قفـــا نبك من ذكري حبيب و منزل ...... بســــــقط اللوي بين الذحــول فحومل
يؤكد أستاذ اللغة العربية و الحصــة الخامســة تلفظ أنفاســها بأن "ســقط اللوي" موقع بين "الذحول" و "حومل". و نحن نتقبل ذلك بلا جدال و نضيفهــا كمعلومــة هامــة إلي حصـيلة معلوماتنا عن تاريخ الأمة العربية التي يختلف مثقفونا حول درجة إنتمائنا إليها. فتجد هويتنا تتأرجح بين من يرانا جزءاً لا يتجزأ من الأمة العربية و بين من يرانــا " في آدم و حواء ما بنتلاقا " وليس هذا موضوع هذا المقال و لا علاقة له بما نود طرحه من سؤال،
فسؤالنا سادتي أننا عرفنا في وقت مبكر و في عمر مبكر موقع "ســـقط اللوي" العربي - بين الذحول و حومل - ولكنا لم يعرف حتي الأن موقع "ســقط لقـط " الســـوداني و لم نهتم. فـلمــاذا ؟.
إكتفينــا بمعرفة أنه مكان بعيد جداً عن مكان نتواجدنا أينمـــا كنــا، وأن الذهاب إليه غالباً ما يعبر عنه بال "مرقة" فنقول " مارقهــا في سقط لقط" أو فلان "مرق بينا في ســقط لـقط " . و عرفنا أنه موقع غير محدد الإتجاه. وبرغم ذلك لم يتوقف الناس عن زيارته و بإســـتمرار فالذي يسير غرباً يمرقها في سقط لقط و الذي يسير شــرقاً ســــيمرقها هناك أيضـــاً. إن عاجلاً أو آجلاً
و ليس "سقط لقط " هو المكان السوداني الوحيد المجهول الموقع - أو ما يعرف في علم الجغرافيــا بالإحداثيات - بل هناك مواقع أخري لا تقل شهرة و لم تنقطع عنها الأرجل جيئة و ذهـــاباً برغم مجهولية أماكن تواجدها ، مثل ما يعرف بـ " الســـماء الأحمــر " . و هو المكان الذي يتســـم الذهاب إليه بالتحدي. و قد لاحظ الباحثون و جود علاقـة كبيرة بين الذهاب إلي السماء الأحمر و بين الســفـر خارج الحدود . يحتاج الســفر عبر الدول إلي " تأشــيرة " بينما يحتاج هذا إلي " تكشـــــيرة " . الســـفر عبر الدول مرتبط ـ "الجواز" و الذهاب إلي السماء الأحمر مرتبط بـ " الزواج " فتجد أغلب زوارها من الأزواج : " ياخي إنتي مالك ؟ ماشي الســماء الأحمر ". و التحــدي يســـتمر حتي بعد العودة بالســلامة : " جايي من السماء الأحمر. خلاص إرتحت؟ "
أما "التوج" فهو موقع سوداني آخر . لكنه غير مرغوب إطلاقاً و لا يرتاده الناس إلا مكرهين و مدفوعين إليه دفعــاً بغير إرادتهم، فالذاهب إلي التوج لا بــد أن يكون قد ذهب إليه بفعل فاعل ، مكره لا بطل. و لم يســـجل في تاريخ هذه الأمة -الســودانية - إعتراف واحد بالذهاب إلي "التوج" - عزة و جعولية ، إلا أن الناس تشــهد و تســمع بإســتمرار كلمات الوعيد و التهديد بالإرســال إلي التوج: و الله أضربك كدا أوديك التوج أو " والله إنت تباري لي الزول دا لمن يوديك التوج " و الغريب أنني أفهم أن كلمة التوج في اللغة العربية تعادل القمة و المكان العالي، وأنها من جنس كلمتي التاج و التتويج . بعكس ما يدل عليه "التوج" السوداني.
أما المكان الرابــع في ســلســـلة الأماكن الســــودانية الشــهيرة التي لا يوجد علي الخريطـــة فهــو " البلد التي طيرهـــا عجمي ". و يعرف بأنه المكان الذي يصله الناس بغيرمـــا تخطيط ، و غالبــاً ما تقودنــا إليه الصـدفــة ، فبدلاً عن أن نصل إلي وجهـــة محددة منشـــودة كثيراً ما نجـد أنفســـنا و قد مـرقـــناها في " بلـداً طيرها عجمي ".
و قاموس ثقافتنا السودانية زاخر بأمــاكن و مواقــع ســـــــميناها نحن و أجدادنـــا ما أســــــكن الله بهـــا من إنـســان، ولا جــان . فكل ما في الأمــر أننــــا شــعب نهـــوي الحكاوي و روايــة القصص و الحكاوي و القصص لا تحلــو إلا بالمبالغـــة . ومن هنــا إخترع خيالنــا هذه المواقـــع لتتســـق مع صيغ المبالغــة في التعبير التي نجمل بها حكاوينــا. فـ (سقط لقط) للمبالغــة في البعد و (طيرها عجمي) للمبالغة في الغـرابـة وهكذا
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة