هرع حزب البشير الي عقد اجتماع لما يسمى بأمانة العضوية قبل يومين، وذلك بعد ما تناول المحللون على المستوى المحلي والإقليمي مالات وحالة الحركات الإسلامية في المنطقة وعلاقاتها بالدولة والحكم. واعتبر الغنوشي من أهم مفكرين الحركات الإسلامية في العالم والشرق والوسط تحديدا، لذا فإن ما قام من به خطوة نوعية في نقل الحركة الإسلامية إلى مربع الدعوة، يعد زلزالا كبيرا في مفاهيم واستراتيجيات حركات الإسلام السياسي الرامية إلى الوصول للحكم وتحقيق حلم الأمة الإسلامية.
فقد نشرت صحيفة الجريدة بتاريخ 29مايو، خبرا حول اجتماع أمانة العضوية للمؤتمر الوطني، في نادي الضرائب في الخرطوم لمناقشة وضع عضوية المؤتمر الوطني. وكل المناقشات التي نقلتها الصحيفة كانت في الواقع مؤشر على الهزة الكبيرة التي يعيشها الحزب. فهناك جزء من الأزمة الداخلية للمؤتمر الوطني يعد مرتبطا بالوضع الاقتصادي المتردي ونقص كيكة التمكين والفساد للسماسرة وأصحاب المصالح مع تزايد الانهيار الاقتصادي للبلد. وبدا هذا جليا في نقاشات الاجتماع حول اشتراكات العضوية. وأي اشتراكات للعضوية، لحزب أو مافيا تمتص دماء الدولة والمواطن وتصرف مباشرة من خزينة الدولة بلا رقيب أو حسيب. ان ما تحاول أن تقوله عضوية المؤتمر الوطني هو ليس ضعف الاشتراكات بل هو ضعف العضوية وتفاعلها. فليست العضوية هي التي تدفع للحزب بل الحزب هو الذي يدفع للعضوية.
اما الجانب الآخر لاجتماعات أمانة عضوية المؤتمر الوطني فقد تجلى في تصريحات توجيهات العرابة الشيخة سامية أحمد محمد نائبة رئيس البرلمان، والتى تحدثت بكل صراحة عن أن( العضوية في الحزب يجب أن تكون درجات) فلا يجب أن يتساوى أصحاب المصالح مع العضوية القديمة على حسب نقل الصحيفة. أما احد قيادات المؤتمر الوطني فقد علق قائلا إن الحزب له تجربة مختلفة ولكن لا يجب إنكار أن العالم يتغير وان تغييرا وإصلاحا يجب أن يشمل الحزب. كما نقلت الصحيفة عن الشيخة ساميه انها " نوهت الى التغيرات السياسية في المحيط العالمي والأقليمي وتوقعت ان تتغير تبعا لذلك كل مكونات العمل السياسي لجهة أن الاحزاب لم تعد الآلية الوحيدة للانتخابات مما يستدعي تغيير داخل الحزب لقيادة عملية الاصلاح ." ان المؤتمر الوطني يتحسس الأرض من تحته ويعلم جيدا أن المياه تحت الجسر قد تغيرت وان الفيضان الرافض للحركات الإسلامية في المنطقة باعتبارها أحزاب سياسية سيغرقه إذا لم يتحرك لإنقاذ نفسه. الأمر الذي يوضح محاولات البشير الي إنجاز الوثبة التي احد أهدافها هي عملية صناعة كيان سياسي لا يعتمد فقط في تكوينه على المؤتمر الوطني حتى يستطيع التعايش مع تغيرات الأوضاع في المنطقة والمرور من امتحان التبرو من الحركات الإسلامية، الذي يضمن له دعما خليجيا ومصريا يضمن بقاءه بقوة الضغط الإقليمي وقوة السلاح.
ان تغييرات الغنوشي الحالية لن يقتصر أثرها على هزة الحزب على مستوى التنظيم بل إن أثرها الأعمق هو على البناء الفكري للحركة الإسلامية ككل والتي فقدت منظرها الترابي الشخص الوحيد القادر على ابتكار ونجر مخارج فكرية تساعد أوهام الإسلامية على النجاة في ظل عالم متغير. وعليه فإن هذه المراجعات التي بدأها الغنوشي وضعت تحدي أمام المؤتمر الوطني ككيان سياسي يجب أن يجد لنفسه أسس ومبررات فكرية وعقدية جديدة لمنسوبيه اولا، ليحافظ على من تبقى منهم مخلصا للفكرة وليس للمصلحة الشخصية. ثم على الحزب أن يجدد خطابه الخارجي الذي يبرر به وجوده وموقفه من الإسلام السياسي الذي اعتبره الغنوشي مجرد مصطلح فضفاض لا قيمة له. وبالتالي فإن المؤتمر الوطني الان يعيش حالة غير مسبوقة من التفتت التنظيمي والاهتزاز الفكري يجب على المعارضة أن لا تفوتها وان تضرب هذا التنظيم الإجرامي في مقتل للقضاء عليه قبل أن يلتقط أنفاسه ويواصل مسيرة تدمير السودان.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة