( ليت الدكتور عبد الله حمدوك رئيس الوزراء – وبكل قوة وجرأة- يعلن القرار التاريخي الذي ينقل السودان كله إلى حقبة جديدة .. قرار مهم وحتمي لتصحيح حال البلد ). ( من المهم للغاية في هذه المرحلة من تاريخ السودان أن يحدث تغيير بنيوي في منهج إدارة الدولة ) . الأخ الفاضل / عثمان ميرغني لكم التحيات وللإخوة القراء الأعزاء
قد يتفق معك الآخرون في مقولة : ( أن يحدث تغيير بنيوي في منهج إدارة الدولة ) ولكن لا يتفق معك الآخرون في تلك المقترحات التي توالت بعد تلك الفكرة .. وخاصة حين تقصد الهجرة العكسية من المركز السوداني إلى مدن وعواصم الأقاليم .. ومثل تلك المقولة في الماضي قد خدعت أغلبية الأمة السودانية في وقت من الأوقات .. وكانت السبب الأساسي في خروج أبناء الأقاليم ( الغلابة ) من المولد بغير حمص ؟؟ .. وتلك التجارب السابقة منذ خروج المستعمر أثبتت لأبناء الأقاليم أنهم أضاعوا السنوات تلو السنوات في خدعة أهل المركز الذين يوعدون بالأماني ثم ينسون من يبكي بمجرد غيابه عن ساحة العين !.. ومثل تلك النداءات التي تغري للعودة للأقاليم دون التواجد في المركز قد رسخت في أذهان أهل الأقاليم بأنها خدعة من خدع أهل المركز لينفردوا بمزايا المركز دون الأقاليم .. ولذلك فإن أبناء الأقاليم شرقاُ وغرباُ وجنوباُ وشمالاُ حين يسمعون مثل تلك الصيحات يقولون لأهل العاصمة : ( ألعبوا غيرها ) .. فنحن قد عشنا تلك التجربة القاسية لسنوات وسنوات ثم أجبرتنا الأحوال أن نلوذ ونقطن في المركز .. وقد جاء الدور لأهل المركز ليرحلوا ويجربوا تلك الحياة ويذوقوا طعم المشقة في الأقاليم .. وبعد فترة من الزمن سوف تغني بناتهم : ( أحيا أنا دايرة أشوف الخرطوم ،، لا لا لا يا قروية !!! ) .. ولا يظن أحد أن هؤلاء أهل المركز سوف يقطنون في الأقاليم تاركين عماراتهم وفللهم وقصورهم !!.. أما أبناء الأقاليم الغلابة فهم يمثلون اليوم عصب السكان بالمركز .. وتلك هي الحقيقة بموجب العددية والإحصائيات .. وأحياء العاصمة السودانية المثلثة قاطبة بكثافاتها هي اليوم ملك لأبناء الأقاليم الذين يمتلكون تلك المساكن بطريقة ثبوتية وبمستندات في الأراضي .. فتلك هي بيوت الجالوص وتلك هي بيوت الخلف خلاف بالطوب الأحمر !!.. والعاصمة السودانية اليوم محاطة بمنازل أبناء الأقاليم من كل الجهات كالسوار حول المعصم .. فكيف يريد السيد عثمان ميرغني من أبناء الأقاليم أن يتركوا المركز ليعودوا للأقاليم ؟؟ .. فلا العقل يقبل ذلك ولا المنطق يقبل ذلك ولا الظروف تقبل ذلك .. والسيد عثمان ميرغني يظن أن أبناء الأقاليم تحت الطلب عند النداء .. وخاصة حين يوهم وينادي السيد حمدوك ليعمر الأقاليم ويتجاهل المركز .. وأبناء الأقاليم يقولون للسيد عثمان ميرغني ( تلك لعبة قديمة لا تسري علينا !!) .. حيث ذلك الكلام الذي يقال بمنتهى السهولة باللسان ولا يتمثل يوماُ في أرض الواقع !!.. وأبناء الأقاليم يعرفون جيداُ أن مثل تلك الوعود لا يمكن أن تصدق في هذا السودان .. وإذا كان ذلك السيد حمدوك يواجه المشاكل العويصة في توفير لقمة الخبز بذلك القدر الميسر لكافة أبناء السودان في كل المناطق فكيف تطلب منه أن يبني أقاليم السودان شرقاُ وغرباُ وجنوباُ وشمالاُ ؟
الكثيرون من أبناء الأقاليم الكبار في السن في بعض الأحيان يحنون للعودة إلى مناطقهم بالأقاليم شوقاُ للذكريات وحنانا لأيام الطفولة والصبا .. وحين يفصحون تلك النزعة بالعودة للأقاليم مرة أخرى للأبناء والأحفاد والزوجات يواجهون معارضة شديدة .. ولا يهمنا كثيراُ ذلك الرفض من الأبناء والأحفاد فهؤلاء في الغالب الأعم قد ولدوا وترعرعوا في المركز .. ومن الصعب عليهم الحياة في الأقاليم .. أما الحاجة الغريبة فتتمثل في تلك الزوجة التي ترفض العودة للأقاليم مرة أخرى جملةُ وتفصيلاُ .. وتقول لزوجها : ( نحن لن نعود للأقاليم مرة أخرى مهما تكدر العيشة بالمركز .. وإذا أنت راغب في ذلك فيمكنك أن تعود وتعيش في الأقاليم كيف تشاء ،، وفي إمكانك أن تتزوج كما تشاء بمن تشاء !! ) .. والعجيب في الأمر أن البعض من هؤلاء الكبار في السن قد دخلوا في تلك التجربة فعلاُ .. حيث عادوا للأقاليم وعاشوا فيها لفترة قصيرة ثم رجعوا للمركز مرة أخرى وهم يلعنون ويسخطون من تلك الحياة في الأقاليم بشدة .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة