لو كنا نعلم الخير في بديل لما مكثنا في العذاب المهين !
تجارب خضناها مرارا وتكراراَ ، ولو علمنا مقدار ذرة من خير في أي متربص من هؤلاء المتربصين لما سكتنا عن ذلك العذاب ، فلا تبشرني أيها المبشر بتلك الكلمات الفضفاضة الخادعة ، هؤلاء الذين تنادي لكي يكونوا في الساحات مرة أخرى عرفناهم جيداَ وسكنا معهم في خيام البؤس والشقاء مرات ومرات ، فلا تنادي بما لا يفيد بأوهام الكلام ، في تجاربهم السابقة العديدة كانت الويلات تلو الويلات بمعدلات تفوق خيال الإنسان ، هؤلاء الذين أوصلونا إلى عوالم الصفوف والجوع والبحث عن لقمة العيش في براميل النفايات ، البلاد في عهودهم تراجعت إلى معدلات لا يتخيلها الإنسان ، البلاد في عهودهم أصبحت شبه صحراء قاحلة من أية علامة توجد الحياة للبشرية ، تلك المرحلة من الضعف والهزال التي وصلت إليها البلاد في يوم من الأيام في عهود وتجارب هؤلاء المتربصين ، الذين أضاعوا الأوقات في كل التجارب السابقة في المصالح الذاتية والتناحر والتنافس في الفارغة ، وأوصلوا السودان إلى مسميات السودان رجل أفريقيا المريض ، نعم نقر ونتفق معك بأن الوضع القائم هو من أوجع وأفسد النظم التي مرت بها البلاد ، ووصلت معدلات السلبية فيها إلى أعلى المعدلات في تاريخ البلاد ، وانتشرت فيها قوائم الفساد بدرجة لم يسبق في تاريخ السودان ، ومع ذلك فشتان بين الحياة والموت ، شتان بين نظام قائم فارط يوجد الحركة العنيفة بالسلب أو الإيجاب ، يوجد الهيبة كما يوجد الخذلان ، يخيف من يستحق ومن لا يستحق ، يوجد المال ثم يوجد السارق ، يوفر معاول البناء كما يوفر معاول الشقاء ، يوجد أسباب الموت ثم يقتل الصالح والطالح ، يوجد عدة الفساد ثم يفسد بالمرصاد ، وشتان بين هؤلاء الهياكل المتربصة الكالحة الهزيلة ، التي ما أن تبدأ في مشاويرها إلا وتلك الأحوال المهلكة ، وإلا وتلك بيوت البكاء والعزاء ، ترافقهم دائماَ حالات النحس والبؤس والفقر والشقاء ، وتلك البلاد في رفقتهم تتراجع بسرعة مهيبة ، ثم تفقد أي معلم من معالم الحركة بالخيرات أو الشرور ، فلا يتوفر في معيتهم ما يفيد الفقير الموز كما لا يتوفر ما يفيد السارق الناهب !! ، جدب في جدب ، وفقر في فقر ، ثم ذلك السودان رجل أفريقيا المريض ، فمن هو ذلك الأحمق الغبي الذي يرجو الحياة في ساحات تلك القبور مع رفقة هؤلاء ؟؟ ، ونجد دائماَ من يكرر تلك الكلمات التي لا تقدم ولا تؤخر حين ينادي ويظن الإجماع في المواقف ، وذلك هو المحك الأعظم ، فالناس بأغلبية لا تناصر هؤلاء ولا هؤلاء ، وهي التي مرت بتلك التجارب المريرة في جولات سابقة ، وتلك تجاربها ومواقفها الشجاعة في الماضي حين كانت تؤمل الخيرات في البديل الجديد ، فقد تمكنت في إسقاط نظم ديكتاتورية قاهرة مرتين ، في الوقت الذي كانت الساحات العربية فيه تجهل مسميات الربيع العربي ، ولكن ماذا كانت المحصلات ؟؟ !! ، المحصلات كانت تلك الخيبة والمهزلة والخذلان بأيدي هؤلاء الذين يتربصون الآن ليكونوا فوق كراسي السلطة ، وحين ينادي المنادي من جديد في جولة أخرى في ألوان النضال تسري قشعريرة الخذلان في دماء الناس وفي الوجدان ، حيث ذلك البديل المخزي الذي يتربص بالمرصاد ، والذي يريد أن يعود بنا للمربع الأول في لعبة النار والجمرات !!، ولذلك نجد الأغلبية الساحقة من الناس تلتزم الصمت رغم أنها تعاني الويلات ، وهي ترضخ بين نارين ، نار نظام قائم قاهر فاسد جبار ونار متربص هزيل كالح مقيت ممقوت بالفطرة ، وعندها لسان حال الناس يقول مالي ومال الخوض في سيرة فرسان جهنم !! .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة