جلال الدين الشيخ الطيب ...وكتابه الدفعة 31الغرس الطيب (11)

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-19-2024, 10:10 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
01-07-2022, 11:58 PM

محمد احمد ادريس جبارة
<aمحمد احمد ادريس جبارة
تاريخ التسجيل: 09-10-2014
مجموع المشاركات: 33

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
جلال الدين الشيخ الطيب ...وكتابه الدفعة 31الغرس الطيب (11)

    10:58 PM January, 08 2022

    سودانيز اون لاين
    محمد احمد ادريس جبارة-السودان
    مكتبتى
    رابط مختصر



    بسم الله الرحمن الرحيم

    رائد مهندس م محمداحمدادريس جبارة
    (الكثيرون في هذه الحياة هم الذين تسوقهم الأقدار للقيام بعمل ما، أو لتحقيق هدف ما . أما القلة القليلة فهي التي تخطط لكل ما تريد ويتحقق لها ذلك بعد أن ياذن الله فمن هذه القلة كان منسوبو الدفعة (۳۱). (هذه العبارة كتبت قبل خمسة عشر عاما في الكتاب في صفحة 79فانظر لما حدث بعد ذلك في ابريل من 2019. تناولنا في الحلقة العاشرة كيف روى الكاتب حال .الجيش وهو يستقبل دفعة جديدة من كليته الحربية ...كيف استقبلهم واعدهم لمقبلات الأيام ... وانا اهم استأنف الكتابة في هذه الحلقات تواصل معى سعادة الواء الركن محمدأحمد شنيبو الذى جاء ذكره في الحلقة السابعة وقد سعدت بما كتبه عن تلك الاحداث صحيفة القوات المسلحة الغراء تحت عنوان اخوة في الذاكرة طالب حربى ابراهيم بشير دفعة (31) من قطر يروى مسيرته فله التحية ولصحيفة القوات المسلحة ) فى هذه الحلقة يروى الكاتب تحت عنوان السابقون السابقون... المتأمل لهذه الحياة وهذا الكون لا بد أن يسترعي انتباهه الحركة السيارة لهذا الكون.. هذه الحركة وهذا التدافع هو السر في البقاء، استمد الإنسان بفطرته السليمة جوانب إيجابية من الظواهر الكونية ووظف كل ذلك لخدمته وأسبغ عليها نظما تتفق وتطلعات البشرية بما يعود عليها بالنفع، فكانت واحدة من هذه النظم ظاهرة التنافس والتي تقود للإتقان..
    التنافس على الخير بأبوابه الواسعة سمة الصالحين والأبرار، وهو علامة دالة على علو الهمة والمثابرة يقول صلى الله عليه وسلم : (لو تعلق قلب أحدكم بالثريا لنالها)).
    الحصر الذي أعددته عن أوائل الدفعة في جوانب متعددة به ما لا ينطبق عليه ما ذكر بعاليه حرفيا، ولكن كل ما تم حصره يلتقي في محورين : محور مشيئة الله ، ومحور عزائم الرجال فلو أخذنا أغرب حالتين في النموذج الحصري - الذي سيرد أدناه . حالة ضبط الطالب حربي عبدالرحمن عبدالحميد (بالعربجة) وحالة استشهاد الملازم عبدالجليل، فالأولى تشير بجلاء لعزيمة الطالب عبدالرحمن في التغلب علی کا الضوابط التي وضعتها إدارة الكلية الحربية لمنع وصول (العربجة) للطلبة ؛ كما تشيرلعزمه في تعاطيها مهما كانت النتائج المترتبة على ذلك. وكذلك تشير الحالة الثية حالة الاستشهاد - لمشيئة الله تعالى في المقام الأول، ولعلو همة الملازم عبدالجليل وبسالته. يقول المتنبي:
    لولا المشقة ساد الناس كلهم الجود يفقر والإقدام قتال
    ويعتذر الكاتب للقارى (اليك عزيزى القارئ جدولا حصريا بمن اسعفتنى الذاكرة بتذكرهم والعتبى لمن سبقوا وفاتنى ذكرهم )...ولا شك ان كل من ورد في هذا المقام له حكاية تستحق ان تروى ...وقد تشرفت بالتواصل مع عدد منهم وافدت من تجاربهم .والجدول يدل على دقة الكاتب وقوة الصلة بين افراد الدفعة لان الكتاب كتب بعد ما يزيد من عقدين من الزمان عن تخرجهم .


    وقد افرد الكاتب الفصل الرابع لثمار الغرس فذكر كل من استشهد او توفى من افراد الدفعة حتى عام ..2005
    فعند كل واحد يذكر اسمه وتاريخ ميلاده ورتبته عند الرحيل من هذه الفانية وتاريخ ذلك وحالته الاجتماعية ومكانه ووحدته واهم اتصف به . فمثلا عند الحديث عن اول شهداء الدفعة يكتب في صفحة 176 التالى :-
    الرتبة عند الاستشهاد: ملازم أول ... الاسم: عصام الدين يوسف الشريف
    تاريخ الميلاد :1958
    الموطن: الجزيرة - قرية الشريف يعقوب
    الحالة الاجتماعية: عازب :
    الوحدة والقيادة: : سلاح الحدود
    مكان الاستشهاد:منطقة بحر الغزال العسكرية ...تاريخ الاستشهاد : 1986
    ما اتصف به الشهيد. ..
    اتصف بالانضباط العسكري الشديد، حتى لقب من قبل الدفعة ب (أبو الجيش) اتصف بالذكاء الحاد والهدوء الرائع والجرأة على قول الحق، وكان من المميزين في كل شيء،
    وفى ثنايا الكتاب ص 110 يذكر الكاتب هذه الطرفة التى مرت بنا في الحلقة الرابعة ... (وأذكر أن الأخ الشهيد عصام الدين يوسف الشريف عندما كان الطلاب الأقدم في زيارة للوحدات كان يصرف لنفسه إدارة داخلية ساعتين لمدة شهر وكان يطبقها بكل صدق وجدية وفلسفته في ذلك مقولته الشهيرة (الجيش ما يقع) وبهذا الصدق مع النفس سمي ب (أبو الجيش). ) رحمه الله
    وقد خص الاديب ابراهيم بشير اول من ألف ونشر كتابا من الدفعة باحياء ذكراه في كتابه (محمداحمد او الذى ارتجت له المدينة) وابراهيم اديب قاص بمعنى الكلمة له ثلاث كتب هي ..الزندية ،التراب والرحيل ومحمداحمد او الذى ارتجت له المدينة ...
    ...وفى السطور التالية ادعوكم الى الاستمتاع بتسلسل وبراعة اللغة في ما خطه ابراهيم بشير في
    تساؤلات الشهيد القادم
    (مرفوعة الي ذكرى
    ملازم أول عصام الدين يوسف الشريف وملازم أول كمن اثير أموم من هناك)

    ((كان طويل القامة قوي البنية حاد النظرات وسيما وسامة لاتخطئها العين أبدا...))
    ((كان يحب الفجر والشمس والشعر والنيل والوطن ((ومشاعر)) والبدر حين يطل ويكتمل...))

    ((ولد بقرية ... عام... وتخرج في الكلية الحربية وعمل ضابطا بالقوات المسلحة..))
    أريد ان أكتب عن صديقي عصام وهأنذا أجرب كل البدايات الممكنة بلاجدوى فالكتابة عنه مأزق حقيقي لأنه يفضحني ويعريني فالموتى/الأحياء يفضحوننا بسهولة حتى لو توخينا الحذق والمواراه في الحديث عنهم فعذرا عصام متمترسا داخل نفسي أكتب عنك ولا أتحدث إلا عني فذهابك عنا هكذا أربك الكتابة والبلاغة السهلة واللغة الموات – وإزاء ذهابك الغامض لا بد من بداية ما ونهاية ما وقول يجهد لينجو من مرابته.
    في أحدى أيام يونيو الحارة والنهر قريب منا ومتألق بانعكاس شمس الأصيل عليه ومياهه تبدو مثل سبائك من ذهب حسب قول البلاغة الكذوب والفصاحة المخاتلة هل أمعن في التعبير المراوغ!؟
    إذا الوقت كان عند الأصيل. والنهر كان متألقا وجلوس على الشاطئ النهر كنا مصطفين في ثلاثة صفوف منتظمة بملابسنا المدنية لانزال. كان عصام أمامي مباشرة في الصف وبالتالي أقرب مني إلى شفرة الحلاقة الذي كان يحلق بها بسرعة ومهارة فائقة وكانت تلك أولى خطواتنا في الحياة العسكرية قالوا لنا ان الغرض من حلاقة رؤوسنا هو أزالة الشعر "المدني" منها لينمو عنه شعر عسكري أصيل. وكان من الصعب التصديق ذلك في البداية والأقتناع به لكنا أطعنا "الأمر" كما أقتناعنا بأن وقوفنا تحت وهج الشمس بلاحراك لساعات طوال لإزالة العرق "المدني" من مسام جلودنا كان أمرا صعبا. ثم بعد ذلك غيبنا قناعاتنا تماما وتعلمنا أن نطيع الأوامر بلانقاش أو جدال كان ذلك مأزقنا الكبير.
    عاد "عصام" إلى الصف بعد حلاقة شعره فلم أتمالك نفسي من الأبتسام فبادلني الابتسامة وهو يرقب ظله المنعكس على صفحة الماء وحين جلس همست له ساخرا "إن رأسك صار مثل البطيخة البلدية" ولم يرد علي وظل يرقب ظله ويتشاغل برمي خصلات شعره المقصوص في الماء حيث كان التيار بعيدا وينثرها في جميع الاتجاهات فتختلط بالماء والطين وترقد مثل الكتابة المنمقة على صفحة النهر المتألق. وجدي كان حين يحلق لي شعري يغسل الموسى بعناية واهتمام ويقول لي جادا أن أدفن الشعر المقصوص في مكان رطب لأنه سوف ينبت بيضا وفاكهة في خلال أسبوعين وكنت طوال الوقت أرقب غرسي المزروع تحت قلة الماء عله ينبت شيئا إذ أنني كنت وقتها صغيرا بالقدر الذي يجعلني أستبعد أن يكذب علي رجل مثل جدي وفي مثل وقاره وتدينه.
    ثم لما كبرت قليلا أكتشفت ان كل الاجداد يكذبون مثله وكذلك الآباء وأنهم يورثونا كثيرا من الاكاذيب والأوهام نظل سنين عديده من عمرنا نتخبط فيها وحين أحصيت الكذابين عددت الكتب وأهلي ومعلمي المدرسة ووسائل الأعلام وإمام مسجدنا والمؤذن ثم أحصيت نفسي معهم.
    وكذب "عصام" مرة وكان ذلك من أجلي أنا وتحمل العقوبة بالأنابة عني وشعرت حينها بمدى حبي له فقد كان رائعا حتى في كذبه وذلك عين ما يجعل الأنسان يحبه. "ومشاعر" كانت تحبه وكان يحبها حبا عظيما يذكرك بأؤلئك الناس المدهشين الذين يعيشون في الملاحم والأشعار والروايات. نعم حبهما كان ملحميا ذلك ما أقوله الآن وحتى أجد في اللغة تعبيرا أكثر صدقا ودفئا وبساطة سيظل هذا الوصف مشروعا. وكان من أجلها يحب الناس والحياة والهواء والأرض ومن أجلها يعيش. قلت له ذات مرة متسائلا:
    "لماذا لاتتزوجها وترتاح ياعصام؟"
    قال ساهما بنظره نحو أفق بعيد:
    "أتزوجها وأرتاح!؟" إنها تحتلني شبرا شبرا وخلية خلية وأنا منها وفيها وبها ولها فماذا يعني الزواج ، أقربا أكثر من هذا تراه؟"
    ثم أضاف "هي هوائي وأرضي وسمائي وفضائي ودمي وأحلامي وأمالي وأفراحي و...وقاطعته ساخرا ..ماهذا يا"ملكي"(1) هل أصبحت شاعرا؟؟
    وبعد ذلك في مكان آخر وزمان آخر كتبت له "أخي عصام "أبوحشيش" نحن عاتبون عليك ياصديقي لأنك فاجأتنا في يوم عرسك البهي ولذلك حزنا حزنا عميقا وغائرا في نفوسنا أليس عيبا يا "دفاع" أن نسمع من أفواه الآخرين؟".
    وكتبت "وهي كانت تنتظرك قالوا خاطت دستة مناديل خضراء لأنك تحب اللون الأخضر وشغلت ستائر غرفتكم بالورود والأزاهر ورسمت فوق مفارش السرير قلبا كبيرا وخارطة الحلم الجميل وكانت تحلم مفتوحة العينين.
    ولأن حبهما كان أسطوريا هكذا كان لابد له من نهاية مأساوية وفاجعة كالمعتاد.
    "لماذا يجب ان ندفع ثمن تجاربنا من دمنا دائما؟".
    "هل يكلفنا الوعي حياتنا ثمنا؟ أما يكفينا ماعنينا ونعاني؟"
    "هل للحب والصدق دائنا هذه الكلفة الباهظة؟"
    هل نغرق الي الأبد في الأكاذيب اللعينة؟"
    وعصام كان يشقيه هذا الكذب القبيح الفاجر ، ويدمي قلبعه التهريج الصفيق أم هي القفلة ياترى؟ وكان الكذب معلنا بوقاحة نادرة.
    "هذا وقد تكبد العدو خسائر فادحة في الأرواح والعتاد ..."
    ويدير مؤشر المذياع فيسمع في الجانب الآخر نفس البيان.
    "هذا وقد تكبد العدو خسائر فادحة...."
    وكان في مثل هذه الحالات يفلت أنة عميقة ويتنهد طويلا وتتجلى في عينيه حزن وأسى ويقول لي في حيرة "من هو العدو ...من هو العدو الحقيقي ياترى؟؟"
    ونتذكر سويا زملائنا ودفعتنا أبناء الجنوب "كمن" و"ودينق" وأشول" وأتير" ثم يعلن الساسة والقادة الكذابين.
    ويقول لي عصام همسا "أن الجمرة من يطؤها ونحن وطأناها حتى أخترقت العظم منا لتمجد الساسة والقادة ويتمجد الرب في السموات السبع وعلى الأرض اللعنة.
    "وموسس كمن" كان معنا ذات يوم وكنا نحبه ويحبنا ولانملك إلا ان نحبه.
    القائد الميداني قرأ علينا الأوامر العملية في الصباح الباكر. كانت كلماته ترن في أذاننا والسرية تتحرك "يمين وقريب لا شئ يمين ووسط لا شئ ..يسار وقريب لاشئ ..يسار وبعيد قرى خربة ومهدمة يخشى من تحصن العدو فيها يسار ووسط أثار النيران ووسط أثار النيران والدمار والمنازل المتفحمة وعظام وهياكل تغطي الأرض وجيف الحيوانات النافقة والأرض الخراب.
    الخراب توزع أرجاء المكان ورقد بأرتياح". وجنودنا البواسل جالوا أرجاء الغابة وحين لم يجدوا احدا يقتلونه، قتلوا قطا بريا ونسرا وغرابا وقردا عجوزا" وتكبد العدو خسائر فادحة في الارواح والمعدات" في المساء تبجح المذياع.
    وفي اليوم التالي كان الملازم "موسس كمن" قد حمل سلاحه الشخصي واختفى فقد كانت تلك ديار اهله وقبيلته. وقال الملازم هاشم "الخائن كان معي في غرفة واحدة في الثكنة!؟"
    وقال عصام في هدوء من يلوم من؟"
    وبعدها تتالت الاسماء. النقيب "مجاك" الرائد "مدوك" الملازم ثاني "اتير" وجنود السرية الخامسة مشاة الجنوبيين كلهم.
    وبدأ اليقين المطلق في دواخلنا يهتز وبدات تقفز في اذهاننا اسئلة والاسئلة كانت جذرية وصعبة وحادة وتحتاج اجابات حاسمة وسريعة وقاطعة. لكن القادة الكبار هناك ما كانوا يتركون لنا الفرصة لكي نحاول الاجابة على اسئلتنا او نفكر فيها.
    "الجندي لا يفكر"، "الجندي لا يتساءل"، "الجندي يطيع الاوامر فقط"، "الجندي ينفذ فقط" "نفذ ثم تساءل".
    وجهاز الاشارة الصغير بجانبك ينبح ويعوي "ملازم فلان قائد الفصيل الاولى، تقدم للامام "تقول انك تحتاج الذخيرة والمؤونة والادوية للجرحى".
    تجيئك الاجابة في كلمة واحدة حازمة "تصرف".
    كيف..؟ لماذا..؟اين..؟ وهل..؟
    لا مجال لمثل هكذا كلمات فالوقت لا يسمح تهز جهاز الاشارة اللعين في يدك في جنون وتصرخ والجهاز يردد كلمتين فقط "تقدم.. تصرف.. تقدم.. تصرف" هما الاجابة على كل سؤال واستفسار والجنود من حولك ينظرون اليك كقائد تملك اجابات وحلول ما وليس لديك وليس لديك طعام. عليك فقط ان تقودهم الى الموت.. الموت الذي لا معنى له او مغزى له الموت المجاني وتضطر الى ان تكذب عليهم فتقول شيئا عن الفداء والتضحية والشهادة والجنة ونعيم الاخرة وتتمنى لو يصدقوك وتسير.. ووصلنا مشارف احدى القرى وفي والجانب الاخر من القرية كانوا ارسلوا الينا رسولا وقالوا نريد هدنة لا نريد قتالا وقلنا نحن ولماذا الاقتتال؟
    ومرت اسابيع والحال هادئة وصمت المذيع الصفيق ذو الحلقوم. في احد الايام جاءنا احد جنودنا يجري لاهثا وقال "شاهدت ثلاثة منهم هناك فلم اتحمل رؤيتهم واطلقت عليهم النار"
    قلت "هي لعنة تلاحقنا ابدا..لابد من غباء وحماقة.. لابد لنا من اشعال النيران فهذا قدرنا دائما. جمعت رجال السرية وقلت لهم " جاء اوان الموت ايها الرجال. واذا كان لابد من الموت فلنمت ميتة تليق بنا وليتمتع الساسة والقادة بحساب الشهداء وتعدادهم وليمنح الساسة والقادة بحساب الشهداء اوسمة ونياشين وميداليات يعلقونها وليمنح القادة الساسة ًٌٌَُانتصارا ومجدا وشهرة وبيانا يذيعونه في المساء.
    حصنا دفاعاتنا جيدا وقبعنا ننتظر. رد القادة الكبار قائلين تماسكوا سوف تصلكم النجدة سريعا جدا.
    وبدأوا الهجوم علينا. عددهم كان ضعف عددنا ثلاث مرات وذخريتهم كانت وفيرة تنزل علينا كما المطر والقذائف تتساقط بغزارة من السماء السخية باللظى والسعير واللهب. بدأ رجالي يتساقطون من حوالي وصوت ذخيرتنا بدأ يخفت تدريجيا وكنت أتلفت حوالي مندهشا من أعجوبة بقائي على قيد الحياة حتى تلك اللحظة رغم هذا
    ________________________
    (1)ملكي: مدني ويعتبرها العسكريون سبه.
    الجحيم الوفير والمنفتح علينا من جميع الجهات.
    وفي مثل تلك اللحظات ، لحظة ان تواجه الموت أنفا لأنف وليس بينك وبينه سوى أن تأخذ قذيفة طريقها الصحيح أو الخطأ – لا فرق – وتصل اليك وليس سوى ان تخرقك بقدر بوصة مربعة في مقتل فتنتقل على الفور الي الرحمة أو الأمجاد السماوية أو قائمة الشهداء أو يومية(1) الخسائر" أو رصيد المساومات القادمة وتقف مبهوتا وليس أمامك سوى خيارين الموت أو الموت وتتذكر في لحظات كلما قرأت أو سمعت عن الحروب والموتى سرعة فائقة وتتلفت فلا تجد شعارا تتكيء عليه لأنه حينها تسقط كل الشعارات البراقة وترتفع الحقيقة فقط لكن إدارك الحقيقة وقتها لن يفيدك أو ينجيك ولن يحميك لحظتها من لهيب القذائف ووهج الطلقات السريعة لأنك حتما سوف تحتضن القذيفة القادمة وتحس بالمرارة تنكأ قاع حلقك وتتمنى قط ان تمنح لحظة واحدة وزمن يكفي لكى تستدير الي الوراء حيث القادة والساسة ورشاشك مشهر "والعتلة في السريع(2) وأصبعك ضاغط على الزناد لأقصى حد فتصب عليهم جام غضبك وغيظك ثم تعيد ترتيب العالم والأشياء من جديد.
    وأخيرا جاءتنا النجدة فانسحب مهاجمونا إلا ان جنودنا البواسل استمروا في إطلاق النيران على مواقعنا فلعنتهم وانا أغوص في الخندق حتى يدخل التراب في فمي وأنفي وعيني وأيقنت بأنني هذه المرة لا محالة ميت برصاص النجدة وحين تتيقن من الموت يقينك من غباء القادة والأنظمة تتملكك لا مبالاة غريبة ويطيب لك ان تفكر ساخرا وتقول في سرك "لا بأس إذا زادت/"يومية الخسائر" رقما واحدا فهنالك دوما من هو على أستعداد لانقاص هذا الرقم أو مضاعفته حسب الموقع الذي هو فيه.
    وبدا لي الأمر مسليا بعض الشئ وانا أتخيل الفصيلة تبلغ السرية رقما سريا تبلغ
    ________________________
    (1)يومية الخسائر : إحصائية رسمية بعدد الجرحى والقتلى و المفقودين في الجيش.
    (2)العتلة في السريع : وضع في مكان الطلقات السريعة

    الكتيبة رقما أقل وتقوم الكتيبة بدورها بتبليغ اللواء رقما أقل أيضا ومن ثم تقوم
    الفرقة بتقدير الرقم الأخير للخسائر حتى ذا وصلت الأحصائية الي القيادات العليا يكون مكتوبا في خانة الخسائر "لا يكن"(1) بينما أكون قد أمسيت في الغابة رمسا ثاويا أو عظما تهرأت بفعل الرياح والأمطار. وقلت اثناء الهجوم:
    "فلتحل عليك اللعنة يا"موسس كمن" كيف أستطيع أن أخطب لك واحدة من قريباتي حسبما وعدتك وأنت تهاجمني بمثل هذه الضراوة وبلاهوادة. كيف استطيع أن أوفي يوعدي؟ وماذا عن "تيريزا" قريبتك التي خطبتها لي وماذا ستقول لذلك العجوز الودود "وأديت أتير" أبوك حين يسألك عني قائلا "أين صهرنا العزيز؟ ماذا يكون جوابك أتقول أنك لاتدري وكيف لا تعرف وأنت أعز أصدقائي؟؟
    وانا الم أطلق الرصاص عليك فماذا اقول لأهلي حين يسألونني عنك. هل أسكت وأتغابى ألن يفضحنى سكوتي. هل اقول لا أعرف وأنت قد كنت معي منذ شهرين في فترة الأجازة وقلت لهم هذا دفعتي وأعز أصدقائي..؟؟
    في الجندية قالوا لنا لا تحزنوا ولاتفكروا ولاتندموا.
    الجندي لا يحزن الجندي لا يندم. وحين تتراكم علينا أحزاننا وتفيض بنا أشجاننا نصر على أسناننا ونعض الشفة السفلى بقوة وفي أحوال نادرة وأستثنائية تفر من عيوننا دمعة وحيدة. وهكذا علمونا.
    مكانك ...نقطة أمامية
    واجبك ..إطلاق النيران والتقدم الي الأمام.
    نعم عليك ان تقاتل عليك ألا تسأل أو تحزن أو حتى تموت وفي دواخلك تراكم حزنا سوى أن تكمل المأساة لنهائتها الغبية البلهاء.
    وكان عصام مسكونا بهاجس المصير وكان يفكر ويحزن ويغتم وقال لي ذات مرة:
    ______________________________________
    (1)لا يكن : لا يوجد



    "كنت من قبل حينما أحزن وأغتم أكتب الشعر فتزول لواعجي لكن الشعر قد ضاع
    مني عند أبواب العرين"(1). قلت له أكايده "أنا كتبت قصيدة جديدة".
    قال : أسمعني إياها.
    اتخذت هيئة الإلقاء وقلت بسرعة "من واحد أثنين إلى ثلاثة أربعة أوفد قوة علماتي" "حول" واحد أثنين أسمع جيدا "حول" واحد أثنين علم أنتهى(2)
    قال بحزن : نعم شوهونا وأضاعوا قصيدتنا : ثم أنصرف مسرعا.
    وتظل تنتقل في الغابة تقاتل ظلك وأشباحك ومخاوفك حاملا جهازك / قدرك القادة يلسعك ان تلكأت أو تباطأت "تقدم .. تقدم ..تقدم...تقدم..تصرف ..تصرف.".
    والقتال بلا نهاية أو معنى والغابة بلا نهاية وعقب كل معركة تلعق جرحك وتتضاعف أحزانك لأنك مهزوم سواء انتصرت أو أنهزمت ولكن مثل هكذا تفكير محظور على صغار الضباط مثلنا وترف لا يمارسه سوى القادة الكبار والساسة الأفاقين وهم يصدرون إليك الأوامر بالتقدم باستمرار فتزداد المسافة بينك وبينهم كل يوم.
    وذلك الصباح كان عصام فرحا فرحا عظيما حتى تناثر فرحه من حوله وحين سألته عن السبب قال ذلك لأنني رأيت في الحلم "مشاعر" تعانقنا حت ماكدنا ننفصل وتوهجنا حتى كدنا نشتعل يا الله كم كانت تلك الهنيهات رائعة ومعجزة وخارقة. كم كانت مدهشة وضيئة "ومشاعر" كانت لطيفة ورقيقة حد الذوبان والتلاشي لطفا وحبا وعشقا. شففنا حتى ذبنا وتجسد حبنا يسعى بيننا فنتبادل لمسه ورشفه وتدليله ثم نذوب فيه ويذوب فينا ثم لا تعود ذواتنا تبين.
    وحين صحوت أدركت أشياء كثيرة ووجدت إجابات لأسئلة عديدة فتطهرت من رجسي ولواعجي وأعتراني صفاء نادر فرأيت ثم رأيت ثم رأيت".
    وفي المعركة التالية كانت كلماته هذه ترن في اذني الرصاص يئز من فوقنا تلفت
    ______________________
    (1)العرين : شعار الكلية الحربية السودانية "مصنع الرجال وعرين الأبطال"
    (2) الأشارة العسكرية بالراديو

    أبحث عن عصام فرأيته يتقدم جنوده بمسافة ناديته فلم يرد علي وظل قدما إلى الأمام يسير وإذ يزداد تساقط الرصاص من حولي أرقد على الأرض لكنه لا يرقد
    ولايتخذ ساترا من الرصاص لكنه يسير أناديه التفت إلي كانت عيناه تبرقان ببريق
    عجيب وفوهة رشاشه حمراء من اللهب وينطلق منها الرصاص بلا توقف وأستدار ثانية وتابع سيره في أطمئنان وثقة) انتهت كلمات قصة ابراهيم بشير التى نشرها في بعد نحو خمس سنوات من تخرج الدفعة وفيها يبدو سابقا لزمنه وعمره في وصف الحرب التى كانت تجرى في السودان ..الجدير بالذكر ان كمن اتير أموم الذى ورد ذكره في القصة اعلاه جاء عنه التالى في الكتاب صفحة 187 المتوفى الثالث من الدفعة /الرتبة عند الوفاة ملازم /تاريخ الوفاة 1985/الوحدة والقيادة اللواء الاول الهجانة ومنها انضم للحركة الشعبية /مكان الوفاة بحر النعام –بحر الغزال / تاريخ الميلاد 1958/ الموطن رمبيك /ما اتصف به المتوفى الانضباط العسكرى الشديد الشجاعة الفائقة . وقد شهد من شهد المعركة التى قتل فيها بأنه لم ينسحب وظل يقاوم مقاومة الابطال ببحر النعام حتى قتل ... فانظر كيف اتصف الكاتب جلال الدين الشيخ الطيب بالتجرد وهو يتحدث عن عدوه.
    لمزيد من الصور على الرابط التالى
    facebook.com/profile.php؟id=1054093455






























































    عناوين الاخبار بسودانيزاونلاينSudaneseOnline اليوم الموافق 01/06/2022


    عناوين المواضيع المنبر العام بسودانيزاونلاين SudaneseOnline اليوم الموافق 01/07/2022


    عناوين المقالات بسودانيزاونلاينSudaneseOnline اليوم الموافق 01/07/2022























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de