طار حارقي البخور ، و مروجي الجهل، عاطلي المواهب، بخبر رفع إسم السودان من لائحة الإرهاب بلا وعي، او عمل علي الارض في إعادة النظر لضبط اداء مؤسسات الدولة التي اصبحت اوكار للفساد، و المافيات المرتبطة بالمحسوبية، والرشوة، و الإنحلال.
لا تزال كل مؤسسات الدولة كما تركها مجرم الحرب اللص الراقص، بل اسوأ بكثير، و لسان الحال " قد توقفت الحياة مع سبق الإصرار" لا وجود للدولة في الشارع بأيّ شكل، إنفلات في الامن حيث الخطف، و النهب تحت تهديد السلاح، طرق منهارة تماماً، اكوام الزبالة علي الارصفة، و الطرقات، فوضى في الاسعار.
كتبت في الإسبوع الفائت عن مؤسسة حكومية دخلتها و كأني في زريبة مواشي حيث السماسرة في كل مكان، و تعم المكان عشوائية بلا إستثناء، فهي إدارة شئون الاجانب التابعة لوزارة الداخلية.
دخلت لعمل إجراء روتيني للحصول علي بطاقة تخص السودانيين المجنسين بجنسيات اخرى.
بعد معاناة يوم طويل من الإنتظار، و الكر، و الفر خَلّصت كل الإجراءات و التي آخرها التصوير لنتفاجأ بعدم وجود حبر في المؤسسة، و وزارة الداخلية نفسها حسب ما ذكره احد الضباط.
قال : سيتوفر الحبر في فترة لا تقل عن الإسبوعين ايّ والله.
خرجت فوجدت مجموعة من "ستات الشاي" خارج المبني فجلست لأفصل تلك المعاناة بكوب من الشاي بعده التفكير في المعركة القادمة.
جلست بالقرب من شاب نحيف يرتدي بدلة "سفاري" رمادية، و هو يتحدث علي الهاتف " ياخ إنت مصري، صاح، و علي كفالتي صاح، و انا شغال في الشغلانة دي لي خمستاشر سنة، و لو حصلت ايّ مشكلة بعرفوني انا ما بعرفوك انت"
قبل ان اذهب للموضوع الرئيسي لابد من هذه المقدمة فصادف وجودي خروج الموظفين من داخل المبنى نهاية اليوم.
تقريباً اغلب من خرجوا من موظفين، و موظفات تحدثوا مع هذا الشاب، و منهم من اخذه بعيداً، و كان الحديث همساً، و منهم من تبادل معه اشياء في الغالب اوراق، او جوازات.
رجوعاً الي مقال سابق عن مطار الخرطوم، و حركة السماسرة " عينك عينك" و اخذ زبائنهم من الصفوف، و الطوابير، ليذهبوا بهم الي مكتب زجاجي جانبي به ضابطين احدهم برتية العميد.
اليوم عرفت ان هناك إجراءات إستثنائية في مبنى شئون الاجانب، و تم تقييد الدخول، و الخروج، و ذلك حسب المعلومات المتوفرة دخل إلي البلاد مواطن سوري الجنسية خطر مطلوب دولياً، دخل البلاد بتأشيرة صدرت من هذه الإدارة، طرف فيها سمسار، و الآن لا احد يعرف عنه شيئ.
ظاهرة الفساد، في مؤسسات الدولة، و طوابير السماسرة تشكل مظهر يُنبئ بفوضى عارمة تضرب الامن القومي، و للأسف اصبح هذا الامر شائع، في احيان كثيرة لا يمكنك الحصول علي خدمات إلا بواسطة وسيط " سمسار" في مؤسسات الدولة!
عندما يضرب الفساد مؤسسات الدولة المنوط بها حماية الامن فعلي الدنيا السلام.
لا يمكن ان تقوم للسودان قائمة ما لم تتم محاربة الفساد في المؤسسات الامنية بشكل صارم، و تأهيل الكادر البشري الذي يفتقر لأبسط المعايير في تقديم الخدمات للجمهور.
نتتطلع لرفع إسم البلاد من لائحة الإرهاب، و نريد الإنفتاح علي العالم ليتحسن إقتصادنا، و لم نفعل شيئ جاد بعد لإستيفاء المعايير المؤهلة لذلك.
اتمنى ان يكون هذا الحادث بداية جادة لضرب اوكار الفساد، و تسوير المؤسسات بنظم، و ترتيبات تمنع الفساد، و المحسوبية، و الرشوة، و محاربة ظاهرة السماسرة التي لا يمكن ان تجدها إلا في بلادنا الحزينة التي باتت قاب قوسين او ادنى من الإنهيار الكامل.
سنظل في عزلة تامة ما لم نعمل بجدية لفرض هيبة الدولة.
سيظل رفع إسم السودان من لائحة الإرهاب و القوائم السوداء حبر علي ورق، حيث لا يمكن لأي مستثمر او مؤسسة محترمة من الدخول الي اسواقنا وسط هذه الفوضى العارمة، و غياب مظاهر الدولة في كل تفاصيل الحياة.
نتسابق ليحجز كلٌ منّا مكانه في الجحيم.. مهلاً به مكان يسع الجميع.
العنوان
الكاتب
Date
السودان وجهة آمنة للإجرام الدولي.. بقلم خليل محمد سليمان
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
خليل محمد سليمان
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست