|
|
 رسالة الى ابى خوجلى عبدالرحيم ابوبكر فى ذكرى ميلاده
|
بابا خوجلي أتذكر...
والدي ... روحي إليك تشتاق ... و قلبي لك يتاق ...
والدي علمتني الصبر على المحن ، و ما كنت مدركة أن محنتي فراقك ...
والدي دربتني الأدب الشديد المنصرم ... تهذيب نفس ... إصغاء روح ... و اندماج كيان ...
والدي فهمتني أن العلم نور و لكن تواضع الفكر قبس ...
والدي دفعتني للثريا و قلت لي ... ابنتي امرحي الكون بين يديك ...
بطموحك ارتق ،بالنزاهة تمكني و بعلمك أرس البناء ...
والدي يا روحا محبة لتبسم الطفل البريء ... تحن نفسك للصبا عند لهو الطفل الشقي ببناء قصر من رمال .
ترى أحلاما، ترى آفاقا، ترى جيلا جديدا يمهد للبناء ...
والدي تملأ عينك باندفاع الشباب، لطالما عشقت ثورة الشباب في حل قضية البلاد، ترى فيهم دماء تجري و عقولا مستنيرة ، تهدئها بسكينة حكمتك الكبيرة ...
لعمري إنك أول من رأيت يحترم النساء، تفخر بامرأة كستها العفة تمشي بعزيمة في سلم النجاح، وتذخر بأخرى وهبت روحها الدرّ بشقاء صامت فداء لتربية قويمة ...
والدي علمتني أن الأيام دول ... يوم لك ... و يوم عليك ... و لكن يكمن سر الحياة في التأقلم ... التأقلم ثم التعلم ثم حصافة تدريب لنفس لئيمة ...
والدي كم أنا مشتاقة لحديثنا الدفء في غمر أيامنا البرد في الكويت ...
حديث تنوع من مجادلة للتساؤل ... نبحر الدنيا معا في ثوان ... نغوص في خضم الحضارات العريقة ... تحكي عن أنماط البشر و نسترسل في السمر ... ثم تأتي سيرة السودان ... و آه يا بلد لفقدك خوجلي ابنك البرّ الوطن، عندما نحكي عن السودان تصيب والدي حالة نشوة من سلاف عبق اسمه حب البلد ...يتغزل في نواحيه، و يسرح في فيافيه ... يغزوك يا بابا الهذيان ... البلد البلد و عيلة أبوي عبدالرحيم ... تارة تذكرالنسيم و تذكر المطر و تارة أخرى تتذكر الحوش الكبير و جدتي أم الكرم ...
و نسترسل ... و نذهب لكلية غوردون القديمة ... كم أحببتها ... و كأنك تمشي على خطى جدي عبد الرحيم و تزامل روحًًًًا سيدي يوسف حمد النيل ...
علمتك جامعة الخرطوم يابابا فن التشاور و التحاور ... و هبتك الزمالة الأصيلة ... صداقة و أخوة متينة ... تبلورت معظمها في سجن كوبر ... سجنت فخرا لإيمانك بالحرية الحكيمة ...
لا أحزاب ... لا أعراق
ولكن نعم الوحدة الوطنية لتقدم السودان ...
وكما قال أنتونيوس عن قيصر الروم :
عندما بكى الفقراء رق لحالهم قيصر ...
هل هذا من الطموح في شيء ؟
والدي لن أنسى أبدا دف خطواتك الجلل ... تزف لي خبر مجيئك من العمل ... فآتيك مسرعة بطبعي ... ألفني حولك و أقبل جبهتك العريضة ... ثم تزدحم المشاعر ... الفرح ... الوله ... و التأكد من أن مصروفي معك ...
لن أنسى عند مجيئك نظرتك لأمي ... و كأنك لم تراها لعام! فألكزك ... و تتذكر أن عليك السلام ... إزيك يا إنصاف كيف قضيت يومك ... و ترد أمي باستعجال الحمدلله ... خوجلي الغدا جاهز ... لا أدري لم الاستعجال ... أحياؤها السبب أم خوفها من أن يبرد الطعام ...و نجلس ...
أما في العصر ... فيحلو لي الكلام ... أثرثر و أثرثر و يقول والدي ... يا بتي أنا تعبان ... و لكني أثرثر و أثرثر و فجأة أسكت ...
فيسأل بابا : مالك سكتّ
و استحي ... فيصر والدي أن يعرف سر السكون، فأقول في خجل: أنا ما بعرف انطق الراء أنا "لجنه" فيضحك والدي و أزعل ، و يضحك مرة أخرى فأضحك و يقول لي: يا ملك، ما تزعلي إنها للجمال علامة و في البنات هي لحلاوة ...
فتفرهد نفسي و تعود لي الثقة و أقول: أنا عارفة ...
و مرة أخرى أبدأ في الثرثرة ...
ثم يصرخ والدي: لكن ما ممكن ... يا إنصاف ألحقيني ... بحبة دوا ...
ياحليلك يا بابا... ياحليل قعدتنا سوا ... عندما يكيدني والدي ... يقول يا ملك خليك زي هاله أختك الأصيلة ،فأغار ... و يتلذذ والدي بغيرتي و يهم قائلا: أنا ما بكيدك أنا بنصحك ... هاله أختك القديسة ... هاله البسيطة ... هاله العلم ... هالة المعنى ... هاله هاله هاله ...
فأقول تاني هاله يا بابا، طيب خليت لمصطفى شنو يا بابا... و يقول: مصطفى أخوك الملعون ... أبو الزكا المفتون ... ده داهية ده بقدر علي أنا زاتي ... أخوك يا ملك عنده كلام كبير... يقنع الناس الكبار بطريقة سهلة و بسيطة ... يا ربي الولد ده طالع لمنو؟ فأرد له الصاع صاعين: شنو يا بابا ما قالوا ابن الوز عوام ... ... ... و يا لها من أعوام ...كيف تمام؟
الحمد للمولى و الصلاة و السلام على خير الأنام ... "رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي وأن أعمل صالحا ترضاه وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين"
التوقيع
بنتك ملك
|
|
 
|
|
|
|
|
| |
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست