إن الأمن مطلبٌ أساسي لحياة الإنسان، وغايةٌ تقدم دونها الأرواح. وهو يصون النفس والنفيس. وبالتالي يضمن الحياة الطيبة لمن يعيش في كنف دولة من الدول. قال الله تعالى في كتابه الكريم: {فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً}: وقال النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم: (من أصبح منكم آمنًا في سربه معافى في جسده عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها). ولذلك تسعى كل الأمم والشعوب إلى تحقيقه، وتبذل حكومات الدول ميزانيات ضخمة لتوفيره على أعلى وأفضل المستويات، بل نجده علامة واضحة على رقي وتقدم هذه الدولة أو تلك، ودليلا على إمساك الدولة بزمام الأمور في محكوميتها من بشر ومبانٍ وثروات وموارد، وما يتبعها ويرتبط بها من مسؤوليات. وهو في النهاية المظلة التي يمكن تحتها تحقيق التطوّر والازدهار، والوصول إلى النمو والارتقاء في جميع المجالات: الاقتصاديَّة، والاجتماعيَّة، والعلميَّة، والعمرانية، والطّبية، وغير ذلك. والعكس تماما في حال انعدام الأمن، وفقدان الاستقرار. أولا: لقد انتشرت جرائم عديدة ومختلفة الأساليب خلال السنوات الأخيرة، ولم تسلم منها بقعة من بقاع الوطن. ومع الجهود التي تبذلها وزارة الداخلية السودانية يظهر الخلل واضحا في أجهزة الشرطة السودانية في جميع المدن على الرغم من المبالغ الباهظة والمخصصات التي تصرفها الدولة على جهاز الأمن. الأمر الذي ينبيء وبشكل محبط ومروع عن خلل كبير بل فشل ذريع في أعمال جهاز الشرطة. ثانيا: لقد روعت عاصمتنا الخرطوم بجريمتي قتل خلال أسبوع واحد، إحداهما ارتكبها أفراد الشرطة أنفسهم في تعدٍ سافر على مواطن سوداني. ونحن إذ نكتب في هذا الشأن الأمني "الشـُرَطي" إنما ندرك تماما شرعية استخدام السلاح الناري والشروط والمعايير القانونية لاستخدام قوات الأمن للسلاح الناري وفق نظم القرار رقم 156 لسنة 1964 الصادر عن الأمم المتحدة، والذي كانت تنتهجه وتلتزم به حكومات السودان منذ الاستقلال. (The use of a weapon by a policeman is permitted when a defendant is resisting upon arrest when he is “caught red handed” or trying to escape. The police must give a verbal ultimatum before using any fire weapon. If the warning is not heard, then the police is allowed to fire in an open space as a warning. Or if the indicted person tried to escape then the lethal forth is allowed.) إن استخدام الشرطي للسلاح مسموح به عند مقاومة متهم للقوات عند القبض عليه في حالة تلبس أو عند محاولته الهرب، إذ توجه الشرطة له إنذارًا شفويًا بصوت مسموع قبل استخدام السلاح الناري، وإذا استحال سماع الإنذار تطلق الشرطة النار في الفضاء كتحذير، وإذا استمر الشخص فى مقاومته أو محاولته الهرب فإن التخلص منه بإطلاق النار نحوه مسموح به. وبناء عليه فإن حادثة الخرطوم تعدٍّ سافر من جهاز الشرطة على حرية المواطن السوداني وتعديا على أمنه دون مراعاة لشروط للمعايير القانونية الدولية. وبالتالي من حق أسرة الضحية مقاضاة جهاز الشرطة لدى المحكمة الدولية علما بأن وزارة الداخلية السودانية قد أصدرت بياناً جائراً، تعمدت فيه قلب الحقائق وتلفيق تهمة في القتيل برغم أن ماذكر من تهم، - وإن صَحَّتْ وثبتت - لا يعطي الشرطة الحق في القتل العمد. هذا إن لم نتحدث عن الناحية الشرعية التي تبريء الضحية بل تقتضي إقامة الحد في القاتل. أما الجريمة الثانية التي روعت البلاد، وكشفت عن فراغ كبير في أجهزة الأمن فهي جريمة قتل بشعة شهدها حي شمبات بالخرطوم بحري ليلة الخميس الماضي، راح ضحيتها ثلاثة مواطنين سودانين على أيدي ليبيين لاجئين في السودان، في جريمة يتجسد فيها وفي طريقة تنفيذها معنى البشاعة والفظاعة. ومع ما تردده وسائل الإعلام من أن مباحث شرطة ولاية الخرطوم قد نجحت في مداهمة مسرح الحادث، والقبض على المتهمين في غضون ساعات قلائل إلا أن الحقيقة غير ذلك. فالشرطة لم تصل إلا بعد تعفن الجثث، وبعد أن أزعجت رائحة الجثث الجيران، الذين بدأوا بالتحرك وتبليغ الشرطة. مما يعني أنها وصلت عقب ارتكاب الجريمة بوقت طويل. وبناء على ما تقدم فإننا كأمة سودانية أثقل كاهلنا تجاهل دولتنا لحقوق الإنسان السوداني والإهمال الناتج عن ضعف الأداء الأمني والشرطي في الشارع السوداني فإن الشعب السوداني كله يدين ويستنكر تهاون الاستخبارات والشرطة في الشارع السوداني في الوقت الذي يكثف فيه الأمن، وتصرف عليه آلاف الدولارات إذا أعلن الشارع عن تأهبه لتظاهرة واحدة.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة