والتجديد.. هم يقولون، عندما يسمعوننا نتحدث عن تطوير الشريعة:
    الشريعة الإسلامية كاملة، فهي ليست في حاجة إلى التطوير، فإنما يتطور الناقص.. وهذا
    قول بعكس الحق تمامًا، فإنه إنما يتطور الكامل..(...) فالعشبة الضئيلة التي تنبت في سفح
    الجبل، فتخضر، وتورق، وتزهر، وتثمر، ثم تلقي ببذرتها في تربتها، ثم تصير غثا  ء تذروه
    الرياح، أكمل من الجبل الذي يقف فوقها عاليا متشامخًا، يتحدى هوج العواصف.. ذلك بأن
    تلك العشبة الضئيلة قد دخلت في مرحلة متقدمة من مراحل التطور مرحلة الحياة والموت
    مما لم يتشرف الجبل بدخولها - (...) وبالمثل، فإن كمال الشريعة الإسلامية إنما هو في
    كونها جسمًا حيًا، ناميًا، متطورًا، يواكب تطور الحياة الحية، النامية، المتطورة، ويوجه
    خطاها، ويرسم خط سيرها في منازل القرب من الله، منزلة، منزلة.. ولن تنفك الحياة سائرة
    إلى الله في طريق رجعاها، فما من ذلك بد.. "يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحًا
    فملاقيه".. وإنما تتم الملاقاة بفضل الله، ثم بفضل إرشاد الشريعة الإسلامية في مستوياتها
    الثلاث: الشريعة، والطريقة، والحقيقة.. وتطور الشريعة، كما أسلفنا القول، إنما هو انتقال من
    نصٍ إلى نص.. من نص كان هو صاحب الوقت في القرن السابع فأحكم إلى نصٍ اعُتبر
    يومئذ أكبر من الوقت فنسخ..(...) فكأن الآيات التي نسخت إنما نسخت لحكم الوقت، فهي
    مرجأًة إلى أن يحين حينها.. فإذا حان حينها فقد أصبحت هي صاحبة الوقت، ويكون لها
    الحكم، وتصبح، بذلك هي الآية المحكمة، وتصير الآية التي كانت محكمة في القرن السابع
    منسوخ ً ة الآن.. هذا هو معنى حكم الوقت.. للقرن السابع آيات الفروع، وللقرن العشرين آيات
    الأصول.. وهذه هي الحكمة وراء النسخ.. فليس النسخ، إذن، إلغا  ء تامًا، وإنما هو إرجاء
    يتحين الحين، ويتوقت الوقت.. ونحن في تطويرنا هذا إنما ننظر إلى الحكمة من وراء
    النص(...) فالتطوير، إذن، ليس قفزًا عبر الفضاء، ولا هو قولٌ بالرأي الفج، وإنما هو انتقالٌ
    2) كان لا بد من إيراد هذه الاستشهادات الطويلة لعدة أسباب: منها من نص إلى نص." ( 8

    17
    درء سوء الفهم الذي قد يتولد من الابتسار الشديد، وهو"سوء فهم" كلف الرجل حياته، ومنها
    إكمال سياق الفكرة تحسبًا من قراءة متحيزة من جانبنا.. ومنها عرض منهجية بناء المفهوم
    عند الأستاذ وهي منهجيةٌ قلت بتميزها مما لزمني إثباته أو عرضه بوضوح على الأقل. هذا،
    في تقديري، منهج مكتمل الأدوات، ممسك بخيوط نسيج منطقه الداخلي إمساكًا شديد الانتباه لا
    مجال فيه للخاطرة المرتجلة التي تستر ارتجالها بالاستدراك المتراجع المسكون بالوساوس
    والحسابات والترضيات التاكتيكية الحسيرة الأفق. وأحسب أن هذا هو الأمر الرئيس الذي
    يخص الباحث المجدد، بصرف النظر عن مسائل الاتفاق والاختلاف أو"الخطأ" و"الصواب":
    أن يتأسس الخطاب التجديدي على منهجية متكاملة. ولست بحاجةٍ حقيقيةٍ لأن أستدرك فيما
    أعنيه باكتمال الفكرة وتكامل المنهجية فقد أغنت عن ذلك كلمة الأستاذ "إنما يتطور الكامل"،
    وفيما يليني، فإن منهجية هذا البحث والمفاهيم والمصطلحات التي يتأسس عليها تفصح بنفسها
    عما أعنيه بالتكامل والاكتمال في الفكرة والمنهج.
    وعلى هذا الفهم للاكتمال والتكامل تتأسس ملاحظاتي النقدية لمساهمة الأستاذ الجليلة.
    وسأقتصر هنا، نزو ً لا إلى مقتضيات الحيز، على ملاحظات جزئية، وأتمنى أن يغفر لي كونها
    أصول الموضوع: في قضية الحرية التي اعتبرها الأستاذ محمود "أصل الأصول" فأصاب
    بذلك كبد الحقيقة. لقد أبديت آنفا تحفظًا على ما أسماه الأستاذ بإمكان "تبرير استعمال السيف
    في الإسلام" بأنه قد استخدمه لا "كمدية الجزار، وإنما كمبضع الطبيب". وقد أرجعت تحفظي
    إلى كون هذه المقولة لا تقف مرفوعة القامة تمامًا أمام وقائع التاريخ الفعلية. وسأكتفي هنا
    بمثل حروب الردة وما صاحبها من الغلو في القتل والفتك على يدي صحابي جليل وقائد
    عظيم هو خالد بن الوليد، غلوًا لم يسلم من نقد واحتجاج بعض أجلاء الصحابة أنفسهم، ومثل
    مقتل عثمان على أيدي جماعة ضمت في عدادها بعض الصحابة الكبار. هذا فض ً لا عن الفتنة
    الكبرى التي أشهر فيها نفر من عظماء الصحابة السيف في وجوه بعضهم بعضا!! ولا أرى
    في هذا استعمالا للسيف كمبضع الطبيب. والمسألة تحتاج للنظر.
    وقد أبديت آنفا أيضا قلة قناعتي بمسوغات الرق في الإسلام كما جاءت في تحليل الأستاذ.
    فأقول أن الحجتين اللتين قدمهما الأستاذ في تفسير وضعية الرق في الإسلام ليستا في قوة

    18
    منطقه المتصل بمفهوم الحرية في بعده المنطلق من الأخذ في الحسبان برقي معارف الأمم
    وشرائعها. فالحجة الأولى التي تتأسس على مفهوم المعاوضة لا تنسجم مع الحقيقة التاريخية
    من أن الأمم التي أخضعها السيف وأجاز استرقاقها "حكم الوقت"، كانت على قدرٍ كبيرٍ من
    التحضر والتطور في معارفها وعقائدها وأنظمتها الاجتماعية، مع الاعتبار التام لنسبية
    مستوى تطورها التاريخي مما كان يمكن أن يغني عن اللجوء إلى منهج للمعاوضة في غلظة
    الرق في منحى تدريجها إلى الدين الجديد و"ترويض" عقولها وقلوبها على القبول به. والشاهد
    أن الحضارة الإسلامية لم تقم، في وجوهها المشرقة بالذات من فنون وعلوم ومعارف، دون
    أن تستند إلى تراث الرقي والتحضر الذي كان لهذه الأمم، ولن يكون من الافتراء والهوى أن
    أقول أن الغالبية العظمى ممن ساهموا في تأسيس وتطوير هذه العلوم والمعارف هم من بين
    الذين وطئهم عار الاسترقاق والولاء. إن حجة الأستاذ الرئيسة في دواعي تطوير التشريع
    هي الارتقاء الحضاري، وارتفاع مستوى الفهم والاستعداد للفهم لمطالب الدين الرفيعة، ولا
    أرى أن الاسترقاق كان ح ً لا مناسبا لتدريج أمم كان رقيها بالذات هو مصدر مساهماتها
    المتميزة في حضارة الإسلام. ولعلني أضيف أن "حجة" حكمة الاسترقاق بقرينة المعاوضة
    والمران على الطاعة لله بالتمرس والمران على الطاعة في حق من رفض أن يكون "عبدا
    للرب" ف  جعل "عبدًا للعبد جزاءًا وفاقا" لا تفسر، فيما لا تفسره وهو أكثر من أن يستوعبه هذا
    الحيز، أقول لا تفسر العناء النفسي الذي وقع على بعض ضحايا الرق من الصحابة الأجلاء
    مثل بلال وعمار ممن كان بعض الأصحاب أنفسهم يعيرونهم بأصولهم في سورات الغضب.
    صحيح أن التشريع لا يد له في استرقاق بلال وعمار وأمثالهم، ولا يد له في مثل هذه
    التجاوزات، إلا أنهم عانوا من ظلال التمييز المضمر في الخواطر الخفية مما هو عندي
    متصل بحسم التشريع أو التفسير في موضوع الرق. ويبدو لي أن حجة "الحكمة" التي قضت
    "بالإبقاء على نظام الرق" بقرينة كون الإسلام "نزل على مجتمع الرق فيه جزء من النظام
    الاجتماعي"، وبأن هذا مما كانت تقتضيه "حاجة الأفراد المسترقين، وحاجة المجتمع،
    الاجتماعية والاقتصادية"،( 29 ) تبدو لي أضعف من أختها. وسأستبعد من مناقشتي تما  ما
    "حاجة الأفراد المسترقين إلى الاسترقاق" في أي سياقٍ وردت وتحت أي حجة أتت. وأتوجه

    19
    إلى الشق الثاني من الحجة فأتساءل عما إذا كان اقتصاد المجتمع العربي قبل الإسلام يتأسس
    على الرق بالصورة التي كان يمكن أن تؤدي إلى انهياره لو أن تشريع الرق في الدين الجديد
    كان أكثر حسمًا، أو لنقل، أسرع تدريجا. لا يبدو لي أن آراء علماء تاريخ الاقتصاد السياسي
    المعاصرين تميل إلى تأكيد هذه الفرضية. وجملة القول عندي أن تبرير تشريع الرق عندي
    غير مقنع وهو بحاجة إلى قراءة نقدية أكثر تحريًا في وقائع التاريخ الفعلية في داخل دائرة
    المجددين ذوي المرجعية الدينية أساسًا. ولا شك في أن ملاحظتي بصورتها هذه مبتسرة جدا
    وأتمنى أن تتاح لي فرصة أوسع لتطويرها بالحوار.
    لست مقتنعا أيضا بحجاج الأستاذ المتصل بمقولة "المساواة الكاملة بين الرجل والمرأة حتى
    في "الرسالة الثانية". (والأستاذ بالطبع لم يقل بمساواتهما في الرسالة الأولى أص ً لا). وستكون
    أولى ملاحظاتي لفت النظر إلى ذكورية خطاب الأستاذ نفسه. هذه الذكورية التي اجتهد في
    تفاديها أحد تلاميذه اللامعين (د.عبدالله النعيم) ( 30 ) فالرجال "يستأثرون" بالنصيب الأوفر بما
    لا يقاس في خطاب الرسالة الثانية نفسه ويبين ذلك بصورة قاطعة لمن يقرأ الكتاب. وأكتفي
    هنا بمثل يغني عن التفصيل من فرط قوة دلالته، يتساءل الأستاذ: "من هو رسول الرسالة
    الثانية؟ " ويجيب "هو رجل آتاه الله الفهم عن القرآن وأذن له في الكلام..."( 31 ) وهو يقول
    قبل ذلك في الإهداء "إلي الإنسانية ! بشرى .. وتحية. بشرى بأن الله ادخر لها من كمال حياة
    الفكر، وحياة الشعور، ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر. وتحية
    ( للرجل وهو يمتخض، اليوم، في أحشائها، وقد اشتد بها الطلق، وتنفس صبح الميلاد."( 32
    والرجل المعني هو رجل الرسالة الثانية، داعيتها "المأذون له"، وإنسانها المتخلق من قيمها
    وبها. وهذا قول يطاول قمم الشاعرية المجيدة ولكنه، مع ذلك، لا ينفي ذكورية الخطاب
    ويحرج منطق مقولة المساواة التامة بين الرجل والمرأة وهذه معضلة لم يتوفر للأستاذ، ولا
    لأي واحد من المجددين حلها بصورة متماسكة تمام التماسك، وإن ظل رأيه فيها متميزًا جدًا.
    ولقد كان لشقيقة كاتب هذه السطور، وكانت متدينة في يقظة ذهنية نقدية شديدة الحضور إزاء
    تعارض النصوص والتأويل، يقظة تجاور حدود التراجيديات الكبرى، أقول كانت لها دورات
    من النقاش عصية طويلة مع الأستاذ حول مقولة مساواة المرأة بالرجل في الإسلام. وأشهد

    20
    بأنه كان صبورًا طويل النفس في حواره معها بل سعيدًا بنقدها، وكان يعلق كلما بدرت عنها
    حجة عنيدة "ما شاء الله على هذا الذكاء يا زينب". ولم تقتنع شقيقتي حتى توفيت (عام
    1975 ). كان لي شرف حضور ذلك النقاش والمشاركة فيه. وقد كانت حجتها الأساسية أنه لا
    وجود للمساواة بين الرجل والمرأة في الإسلام في مستوى بنية العقيدة نفسها، ولا وجود
    لتأويلٍ مقنع في مستوى ما لدينا من اجتهادات بما فيها اجتهاد الأستاذ نفسه. ذلك أن في قمة
    الخلق رجل، وفي قمة التطور رجل، في التصور الإسلامي العقيدي. كما أن الخطاب
    الإسلامي ذكوري في جملته مع استثناء قليل. وكانت إجابة الأستاذ (التي هي مبذولة أيضا في
    بعض كتبه) إن ذلك صحيح ولكنه لا يعني أن مطلق رجل أفضل من مطلق امرأة. فهذا لا
    يستقيم دينًا ولا عق ً لا ولا واقعًا. ثمة رجل في قمة مضمار المراقي إلى الله، هو النبي ولا
    مراء، وفي أصل البشرية رجل (وهو آدم بالطبع) بين هذا وذاك فالمساواة قائمة في الرسالة
    الثانية أمام الله، وفي تشريع الأصول. ولم أقتنع بتمام سلامة هذا المنطق. وبدا لي أن هذا
    التمييز "الخفي" وإن لن يكون له تأثير ملموس في مجرى التشريع في الواقع المباشر، على
    افتراض الاقتناع بمنطق الرسالة الثانية، إلا أنه ينطوي على معان من التراتب لا بد أن تترك
    أثرها في الخواطر الخفية. أضف إلى ذلك أن "طلائع أمة المسلمين" الذين يقول الأستاذ أنهم
    "جاؤوا فرادى عبر تاريخ المجتمع البشري الطويل والذين هم الأنبياء" كلهم من الرجال. لم
    يقو التأويل التجديدي حتى الآن، وحتى في مستوى هذه القمة الشامخة، على التحري في
    وجوه التاريخ عن مكان أكثر لياقة بالمرأة في ملحمة التطور المجيدة هذه. هل أقول مع
    الصديق الدكتور محمد أحمد محمود، أن مشكلة الخطاب التجديدي ذي المرجعية الدينية هي
    لا تاريخيته؟،( 33 ) هي إخلاصه للنص أكثر من إخلاصه لحقائق التاريخ الواقعية؟ هذا من
    غير شك جزء من المشكل. إلا أنه قول يصعب الجزم به في حق مفكر يقوم الإخلاص
    لحقائق الواقع في صلب بنية دعوته للتجديد. وقد أميل إلى ترجيح كون السبب قائمًا في أن
    مفهوم الوجود في فكر الأستاذ، الذي ليس هو فكر صوفي "تقليدي" ببساطة، وإن كان للفكر
    الصوفي فيه نصيب يقره هو بنفسه، لم يتجاوز مع ذلك، تجاوزًا بعيدًا، معنى الوجود الجاهز
    (الجاهز في واقعه النهائي) الذي يميز الميتافيزيقا، بصفة عامة، والميتافيزيقا الصوفية على

    21
    وجه الخصوص، حتى في مستوياتها الرفيعة، (وأنا بالطبع لا أستخدم مصطلح ميتافيزيقا هنا
    بالمعنى القدحى)، أقول أن مفهوم الوجود الجاهز المحكم الغائية، والمحكوم بها هذا، والذي لا
    مجال فيه للصدفة الصرفة والخطأ "الصرف" الاحتمال "المفتوح"، هومفهوم يفضي إلى مناطق
    مغلقة كثيرة محرمة على المنطق الإشكالي، هذا المفهوم هو الذي يلقي بثقله على مفهوم
    الواقع وأصالة حقائق الواقع في تحليل الأستاذ، (أقول ربما...). وكثيرًا ما كانت بعض
    مناقشاتي مع الأستاذ وتلاميذه، تنتهي في بعض القضايا البرهانية العصية إلى أن "هذا الأمر
    أمر ذوق"، أي لا تقوم فيه للبرهان قائمة. إلا أنني لم أشأ، في هذه الدراسة، أن أناقش خطابًا
    دينيًا خارج مرجعيته الأصلية، خاصة وأن الأمر يتعلق بالتعريف به ضمن مرجعيته أص ً لا.
    وقد أفعل خلاف ذلك في مجرى المناقشات التي قد تثيرها هذه الورقة. وحجة الذوق، على
    كل حال، أرقى وأكرم وأنبل بما لا يقاس، (وبما لا يقبل المقارنة أص ً لا)، من "حجة" التكفير
    والمتفجرات والمدافع الرشاشة.
    ملاحظتي النقدية الأخيرة، في هذا الحيز، تتصل بصدور الأستاذ عن مفهوم الدين الأفضل
    والصحيح الوحيد على الرغم من سعة فهمه لمعنى الدين ومعنى الإسلام وتقديره العميق
    للإبداعية الإنسانية في تعبيرها الفكري والفني والثقافي بكل صوره بما في ذلك إبداع القيم
    الأخلاقية حتى ما صدر منها عن مؤسسات لا تتصل بالدين اتصا ً لا مباشرًا، بل لعلني استند
    إلى أنه بنى بعض عناصر مفهومه لأهلية القرن العشرين وجدارته بالرسالة الثانية من
    الإسلام على إنجازات إنسانية في مستويات إبداع القيم الأخلاقية، وفي قمتها قيمة الحرية، لم
    تصدر من مواقع الفكر الديني وربما قلت ضده أحيانا. ومع ذلك يبقى مفهوم الدين الأفضل
    معضلة تحتاج إلى حل. تنطوي مقولة الدين الأفضل بطبيعتها، وبالضرورة، على اعتقاد
    ظاهر أو مضمر بأن الآخرين، ممن ليسوا من أتباعه إنما هم على ضلال، وتشكل أرضية
    ممكنة للتمييز.( 34 ) وهو تمييز يمكن أن يكون خفيًا جدًا فلا يتجاوز حركة ظلال الخواطر
    الباطنية المبهمة، وربما أقول لا يتجاوز مستوى دلالات الخطاب الإسقاطية البعيدة عن
    القصد. وهو، مع ذلك، يبقى تمييزًا. تمييزًا يصبح معه الحديث عن كرامة الإنسان بما هو
    22
    إنسان ومبدأ الاحترام "التام" لحرية الاعتقاد أمرًا مشوشًا، على الأقل، يحتاج من المجدد إلى
    نظر طويل. وهو، على التحقيق، نظر لا يسقط مساهمة الأستاذ الجليلة، ولن يفلح لو فعل.
    بقي علي أن أضيف أن مساهمة الأستاذ محمود محمد طه لم تقف بأصالتها عند حدود التجديد
    النظري بل امتدت إلى كافة مجالات العمل الحركي السياسي والتربوي المنظم. فقد كان تنظيم
    "الإخوان الجمهوريين" نموذجًا ممتازًا للجماعة الملتزمة المنضبطة النشطة. وكانت حلقات
    حوارهم التعليمية "ندوة الخميس" ومؤتمراتهم و"أركان النقاش في الشوارع والمؤسسات
    التعليمية" (وهي تقليد ابتدعوه ثم انتشر عنهم في الحركة الفكرية والسياسية في السودان)
    صورًا حي ً ة للممارسة الديمقراطية الراشدة. (تشرف كاتب هذه السطور بحضور الكثير منها).
    هذا على الرغم مما يمكن أخذه عليهم من بعض اضطراب في التحليل السياسي والمواقف
    المتصلة بمبادئ الديموقراطية. (في بعض لحظات فترة حكم النميري بالذات) مما ليس يسعه
    الحيز هنا. فض ً لا عن عدم خلو طرف أي حركة فكريةٍ أو سياسيةٍ في البلاد عن مثل هذه
    المزالق في وقت أو آخر. أما ملحمة الرجل الحقيقية فقد تمثلت بحق في وقفته الجليلة،
    المجللة بنصاعة الحق وأنوار الفداء العظيم، أمام قضاة السوء أو ً لا: فقد ظل يردد أمام
    المحكمة كلما عرضوه عليهم، أم ً لا في أن تلين قناته فينتزعوا منه نأمة من تنازل: "أنا أعلنت
    رأي مرارًا، في قوانين سبتمبر 1983 من أنها مخالفة للشريعة الإسلامية وللإسلام. أكثر من
    ذلك، فإنها شوهت الشريعة، وشوهت الإسلام، ونفرت عنه .. يضاف إلي ذلك أنها  وضعت
    واسُتغلت لإرهاب الشعب وسوقه إلي الاستكانة عن طريق إذلاله، ثم إنها هددت وحدة البلاد..
    هذا من حيث التنظير. أما من حيث التطبيق، فإن القضاة الذين يتولون المحاكمة تحتها غير
    مؤهلين فنيًا وضعفوا أخلاقيًا عن أن يمتنعوا عن أن يضعوا أنفسهم تحت سيطرة السلطة
    التنفيذية، تستعملهم لإضاعة الحقوق وإذلال الشعب، وتشويه الإسلام، وإهانة الفكر
    والمفكرين، وإذلال المعارضين السياسيين. ومن أجل ذلك، فإني غير مستعد للتعاون مع أي
    محكمة تنكرت لحرمة القضاء المستقل ورضيت أن تكون أداًة من أدوات إذلال الشعب وإهانة
    الفكر الحر، والتنكيل بالمعارضين السياسيين".( 35 ) كان هذا حديث الرجل إلى المحكمة التي
    كان يعلم أنها أضمرت قتله أو إذلاله بالتراجع عن آرائه، حديث رجل  سلِّط على عنقه سيف

    23
    إرهابٍ مشرعٍ مديدٍ طوله ألف وثلاثمائة عام ونيف، فما زاغ بصره وما طغى، ولا أقول لم
    يرمش له طرف، بل لم يهتز منه ظل من خاطرة في أعمق أعماق طبقات وعيه الباطن:
    وقد كان فو ُ ت الموتِ سه ً لا *** فساقه إليه الحفا ُ ظ الم  ر والخل ُ ق الوع  ر!
    وأمام المشنقة ثانيًا: فعندما أحكموا حبل الموت حول عنقه وأزاحوا غطاء الرعب عن وجهه
    الوضيء وجدوا رجلا يبتسم لا ساخرًا ولا مستهزئًا بالموت بل موقنًا بالفداء الكبير مطمئنًا
    إلى "اختيار ربه" منسجمًا حتى "النهاية" مع منطقه التوحيدي وهذا أقصى ما يصل إليه
    الصدق. وهكذا فقد مضى "إلى الخلود بط ً لا ورائدًا وقائدًا رعيل الشهدا ورمز إيمان جديد
    ( بالفداء ... وبالوطن". ( 37
    أقول هذا وأنا جد قلق مستوحش من أن أكون قد أسأ ُ ت الوقوف في حضرة هذا "الشيخ"
    الجليل.
    هوامش
    . 1) أنظر "أبوزيد والخطاب الديني"، في قضايا فكرية. الكتاب الثالث والرابع. القاهرة 1993 )
    2) أنظر "الرسالة الثانية من الإسلام". وهو أكثر كتبه تفصي ً لا في الموضوع بطبيعة الحال. وقد أصدرت )
    المنظمة السودانية لحقوق الإنسان طبعة جديدة له (يناير 1996 ) بمناسبة الذكرى الحادية عشر لاغتيال
    الأستاذ. وهي النسخة التي نرجع إليها هنا.
    3) وهو عنوان كتاب صدر في هذا الموضوع، أمدرمان، (بلا تاريخ) )
    . 4) "رسالة الصلاة"، أمدرمان، بلا تاريخ (النسخة التي عندي منزوعة الغلاف في الواقع). ص 52 )
    .16- 5) الرسالة الثانية من الإسلام، ص ص 15 )

    24
    . 6) نفس المصدر، ص 20 )
    . 7) نفسه، ص 9 )
    . 8) نفسه ، ص 127 )
    . 9) نفسه، ص 120 )
    103 ، 10 ) نفسه، وقد وردت هذه الآيات في أكثر من موضع في هذا المعنى، انظر ص ص. 38 )
    11 ) نفسه ، ص. 83 )
    12 ) أوردها عبدالله النعيم، " م.م. طه وإشكالية التجديد، في م.م. طه وإشكالية التجديد"، مركز الدراسات )
    السودانية، الدار البيضاء ، 1992
    13 ) الرسالة الثانية، ص. 97 )
    . 14 ) نفسه، ص 91 )
    15 ) المصدر السابق، ص. 114 )
    16 ) نفس المصدر، ص. 24 )
    17 ) الرسالة الثانية، ص. 23 )
    18 ) نفسه، ص. 100 )
    19 ) نفسه، ص. 103 )
    20 ) نفسه، ص. 103 )
    21 ) نفسه، ص. 104 )
    22 ) نفسه، ص. 104 )
    23 ) نفسه، ص. 105 )
    24 ) نفسه ، ص. 109 )
    111- 25 ) نفسه ، ص ص. 107 )
    26 ) نفسه، ص ص. 16 وانظر أيضا ص. 84 )
    27 ) نفسه، ص. 17 )
    17- 28 ) نفسه، ص ص. 18 )
    29 ) الرسالة الثانية، ص. 103 )
    30 ) يحرص عبدالله على إثبات ضمير المؤنث بين قوسين في خطابه كناية عن شموله للجنسين، وهذا )
    حل معقول نسبيا في ظل الذكورية المسيطرة ل"جميع" اللغات.
    Société Soudanaise des Etudes et Recherches en Arts, Lettres et Sciences Humaines
    Sudanese Society for Research in Arts and Humanities
     م ا

    ن وا
    
    داب وا  ا  ث
    
    ت وا  را 
     دا
    
    ا 
    ا
    www.sudaneseonline.com
    25
    31 ) الرسالة الثانية من الإسلام، ص. 20 )
    32 ) نفس المصدر، نفس الصفحة. )
    33 ) أنظر دراسته "حرية الفكر بين السياق الإسلامي والسياق المعاصر". في محمود محمد طه رائد )
    68- التجديد الديني في السودان، مصدر سبق ذكره، ص ص 57
    34 ) أنظر في هذا الخصوص العرض الممتاز للمشكلة الذي قدمته الدكتورة فيوليت داغر في كتيب )
    بعنوان "الطائفية وحقوق الإنسان" مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان. 1996
    35 ) النص المشهور (في السودان). وقد أخذته هنا عن مقدمة المنظمة السودانية لحقوق الإنسان للطبعة )
    الخاصة التي أصدرتها من كتاب "الرسالة الثانية ..." التي سبق ذكرها.
    36 ) قوانين سبتمبر 1983 هي القوانين الشهيرة التي سنَّها جعفر نميري على أثر "اللوثة الدينية" التي )
    اعترته في أواخر سنوات حكمه وقد كان مصممها الحقيقي ومحرك خيوط لعبتها من وراء الستار هو
    الدكتور حسن الترابي. وقد هللت لها كل الفرق "الإسلامية" وسمتها "قوانين الشريعة". إلا أن الأستاذ
    وتلاميذه رفضوا هذه التسمية وأسموها ب"قوانين سبتمبر" فصار ذلك مصطلحًا ثابتًا في اللغة السياسية في
    السودان.
    37 ) المقطع الشعري لمحمد المكي إبراهيم وهو شاعر سوداني مجيد جهلت أمره هو الآخر حركة التجديد )
    في الشعر العربي جه ً لا لا يليق. من ديوانه "أمتي" والمقطع ليس في الأستاذ محمود، وإنما قيل في أول
    شهيد لثورة أكتوبر السودانية 1964 (أحمد قرشي طه ولا علاقة لاسم جده بالأستاذ). وهو مما يناسب مقام
    كل شهادة عظيمة عامرة بالحياة.
    * استوحشت من عبارة "الوحيد الممكن" ولم أجد من حلٍ مناسب سوى وضعها بين
    مزدوجتين. ثم لا أزال منزعجًا منه فمعذرة.
    ** الأستاذ هواللقب الذي أطلقه عليه تلاميذه تمييزًا له عن الشيوخ التقليديين.
    *** لا يقر الأستاذ اختلاف النوع أص ً لا ويعتبره مناقضًا للتوحيد. وبهذا المعنى ينبغي أن
    ُتفهم إشاراته لاختلاف المقدار حيثما وردت.

    http://sudaneseonline.com/sections/special-files/MMTaha/ustazMMtahap1.html
                  

العنوان الكاتب Date
الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-02-08, 02:38 AM
  Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-02-08, 02:41 AM
    Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-02-08, 02:43 AM
      Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-02-08, 02:49 AM
        Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-02-08, 02:50 AM
          Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-02-08, 02:51 AM
            Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-02-08, 02:52 AM
              Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-02-08, 02:53 AM
                Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-02-08, 02:54 AM
                  Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-02-08, 02:55 AM
                    Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-02-08, 02:55 AM
                      Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-02-08, 02:56 AM
                        Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-02-08, 02:57 AM
                          Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-02-08, 02:58 AM
                            Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-02-08, 03:00 AM
                              Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-02-08, 03:00 AM
                                Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-02-08, 03:01 AM
                                  Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-02-08, 03:02 AM
                                    Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-02-08, 03:03 AM
                                      Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-02-08, 03:04 AM
                                        Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-02-08, 03:14 AM
  Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-02-08, 04:06 AM
    Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-02-08, 04:08 AM
  رد Mohamed fageer04-02-08, 04:30 AM
    Re: رد عبدالله عثمان04-02-08, 01:05 PM
      Re: رد عبدالله عثمان04-02-08, 01:07 PM
        Re: رد عبدالله عثمان04-02-08, 01:08 PM
          Re: رد عبدالله عثمان04-02-08, 01:09 PM
            Re: رد عبدالله عثمان04-02-08, 01:10 PM
              Re: رد عبدالله عثمان04-02-08, 01:11 PM
                Re: رد عبدالله عثمان04-02-08, 01:12 PM
                  Re: رد عبدالله عثمان04-02-08, 01:13 PM
                    Re: رد عبدالله عثمان04-02-08, 01:13 PM
                      Re: رد عبدالله عثمان04-02-08, 01:14 PM
                        Re: رد عبدالله عثمان04-02-08, 01:15 PM
                          Re: رد عبدالله عثمان04-02-08, 01:16 PM
                            Re: رد عبدالله عثمان04-02-08, 01:23 PM
                              Re: رد عبدالله عثمان04-02-08, 01:39 PM
                                Re: رد عبدالله عثمان04-02-08, 01:47 PM
                                  Re: رد عبدالله عثمان04-02-08, 02:44 PM
                                    Re: رد عبدالله عثمان04-02-08, 02:59 PM
                                      Re: رد عمار محمد حامد04-02-08, 07:21 PM
                                    Re: رد عبدالله عثمان04-04-08, 00:40 AM
                                    Re: رد عبدالله عثمان04-04-08, 01:30 AM
                                      Re: رد عبدالله عثمان04-04-08, 01:34 AM
                                        Re: رد عبدالله عثمان04-04-08, 01:36 AM
                                          Re: رد عبدالله عثمان04-04-08, 01:38 AM
                                            Re: رد عبدالله عثمان04-04-08, 01:40 AM
                                              Re: رد عبدالله عثمان04-04-08, 01:45 AM
                                                Re: رد عبدالله عثمان04-04-08, 01:46 AM
                                                  Re: رد عبدالله عثمان04-04-08, 01:49 AM
                                                    Re: رد عبدالله عثمان04-04-08, 01:52 AM
                                                      Re: رد عبدالله عثمان04-04-08, 01:58 AM
                                                        Re: رد عبدالله عثمان04-04-08, 02:03 AM
                                                          Re: رد عبدالله عثمان04-04-08, 02:07 AM
  Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-02-08, 07:23 PM
    Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-03-08, 00:34 AM
      Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-03-08, 00:35 AM
        Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-03-08, 00:36 AM
          Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-03-08, 00:37 AM
            Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-03-08, 00:39 AM
              Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-03-08, 00:40 AM
                Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-03-08, 00:41 AM
                  Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-03-08, 00:42 AM
  Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-03-08, 00:45 AM
    Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-03-08, 00:45 AM
      Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-03-08, 00:46 AM
        Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-03-08, 00:47 AM
          Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-03-08, 00:48 AM
            Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-03-08, 00:49 AM
              Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-03-08, 00:50 AM
                Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-03-08, 00:51 AM
                  Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-03-08, 00:51 AM
                    Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-03-08, 00:52 AM
                      Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-03-08, 00:53 AM
                        Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-03-08, 00:54 AM
                          Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-03-08, 00:55 AM
                            Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-03-08, 00:56 AM
  Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-03-08, 01:02 AM
    Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-03-08, 01:04 AM
      Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-03-08, 01:06 AM
        Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-03-08, 01:08 AM
          Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-03-08, 01:09 AM
            Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-03-08, 01:10 AM
              Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-03-08, 01:11 AM
                Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-03-08, 01:12 AM
                  Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-03-08, 01:13 AM
                    Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-03-08, 01:14 AM
                      Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-03-08, 01:15 AM
                        Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-03-08, 01:16 AM
                          Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-03-08, 01:17 AM
                            Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-03-08, 01:18 AM
  Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-03-08, 03:33 PM
  Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-03-08, 07:06 PM
  Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-03-08, 07:44 PM
  Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-03-08, 10:04 PM
    Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-03-08, 10:05 PM
      Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-03-08, 11:34 PM
      Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-04-08, 03:19 AM
  Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-04-08, 00:31 AM
    Re: الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!! عبدالله عثمان04-06-08, 04:51 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de