|
|
 استثمارات أم عبث ..! العوض المسلمي
|
استثمارات أم عبث ..!
الاستثمار الزراعي، حدِّث ولا حرج، يدور في السودان حول حَلقة مُفرَغة! مُحزن جداً أن تكتب في شأن واضحكالاستثمار الزراعي، في بلدٍ تمثّل الزراعة صِنعة وتراث أغلب سُكّانِه، ولا تجد ناتج ولا وَفرة ولا حتى أمل. مُحبطللغاية أن يكون الفشل هو سيِّد الموقف، في جانب الاستثمار الزراعي في السودان. زارنا الرئيس الصينيالسابق، في إحدى احتفالات الإنقاذ بضخ البترول. كانتزيارة مشهودة، عبَر خلالها البشير وضيفه الكبير، عليالقُرى الممتدة من بحري وحتي قـَرِّي، بلد المصفاة لبترول السودان. نعلم أنّ الصينيين ناجحو اقتصادياً، فلايضيعون فرصة إلّا ستثمروها. بالطبع، فقد لاحظ الضيف الكبير، أن الارض منبسطة، مسطحة، بـِكر، ليس بها إلا قليل خَضرة! كأنما تشكو مَنْ يفلحها؛ فقال مداعباًللرئيس البشير: ( إذا لم تستطيعوا استغلال هذهالأراضي، اعطونا إياها لنزرعها )..
نفس الحديث بطريقة أخرى، حيث جاء من السفيرالقطري السابق ( الحامد ) عند حفل وداعه " إن الله لنيحاسبكم علي هذه الأرض الزراعية، لأنكم أعدتموها كماأعطاكم إياها ". هذان الرجلان الرسميّان، كانا يتحدثانعن ولاية الخرطوم، وما عرفا أن كل السودان هكذا هيَأراضيه..! فالماء، ومنه كل شيءٍ حَي، يعبـُر السودانمن أثيوبيا حتي وادي حلفا، ومن يوغندا حتي حيثيشكِّل نهر النيل في مُقرَن الخرطوم. ماء وأرض بــــِكرعلي مدِّ البصر؛ ومع ذلك، فالمــُستــَغل من هذهالأراضي، يُخجِل ويُندي الجبين. فلا صرنا سـَلـــَّة غذاءالعالــَم، ولا اكتفَــيْنا ذاتيا ..! أصبحنا للأسف نستوردحتى الطماطم والثوم، بل والكثير ممــَّا لا نحتاج إلىاستيراده ..
لعلَّ هذا التقصير، هو الذي دفَع بوزارة الاستثمار للبحثعن حلِّ خارجي. رغم أن هناك حلول محليّة من المُمكِن إنفاذها؛ فكان فتح باب الاستثمار الزراعي بلا دراسات وبلا بحوث ولا أيّ تـَقصِّي. فقد بعثت وزارة الاستثمارالوفود إلى الدول العربية والشركات، طالبة منهمالحضور إلى الاستثمار الزراعي في السودان، وكفى..!أتي المستثمرون العرب يسبقهم الوسطاء وأصحابالعمولات ( الكوميشينات )، فتمّ منحهم آلاف الأفدنة، وفي أفضل المناطق الزراعية ( اغلبها لها ملاك ويزرعونهامن عهدٍ قديم ). كذلك تطوّعت إدارات الاستثمار، إن لم نقُل ترخَّصَتْ، بالإعفاءات الجمركية والضريبية والزّكوية؛ بل حتى رسوم التسجيل الإداري العادي (ويُطالب بها المزارع الوطني) تمّ تخفيضها للقادمين من المستَثمرين وتابعيهم بالمصالح. توزّع المنح الشّهم! على كل الأراضيفي كل ولايات السودان. ما إن يتمّ توقيع عقودات هذهالأراضي، ويقبض الوسطاء لعمولاتهم، حتى توضعحواجز أسمنتية أو تُرابية أو أسلاك شائكة..! مع غرفةللحارس. وربما يتطور بعضهم بالامر غِشــَّاً، بأن يقوم بزراعة خمسة أفدنة، ويــُنصِّــب أدوات رشِّه للسُــقيا عند مدخل المشروع ..! دون أن يهمُّه بأن ما أقامه منحواجز، قد يمنع الرعي والتحطيب ويُضيِّق على الذين ضاقوا باستثمارٍ بوبار؛ لتظلّ الأرض كما هي، بسيطة، مسطّحة بِــكر، وعليها قليلٌ من زرعٍ أو بطيخ ..
لو التفتَ وزير الاستثمار إلى مواطنيه لحظة، وقدَّم البنكالزراعي والبنوك الأخري تمويلاً جادّاً للمزارعين. ثم تزامن الالتفات الرسمي والتمويل، مع إيقاف الرسوموالضرائب وكثير من المجبيات، لصارت الأرض خضراءمُثمِرة ولها ناتج وفير، فلن يفلح الأرض غير أصحابها،ولكن، طالما اختارت وزارة الاستثمار، والتي طال بقاءوزيرها، تلك المداخل الاستثمارية بلا أي تخطيط وبدون حِسٍّ تاريخي بما مَــرَّ من استثمارات زراعية لا تزيد السَّلَّة إلاّ خواءاً، فلا يسعُني والكثيرون إلاّ أن نتوجّهبمقترحاتنا، والتي نأمل أن تزيل العَوَج المُشاهَد، وأتمنى أن تجد مــَنْ يلتفت إليها من المسؤولين، وألاّ تكون صرخة في وادي الصدى كالعادة عند مسؤولينا.أرى من الصواب، أنْ يكون التصديق محدَّد بعددٍ لا يتمُّتجاوزه. أن تكون الأراضي خالية من الموانع، وألاّ تكونقد زُرعت من قبل. وأن يحدد نوع الاستثمار الزراعيوالحيواني، تحديداً بنوع المنتج. لايتغير خلال فترةالاستثمار. وأن يتقدَّم المستثمر بسيرة ذاتية توضِّح نوعشركته، وماهي خبراته السابقة في مجال الزراعة. أن يُلزَم المستثمر بأن يــُشغــِّل خريجين زراعيين سودانيين، وأن يــُعيــِّن عَمالة سودانية في الحراسة وأعمال الري.على أن تقوم الوزارة بزايارات تفتيشية. وبعناصرمتجددة ومُدَرَّبة. على أن تتمّ مراجعة النشاط الاستثماري دوريّاً، للوقوف مليّاً على مُخرجاته وجدواه .. اللهم هلبلــَّغت فــاشهد .. and#8203; ***
|
|
 
|
|
|
|
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست