يكاد الشهر ينقضي ولا أثر لما قطعه رئيس الوزراء د.حمدوك على نفسه من وعود ليلة استباقه المليونية في التاسع والعشرين من شهر مايو الماضي . وهذه ليست مفاجأة إلا لألئك الذين لا يريدون أن يروا إلا مصالحهم الضيقة أو مصالح أحزابهم التى لا سبيل لتحكم إلا من خلال الآخرين ، وكلا الفريقين لا يهمهم المواطن . المواطن الذي طحنه الغلاء طحنا ، فأصبحت حياته جحيما في ظل أزمات لا تنتهي . الأخطر هو ما أعلنته منظمة الأغذية العالمية من أن السودان مهدد بمجاعة طاحنة من ضمن دول أخرى في حزام الفقر العالمي . لا يستحق المواطن كل هذا الذي يجري من ضياع في ظل حكومة كان يؤمل فيها الكثير . ما الذي كان يدور في رأس السيد حمدوك وهو يخرج يومئذ ليلزم نفسه بما لم يطلبه منه أحد ، لم يتعلم من الدرس الذي أخذه وزيره مدني عباس في ذاك اللقاء المتلفز ، والذي وعد فيه الوزير بحل أزمة الخبز في أسبوعين ، واعترف لاحقا أنه أخطأ في منحه وعدا لا يستطيع الايفاء به ، وأنه لن يفعل ذلك ثانية كما نصحه أصدقاؤه . الغريب ان حمدوك كان حاضرا للقاء ، بل كان في قمة الرضا عن وزيره وهو يمنحنا هذا الوعد السخي لم يتعلم حمدوك من الوزير الحانث بوعده ، بل وقع في نفس الخطأ ، ووضع نفسه في نفس المأزق . لو كان د.حمدوك يقرأ نبض الشارع جيدا ، ولو في قلبه حرارة الثوار ، لكان الوزير الهمام في خبر كان خاصة وأن كل ما جرى كان أمامه . ولكن فهم حمدوك الموضوع بالمقلوب أو أن ما يعد عندنا خطأ يعد عنده وعند وزرائه صحيحا بل هو الأصح على الإطلاق . وإلا فكيف نفسر بقاء هذا الوزير في الترقيع القادم للحكومة ؟ اللهم إلا إذا كانت خطة الحكومة هي تخدير المواطن المغلوب على أمره . بأسلوب مفضوح تماما ، فما أيسر ان تخرج للناس وتقدم لهم ما شئت من وعود فالكلام ليس بالفلوس ، لكن لو كان هذا الكلام يمر مرور الكرام لما كان البشير وزمرته يحاكمون اليوم . مارست الإنقاذ الكذب من أعلى هرم السلطة وإلى آخر يوم ظلوا يكذبون ويتحرون الكذب حتى كتبوا عند الشعب كاذبين . لماذا يعد رجل في قامة رئيس الوزراء وفي أرفع منصب تنفيذي في البلاد بوعود لا يملك تنفيذها ؟ والمصيبة الكبرى لا يعتريه أي شعور بالتقصير ويخرج للناس ويتكلم في كل شيئ ولا يفي بوعد واحد مما يعد به . هل كان هذا هو نهجه وعمله في المنظمات الدولية التي كان يعمل بها ؟ إذا كان الأمر كذلك فعلى هذه المنظمات السلام . أراني أتفق مع عثمان ميرغني الكاتب والصحفي بأن حمدوك لم يعد عنده ما يقدمه ، و اضيف أنه اصبح عقبة وعالة على الثورة ، ولا أتفق معه في ترفيعه ليتولى رئاسة مجلس السيادي في دورته القادمة ، فالمنصب تشريفي ولكنه سيادي وحمدوك أثبت أن دوره انتهى وعليه الرحيل فقط . نعم لا مخرج للدكتور حمدوك إلا بالاستقالة ، ومادام الرجل لا يحس ولا يشعر بما يستدعي استقالته فمن المرجح أنه لن يذهب إلا مكرها . فقد بلغ الأمر منتهاه ، ولن يصبر الناس أكثر مما صبروا ، وبعد العيد سيفيق حمدوك على صوت الشارع وهو ينادي بذهابه ، ولو كنت مكانه لما انتظرت ذاك اليوم ولقدمت استقالتي فورا وكسبت بعضا من ماء وجهي .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة