|
ما بعد ماشاكوس 00 مصر واللعب في الزمن الضائع
|
يبدو أن من نعم التدخل الدولي السافر في الشأن السوداني مؤخراً هو استيقاظ ذلك الشعور الأخوي العربي المتأخر جداً عن ميعاده، والذي تمثل الأيام الفائتة في عدد من الأحداث أبرزها زيارة وزير الخارجية السعودي وانتهاء باجتماع الوزراء العرب لبحث قضية السودان إضافة إلى الحدث الأبرز والاهم ألا وهو دعم جامعة الدول العربية وتبنيها لتنمية الجنوب من خلال صندوق تمويل عربي مشترك0 مما لاشك فيه أن استيقاظ هذا الشعور المتأخر لم يأتي في لحظة صحوة ضمير كما أنه لم يكن محض صدفة، بل أكثر من ذلك لم يأتي نتاج إحساس مشترك بل هو نتاج عمل سياسي مصري صميم ، لأنها اكثر الدول تأثراً بما يجري في السودان0 ومصر التي أضاعت فرصاً حقيقية عبر تاريخها الحديث في إنشاء علاقة متكافئة ومميزة تقوم على أساس الاخوة الحقيقية والمصالح المتبادلة وهي التي استنفدت كل مخزونها من الحيل السياسية لتحويل السودان إلى دولة تابعة أو بالأحرى إقليم مهمل يعطي دون أن يأخذ وبمفهوم استعماري خالص0 ومصر التي استخدمت كل ما تملك من حيل لإجهاض أي محاولة نهوض سودانية أو أي استقرار سياسي يفضي بدوره إلى مجتمع مستقر ينصرف كلياً إلى الإنتاج والرفاهية، وجدت أن الأمر هذه المرة أكبر من طاقتها وأن أوراق اللعبة أصبحت في لحظة جهنمية خارج يدها، وبات الأمر يشكل تهديداً حقيقياً لمصالحها التي سعت دوماً للحفاظ عليها من خلال مفهوم انتهازي استعلائي وشيكاً هذه المرة0
إن ما يحدث من اهتمام مبالغ فيه هذه الأيام من جانب مصر بما يجري في السودان هو في حقيقة الأمر آخر ورقة تلعبها الحكومة المصرية منطلقة من مفهوم إنقاذ ما يمكن إنقاذه، متخذة من جامعة الدول العربية مظلة حتى يكتسب جهدها حجماً وتأثيراً كبيرين، وهذا ما يسفر بوضوح هذا التحرك العربي المفاجئ0 ولا يخفى على أحد وجهة النظر المصرية في هذه القضية فهي تنظر لها من زاوية واحدة الا وهي زاوية تهديد مصالحها الأمنية والاقتصادية في حال انفصال السودان ولإضفاء زخم على أهدافها لم تجد بداً غير جر الدول العربية من خلال تبني نظرية المؤامرة وتكثيفها على النسق الدرامي وما قد يجر ذلك من تهديد جديد قد يلم بالأمة العربية من خلال تعبيد الانفصال لطريق تعزز من خلاله إسرائيل وجودها في المنطقة0
السؤال الذي يطرح نفسه بشدة، هل تجدي مثل هذه المحاولات اليائسة والمتأخرة في إصلاح ما أفسده الدهر؟ بمعنى هل ينفع التفاني في إعمار الجنوب وإزالة آثار الحرب في تغيير دفة مركب التغيير المحتمل على كافة الأصعدة؟ وهل النتائج المحتملة أيا كان تصورها وحدة أم انفصال والتي بالتأكيد ستفضي إلى واقع سوداني جديد ستلتقي مع الأشواق المصرية المتوثبة دوماً إلى السيطرة على سودان ضعيف متهالك يسهل أحكام السيطرة عليه وتسيره وفق ما تشتهي مصر كما ظل يحدث دائماً؟ من المؤكد أن أي تغيير مرتقب في السودان سواء كان وحدة أم انفصال سيؤدي إلى سودان مخالف كلياً عما الفته مصر في السابق ونجحت في تسييره بالشكل الذي كان يضمن لها تحقيق مصالحها بالكامل دون تنازلات تذكر0
فواقع الأمر يقول أن شرط الوحدة القادم يعني بالضرورة استقرارً سياسياً واقتصادياً يعيد ترتيب الحياة السياسية على أسس تعزز من ديمقراطية مستدامة تسهم إيقاف الحرب بنصيب وافر في تحقيقها إضافة لبرنامج إسعافي يشرع في تحديث البلد من خلال تنمية حثيثة يعززها الدور الإيجابي للمجتمع الدولي من خلال وعوده المبذولة في هذا الشأن 00 ذلك أو دونه الانفصال لا محالة 0 وهذا الاحتمال الأخير لا شك خيار مرفوض جملة وتفصيلاً من الحكومة المصرية وهي التي سعت ما وسعها عبر تاريخها الحديث لتجنبه من وجهة نظرها على الأقل وبشكل براغماتي يعزز من حالة عدم الاستقرار والوقوع في مستنقع الدائرة المغلقة للحرب مؤجلاً كل الاجندة الملحة والتي لا ترغب الإدارة المصرية مطلقاً فتحها منذ الحكم الإنجليزي المصري0 قد يكون رهان مصر على الوحدة مبنياً من واقع فهمها للنخبة السياسية الشمالية ومقدرتها التامة التي تعززها وقائع التاريخ في التأثير عليها وجعلها تعزف على ما تشتهي الإدارة المصرية، ولكن المتغير هنا هذه المرة هو دور المتعاظم للشق الجنوبي للقطر و المتوقع في التأثير على كامل اللعبة السياسية في القطر مسنوداً بكل المصالح الغربية0 بالطبع لم أشر للشق الثاني من الاحتمالات الا وهو شق الانفصال، لأن هذه هو الأمر الذي دفع مصر ما وسعها لتفاديه مهما كلفها من أمر0 ولكن السؤال الذي ما زال يطرح نفسه، هل ما زالت هناك فسحة من أمل لإنقاذ ما يمكن إنقاذه؟ أم هو تغير كامل في العقلية السياسية المصرية تتفق مع كامل المتغيرات التي يشهدها العالم منذ 11 سبتمبر؟ أم هو نهاية الدور المصري التأثير السالب على السياسة السودانية منذ دخول محمد علي باشا السودان وحتى اللحظة؟؟0
عبد الخالق السر - ملبورن
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
ما بعد ماشاكوس 00 مصر واللعب في الزمن الضائع | atbarawi | 01-26-03, 10:38 AM |
Re: ما بعد ماشاكوس 00 مصر واللعب في الزمن الضائع | ابو عثمان | 01-26-03, 10:56 AM |
Re: ما بعد ماشاكوس 00 مصر واللعب في الزمن الضائع | Yasir Elsharif | 01-26-03, 11:22 AM |
Re: ما بعد ماشاكوس 00 مصر واللعب في الزمن الضائع | ابو عثمان | 01-26-03, 11:32 AM |
Re: ما بعد ماشاكوس 00 مصر واللعب في الزمن الضائع | atbarawi | 01-26-03, 10:00 PM |
Re: ما بعد ماشاكوس 00 مصر واللعب في الزمن الضائع | Yasir Elsharif | 01-27-03, 10:09 AM |
Re: ما بعد ماشاكوس 00 مصر واللعب في الزمن الضائع | adil amin | 01-27-03, 09:57 AM |
Re: ما بعد ماشاكوس 00 مصر واللعب في الزمن الضائع | Zoal Wahid | 01-27-03, 12:35 PM |
Re: ما بعد ماشاكوس 00 مصر واللعب في الزمن الضائع | adil amin | 01-27-03, 02:39 PM |
Re: ما بعد ماشاكوس 00 مصر واللعب في الزمن الضائع | atbarawi | 01-28-03, 07:45 AM |
Re: ما بعد ماشاكوس 00 مصر واللعب في الزمن الضائع | adil amin | 01-28-03, 01:37 PM |
|
|
|