|
Re: الثقافة و التغيير السياسي في السودان بقلم (Re: زين العابدين صالح عبد الرحمن)
|
كلمة السر هنا هي ( الهوية )،،، و إذا عرف السبب بطل العجب،،، فأن جل الأنظمة التي حكمت السودان منذ الإستقلال إلى اليوم هي انظمة قادمة من وسط إجتماعي يتبنى العروبة و الإسلام في المقام الأول و هو ما أورث تلك المجتمعات مجموعة من المتلازمات المعتلة في تركيبتها البنيوية الإجتماعية،،، أولها أن تبني العروبة جعل تلك المجتمعات تعيش اوهاما غلاظ و تنوء بحمل أثقل من وطأة الجبال عنوانه النقاء العرقي و إدعاء الطهر و المثالية و أصبح لزاما عليها التصرف على الدوام وفق ذلك، تماما مثل شخص مزيف ينتحل شخصية ظابط شرطة أو طبيب أو ثري، فلا خيار أمامه إلا الإستمرار في التمثيلية البائسة و أي شيء بخلاف ذلك يعني إنكشاف زيفه و بالتالي الفضيحة و الحرج!،،، فصار من الراسخ في عقلية ذلك المجتمع الظن بالأفضلية العرقية و إدعاء الصلاح الديني و الأخلاقي و غالبا ما يكون الأمر مجرد مظاهر ليس إلا و نفاق و تمثيلية ثقيلة متكلفة،،، و ذلك لأنهم و لسبب ما يعتقدون بأن العربي يجب أن يكون شريفا و غنيا و عفيفا و ود او بنت ( عز )!!، و أن يكون مثاليا و مطيعا للمجتمع الديني و الأبوي المتزمت و الإنطباعي التنميطي، رغم أن العرب الحقيقيين كانوا أهل هلث و نصب و خمر و ميسرة و طغيان و فجور!!، لذلك فهم يرصدون كل صغيرة و كبيرة من سلوك يصدر من أفراد مجتمعهم حريصين على إبقائه ضمن ذلك الإيطار القياسي المتوهم لود العرب و بنت العرب، و همهم الأكبر يتمثل في ضرورة الظهور على الهيئة الملائكية الإستعلائية المثالية أمام المجتمعات الأخري المساكنة لهم و التي يعتبرونها مجرد مجتمعات أفارقة و خدم يجب الظهور أمامهم بمظهر الطهر و النقاء و التفوق دوما و الأفضلية!،،، هذا الإحساس الجمعي الخادع بالضرورة قاد تلك المجتمعات المتبنية للعروبة إلى شيء أشبه بالتماسك و هو تماسك ظاهري زائف ناتج عن إنكار الذات و خلق عدو و منافس متوهم ليس إلا،،، كما خلق ذلك فيهم إحساس بالتطور و التقدم الإجتماعي و الإقتصادي و لكنه تطور لا يتعدى عن كونه مجرد تطور مادي طفيف لم يشمل سوى شرائح معينة في المجتمع بينما يحمل في طياته بؤس حقيقي متخفي و آخذ في الإطلال بوجهه القبيح أكثر فأكثر، لذلك فإن مجتمع كهذا يستحيل له أن يخرج من قوقعته أو يصيب قدرا من التطور مثل سائر الأمم لأنه مجتمع محجم و محكوم بأطر معينة لا يتخطاها و هذه بيئة مثالية لكبت الحريات و وأد الفن و الإبداع و محاربة الإبتكار و التفكير الحر و الإنساني المفضي إلى الرقي و التقدم،،، ففتاة الفيديو و الشباب الذين كانوا معها هم شباب رائعون و هم كذلك متصالحون مع أنفسهم، لذلك فأن أشخاص كالمدعو الطيب مصطفى و سحاق فضل الله و آخرون كثر في ذلك المجتمع التنميطي المتزمت الذي يتحكم به جيل الثلاثينيات و الأربعينيات يرغون و يزبدون و يملأون الدنيا صراخا للإقتصاص من اولئك الشبان الذين يمثلون تشويها و خرقا يعكر صفو اوهامهم حول مجتمع المثالية و الطهر و النقاء العرقي و الأخلاقي لمجرد رقصهم و تعبيرهم عن مشاعرهم!!،،، إن مثل هذه العقول العاجزة و الحائرة ترتكب دوما خطأها المعهود و هو محاولة فرض رؤى حقبة الثلاثينيات و الأربعينيات على شباب من جيل الثمانينيات و التسعينيات و الألفية الثالثة تحت غطاء من الأوهام و الأكاذيب ثقيلة الوطأة و المتكلفة!،،، أن هؤلا المتزمتين الذين إنتهى عمرهم الإفتراضي و لازالوا يصرون على تصدر المشهد الإجتماعي و إحكام القبضة على مسرح الأحداث و هم قاب قوسين أو أدنى من مواجهة الموت، يعجزون عن إستيعاب أن أجيال الثمانينيات و التسعينيات و ما دون ذلك هم أجيال جديدة تماما و مختلفة و تريد أن تحيا في مناخ سوي و طبيعي و خال من الأثقال و الأوزار و الإدعاء و التكلف، فمتى يخلي هؤلا الجراثيم المريضة لهم الساحة؟!!،،،
إن إنسان الهامش بطبعه و لأسباب و عوامل عدة يميل إلى التلقائية و عدم التكلف و التنميط، و هو بطبعه متصالح مع نفسه و يعي و يفهم الديمقراطية بالفطرة و يحب الحرية و لهما في نفسه مكانة علية، بالرغم من أن مجتمعات و أنظمة الحكم ذات العقل الرعوي و المتكلفة لم تترك لأنسان الهامش مجالا إلا و حاربته فيه و أصرت على إفقاره و محاولة محو ثقافاته و قيمه الإنسانية الفطرية و زرع مكانها عقدا ليلحق بعقدها الرعوية الذاتية التي لا حصر لها ليعتلي في الأخير مثلها خاذوقا مضببا لا فكاك منه!!.
|
|
|
|
|
|
|
تعليقات قراء سودانيزاونلاين دوت كم على هذا الموضوع:
at FaceBook
|
|