كل الدلائل الواقعية تشير إلى أننا لم نزل نخوضُ في ذات المُستنقع الآسِن ، وأن الثورة بكل ما فيها من زخم وتضحيات وأمنيات لم تكتمل أركانها بعد ، ولا أسوقُ هذا الحديث كما سيخطُر على بال الكثيرين لأستوفي المزيد من التخوين لجهةٍ دون أخرى ، فكلاهما عسكرييين ومدنيين ، على ما يبدو كانوا (دون) تطلُّعات الثورة ، و(ضد) آمال الجماهير التي قدَّمت الشهداء والجرحى قُرباناً للخلاص والإنعتاق والمُضي قُدماً نحو بناء السودان الجديد ، أستثني ولأجل العدالة فقط دولة رئيس الوزراء ، الذي وبالرغم من ما تم حصرهُ لهُ (بإجتهاد وتفاني) من عيوب ونقائص ، سيظل في نظري أكثر النافذين السودانيين على مر تاريخنا السياسي قُدرةً على المناورة والسباحة في خضمٍ متلاطم من الأمواج المتعاكسة في إتجاهاتها وتياراتها ، وقد نجح على الأقل في مضمار تهيئة البيئة الدولية لدعم الإقتصاد السوداني ، وكذلك في التسامي عن تحصيل الإنتصارات الشخصية لمصلحة الحفاظ على أمن ووحدة البلاد وتماسُك نسيجها الإجتماعي ، أما ما عداه فلا أستثني أحداً من مغبة التلاعُب والإستهانة بإرادة الشعب السوداني وآماله المُستحقة.
لم تنتصر الثورة بعد ، ما دام لم يزل على رأس قياداتنا الإنتقالية مَنْ يقول لشعبه عبر منبر جماهيري في عهدٍ يستشرف الديموقراطية وإحترام كرامة وحقوق الإنسان (الكلاب تنبح ونحنا ماشين) ، وما دام أعلى مستويات قيادات الدولة ممن يدَّعون حماية المسار الديموقراطي والدستور يُعلن أيضاً وعلى الهواء الطلق مخالفته للوثيقة الدستورية وعدم إعتدادهُ بنصائح ورؤى القوى الدولية الداعمة للتحوُّل الديموقراطي المدني قائلاً بكل جُرأة (لن نُسلِّم جهاز الأمن والشرطة للمكوِّن المدني) ، لم تنتصر الثورة بعد ، ما دامت قيادات شرق السودان لا تهتز لها شعره ولا يومضُ لها جفن وهي ترفع قضايا شعبها العادلة والمُستحقة عبر تجويع وتعريض حياة الشعب السوداني بأكملهِ للمخاطر والفِتن ، وما دامت التكوينات الحالية داخل قوى الحرية والتغيير (الأصل) ترفض مبدأ الإنفتاح على موجبات الإصطفاف حول الثورة عبر توسيع قاعدة المشاركين في الحكم الإنتقالي إذا ما أقَّروا بإلتزامهم بالوثيقة والدستور وعدم مشاركة المؤتمر الوطني المحلول وما سقطت معهُ من أحزاب موالية ، لم تنتصر الثورة بعد ، ما دامت قضايا ومُشكلات جرحى ثورة ديسمبر المجيدة ليست على قيد (أولويات) الحكومة ولم تزل تحتاج للوقفات الإحتجاجية أمام مكتب دولة رئيس الوزراء ، لم تنتصر ثورتنا ما دُمنا للآن نعتقل الصحفيين والمعارضين دون توجيه تُهمة ولا محاكمة عادلة ، لم تنتصر الثورة ولم ننتصر ما دمنا عاجزين منذ سنتين ونيف من عمر الحكم الإنتقالي عن تكوين المجلس التشريعي والمحكمة الدستورية والبت في قضية مجذرة الإعتصام والقصاص للشهداء ، لم تنتصر الثورة بعد أن فشلنا في إيصال رسالتنا للعسكر القابعين الآن في مناصبهم السياسية بمجلس السيادة أن الكلمة الأخيرة للشعب وأن هيكلة القوات المُسلَّحة وعودتها إلى دورها الطليعي والطبيعي لا رجعة فيه وفق ما تُمليه قواعد النظام الديموقراطي المدني ، لم ننتصر بعد وجهاز الأمن الحالي لم يزل وللآن وبأوامر (عُليا) من جهات ليست ذات إختصاص يمنع وزراء دستوريين من السفر دون إخطار ولا توضيح أسباب ، وماذا إذا تقارع الجهاز مع (عامة) الناس والبُسطاء هل من شك في أنهُ سيكون أكثر صلفاً ودمويةً وساديةً من جهاز أمن الإنقاذ البائده ؟ ، هذه الرسالة ليست لنشر روح الإحباط ولكنها دعوة للتأمُّل والإنحياز اللا مشروط للرؤى المُنقذة لهذ الوطن.
عناوين الاخبار بسودانيزاونلاين SudaneseOnline اليوم الموافق 10/13/2021
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة