٢ فى المرحلة الثانوية ، ونحن فى الصف الثالث. كان لدينا استاذ اللغة العربية ، ازهرى .. وقليل أدب .. وشاطر للغاية فى مادته ، فى آن واحد. يجعلك تشرب علم البلاغة والنحو فى لذة. كان يقسم الفعل السداسي اللازم المعتد بحرف " يستعذب " ، الى قسمين عند نطقه (يستع) ، (ذب). ينطق المقطع الاول بصوت اقرب الى الهمس (يستع) ، والمقطع الثانى بصوت عالى وفخيم (ذب ) ، وفى كل مرة كنا نضحك بجنون ، الا هو ، كان ينظر الينا بجدية حتى ننتهى من نوبة ضحكنا المجنونة ، ويقوم بعدها بمواصلة التدريس دون اى تعليق ، كررها معنا عشرات المرات ، وفى كل مرة كنا نستعذب استهباله الشوارعى هذا ، كان Stand up comedian بامتياز ، اينما سمعت ضحكات عالية تنبعث من اى فصل او مكتب اساتذة ، تعرف انه هناك ، ينشر فيروس المرح العابر لكل جدران التزمت والورع الاخلاقى الزائف. تذكرته ، وانا اطالع تغريدة للروائي المصرى الفذ " ابراهيم عبد المجيد " عبر " توتير" ، حكى فيها عن زيارة القائد الافريقى وقتها "نكروما" الى مصر الناصرية ، قال انه جاء من المدرسة , ووجد شلة من النساء مع والدتها ، وان احدهن سألته فى خبث مقصود عن اسم القائد الذى يزور بلدهن ، فقال لهن الاسم ، وانفجرن هن فى الضحك ، عرف بعدها ان من بين صديقات والدته جارة اسمها الحقيقي "روما" ، وان النساء بما فيهن والدته قمن بتقسيم اسم القائد الافريقي الى قسمين (نيك) ، (روما). وقال انه كتب هذا الواقعة كما هى فى واحدة من رواياته ، دون ان يذكر بالطبع دور والدته فى هذا النحت اللغوى البديع. * وانا على عتبات الشيخوخة ، الحظ ان المجتمع السودانى قد تحول الى مجتمع كئيب ، مجتمع غارق فى الكآبة ، الهظار قلة قيمة ، والضحك من غير سبب قلة أدب.مجتمع عنيف ، على وسائل التواصل الاجتماعى ، وفى الطرقات ، وفى مدرجات ملاعب كرة القدم. واينما توجهت وجدت لوحة كبيرة تطلب منك الاستغفار فى دقائق الانتظار ، دون توضيح ان استغفر على ماذا !. * واحدة من خططى فى هذه السنة ، ان ابحث عن البهجة ، عن نكتة حارقة ، اغنية ، مسرحية ، رواية. ان اهتم بمظهرى العام .. تناسق الوان ملابسي ، طريقة حلاقة شعر راسي ، فريم نظارتى الطبية ونظارة القراءة. بيولوجيا ، لم يتبقى لى كثير. قرأت دراسة ، اعدها شخص وهو جالس فى غرفة نومه ، وقال ان متوسط عمر الرجل السودانى ٦٠ عاما ، طق طرق. قليل هو ما تبقى لى ، وبعدها حتى كلاب المقابر سوف تمل من التبول على شاهد قبرى. لكن فى هذا القليل ، لن اتحول لشخص كئيب. وفى العمر مزيد لبدايات جديدة يا "صلاح أحمد ابراهيم". لو بطلنا نضحك نموت. والشجار الكبار فيهو الصمغ .. (يستع). شاهين.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة