طور الفيلسوف الألماني "إيمانويل كانت" مفهوم القطيع البشري في كتابه "ما هو عصر التنوير؟"، ووفقا له، يتلخص هذا المفهوم عندما يكف الإنسان عن التفكير بنفسه وحياته ليضعها تحت حماية "الأوصياء" الذين يعتزمون بناء على هذا التخلي مراقبة تصرفاته وإملاء السلوكيات الصحيحة من وجهة نظرهم. وتشمل قائمة حراس قطيع "كانت" –الحاكم السيئ، الضابط، مسؤول الضرائب، الكاهن الذي يقول "لا تفكروا، أطيعوا، ادفعوا، آمنوا". ومن الملائم هنا أن نضيف حارس أخر، ألا وهو: الصادق المهدي، الذي يأمر حلفاءه بقوى نداء السودان: "أسحبوا تصريحاتكم السالبة عن "قحت" وعودوا سريعا لبناء الوطن وبناء السلام". عزيزي القارئ.. عندما، جعل كل من مني وجبريل وعقار، الصادق المهدي رئيسا عليهم في قوى نداء السودان قبل عدة سنوات، قلت حينها في مقال كتبته بالخصوص، ان المهدي سيعمل على استغلال هذا الموقع لتشتيت وتفكيك "المعارضة" بكل الوسائل والأساليب، وبعد ذلك سيأتي اليوم الذي يستفز فيه هؤلاء الذين نصبوه رئيسا عليهم وحملوه على أكتافهم وهم يرددون كلمات كــ (سير سير يا الحبيب الصادق المهدي ونحن معاك).. شاء القدر عزيزي القارئ ان يتحقق ما قلناه، فقد أمر الصادق المهدي، كل من مالك عقار ومني وجبريل وياسر بصفته رئيسهم في نداء السودان، في رسالة غاضبة بضرورة سحب بياناتهم الرافضة للوثيقة الدستورية الموقع عليها مع المجلس العسكري الجنجويدي. رسالة الصادق المهدي رئيس نداء السودان: الأخوة الأعزاء/ مالك ومني وجبريل وياسر وسائر الزملاء.. اجتمعنا في نداء السودان، وقررنا: 1/ مباركة التوقيع بالأحرف الأولى. 2/ الالتزام بما اتفق عليه في أديس أبابا دعماً للسلام، وإلحاق ذلك بالنص لدى التوقيع النهائي. 3/ أرجو تصحيح التصريحات السالبة، فالعلة إجرائية. 4/ التزمنا بتصحيح موقف الآخرين من الزملاء في الحرية والتغيير. 5/ مسألة السلام سوف تحتل مكانها اللائق من الأهمية. 6/ أرجو أن نعمل على إنجاح المرحلة الانتقالية، وهي على أية حال تتيح فرصاً أكبر للسلام. 7/ يجب تجنب أي انطباع أنكم في صف واحد مع المخربين الإسلامويين والشيوعيين، لأنهم هم الآن في صف واحد ضد فلاح الوطن. 8/ العالم الآن يقف مع عرس الوطن، وسوف يكون لهم دور مهم في بناء الوطن وبناء السلام. أخوكم.. (الصادق المهدي) إذن وكما تلاحظون أعزائي القُراء، فإن الرسالة المرسلة من السيد الصادق المهدي لرباعي نداء السودان، ليست رسالة عادية -أي رسالة رئيس تحالف سياسي لزملائه وشركاءه، انما رسالة شخص يفكر بعقلية السادة والعبيد. رسالة من السيد لعبيده وللموالين الأذلاء، فلمّا لا، فقد تهافت المذكورين عليه طائعين، ليجعلوه رئيسا عليهم، واضعين بأنفسهم الاغلال في اعناقهم والسلاسل في اقدامهم، ولبسوا شارة العبودية في مباهاة واختيال. ما ورد في رسالة الإمام الكذاب لمني وعقار وجبريل وعرمان، ليس شيئا غريبا أو جديدا، فالرجل يرى نفسه أحسن وأفضل خلق الله، ويعتقد أنه وُلد ليحكم وما على كل خلق الله إلا تنفيذ ما يريده هو وأسرته. لكن المشكلة والعلة هي في الذين يقفون طوابير طويلة، يتزاحمون رغم أنهم يرون بأعينهم كيف يركل الصادق المهدي عبيده الاذلاء في الداخل بكعب حذائه، كيف يطردهم من خدمته دون إنذار، كيف يطأطئون هامتهم له فيصفع مؤخرتهم باستهانة واستخفاف. هذا هو الصادق المهدي، وما ورد من كلام في الرسالة المذكورة في الأعلى، انما يعبر عن شخصيته وطبعه وأخلاقه والدين الذي يعتنقه.. لكن شركاءه وحلفاء الذين خاطبهم باحتقار وازدراء وعدم احترام ويأمرهم بسحب تصريحاتهم السالبة عن الوثيقة الدستورية، هل سينتقمون لأنفسهم ولو بكتابة بيان استنكار وشجب لرسالته المستفزة أم سيسمحون له يتمرغ على أقدامهم؟
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة