♧ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَ لِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ《 3》

《وقَفات متأنيةٌ و متلفتةٌ عند قوله تعالى》:
♤ {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا ۝ وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا ۝
♤ فإن لتزكية النفوس معنيان يقفان على طرفَي نقيضٍ.
أولهما ، و هو المقصود بجواب القسم هنا، واقعٌ في النصف
المُترع من الكأس. فيحتمل أن يكون المغزى : قد أفلح من
زكى نفسه أي: أصلح شأنها بطاعةالله -كما قال قتادة-
و طهرها من الأخلاق الدنيئة و الرذائل،

♤ و ثانيهما و الواقع في النصف الفارغ في معني التزكية
بالغرور بالنفس:"ها أنا ذا و أنت ،و كان أبي" في نرجسيةٌ تظل
تتمدَّد عبر الأجيال كابراً عن كابرٍ. فها نحن شلعوها العباساب ،
و ها أنتم من وأدتموها في مهدِها و فضضتم بكارة اعتصامها
يا دقلاب و هؤلاء هم زواحفُ أوغادٌ من بني كوزان ، و أولئك فلولٌ البُلهان بن حفيان ؛ و قد سطوا على سلميتنا بليلٍ بهيمٍ
لا يكاد ينجلي في ربوع و أزقة و نفافيج حي ابن يقظان.
فيا حليل عمنا العبادي حين أنشد قائلاً:
جعلي و شايقي و دنقلاوي ايه فايداني
غير خلقت خلاف خلت اخوي عاداني
خلو خبرنا يسري مع البعيد والداني
يكفي النيل ابونا و الجنس سوداني.