|
Re: حول مفهوم الدولة المدنية: مدخل سوسيوسياسي (Re: حسين أحمد حسين)
|
عشرُ مسائل فى التنوير الديموقراطى (بتصرف من المقال الأصل):
1- أيها السودانى النبيل؛ كُنْ ما تشاء، فقط لا تكُن عاطلاً عن الوطن.
2- توشكُ الحريةُ والديمقراطيةُ أنْ تكونا من شروط صِحة التَّديُّن.
3- الثورة الوطنية الديمقراطية بمعناها الليبرالي هى ترسيخ قواعد الديمقراطية والثقافة المدنية تربوياً وثقافياً وسياسياً، وبالتالى مؤسسياً؛ بالقدر الذى لو اعتلى سدةّ الحكم فصيلٌ عقائدىّ، فإنَّه يتعفَّف عن تسخير الدولة لجهة تحقيق مكاسب سياسية واقتصادية واجتماعية لصالح المعتنقين لعقائده وأيديولوجياته.
4- "العلمانية صفة للدولة"، ومن الخطأ أن ننعتَ شخصاً ما بأنَّه علمانى:
إنَّ من الأخطاء المنهجية الشائعة المُتَعَمَّدة من قِبَل الإسلام السياسى، أنْ يَصِفَ شخصاً ما بأنَّه علمانى. فالعلمانية هى وَصْفٌ للدولة لا للأشخاص (كما يقول د. عزمي بشارة)، ولكن يحقُّ لنا أن نُّسمِّى الأشخاص الذين يُدافعون عن علمانية الدولة بدعاة الدولة العلمانية. خاصةً أنَّ من بين دعاتها أُناسٌ متديِّنون غاية التَّديُّن، وبالتالى نعتهم بالعلمانيين (أى المُبتَعِدين عن الدين) من قِبَل الإسلام السياسي مسألة غير دقيقة، مغروضة، تكفيرية، واقصائية فى نهاية التحليل.
5- إنَّ الدولة التى تقوم على الجبرِ والقهر، ولا تقوم بذاتها الديمقراطية فى المناخ الديمقراطى، غير قابلة للحياة مهما امتدَّ أجلُها. فالتطور الذى يشُقُّ طريقه حتف الأنوف، سيجعل أبناءَ الطغاةِ وأحفادَهم أكثر إستنارة من أسلافهم (وإنْ كانتْ إستنارتُهُم بمالٍ مسحوت). وسيتلاشى الجبرُ والقهر، ووقتها فقط سيعلم الأخْلافُ المستنيرون، كم كان خصومُ أسلافِهم متقدمين فى الفكر والوعى، وكم كان تخلُّفُ آبائهم مُكْلِفاً، وكم كانت استنارتُهُم مُكْلِفة.
6- توجد فى الإسلام سياقات فكرية تستوعب الممارسة الديمقراطية البرلمانية بمعناها المؤسسي الراسخ الآن. أمَّا لماذا لم تُمارس الديمقراطية المؤسسية من قبل، فذلك لأنَّ سياقها التاريخى لم يَحن بعد. وقد تَحَسَّبَ الصحابة رضوان الله عليهم لمقبل الأيام، فسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ماذا يفعلون فيما لم يرد فيه نص من كتابٍ أو سُنَّة؟ فقال صلى الله عليه وسلم: "سلو الصالحين واجعلوه شُورى بينكم"، وفى رواية أُخرى قال: "تشاور الفقهاء والعابدين، ولا تمضوا فيه رأىَ خاصَّة".
فالشورى بمعنى الإسترشاد واستطلاع الرأى كانت سائدة فى ظل نمط الإنتاج الخراجى، غير أنَّها لم تعد كافية لتلبية مقتضيات نمطَىْ الإنتاج الإقطاعى والرأسمالى. وهنا علينا الرجوع للكتاب والسنة؛ هل ثمة آية (أو حديث) تحمل معنى الديمقراطية بمعناها البرلماني المؤسسى السائد اليوم وظلَّتْ تبحث عن السياق التاريخى الذى يُفسِّر ذلك المعنى؟ أقولُ نعم توجد الآية؛ فقد قال الله تعالى فى سورة النمل: (قالت يا أيُّها الملأُ أفتونى فى أمرى ما كنتُ قاطعةً أمراً حتى تشهدون).
وعن هذه الآية يقول الإمام القرطبى فى المسألة الأولى من بين ثلاث مسائل متعلقة بشرحها: "الملأُ أشرافُ القوم ... قال ابن عباس: كان معها ألفُ قَيْل، وَقَيْلٌ: إثنا عشر ألف قَيْل، مع كلِّ قَيْل مائة ألف. والقَيْلُ الملكُ دون الملك الأعظم. فأخذت في حسن الأدب مع قومها، ومشاورتهم في أمرها، وأعلمتهم أنَّ ذلك مطرد عندها في كل أمر يعرض، "ما كنتُ قاطعةً أمراً حتى تشهدون"، فكيف في هذه النازلة الكبرى. ... قال قتادة: ذُكِرَ لنا أنَّه كان لها ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً هم أهل مشورتها، كلُّ رجل منهم على عشرة آلاف".
فهل الملأُ هنا إلاَّ أعضاء البرلمان (نوَّاب الدوائر)، وهل القَيْلُ إلاَّ وُلاةُ الأقاليم بنوابِ دوائرهم! فهذه الآيات تعكس عندي بجلاء حالاً من التمثيل النيابى (حتى تشهدون)، وفى تقديرى المتواضع هى آيات الديمقراطية البرلمانية النيابية، ولكنَّها ظلَّت بعيدة عن التناول حتى بعد حلول سياقها التاريخى؛ وذلك إمَّا لأنَّ القائمين على الأمر فى بلداننا لا يريدون تغييراً يمسُّ أوضاعَهم الراهنة، أو لأنَّنا لم نستوعبها، وهذا أمرٌ مستبعد.
7- عدلُ الحاكم الشخصى مرتبطٌ بورعِهِ، أمَّا عدل دولتِهِ ومجتمعِهِ فيرتبطان بمؤسسات الديمقراطية والشفافية. إذْ لا يكفى أن يكون الحاكمُ وَرِعاً لتكون دولتُهُ ومجتمعُهُ عادليْن وديمقراطِيَيْن. ولكن بمقدور المؤسسات الديمقراطية أنْ تخلُقَ حاكماً ورِعاً، ودولةً ورِعة، ومجتمعاً ورِعاً؛ وإن لَّم يكونوا كذلك.
فالخلفاءُ الرّاشدون (رضوانُ اللهِ عليهم) كانوا عُدولَ وَرَع، لا عُدول مؤسسات ديمقراطية (كانت تلك المؤسسات جنينية أبّان هيمنة الأيديولوجى فى زمن سيادة نمط الإنتاج الخراجي). لذلك لم يدُم عدلُهُم زماناً طويلاً.
وهب أنَّ ذلك العدل كان مؤسَّسِيّاً، كذاك الذى كان للنجاشى وخاليوت بن بعانخى فى دولة كوش بالجوار، لكان اليوم عندنا إسلام من نوع آخر: إسلام العقل الحر والتفكير الحر، لا إسلام داعش ولا طالبان، ولا النصرة ولا الأخوان. ... واللهُ وحده المستعان.
8- العمال والعملية الإنتاجية برمتها أكثر إنتفاعاً من ديمقراطية العملية الإنتاجية، إذا ما قورنت بديكتاتورية البروليتاريا (وغيرها من الديكتاتوريات). وفى ظل ديكتاتورية البروليتاريا فإنَّ شريحة الدولة هى التى ستلعب دور الرأسمالى فى الشئون الداخلية (كالتوظيف وغيره) والخارجية (التبادل مع العالم الرأسمالي)، وبالتالى هى من سيجنح للديكتاتورية لا البروليتاريا/العمال.
وإذا علمنا أنَّ شريحة الدولة هى بالأساس تنتمى للطبقة البورجوازية فى التصنيفات الحديثة، إذاً يتعذر قيام ديكتاتورية بروليتاريا، وستنهض مكانها ديكتاتورية رأسمالية أشرس من الرأسمالية فى ظل نظام ديمقراطى. وهنا تنتفي الحاجة والمسعى إلى ديكتاتورية البروليتاريا، إذ الأصلح للبروليتاريا هو الثورة الوطنية الديمقراطية.
9- لقد ثبت لنا من إستقصائنا لواقع التشكل الإقتصادى الإجتماعى فى السودان، أنَّ أحزاب الشرائح الرأسمالية: الأمة، الاتحادي، الجبهة (خاصة الشريحة ذات الهيمنة) غير معنية بالديمقراطية من الناحية العملية. إذ ما نالته بالديكتاتورية، لم تنله بالديمقراطية؛ تلك التى تزيد من الحركة المطلبية للعمال والقوى الحديثة والمهنية، وتزيد من إمكانية حدوث توازن فى العملية الإنتاجية لمصلحة جميع شركاء العملية الإنتاجية، وبالتالي يقل ابتزازهم للعمل والعمال، فيُقلِّل ذلك من الأرباح وعمليات تراكم رأس المال.
وفى واقعٍ كهذا، فإنَّ تحالف أحزاب البورجوازية الصغيرة المرحلي مع الشرائح الرأسمالية لإنجاز قضايا العمال/التوازن فى العملية الإنتاجية/الثورة الوطنية الديمقراطية (لا مع الشرائح العمالية والقوى الحديثة والمهنية المنتفعة من الديمقراطية، والمغيبة عمداً فى المشهد السياسى السودانى) هو عين التَسَيُّبِ السياسى، ويأتى بنتائج عكسية؛ يُكرِّس للديكتاتورية، يُفرِّخ اليأس، ويُعشى النَّاسَ عن البديل.
10- وحدُهُ الطيْر، المُخوَّلُ بالحديث عن الحريةِ فى هذا العالم.
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
حول مفهوم الدولة المدنية: مدخل سوسيوسياسي تأشيري | حسين أحمد حسين | 08-06-19, 06:20 PM |
Re: حول مفهوم الدولة المدنية: مدخل سوسيوسياسي | حسين أحمد حسين | 08-07-19, 00:25 AM |
Re: حول مفهوم الدولة المدنية: مدخل سوسيوسياسي | حسين أحمد حسين | 08-08-19, 03:29 AM |
Re: حول مفهوم الدولة المدنية: مدخل سوسيوسياسي | عبد الصمد محمد | 08-08-19, 01:34 PM |
Re: حول مفهوم الدولة المدنية: مدخل سوسيوسياسي | حسين أحمد حسين | 08-09-19, 00:20 AM |
Re: حول مفهوم الدولة المدنية: مدخل سوسيوسياسي | محمد حيدر المشرف | 08-09-19, 05:22 AM |
Re: حول مفهوم الدولة المدنية: مدخل سوسيوسياسي | محمد حيدر المشرف | 08-09-19, 05:27 AM |
Re: حول مفهوم الدولة المدنية: مدخل سوسيوسياسي | adil amin | 08-09-19, 07:38 AM |
Re: حول مفهوم الدولة المدنية: مدخل سوسيوسياسي | جمال المنصوري | 08-09-19, 10:45 AM |
Re: حول مفهوم الدولة المدنية: مدخل سوسيوسياسي | حسين أحمد حسين | 08-09-19, 11:36 AM |
Re: حول مفهوم الدولة المدنية: مدخل سوسيوسياسي | حسين أحمد حسين | 08-09-19, 11:20 PM |
Re: حول مفهوم الدولة المدنية: مدخل سوسيوسياسي | حسين أحمد حسين | 08-10-19, 02:21 AM |
Re: حول مفهوم الدولة المدنية: مدخل سوسيوسياسي | جمال المنصوري | 08-10-19, 05:16 PM |
Re: حول مفهوم الدولة المدنية: مدخل سوسيوسياسي | حسين أحمد حسين | 08-10-19, 11:34 PM |
Re: حول مفهوم الدولة المدنية: مدخل سوسيوسياسي | حسين أحمد حسين | 08-12-19, 07:24 PM |
Re: حول مفهوم الدولة المدنية: مدخل سوسيوسياسي | محمد حيدر المشرف | 08-13-19, 05:28 PM |
Re: حول مفهوم الدولة المدنية: مدخل سوسيوسياسي | جمال المنصوري | 08-13-19, 06:39 PM |
Re: حول مفهوم الدولة المدنية: مدخل سوسيوسياسي | حسين أحمد حسين | 08-13-19, 10:29 PM |
Re: حول مفهوم الدولة المدنية: مدخل سوسيوسياسي | حسين أحمد حسين | 08-13-19, 11:04 PM |
Re: حول مفهوم الدولة المدنية: مدخل سوسيوسياسي | جمال المنصوري | 08-14-19, 10:16 AM |
Re: حول مفهوم الدولة المدنية: مدخل سوسيوسياسي | محمد حيدر المشرف | 08-14-19, 02:54 PM |
Re: حول مفهوم الدولة المدنية: مدخل سوسيوسياسي | كمال عباس | 08-14-19, 03:14 PM |
Re: حول مفهوم الدولة المدنية: مدخل سوسيوسياسي | كمال عباس | 08-14-19, 03:23 PM |
Re: حول مفهوم الدولة المدنية: مدخل سوسيوسياسي | كمال عباس | 08-14-19, 03:29 PM |
Re: حول مفهوم الدولة المدنية: مدخل سوسيوسياسي | كمال عباس | 08-14-19, 03:35 PM |
Re: حول مفهوم الدولة المدنية: مدخل سوسيوسياسي | كمال عباس | 08-14-19, 03:46 PM |
Re: حول مفهوم الدولة المدنية: مدخل سوسيوسياسي | عبداللطيف حسن علي | 08-14-19, 05:16 PM |
Re: حول مفهوم الدولة المدنية: مدخل سوسيوسياسي | حسين أحمد حسين | 08-14-19, 09:51 PM |
Re: حول مفهوم الدولة المدنية: مدخل سوسيوسياسي | حسين أحمد حسين | 08-15-19, 00:16 AM |
Re: حول مفهوم الدولة المدنية: مدخل سوسيوسياسي | كمال عباس | 08-15-19, 01:43 AM |
Re: حول مفهوم الدولة المدنية: مدخل سوسيوسياسي | كمال عباس | 08-15-19, 01:47 AM |
Re: حول مفهوم الدولة المدنية: مدخل سوسيوسياسي | حسين أحمد حسين | 08-15-19, 08:11 AM |
Re: حول مفهوم الدولة المدنية: مدخل سوسيوسياسي | حسين أحمد حسين | 08-15-19, 08:19 AM |
Re: حول مفهوم الدولة المدنية: مدخل سوسيوسياسي | حسين أحمد حسين | 08-15-19, 08:25 AM |
Re: حول مفهوم الدولة المدنية: مدخل سوسيوسياسي | حسين أحمد حسين | 08-15-19, 10:22 AM |
Re: حول مفهوم الدولة المدنية: مدخل سوسيوسياسي | حسين أحمد حسين | 08-15-19, 09:52 AM |
Re: حول مفهوم الدولة المدنية: مدخل سوسيوسياسي | حسين أحمد حسين | 08-15-19, 09:00 AM |
Re: حول مفهوم الدولة المدنية: مدخل سوسيوسياسي | حسين أحمد حسين | 08-15-19, 08:55 AM |
Re: حول مفهوم الدولة المدنية: مدخل سوسيوسياسي | كمال عباس | 08-15-19, 12:38 PM |
Re: حول مفهوم الدولة المدنية: مدخل سوسيوسياسي | كمال عباس | 08-15-19, 01:01 PM |
Re: حول مفهوم الدولة المدنية: مدخل سوسيوسياسي | حسين أحمد حسين | 08-15-19, 10:45 PM |
Re: حول مفهوم الدولة المدنية: مدخل سوسيوسياسي | حسين أحمد حسين | 08-15-19, 11:48 PM |
Re: حول مفهوم الدولة المدنية: مدخل سوسيوسياسي | حسين أحمد حسين | 08-17-19, 06:12 AM |
Re: حول مفهوم الدولة المدنية: مدخل سوسيوسياسي | جمال المنصوري | 08-17-19, 06:47 AM |
Re: حول مفهوم الدولة المدنية: مدخل سوسيوسياسي | حسين أحمد حسين | 08-17-19, 03:46 PM |
Re: حول مفهوم الدولة المدنية: مدخل سوسيوسياسي | حسين أحمد حسين | 08-17-19, 04:56 PM |
Re: حول مفهوم الدولة المدنية: مدخل سوسيوسياسي | حسين أحمد حسين | 08-17-19, 07:23 PM |
Re: حول مفهوم الدولة المدنية: مدخل سوسيوسياسي | جمال المنصوري | 08-18-19, 06:45 AM |
Re: حول مفهوم الدولة المدنية: مدخل سوسيوسياسي | جمال المنصوري | 08-18-19, 07:10 AM |
Re: حول مفهوم الدولة المدنية: مدخل سوسيوسياسي | حسين أحمد حسين | 08-18-19, 06:17 PM |
Re: حول مفهوم الدولة المدنية: مدخل سوسيوسياسي | جمال المنصوري | 08-19-19, 05:42 AM |
Re: حول مفهوم الدولة المدنية: مدخل سوسيوسياسي | حسين أحمد حسين | 08-19-19, 01:32 PM |
Re: حول مفهوم الدولة المدنية: مدخل سوسيوسياسي | حسين أحمد حسين | 08-19-19, 06:51 PM |
|
تعليقات قراء سودانيزاونلاين دوت كم على هذا الموضوع:
at FaceBook
|
|