الوداعة واللعنة (1) بقلم عماد البليك

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-23-2024, 08:15 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
06-06-2015, 03:19 PM

عماد البليك
<aعماد البليك
تاريخ التسجيل: 12-09-2013
مجموع المشاركات: 118

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الوداعة واللعنة (1) بقلم عماد البليك

    03:19 PM Jun, 06 2015
    سودانيز اون لاين
    عماد البليك -مسقط-عمان
    مكتبتى فى سودانيزاونلاين



    لا يحكى




    ارتبطت مفردة "الوداعة" بالفكر المسيحي، بل هي صفة مسيحية ضرورية ومن صميم كمال الإنسان، وفيها يكون الشخص قد بلغ اللطف والرفق بالآخرين، وقد نسب إلى سليمان الحكيم قوله إن "اللسان اللين أو الوديع يكسر العظم". وهذا يعني من منظور تأملي أن الوداعة لا تعني الضعف بقدر ما هي صفة تجمع بين رقة الطبع والقوة، فالوديع إنسان مسالم وجميل ولكنه قوي وله رباطة جأش وقدرة على التدخل في الوقت اللازم وبحسم، كما أن قوته من معرفته وعرفانه وليست من بنيان وجسم وهيكل طائش.
    ثمة عبارة مشهورة للمسيح عليه السلام قال فيها "الودعاء يرثون الأرض"، وفي ثنايا الفكر المسيحي إشارات إلى أن الوديع "يقبل بتواضع مقاييس الله في كل مجالات حياته الخاصة، فهو لا يصرّ على العمل وفق نظرته الشخصية او آراء الناس الآخرين، كما انه قابل للتعلُّم،‏ اي مستعد ليتعلم من الله.. وقد ورد في المزامير الداودية "يدرب يهوه الودعاء في الحق ويعلم الودعاء طرقه".
    في عدد أول من صحيفة اسمها (الأحداث) لخالد فرح ناشر صحيفة السياسة، وهو عدد يتيم كان من المفترض أن يصدر صبيحة 30 يونيو 1989 بتولي البشير السلطة، كتب الكاتب السوداني والقاص الرائع الراحل جمال عبد الملك (ابن خلدون) استراحة في الصفحة الأخيرة من ذلك العدد الذي صودر في ذلك اليوم كغيره من الصحف المصادرة والموقوفة، مقالا بعنوان (الودعاء في الأرض) وأعيد نشر المقال الذي هو بمثابة نص أو قصة قصيرة مكتملة الأركان في مجلة (حبابكم) للخطوط الجوية السودانية عدد يناير – مارس 2002.
    يروي هذه الحكاية الصحفي والكاتب جمال عدوي في مقال نشره بصحيفة الوطن القطرية في 14 نوفمبر 2014 إذ يكتب: "بعد أيام كنا على موعد مع ساعة الصفر، ذهبنا عند الأصيل إلى (مطبعة جريدة السياسة) لوضع اللمسات الأخيرة على العدد الأول. بعد ساعات رأينا العدد مطبوعا وهو يحمل عنوانا لا ينسى: «الصادق: إذا فشلت فلن أشيع باللعنة!». في ذات العدد كتب الراحل جمال عبدالملك بن خلدون مقالا خفيفا (استراحة) في الصفحة الأخيرة عنوانه: «الودعاء يرثون الأرض»، وبعدها بساعات فوجئنا بأن كباري العاصمة المثلثة كلها قد أغلقت فقد كان هناك تغيير سياسي جديد بالبلاد هو التغيير المعروف بـ«الإنقاذ الوطني» في الثلاثين من يونيو 1989.. ومن يومها وحتى الآن لم يصدر أي عدد إضافي من تلك الصحيفة".
    وكأن ذلك المقال كان بمثابة رسالة من الراحل ابن خلدون، بنبوءة الأدباء وروحهم الفياضة وبعده القبطي بثقافته المسيحية الذكية، ليعلن لنا ألا يأس فثمة يوم سوف يرث الودعاء هذه الأرض وينتشلونها من العذابات. لا تبكوا على الأمس وعلى القادم وانتظروا تلك الإشراقة القادمة. ومن المفارقات أن العنوان الذي حمله العدد كما في إشارة "عدوي" هو تلك اللعنة التي كان يخشاها الصادق المهدي، ولا ندري إن حلت أم لا. فهذا التجاور ما بين الصفحة الأولى والأخيرة جاء بالمفارقة التي حملت ما يشكل طابعا مستقبليا قادما وأكيدا من العذابات. ما بين اللعنة والوداعة.
    والغريب أن ذلك المقال/ النص الذي سوف أقوم بتشريحه كنص إبداعي، فيه مكتنزات للروح الإنسانية السودانية وفيه ما يحمل من الدروس والعبر، كان قد أشار في خاتمته إلى ما يعرف بـ "الحاسة السادسة" إذ كتب ابن خلدون بأسلوبه اللماح والبسيط في تراكيبه: "إن هناك مجالا يحيط بالإنسان – كل إنسان – وينشر حوله موجات من المودة أو موجات عدائية والحيوانات والأطفال والناس البسطاء يلتقطون هذه الموجات بفطرتهم، ويترجمونها بسلوكهم نحو الآخرين.. ومن لديه حاسة سادسة نشطة يمكنه أن ينظر للبشر كأنهم كائنات زجاجية ولن تخدعه الابتسامات والأمتعة والكلمات المعسولة عن المحتوى الحقيقي.. ومن الأفضل أن تكون مع الحمائم الوديعة وليس مع الصقور الجارحة. فالودعاء يرثون الأرض".
    وليس من قبيل المبالغة أن ذلك الختام يُوِّجه صورة للمقبل من الأيام.. كأنها رسالة وداع تقول ترقبوا سنوات قاحلة ليس لكم فيها إلا أنفسكم، وبما يشبه اللغة اللاهوتية وإفادات المسيح فالقول يمكن أن يكون.. "سوف تذرف السماء عليكم الشهب والنيازك وتأتيك الأرض بالغلواء والشر.. وسوف تأكلون خشاش الأرض والعجين المر وتنامون في ليال بلا أقمار وتستيقظون على شموس حارقة.. فتطوعوا للرب كي يخرجكم من هذا البلاء.. فتربوا وربوا أبناءكم على الوداعة".
    إن الأدب والفن عموما لديهما من الطاقات التبشيرية بالمآلات، ليس لشيء يتعلق بعلم الغيب في ذات الكائن البشري، وإنما لأن المعرفة والإلهام أحيانا يطرزان صورا للمستقبل من خلال الإدراك اللاواعي للإنسان، فالطبقات اللامرئية من وعينا تتحدث مع نفسها وتشير إلى النتائج وتحلل. بما يشبه الحواسيب التي تدير وتقوم بالعمليات المعقدة دون أن يظهر ذلك جليا على الشاشة، التي تكتفي فقط بأن تتلقى النتائج النهائية، لتلك الأمور المعقدة.
    ويبدو أن علاقة العقل البشري بالواقع هي بهذا الشكل، لاسيما إذا كان الإنسان يوظف الطاقات الزائدة أو تلك التي تكون عند البعض معطلة وغير ذات اهتمام بها، سواء عرفت بالطاقة أو الحاسة السادسة أو غيرها. كالتي أشار إليها ابن خلدون والتي يتطلب التسلح بها لمواجهة المرحلة القادمة والغامضة والتي أصبحت حقيقة ماثلة بعد آن من الزمن. بل أن ربع قرن كامل مرّ كأنه حلم أشر، لم يجن منه الناس سوى المرارات والغيوم الكاذبة.
    لقد أشار ابن خلدون إلى الوداعة كمفهوم وقياس وتطبيق ضروري لصلاح الإنسان وقدرته على التعايش مع العالم من خلال صورة البطل التي طرحها في النص (القصة القصيرة) وإن كان يبدو كما لو أنه يتكلم عن تجربته الشخصية. وهو يصور لنا هذا الرجل كما لو أنه فنان، هي صفة اطلقها عليه مصاحبه في أحد المطارات أو مضيفه سائق السيارة الحكومية في البلد الذي يزوره البطل، والذي رأى كم هي رثة حقيبة صاحبنا، وهما ينتظرانها في سير الحقائب.
    ".. ثم سألني:
    هل أنت فنان؟
    فقلت له: تقريبا.. الكتابة.. فن.."
    ثم يمضي جمال عبد الملك يكتب: "فهز رأسه ورفع الكلفة بيننا.. فقد وجد تفسيرا لمشهد هذه الحقيبة الرثة. الفنان مخلوق غريب الأطوار زاهد في الدنيا.. مهموم.. والناس يحبون تصنيف الناس الآخرين ولا يستريحون إلا إذا وجدوا تفسيرا مقبولا"
    وكأنما ثمة إشارة إلى أن الوداعة صفة تلتصق بالفنان أو الرائي والمفكر.. وهي تلك الخاصية التي تجعله في نظر الآخرين يفقد القيمة بقدر ما يكتسبها في ظل عالم مادي يُقيِّم الأشياء على علات الكمّ لا الكيف. وبالتالي تصبح للوداعة صورتها أو هيئتها أو تجليها الخارجي في شكل الإنسان ومرئياته وحركته وسكونه..
    وللقصة بقية..
    mailto:[email protected]@gmail.com

    أحدث المقالات
  • مأزق طهران الکبير بقلم منى سالم الجبوري 06-06-15, 07:57 AM, منى سالم الجبوري
  • سؤال مغيّب ينتظر جواب الأردن عليه بقلم نقولا ناصر* 06-06-15, 06:30 AM, نقولا ناصر
  • وفر الماء، اشرب البيرة!!! بقلم فيصل الدابي/المحامي 06-06-15, 05:53 AM, فيصل الدابي المحامي
  • الفكر القومي العربي والإستعصاء المزمن بقلم حسن العاصي كاتب فلسطيني مقيم في الدانمرك 06-06-15, 05:51 AM, حسن العاصي
  • نحو تأسيس التجمع العالمي لنشطاء السودان على الفيسبوك ومواقع التجمع الاجتماعي بقلم د. حسين نابري 06-06-15, 05:48 AM, حسين إسماعيل أمين نابرى
  • من ذكريات أيامي التي قضيتها في مصر المحروسة، وقاهرتها الفاطمية بقلم كامل سيد احمد 06-06-15, 04:33 AM, كامل سيد احمد
  • أكبر مقلب في العالم!!! بقلم فيصل الدابي/المحامي 06-06-15, 04:30 AM, فيصل الدابي المحامي
  • الشعب السودانى الأن:بين مطرقة حكم المؤتمر الوطنى غير الرشيد وسندان الحركات المسلحة التى تطالب بالحكم 06-06-15, 04:27 AM, يوسف الطيب محمد توم
  • لردم الهوة المعرفية والسلوكية بين الأجيال بقلم نورالدين مدني 06-06-15, 04:25 AM, نور الدين مدني
  • دائِرة الجحِيمْ والرُعبْ والموت- الهجمات العسكريّة العنِيفة أذتْ الضمير الإنْسانِى كثيرا- جِبال النُ 06-06-15, 04:23 AM, حماد سند الكرتى
  • يدكم يا شباب ، ادونا دفرة! بقلم فيصل الدابي/المحامي 06-06-15, 04:21 AM, فيصل الدابي المحامي























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>

تعليقات قراء سودانيزاونلاين دوت كم على هذا الموضوع:
at FaceBook




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de