ما يحدث اليوم في الساحة السودانية من أزمات متتالية منذ الاطاحة بالبشير ليس مفاجئاً ، الشعب انتفضت ضد حكومة الإنقاذ لكي يأتي بحكومة توفر له سبل العيش والحياة الكريمة ، ليست أصحاب مصالح وطموحات سياسية وايديولوجية في الحكم وبناء نموذج وهمي لا يسكن سوى خيالهم المريض . رغم أن التحليلات السياسية تفيض بتفسيرات متباينة أحيانا ومتشابهة أحيانا حول ما يحدث في السودان حاليا ، إلاّ أن الأرقام والإحصاءات تنطوي على تفسير هو الأدق لما نراه ، بالإضافة إلى الإدارة الكارثية للفترة الانتقالية ، فإن أحوال الاقتصاد تتدهور بشكل متسارع قد يؤدي بأزمة إفلاس تضع الدولة السودانية على مسار يشبه إلى حد كبير ما حدث في لبنان . المعروف أن الشعب ثار على نظام البشير بسبب تردي الأوضاع المعيشية وغياب الحريات وغير ذلك، ولكن بعد سقوطه لم يتغير الحال ، بل تدهورت الأوضاع ولم يفلح المجلس العسكري وشركائه سوى في افتعال الأزمات من أجل صرف أنظار الشعب عن الفشل المتواصل في إدارة شؤون البلاد ، حيث وقع السودان في حالة من الجمود السياسي والفشل الحزبي وتعدد الجيوش ، بينما تمادت الاحزاب في الفشل ، فمنذ كتابة الوثيقة الدستورية المشوهة التي لم يلتزم بها الطرفين لتصحيح مسار الفترة الانتقالية .
فشلت كل الأحزاب في وضع الحلول للمرحلة الانتقالية ، ويمكننا أن نذكر هذا الفشل على شكل نقاط:
1/ الوثيقة الدستورية تمت كتابتها من قبل أشخاص لأجل مصالحهم وأهدافهم لا أكثر.
2/ السلطة على أساس نظام المحاصصات وليس على أساس الكفاءات .
3/ الاستغلال والتستر بالمدينة عبر ما يسمى أحزاب اليسار السياسي في مجتمع متنوع.
4/ عدم قيام المحكمة الدستورية والبرلمان والمجلس التشريعي .
5/ غياب الهوية الوطنية للساسة وتبعيتهم وولائهم المطلق لدول محور الشر أو الغرب حفاظًا على مصالحهم.
6/ غياب وجود قوة وإرادة حقيقية في قيام دولة مدنية بالمعنى الحقيقي .
7/ عدم وجود نظام اقتصادي في السودان تحت مبدأ المصلحة العامة للبلاد .
كل هذه النقاط ما هي إلا لمحة صغيرة ونقطة في بحر من الهفوات وعيوب العملية السياسية التي لم تصلح منها أي شيء ، وأن المشاكل في جميع النظام السياسي يستشري بها كالمرض الخبيث ، ومن هذا الفشل المتفاقم يطرح السؤال هل يمكن تقودنا الفترة الانتقالية الي انتخابات حرة ونزيهة في ظل هذا الفشل ؟ في نظري الشخصي المبادرات لا تحل الأزمة في السودان ، المشكلة الأساسية هي عدم الضمير ، لأن عقول الساسة في بلدي محتاجة الي تخطيط قبل المبادرات ، ما ينبغي قوله بكل وضوح اننا امام ازمة احزاب فاشلة فاقدة للأركان ، وبالتالي اعتقد ان الازمة الخانقة التي يمر بها الوطن لن تعالج امراضها المزمنة بسهولة .
ما زالت الأزمة السياسية السودانية الحالية في مكانها مما جعل الدولة تبقى في دوامة الفشل السياسي ، والعجز الذي لا يسده شيء ، ولذلك عجز النظام الانتقالي عن إيجاد الحلول المناسبة والمعقولة في مواجهة المشاكل والهفوات التي أوقع نفسه فيها ، هذه الهفوات تلاحق جميع الطبقة السياسية باختلاف الانتماء والتوجهات ، الجميع كانوا متواطئين ومقصرين ، وأصبح من الواضح جدًا أن الحياة السياسية والاجتماعية في السودان تزداد سوءًا، مع تراكم الكم الهائل من التصدعات والمشاكل السياسية دون حلول ، هو الأمر الذي يقابله موجات من السخط والغضب الجماعي من الشعب المطالب بالدولة المدنية حتى انعدمت ثقه الناس في الاحزاب ، من الملاحظ أن الاحزاب التي كانت شريكة في بداية الفترة الانتقالية لم تفلح في قيام دولة مدنية بالمعنى الحقيقي . دائمًا ما يواجهنا السؤال عن أهم سلبيات وعيوب الاحزاب ، وهل ياترى سيبقى النظام الانتقالي على ما هو عليه اليوم أم أنه سينهار؟ أنا أؤمن أن استمراره بهذا الكم الهائل من التناقض والصعوبة في إيجاد الحلول وعدم وضع الخطط الإصلاحية المناسبة قد لا يطول مقامه، ولا يطول حكمه ، شرارة الغضب ما زالت مستمرة وتكبر كل يوم للإطاحة بشركاء الدم .
عناوين الاخبار بسودانيزاونلاين SudaneseOnline اليوم الموافق 12/29/2021
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة