ودا كلو هين يا زولي العزيز؛ لو قارنته بالتالي من ابداعات شيخ الفَنين (طنبرة وحقيبة) المكنى بأبي الطيب محمد ود الرضي:- ومن البداية: لقد وضعت الفواصل بين أجزاء الأبيات، بالنقطتين ، لأنها مهمة جدا، السر كلو فيها.. هذه هي المقاطع الصوتية في الأبيات وبالتالي فستحسم من وضع الأوزان التي للقصيدة، التي لا نعرفها.. تمام؟ الزول دا ما خلا فيها فنا ما جازفو، ولو مغالطني يا سيدي القارئ فأقراها، لو ما لقيت نفسك طربان وبترقص، طوالي غني: يا فلق الصباج هل هذا نداك أم ندى الأزهار، حتنبسط؟
يمكنك الأن أن تمسح المقطع الأخير في كل بيت، أمسحو تماما.. وخلي القافية (اكا) بالكاف!! حتطلع بقصيدة جديدة.. أنسى البيت الأخير حيخرب الوزنة لأنو أصلا معمول عشان يخربا، بي فكرة (الخرجة) الزجلية..
قصيدة:- تيه يتاكا.. لمحمد ود الرضي
تيه يتّاكا .. مُراض وصِحاح مقلو الفتاكا .. ظِبَّي الرام خريف وشتاكا .. ميس يا بان المصري اتاكا .. ها النسام البَي افتاكا .. جابْلِى روايحك لي هتّاكا .. عود يا منام ما بيغباكا .. شغفي عليك ومتى اصباكا .. تذيدنى هيام وترينى صِباكا .. ونبدي عتاب وحنان نتباكا .. علي الايام لعلي اراكا .. ضحا تتجلى بي طيب واراكا.. ولو في منام ويكون سُمراكا .. جواري تلات وبعض امراكا.. وبعدو تنام الشادي شداكا.. موج اترتَل تِل نهداكا .. وقودو لجام وتِلَّها يداكا .. ورِّي الفن فرِّج نُدداكا .. وعوم يا حمام كفى كفاكا .. بعاد حلماتك من كتفاكا .. در ومدام الراح فى فاكا .. شعرك عاتم وبدر صفاكا.. وحسنك تام ويفوح رياكا .. ينعشلى يجيب خُمراً جالياكا.. ها النسام ﻏﺮﻳﺰﺓ ﺣﻴﺎكا .. ﻋﻴﻮﻧك تخشى ﺟﻤﺎﻝ ﻣﺤﻴﺎكا.. ﺗﺧذْل ﺍﻟﺴﺎﻡ حور مٌرضاكا .. خدك نادي ينوربو فضاكا .. في انقسام على بعضاكا .. ترادِف ميس عانق أعضاكا .. فوق أردام ﺍﻟﺘﺠﻰ ﻃﺎﻟﺒﺎكا .. ﺍﻭﻟﻰ ﺑﻴﻬﺎ ﺍﻧﺎ ﻭﺑﻐﻀﺎكا .. ها الآﻻﻡ كفاي نسياكا .. انتا حبيبي وحبي كساكا.. تقولي كلام زور مرضاكا .. خدك نادي يذوبو فضاكا .. جيداً جام عساي وعساكا .. تشوفني واشوفك أشوف ناعساكا.. علي اوشام ما اسماكا .. سماء المجد علوت سِماكا.. عبير الشام وفاح نسماكا .. من تَنا جيدك وحامي حماكا.. حمي الاسلام تيه وأقضي قضاكا .. هلاكي رضاك ورضاي بي رضاكا .. وهذا تمام
المرة دي الفردوس المفقود طلع في الشام وما ضي الإسلام، لكن دا موضوع البوست التاني..:) ومثل هذا الشعر العجيب كثير من شعر الشاعر المطبوع والمصطنع له فنونا تعلمها، محمد ود الرضي وتلميذ مدرسة كادر الحقيبة النابغة الأنجب..
++++
جاء في مقدمات ديوان ود الرضي بقلم ابنه الشيخ الطيب محمد ود الرضي، والسفير د. هاشم عبد الرازق الشيخ صالح** واللواء عمر الحاج موسى؛ ’’أنه قد نظم على نهج الدوبيت ردحا من الزمن، ثم كان يا ما كان ’’أن الطنابرة كانوا يتغنون بالبيت الواحد أو البيتين مع التكرار، معتمدين على الإيقاع الصاخب والمثلثات والعصي مع الصفقة بالإضافة إلى الأصوات القوية الصادرة من الحناجر بنغمات متواترة ومتناغمة على أربعة أنماط - الخفيف – المتوسط – المشيقح – والتقيل وكل له وزنه الخاص به وإيقاعاته.‘‘ وأن محمدا ود الرضي قد ’’بدأ معهم بمثل هذا القول من الإيقاع المتوسط.‘‘.. شوف ليك جنس فن يا الطنابرة، وبمصلحاته كمان!!
وهاك أمثلة لغناء الطنابرة ومن الرميات التي لود الرضي..
الليل ياليل الليل ياليل الليل ياليله جات تمشي الرتوع الليله درب أثنين كالضابط المركب تاج ودبورتين النقرابي كتل الفيل درب يومين
الكتوف واقعة والعيون يا ناس مويتن ناقعة الوجن قادحات في الظلام فاقعة راجى شباله وراضى بى صاقعة
قالت وداع لي قلوبنا صاح .. اتبكمو الناس الفصاح الجن صحا وجنو النصاح.. الجاهلة مي جاهلة نصاح
جات من تقوم ترعى الضنى.. الربرباي يا حسبنا تــنت الكتيف في الانبنا.. الجاهلة يحفظا ربنا
قلت ليه رف قال لي بعيد لو كان قريب يوم الوعيد قلت ليه درني اكون سعيد .. قال لي ولا في كل عيد يا جميل حي .. الليلة هوي ليلنا
الجميل واصل ....... درة الاصل الله لا ادراك..........بالعلى حاصل العذاب أنواع.......جملة غير فاصل فرحت الشمات......بالإلي واصل
********** وثم قيل، وهو لا يزال عاكفا على فن الطنابره، فقد كان ينظم القصائد الطوال كقصيدة (جاري) وقصيدة (بت وهب) و(كالفاني) وغيرهن، فأشتهر، وكان عصر غناء الحقيبة قد بدأ، فغنى له عبدالله الماحي من شعره الذي بعده يراوح في أسلوب الطنابرة، على أسلوب الحقيبة المستحدث الجديد.. كمثل أشعاره هذه: مثل: يا مَوْلاَىَ زَوْجَه هِىَ الشِّلًوخَه تَلاَتَه والاثْنَينْ نَبَكِّرْ بَى بِنَيَّه حَلاَتَه بَالطَّرَبْ الشَّدِيدْ إتْرَامَحن خالاته يَات مِنْ شَالَه أوْضَحْ فَمُّو فِي وِجَينَاتَه
وديل بعيدات بعد شديد من فنون تيه ويتاكا، ولّ شنو؟؟ ***********
الآن، بالله قارن كل ما سبق بما سيأتي.. عشان تآمن .. بمدرسة كادر الحقيبة!!
فقد كان يوم أجزم أنه بعد مخالطته لأهل الحقيبة، يوم لود الرضي فات فيهو للكبار والقدرو.. يوم طنبر طنبرة ’’حامدية‘‘ سارت بذكرها الركبان:-
’’فاح لي كَبَرِْيْتا….. كبدي كالبنزين قادحه كبريتا اصلو هالكانى منو ما بِريتا يا جَرِح غَوِّر ….. ان شاالله ما شفيتا +++ الطابق البوخه..... نام من الدُوخه قام ندَّا يهتّف ايدو عاقباهو جدلة مملوخه لي معالق الجوف….. موسو مجلوخه‘‘
حرّم السودان كلو زغرت بي فرد حس بهجة وطرب واشواق واشتهاءات.. تقولي كرري وما كرري.. أنسى الهموم والحروب فها ليالي الخير جادن من المحبوب.. وهي لو تتأملون، زجل سوداني حتى المشاش، وعلى طريقة الطنابرة بإشارة للتواصل الفني، ولكنه ما كان ليكون كذلك لولا مدرسة كادر الحقيبة!! ففيه من فنون التوشيح ما يشير مباشرة إلى اتصال معرفته بهذا الفن وبالزجل القديم الذي اختط خطته البنائية من مطلع ثم البيت أو الدور/ثم القفلة.. غابت الخرجة ربما لقصر المقطع أو لطبيعة الغرض ولكنها بدت لي وكأنها تجريب سوداني في التوشيح.. الله يرضى على ود الرضي..
قامت الشواهد إذن! ثم هاهنا سيثبت أيضا؛ أنه قد دخل مدرسة الحقيبة؛ قيل: إنه ’’لما نزل أمدرمان فقد تعرف أول ما تعرف من الشعراء بالشاعر احمد حسين العمرابي فنمت بينهما صداقة متينة ساقته إلى مجالس الشعراء فتعرف على العبادى الذي اوصله بدوره الي بقية الشعراء البارزين أمثال الخليل وأبو صلاح والمطبعجي وأخذ يؤم مجالسهم ومنتدياتهم الشعرية التي كانت تقام بالمقاهي وبعض منازل التجار المشهورين بالخرطوم وأم درمان.. وكان كل شاعر يرغب في الانضمام إلي سلك الشعراء عليه بالخضوع لامتحان يضعه له أحدهم فتعين علي ود الرضي ذلك فنظموا له مربعا في حرف (الزاى) مع تكرار الحرف داخل المربع إمعانا في التعجيز، وقيل أن ناظمه الشاعر عكير الدامر وقيل العبادي ونحن نرجح العبادي لما عرف به هذا الشاعر من سلاطة في اللسان وقوة في السبك.‘‘ (وأؤكد أنا أنه ليس بعكير لأنه لم يذكر في أهل الحقيبة) والمربع يقول:
عكت جات تميل من الأرض خزازه زينت الخلقة داب ماحسبن بزازه دارت ليها داروه الفي الرزم عام زازه شفنا الدقة والزرزور فصل حزازه
فلم يتردد ود الرضي بل من توِّه أخذ القلم من توِّه:-
ليالي الخير جادن................من المحبوب نسائم الليل عادن................من المحبوب هذا (المطلع) الذي سيشتغل كقفل وخرجة في اللحن الحقيبي، أما المحبوب فكلمة توشيح وتزيق مضافة ولتغير الوزن كذلك.. هذا لا يكون إلا بخيرة مستفادة من فن التوشيح المنسرب في الأزجال القديمة..
وقال أبو نواس:- سلاف دنّ كشمس دجن كدمع جفن كحمر عدن طبيخ شمس كلون ورس بييت فرس جليف سجن
وأحد الزجال القدماء قالك:- أيْ قلبُ إن غدروا فاغدرْ وإن خانوا ** فخنْ وإن هم قَسُوا فاقسُ وإن لانوا فلنْ وإن قربوا فاقربْ وإن بانوا ** فبنْ وكن أنتَ معْهم مثلما كانوا
لو أن هؤلاء يتنافسون على هذه الطريقة في اصطناع المعنى من الألفاظ هكذا.. من في رأيكم سيفوز؟؟
روى هاشم عبدالرازق عن صاحب المرشد عبدالله الطيب المجذوب، عليهم رحمة الله وغفرانه:- "إن شيخنا محمد ود الرضي قد اتي بما يعادل التفعيلات الاثنتا عشر ومفاعيلها في بيت شعر واحد لو ادركه الخليل لشهق اعجابا. وما كنت احسب استاذنا عبد الله الطيب أنذاك من المعجبين بود الرضي وازدادت دهشتى حين سمعته يردد بيت تلك المفاعيل حين ردد: رائع واحل تايه غافل .. لادن هادل ضامر كافل ..
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة