رمضان بطعم أم جنقر و نفحات الأسحار

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-19-2024, 10:15 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2018م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
05-23-2018, 02:54 AM

المعز عبدالمتعال
<aالمعز عبدالمتعال
تاريخ التسجيل: 06-11-2011
مجموع المشاركات: 485

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
رمضان بطعم أم جنقر و نفحات الأسحار

    02:54 AM May, 22 2018

    سودانيز اون لاين
    المعز عبدالمتعال-الولايات المتحدة ، ولاية كونيتيكت
    مكتبتى
    رابط مختصر

    رمضان بطعم أم جنقر و نفحات الأسحار.

    كانت إرادة الله و خيارات القدر أن أعيش مهاجراً في الولايات المتحدة الأمريكية لثمانية عشر عاماً.
    و منذ ستة عشر عاماً لم اُصادف شهر رمضان في السودان، و لم اُصادف أي عيد، هنا في أمريكا يبدو رمضان مختلفاً عن السودان رغم حفاوتنا به.
    لايزال طعم رمضان في السودان عالقاً في الذاكرة، أذكر جيّداً طفولتي الرمضانية، كنت أعاني من نهاراته العطشى و أنتظر بلهفةٍ شديدة مسائاته الرواء. لازلت أذكر لعبة (شليل) في ليالي رمضان المُقمرة، أذكر جيّداً كيف كنا نقتفي أثر العظم، نستند على ضياء القمر، كيف كنا نُردد:
    "شليل وينو، أكلو الدودو، شليل وين راح، أكلو التمساح، و نهتف معاً هتافاً موحّد، شليييييييل" ثم يرمي أحدنا العظم في إتجاه مجهول عصيّ على الإكتشاف، ثم نمضى نبحث عنه، مُستمدين من ضياء القمر طاقتنا، مُتعتنا في محاولات البحث، و فرحتنا في إكتشافه، و حين يصير القمر بدراً، يتواطأ ضدنا، يمسح خد (شليل)، تصير أماني (شليل) في الإختباء عنّا عصيّة، يلوم (شليل) القمر، و يضحك القمر ملء عينيه الضياء، ثم نصير فراشات تلتفّ حول (شليل)، نحطّ حوله، تجمعنا الضحكات و تحتوينا الهمسات و تغمرنا النشوة و ألق الأمسيات الحميمة.
    منذ طفولتي و أنا مُولع برمضان، حين صرت صبياً بدأت الصيام، شعرت بالرهق، ما أن أشفق على نفسي حتى أستعيد عنادي بكل تحدٍ و صبر، أمضي نحو سباق صيام رمضان الجميل، كانت لحظات النهار شديدة العناء، و كانت ليالي رمضان باهرة العبق، تتحّول شمس النهار الحارقة لقمرٍ يُغدق في الضياء، نلتفّ حوله بحكايات ناضجة المذاق، نرتشف معها أكواب الشاي و نرتمي فوق (بُرش) الصلاة، بطوننا ممتلئة بالطعام و الشراب، و ضحكاتنا تهز الأرض من تحتنا.
    نادراً ما كنت أتناول إفطار رمضان بالمنزل، كنا نخرج به للشارع، نتصيّد المارة، أولئك المُسرعون نحو دعوة إفطار، أو يحاولون اللحاق ببيوتهم، كانت فكرة صيد المارة تشكّل السبب الرئيسي لخروجنا للإفطار في الشارع، لكن السبب الخفي كان في متعة الفكرة نفسها، فكرة المشاركة الوجدانية لنا و للمارة، فكرة أن تتناول إفطار متنوّع الأصناف، أن تأكل مما يليك و تنظر خلسةً لطبقٍ مجاور، و حين تُفتضح رغباتنا و تعجز الأيادي عن إلتقاط الأصناف البعيدة، كنا نتبادل الأطباق، نبدأ بتوزيع الماء و التمرٍ و التينٍ و (البليلة)، نُقايض (العصيدة)ب(القُراصة)، نساوم عصير (الحلو مر) ب(الكركدي)، و أحياناً نخلط (العرديب) بنكهة (التبلدي)، فيكون سحر المزيج.
    أذكر جيداً أنني كنت لا أفارق أطباق أمي، ولكن شغفي ب(أم جنقر)، جعلني أتلصص صينية جارنا، كنت أتصيّد أطباقه بلهفة بالغة، أترصّد خروجه حاملاً إفطاره، ثم أتلّصص مكاناً قُرب أطباقه، و شيئاً فشيئا أزحف نحو (أم جنقر)، أتلذّذ بمذاقها و يعتريني الفرح، سألت جارتنا عن مكوّناتها، قالت لي أنها تتكوّن من مُشتقات الدخن المبشور، مضافاً إليها حليب أو سمن أو لبن رائب، سألت نفسي، لماذا ترتبط وجبات رمضان في شهر رمضان فقط؟ لماذا لا نشرب (الحلو مر) في رجب؟ و نستمتع ب(أم جنقر) طوال العام؟.
    كلما تجتاحني ذكريات رمضان في السودان، أشعر أنني من جيل المحظوظين، إذ حملت بيدي (الزرّيعة)، أذهب بها للمطاحن، و روائح صُنعها تملأ الطُرقات، تلتحم بأنفي في نهار رمضان و عند الإفطار اتجرّع عصيرها فأشعر بالإنتشاء و الرواء.
    كنا في رمضان نعانق الأمسيات في نوادي الحي، نلعب الورق، و التنس و الشطرنج، نُقيم الليالي الأدبية، نقرأ الأشعار و نغني، ثم نفترق في هدوءٍ و غبطة، و في نهاية رمضان، نصطف في المخابز، نحمل صواني الكعك و الخبيز، نصنع من فرحة العيد مهرجانات سعيدة.
    أذكر جيّداً آخر يوم من أيام رمضان قضيته في السودان، و كان ذلك قبل ستة عشر عاماً، كنت أقود سيارة بصحبة أخي، و فجأة إستوقفنا رجالاً يرتدون جلاليباً خضراء، هيئتهم بسيطة، و نفوسهم عظيمة، مدجّجون بالكرم و التسامح، وقفوا على منتصف الطريق المُسفلت، حاولوا إجبارنا على الوقوف لتناول الإفطار معهم، إعتذرنا لهم بلطف، ثم ناورنا، نلوذ بنا من سخائهم الكريم، و منذ ذلك الوقت لم أرى هذا المشهد، فهنا في أمريكا يبدو رمضان مختلفاً تماماً عن السودان، نعم نلتقي عند الإفطار، نتبادل الزيارات، نرتدي الجلاليب، نتناول نفس الأطباق السودانية، (الفول) و (العصيدة) و (القُراصة) و (سلطة الروب)، نشرب (التبلدي) و (الكركدي) و (الحلو مر)، لكننا لا نشعر بطعم الإرتشاف، نجوع و نشبع، لكننا لا نتناول الإفطار في الشوارع، ليس ثمة(أم جنقر) على مائدة الإفطار، ليس ثمة قطّاع طُرق كُرماء يسدّون عنا شوارع السخاء ليجبرونا على تناول الإفطار عنوةً.
    في أمريكا نعرف الأوقات و نصلي، لكننا لا نسمع صوت الآذان، هنا المساجد بلا آذان، نتعرّف على أوقات الصلاة بطريقة إلكترونية، أو عن طريق المُلصقات، و من دون شهور السنة نفتقد آذان شهر رمضان، و من دون الصلوات الخمسة نفتقد آذان المغرب، هنا تبدو الحياة عصرية، إيقاعها سريع، الكل يلهث، يفطر بعضهم في أماكن العمل، حيث لا آذان ولا طقوس ولا مشاركة، رمضان بالنسبة لي حين أمسك بتمرة في يدي، و أذني ترهف لسماع الآذان، حين أتناول إفطاري في الشارع و أتصيّد المارة، حين أشتم عبق (الحلو مر) و تغازل عيناي (العرديب) و (التبلدي)، أمريكا بكل سطوتها، لا تُعادل عندي طبق (أم جنقر) على (بُرش) في السودان، و رمضان أمريكا رغم محاولاتنا من جعله يشبه رمضان السودان، إلا أنه باهت رغم ضيائه، يخلو من نفحات الأسحار.

    المعز عبد المتعال سر الختم
    نيو بريتن، الولايات المتحدة الأمريكية.
    19 مايو، 2018




















                  

05-23-2018, 04:19 AM

Arif Nashed
<aArif Nashed
تاريخ التسجيل: 05-12-2014
مجموع المشاركات: 12692

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رمضان بطعم أم جنقر و نفحات الأسحار (Re: المعز عبدالمتعال)

    ذكريات تظل محفورة في وجداننا
    شكرا يا مبدع علي هذه النفحات الرمضانية
                  

05-23-2018, 02:37 PM

المعز عبدالمتعال
<aالمعز عبدالمتعال
تاريخ التسجيل: 06-11-2011
مجموع المشاركات: 485

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رمضان بطعم أم جنقر و نفحات الأسحار (Re: Arif Nashed)

    تسلم يا عارف، تحياتي و رمضان كريم
                  

05-23-2018, 05:40 AM

تماضر الطاهر
<aتماضر الطاهر
تاريخ التسجيل: 04-16-2018
مجموع المشاركات: 925

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رمضان بطعم أم جنقر و نفحات الأسحار (Re: المعز عبدالمتعال)

    ﻭ ﺗﻨﻈﺮ ﺧﻠﺴﺔً ﻟﻄﺒﻖٍ ﻣﺠﺎﻭﺭ،

    دي حكاية الحياة
    ،

    نغادر ونكسر بداخلنا الكثير.. لنجبر خواطر..او نغامر

    السودان هو فعلاً حلو مر
                  

05-23-2018, 08:02 AM

ولياب
<aولياب
تاريخ التسجيل: 02-14-2002
مجموع المشاركات: 3785

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رمضان بطعم أم جنقر و نفحات الأسحار (Re: تماضر الطاهر)

    يا سلام يا معز أبدعت في السرد والحكايات الجميلة

    ذكريات مشتركة بين كثير من الأجيال الماضية

    وحتى القريبة بنحو ربع قرن ، على إمتداد الوطن

    توحدت معظم العادات الرمضانية ، إلا أن الفارق

    بسيط بين بعض البيئات من ناحية الثقافة الغذائية

    الرمضانية ،،، أم جنقر لم أسمع به ولكني بشرحك

    ووصفك إستوعبت المذاق .

    شكرا كتير يا معز .
                  

05-23-2018, 05:15 PM

المعز عبدالمتعال
<aالمعز عبدالمتعال
تاريخ التسجيل: 06-11-2011
مجموع المشاركات: 485

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رمضان بطعم أم جنقر و نفحات الأسحار (Re: ولياب)

    تسلم عزيزي ولياب، أسعدني مرورك جدا، و رمضان كريم،
    أم جنقر دي حكايتها حكاية،
                  

05-23-2018, 03:50 PM

المعز عبدالمتعال
<aالمعز عبدالمتعال
تاريخ التسجيل: 06-11-2011
مجموع المشاركات: 485

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رمضان بطعم أم جنقر و نفحات الأسحار (Re: تماضر الطاهر)

    ويحهم أولئك المدجّجون بالكرم، لهم التحايا، السودان دا فعلا بلد مُدهش، شكرا تماضر
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de