أثابكم الله خيراُ حيث أوضحت في مقالكم الكثير والكثير عن المحك الذي يلاحق كهرباء السودان .. ومحنة الكهرباء بالسودان ليست بالجديدة .. فهي تلك القصة القديمة الجديثة المملة المزعجة التي أزعجت حياة الأجيال تلو الأجيال منذ خمسينات القرن الماضي .. وقد تعود الشعب السوداني أن يسمع تباشير الخير التي تبشر بتحسن الأداء في خدمة الكهرباء بالسودان منذ الاستقلال .. وخاصة تلك التباشير التي تواكب عادة إقامة السدود الجديدة .. فتلك أصبحت فرية معهودة ومن المضحكات المبكيات .. ويبدو أن حالة قطوعات الكهرباء بالسودان هي حالة تماثل الإدمان .. حيث تتم بموجب مخططات مسبقة من المسئولين عن كهرباء السودان .. ويبدو أن هؤلاء يضعون جداول قطوعات الكهرباء قبل أن يضعوا جداول إنتاج الكهرباء .. ولا يوجد تفسير آخر غير ذلك !! .
أقول ذلك القول لأنني لازمت أحوال كهرباء السودان منذ ستينات القرن الماضي .. ثم في مرحلة لاحقة لازمت أحوال الكهرباء في دول الخليج .. ثم في الشهور الأخيرة عايشت أحوال الكهرباء في الولايات المتحدة ،، تلك الدول التي نست كلياُ في مساراتها أن هنالك في العالم حالة تسمى ( قطوعات الكهرباء ) !.. والأعجب من كل ذلك أن معظم دول العالم اليوم تعطي أهمية قصوى لإمداد المستهلك بطاقة الكهرباء دون انقطاع طوال حياة المستهلك .. وأي انقطاع لطاقة الكهرباء ولو لدقيقة واحدة تكلف شركات الكهرباء المليارات والمليارات في مقابل التعويضات .. وطبعاُ ذلك الأمر من سابع المستحيلات في هذا السودان .
والحقيقة التي يجب أن تقال دون خشية أو استحياء فإن محنة قطوعات الكهرباء بالسودان لا تكمن إطلاقاُ في أعطال وعيوب تلك المحطات الحرارية .. فتلك أعطال تحدث في كل بقاع العالم دون أن تسبب قطوعات يتحملها المستهلك .. حيث تلك المولدات الحرارية الاحتياطية التي تعمل عند اللزوم دون علم ومسئولية المستهلك .. وكذلك فإن قطوعات كهرباء السودان لا تكمن إطلاقاٌ في مولدات المساقط المائية .. فتلك حجة أصبحت شماعة مزعجة لأهل السودان .. حيث الشماعة التي تزعج عند ارتفاع منسوب النيل .. والتي تزعج عند انخفاضه .. والشعب يعلم جيداُ أن هنالك دول كثيرة في العالم غير السودان تعتمد على كهرباء المساقط المائية ولا تشتكي من تلك القطوعات الكثيرة مثل السودان .. فإذن المشكلة الحقيقية في الأول والآخر تكمن في مقدرات ومؤهلات الإنسان السوداني المسئول عن إدارة الكهرباء .. والمسئول عن تطور وتقدم خدمة الكهرباء بالسودان .. وبالصراحة التامة فهو ذلك الإنسان العاجز الذي لا يواكب التكنولوجيا الحديثة .. حيث يبرر عجزه طوال السنوات بتعليلات غير منطقية وغير مقنعة .. بل هي مجرد تعليلات تخدع الإنسان السوداني العادي البسيط الذي يجهل مقدار التقدم الهائل في خدمة الكهرباء حول العالم .. وتلك محنة يواجهها الشعب السوداني في الكثير والكثير من الخدمات الفاشلة التي تقدمها الدولة وفي نفس الوقت تستغل جهل المواطن العادي البسيط .
الخلاصة أن الناس في معظم أرجاء العالم لا يهتمون ولا يسمعون ولا يعرفون الكثير عن محطات التوليد الحراري .. وكذلك لا يهتمون ولا يسمعون الكثير عن مولدات المساقط المائية .. فتلك المشاكل هي خاصة بشركات الكهرباء ولا دخل للمستهلك فيها .. وبالتالي فمن المضحك جداُ أن تجتهد شركات الكهرباء بالسودان لتحميل المواطن السوداني عواقب فشلها وإخفاقاتها وعدم مواكبتها لحالة التقدم التكنولوجي الهائل التي يشهدها عالم الكهرباء اليوم .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة