♧ شُعَراءُ الفُصْحى بِأَدَواتِ زَمانِ الحَداثَةِ £

●و علي طاري المساجلة فهنالك أحياناً نوع من التناصِّ الشعري
قد يوحي لأيِّ حاطب ليلٍ و ناقدٍ سطحيٍّ و كانمالو أن صاحبه سارقٌ
أدبيٌّ لا سمح الله ؛ و ما هو بسارقٍ . كماهو حال تناغم الجرس الإيقاعي
لدرجة قومة الأنفاس انفعالاً بعمق الطرح الفلسفي لدى كلٍّ من البدر شاكر
السياب مناجياً :"قد سألت البحر يوماً هل أنا يا بحر منك؟ .. و هل صحيحٌ .
.ما رواه البعض عني و عنك؟! ضحكت أمواجه مني و قالت:لست أدري . أو
منادياً يصيح : "يا خليجْ.. يا واهب اللؤلؤو المحار و الرّدى ! فيرجعُ الصّدى
كأنّه النشيجْ يا خليجيا واهب المحار و الردى .. أكاد أسمع العراااااق !!

* (اللؤلرٌ والردي: إشارة إلى أن الخليج كان مصدراً للرزق و مقبرةً
أيضاُ لكثيرٍ ممن كانوا يرتادونه لصيد اللؤلؤ بمؤسائل بدائية)

♧ و من هناك يجيء مصطفى سند ، إذ لا تنقصه
نوبةُ انفعالٍ و هو يتأبط سِفرَ《بحره القديم》و بين
دفتيه" نقوشٌ على جدار ذاكرة المخافة" و" الخرطوم
نائمةً تربط بطنها على (حجر ) صبر الخصاصة ".
♡ ~~~~~~~~~~~♡
▪ بيني وبينك تستطيل حوائطُ
ليلٌ وينهض ألف بابْ
بيني وبينك تستبين كهولتي
وتذوب أقنعة الشباب
ماذا يقول الناسُ إذ يتمايل النخل العجوز سفاهةً
ويعود للأرض الخراب .....
شبقُ الجروف البكر للأمطار
حين تصل في القيعان رقرقة السراب؟
*********
عبرت ملامحك النضيرة خاطري
فهتفت ليتك لا تزالْ
للريح للخمر للنساء وللظلال
والبرق لي ... والرعد .... والسحب الخطاطيف الطوال
تروي هجير النار تحت أضالعي الحرّى
وتلحف في السؤال
كيف ارتحالك في العشي
بلا حقائب أو لحافْ؟
ترتاد أقبية المكاتب والرفوف السود
والصحف العجاف
زمنا يمص الضوء من عينيك
يصلب وجهك المنسي في الدرج العتيقْ
أثراً كومض شرارةٍ تعبى على خشب الحريقْ
كيف ارتحالك أيها المصلوب مثل شواهد الموتى
بزاوية الطريقْ
*********
سكن السحاب ومر طيفك من جديدْ
نثرته كف البرق حين تلاحق الايماض
وانعتقت شرارات الوعود
أرخى وأزهر ثم طار زنابقاً كالفجر لامعة الخدود
حلق المرايا رن كالناقوس
وانفرطت ملايين العقود
فإذا هممت توارت الألوان
وانتصبت شبابيك الجليد
أنا في الرياح مسافرٌ يلقى على الأبواب
جارحة الردود
*********
بيني وبينك تستبين مخالبي
وتسيل من شدقي الدماءْ
وحشٌ أنا، غولٌ خرافيّ العواء
تحوي توابيتي دقيق الموت، تزحف من سراديبي
ثعابين الشتاء
«سبري» عجين السدر، سنّ الحوت، هيكل مومياء
بيني وبينك ما يراه الناس، سروة شاطيء ناء وزهرة كستناء
تتلاصقان على الرمال فتذهل الدنيا وترتعش الحقولْ
كيف التجاؤك للتماثيل التي أسنت على برك الوحول؟
منك الشباب، عصارة النبت الجديد ومهرجانات الفصول
ونراك تحفل بالعواجيز العتاق صفائح الأيام مقبرة الأفول
*********
بيني وبينك سكة السفر الطويل من الربيع إلى الخريفْ
تعلو قصور الوهم أنت ومرقدي في الليل أتربة الرصيف
هم ألبسوك دثار خز ناعم الأسلاك منغوم الحفيف
ودعوك تاج العزٍّ ... فخر العزٍّ ... مجد العزٍّ ...
شمس العزٍّ ... عزُّ العزٍّ ... صبوا في دماك
عصارة الكذب المخيف
وأنا الذي حرق الحشاشة في هواك
ممزق الأضلاع، مطلول النزيف
بيني وبينك قصة الشعراء، صدر غمامة
يلهو على الأفق الشفيف
هذا أنا ....
بحر هلامي بغير سواحل .. بحر هلامي عنيف
لا بدء للي ... لا قاع لي ... لا عمر لي ....
لكنني في الجوف ينبض قلبي النزق اللهيف.

● بقي أن نذكر ففط بأن مصطفى محمد سند شاعر
سوداني لا يشق له غبارٌ و قاص بارز . و يلقب حركياً
برائد( كتببة ) القصيدة المعاصرة و هو أيضاً واحدٌ
من أنجبِ ( تلامذة ) مدرسة" الغابة و الصحراء" ااتي
يعتبر ديوان شعره « البحر القديم » من أعلى لافتاتها.