حقوق المراة في الاسلام ... السيد الصادق المهدي

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-25-2024, 03:34 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الأول للعام 2004م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
05-18-2004, 12:15 PM

محمد حسن العمدة

تاريخ التسجيل: 03-31-2004
مجموع المشاركات: 14086

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
حقوق المراة في الاسلام ... السيد الصادق المهدي

    تراوحت حقوق المراة ما بين دعاة الإفراط والتفريط على مختلف الملل والنحل فهنالك من يدعون الى كبت المراة وحرمانها من حقها في الحياة باسم الدين والدين من قولهم براء , وهنالك من يدعون الى تجريدها من إنسانيتها بدعوتها للفجور , والأسوأ من هؤلاء جميعا الذين يدعون إلى مشاعيتها بان تكون ملكا مشاعا للجميع على نحو ما جاء به الماركسيون . مساهمة السيد الصادق المهدي تأتي اجتهادا لتبيان دور المراة وأهميتها ورسالتها السامية في الحياة اجتهاد قد يحالفه التوفيق فينال به الأجران وقد يخطي فله اجر المجتهد فلكل رؤيته وفكره وجميعها روافد مصبها بحر العلوم الإنسانية








                  

05-18-2004, 05:30 PM

محمد عبدالرحمن
<aمحمد عبدالرحمن
تاريخ التسجيل: 03-15-2004
مجموع المشاركات: 9059

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حقوق المراة في الاسلام ... السيد الصادق المهدي (Re: محمد حسن العمدة)

    ودالعمدة تحياتي

    ليته يجد حقه من الحوار الموضوعي البعيد عن الاحكام المسبقة لفوووق
                  

05-18-2004, 11:00 PM

محمد حسن العمدة

تاريخ التسجيل: 03-31-2004
مجموع المشاركات: 14086

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حقوق المراة في الاسلام ... السيد الصادق المهدي (Re: محمد عبدالرحمن)

    Quote: ليته يجد حقه من الحوار الموضوعي البعيد عن الاحكام المسبقة لفوووق


    --------------------------------------------------------------------------------


    الحبيب محمد ان ما ينفع الناس لا بد له من ان يمكث في الارض وفكر كهذا لا بد من يكتب له البقاء والصغار حتما سيكبرو يوما ما ويعقلو ما نكتبة والفكر المعتدل المتسامح تجاه الاخر الملي والعرقي يحمل عوامل بقاءه واستدامته
                  

05-19-2004, 08:46 AM

يازولyazoalيازول
<aيازولyazoalيازول
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 10210

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حقوق المراة في الاسلام ... السيد الصادق المهدي (Re: محمد حسن العمدة)

    لا فض فوك أخى المناضل الجسور ود العمدة ، ومن غير الصادق يقولها كلمة حق فى زمن غابر؟
                  

05-19-2004, 07:04 PM

محمد حسن العمدة

تاريخ التسجيل: 03-31-2004
مجموع المشاركات: 14086

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حقوق المراة في الاسلام ... السيد الصادق المهدي (Re: يازولyazoalيازول)

    Quote: ومن غير الصادق يقولها كلمة حق فى زمن غابر؟

    الحبيب هشام
    تحياتي
    حقا انه زمن غابر
    ولكن لا نقول لاعداءنا الا كما قال الشاعر
    كناطح صخرة يوم ليوهنها فلم يهنها واوهن قرنه الوعل
                  

05-19-2004, 07:09 PM

محمد حسن العمدة

تاريخ التسجيل: 03-31-2004
مجموع المشاركات: 14086

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حقوق المراة في الاسلام ... السيد الصادق المهدي (Re: محمد حسن العمدة)

    بسم الله الرحمن الرحيم

    مقدمة

    إن للمرأة في الفكر الوضعي العصري حقوقا في الأسرة والمجتمع فما هو أساس تلك الحقوق وهل هي أقصى ما تتطلع إليه المرأة لأداء دورها الإنساني والاجتماعي علي أحسن وجه؟ وما هو دور المرأة في نظر الإسلام؟ وماذا تفعل المرأة المسلمة بين ما قرره لها الإسلام وما قرره لها الفكر العصري الوضعي؟ وهل من سبيل لتكون المرأة مسلمة وعصرية معا؟
    هذه هي قضية المرأة عامة وقضية المرأة المسلمة خاصة.
    سأتطرق لبيان الرأي في هذه القضية مقدما لذلك بسبع نقاط هي:
    النقطة الأولى: مصادر المعرفة: إنّ معرفة الإنسان متعددة المصادر وهو إذ يعالج قضاياه الهامة ينبغي عليه أن يستمد الحقائق من كل مصادر المعرفة المتاحة له. مصادر المعرفة الإنسانية هي: الوحي، والإلهام، والعقل، والتجربة.
    هذه المصادر هي التي نص عليها القرآن وهي التي أحصاها الفلاسفة فيما استعرضوا من معارف الإنسان.
    قال تعالى عن الوحي: "وإنه لتنزيل رب العالمين نزل به الروح الأمين علي قلبك لتكون من المنذرين بلسان عربي مبين" .

    وقال تعالى عن الإلهام: (اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ.. الآية) .
    وقال عن العقل: "كذلك يبين لكم آياته لعلكم تعقلون" .
    وقال: "إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون" .
    وقال: "قل إنما أعظكم بواحدة أن تقوموا لله مثنى وفرادى ثم تتفكروا ما بصاحبكم من جنة إن هو إلا نذير لكم من بين يدي عذاب شديد" .
    وقال تعالى عن المعرفة التي مصدرها التجربة والمشاهدة: "(وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ*)وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ) .
    وقال: "(سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق..الآية)
    وبما أن الحق واحد فإن الحقائق مهما اختلفت مصادر معرفتها لا تتعارض وسوف نسوق حجتنا في موضوع بحثنا من كل مصادر المعرفة.

    النقطة الثانية: مخاطبة العصر: النهج القرآني يدلنا علي أن المقارنة من أهم أساليب الدعوة والفهم. فالقرآن وهو يبث الدعوة للدين الإسلامي يتحدث بإسهاب وتفصيل عن المجتمعات المنافسة والبديلة كالمجتمع العربي غير الإسلامي، والمجتمع اليهودي، والمجتمع المسيحي وهلم جرا.
    والدليل علي أصالة هذا النهج قوله تعالى: "فاقصص القصص لعلهم يتفكرون" .
    وينبغي أن تأخذ المخاطبة في الحسبان عقلية من تخاطب وما يدور في خلدها من مفاهيم لذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: "اُمرنا معشر الرسل أن نخاطب الناس علي قدر عقولهم".
    لذلك لا يستطيع المسلم اليوم أن يبث دعوة الإسلام إذا لم يخاطب البيئة الفكرية والاجتماعية المعاصرة فإن أسقط تلك المخاطبة تخلى عن نهج الإسلام.
    إن الفكر الوضعي المعاصر أعطى المرأة في أوربا وأمريكا حقوقا لم تعرفها من قبل ولا يستقيم الحديث عن حقوق المرأة في الإسلام اليوم إلا إذا أخذنا في الحسبان ماهية تلك الحقوق في الفكر العصري.
    النقطة الثالثة: المرأة المسلمة بين التراث الفقهي والعصر: إن المرأة المسلمة المولد والعقيدة تجد نفسها في تجاذب بين حقوقها الإسلامية التي أثبتها تراث الفقه الموجود وبين حقوقها الوضعية العصرية التي تلقتها في دراستها الحديثة وأثبتتها لها القوانين اللبرالية الوضعية، فماذا هي فاعلة؟

    النقطة الرابعة: أحكام المرأة وضرورة الحركة: لقد استنبط الفقهاء الأحكام الخاصة بالمرأة وغيرها من نصوص الشريعة الثابتة في الكتاب والسنة ولكنهم إذ استنبطوها اختلفوا في وسائل الاستنباط وفي درجة استخدام كل وسيلة. وكانت اختلافاتهم المذهبية مرآة لاختلافات بيئاتهم الفكرية والاجتماعية مما جعل آراءهم متحركة مع ظروف الزمان والمكان.
    هذا معناه أن النصوص الشرعية في الكتاب والسنة ثابتة وأن النصوص الفقهية في المذاهب وفي آراء الفقهاء متحركة. ونحن يلزمنا الثابت بنصوصه كما يلزمنا أن ندير المتحرك مع ظروفنا. هذا يعني أن الأحكام الفقهية الخاصة بالمرأة في الأحوال الشخصية وفي الولايات العامة توجب اجتهادا جديدا ينطلق من النصوص الثابتة لاستنباط الأحكام من جديد تطويرَا للفقه في هذه المجالات.

    النقطة الخامسة: المهدية وأحكام المرأة: إنّ فقه الأحكام الخاصة بالمرأة متحرك انطلاقا من النصوص الثابتة في الكتاب والسنة. لقد كانت الأحكام الخاصة بالمرأة والتي أصدرها الإمام المهدي متشددة جدا وذلك لأنّ ظروف المجتمع السوداني في مطلع القرن الرابع عشر الهجري كانت كثيرة الانحلال والتفسخ.
    ونحن إذ نبحث أمر المرأة في المجتمع العصري ينبغي أن نتعرض للأحكام التي أصدرها الإمام المهدي بشأنها لنضعها في إطارها الصحيح ومهما كانت الحجة والمقارنة فلا يفوتنا أن نذكر أمرين هما:
    الأول: لقد جعل المهدي المقياس الفيصل فيما نأتي وما ندع الكتاب والسنة.
    الثاني: لقد وضع الإمام المهدي قاعدة للحركة في فقه الأحكام بقوله: لكل وقت ومقام حال، ولكل زمان وأوان رجال.

    النقطة السادسة: دور المرأة في الإسلام: سوف نتطرق للرد علي السؤال الهام: ما هو دور المرأة في الإسلام كما تبينه النصوص الثابتة في الكتاب والسنة؟ وهل يمكن للمرأة المسلمة علي ضوء ما يقرره لها الإسلام من حقوق وواجبات خاصة وعامة أن تكون مسلمة وعصرية؟

    النقطة السابعة: المرأة والفكر الوضعي: إن نظرة الفكر الوضعي للمرأة متغيرة باستمرار فهل توجد أسس وضعية ثابتة تحكم مسألة المرأة في الفكر الوضعي أم أنّ الأمر خالٍ من الثوابت قائم علي التغيير وحده؟ وهل يوجد مقياس لتحديد أفضل ما وصل إليه الفكر الوضعي؟ وهل ما يقرر الفكر الوضعي مطابق أم مناقض لهدى الإسلام؟
    سوف يتعرض هذا الكتيب لهذه النقاط السبع ويجيب علي ما فيها من أسئلة فاتحا الطريق لاجتهاد جديد يتناول أحكام المرأة في الإسلام والأحوال الشخصية علي أساس هيئة التشريع التي اقترحناها في كتاب "العقوبات الشرعية وموقعها من النظام الاجتماعي الإسلامي" التي تتكون من هيئة اجتهاد مؤهلة لتحدد الخيارات الإسلامية وهيئة تشريع صحيحة النيابة عن الشعب لتقنن الأحكام وتصدرها .


                  

05-19-2004, 07:07 PM

Roada


للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حقوق المراة في الاسلام ... السيد الصادق المهدي (Re: محمد حسن العمدة)

    Quote: تراوحت حقوق المراة ما بين دعاة الإفراط والتفريط على مختلف الملل والنحل فهنالك من يدعون الى كبت المراة وحرمانها من حقها في الحياة باسم الدين والدين من قولهم براء , وهنالك من يدعون الى تجريدها من إنسانيتها بدعوتها للفجور , والأسوأ من هؤلاء جميعا الذين يدعون إلى مشاعيتها بان تكون ملكا مشاعا للجميع على نحو ما جاء به الماركسيون . مساهمة السيد الصادق المهدي تأتي اجتهادا لتبيان دور المراة وأهميتها ورسالتها السامية في الحياة اجتهاد قد يحالفه التوفيق فينال به الأجران وقد يخطي فله اجر المجتهد فلكل رؤيته وفكره وجميعها روافد مصبها بحر العلوم الإنسانية


    يعنى يا أستاذ العمده أنت و سيدك الصادق قررتم أن كل الحديث عن المرأة لايخرج من الأتى:

    1/ دعاة الإفراط والتفريط على مختلف الملل والنحل.
    فهنالك من يدعون الى كبت المراة وحرمانها من حقها في الحياة باسم الدين والدين من قولهم براء

    2/ وهنالك من يدعون الى تجريدها من إنسانيتها بدعوتها للفجور .

    3/ والأسوأ من هؤلاء جميعا الذين يدعون إلى مشاعيتها بان تكون ملكا مشاعا للجميع على نحو ما جاء به الماركسيون .

    بس كده؟ أهذه هى كل الدعوات؟

    ولهذا السبب يا استاذ العمده تقول و سيدك الصادق:

    Quote: مساهمة السيد الصادق المهدي تأتي اجتهادا لتبيان دور المراة وأهميتها ورسالتها السامية في الحياة


    وهكذا حدد لنا السيد الصادق المهدى المشكلات التى تواجة المرأة و الأخطاء فى (الدعوات)كما حددها السيد، و الكلها غلط فيما يتعلق يقضايا المرأة ليأتينا بالخبر اليقين فى أن تنال المرأه حقوقها كاملة غير منقوصه ..ليتزوج منها سيدى مثنى وثلاث ورباع...ماهذا، ماهذا ، ماهذا؟؟؟
                  

05-20-2004, 10:04 AM

محمد حسن العمدة

تاريخ التسجيل: 03-31-2004
مجموع المشاركات: 14086

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حقوق المراة في الاسلام ... السيد الصادق المهدي (Re: Roada)

    العزيزة Roada
    تحياتي
    كلامك وتحليلك مية المية بس كدي حاولي اصبري واستحملي كلامنا دا شويه لحدي ما تنتهي منو وادينا رايك النهائي

    واليكم الفصل الاول من حقوق المراة في الاسلام

    الفصل الأول
    الرأي الإسلامي التقليدي في المرأة الافراط

    جمهور فقهاء المسلمين يرون أنّ النساء ناقصات عقل ودين. ويرون أنّ إمامة المرأة في الصلاة لا تجوز، وأجاز الإمام الشافعي إمامتها للنساء في الصلاة. وقال جمهور الفقهاء أنّ دية المرأة نصف دية الرجل. وهم يرون أنّ ولاية المرأة في الشئون العامة لا تجوز. وإليك آراءهم في هذا الصدد:
    جاء في مجمع الأنهر في الفقه الحنفي : ( ويجوز قضاء المرأة لكونها من أهل الشهادة . وان وليت القضاء ففي غير حد أو قصاص ).
    وجاء في تبصرة الأحكام في الفقه المالكي : ( شروط القضاء التي لا يتم القضاء إلا بها عشرة :الإسلام ، والعقل ، والذكورة .. ) وهلم جرا .
    وجاء في الأحكام السلطانية للماوردي في الفقه الشافعي: ( فالشرط الأول لولاية القضاء أن يكون رجلا ) .
    وقال ابن قدامة في الفقه الحنبلي في المغنى ( لنا في هذا الصدد : حديث " ما افلح قوم ولوا أمرهم امرأة " . فالقاضي يحضر محافل الخصوم والرجال ويحتاج إلى كمال الرأي وتمام العقل والفطنة . والمرأة ناقصة العقل قليلة الرأي ليست أهلا للحضور في محافل الرجال ) .
    تلك هي آراء جمهور الفقهاء وقد خالفهم فيها أئمة مشهورون مثل الإمام الطبري شيخ المفسرين والإمام ابن حزم الظاهري وأبو بكر الأصم وآخرون .
    وفي العصر الحديث تداول الفقهاء موضوع حقوق المرأة في الإسلام واشتد النقاش حول حقوق المرأة السياسية في مصر في مطلع الخمسينات فبحثت لجنة الفتوى في الجامع الأزهر هذا الأمر وأصدرت فتواها ونشرتها في مجلة رسالة الإسلام السنة الرابعة العدد الثالث الصادر في يوليو 1952م .
    جاء في هذه الفتوى الآتي :
    ( الولاية نوعان : عامة وخاصة . العامة هي الملزمة في شأن من شئون الجماعة كولاية سن القوانين والفصل في الخصومات وتنفيذ الأحكام والهيمنة على القائمين بذلك . أي القيام بشأن من شئون السلطات الثلاث التي صنفها المجتمع الحديث السلطة التنفيذية والتشريعية والقضائية .
    والولاية الخاصة هي تلك التي يملك بها صاحبها التصرف في شأن من الشئون الخاصة بغيره كالوصاية على الصغار، والولاية على المال ، والنظارة على الأوقاف .
    لقد ساوت الشريعة بين الرجل والمرأة فيما يتعلق بالولاية الخاصة . كما أنّ للمرأة أن تتصرف في شئونها الخاصة بالبيع ، والهبة ، والرهن ، وهلم جرا.
    أما الولاية العامة كالقضاء وعضوية مجالس التشريع فالشريعة لا تقرها للمرأة لأنها تنطوي على سن القوانين والهيمنة على تنفيذها وهذه من الولايات العامة المقصورة شرعا على الرجال إذا توافرت فيهم شروط معينة .
    قالوا : وترجع هذه التفرقة إلى ما بين الرجل والمرأة من الفروق الطبيعية فصفة الأنوثة من شأنها أن تجعل المرأة مطبوعة على غرائز تناسب المهمة التي خلقت من أجلها وهي مهمة الأمومة وحضانة النشء وتربيته . وهذه قد جعلتها ذات تأثر خاص بدواعي العاطفة .
    وقالوا : إنّ المرأة مع هذا تعرض لها عوارض طبيعية تتكرر عليها في الأشهر والأعوام من شأنها أن تضعف قوتها المعنوية وتوهن من عزيمتها في تكوين الرأي والتمسك به والقدرة على الكفاح والمقاومة . ولا تعوزنا الأمثلة الواقعية التي تدل على أنّ شدة الانفعال والميل مع العاطفة من خصائص المرأة في جميع أطوارها وعصورها ).
    هذا ما كان من رأي لجنة الفتوى بالجامع الأزهر ورأيهم في الموضوع مشابه لرأي الشيخ أبو الأعلى المودودي . قال الشيخ المودودي في رسالته نحو دستور إسلامي: ( إنّ القرآن لا يعارض بعضه بعضا ولا تخالف آية منه آية أخرى بل تشرحها . فالقرآن الذي قيل فيه : وأمرهم شورى بينهم .. جاء فيه : الرجال قوامون على النساء . وهكذا أوصد القرآن على النساء باب مجلس الشورى وهو قوام على الأمة كلها . ومعلوم أنّ الهيئات النيابية تقوم مقام القوام لجميع الدولة ) .
    هذا الرأي الإسلامي التقليدي عن المرأة يستند على الأدلة الآتية :
    أ . القياس : وفي هذا الصدد فانهم يقولون إنّ الشريعة قد بنت على هذا الفارق الطبيعي بين الرجل والمرأة تمييزا بينهما في كثير من الأحكام فجعلت حق الطلاق للرجل دون المرأة ومنعتها الشريعة من السفر دون محرم أو زوج أو رفقه مأمونة .. وهلم جرا .
    فإذا كان الفارق الطبيعي بينهما قد أدى إلى التفرقة بينهما في هذه الأحكام فمن باب أولى تقوم التفرقة بمقتضاه في الولايات العامة .
    ب. الاستشهاد بآيات قرآنية : نحو قوله تعالى : " الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض ..الآية" والمجالس النيابية إنما تقوم مقام القوام لجميع الدولة لأنها هي التي تدير دفة السياسة . نحو قوله تعالى : " وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى..الآية " . ومع أنه خطاب لنساء النبي إلا أنه أولى بغيرهن فلسن أعجز من النساء العاديات .
    ج. الاستشهاد بالسنة : ذكروا أنّ النبي صلى الله عليه وسلم عندما بلغه أنّ الفرس ولوا عليهم إحدى بنات كسرى قال : " لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة " . وهذا الحديث قصد به النبي صلى الله عليه وسلم أن ينهي أمته عن مجاراة الفرس في إسناد شئ من الأمور العامة إلى المرأة .( الحديث رواه البخاري ، واحمد ، والنسائي ) .
    وقال النبي صلى الله عليه وسلم : " النساء ناقصات عقل ودين " . وهذا يعني منعهن من الولاية العامة .
    د. صدر الإسلام : واستشهدوا بما جرى فعلا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين إذ لم يثبت أنّ شيئا من هذه الولاية العامة اسند إلى امرأة . فلا يجوز ذلك اليوم اللهم إلا وظائف لا تعد من الولايات العامة كالتدريس للبنات وأعمال الطب والتمريض لعلاج المرضى من النساء .
    هذه خلاصة مسنودة للرأي الإسلامي التقليدي عن وضع المرأة ودورها.


                  

05-20-2004, 05:30 PM

محمد حسن العمدة

تاريخ التسجيل: 03-31-2004
مجموع المشاركات: 14086

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حقوق المراة في الاسلام ... السيد الصادق المهدي (Re: محمد حسن العمدة)

    الفصل الثاني

    الرأي الإسلامي الآخر

    لم يسلم برأي جمهور الفقهاء كل الفقهاء المسلمين بل تحدث آخرون بآراء مخالفة لرأي الجمهور محتجين لآرائهم بنصوص الكتاب والسنة . واليك آراء هؤلاء :
    أجاز الإمام الشافعي إمامة المرأة للنساء .وأجاز الإمام الطبري والإمام أبو ثور إمامة المرأة للنساء وللرجال في الصلاة مستدلين بما رواه أبو داود من حديث أم ورقة إنّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يزورها في بيتها وجعل لها مؤذنا يؤذن لها وأمرها أن تؤم أهل دارها.
    وساوى الإمام أبو حنيفة بين الرجل والمرأة في الدية محتجا بقوله تعالى : " النفس بالنفس " ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : في النفس المؤمنة مائة من الإبل. والنفس هنا عامة لم تخصص للرجل دون المرأة .
    وقال الإمام الطبري : مادامت المرأة أهلا للفتوى فهي أهل للقضاء. وقال : يجوز أن تكون المرأة حاكما على الإطلاق في كل شئ .
    وقال الإمام ابن حزم في المحلى : وجائز أن تلي المرأة الحكم . وروى عن عمر ( رضي الله عنه ) أنه ولى الشفاء - وهي امرأة - على قومه في السوق . وقال : فان قيل إنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال : لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة قلنا : إنّما قال ذلك في الأمر العام الذي هو الخلافة . وبرهان ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم : المرأة راعية على مال زوجها وهي مسئولة عن رعيتها .
    وقال الإمام أبو حنيفة المرأة مستأمرة في زواجها .لقد أعطاها الله حق التصرف في مالها فمن باب أولى أن يكون لها حق التصرف في نفسها . وقال : كل ما تجوز فيه شهادة المرأة يجوز فيه قضاؤها.
    ومن فرق المسلمين القديمة من أجاز تولية المرأة الإمامة الكبرى نفسها . هذا هو قول الشبيبية وهي إحدى فرق الخوارج . هؤلاء ولوا ( غزالة ) إماما وقائدا وحاربوا خلفها جيوش بني أمية بقيادة الحجاج بن يوسف الثقفي . وكانت غزالة امرأة فارسة مشهود لها بالعلم والتقوى والإقدام حتى صارت شجاعتها مثلا خلده الشعر في قول العربي :
    أسد علي وفي الحروب نعامة رمداء تنفر من صفير الصافر
    هلا برزت إلى غزالة في الوغى أم كان قلبك في جناحي طائر ؟
    ومن الفقهاء المحدثين من أفتى بآراء مخالفة لما رويناه عن جمهور الفقهاء نذكر من هؤلاء البهي الخولي في كتابه حقوق الإنسان في الإسلام . وعبد الحميد متولي في كتابه مبادئ نظام الحكم في الإسلام.
    قال هؤلاء ما نلخصه في العبارات الآتية :
    ‌أ. القاعدة العامة في الشريعة الإسلامية هي المساواة بين الرجل والمرأة اللهم إلا ما استثنى بنص صريح فكل حق لها على الرجل يقابله واجب عليها إزاءه. وكل حق له عليها يقابله واجب عليه إزاءها . وفي ذلك يقول الله تعالى في كتابه : " ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف " .
    وقال تعالى : " (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ ..الآية) . " . ولم يقل كرمنا الذكور وحدهم بل التكريم شامل للرجل والمرأة . وقال تعالى: "وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ ..الايةٌ" . قالوا : هذه الآيات تتضمن مبدأين هما :
    الأول : الولاية بين المؤمنين والمؤمنات وهي ولاية تشمل الأخوة والصداقة والتعاون على الخير .
    الثاني : الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهو واجب يشمل كل أنواع الإصلاح في كل نواحي الحياة ومنها الاشتغال بالسياسة والمرأة في ذلك كالرجل كما هو مبين في الآية .
    يقولون :
    إذا استعرضنا وضع المرأة في الحضارات السابقة للإسلام لوجدنا أن الإسلام قد أعطى المرأة حقوقا لم تكن معهودة وكرمها تكريما واضحا . لقد كان للحجر في القانون الروماني ثلاث أسباب هي : الصغر ، والجنون ، والأنوثة . واستمد القانون الفرنسي من أصوله الرومانية هذه الأسباب للحجر وظل كذلك حتى عام 1938م. ولكن في الشريعة الإسلامية لم تكن الأنوثة أبدا سببا للحجر. بل احتفظت الشريعة للمرأة بأهليتها كاملة في إدارة أموالها وإجراء مختلف العقود مثل البيع والشراء والرهن وهلم جرا.
    ولا ريب أنّ ذلك يقتضيها الخروج من بيتها والاختلاط بالرجال ، وإذا كان الله قد خاطب نساء الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله : "وقرن في بيوتكن .الآية" . فان الخطاب في الآية موجه لنساء بيت النبي صلى خاصة والنص فيها واضح : " يا نساء النبي لستن كأحد من النساء ..الآية
    ومعلوم أنّ الآيات قد نزلت في ظروف خاصة ترجع لما كان يلقاه النبي من الحرج لعدم مراعاة بعض الزوار لحرمة البيت وآداب الزيارة . لا سيما ما حدث بمناسبة زواج الرسول صلى الله عليه وسلم بزينب بنت جحش حيث أطال بعض الزوار الجلوس حتى بعد مغادرة الرسول صلى الله عليه وسلم لبيته. وقد يكون بعضهم من المنافقين . وإلى ذلك أشارت الآية : " فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض " . قال الطبري : أي في قلبه ضعف لضعف إيمانه إما لأنه شاك في الإسلام منافق و إما لأنه متهاون بإتيان الفواحش .
    وإلزامهن بملازمة البيوت في أغلب أوقاتهن ميزة لزيادة توقيرهن وإبعاد الشبهات عنهن . ولا يستغرب أن يكون لنساء النبي تشريع خاص بهن فقد حرم عليهن خاصة أنّ يتزوجن بعد وفاة النبي ونصت الآية على أنّ العذاب مضاعف لهن إذا ارتكبن فاحشة:
    " يا نساء النبي من يأت منكن بفاحشة مبينة يضاعف لها العذاب ضعفين وكان ذلك على الله يسيرا" وقوله تعالى " أن تبدوا شيئا أو تخفوه فإن الله كان بكل شئ عليما " . وينبغي أن نفهم هذا الخطاب المتشدد لنساء النبي في أمر الخروج على ضوء الهزة التي أصابت المجتمع المسلم الجديد على أثر حديث الإفك مما أوجب زيادة الاحتياط لكيلا يجد أعداء الإسلام شبهات ينفذون بها على سمعة آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم . والمقصود هو بقاء نساء النبي أغلب الأوقات في البيوت كما جاء في تفسير الالوسي البغدادي إذ روى المفسر أنّه "قد جاء في الحديث أنّ النبي صلى الله عليه سلم قال لهن بعد نزول الآية :" أذن لكن أن تخرجن لحاجتكن " فعلم أنّ المراد بالاستقرار الذي يحصل به وقارهن وامتيازهن على سائر النساء بأن يلازمن البيوت في أغلب الأوقات ولا يكن خرّاجات ولاّجات طوّافات في الطرق والأسواق وفي بيوت الناس ".
    أما الذين اعترضوا على المساواة كقاعدة شرعية عامة بقوله تعالى : " وللرجال عليهن درجة ..الآية" فيقال لهم : إنّ لهذه الدرجة حدا واضحا هو قوله تعالى : الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم " فبين بذلك أنّ الدرجة المقصودة هي الرئاسة والقوامة على شئونهما المشتركة أي على شئون الأسرة . فالرجل هو المكلف بالإنفاق على المرأة وتربية الأولاد وهذا هو سر الرئاسة المذكورة .
    وعبارة قوامون لا تعني الحجر والاستبداد والقهر والتدخل في حقوقها ، فولايتها على مالها كاملة ولا سلطان للرجل على دينها فليس له أن يُكرهها على تغيير دينها يهودية كانت أم نصرانية .
    ‌ب- قال أصحاب هذه الآراء : الولاية عموما ليست ممنوعة عن المرأة وحسبنا دليلا على ذلك أنّ المرأة يصح أن تكون وصية على الصغار ،وعلى ناقص الأهلية ،وأن تكون وكيلة لأي جماعة من الأفراد في إدارة أموالهم ، وأن تكون شاهدة ، والشهادة ولاية كما يقرر الفقهاء ، الإسلام لا يحرم على المرأة حق الانتخاب فالانتخاب هو اختيار الأمة لوكلاء ينوبون عنها في التشريع ومراقبة الحكومة، فعملية الانتخاب هي عملية توكيل والمرأة في الإسلام ليست ممنوعة من أن توكل إنساناَ بالدفاع عن حقوقها . كذلك لا تمنع مبادئ الإسلام المرأة أن تكون مشرعة وأن تقوم بمراقبة السلطة التنفيذية .
    ويقول السباعي : كذلك ليس في الإسلام نص يحرم على المرأة أن تتولى وظيفة من الوظائف وذلك لكمال أهليتها ، ولا يستثني من ذلك كله إلا رئاسة الدولة لأنّ لهذا المنصب وظائف خطيرة مثل قيادة المجتمع والحرب وهي لا تتفق مع تكوين المرأة النفسي والعاطفي.
    ويقول أصحاب هذه الآراء : حرية العمل مكفولة للمرأة إبّان الحرب في أعمال التمريض والإسعاف والخدمة ونحوها ، ولقد كان ذلك يحدث في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم و بإذن منه .
    بل لقد كان يحدث أن تحمل المرأة السلاح أحيانا في بعض الحروب التي قام بها الرسول صلى الله عليه وسلم وكما حدث ذلك في حروب الردة في عهد أبي بكر ( رضي الله عنه ) وقد فصّل البخاري أخباراَ عن دور النساء في الحرب في كتابه في باب سماه: غزو النساء وقتالهن .
    ويضيفون : إنّ للمرأة أن تعمل بالسياسة وفق قوله تعالى: "وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ ..الآيةٌ" .
    لقد كان للسيدة عائشة رأي واضح في سياسة الخليفة عثمان بن عفان ( رضي الله عنه ) وخرجت على الإمام علي بي أبي طالب خروجا سياسيا ولم يعترض أحد على ما كانت تبديه من آراء بحجة أنّ هذا ليس من شأنها . لقد ندمت السيدة عائشة بعد ذلك ولكن ندمها لم يكن على مزاولة أمر سياسي بل على أنها أخطأت الرأي والتقدير فيما يتعلق بالطرف الذي انحازت إليه . وكان عبد الله بن عمر ( رضي الله عنه ) في مكة عندما خرجت السيدة عائشة مع طلحة و الزبير ( رضي الله عنهم جميعا ) فلم ير ابن عمر ( رضي الله عنه ) أنها تدخلت فيما ليس من شأنها ولو كان في الإسلام ما يمنعها من ذلك لما سكت عليه .
    وينفرد السباعي بين أصحاب هذه الآراء بقوله : " إننا قررنا ما قررنا من حقوق المرأة السياسية لبيان الحكم الشرعي فقط ، أما مزاولته والأخذ به فان المجتمع عندنا لم يتهيأ له بعد. وحين تشيع الثقافة بين الرجال والنساء ويرتفع مستوى الخلق ويتطور العرف والوعي وتوجد المرأة الفاضلة المنشودة فلا حرج ان تباشر ما قرره لها الإسلام من حق " .
    هذه خلاصة الرأي الإسلامي الآخر المخالف لرأي الجمهور الذي لخصناه في الفصل الأول .

                  

05-22-2004, 09:40 AM

محمد حسن العمدة

تاريخ التسجيل: 03-31-2004
مجموع المشاركات: 14086

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حقوق المراة في الاسلام ... السيد الصادق المهدي (Re: محمد حسن العمدة)

    الفصل الثالث
    مسألة الحجاب

    قال تعالى " يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورا رحيما "
    وقال تعالى : (وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني أخواتهن أوبني أخواتهن أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهن أو التابعين غير أولى الإربة من الرجال أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون ) .
    هذه النصوص الشريفة واضحة في أنّ المرأة المسلمة مطالبة باحتشام الزي و إخفاء المفاتن و إخفاء الزينة إلا ما ظهر منها في الوجه والكفين .
    ولا يمكن الاستناد إلى هذه النصوص لفرض حجاب الوجه ولا للفصل التام بين الرجال النساء فمن أين جاء الحجاب بمعنى ستر المرأة كلها بما في ذلك ووجهها وكفيها بمعنى الفصل التام بين الجنسين بحيث لا يسمح للمرأة بالظهور في مجتمع الرجال ؟
    أصل الحجاب :
    لقد تعرض للرد على هذا السؤال عدد من المؤرخين والمفكرين والفقهاء وسوف نذكر هنا الرد الذي تفضل به د. سلام زناتي في كتابه اختلاط الجنسين عند العرب .
    ذكر المؤلف أنّ نظام الحجاب لم يكن من حيث أصله نظامًا عربيًا ولا إسلاميًا قال : لقد كان اختلاط الجنسين عادة أصيلة لدى العرب قبل الإسلام وكان ذلك هو الشأن بوجه عام قديما لدى جميع الشعوب حين كانت تجتاز مرحلة بدائية . فاليونان مثلا كانوا يعرفون الاختلاط في بداية أمرهم ثم تطور الحال عندهم فاتخذوا الحجاب ويقول على عبد الواحد وافي في كتابه حقوق الإنسان في الإسلام إن النساء في عصر النبي صلى الله عليه وسلم وعصر الخلفاء الراشدين والعصر الأموي كن يختلطن بالرجال ويساهمن إلى جانبهم في مظاهر الحياة الاجتماعية حتى القتال كأم عمارة في غزوة أُحد وأم سليم في غزوة حنين وأمية بنت قيس الغفارية في غزوة خيبر وكانت المرأة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم تخرج وحدها إلى جهات بعيدة عن المدينة لقضاء حوائجها .
    يذكر عن أسماء بنت أبي بكر قولها : كنت أنقل النوى على رأسي من أرض الزبير وهي من المدينة على ثلثي فرسخ فجئت يوما والنوى على رأسي فلقيني رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه نفر من أصحابه فدعا لي ..الخ .
    وظل الحال على ذلك حتى في العهد الأموي اللهم إلا نساء الخلفاء حيث اخضعن للحجاب ويبدو أنّ مرد ذلك إنّ عاصمة الأمويين كانت دمشق وهي مدينة غير عربية الأصل خضعت لنظام الإغريق حقبة من الدهر وهم ممن اتخذ الحجاب للنساء كما أنّ المرأة في دمشق كانت محجبة حتى قبل الإغريق في ظل النظام الآشوري لذلك يحتمل أن تكون نساء دمشق كلهن محجبات لا الأسرة المالكة وحدها.
    ويواصل الكاتب روايته قائلا : وفي العصر العباسي أخذ العرب يتحولون من مبدأ اختلاط الجنسين إلى نظام الفصل بينهما وفرض الحجاب على المرأة ، لقد بدأ هذا الاتجاه الخلفاء العباسيون الذين أخذوا بالتقليد الذي سار عليه الأمويون ثم اخذ عامة الناس يقلدون بيت الخلافة في التحول من السفور إلى الحجاب ومن الاختلاط إلى الفصل بين الجنسين ولهذا التحول أسباب ثلاثة :
    السبب الأول : الثقافة اليونانية وتأثيرها الاجتماعي .
    السبب الثاني : انتشار التقاليد و الأعراف الفارسية الأصل .
    السبب الثالث : انتشار الرق مما شجع على حجاب الحرائر للتمييز بينهن وبين الأخريات .
    كانت ظاهرة الحجاب ظاهرة عجمية الأصل وقد انتشرت لأنها وجدت تأييدا من غيرة الرجال وكان الحماس للحجاب مسنودا لغيرة الرجال ولنفوذ الحضارات الأعجمية أكثر من استناده لحماسة الدين والدليل على ذلك أنّ الكاتب المعروف ابن المقفع الذي لم يكن من المتحمسين لحرمات الدين كتب يقول عن النساء ( وأكفف عليهن من أبصارهن بحجابك إياهنّ فان شدة الحجاب خير من الارتياب ) وعندما انتشر الحجاب دعمه بعض الناس بكثير من القصص ووضعت أحاديث كثيرة تؤيده مثل القول بأنّ المرأة كلها عورة مما يلزم معه إخفاء وجهها وكفيها وصوتها وهلم جرا.
    حول الحجاب والخلوة :
    كيف يكون وجهها عورة وهي إنّما تعرف بوجهها ولا معنى لتسميتها إن لم يكن لذلك الاسم اقتران بوجه معين ولا يمكن أن تتعامل كمصلية ومزكية ومكلفة وشاهدة ووراثة وغيرها من التكاليف إذا لم تكن معروفة الهوية ولا معرفة لهويتها إذا فرضنا عليها إخفاء وجهها ؟
    وكيف يكون صوتها عورة وفي القران ذكر لمجادلتها للنبي ولمبايعتها له ولشهادتها فكيف تقوم بذلك كله مكتومة الصوت ؟
    وهناك حديث لا يمكن أن يصح إن فهمناه بصورة مطلقة وهو الحديث الذي ينص على : ما خلا رجل وامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما .
    ناقش صحة معنى الحديث الفقيه الدستوري عبد الحميد متولي في كتابه مبادئ نظام الحكم في الإسلام فقال :
    " إنّ اعتبار مثل هذه الخلوة مفسدة أمر يتوقف على أسباب متعددة . فيتوقف على السن ، وعلى التربية ، على الأخلاق ، وعلى التقوى، وعلى الصحة وعلى الشكل وعلى فراغ الوقت وهلم جرا . فلا موضع للكلام على وجود الشيطان بين الآتيين :
    بين اثنين تجاوزا السبعين من العمر .
    بين اثنين كانت بينهما نية زواج فليس الزواج من عمل الشيطان .
    بين اثنين أحدهما على قسط من التقوى لقوله تعالى: ( إنّ عبادي ليس لك عليهم سلطان..الآية ) .
    بين اثنين أحدهما مريض والآخر يمارضه .
    بين اثنين يقومان بعمل هام يشد انتباهمها.
    قال ولا يدفع في هذا الصدد بالقول إنّ المقصود بالحديث إنّما هو تقرير قاعدة عامة لا تتنافى مع وجود بعض الاستثناءات فأي قاعدة هذه التي تربو فيها الاستثناءات على الأصل المستثنى منه؟)
    أقول إنّ كثيرا من الناس إذا أمنوا السرية لا يتورعون في إتيان المنكرات هؤلاء ليسوا من الذين عصمتهم التقوى فصاروا يمتثلون لنداء الضمير الحي بل هم من الذين ردعهم السلطان ولذعات اللسان فإن أمنوها استباحوا المنكرات .
    هذا الصنف من الناس إن وجدوا السرية خاضوا في المنكرات .
    يقول عبد الحميد متولي في نهاية حديثه عن هذا الموضوع( إنّ الرأي القائل بأنّ الإسلام لا يبيح الاختلاط بين الرجل والمرأة إلا في مواطن العبادة وأماكن العلم وميدان الجهاد رأي لا يستند إلى سند صحيح ولا يقوم على أساس سليم ) ثم يضيف ( لا يفهم من هذا إنني ادعوا للأخذ بنظام الاختلاط على الطريقة الغربية إنّما أرى أنّ ثمة طريقا وسطا بينه وبين الحجاب هو اقرب لمقاصد الإسلام ووسطيته).
    إنّ الاحتشام في مظهر المرأة واتقاء الفتنة في تعامل الرجال والنساء من مقاصد الإسلام الثابتة والمجتمع المسلم مطالب بتحقيق تلك المقاصد أما الحجاب بمعنى إخفاء وجه المرأة والفصل التام بين الرجال والنساء في دروب الحياة الاجتماعية فمفاهيم وافدة على المجتمع المسلم منافية لمقاصده.

    الفصل الرابع
    حجة جديدة لرأي قديم

    بعد انتشار فكرة تحرير المرأة في البلاد الإسلامية واحتدام النقاش بين مؤيد ومعارض صدرت كتب في علم النفس تقيم الحجة من جديد على منع عمل المرأة بالسياسة محتجة بطبيعة الأنوثة لدى المرأة وبوظيفتها الأساسية وهي الأمومة .
    صدرت في الخمسينات من القرن العشرين طائفة من هذه الكتب مثل سيكولوجية الجنس بقلم يوسف مراد . وكتاب علم النفس الصناعي بقلم أحمد عزت راجح . وخلاصة الرأي هنا هي :
    ‌أ- الأمومة هي رسالة المرأة الأساسية وان تغيب الام فترات طويلة من الزمن يحدث أثرا سيئا في نفسية الأطفال ونقصا في تكوين شخصيتهم وفي قدرتهم على تكوين علاقات تعاونية مع الآخرين ويتسبب في إضعاف لروح التعاون وفي تقوية لروح العدوان في نفوسهم . يقول د. مراد : " إنّ الأطفال الذين حرموا من عناية الأم ونشأوا في مؤسسات حيث كانت الخدمة موزعة بين عدد من الأفراد دون أن يكون هناك من يعتني بطريقة مستمرة بكل طفل .. هؤلاء الأطفال وجدوا كل ما يلزم من عناية مادية ولكنهم حرموا من حب الأم فظهر هذا الحرمان على نفوسهم وأورثها سلبيات ظهرت في سن المراهقة والشباب.
    ‌ب- تتعرض النساء العاملات لعوامل ضارة دلت التجربة على أنهن أبعد عن الاتزان الانفعالي من الرجال ، أهم تلك العوامل المؤدية للتأزم النفسي هي :
    حينما تزاول المرأة عملا يتنافر مع تكوينها البيولوجي النفسي وحينما يتناقض عملها خارج المنزل مع وظيفة الأمومة .
    ‌ب- العاطفة تلعب دورا هاما في توجيه نشاط المرأة العقلي واتجاهاتها النفسية . لذلك فإننا نجد أنّ النساء أكثر اهتماما بالأشخاص منهن بالأشياء مما يحسن معه توجه اهتمامهن للرعاية والمهام التربوية والأعمال التي تتطلب قدرا كبيرا من الإشفاق والحنان وهلم جرا .
    ‌ج- ينبغي التمييز بين الوظائف التي يحسنها الرجال والنساء وقد دلت التجربة على أنّ النساء أقدر على الشئون الأدبية والفنية والشئون المعناة برعاية الأشخاص كالتدريس والخدمات الاجتماعية .هذا بينما يحسن الرجال شئون المال والسياسة والحرب والأعمال التي تطلب مجهودا بدنيا أكبر ومجازفة أكبر والمغامرات .
    ‌د- كثير من كتاب الغرب ينتقدون عمل المرأة خارج بيتها مما أدى لضعف الأسرة وضعف سلطانها على أفرادها وضعف شعورهم بالانتماء إليها . في مثل هذه الأسرة المنهارة فان المرأة تربي جيلا من اليتامى .. انهم أيتام بالفعل وان لم يكونوا كذلك بالرسم والشكل .
    أقول : إنّ بعض هذه الحقائق ثابتة وبعضها وارد فيه الخلاف ولكن لا تصلح هذه الحقائق لتكون أساسا لإصدار تشريعات تحرم المرأة من العمل خارج المنزل ولا من ممارسة حقوقها السياسية .
    وعندما يقال أنّ للمرأة حقوقا معينة فان ذلك يكون لها بموجب إيمانها وإنسانيتها ومواطنتها وستمارس من حقوقها ما تحكم به ظروفها . أما حرمانها من تلك الحقوق فانه يقتضي المنع حتى إذا اقتضت ظروفها غير ذلك .
    صحيح إنّ بعض الأعمال وما فيها من مشقة تتعارض مع الأمومة ولكن ماذا يكون الحال إذا اضطرت المرأة للعمل لظروفها الاجتماعية ؟
    وهنالك أعمال خارج المنزل يمكن التوفيق بينها وبين واجبات الأمومة . بل هنالك آثار مفيدة لعمل المرأة خارج المنزل فعملها يكسبها ثقة أكبر بنفسها ويمكنها من المساهمة في نفقات الحياة ويتيح لها مجالا لاكتساب الرأي والتجارب وللفرار من الملل وأحيانا يكون المجتمع محتاجا لعمل كل فرد فيه للمشاركة في مجهود حربي أو تعبئة تنموية .
    صحيح أنّ لطبيعة الرجال والنساء أثرا في استعدادهم ولكن الإنسان من أكثر المخلوقات تجاوزا لغرائزه فإيمانه وطموحه وظروفه الاجتماعية ربما دفعته لتجاوز بعض قيود البيولوجيا والفسيولوجيا .
    وللظروف الاجتماعية مقتضيات لا يجوز إغفالها فمع أنّ المرأة في الغرب كانت محرومة من كثير من حقوقها فان قيامها بدور كبير في الميدان الاقتصادي والاجتماعي في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين أجبر المجتمعات الغربية على الترحيب بدور المرأة في الحياة العامة .وعندما استولى هتلر على السلطة فانه أمر بتنحية النساء عن العمل في عام 1933 ليفسح المجال لتشغيل الرجال .
    ولكن عندما شرع هتلر في برنامج التسليح فانه احتاج لمزيد من الأيدي العاملة فوظف النساء في كل مجالات العمل .
    إنّ للظروف النفسية مقتضيات على الصعيد الفردي وللظروف السياسية والاجتماعية مقتضيات على الصعيد الجماعي فان أوجبت تلك الظروف عمل المرأة في ميادين الحياة المختلفة لا يجوز أن نمنع ذلك بحجة طبيعتها البيولوجية .
    إنّ الأمومة واجب مهم جدا وينبغي أن تتجه كل النظم الاجتماعية لصيانته ..إنّ حقوق المرأة السياسية والاجتماعية والاقتصادية جزء من حقوقها الإنسانية والإسلامية وانّ حرمانها من هذه الحقوق مما يؤثر في كرامتها وبالتالي في ثقتها في نفسها وفي عطائها .
    إنّ على المجتمع السوي أن يتيح الفرص كاملة لرجاله ونسائه لممارسة حقوقهم الخاصة والعامة و لأداء واجباتهم الخاصة والعامة وانّ على المجتمع أن ينظم ممارسة الحقوق والواجبات لضمان أفضل العطاء وأفضل الأداء وهذه أمور يقررها الرجال والنساء معا بالفكر المستنير والتشريع الواعي .
    وفي حالة المجتمع المسلم فان هذا الفكر المستنير والتشريع الواعي سوف يلتزم بنصوص الإسلام الثابتة في الكتاب والسنة وسنرى أنّ هذه النصوص تقر حقوق المرأة السياسية والاقتصادية والاجتماعية.


    الفصل الخامس
                  

05-23-2004, 11:53 PM

محمد حسن العمدة

تاريخ التسجيل: 03-31-2004
مجموع المشاركات: 14086

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حقوق المراة في الاسلام ... السيد الصادق المهدي (Re: محمد حسن العمدة)

    الفصل الخامس
    شواهد الفكر الإنساني

    الفكر الأوربي متأرجح في كثير من القضايا الرئيسية ، هذا التأرجح يمكن رده لإفراط وتفريط انطوى عليهما تراثه المسيحي ، واليكم الأمثال :
    ‌أ. المسيحية دين أريد له أن يكون شحنة روحية تصلح ما فسد من النواحي الروحية والخلقية في اليهودية . وهو دين متجه تماما لعالم الغيب منصرف تماما عن عالم الشهادة ، هذه العوامل دفعت لتكوين الكنيسة كمؤسسة وضعية أقامها المسيحيون بمحض اجتهادهم لسدّ الفراغ فصارت سلطة دينية تقود وتشرع باسم الدين في كل جوانب الحياة . احتكرت الكنيسة الاتصال بعالم الغيب ووضعت نفسها صلة بين الله والناس وكل ما كان غائبا في نصوص المسيحية المنقولة في جوانب الحياة شرعت الكنيسة فيه تشريعات محددة.
    هذه النظم والتشريعات وضعها البشر قادة الكنيسة وادعوا لها قدسية دينية . ولمّا كان فكر البشر قاصرا فقد تصدى مفكرون آخرون لمواقف الكنيسة وتحدوها ولمّا كانت دعوى رجال الكنيسة مستندة إلى الغيب وحده فإن دعوى معارضيهم استندت إلى المشاهدة وحدها. قال المعارضون إنّ الحق والحقيقة هما ما نجده في عالم الشهادة في هذا الزمان وفي هذا المكان لا في غيب محجوب ، هكذا بردة الفعل من ظروف المسيحية نشأ الفكر العلماني .
    العلمانية هي اشتقاق على غير قياس من العالم أي عالم الشهادة المحسوس بالحواس الخمسة .
    ‌ب. نفت المسيحية في مبادئها المعروفة أن يكون للمادة دور في الحياة ووجهت الاهتمام عقائديا نحو الأمور الروحية وحدها . لكن واقع الكنيسة أجبرها على الاهتمام بالمسائل المادية فامتلكت الأراضي وحازت الأموال ودخلت طرفا في صراع المصالح المادية.
    هذا الانصراف نظريا عن دور المادة في الحياة والانشغال بها عمليا أدى إلى ردة فعل في البيئة الأوروبية فحواها المبالغة في الاهتمام بالمادة ودورها . واتهام رجال الدين بأنهم إنّما يستخدمون عقائد الدين لتخدير الشعوب فيستغلونها ويستبيحون مصالحها .
    إنّ المادية والمادية الجدلية في الفكر الأوروبي هما ثمرة مباشرة لتلك الظروف .
    ‌ج. إنّ تعاليم المسيحية الأصلية لم تذكر من أمر المرأة شيئا محددا يقوم عليه وضعها الإنساني والاجتماعي . لذلك بقى الأمر للكنيسة لتحدد فيه ما تحدد من تعاليم وأحكام . وحددت الكنيسة ذلك تحديدا بدأه القديس بولص وأكملته المجالس الكنسية المتعاقبة . وكان ذلك الوضع المحدد مرآة للآراء البشرية الرجالية التي كانت سائدة آنذاك عن المرأة.
    إنّ تعاليم الكنيسة المشار إليها تعتبر المرأة مخلوقا ناقص الإنسانية والعقل والأخلاق والدين قاصرا في كل الأمور خاضعا للوصاية التامة في شئونه السياسية والاقتصادية والاجتماعية مصدرا للإغراء والإغواء . فالجنس نفسه شر لا بد منه يقبله الدين للتوالد وحده ويمقته الدين إن كان للمتعة حتى بين الزوجين لذلك ينبغي أن يمارسه الزوجان بانضباط كواجب . والمرأة وهي طريق الجنس تنصب عليها كل المآخذ على الجنس ويستحسن أن يتجنبها التقاة ويعاملها غيرهم بغاية الاحتياط والحذر .
    وبردة الفعل من هذا الموقف المتوارث المتشدد في تحقير المرأة اتجه الفكر الأوروبي الوضعي عندما تحرر من قبضة الكنيسة اتجاهات مضادة متشددة في الاتجاه الآخر .
    أما في أمر المرأة فقد كتب الفيلسوف البريطاني جون ستيوارت مل في القرن الماضي كتابه : اضطهاد النساء . وفيه قال : لا فرق بين الرجل والمرأة في التكوين الطبيعي وما يشاهد من تفرقة إنّما هو اضطهاد فرضه الرجال على النساء مثلما فرضوا العبودية على الأرقاء . وتحرير المرأة يعني إسقاط هذا الاضطهاد ومساواة المرأة بالرجل في كل شئ إذ الفوارق بينهما مصطنعة .
    أما في أمر الجنس فان ردة الفعل أدت إلى فكر يعتبر الجنس هو وحده القوة الدافعة في الحياة . لقد انتهى الأمر في هذا الصدد إلى فكر سيجموند فرويد الذي لعب دورا هاما هو من أبرز الأدوار التي أثرت على أوربا وأمريكا في القرن العشرين. في نظر هذا الفكر أن عقائد الإنسان . وتكوينه النفسي، ونظمه الاجتماعية ، وعطاءه الحضاري كلها انعكاسات مباشرة وغير مباشرة لغريزته الجنسية .
    ‌د- بعد الثورة الصناعية في أوروبا تفشت الحقوق الديمقراطية ونهضت حركة نسوية سياسية طالبت بحقوق المرأة السياسية كاملة وانتزعتها عبر تشريعات معينة . ثم جاءت ظروف الحرب العظمى الأولى والثانية وفيها اشتركت النساء عمليا في الاقتصاد وفي العمل الحربي مما اكتسبن معه دورا اقتصاديا ومشاركة فاعلة في الوظائف في كل المستويات . لقد صار الفكر الأوروبي بعد الحرب العظمى الثانية مسلما بوضع المرأة الإنساني وبحقوقها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية . وفي كل البلاد الغربية تطورت القوانين لتكفل تلك الحقوق في المجالات الخاصة والعامة.
    الثورة الجنسية في الغرب :
    ومع تحرير المرأة علت موجات التحرر فقد صارت المرأة مستقلة بكسبها وبصوتها وحررتها وسائل منع الحمل من قيود الأمومة فأطلقت بعض الفئات من النساء صيحات تطرُّف تنادي بكسر كل القيود الموروثة وتنادي باعتبار الأسرة نفسها مؤسسة اضطهاد للمرأة ينبغي إلغاؤها . وتبارى المزايدون والمزايدات في هذا الاتجاه مما أدى لطائفة من الأفكار سادت في أوربا وفي أمريكا في الستينات من القرن العشرين الميلادي وسميت بالثورة الجنسية Sexual Revolution . هذه الثورة الجنسية عبر عن فكرها الأساسي أبراهام ماسلو بقوله : " إنّ النفس حزمة من الرغبات المكبوتة وأن التقاليد تدفع الناس لمزيد من الكبت ومن اصطناع شخصيات مصطنعة فيعيش الناس حياة زائفة . وانّ واجبنا أن نتخلص من هذه الضوابط الزائفة لنعيش الحياة كما تملى علينا رغباتنا ".
    من هذا المنطلق اعتبرت كل نزوة أو شهوة حاجة ملحة مستحقة الإرضاء واعتبر كل امتناع عن إرضائها إبقاء على الزيف وعدم الصدق مع النفس . فالصدق مع النفس هو إشباع الرغبات بلا حدود. وكل نزوة حتى التي كانت تعتبر انحرافا نفسيا مثل السادية (التلذذ من عذاب الآخرين) والماسوشية (التلذذ من عذاب الذات) وإتيان الذكران ، و السحاق ( العلاقات الجنسية بين النساء) ، والميول الاستعراضية ، واستبدال الزوجات ، والممارسات الجنسية الجماعية .. كل هذه الحالات الشاذة صارت تمارس علنا وتوصف بأنها خيارات بديلة لإشباع حاجة طلابها .
    لقد استمرت هذه التيارات المسماة الثورة الجنسية حتى منتصف السبعينات ومع ما فيها من تدمير خلقي واجتماعي فإنها جعلت من المجتمعات التي مارستها في أوربا وأمريكا مختبرا ضخما لبعض الأمور الإنسانية الهامة . مختبرا آدميا مشابها للتجارب التي تجرى على القرود والأرانب والفئران .
    الدروس المستفادة :
    إن ما يمكن أن يستفاد من تجارب الإباحية الجنسية التي مورست بتطرف في أوروبا وأمريكا يمكن تلخيصه في الآتي :
    الحقيقة الأولى : أنّ ثمة علاقة بين الانضباط الجنسي والصحة بحيث يؤدي عدم الانضباط لمخاطر صحية تعجز عن مقاومتها كل قدرات الطب الحديث .
    لذلك فمنذ أواخر السبعينات صار المرض السري المسمى هربز ( GENITAL HERPE ) مرضا شائعا يقدر المصابون به في أمريكا بعشرين مليونا ويقدر من يصابون به إصابة جديدة بنصف مليون في السنة .
    والى جانب ذلك المرض المستعصي على العلاج المنتشر نشا مرض أخر اسمه ايدز ( AIDS ) وهو مرض فيروسي . فيروسه محصن ضد العلاج ونتيجته غالبا الوفاة . هذا المرض الأخير أحدث هلعا كبيرا في أمريكا وأوروبا وقد قتل في أمريكا وحدها حتى الآن أربعة ألف نسمة ,
    هذه الأمراض المعدية الخطيرة غير قابلة للعلاج الآن وهي نتيجة مباشرة لعدم الانضباط الجنسي مما اقنع كثيرين في أمريكا بأنّ هذا المرض عقاب مستحق للانحراف الخلقي . هذا الشعور ساهم ضمن عوامل أخرى في الحد من غلواء الثورة الجنسية واستمالة روادها إلى الاعتدال والانضباط الجنسي .
    الحقيقة الثانية :إنّ التخلي عن الضوابط الجنسية وآداب الجنس ومحاذيره يؤدي تدريجيا لموت الشهوة نفسها . لقد شاهد هذه الظاهرة كثير من علماء الجنس وعلماء النفس . قال أحدهم وهو عالم النفس تريب (TRIPP ) : " إنّ إثارة الجنس تتوقف على وجود عقبات وموانع في طريقه . زوال هذه العقبات والموانع يزيل معه الإثارة واللذة .
    الحقيقة الثالثة : الإباحية الجنسية والتخلي عن ضوابط الأسرة وواجباتها يفجع المجتمع كله ولكنه في حساب الخسائر يضر المرأة أكثر من الرجل . قالت كارولين ستيوارت : " يستطيع الرجال أن يكونوا أكثر عفوية في حياتهم الجنسية . أمّا النساء فالجنس بالنسبة لهم ارتباط . أنّ الرجال يستخدمون الحنان للوصول للجنس ، أمّا النساء فإنهن يستخدمن الجنس ليصلن للحنان " .
    ولتأييد هذا المعنى أرسلت آن لاندرز ( ANN LANDERS ) وهي كاتبة أمريكية تنشر مقالاتها ألف صحيفة أمريكية ، أرسلت سؤالا واحدا لآلاف النساء الأمريكيات وطالبتهن الإجابة بنعم أو لا :
    السؤال هو : هل تفضلن الملاطفات والملامسة بحنية على الجماع نفسه ؟
    فرد على السؤال تسعون ألف امرأة وكان رد 70% من هؤلاء النساء على السؤال بنعم .
    ومعلوم أنّ هذا الرد غير متصور بهذه النسبة إذا كان السؤال موجها للرجال وعبر تجارب كثيرة تأكدت حقيقة شائعة أخرى هي أنّ الممارسات الجنسية العفوية تضر النساء اكثر مما تضر الرجال . ذلك أنّ العلاقة إذا أدت لحمل رغم الاحتياط فسيبقى في بطونهن الجنين غير المرغوب فيه . وهن اللائى يتعرضن لأذى وسائل منع الحمل فمانعات الحمل تشتمل على مخاطر غير مباشرة .وهن اللائى يواجهن احتمالات سرطان عنق الرحم وهو مقترن بالمضاجعات الجنسية مع عدد من الرجال .
    المهم إنّ هذه التجارب تثبت أنّ ربح المرأة من الأسرة أكبر وخسارتها في زوالها أكثر .
    لقد أدت الثورة الجنسية التي حدثت في أوربا وأمريكا إلى انتشار آراء ناقدة للأسرة بل داعية للاستغناء عنها كمؤسسة فاشلة وظالمة للمرأة .
    ولكن كثيرا ممن ذهب إلى تلك الآراء عن الأسرة عادوا عنها مدركين سذاجة الرفض لمؤسسة الأسرة . والدليل على ذلك أنّ مجلة تايم الأمريكية أعدت دراسة حول الموضوع وخلصت الدراسة التي نشرتها المجلة إلى الآتي :
    " بعد الضجة التي أثارتها الثورة الجنسية فان غالبية الأمريكيين والأمريكيات أصبحوا أشد تمسكا بالأسرة وإيمانا بالزواج وعادوا إلى الفكرة التقليدية التي تقرن الجنس بالحب وترى ألا يكون الجنس عفويا أبدا " .
    إننا إذ نستعرض هذه النتائج نستفيد منها في زيادة معارفنا والاتعاظ بتجارب غيرنا . فالمطلوب أن نلم بالفكر والتجربة الإنسانية كلها لاستصحاب المفيد واطراح الضار على أساس الأثر القائل : " الحكمة ضالة المؤمن حيثما وجدها أخذها "
    وعلينا أن نلتمس العظة من تجارب الآخرين لكيلا نكرر الأخطاء التي وقعوا فيها على أساس الأثر : " العاقل من اتعظ بغيره " .
    وحيثما استعرضنا التراث الأوربي الأمريكي وفكره وتجاربه فلا يفوتنا أن نأخذ في الحسبان دائما جدلية الصراع الذي لوّن فكرهم وتجربتهم بين موروثهم الكنسي وردة الفعل .العلمانية الماركسية عليه.
    إذا نحن أخذنا في الحسبان هذا التفاعل لأمكننا أن نعطي الفكر والتجربة الأوربية الأمريكية تقويما موضوعيا ومن ثم أن تكون استفادتنا منها استصحابا وإطراحا واتعاظا أكبر"

    الفصل السادس
    ماذا تقول العلوم الاجتماعية
                  

05-25-2004, 05:47 PM

محمد حسن العمدة

تاريخ التسجيل: 03-31-2004
مجموع المشاركات: 14086

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حقوق المراة في الاسلام ... السيد الصادق المهدي (Re: محمد حسن العمدة)

    لفصل السادس
    ماذا تقول العلوم الاجتماعية

    قد حاول بعض العلماء الغربيين الوصول إلى أسباب علمية لمكانة الرجل والمرأة في الأسرة والمجتمع . وكان فردريك انجلز ( زميل كارل ماركس ) من أوائل الذين قدموا نظرية في هذا الصدد.
    قال انجلز في كتابة اصل الأسرة إن ما نشاهده اليوم من تكوين للأسرة فيه هيمنة للرجل. وتكوين المجتمع أيضا فيه هيمنة للرجل. وهذان الوضعان تطورا مع وضع آخر إذ تسلسلت الأوضاع كالآتي:
    أولا : وضع بدائي كانت فيه الملكية شائعة بين جميع الناس ولا وجود لملكية خاصة ولا لطبقات اجتماعية . وفي تلك الحالة كان المواليد لا ينتسبون لآبائهم بل لأمهاتهم أي أنّ الانتساب قائم على أساس الأم ( MATRILEANIAL ) ومع وجود هذا النوع من الانتساب كانت المرأة ( الأم ) مهيمنة على الأسرة وعلى النظام الاجتماعي ( MATRIARCHY ) .
    ثانيا : ثم تطور النظام الاجتماعي بحيث انتهى شيوع الثروة بين الناس وبدأت الملكية الخاصة . ومع الملكية الخاصة بدأ ظهور الطبقات الاجتماعية . ومع الملكية الخاصة اختفى نظام الانتساب للام ليحل محله نظام الانتساب للأب ( PATRILEANIAL ). وكذلك ظهر نظام هيمنة الرجل ( الأب ) على الأسرة وعلى المجتمع (PATRIARCHY ). قال انجلز : إنّ هيمنة الرجل على الأسرة وعلى المجتمع ظاهرة اقترنت بالملكية الخاصة وبظهور الطبقات وسوف تختفي معها . وقال إننا إذا استعرضنا المجتمعات الإنسانية المعاصرة لنا سنجد أنّ بعضها مازال يمارس تقاليد فيها الانتساب للام ( MATRILENIAL ) وتقاليد فيها يقيم الزوجان في بداية زواجهما في منزل الأم ( MATRILOCAL ) وهذه التقاليد كلها من مخلفات العهود القديمة التي كانت فيها المرأة مهيمنة على الأسرة وعلى المجتمع .
    هيمنة الرجل :
    لقد تصدى لهذه الآراء جماعة من علماء الاجتماع نذكر منهم العالم جورج بيتر مردوك في كتابه النظم الاجتماعية قال هذا المؤلف :
    أولا : هنالك عدد كبير من المجتمعات التي تقوم على أساس هيمنة الرجل على الأسرة وعلى المجتمع ولا يوجد دليل على أنّ هذا الحال سبقه نظام الانتساب للأم.
    ثانيا : إنّ الانتساب للأم موجود في كثير من المجتمعات التي تمارس الملكية الخاصة والتي تقوم فيها الطبقات الاجتماعية وبعض تلك المجتمعات مجتمعات إقطاعية .
    ثالثا : إن جميع المجتمعات التي عرفناها سواء كان الانتساب فيها للأم أو للأب مجتمعات تقوم على أساس هيمنة الرجل على الأسرة وعلى المجتمع ".
    إنّ أدب الأنثروبولوجيا ( علم الاجتماع ) الموجود الآن يوضح أنّ العلماء في هذا المجال اكتشفوا وجود أربعة ألف مجتمعا إنسانيا متميز الخصال . ويوضح هذا الأدب أنهم قد درسوا من بين هذا العدد الهائل ألف ومائتين مجتمعا إنسانيا .
    لقد أسفرت هذه الدراسة عن الحقائق الآتية :
    كل هذه المجتمعات بلا استثناء اشتملت على المؤسسات والممارسات الآتية :
    ‌أ. على ممارسة نوع من الزواج.
    ‌ب. على إقامة نوع من مؤسسة الأسرة .
    ‌ج. على ممارسة نوع من التحريم المتشدد لنكاح الأقربين (نكاح الأخوة أو الأبناء وبناتهم أو هلم جرا).
    ‌د. كل المجتمعات توجد فيها ظاهرة هيمنة الرجل على الأسرة وعلى المجتمع
    ‌ه. كل المجتمعات توجد فيها ظاهرة تولى الرجال لأغلبية المناصب العليا في المجتمع.
    استنادا لتلك الدراسات المستفيضة لخصت الأستاذة مارجريت ميد MARGRET MEAD الموقف بقولها : " في كل المجتمعات التي درست كان الرجال هم المسئولين عن توجيه الأمور في المجتمع وكانوا أيضا هم أصحاب الكلمة الأخيرة في المنزل " .
    هذه الحقيقة اطردت في كل المجتمعات :
    • في البدائية البسيطة .
    • وفي الزراعية الإقطاعية .
    • وفي الصناعية الرأسمالية .
    • وفي الصناعية التي قامت فيها نظم ثورية وأعلنت بقوة مبدأ المساواة بين الجنسين .
    وللاستدلال على هذا نسوق الأرقام الآتية وهي مستقاة من إحصائيات عام 1979م:
    • ففي الولايات المتحدة الأمريكية لا توجد نساء في مجلس الشيوخ . والمدن ذات العدد السكاني الكبير ( 25 ألف فما فوق ) النساء يشكلن 1 % من عمدها . والنساء يشكلن أقل من 2 % من صناع القرار في الحكومة الفدرالية . وهن يشكلن 3% من عضوية مجلس النواب ، ويشكلن 5 % من عضوية مجالس التشريع الإقليمية .
    • وفي السويد كل الوزراء وعددهم 12 وزيرا من الرجال.
    • وفي كوبا كل أعضاء المكتب السياسي وعددهم 15 عضوا من الرجال ومجلس الوزراء عدده 21 وزيرا منهم 20 من الرجال.
    • وفي الصين 14 وزيرا 13 منهم رجال . وأعضاء مجلس الدولة وعددهم 17 شخصا هم من الرجال . ورؤساء الوزارات الإداريون عددهم 67 شخصا هم من الرجال وكل أعضاء المكتب السياسي إلا واحدة هم من الرجال .
    • وفي الاتحاد السوفيتي أكثر من 95 % من أعضاء اللجنة المركزية رجال.
    • وفي تلك الحالات التي تولت امرأة الرئاسة العليا كمارغريت تاتشر في بريطانيا و أنديرا غاندي في الهند فان غالبية وزرائها ورؤساء المصالح وقادة المجتمع هم من الرجال .
    النتيجة : هذه المجتمعات الإنسانية البدائية والمتطورة . الرأسمالية ، والاشتراكية ، تسود فيها ظاهرة هيمنة الرجال في الحياة الخاصة والعامة وهي ظاهرة متكررة بلا استثناء حتى في المجتمعات التي تعلن المساواة التامة بين الجنسين وتسعى لتحقيقها .
    هذه النتيجة لمستها وأشارت إليها واشتكت منها عدة من عالمات الاجتماع من النساء كما ورد في كتب مثل :
    • عالم الرجال، ومكان المرأة فيه بقلم اليزابيث جينواي
    ( MAN`S WORLD WOMAN`S PLACE ) by Janeway, Elithabeth , .
    • المرأة والمصلحة العامة - بقلم جسي برنارد .
    ( WOMEN AND THE PUBLIC INTERESTE) by JessieBernard
    • مكان المرأة بقلم سنثيا ابستاينْ.
    ( Woman`s Place ) by Cynthia Epstien
    هؤلاء الكاتبات يشرن إلى هيمنة الرجال على الحياة الخاصة والعامة في المجتمعات الأوروبية والأمريكية المتطورة . ويقلن إنّ هذه المجتمعات تربي أولادها وبناتها على خصال معينة بحيث يكتسب الأولاد خصالا رجالية والبنات خصالا نسائية . ويقلن أن الواقع الاقتصادي والاجتماعي الذي تواجهه المرأة في الحياة هو أنّ غالبية الساسة والقادة ورجال الأعمال ورؤساء المصالح هم من الرجال .
    لماذا هذا ؟
    رأي الحركة النسوية Feminist Movement :
    هذا السؤال تطرقت للإجابة عليه كتب مثل :
    السياسة والجنس بقلم كيت مليت SEXUAL POLITICS by Kate Millett -1971
    النسوان الخصيان بقلم جيرمين قرير THE FEMALE ENUCH by Germaine Greer
    جدل الجنس بقلم شولامث فيرستون THE DIALECTIC OF #######. By Shulamith Firestone
    وخلاصة رأي هؤلاء الكاتبات ( وجميعهن ينتسبن إلى الحركة النسوية Feminist Movement في الغرب ) هو أنّ شخصية الرجل والمرأة مبنية على التربية الاجتماعية وما يصحبها من توجيه منذ الصغر . وهذه التربية قائمة على برنامج خاص وزعت الخصال بموجبه على نوعين . نوع رجالي ونوع نسائي . هذا التوزيع توزيع تعسفي لا يقوم على أساس بل فرضه سلطان الرجال مما جعل البرنامج استكانة واتباع . ونتيجة لهذه التربية يشب الأولاد ليصبحوا رجالا متحلين بخصال رجالية معينة . وتشب البنات ليصبحن نساء متسمات بخصال نسائية معينة فالجميع اكتسبوا خصالهم نتيجة تربية معينة هي المسئولة عن الفوارق المشاهدة في سلوك الرجال والنساء .
    تقول السيدة جرمين قرير إننا لا نستطيع أن نعرف ما إذا كانت هنالك عوامل فيسيولوجية تتسبب في الفوارق المشاهدة بين الرجال والنساء . ولن نعرف ذلك إلا إذا استطعنا فك الطلاسم الوراثية وقراءة الطلسم الوراثي نفسه ( DAN ) عندما نقرأ الطلسم الوراثي سنعرف الخصال التي تطبع على المرأة وراثيا ونتمكن من معرفة هل تستند خصال الرجال والنساء على أساس وراثي أم لا ؟
    وتقول السيدة شولامت فيرستون : لا يوجد اختلاف حقيقي بين الرجل والمرأة إلا ذلك الناشئ من الوظيفة التناسلية .
    هؤلاء الكاتبات يجمعن على أنّ التمييز المشاهد بين الجنسين إنّما حدث نتيجة لعوامل اقتصادية وسياسية واجتماعية وانّه تمييز مكتسب غرسته تربية معينة .
    وعلى نمط هذه الآراء رأي رابع قالت به كاتبة رابعة هي جوليت متشل في كتابها:
    النساء أطول الثورات (WOMEN. THE LONGEST REVLOUTION. By Mitchell, Juliet
    قالت الكاتبة : إنّ هيمنة الرجل المشاهدة في الحياة الخاصة والعامة لا تقوم على أساس طبيعي ولكنها نتيجة حتمية لمؤسسة الأسرة . قالت : إنّ الأسرة وهي مصدر هذه الهيمنة الجائرة نظام عرضي يمكن التخلص منه والتخلص معه من هيمنة الرجال .
    رأي هؤلاء الكاتبات إذن هو أنّ ظاهرة الهيمنة الرجالية على الحياة الخاصة والعامة ظاهرة مكتسبة لا تستند إلى عومل وراثية ولا إلى ضرورات طبيعية.
    رأي مخالف :
    هنالك رد آخر على السؤال عن أسباب هيمنة الرجال . ورد هذا الرد في كتاب هيمنة الذكران بقلم ستيفن جولدنبرج .MALE DOMINANCE. By Steven Goldberg )
    قال هذا الكاتب : إنّ سلطان الآباء على الحياة الاجتماعية (الباترياركي ) وهيمنة الرجال على الحياة الخاصة والعامة ، واستيلاء الرجال على غالبية الوظائف والمناصب ذات الشأن في المجتمع ، ظواهر اجتماعية لحقيقة فسيولوجية إذ أن تكوين الرجل الفسيولوجي يثير فيه انفعالات معينة وحيثما أحاط بالرجل نظام سلطان هرمي . أو عرضت له وظائف مرموقة ، أو أحاطت به أنثى فان هذه العوامل تستنهضه وتستثيره وتجعله:
    • تتولد فيه مشاعر التنافس ويزيد فيه التطلع للتفوق والهيمنة .
    • يؤثر الهيمنة ويضحي في سبيل الحصول عليها بالمال وبراحة البال وبالملذات .
    هذه النزعة التي تتحكم في سلوك الرجال تقوم على عوامل طبيعية عائدة إلى تكوين الرجل الغددي والعصبي .
    قال الكاتب : في كل الثدييات تقترن الهيمنة بالذكر وهذا يعني أنّ هذه الحقيقة تنطبق على كل الرئيسيات .
    هنالك 32 فصيلة من الرئيسيات بما في ذلك الإنسان .
    من بين ال32 فصيلة توجد ثلاثة فصائل شاذة إذ تقترن الهيمنة فيها بالأنثى لا بالذكر . تلك الفصائل الثلاثة هي المسماة : ساقونيوس ، واوتس ، و كاليسيبس ( SAGUINUS. AOTUS . AND CALLICEBUS ) , ) وفي هذه الفصائل وحدها من بين كل الفصائل في هذا القسم من الحيوانات نجد ظاهرتين هما : الأنثى أكبر حجما من الذكر .والذكر هو الذي يتعهد حضانة الصغار . ( لكن طبعا الأنثى هي التي ترضعهم ) هكذا توجد في هذه الفصائل الثلاثة أمور ملفتة للنظر : الإناث هي المهيمنة والإناث هي الأكبر حجما .
    يستشهد الكاتب بوجود تجارب معملية تدل على أنّه بين الفئران وثدييات أخرى فأن سلوك الذكران عائد لإفرازات هرمون الذكورة من خصيتيها. وانّ لهذا الهرمون و اسمه تستوسترون أثرا في سلوك الحيوان الذكر وفى نزعته للهيمنة.ومن البراهين على هذا القول أنّ إناث الفئران إذا حقنت بكمية من التستوسترون في طفولتها فان ذلك يؤثر في سلوكها ويجعلها تنزع نحو الهيمنة.
    قال العالم الذي أجرى هذه الاختبارات على الفئران واسمه دكتور د. أ . ادوارد Dr. D.A. EDWARDS إنّ دراسته توضح إن نزعة التعدي والهيمنة التي تظهر في سلوك الفئران تعود قطعا لإفرازات الخصيتين .
    يقول مؤلف الكتاب المشار إليه : إنّ نتائج أبحاث علماء الغدد الصماء ، ونتائج علماء النفس تؤكد أنّ نزعة الهيمنة المشاهدة في سلوك الذكور تعود إلى تأثر أدمغتها بهرمون الذكورة في مرحلتين هما مرحلة التكوين ( وهي جنين ) ومرحلة البلوغ ، فالهيمنة الواضحة في سلوك الذكور من آثار الهرمونات عليها.
    يقول المؤلف وفي مؤتمر النيوروبيولوجي في بارهاربور أوضح الدكتور ريسمان Dr. RAISMAN أنّ التستوسترون ( أي الهرمون الذي تفرزه الخصيتان ) ذو تأثير على الدماغ يمكن أن يشاهد بالعين في مناطق معينة من الدماغ .
    هذه التجارب التي تؤكد ظهور مؤثرات مشاهدة في دماغ الفئران تحدثها هرمونات الذكورة أجريت على أدمغة الفئران ولكنها لم تجر بعد على أدمغة الإنسان . ولكن وجود هذه المؤثرات مؤشر هام لما سيكشف من وجودها في دماغ الإنسان أيضا .
    النتيجة المستخلصة : من هذه الدراسات والمشاهدات والتجارب هي أنّ سلوك الرجل الذي ينزع بطبعه نحو التعدي والهيمنة صادر من مؤثرات هرمونية تأثر بها دماغ الذكر في مرحلة التكوين ( أي وهو جنين ) ويزيد التأثر بها في مرحلة البلوغ هذه قاعدة .
    قال المؤلف : ربما وجدنا استثناءات من هذه القاعدة فبعض النساء ينزعن نحو التعدي والهيمنة أكثر من بعض الرجال , وبعضهن توجد في أجسامهن كميات من هرمون التستوسترون أكبر مما يوجد في أجسام بعض الرجال ،ولكن هذه الاستثناءات لا تنفي القاعدة العامة : فالطول مثلا خصلة موروثة ، والرجال بصفة عامة أطول من النساء ولكن هنالك نساء أطول من بعض الرجال ، ولكن هذه الحالات الاستثنائية لا تنفي القاعدة العامة وهي أن الرجال أطول من النساء.
    يقول المؤلف إنّ نزعة التعدي والهيمنة لا تتوقف على الهرمون وحده . فهناك عوامل تربوية و بئوية تؤثر عليها ، ولكن إذا تساوت هذه العوامل التربوية والبئوية فانّ أثر الهرمون يظهر ولذلك يميل الذكور عادة نحو التعدي والهيمنة .
    يقول المؤلف : رغم اختلاف البيئات من الناحية الاجتماعية والاقتصادية والمستويات التكنولوجية فانّ الرجال يهيمنون على الأسرة والمجتمع ويحتلون الوظائف العليا.
    هذه ظاهرة مطردة وان اختلفت نظرة الرأي العام في أوربا وأمريكا إليها ففي الماضي كان الرأي العام في أوربا وأمريكا يرتاح لتلك النظرة ويؤيدها بينما كان يستحي من الخوض في الممارسات الجنسية .
    أما الآن فان الرأي العام في أوربا وأمريكا ينتقد نزعة الهيمنة والتعدي ويشجع الخوض في الممارسات الجنسية . نظرة المجتمع تغيرت ولكن الحقائق بقيت على ما هي عليه .
    خلاصة : كل المجتمعات الإنسانية تظهر هيمنة الرجال على الأسرة وعلى المجتمع وهذه الظاهرة يفسرها بعض العلماء بإرجاعها للتركيب العصبي والغددي للرجال . ويفسرها آخرون بإرجاعها إلى عوامل سياسية واقتصادية واجتماعية يغرس المجتمع بذورها عن طريق التربية في أجياله المتعاقبة من الأولاد والبنات .








    الفصل السابع
    رأينا في المسألة العلمية
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de