لعنة الشهداء الذين لم نُحقِّق لهم العدالة هي من تعمل على عرقلة الحادبين على المسار الديموقراطي والذين يعتقدون أنهم يعملون بجد وإجتهاد لبناء سودانٍ جديد ، ويتناسون أن ملف العدالة للشهداء ما زال (مُشتَّتاً) ما بين فنون التكتيك السياسي وفزع الذين أجرموا من المثول أمام العدالة ، ملف القصاص العادل لشهداء ثورة ديسمبر المجيدة ما زال موضوعاً ضمن بنود المساومة السياسية التي لا تُجدي ، ثم هي لا تُغني ولا تسمن من جوع ، خصوصاً إذا كنا نعتقد واهمين أن (تجاوز) حق الشهداء في أرواحهم والجرحى في دمائهم يمكن أن يودي بنا إلى طريقٍ سوي وقويم يؤهِّلنا لأن نلقى بُغيتنا وآمالنا وما نادت به شعارات الثورة ، ومُخطيءٌ مَنْ يعتقد أن السودان وشعبه سيحصل على أمانيه وما زال ستار الظلم مُسدلاً يحجب شمس الحقيقة والعدالة ، وأيي ظلامةٍ نبتغي (رميها) خلفنا ونتغافل عنها في مسيرةٍ نصِفها بـ (المباركة) ، إنها سادتي ظلامة الشُهداء والجرحى الذين جعلوا بأرواحهم الطاهرة ودمائهم الزكية ما نسعى إليه اليوم حقيقةً قابلة للمثول في أرض الواقع ، صدقوني لن يُجدينا نفعاً أيي نوعٍ من أنواع (التحايُّل) و(التخاذُل) عن مُناصرتهم وإنصافهم مهما بلغت التضحيات والمخاطر ، فكل سعيِ خارج دورب القصاص لهم لن يودي إلى السودان الجديد الذي نحلم به.
لا بد من إستكمال الثورة ضد الطاغوت بكل أشكالهُ ومضامينهُ وأياً كان إسمهُ ومركزهُ ، ليس برسالةٍ للعسكر عبر موكبٍ صاخب فحسب ، لكن بإعتصامٍ جديد لا ينفض إلا بتحقيق العدالة لأرواح الشهداء والإقتصاص لهم ممن غدروا بهم وإكمال بناء وإستكمال المؤسسات العدلية النزيهة والمُطهَّرة من دنس التمكين ، ورجوع العسكر إلى إختصاصهم المهني بعيداً عن كراسي السلطة واستلام وزارة المالية لكافة المنشآت الاقتصادية العسكرية ، ثم دمج كل القوى العسكرية في الجيش الموحَّد بعد إعادة هيكلته وتطهيرهُ من الخلايا التنظيمية للمؤتمرالوطني.
يجب أن يعلم الشعب قبل أيي جهةٍ أخرى أن الخلافات السياسية والتنافس والصراع حول المناصب والرؤى والبرامج هو مظهر طبيعي في أي نظام ديموقراطي ، وهو صراع تاريخي وواجب وشرعي يتم حسمهُ بالانتخابات لاحقاً وبالتفاهم والحوار البيني في وضعنا الحالي ، لذلك سُميت هذه المرحلة بـ الإنتقال ديموقراطي ، وهذا المُصطلح لا معنى لهُ في تراتُبية الإجراءات المودية إلى دولة ديموقراطية ومدنية سوى (برنامج الإعداد المُحكم للولوج إلى إنتخابات حُرة ونزيهة بدون مخاطر).
الذين ينادون بتنازل الثوار عن أهم شعارات الثورة وفي مقدمتها ترسيخ قيَّم العدالة ودولة المؤسسات وإبعاد العسكر عن المشهد السياسي وولاية الحكم المدني على الملف الاقتصادي الوطني كاملا بالمُطلق ، بدعوى الخشية من إنقسام البلاد إلى دويلات ، يجب أن يعلموا أن غالبية الشعب السوداني تعتبر عودة الحكم الشمولي مرة أخرى تحت وطأة التوحيد القسري للسودان (أسوأ وأكثر خزياً) وكارثية من انقسام البلاد إلى دويلات ، فالوحدة القسرية التي يتم ترسيخها بالقتل والقهر والتهديد ، لن تصنع سوى دولة الفقر الجوع والدماء والذُل ، والتي نُفضِّل زوالها وعدم وجودها وحتى إنقسامها ، ولينزح جميع الشُرفاء عنها إلى عالمٍ نظيف وعفيف يستحقونه ، أو فليشمِّروا سواعدهم للزود عنها عبر حماية مسارها الديموقراطي المُقدَّس.
الديموقراطية أو الطوفان هذا ما يقوله الواقع ، وكل من يعمل ضد ذلك هو من يدفع البلاد للتشظي والانقسام وليس العكس ، على الجميع أن يعلم أن الحديث والدفاع عن جيش السودان الموحَّد المُطهَّر من رجس التمكين هو (حقٌ) للشعب السوداني المدني قبل العسكريون ، وأن الدعوة لإنتخابات مُبكِّرة هي (مصيَّدة) يحلم بها من يًخطِّط لتسليم البلاد (هشة وضعيفة) لحزب أو حزبين يسلمانها لإنقلاب عسكري في أقل من ستة أشهر ، هذا الشعب أصبح قادراً على قراءة التاريخ وتحليل تداعياته بوعيٍ لا يرتقي إلى مستواه الطامعين ، وإن غدٍ لناظره قريب.
عناوين مقالات بسودانيز اون لاين الان اليوم الموافق 25/9/2021
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة