ويقول أدعم التعايش السلمي في شرق السودان.. وتلقاهو في حتة تانية شغال فتن وشتائم عجيييبة وإنتقاص من باقي مكونات البجا..كأنه يتنفس ويتلوى حقدا وتشفي.. كحال من يريد الإنتقام من قاتل أبويه..!! إضافة إلى ولع غريب ومرضي في محاولة الإنتقاص من الآخر وتشويه سمعته في الوسائط ..ومحاولات تزوير لتاريخ معروف .. وكل هذا ضد من ؟..كل هذا الحقد والجهد ..ضد شقيقك الذي يقاسمك الأرض والماء والهواء ..بل يقاسمك إسم القومية والجهة من الوطن ؟!! أنا غايتو رفضت توقيع أي عريضة.. لأنه توقيع العرائض ما بيحل أي مشكلة.. فممكن كل يوم نكتب عريضة ونوقع عليها.. ومع ذلك تستمر المشكلة. لكن الحل في نظري هو التتبع المنهجي لأسباب الفتنة وبداية ظهورها ومن هم وراؤها.. ومن كان يعد العدة لها منذ فترة طويلة جدا قد تعود لعقود .. لعبت فيها جهات لها أجندة معينة.. سواء كان نظام الإنقاذ الساقط والآفل.. وسواء كان نظام أسياس أفورقي ومحاولته التخلص من المسلمين في بلاده بتصديرهم لجماعة الإنقاذ إخوتهم في الآيدلوجية ..وذلك لكي يشاركوهم حروبهم العبثية..(وهذا ما حدث فعلا).. فمنذ عدة سنوات..تزيد أو تنقص عن السبع.. لاحظت ظهور أطروحات مريبة..تتناول تاريخ شرق السودان بصورة غير منهجية ولكن تحكمها أماني البعض فقط.. (تاريخ مكونات شرق السودان معروف.. وكذلك حدود كل مكون معروف ). وقد ذكر المؤرخون المسلمون اليعقوبي وأبن حوقل وإبن بطوطة وغيرهم عدة ممالك للبجا رغم أنها لا تحمل أي من الأسماء الحديثة للقبائل.. إلا أنها لا تزال تحمل نفس حدود القبائل الحالية. وممالك البجا القديمة في التاريخ كانت من أقدمها المعروف لدينا (مملكة أوشيك المعاصرة لمصر القديمة (كمت، العهد الفرعوني) ، ثم مملكة البجا البلميين في شمال السودان نهاية عهد مملكة مروري والتي من بقاياها (جزيرة بجا) في أسوان الحالية إضافة إلى نقوش وقبور ملوكها ومعبد معبود البجا الشهير النتر منتو أو مندوليس كما يكتب باللاتينية ، إضافة إلى عدة مشيخات على القاش وعيذاب في الشمال وعلى طول ساحل بحر القلزم ).
والإدعاءات الكاذبة من السهل تفنيدها.. ولكن رغم كون تفنيدها سهل.. فهي تعطي مؤشرات لفهم العقليات التي أنتجتها..وروجتها رغم عدم معقولية هذه الإدعاءات وتهافتها التاريخي البلا منهجية ولا إخضاع لأدوات البحث التاريخي. تعودنا في شرق السودان أن نستوعب الجميع ونرحب بالجميع ونثق بالجميع ، وكل من شاركنا أرضنا من السودانيين وغيرهم..هم أخوة لنا وصاروا دما وصهرا.. وإثراء لمجتمعنا. والود قائم بيننا وبينهم. وقد يخطئ بعض قصار النظر في فهم البجا وعاداتهم وأعرافهم وسوالفهم وتقاليدهم ، فهم قوم تحكمهم أعراف عريقة جدا تمتد لآلاف السنين.. وسوالفهم هذه تمنعهم من الإعتداء وتجعلهم قوم مسالمين وصبورين..وقد يجري الأمر أمامهم زمنا ويتظاهرون بعدم رؤيته ..حبا في المداراة والمراعاة للآخرين.. الأمر الذي قد يغري الآخرين بمحاولة استغفالهم .. ولكن غالبا ما يصابون بخيبة الأمل..عندما يكتشفون أن هؤلاء المحاربين التاريخيين لا زالت مهاراتهم القتالية بخير ..وتبرز عندما يستدعى الأمر..
والفتنة الأخيرة التي حدثت بين أهلنا النوبة وأهلنا البني عامر في ولاية (محافظة) البحر الأحمر ، لعب فيها البجا بالطبع..دورا كبيرا في رأب الصدع وتحكيم الأعراف والسوالف والقلد..كشأنهم وشيمتهم دوما. أعترف لهم أخوتنا النوبة بهذا الفضل.. كتر خيرهم. ولكن رغم ذلك تصاعدت أصوات من بعض أهلنا البني عامر تدعي أن باقي البجا لم يكونوا محايدين.. بل ووقفوا مع النوبة وإنحازوا لهم !! ثم تحول الإتهام إلى تراشق وشتائم.. وكذلك الى إستدعاء تلك المعلومات المغلوطة حول تاريخ شرق السودان.. ومحاولة إدعاء مملكة ل(لبني عامر) لم تكن موجودة في الشرق ولم نسمع بها أو يسمع بها كبارنا.. والأغرب في موضوع هذه المملكة المزعومة التي فوجئ السودانيون بوجودها مؤخرا في مقرر التاريخ والتربية الوطنية للصف الخامس (وليس كما زعم ذلك الكوز من بخت الرضا أن المناهج هي المناهج ولم تتغير منذ خمسون عاما !! وكلنا نعلم كذبه طبعا )..قلت أن الأغرب في شأن هذه المملكة المزعومة التي ذكرت دونا عن بقية ممالك ومشيخات البجا.. أنها مملكة ضمن سلطنة !! حيث أنهم يدعون أنها كانت تابعة لسلطنة الفونج !!.. فكيف تكون مملكة وتابعة لسلطنة ؟! وفي الحقيقة هذه المملكة المزعومة لم تكن سوى (مشيخة) للبني عامر ضمن سلطنة الفونج . وكان لقب زعمائها (دقلل) ، ولكن محترفو تزييف التاريخ الحاليين في الوسائط أضافوا لقب (ملك) أمام كل دقلل من زعمائهم.. كي يوحوا بصحة زعمهم حول مملكتهم المزعومة.. ولكنهم نسيوا أن لقب دقلل كلقب زعامة عندهم لا يمكن أن يكون مصاحبا للقب ملك.. فإما ملك وإما دقلل.. فلا يمكن أن تقول (الملك دقلل فلان) ..فتستخدم بذلك لقبين لنفس الشخص! ثم ، كيف إذ كانت سلطنة الفونج بذات نفسها لم تكن سوى سلطنة فقط.. فكيف تسمح بوجود ملك ومملكة ضمن حدودها؟ هذا غير منطقي بالطبع.. (تحضرني هنا نكتة المطربة أحلام الإماراتية ..عندما وسوس لها شيطانها أن تقتبس برنامجا أمريكيا شهيرا تمثل فيه دور ملكة ولها رعايا مطيعين ومتذللين ..وكان الإعلان عن برنامجها هذا على شكل عملة ذهبية ملكية مطبوع عليها رأس أحلام الملكي من الجهتين (هههه).. وطبعا فات على المطربة الإماراتية هي ومعدي ومنتجي برنامجها الساذج هذا ..أنك لا يمكن أن تمثل دور ملك في بلد أعلى من يحكمها لا يحمل سوى لقب (شيخ أو أمير )..ترررم فسرعان ما جاء المنع للبرنامج من جهات عليا وخسرت أحلام مالها وكرامتها ).
كما أن مؤرخيهم نفسهم (أعني البني عامر ) كتبوا عن هذه المشيخة وملابسات إنشائها.. وكذلك موقعها في أريتريا الحالية ، ففي مؤلفه - (تاريخ أرتريا أرضا وشعبا)..كتب المؤرخ محمد عثمان أبوبكر: ( وقد ظل دقلل بني عامر في الإقليم الغربي من أريتريا ،محتفظا بالطاقية أم القرنين حتى بعد زوال دولة الفونج).إنتهى .
وقد تساءل أحد الأصدقاء متعجبا من مطالبات بعض الإخوة من البني عامر الجميع بأدانة نادي البجا وأدانة من دعوا إخوتنا النوبة للنادي وزعموا أن الجمع هتفوا هتافات معادية ضدهم (بجا حديد ، ونوبة لحام )..حين أنهم أي البني عامر كان قد سبق ووجهوا أصابع الإتهام إلى البجا منذ بداية مشكلتهم مع النوبة ..بل وزعموا أن البجا كانوا يدلون النوبة على بيوت البني عامر ليحرقوها (يا لسخافة الإتهام وتهافته طبعا !!)، فلذلك تساءل صديقي متعجبا ومتندرا : الناس ديل حيرونا ..تعمل ما تعمل يتهموك في كل الأحوال ..بصراحة كايسنها معانا وضحت الحكاية .. ونحنا تعبانين معاهم من البداية جلسات ( قلد وسالف ) ومبادرات أهلية وجمع للطرفين المتحاربين !!
كما تعجبت أنا من مطالبات بعض الإخوة من البني عامر بأن يكون نادي البجا لكل البجا ..!! فسألتهم متعجبة : الحماكم منو النادي دا أصلا ؟!..وألم يقم البني عامر (براااهم) (بفرز عيشتهم من الناس..وعملوا ليهم نادي براهم )..هسه نادي البجا يادوب بقى ليكم حلو !! وقال صديق آخر : بني عامر وباقي مكونات البجا بل كل مكونات الشرق متعايشين ولم تظهر بينهم مثل هذه الحزازات من قبل السؤال الآن لماذا حدث ما حدث ؟ والذي ذكر أن البعض هتف في نادي البجا ..بجا حديد ونوبة لحام .. انا لم أحضر الندوة .. هل كانت هذه الروح موجودة وسط بقية البجا ضد البني عامر سابقا ؟؟ وهل السبب هو كتاب تاريخ الصف الخامس ؟..لا لم يكن هذا وحده السبب .. ظللنا نسمع لما يقارب الخمس سنوات من كثيرين من الإخوة البني عامر وانا سمعت شخصيا من بعض الإخوة البني عامر طرحا فجائيا أنتشر في وقت واحد على الأرض وعلى الوسائط ..الزعم بامتلاكهم كل أرض قبائل البجا من حلايب وحتى مصوع والخياري.. شخصيا سمعت مثل هذا القول في المقاهي، في المكاتب الحكومية ، في الأسواق، وكأن الأمر مرتبا وليس عفويا لأنه ظهر فجأة ومتزامنا .. وشخصيا لم أعر الأمر إهتماما وغيري كثر.. ولكن النغمة كانت سائرة في ازدياد حتي ظهر كتاب التاريخ الذي فجر الوضع وأثار مخاوف حقيقية لبقية المكونات..التي أحست أن تلك الدعاوى التي أنتشرت فجأة كان وراؤها أمرا حيك بليل..وأن هناك من يحاول نفيها كليا وأنكار تاريخها والاستحواذ علي كل الأرض لنفسه وإدعاء السيادة على كل البجا..ربما إغترارا بالمال الذي تدفق والسند الحكومي .. هذه هي الدعاوي التي ولدت هذا المناخ المحتقن الذي ينذر بالخطر الماحق والحرب الأهلية ..وهي المسؤولة عن كل ما جري وسيجري من هتك للنسيج الاجتماعي والتعايش السلمي .. وأرى كثيرين يتهربون من أدانة من تشدق بهذه الدعاوي أو يصمتون عنهم صمتا مريبا !!.. الإدانة لابد أن لا تقتصر علي رد الفعل فقط.. لابد أن تشمل هذا الفعل أولا.. وعندها سيسحب البساط من تحت أقدام المتشنجين من الطرف الآخر .. فلابد من فتح الجرح ونظافته أولا ..ثم نتنادى لرأب الصدع والوحدة ..والتوقيع على التعهدات . ولابد من تصويب الإدعاءات التاريخية القائمة على وهم مشيخة كانت تابعة وغير مستقلة مثل مشائخ البجا الأخرى المعاصرة لها والتي يحق لها الفخر بإستقلالها. كذلك يجب على الذين يتفاخرون بنسب وهمي غير بجاوي ليرفعوا به قدرهم ..مرة يتفاخرون بجد جعلي (متلصقين) بذلك في الجعليين كأن الجعليين شعب الله المختار .. وكذلك مرة يدعون أنهم ورثة مملكة البلو ..وهم لا يعلمون بأن البلو قبيلة بدوية عادية مثلها مثل الرشايدة مثلا ..هاجرت إلى أرضنا مثلها مثل عشرات القبائل وتزوجت منا ..ونسبة للنظام الأمومي للحكم عند البجا..حكم البلو وحكم غيرهم أيضا فترات محددة ثم تمت إزاحتهم بمن هم أقوى منهم .. ولكن يظل البلو وغيرهم من نازحين ليسو أكثر عزا وأكثر أصالة من البجا أصحاب الأرض التي معلوم من هم ملوكها المتوجين منذ فجر التاريخ وحتى اليوم..فأرض هي للبجا وستكون للبجا إلى قيام الساعة.. ولباقي السودانيين ..وليس لضيوف مقيمين أو عابرين أو نازحين أو عبيد فارين من أنظمة إقطاعية شرسة وظالمة في اليمن والحبشة وجزيرة العرب . فأرض البجا تفتح صدرها لكل هؤلاء. .وتداوي جراحهم ..وترمم إنسانيتهم..وتعيرهم ثقافتها ولغتها ..وتقاسمهم السراء والضراء .. فهل عدلا أن يكون حال البجا كحال القائل : أعلمه الرماية كل يوم ولما أشتد ساعده رماني
فقل لكل من يدعي ملكا وزعامة متوهمة على شعب البجا (أمشي الضل بالله ..وعالج عقدك بتاعة (شماقلي...) بعيد عننا ..أو تعال أقعد معانا في واطة الله دي كدا بنقبلك )..
فهل حارب الهكسوس مع أجدادي المجاي العظماء وطردهم من( كمت) مصر ؟ هل هب لنجدة الفرعون رعمسيس الثاني وأنقذه من موت محقق في معركة قادش مع الحثيين في الشام ؟ هل حارب الفرس والروم ..وفرض على الروم جزية ؟ هل استنجدت به زنوبيا ملكة تدمر في حربها المجيدة ضد روما ؟ وهل تحدثت كليوباترا البطلمية وأجادت لغته كما لغتي ؟ هل أستنجد البيزنطيين بجده ملك البجة مكسوج فأتى ومعه 1300 فيل عليها قباب الجلد بصفائح الفولاذ في كل قبة عشَرة من السودان أي عليها 13000 مقاتل ؟ وهل صدر أسلافه أم أسلافي التروجلودويت( سكان الكهوف ) الأفيال إلى جيوش البطالمة ؟ وهل عندما دخل عبد الله بن أبي السرح مدينة أسوان وكانت مدينة قديمة أزلية، وكان قد عبر إليها من الحجاز قهر جميع من كان بالصعيد ووجد بها ( فراعنة البجة) ملوكا عليها.. أم وجد بها بني عامر ؟
وهل نقش ميناء عدولي الذي يرجع إلى عهد بطليموس الثالث في القرن الثالث قبل الميلاد ويعتبر من أقدم الآثار التي ورد فيها اسم (البجة) تحديدا أم بني عامر وبلو وبطيخ ؟
وهذا غيض من فيض بالطبع.. ألا لا يجهلن أحد علينا فنجهل فوق جهل الجاهلينا
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
آمنة أحمد مختار
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست