تعليق المفاوضات لأجل غير مسمي كما جاء علي لسان ثامبو أمبيكي وسط صمت من اعضاء المجتمع الدولي كان إشارة واضحة من أن الخيار العسكري قد أعلن رسميا و بمؤامرة من الآلية الأفريقية و النظام و بعض أعضاء المجتمع الدولي في قضية دارفور و المنطقتين ، مفاوضات أديس كشفت لنا إلي أين وصلت مفاوضات النظام مع المجتمع الدولي الذي أضحي حليفهم الإستراتيجي في السودان و بعد أن إستجاب لجزمة مطالبهم التي تؤهله لذلك فالنظام ليس ساذجاً لتلك الدرجة فهو يعلم سلفاً ان الدعوة لأي إنتخابات سوف تلقي مقاطعة من جميع الأحزاب السياسية و كان لابد من أن يكون هناك تقديم يسبق التنفيذ فإبعاد الإسلاميين من السلطة و إغلاق المراكز الإيرانية و المبادرات الحثيثة للتطبيع مع إسرائيل و الدعوات الفاترة و العصماء التي ظل يرددها النظام للمعارضة و المشاركة في حكومة قومية و ديمقراطية سافنا فقيرة و غيرها .
لم يبقي للنظام سوي التجاوب مع قرار مجلس السلم و الأمن الأفريقي و كان بإمكان النظام أن يرفض القرار لولا أنه خشي عرض ذلك لمجلس الأمن مما يمكن أن يعرقل للنظام فدعي لحوار الوثبة و عندما وجد أنه يحاور نفسه قبل بالقرار و شارك في المفاوضات كتسجيل موقف ليس إلا و ليس من أجل السلام و الإستقرار و شئ آخر و هو الأهم في الجولات التفاوضية الأخيرة و الذي تمكنت من إستخلاصه من البيانات التنويرية حول ما دار في غرف التفاوض و الملفات التي دار النقاش حولها .
لا يمكن لنظام يقصف المدنيين في جبال النوبة و النيل الأزرق و في دارفور بطائرات " الإنتنوف " حريص على تقديم المساعدات لهم أكثر من إبادتهم فملف العون الإنساني و النقاشات التي دارت حول المسارات كان الغرض منها تحديد مواقع قوات الجبهة الثورية و قد أشرت في مقالة سابقة قبل إعلان إنهيار المفاوضات بعنوان " التمثيل الدبلوماسي و المصالح و المفاوضات " و تطرقت فيها لوفد النظام ، فالنظام ارسل ضباط مخابراته و بمساعدة أعضاء المجتمع الدولي لجمع معلومات و ليس للتفاوض و قد أشار أركو مناوي من أن هناك نية مبيته في واحدة من تصريحاته ربما أنهم شعروا بذلك .
اعلان المحكمة الجنائية الدولية اليوم للبحث عن شهود عيان في مناطق بعينها في دارفور و الذي حددت فيه شروطها لا يخلو من أنها تريد الزج بقيادات الحركات الدارفورية في جرائم النظام و إلصاق التهم بهم و التضييق عليهم و الحد من حركة هذه القيادات ، فالمشهد السياسي و العسكري السوداني سوف يشهد فصلا جديداً من التضييق على الناشطين و الإعتقالات و التصعيد العسكري في دارفور و جبال النوبة و جنوب النيل الأزرق و الغرض هو إضعاف الجبهة الثورية و احراز مكاسب للنظام في أي جولات تفاوضية قادمة بعد إنتهاء الأجل الغير مسمي الذي اعلن عنه أمبيكي .
خيار الانتفاضة في ظل هذا التشرذم و الإنقسام الذي تشهده الأحزاب السياسية أعتقد أنه خيار بلا أي حسابات مما يدفع بعض القيادات لتخويف الناشطين و تذكيرهم بالسيناريو السوري و الصوملة و خلافه مع ان كل الظروف ملائمة لقيام إنتفاضة شعبية ، فمع التصريحات السالبة و عجز قيادات المعارضة في رص الصفوف و جمع الشمل سوف نشهد مواجهة أكثر شراسة بين الناشطين و قيادات الأحزاب من جانب و مع النظام من جانب آخر مما يزيد من دموية المشهد .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة