أمل هباني تكتب عن بطاقة الخدمة الإلزامية الغبية

Quote: اشياء صغيرة امل هباني البطاقة الغبية * الاستاذة أمل هباني.. صاحبة عمود أشياء صغيرة لك التحية... أنا عماد يس النور مغترب سوداني في دولة الامارات العربية، وأعمل مدير إدارة تكنولوجيا المعلومات في إحدى الشركات هناك.. وأود أن أسرد إليك هذه القصة عن معاناتنا نحن المغتربين من الاجراءات التعسفية والبيروقراطية التي تواجهنا كل عام وتتسبب في قطع الرحم بيننا وبلدنا الغالي. في شهر مارس من العام الماضي حضرت الى الوطن لقضاء عطلة صغيرة لمدة اسبوعين، وكالعادة ذهبت في اليوم التالي من وصولي لاجراء الاشياء الروتينية من دفع الضرائب والزكاة وأتاوة الخدمات وضريبة الاعفاء المؤقت من الخدمة الالزامية، وهنا مربط الفرس، ففي كل عام نحضر لاجراء الاعفاء المؤقت من الخدمة الالزامية نقوم بتعبئة بيانات في احد المكاتب ومن ثم نصوِّر بعض الأوراق منها صورة الجواز وننتظر بعدها إعطاءنا بطاقة بلاستيكية بها إذن الاعفاء المؤقت مكتوب فيها صالحة لرحلة واحدة فقط، وطبعاً عندما نذهب للمطار للمغادرة يقوم الموظف أمامك مباشرة بقطع هذه البطاقة ورميها في سلة المهملات. ظللت سيدتي الفاضلة اشاهد هذا الامر على مدى خمس سنوات وأنا متخصص في علوم الكمبيوتر ولي خبرة عملية واكاديمية، وفي المرة الاخيرة تجرأت وسألت احد الموظفين (بالله يا أخي ما فائدة هذه البطاقة بالنسبة لي كمغترب)، فأجابني بكل ثقة (نحن عملنا هذه البطاقة الذكية حتى نسهِّل الاجراءات عليكم فهذه البطاقة إلكترونية صادرة من الكمبيوتر)، فأجبته (هذه ليست سوى إيصال مالي، وما تستخفوا بعقولنا. ولو كانت فعلاً صادرة من الكمبيوتر وذكية زي ما بتقولوا كان ما في أي داعي إنو الواحد يعملها أكثر من مرة وممكن فترة صلاحيتها تكون خمسة أعوام أو أكثر بدل أن نقف كل مرة صفوفاً وندفع «60» ألف جنيه وتكون صالحة لرحلة واحدة، بعدين عارف إنو الايصال المالي احسن من هذه البطاقة في وضعها الحالي عارف ليه؟ اجابني ليه؟ قلت (لأنه اصلح واحفظ واكثر ملاءمة للبيئة لأن التخلص من الاوراق أسهل من اللدائن). الاخت أمل ألا توافقيني بأن هذا الامر عبارة عن احتيال من هذه الشركة التي اقنعت إدارة جهاز المغتربين بأنها حققت طفرة نوعية بإدخالها التكنولوجيا الحديثة وهي فقط ارسلت الصورة من طابعة ورقية الى طابعة بلاستيكية، وليس هناك أي حل تقني مذهل في هذا الامر إذ أن المغترب لا يستفيد اي فائدة لاحقة من هذه البيانات كما أسلفت، ولو كانت فعلاً ذكية لكان من الاجدى ألا نقوم بكل هذه الاجراءات العقيمة لأن كل البيانات يفترض أن تكون محفوظة، فقط يتم استرجاعها ومعرفة تاريخ إصدارها والمبالغ المدفوعة وتحديد المبلغ المطلوب آنياً.. والسؤال من هو المستشار التقني لجهاز المغتربين الذي وافق على هذه المسألة والحق انني اعذر هؤلاء الموظفين وليسامح الله هؤلاء الاستشاريين ذوي الدرجات العلمية المنتفخة من الجامعات الهشَّة والذين لا يعرفون مستجدات التكنولوجيا والتطبيقات الصحيحة لها، وانتهز هذه الفرصة لاحيي استاذنا العظيم بروفيسور عز الدين محمد عثمان أطال الله في عمره ومدَّه بالصحة والعافية الذي كان يحلم بأن يفوق إسهام التكنولوجيا في التاريخ القومي للسودان مساهمة القطن، هذا ما صرَّح به في ندوة علمية في جامعة الخرطوم عام 1986، ولم نستوعب الامر حينها حتى رأينا بأعيننا مدينة دبي تصدِّر التقانة للعالم، وحيدر أباد في الهند تتفوق على كبريات المدن الاوربية والعالمية، وعزاء البروفيسور عز الدين أن حلمه تحقق باسهامات طلابه في تصدير التقانة، ولكنه ليس في السودان بل في دول المهجر من اميركا واوربا ودول الخليج. تعليق:- * قد يفوت على الاخ عماد وغيره من المغتربين أن ذكاء هذه البطاقة يكمن في مقدرتها على (شفط جيوبهم) حسب (ستاندر) الحكومة، وان الذكاء قيمة لفهلوة الحكومة وليس لراحة المواطن أو تخفيف الاعباء عليه.. ويمكن أن يكون الجهاز الذي تحدثت عنه بأكمله يخلو من شخص واحد يفكر بطريقتك العلمية هذه