الإنقلاب الناعم الذي يجري الآن على قدمٍ وساقٍ (عرجاوتان) بمُجافاة الحق ونقض العهود والمواثيق ، يتذَّاكى القائمون عليه من قادة المكوِّن العسكري بتمرير فعالياته وخطواته الآثمة عبر منظورٍ (جديد) للإنقلابات العسكرية التي عهدناها في عهودٍ سابقة لن تعود بإذن الله ، هذا المنظور على ما يبدو فيه تفضيلٌ لعدم المواجهة والتبَّني الرسمي للمؤامرة عبر بيان إعلامي يتحمَّل مسئوليته شخصٌ معيَّن بإسمه الشخصي وصفته السياسية والمهنية ، وذلك طبعاً لأنهم يُدركون أن المُجازفة هذه المرة غير مضمونة العواقب ، لذا على الناس أن لا تنتظر الإنقلاب عبر بيان أو إحتلال للإذاعة والتلفزيون لأن الإنقلاب قائم الآن وتُدار خطواته ساعةً بساعة ، بيد أن النتائج المُحبطة لهم والمُبشِّرة للموعودين بالإنعتاق وما سينجُم منها من دعائم و(غنائم) للثورة والثوار والشق المدني في الحكومة الإنتقالية ، كفيلةٌ بجعلهم يستسلمون ويتراجعون إن كانوا من العُقلاء ، وإلا أخذتهم موجة الطوفان الشعبي القادمة عبر برنامج إستكمال نواقص ثورة ديسمبر المجيدة.
كل المُقدِّمات التي سبقت هذه الخيانة المُستهدِفة لإرادة الشعب السوداني ورهن تطلُّعاته للخروج من أزماته وأوجاعة عبر الرضوخ والإستسلام إلى ظلامية الماضي وسطوة الطاغوت ، كانت تحمل بين طيَّاتها كل إشارات إستخفافهم بهذا الشعب وتوقهُ للحرية ، فقاموا بلا رحمة ولا وازع ضمير بمحاولة إفقار الشعب عبر محاربة وتقويض جهود الإصلاح الإقتصادي ، ثم جرَّبوا نشر الفزع ونزع الطمئنينة عن المواطن بإفتعال الإنفلاتات الأمنية وإشعال فتيل النزاعات القبلية ودعم منظومات النهب والإرهاب وقُطاع الطُرق خفيةً في البداية ثم جهراً في نهاية المطاف ، وهذا ما عبَّر عنهُ البرهان في خطابه الأخير حيث قال (مُتذاكياً) على الشعب السوداني أن ما يحدث من تهديد لوحدة وموارد وإستقرار البلاد في الشرق الحبيب هو قضية (سياسية) وليست أمنية ولا دخل للقوات النظامية بها ، قال ذلك ولم يُشِر من قريب أو بعيد عن إستعدادهُ كمكوِّن عسكري للمساهمة أو حتى مُجرَّد الدعم (السياسي) كطرف (مُشارك) في هذه الحكومة لتمرير (حل سياسي) ظل يُطالب به الناظر ترك عبر إستجداءاته المتكرِّرة لهم كمكوِّن عسكري مُنادياً بتدَّخُلهم ، ألا يعلم البرهان أن الشعب السوداني يعي جيداً أن بذته العسكرية لن تمحي عنهُ ممارسة السياسة ولا صفة السياسي ، على الأقل عبر ما يتولَّاهُ من منصب سيادي بإسم الثورة والثوار والتحوُّل الديموقراطي ؟.
إنهم يستهدفون من تلك المُقدمات الرامية إلى إقعاد وتدجين الشعب السوداني قبل الحكومة المدنية ، عودة الحكم الشمولي حاملاً بين طيَّاته الظاهرة والخفية طُغمة فلول النظام البائد ولكن (بإسم دلع) جديد يقبع خلف مُفردة (إنتخابات مُبكرة) ، أيها الثوار الأحرار الذين بإذن الله وحِنكتكُم ووعيكم الذي أشاد به العالم أجمع (ستًكملون المشوار) ، إستنفروا ما فيكم من آمال وراجعوا في أخيلتكم مشاهد سقوط الشهداء وأنات الجرحى وأحزان ذوي المفقودين ، وأدركوا وإستجيبوا لنداءات عبد السلام كشة وعبد العظيم والفاتح النمير ومحجوب التاج والمئات من الذين لا يتسع ذكرهم ولكن ستظل تذكرهم هذه الأرض بعدد ذرات ما فيها من رمال ، هُم في عليائهم يدعونكم لإنصافهم وإنصاف الوطن الجريح ، وتعالوا سوياً نستكمل هذا الثورة التي نستحقها ويستحقها السودان المُنهك بمؤامرات وخيانات بعضاً من بنيه المارقين ، فقد قطعنا أكثر من نصف الطريق ولم يبق إلا القليل حتى ننال سوداننا الجديد الذي يسمو بآمالنا وتطلُّعاتنا نحو الحرية والسلام والعدالة ودولة القانون والمؤسسات والجيش الموحَّد الذي لا يلِج السياسة ولا السُلطة ولا يرفع بندقيتهُ إلا في وجه الأعادي.
<إسم دلع.docx> <هيثم الفضل.jpg>
عناوين مقالات بسودانيز اون لاين الان اليوم الموافق 27/9/2021
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة