:: قبل أسابيع، كتبت عن إثيوبيا التي تمضي حكومتها بخطى ثابتة نحو ( نهضة شعبها)، وقلت أن هناك دولة مؤسسات و قوانين بحيث لا تتأثر البرامج والخطط والغايات والأهداف بإقالة زيد أو تعيين عبيد.. وعلى سبيل مثال للنجاح الاثيوبي، كان خبر الأمس الذي صدرت به صحف الخرطوم بالنص الآتي : أكد المتحدث باسم الخارجية الأثيوبية أن استثمارات السودانيين في أثيوبيا تحتل المرتبة الثانية - بعد الصين - من حيث (عدد المستثمرين)، وقال ملس ألم : (من بين المشروعات التنموية لدول الجوار يمتلك السودان 317 مشروعاً)..!!
:: ويوم أمس ذاته، حاور الأخ صلاح حبيب - رئيس تحرير المجهر - السيد أمين النفيدي، وسأله عن قضايا الاستثمار الوطني والأجنبي، فرد النفيدي بالنص : (قبل ثلاثة أشهر تم لقاء بإشراف نائب رئيس الوزراء للقطاع الاقتصادي ووزير الاستثمار مبارك المهدي، وجمع فيه كثيراً من رجال الأعمال وولاة الولايات لمناقشة عوائق الاستثمار، والناس تحدثت فيه بشفافية، وكان لأول مرة يستمر لقاء لمدة ثلاثة أيام، والناس توصلت فيه إلى حوالي أكثر من (51 توصية)، لو تم تنفيذها يمكن تكون مخرجاً لقضايا الاستثمار )..!!
:: ثم تحدث النفيدي عما أسماه بالتضارب في الدستور والقوانين بين السلطات المركزية والولائية والمحلية، وأن هذا التضارب يضع العقابات والعراقيل أمام المشاريع الاستثمارية حين تصل ( مرحلة التنفيذ)، وما أكثر النماذج بكل ولايات السودان ..هكذا المسافة بين بلادنا والجارة العزيزة إثيوبيا..هناك تجاوز حجم الإستثمار السوداني (3,4 مليار دولار)، وتم تصنيف السودان كثاني أكبر إستثمار أجنبي بعد القوة العظمى (الصين)، وذلك بعدد (317 مشروعاً).. و لكن هنا، فالكسالى في مرحلة الإجتماعات والتوصيات (51 توصية)، ثم ترسيخ تقاطع السلطات والقوانين ما بين مستويات الحكم الثلاثة .. !!
:: والأغرب هو أن فريق الفشل الاقتصادي يتحدث عن جذب الاستثمار الاجنبي، وذلك بعد تشريد الإستثمار الوطني ..نعم يومياً، تقرأ أو تشاهد فاشلاً يحاضرك عن جذب الاستثمار الأجنبي عبر الوهم المسمى بالبرنامج الخماسي .. علماً بان هذا البرنامج - المتواصل منذ عهد الفاشل الأسبق علي محمود - لم يفعل في اقتصادنا الوطني غير أن طرد منه المستثمرين السودانين إلى إثيوبيا وغيرها، ثم رفع قيمة الدولار فوق أشلاء الجنيه ، وساهم في تكاثر القطط السمان والتماسيح بقطاع المصارف و شركات الحكومة، ثم أخيراً أرغم البنوك على تحديد سقف السحب للعملاء من (حُر مالهم)، مع تجفيف الصرافات الآلية، وإصابة المستوردين بالإكتئاب..هكذا حصاد البرنامج الخماسي.. !!
:: ومع تهجير الإستثمار الوطني الى اثيوبيا وغيرها، تساهم سياسات البرنامج الخماسي أيضاً في ترفع الدعم عن السلع مع زيادة الجمارك والضرائب عاماً تلو الآخر، وكأن معاناة المواطن هي أهم ( أهداف البرنامج).. اثيوبيا تجذب الاستثمار الاجنبي بالحوافز، وبلادنا تطرد - حتى الاستثمار الوطني - بالبرنامج الخماسي .. برنامج أثاره لم تعد تخاصم المواطن فحسب، بل تجاوزت كل أعداء الوطن والمواطن فجوراً في الخصام ورغبة في الإنتقام .. والمؤسف أن الذين أوصلوا الوطن والمواطن إلى درك هذا الحاضر هم الذين يعقدون الإجتماعات والمؤتمرات، ثم يعدون الناس والبلد والمستثمرين بحصاد ثمار (51 توصية)..!!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
الطاهر ساتي
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست