حركات الكِفاح المُسلَّح تنتهى عادَةً إلى أنظمة ديكتاتورية باطشة بقلم عبد العزيز عثمان سام

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 03-29-2024, 11:42 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
06-28-2020, 03:17 PM

عبد العزيز عثمان سام
<aعبد العزيز عثمان سام
تاريخ التسجيل: 11-01-2013
مجموع المشاركات: 244

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
حركات الكِفاح المُسلَّح تنتهى عادَةً إلى أنظمة ديكتاتورية باطشة بقلم عبد العزيز عثمان سام

    03:17 PM June, 28 2020

    سودانيز اون لاين
    عبد العزيز عثمان سام-يوغندا
    مكتبتى
    رابط مختصر




    . حركات الكفاح المُسلَّح، أو حركات التحرُّر الوطنى التى وثَّقها التاريخ الحديث، انتهت جميعها، بعد نجاحها فى بلوغ غايتها والوصول إلى السلطة، إنتهت إلى أبشعِ أنواع الحُكم الدكتاتوى البغِيض. وصارت أنظمة قمعية باطِشة، أذاقت الوَيل للجماهير التى حضنَتها وسندَتها ودعمَتها من عَرقِ جبينِها حتى إنتصرت، ومارست ضدَّها القمع والتنكِيل وحطَّت من كرامتِها الإنسانية،
    . وقبل أن أوردَ نماذج حيَّة ومعاصرة لحركات تحرر وطنى مُسلحة، نجحت فى الوصول إلى السُلطة فى بلادها، ثمَّ تحوَّلت إلى أدواتِ قمعٍ وبطش مُنفِّرة وطاردة، أوَدُّ أن ألفتَ نظر الشعوب فى أطراف السودان المختلفة، الذين ينتمُون إلى، ويسندون هذه الحركات (الثورية) المُسلَّحة، ويحلمُون بأن تُحقِّقَ لهم الحرِّية والسلام والعدالة، وحياة كريمة.. نقول لهم أنَّكم تحلمُون أحلام يقِظة سُرعان ما تتبدَّد، ويتحوَّل قادة هذه الحركات، فورَ نجاحهم فى الوصولِ إلى السلطة، إلى طُغاة جَبابِرة يحِيلُون حياتِكم إلى جحِيم وكوابيس مُرعِبة، ولن ترُوا معهم غير القهر ومصادرة الحُرِّيات، وهدرِ الكرامة الإنسانية، والتضييقِ حدّ التصفية لمن يخالِفهم الرأى أو يطالبهم بإتاحة الحريات والحقوق، أو إقامة العدل والسلام والديمقراطية، ونحوها من مطلُوباتِ الحياة الطبيعية التى تناسب عصرنا هذا، فى الألفِية الثالثة،
    . وأنَّ حالةَ الأملِ بالحرِّية والعدالة، والحلم الجميل الذين يعيشه أهل الهامش السودانى سوف يتبدَّد فور نجاح هذه الحركات المسلحة فى الوصولِ إلى السُلطة، ثم يُذيقُونكم أنتم، قبل الأعداء، صُنُوفاً من القهرِ والقمْعِ والإستبداد،
    . وليست هذه نبُوءَة اتنبَّأُها أنا، لكنَّها قرأة جهرِية من صفحاتِ كتاب تاريخ ثورات الكِفاح المُسلَّح التى وصلت السلطة عبر فوْهَة البُندقية، وإليكم نماذج من تاريخِنا الحديث حتى يرى النَّاسُ مصارِعهم الحتمِيَّة، ليروا مصَائِرهم التى إختاروها بطوعِهم، ويمشُون إليها بأرجُلِهم، ومن كُتِبت له خُطىً مَشَاها، وسيصلون إلى حَتفِه غدَاً أو بَعده،
    . الثورة الكوبية:
    فى العام 1959م إكتسح رجال حرب العصابات بزعامة فيديل كاسترو مدينة هافانا عاصمة دولة كوبا، وأسقطوا الحكومة العسكرية برئاسة لفولجنسيو باتيستا. دخل الثوَّار كوبا على ظهرِ اليخت غرانما ولم يكن معهم سوى ثمانين رَجُلاً، ولم يبقْ منهم سِوى عشرة رجال فقط ضِمنهم فيديل كاسترو وشقيقه راؤول وتِشى جيفارا. ولكنَّ هذا الهجوم الفاشِل أكسَبهم مؤيدين كُثر فى المناطق الريفية، وظلت المجموعة فى حرب عصابات لمُدَّة سنتين وخسِرُوا نصف عددهم فى معاركهم مع الجيش. على أنَّ خطابَ فيديل كاستروا كان سبباً فى إضرابٍ شامِل، وأعدَّ تِشى جيفارا خُطَّة النزول من جبالِ سييرا بإتجاهِ العاصمة، فتمكَّنَ الثوَّار من دخولِ هافانا فى يناير 1959م على رأسِ ثلاثمائة مُقَاتِل، ليبدأ عهد جديد فى حياةِ دولة كوبا بعد إنتصار الثورة المسلحة وإطاحتها بحُكمِ الدكتاتور باتِيستا،
    . وفى سنواتِها الأولى، صادَرت الحكومة الثورية الجديدة المُمتلَكات الخاصَّة مع دفعِ تعويضات ضئيلة أو معدومة، كما أمَّمَت المرافِق العامَّة، وشدَّدت الرَقابة على القطاعِ الخاص، وأمَّمَت الحكومة مُمتلكات خاصَّة وبقِيمة إجمالية 25 مِليار دولار أمريكى،
    . وبحلُولِ عام 1960م، أُغْلِقت جميع الصحُف المُعَارِضة، وأصبحت محطات الإذاعة والتلفزيون تحت سيطرة الدولة. تَمَّ تطهير صفوف المُعتدِلين والأساتذة، وسُجِنَ ما يقرُب من عشرين ألفِ مُنْشَق كُلِّ عام. وتُشِيرُ التقديرات إلى إعدامِ نحو خمسَة عشر ألفِ شخص فى تلكِ الفترة،
    . توَلَّى فيدل كاسترو منصِب زعيم الحزب الشيوعى الحَاكِم. وأصبحَ أخوه رَاؤول كاسترو قائِداً للجيشِ، وأصبحَ الولاء لكاسترو هو المِعيَار الأساس لجميعِ التعيِينات فى كوبا، 
    . وفى سبتمبر 1960م أنشأت الحكومة الثورية ما يُعرف بـ (لِجانِ الدِفاع عن الثوَّرةِ) والتى صارت أكبر قوَّة مُسلَّحة فى أمريكا اللاتينية بعد البرازيل، كما أصبحت كوبا عضواً مُميَّزاً فى معسكرِ الإتحاد السوفيتى،
    . بحُلولِ عام 1961م، غادرَ مِئات الآلاف من الكوبيين بِلادِهم إلى الولاياتِ المتحدة الأمريكية. وفشلت عملية غزو خليج الخنازير فى شهر أبريل 1961م التى حاولت إسقاط الحكومة الكوبية من خلال القوة العسكرية التى درَّبتها الولايات المتحدة الأمريكية من المنفِيين الكوبيين مع دعم عسكرى أمريكى، وكان ذلك بعد أقل من ثلاثةِ أشهُر من تنصيبِ جون كنيدى رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية، حيث هزمَت القوات الكوبية المُسلَّحة المُدرَّبة من الكُتلةِ الشرقية قوات المَنفِيِّين الكوبيين فى ثلاثةِ أيام. كما إزداد تدَهور العلاقات الأمريكية الكوبية السَيئة أصلاً فى العام التالى مع أزمة الصواريخ الكوبية، عندما طالبت إدارة كنيدى بالسحبِ الفورِى للصواريخ السوفياتية من كوبا،
    . وبحُلولِ سنة 1963م، كانت كوبا تتجه نحو نظام شيوعى كامل على غرارِ الإتحاد السوفيتى، مما دفع الولايات المتحدة الأمريكية لفرضِ حظر دبلوماسى وتجارى شامِل على كوبا، وبدأت عملية (نمس) إحدى برامج الإستخبارات الأمريكية السِرِّية،
    . أصبح راؤول كاسترو شقيق فيديل وزيراً للدفاع والرجل الثانى وأكثر الأشخاص قُرباً من أخيه فيديل،وثانى أقوى شخصِيَّة فى كوبا، وتعزَّز موقف رَاؤول كاسترو بعد رحيل إرنستو تِشى جيفارا ليقود حمَلات تمرُّد فاشِلة فى جمهوريةِ الكونغو الديمقراطية، ومن ثمَّ رحلَ إلى بوليفيا حيث لَقِى حَتفَه وقُتِل فى سنة 1967م،
    . حَكَمَ ألِيخاندرو فِيدل كاسترو كوبا بالحديدِ والنَّار(49) سنة، من 1959 وحتى فبراير 2008م، توفَّى مؤخراً فى 26 نوفمبر 2016م عن عُمرٍ ناهز (90) سنة. وبعد تخلِيِّه عن الحُكم، خَلفَه أخَيه رَاؤول كاسترو الذى يَحكمُ كوبا الآن منذ مُنتصف 2008م. هذا، وقد دَرَسَ فيديل كاسترو القانون فى جامعةِ هَافانا وتَخرَّجَ فيها عام 1950م وعَملَ بالمُحامَاةِ ثمَّ إلتحقَ بالسِياسة،
    . خلال حُكم آل كاسترو لكوبا لم يَرْ الشعب خيرَاً، لا حُرِّية ولا ديمقراطية ولا عدالة، ولا تبادُل سِلمى للسُلطة، ولا عَيش كريم،
    . وقِسْ على حُكمِ أبطال الثورَة الكوبية، كاسترو أخوان، كل حركات التحرُّرِ الثورى والكِفاحِ المُسلّح التى وصلت سُدَّة الحُكم فى بلادِها عبر أفواهِ البنادق، ونضرِب أمثلة لثورات مُسلَّحة وصلت وإستلمت الحُكم فى جِوَارِنا الأفريقى، وهى:
    . حرب الإستقلال الإرترية:
    . حرب الإستقلال الإرترية (1 سبتمبر 1961م وحتى 29 مايو1991م)، هو نزاع دار بين الحكومة الإثيوبية والإنفصاليين الإرتيريين، قبل وأثناء الحرب الأهلية الإثيوبية. بدأت هذه الحرب عندما أُعْلِنَ انتهاء الحُكم الذاتى لإرتريا داخل إثيوبيا.. وبعد الحرب العالمية الثانية أصبحت إرتريا جُزءً من إثيوبيا، عندما تحرَّرت كلِيهما من الإحتلالِ الإيطالى،
    . إستمَرَّت الحرب بين إثيوبيا وإرتريا (30) سنة حتى 1991م عندما إنتصرت جبهة التحرير الشعبية الإرترية، وفى أبريل 1993م جرَى استفتاء عام صوَّتَ فيه الشعبُ الإرتيرى بالإجماع لصالحِ الإستقلال، وفى نفسِ العام تمَّ الإعتراف الرسمِى بإرتريا كدولة مُستقِلَّة ذات سِيَادة،
    . وبعد انهِيار نظام منغستو هايلى مريام فى إثيوبيا، وسيطرة فصيل الجبهة الشعبية لتحرير إرتريا على الحُكمِ فى إرتريا، وتشكيلها للحكومة الإرترية المؤقتة برئاسة الأمين العام للجبهة الرفيق أسياس أفورقى، للقيام بمهامِ مُواجهة تراكمات الإحتلال الطويل ومُخلَّفاته وإجراء الإستفتاء العام وإعلان الأستقلال، وجاءت نتيجة الإستفتاء لصالح الإستقلال بنِسبةِ تصويت كاسِحة بلغَت (99,8%)،
    . والآن، بعد وصول الجبهة الشعبية لتحرير إرتريا للحُكم فور الإستقلال، هل تحقق للشَعبِ الإرترى أحلام الحُرِّية والسلام والنَمَاء التى دفع ثمنَها بالغالى والنفِيس؟،
    . الإجابة لا، وإرتريا الأن دولة يحكمها ثُوَّار التحرير، وقد فشلُوا فى إحداثِ التحوُّلِ السياسى من حالةِ الثورةِ إلى حَالةِ الدولة، وظلُّوا متمَسِّكِين بالحُكمِ منذ أبريل 1993م لمُدَّةِ (27) سنَة، مَاتت خلالها أحلام وتطلعات الشعب الإرترى وحصَدُوا السَرَاب، وصار غاية المُواطن الإرتيرى أن يجِدَ فرصة للفرَارِ ومُغادَرةِ الوطن الذى أحَبَّه ودفع أغلَى ما يمْلِك (لتحرِيره)،
    . ثورة (إنقلاب) الإنقاذ فى السودان بقيادةِ تحالف الكيزان والعسكر فى 30 يونيو 1989م:
    . فى السودان إنقلب تحالف شِرِّير بين حزب الجبهة الإسلامية وعسكر السودان، على حكومَةِ مُنتخبة فى الثلاثين من يونيو 1989م فحلَّوا الحكومة والأحزاب السياسية وأعلنوا أحكام الطوارئ وقتلُوا وأبادُوا شعب الجنوب فى حروب تطهير عرقى جِهادية حتى فصلوا الجنوب فى 2011م، ثمَّ أشعلوا حروب إبادة جماعية وتطهير عرقى فى إقليم دارفور، قتلوا إثرها نصف مليون مواطن وحرقوا وشرَّدوا بقية السكَّان إلى معسكرات نزوح داخلى ولجوء إلى دول الجوار، وجاسوا خلال قُرى دارفور يبيدُون السُكَّان الأصلِيين (زُرقَة) حَتَّى تدَخَّلَ مجلس الأمن بالأممِ المتحدة وأحَالَ جرائِمَهم فى دارفور إلى المحكمةِ الجنائية الدولية بلاهاى، وأصدرَ مجلس الأمن عدد من القرارات ضد حكومة السودان، أخطرها القرار رقم 1591 لسنة 2005م الذى تمَّ بموجبه حِرمان السودان من كافَّةِ العلاقات والمُعَاملات الدولية ومُنع رئيس السودان وأركانه من السفر. كما أُحيل الوضع فى دارفور إلى المُدعى بالمحكمة الجنائية الدولية بموجب قرار مجلس الأمن رقم 1593م بتاريخ 31 مارس 2005م، فأصدرت المحكمة أوامر قبض ضد رئيس السودان وعدد من مُساعدِيه، فأصيب السودان بشَللٍ تام، وصار رئيسه ومساعديه هاربين من العدالة الدولية منذ أبريل 2007م. وطفقت حكومة إنقلاب 1989م تترنح حتَّى سقطَت فى أبريل 2019م، عبر ثورة شعبية قضت على منسَأتِها وقذفت بها إلى مذبَلةِ التأريخ..
    . على أنَّ حكومةَ إنقلابِ 30 يونيو 1989م دمَّرتِ السودان فى كُلِّ المجالات وأعَادَتها إلى العَصرِ الحَجرِى، وصَعَّبت على الحكومة الإنتقالية التى تشكَّلت بعد نحاج الثورة الشعبية فى إستردادِ الحياة للسودان وتوفيرِ العيشِ الكريم للمواطنِ لأنَّ الحكومة السابقة قد دمَّرت السودان تمامَاً وعاثَت فيها فسَادَاً وتدمِيراً شاملاً بعد أن حكمت السودان (30) سنة بالقمعِ والفساد، بما يؤكِّد أنَّ الوصول إلى السلطةِ عبر السلاح لا يجلبُ غير الدَمَار وتكرِيس القمع والفسَاد والإرهَاب،
    . تجربة قيام دولة جنوب السودان:
    . تجربة حُكم الحركة الشعبية لتحرير السودان بعد انفصال الجنوب بموجب استِفتاء 2011م التى جاءت نتيجتها مطابقة لنتيجة إستفتاء دولة إرتريا 1994م حيث صوت شعبُ جنوب السودان فى إستفتاء شعبى عام لصالح الإنفصال بنسبة كاسِحة (99,8%) فإنفصل جنوب السودان فى دولة مُستقِلَّة كامِلة السِيادَة الوطنية، وإختارت رئيسها وحكومتها بحُرِّ إرادتها، ولكن هل تحققت الحرية والسلام والديمقراطية والرفاه لشعبِ الجنوب ؟ لا.. بل على العكس من ذلك، فقد اندلعت حرب أهلية داخلية فى السنةِ الثالثة من الإستقلال حيثُ دار قتال داخلى عنيف ومؤسف راح ضحيته عدد كبير من القتلى فى حرب عبثِية لا مُبرِّر لها، والحمد لله قد استقرَّتِ الأوضاع الآن ويحاولُ الأطراف إحتواء ما حدث والسير إلى الأمام،
    . فى إطارِ الإجابة على سؤال هذا المبحَث نجيبُ بالنفِى، وأنَّ دولة جنوب السودان الولِيدة فشلت فى تحقيقِ أحلام شعبِها فى الحُرِّية والأمنِ والعدالة والتنمية والرفاه الذى كان مأمُولاً تحقيقها. والسبب فى إحداث تحوُّل سلمى ديمقراطى هو ما ذكرنا فى العنوان أنَّ: حركات التحرير/ الكفاح المسلحة تنتهى عادَة إلى انظمة ديكتاتورية شمولية باطشة بحيث تنزل أُمنيات المواطن الذى دَعمَها وضَحَّى لأجلِها، إلى مُجرَّد الحلم بالفرارِ بجلده من البلد، يرجو النجاة بجِلدِه. والعِلَّة المُشتركة هى أنَّ حركات الكفاح المسلح تنقلبُ بعد (التحرير) إلى نُظم دكتاتورية باطشة، فيهرب الشعب منها طلباً للنجاة،
    . ونتيجة لذلك، تجد سُكَّان الدول التى نالت الحُرِّية عبر كفاح مُسلَّح هُم الأكثر هِجرَة من بلادِهم (المُحَرَّرة) طلَباً للنَجاةِ، وهذه حقيقة ماثلة للعَيان، ولا تحتمِل إىِّ جِدَال،
    . نماذج أخرى من دولِ ثورَاتِ الربيع العربى:
    سأتَّبِعُ نفس نظرية المبْحَث، وهى: أنَّ أى تغيير حدثَ فى أىِّ دولة عبر عمل مُسلَّح ووَصَلَ المسلحُون إلى السُلطة، لن يُحدِث أولئِك الثوَّار التحوُّل السياسى المنشُود، بل ينقلِبُون إلى طُغَاة ويدُومُون فى السُلطَةِ طول العُمر، ويُوَرِّثُونهَا، فيضطَّرُ الشعبُ الذى حملَهم إلى كُرسِّى الحُكمِ على أكتافِه الهربَ من البلدِ طالِباً النجَاة برُوحه وأسرته، فأنظر:
    . الجزائر وتونس نجَحَتا فى التحَوُّلِ السياسى وتحقيق الديمقراطية والإنتقال، وانتخاب حكومات ديمقراطية، لأنهما أعتمدتا طريق الثورة السلمية بدون فصائل مُسلَّحة، والآن قد انتخبتا رُؤساء دولة مَدنيين عبر انتخابات حُرَّة ونزِيهة، وشعوب الدولتين ينعمُون بالحُرَّية والسَلام والعدالة،
    . جمهورية مصر: أدخلَ الشعبُ المصرى العسكر فى ثورَتِه، فطردُ لهم العسكر حكومة الأخوان المسلمين. ولكن لم تحقق الثورة المصرية التحوُّل السلمى الديمقراطى، ولا أهداف الثورة، ثمَّ انتخبَ الثوَّار رئيس جنرال فى الجيش تحت شعار(كَمِّل جمِيلَك)، فأرَاهم ما يفعله العسكر عندما يصلون إلى كُرسِىِّ الحُكم، مصادرة الحرية والحقوق، القمع، وهدْرِ الكرامة الإنسانية.
    والحكومة المصرية التى انتخبها شعب الثورة المصرية تزِيقه اليوم كُل صنُوف القمع، واللهُ المُستعَان.. والسبب أنَّ التغييرَ فى مصر تعثَّر تحقيقه على الشعبِ فى مواجهَة الأخوانِ المُسلمين، فأستجَاروا من رَمضَاءِ الكيزان بنَارِ العَسكر، وما يجبرُ على المُرِّ ألَّا الأكثر منه مَرَارة. وفى مصر ثبتت النظرية، أنَّ أىّ تغيير يتِمُّ بالعسكر أو عبْرَهم يحَوِّل تلك الدولة إلى مَعْبد لكَاهِن عسكرى لا يُرِى الشَعب ألَّا ما يَرَى، ومصر نموذج واحد من عُدَّةِ نماذج لن نحصِيها فهى بعَددِ الحَصَى،
    . وفى دولةِ اليَمَنِ السَعِيد، تطوَّرت الثورة الشعبية السلمية المُطالِبةِ بإسقاط نظامِ الرئيس على عبد الله صالح إلى نِزاع مُسلَّح لم ينْتَهِ بقتلِه أبشعَ قَتلَة، ولكن بتدويل الوضع هناك وقد بدأ سِلمِيَّاً رَاقِياً ثمَّ تطوَّر إلى نِزاع دولى قَلَبَ البِلاد إلى مسرَح حرب دولية لأحلاف أجنبية قضت على الأخضرِ واليابس، وأذَلَّ وجَوَّع الشعب اليمِنى وفقَدَ عدداً كبيراً من مواطنيه موتى فى حرب أحلاف دولية لا نَاقَة لليَمَنِ فيها ولا جَمَلْ.. والأن تعقَّدت الأوضاع فى اليمن تعقيداً لا يدانِيه غير الجارة الشقيقة ليبيا التى صارت مَرْتَعاً لكُلِّ حَاقِد على الشعبِ الليبى، وكرامته الإنسانية، ووُحدَةِ تُرابه، وشَعبِه ومَوَارِده،
    . ونَختِمُ بالثورة الشعبية السودانية ديسمبر 2018م:
    رغم نجاحِها الباهر فى إسقاط حكومة تحالف الكيزان والعسكر، إلا أن تقَاعُس ثُمَّ توَاطؤ الأحزاب السياسية فى تحالف (قحت) أخَّرت نجاح الثورة المدنية السِلمية، بقبول (قحت) الدخول فى تسْوِية مع جنرالات (اللجنة الأمنية) للرئيس المخلوع، وقبول سيناريو بائِس قوامه إسقاط الرئيس وحده، والدخول مع لجنته الأمنية فى شرَاكة بإسم الثورة. وَثَقَ الثوَّار فى الأحزاب السياسية فبَاعُوهم للعسكرِ بثَمنٍ بَخس، نتأخَّر إنجاز الثورة الشعبية السلمية، وإنحرفت عن مسَارِها، وتطلَّب ذلك موجات أخرى من المّدِّ الثورِى، حُرِّية سَلام وعَدَالة،
    . والمحطة الراهنة: أنَّ الثورة السودانية ديسمبر 2018م إذا لم يخرج العسكر من صفُوفِها فإنَّ تكرار التجربة المصرية فى السودان مؤكَّدة، وأنَّ العسكَرَ سيسْرِقُونَ الثورَة، وسينتقمون من الشعبِ أسوأَ إنتِقام، وسيزُول السودان، كدولة، من على وَجْهِ الأرض،
    . وفى الختام نُؤكد التالى:
    . الحركات المسلحة تنتج قادة دكتاتوريِّين لا يؤمنُون بالديمقراطية، ويعتمِدُون العُنف والقهر كأدوات للسيطرَةِ وإستِدَامة الحُكم. لذلك، كان الشهيد دكتور جون قرنق وَحْدَوِيَّاً، لأنه فطنَ باكراً إلى أنَّه: فى ظِلِّ السودان الواحد الفدرالى العادِل فقط، يستطيع كبح جِمَاح ثورته التى ستنقلِبُ حتماً، كغيرها، فور نجاحِها، لنظام حُكم دكتاتورى، حيث الحُكم طول العُمر، ثمَّ يرِثه الإخوان الأبناء، وهو من طبيعةِ الأشياء،
    . الحركات المُسلَّحة السودانية الحالية، يمارسُ قادتهم أسوأ أنواع القمع والهيمنة ورفض الرأى الآخر داخل حركاتهم، وليس بينهم من يؤمن بالديمقراطية، أو التحول السلمى للسلطة داخلياً، محلياً، أو على مستوى السودان.. ويمكن لَجم هؤلاء القادة الطُغاة، لحَدٍّ ما، إذا إستمرَّ السودان دولة موحدة، وإذا تمَكَّن الشعبُ السودانى من الهيمنة على ثورته الراهنة وتصحيح مسارها المدنى حتى إكتمالها بتحقيق السلام وأكتمال اجهزة الحكومة الإنتقالية، ودمج قوات الحركات فى القوات الوطنية، وتسريح البقية ليكونوا مواطنين صالحين بدلاً من أدواتِ قتل وقمع بأيدى قادتهم الذين هم فى الأصل طُغاة، وبعضهم مُتوَرِّط فى الإرتزاق وبيع دِمَاء رِفاقه الذين أحَالهم القائد إلى مُرتزَقة يقاتِلُون بمُقابل مادِّى، يقبضه الزعيم رئيس (الحركة)،
    . إنَّ تركَ الحَبلِ على غاربِ رؤساء الحركات المسلحة فى منبر جوبا دون كبحِهم بتدابِير تضمَن تحوِّلهم إلى أجسام سياسية مدنية، وأن يذهبَ الذين لا يرغبون فى العمل السياسى إلى حيث يشاؤون، وإلَّا فأنَّ السودانَ كُلَّه سيكون فى خطرٍ داَهِم،
    . كما أنَّ وُجودَ ملِيشيات الجنجويد والدعم السريع والدفاع الشعبى وكتائب الظِل وقوَّة دِفاع السودان أو (الجيش السودانى)، ومقاتلى الحركات المسلحة.. وجود هذا الكم من التشكيلات العسكرية، ستعيق التحوَّل السياسى السلمِى المدنى كمطلب أساس للثورة الشعبية السودانية،
    . لذلك يجب على الشعب السودانى العمل الجاد والعاجل لحلٍ كافة التشكيلات العسكرية الحالية التى أدمنت قتل الشعب وقمعه، وأعاقت التحول المدنى السلمى للدولة السودانية منذ سبعة عقود، وعلى رأس المليشيات ما يسمَّى بـ (الجيش السودانى) وهو المليشيا الأكبر التى تشَكَّل باكراً على يدِ المُستعمر الإنجليزى، ثمَّ خلفه بعد خروجه. هى مليشيا خارج سلطة القانون، وتضع نفسها فوق الشعب، ومتخصصة فى ممارسة العنصرية والكراهية، وإبادة الشعوب الأصلية السودانية، فيجب على الشعبِ السودانى حل كل هذه المليشيات ومحاسبتها على جرائم الإبادة والتطهير العرقى التى إرتكبتها منذ نشأتها فى 1925م.. وبناء قوات نظامية وطنية، قليلة العدد، قوية المعرفة بمهامها الوطنية، ويتم تأهيلها بالتدريب المُستمر،
    وبذلك فقط نكون قد وضعنا حجر الأساس لبناء دولة مدنية حُرَّة وسِليمة وعادلة، قابِلة للحياة والتطور، وصولاً للرَفاهِ فى أقرَبِ وقتٍ مُمكِن.





























                  

العنوان الكاتب Date
حركات الكِفاح المُسلَّح تنتهى عادَةً إلى أنظمة ديكتاتورية باطشة بقلم عبد العزيز عثمان سام عبد العزيز عثمان سام06-28-20, 03:17 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de