الوجه الآخر لقطر وقناة الجزيرة بقلم محمد كمال الدين

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-23-2024, 07:30 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2018م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
01-08-2019, 04:11 AM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 48724

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الوجه الآخر لقطر وقناة الجزيرة بقلم محمد كمال الدين

    03:11 AM January, 07 2019

    سودانيز اون لاين
    Yasir Elsharif-Germany
    مكتبتى
    رابط مختصر

    الوجه الآخر لقطر وقناة الجزيرة بقلم محمد كمال الدين

    01:02 AM January, 07 2019
    سودانيز اون لاين
    محمد كمال الدين-UK-لندن
    مكتبتى
    رابط مختصر



    تستوقف المرء أحياناً مناظير جديدة لمسلمات يخالها لا تحتاج المساءلة. و ما أصعب تلك اللحظات! شدها و جذبها أمر صعيب على الأعصاب: هكذا يكون التحدي الفكري و عناء الخروج من القوالب الجامدة.
    إستوقفني قبل أشهر كتاب باللغة الفرنسية عنوانه (مترجماً) :"القبيح الصغير قطر. هذا الصديق الذي يريد بنا شراً " للكاتبين الفرنسيين نيكولا بو " البروفسور بجامعة باريس ، و " جاك مارى بورجيه " الخبير فى سياسات الشرق الأوسط.
    قدم الكتاب عرضاً مغايراً لقطر التي نعرفها (على الأقل نحن السودانيون). 
في غير تردد مضى الكاتبان في تحطيم صورة البهاء القطرية المعهودة و قدما للقارئ معلومات من عينةِ لا عيناً رأتها و لا أذناً سمعتها و لم تخطر ببال المتابعين للجزيرة و قناة السودان (المبدعتين في التزويق).
    فاتحة الكتاب صادمة جداً. فهي سرد لمجموعة من الفضائح الأخلاقية التي يقوم بها الأمراء القطريون في صيف أوروبا الدافئ : ليال حمراء و طاولات خضراء، فضائح جنسية و عقارات بالملايين تشترى في سبيل سويعات سريرية مع فاتنات الشمال الإفريقي....
    ينتقل بعد ذلك الكاتبان لتحليل بعض العلاقات المشبوهة بين أمراء قطر و مسؤولي الحكومات الفرنسية السابقة بما فيهم نيكولا ساركوزي: صفقات مليونية مقابل السكوت عن قضايا إنتهاك حقوق الإنسان ضد الوافدين الأجانب في قطر و الإضطهادات التي يتعرض لها الصحافيون و الباحثون المناهضون للنظام القطري.
    لا يرحم الكاتبان الأسرة الحاكمة حتى في علاقتها الداخلية و يخوضان في حديث مستفيض عن الصراع الداخلي على السلطة و التنازع على المستحقات و العلاوات و الانقلابات الخ الخ.
    عن الشيخة موزة يقولان : "إنها البلهاء المفيدة". هي تلمع لدولتها و تبرزها في حلة عصرية تغطي وجهها الوهابي الحقيقي.
    قطر في فصل من فصول الكتاب سارقة المونديال الكروي 2022 عبر الرشاوي و التزوير و في فصل آخر داعمة الإرهاب و التطرف الديني في الضواحي الباريسية.
    أما عن قناة الجزيرة فيزعم الكاتبان أنها صناعة يهودية بإمتياز. و يؤكدان بأن المحطة أنشئت بمبادرة و مباركة الأخوين الفرنسيين اليهوديين جان و ديفيد فريدمان بغرض التخفيف من حدة النزاع الفلسطيني-الإسرائيلي. بمعنى آخر، اليهود هم من أنشؤوا الجزيرة لكي تؤثر في الرأي العام العربي بشكل يخدم إسرائيل.
    للأسف، ليست للكتاب نسخة عربية و لا أتعجب أن تتبنى دول الحصار تمويل مشروع ترجمته كجزء من مشروعها إياه.
    ****
قل ما سمعنا نقدا حادا كهذا عن قطر...
كل هذه الآراء تعود إلى صاحبيها بطبيعة الحال. و لا يستطيع المرء تبني رواية الكاتبين بشكل تام خصوصا أنهم (على غير عادة الأكاديميين) أغفلوا إضافة المراجع التي إستخدموها. 
و لكنا بالمقابل، لا نستدطيع دحض هذه الحجج بالكلية أيضاً. إذ لا تكفينا مشاهد الجزيرة الموجهة (كي لا أقول المسيسة) في هذا الغرض...
    فلنعتبر هذا الكتاب إذن لفتة نظر إلى إحتمالية وجود وجه آخر لهذه الدولة التي عرفناها على غير ما قيل فيها. و دور التقصي و التدقيق يقع على عاتق المهتم بالمبحث أو المكذب لما جاء أعلاه.
    **** 
تساؤلات ما بعد القراءة:
    لماذا تسعى حكوماتنا لتوجيهنا عاطفياً لبُغض تلك من الدول و حُب تلك؟ و لماذا نُسلّم نحن بحقيقة هذه الصور المفروضة علينا ؟
و هل يهم محمد أحمد الغلبان و حواء الشقيانة إن كان تميم صالحاً أو كان أوباما طالحاً؟ 
أو ليس همنا كمواطنين هو الخبز و الحرية و لا شيء غير الخبز و الحرية؟
--
    آه كم أحلم بوطن مستنير لا يقبل بقشور المسلمات و يغوص تحليلاً و تدقيقاً في تفاصيل المطروح!
أحلم بإخوان لا يخدعهم زيف الشعار...
أحلم بمجتمع مدني نبنيه أنا و أنت و نحن... لا هو و هي و هم و هن...
حينها سيبزغ عصر الأنوار السوداني... و سنشيد وطناً عريضاً يسع الجميع.

    لكم ودي
    محمد كمال الدين
    [email protected]




















                  

01-08-2019, 04:22 AM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 48724

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الوجه الآخر لقطر وقناة الجزيرة بقلم محمد � (Re: Yasir Elsharif)

    أول مرة أقرأ لهذا الكاتب السوداني الشاب. وبحثت فوجدت له مقالات أخرى سأضع بعضها عسى أن تكون مفيدة.

    ـــــــــــــــــــ
    من سودانايل بتاريخ 25 ديسمبر، يعني بعد بداية ثورة 19 ديسمبر الجارية على قدم وساق.
    ـــــــــــــــ

    حناجر ضد الثورة: ماذا بعد إغتصاب "الفرنسية"؟ .. بقلم: محمد كمال الدين
    التفاصيل
    نشر بتاريخ: 25 كانون1/ديسمبر 2018

    جذابةٌ خلابة! ذوابةٌ أخاذةٌ سلابة!
    تتهافت على قربها الحشود؛ و تتدافع على إقتباس شيء من عبقها أجسادٌ و أرواحٌ و عقولٌ مخمورة بحبها.
    في تسعينات القرن الماضي، عجز الأنيق كمال الدين عن الإيقاع بمعشوقته المستعصية. و عانى طويلاً من قُرب حبيبٍ ما إليه وصول. و لما آلمه الظمأ ، قرر أن يموت عطشاً على أن يرتوي غيره حباً. هكذا أرسلني والدي إلى مدرسة إبتدائية فرنسية لأنظم أبياتاً فولتيرية و أتشبع حرية مونتسكية. كان أبي يعلم بأن اللغة الفرنسية تعشق الحناجر الصغيرة؛ تتفنن في النحت على حبالها الصوتية المرنة. و تستعصي على الحناجر العتيقة المتصلبة؛ بإستثاء اللواتي ترضين الركوع عند أدبها الملائكي و التعبد عند محرابها الصوتي الجميل. اللغة الفرنسية ليست للجميع!
    يبدأ صباح المدرسة الفرنسية بشلالات من الBonjour الرومانسية لينتهي على ألحان Charles Aznavour التي كانت مدام هاريكو تسمعنا إياها. كان أزنافور قديساً جليلاً في هذه المدرسة: الكل يعشقه. فهو أبو السيد الفرنسي الذي زاوج رونق اللغة الفرنسية و سحر الأوتار الكلاسيكية.
    مات أزنافور منذ أشهر. و لكن سحر الBonjour لم يمت. إنه سحر من نوع خاص...
    ----
    قبل سنوات، كان تلفزيون السودان القومي (في إطار الفشخرة أو "كسير الثلج" لا أدري) يبث نشرة أسبوعية بلغةٍ أسماها المخرج "فرنسية". يطلع علينا في هذه النشرة، رجل وسيم، معتدل السمرة أي "أصفراني" مطابق لمواصفات البث السودانية و لله الحمد. يمثُل الرجل أمام العدسة في شموخ جلابي رصين. و يستخدم لغة جسد تنم عن كفاءة عالية و ثقة متزنة. هكذا المذيعون "ولا بلاش"! جاذبية الشكل و التموضع فيهم تطغى على فحوى المقول. و من ثم تتخبط شفاه الرجل في كل إتجاهات الجغرافيا. و تنبعث من حنجرته طلاسم "بلغمية" مزعجة جداً يتوهم المذيع و المستمع معاً بأنها لغة فيكتور هيقو. و ما كانت إلا لغة ضفادع ود العقلي!
    كانت لغة المذيع سيئة للغاية: سيل من "التطاقشات" الحروفية المتنافرة بسحنة حلقية سودانية. عجين لغوي قبيح و مهين لموسيقية اللحن الباريسي الدافئ. لا أعتقد بأن السفير الفرنسي كان يحضر هذه النشرات. الفرنسيون يعشقون لغتهم و قد صارعوا من أجل نشرها الأمم و بقروا لإعلاء شأنها البطون. نشرة بهذه الركاكة قد يعتبرها أبناء "دي قول" إهانة للشعب الفرنسي و يمكن أن تخلق أزمة دبلوماسية خاشقجية.
    دعوت ذات يوم صديقاً فرنسياً لتناول "التقلية" في بيتنا الخرطومي المتواضع. و لسوء الحظ طلع علينا عبد الملك النعيم في الشاشة "يجغفس" اللغة الفرنسية "جغفيساً" شنيعاً. إحمر وجه الصديق و ثقلت التقلية في فمه. إبتلع لقمته بصعوبة ثم نهض من المائدة و قال في حرقة : لماذا يتركونه "يغتصب"الفرنسية؟
    --
    يقول كال نيوبورت (Cal Newport) في كتابه "العمل العميق" (Deep Work) بأن الإبداع ثمرة عمل منتظم و عميق و ليس مصادفةً أو أمراً فطرياً. و يشدد على أن العائق الأساسي للإبداع هو السطحية و الإفتقار للعمق و التركيز. يدعونا كال لإيقاف السياحة الذهنية و التركيز على أمر محدد نعمل عليه بإنتظام صارم.
    لقد كان أزنافور نموذجاً رائعا للعمل العميق. فقد خلف الرجل وراءه إرشيفا فنياً مبدعاً. و ترك إرثاً صوتياً يشهد على ليال الكد و الإجتهاد المرَكَّز الذي حدثنا كال نيوبورت عنه. و حينما إنتقل أزنافور إلى رحمة مولاه، شيعت جثمانه آلاف مؤلفة من البشر و بكيناه كما بكينا الحوت من قبله. أولئك قوم زانوا اللغات و لم تزنهم.
    أما أرشيف النعيم الفرنسي فهو عارٌ على هذه اللغة و عارٌ على السودان. آه كم كان يحكي عن الإفتقار للعمق و التركيز! بحثت من دون جدوى عن آثاره في كل مكان؛ و إحتار اليوتيوب في الطلب. رباه لك الشكر! فقد إختفى هذا الأرشيف المخزي في إحدى قاطرات "قطر عجيب" الخلفية.
    لقد أخطأ التفزيون القومي في حق اللغة الفرنسية و الشعب الفرنسي و الفراكفونيين أجمعين. و أخطأ في حق طلاب الفرنسي المحبطين من توزيع الوظائف الواجهية بالولاءات لا بالكفاءات. و أخطأ في حق الشعب السوداني الذي خدعه و باعه بضاعة فرنسية مزيفة في سبيل التلميع لأحد أبواق النظام.
    ---
    ما علاقة هذا بالثورة؟
    بثت هذا المساء قناة روسيا اليوم العربية (RT Arabic) لقاءاً مع ذات الحنجرة النعيمية المُحبِطة. و كعادة هكذا حناجر، صوبت ألسنة اللهب في وجه الثورة و الثوار. و بسط النعيم لأبيه الإنقاذ فراش المعاذير و المؤامرات الخارجية. و ألقى مسؤولية الجوع و الظمأ الشعبي على عوامل الإقتصاد الخارجي و ميتافيزيقا اللاإنقاذ.
    إغتصاب آخر يا نعيم؟!
    اليوم تحرق مفارش الطغيان ! فالثورة ماضية ماضية. و أسباب الجوع الحقيقة -التي إستؤجرت الأبواق لدسها-، إنما هي بائنة بينونة كبرى: هي السطحية و الإفتقار للعمق و التركيز الذي يمثله النعيم و أقرانه.
    سيظل جمهور العاشقين للفرنسية على عهد الحب مع مبدع العمل العميق أزنافور. و سيحاولون تناسي ذكرى الإحباط النعيمي الذي دب في نفوسهم ذات مساء. فما حلقات النعيم إلا نقطة في محيط الإغتصابات التي إرتكبها نظام الإنقاذ.
    ---
    إخواني/تي، إن أبواق الإنقاذ تنشر نفاياتها الفكرية على شاشات التلفاز. فسدوا الأنوف و امضوا في سبيل الخلاص!
    حي على "العمل العميق" (Deep Work) من أجل توحيد الصف في وجه الشمولي!
    حي على العمل العميق من أجل التصدي لتكتيكات الإلهاء التي ينتهجها الدكتاتور!
    ---
    آه كم أحلم بوطن يعمل بعمق على ملف الخلاص..
    كم أحلم بوطن تسقط فيه أقنعة السطحية
    كم أحلم ببناء وطن عريض يسع الجميع...

    محمد كمال الدين
    [email protected]
                  

01-08-2019, 04:49 AM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 48724

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الوجه الآخر لقطر وقناة الجزيرة بقلم محمد � (Re: Yasir Elsharif)

    وهذا مقال آخر بتاريخ 13 أكتوبر 2018 نشر في سودارس:

    ــــــــــــــــ

    إنقاذ السودان وهورلا موباسان .. بقلم: محمد كمال الدين
    سودانيلنشر في سودانيل يوم 13 - 10 - 2018
    في مسكن فسيح رحب تحفه الأشجار و تُطل شرفته على نهر السين الباريسي الجميل، يسكن وحيداً رجلٌ أنيقٌ لم يخبرنا الروائي الفرنسي قي دو موبسان بإسمه . صخورٌ خلابة تحيط بمنزله، و نسيمٌ عليلٌ يتجول في باحاته المضيئة. هكذا حياة السعداء! خدم وحشم، بستاني وفراش و طباخ : فيلق من المأجورين يقوم على توفير سبل السعادة لهذا الرجل الأنيق.


    و لكن هيهات للسعادة أن تكون وليدة المادة!
    فجأة، بدأت حياة الرجل الأنيق بالإنحدار نحو سفح التعاسة. و عجزت خدمات الخدم و فرش الفّراش و موائد الطباخ عن إهدائه نصف إبتسامة صباحية. فيالق الرخاء القشورية ليست إلا طيف سعادة في توهمات الجوعى!
    ---
    في أحضان الشرق الإفريقي، ترقد عروس فارعة القوام ممتدة الأذرع. صفراوية خضراوية، تراقب في إتكاءة حالمة بحراً احمراً يفصلها عن بيوت الرحمن؛ و تزين صدرها سلاسل نيلية تلتقى حيناً و تفترق حيناً. إنها السودان. (لماذا ذكورية التسمية؟)
    سودانٌ تخاطفت على ما تحت أرضها و مافوقها أعتى قوى الإستعمار. و ناضل شعبها طويلاً لميلاد يومٍ يرفع فيه الأزهري و المحجوب راية الحرية و الإستقلال.
    ثم حدثنا التاريخ عن أبنائها الذين إغتصبوها و عن آخرين فارقوا الدنيا في سبيل الحفاظ على شرفها (أي ديمقراطيتها). و عن صراع إحتدم بين المغتصبين و المخلصين حتى بعث الله سوار دهبٍ قاتل التي بغت حتى تفيء إلى أمر الله. و ما فاءت إلا إلى صدر حسني مبارك الدافئ على الطغاة. هكذا تجدد الأمل بسودان حرة طليقة تسابق الأمم نماءاً و تمتثل قيادتها لأمر محمد أحمد الغلبان و حواء "الشقيانة" و أنا و أنت و نحن.
    و فجأة، بدأ مسار السودان بالإنحدار نحو سفح التعاسة. و عجزت أحلام الماضي عن إهدائنا نصف إبتسامة صباحية.فأحلام الرخاء التي لا تصاحبها مقاومة الطغيان ليس إلا طيف حرية في توهمات المستعبدين!
    ----
    يضع الرجل الأنيق قارورة ماء ممتلئة على طاولته ثم يخلد للنوم. يفيق عند الفجر فإذا القارورة فارغة تماما. من الشارب؟
    يراوده الشك فيقرر التحقق من الأمر. هذه المرة يضع قطعة شوكولاتة على الطاولة و يخلد للنوم. عند الفجر لا أثر لقطعة الشوكولاتة غير غلافها الجميل. هذا جنون!
    و ماذا عن البيانو الذي يعزف ألحاناً دون عازفٍ يُرى بالعين المجردة؟
    ماذا عن صفحات الكتاب التي تتقلب لوحدها؟ من القارئ الخفي؟
    يذهب الرجل الأنيق للإعتناء ببستانه الخلاب.. يداعب الزهور و الحشائش. يقص هذه و يغير مكان تلك. و فجأة! تنفصل زهرة عن أخواتها و تتعلق في الهواء كأن يداً خفية تمسك بها؛ من ثم تسقط على الأرض.
    أصبحت ليالي الرجل الأنيق ساعات جهنمية لا تطاق. تأتيه كل ليلة أيادٍ خشنة و تطوق رقبته بعنف أثناء المنام و يقوم كالمذعور لينظر لوجهه في المرآة فإذا هو ملطخ بالدماء.
    لا يفهم الرجل الأنيق سر هذه الفِعال الشيطانية الغريبة. يخافها خوفاً شديدا و يطوق لمعرفة سرها أيضاً. إختفت معالم السعادة في حياة الرجل. هزُل جسده و تساقط شعره. و ظل تساؤله يقتله : من هو هذا الكائن الخفي؟ و كيف القضاء عليه؟
    نعم إنها الهورلا ! صاح الرجل.
    أقنعته خرافة قديمة بأن كائناً من عالم الجن يدعى الهورلا قد دخل فرنسا عن طريق إحدى سفن النقل التجارية القادمة من البرازيل. و قرر أن يقتل الهورلا. هذا الكائن اللعين!
    ------
    منذ صيف 1989، بدأت مؤسسات الدولة التي ناضل أهل السودان لتمكينها بالإختفاء. و بدأت أوجه المؤسسات الجديدة تتكشف رويداً رويداً. يختفي الخبير ليأتي القوي الأمين. و يغيب الديموقراطي ليأتي الشوروي. و تحلق خارج الجغرافيا السودانية أحلام العدالة الإجتماعية و المجتمع المدني الحر لتنقض على كرسيها أيديولوجيات الحق الإلهي.
    ترتفع "أعداد" الجامعات و يستفحل الجهل. و تتآكل أصفار العملة و يتآكل إدخار المواطن من مرتبه.
    جنون كجنون الهورلا!
    يفيق السوداني عند الفجر ملطخا بدماء الهم! شنطة المدرسة، علاج الوالدة، رسوم النفايات، حق العيش! فيمسح وجهه و ينطلق في فضاء السودان الهورلاوي حيث تأكل الأيادي الخفية أمام عينينه الأخضر و اليابس. و يظل هو ملوما محسورا.
    لا يفهم السوداني سر هذه الأفعال الشيطانية و لكن علماء السلطان و منابر الغفران أقنعوه بأنها مشيئة الرب في خلقة : "إنه القضاء و القدر أيها السوداني المؤمن الصادق؛ و ما تشاؤون إلا أن يشاء الله إن الله كان عليما حكيما".
    رضخ السوداني لأمر الله و إستقر في قلبه أنه لن يجد لسنة الله تبديلاً. و تواصل إختفاء الأخضر و اليابس... جنون هورلاوي تقوده قطط سمان و ضعاف و كلاب تطارد القطط السمان و الضعاف نفسها.
    -----
    تظاهر الرجل الأنيق بقراءة كتاب ليخادع الهورلا. كان يعلم بأنها تتجسس عليه.
    قرأ الصفحة الأولى: لاشيء؛ الصفحة الثانية: لا شيء؛ الصفحة الثالثة: أحس و كأن كائناً ما يتنفس خلف كتفيه؛ الصفحة الرابعة: يد تلامس أذنيه.
    و في سرعة برقية، قفز الرجل من كرسيه هارباً إلى خارج المنزل. أغلق الباب بإحكام و ألقى بعود كبريت مشتعل على بيته الطافح بالوقود. من ثم إختبأ خلف أشجار حديقته ينتظر جني ثمار خطته المُحكمة. إنه يريد موت الهورلا البشعة، يريد أن يرى جثتها المحترقة على الأرض.
    ظل من خلف الأشجار يراقب ألسنة اللهب تتطاير في تسارع نحو السحاب. و فجأة! سمع حفيف أشجار غير معهود، بدأت كلابه بالنباح، تطايرت العصافير من الأغضان في آن واحد و أحس بكائن يتنفس من خلف كتفيه و بأيادٍ تلامس أذنيه.
    أغمض الرجل الأنيق عينينه و قال:
    il n'est pas mort... Alors... alors... il va donc falloir que je me tue, moi !
    إن الهورلا لم تمت.... إذن فأنا من عليه أن ينتحر!
    ---
    قصة الرجل الأنيق مع الهورلا و قصة الزول السوداني مع الإنقاذ تلتقي خطوطهما و تفترق لتلتفي في الختام مرة أخرى. الأنيق و الزول يملكان من الموارد ما من شأنه تحقيق الرفاهية لهما. لكنهما أبتليا بكائنات طفيلية بشعة تحرمهما حق التمتع بملكهما الخاص. كلاهما يرقد على جبل من الرخاء و لكن يعيش في خنادق الشقاء بسبب هذه الكائنات البشعة (الهورلا و الإنقاذ). كلاهما يرى بالعين المجردة إغتصاب حقوقه و يعجز عن إيقاف المغتصب. لكن الأنيق ثوري هائج، لا يرضي التعايش مع خناّقه و يقرر التخلص منه بأكثر الوسائل وحشية.بينما يستكين السوداني لأسلحة الخنّاق السحرية و يتعايش مع الذل الذي يعيد تعريفه تحت عنوان "القضاء و القدر".
    فشلت خطة الأنيق الوحشية في القضاء على الهورلا و عاشت الهورلا ليموت هو. و فشلت إستكانة الزول في القضاء على الإنقاذ ليموت الزول في كسلا و دارفور و الشمالية و جبال النوبة ويعيش الإنقاذ. يبدو أن الانيق و الزول لا يعرفان العدو بشكل جيد. و من هنا أتت محاولات إخماد النيران بإستخدام البترول.
    ----
    ألا يكفى السودان راديكايليةً. فبين وحشية هوجاء و إستسلام تام تكمن محيطات من العمل الجماعي المتعقّل للقضاء على الكائن الهورلاوي الحاكم. قال المنظر السلمي جين شارب ذات يوم : " إذا أردت أن تقتل النبتة، فتوقف عن سقايتها ماء"..
    بين الوحشية الهوجاء و الإستلام التام تكمن إستراتيجيات التحييد والإستقطاب للذين يسقون النبتة الإنقاذية. فتهشيم أنياب الدكتاتور عملٌ إنتطامي لا فجائي؛ و تعطيش النبتة لا بد أن يبدأ اليوم قبل غد...
    ---
    آه كم أحلم بسودان يمتنع عن سقاية الأعشاب الضارة...
    كم أحلم بسودان عريض يسع الجميع..
    لكم ودي
    محمد كمال الدين
    عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

    (عدل بواسطة Yasir Elsharif on 01-08-2019, 04:58 AM)
    (عدل بواسطة Yasir Elsharif on 01-08-2019, 05:00 AM)

                  

01-08-2019, 05:03 AM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 48724

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الوجه الآخر لقطر وقناة الجزيرة بقلم محمد � (Re: Yasir Elsharif)

    وهذا مقال آخر نشر في السودان اليوم بتاريخ 19 أغسطس 2018
    ــــــــــــــــــ

    سيّد القرود وسيّد البركاوي: نهر النيل تنبيهاً .. بقلم: محمد كمال الدين (أبوكمال)
    19 أغسطس، 2018

    السودان اليوم

    هنالك أسطورة صينية من القرن الرابع عشر للمؤلف ليو جي تطرح موضوع الثورة السياسية بطريقة جيدة.

    كان يعيش في ولاية تشو الإقطاعية رجل عجوز، و قد إستطاع هذا الرجل البقاء على قيد الحياة من خلال إحتفاظه بقرود لخدمته، و كان أهالي تشو يسمونه جو غونج أي “سيّد القرود”.

    كان هذا الرجل العجوز يجمع القردة كل صباح في ساحة و يأمر أكبرها أن يقودها للجبال لجمع الفاكهة من الأشجار. و كان سيّد القرود يفرض على قردته قاعدة و هي أن يعطيه كل قرد عُشر ما جمع ، و كان يعاقب كل قرد يتخلى عن ذلك بجلده دون رحمة. كانت معاناة القرود عظيمة و رغم ذلك فإنها لم تجرؤ على الشكوى مطلقاً.

    و في يوم من الأيام سأل قرد صغير الآخرين قائلا “هل زرع الرجل الهرم جميع أشجار الفاكهة؟ فأجابوه “لا”.

    فقال “ألا نستطيع أن نأخذ الفاكهة دون إذن من العجوز؟ فأجابوه “نعم نستطيع”

    فقال القرد الصغير ” لماذا إذاً نعتمد على الرجل العجوز؟ لماذا علينا أن نخدمه؟”

    فهمت القردة جميعها ما كان يرنو إليه القرد الصغير حتى قبل أن تنتهي جملته. و في نفس الليلة و عند ذهاب الرجل الهرم إلى فراش النوم حيث ذهب في سبات عميق قامت القردة بتمزيق قبضان أقفاصها جميعها، كما أنها إستولت على الفاكهة التي كان العجوز قد خزنها و أخذها إلى الغابة. لم تعد القردة إلى الغابة بعد ذلك اليوم أبداً، و في النهاية مات العجوز جوعاً.*

    ****************

    أسطورة سيّد القرود هذه ليست أسطورة فقط. بل هي واقع معاش في عالم اليوم. القرود هي الشعوب المحكومة بالحديد و النار و المذعنة لسطوة القوانين و دهاليز البيروقراطية. و العجوز جو غونج هو النظام الشمولي بما يحتكره من قواً تشريعية و تنفيذية؛ و بكل سياساته الرامية إلى تعظيم منفعته الشخصية من خلال الإستيلاء على ما ليس له و إستغلال عرق الكادحين. أما الفاكهة فهي الثروة الوطنية التي حُقَّ للشعوب تقاسمها بعدل. ذلك العدل الذي يأخذ بعين الإعتبار إحتياجات المواطن الأولوية و الجهد الفردي المبذول في سبيل قطف هذه الفاكهة. فبأي حق يستقطع العجوز جو غونج من القرود جزءاً من الفواكه المجنية؟ و بأي حق يتنعم أهل السلطة بخيرات البلاد التي هي حق لأهلها الكادحين؟

    كانت قرود ولاية تشو ماهرة جداً في قطف الثمار و مدركة لكمية الفاكهة التي تكفي لسد رمقها اليومي. أما خدمات الرجل العجوز فلم تكن لها أدنى دور في رفع الكفاءة الإنتاجية للقرود؛ بل كانت مجرد آلية تعطيل مغلفة في ثوب سلطوي. لكن المثير للسخرية و الدهشة في آن واحد هو أن المجتمعات البشرية لا تختلف عن هذه القرود كثيراً في تعاملها مع الأنظمة الدكتاتورية ؛ فهي أيضاً تدرك سبل التكسب و إستغلال الموارد المحلية. وهي أدرى بحوجاتها الأساسية و الثانوية من أي وسيط منتفع. لكن الفرق يكمن في أن قرود ولاية تشو أفاقت من سباتها و أدركت بأنها واقعة في فخ العبودية الطوعية لإله مزيف. فقررت أن تكفر بهذا الإله و تتركه يموت جوعاً. من ثم عادت للعمل الجماعي تقطف ثمارها من دون جلاد يهين كرامتها و من دون جبّاي يسرق عرقها. أما نحن الآدميون فلازلنا نعبد إلهنا المزيف و نعري ظهورنا له ليجلدنا بسياط الإستغلال كل يوم. إننا لا ندرك قيمة قوانا الجماعية و نحتقر حكمة الجماهير!

    يا سادة، إن جو غونج اليوم هو النظام الشمولي بمؤسساته القهرية و متاهاته الدواوينية و تجاهله لمطالب الشعوب.

    ****

    بالأمس إكتشفنا تجاهل سيّد البركاوي لمطالب أهالي نهر النيل الذين فقدوا إبتسامات صغارهم في عمق المياه. نسأل الله لهؤلاء الأبرياء داراً خيراً من دارنا و لأهليهم صبراً جميلاً. و لكن ربما هذه الأرواح هي شرارة الثورة كما كانت روح القرشي شرارة أكتوبر.

    آن لنا أن نتعلم من قرود تشو بأن جوغونج لابد أن يموت جوعاً. و أن السبيل إلى تحقيق الرفاهية و صون الكرامة هو العمل الجماعي الدؤوب لا الإمتثال إلى السلطة الفوقية.

    الكرامة لأصحاب الأرض و الهلاك لسيّدا القرود و البركاوي معاً !!



    *القصة منقولة من كتاب جين شارب : من الديكتاتورية إلى الديمقراطية



    و الله أعلم

                  

01-08-2019, 07:20 AM

Abureesh
<aAbureesh
تاريخ التسجيل: 09-22-2003
مجموع المشاركات: 30182

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الوجه الآخر لقطر وقناة الجزيرة بقلم محمد � (Re: Yasir Elsharif)

    صباح الخير يا دكتور
    رواية العجوز. القردة هذه ان صحت فإنها تدل على ان جورج اويل قد تأثر.. إن لم يكن قد سرقها فى روايته المشهورة مزرعة الحيوانات Animal farm
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de