أصـــــــابع بَــــــــــدُر

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 03-28-2024, 06:00 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2016-2017م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
05-03-2017, 00:13 AM

حسين أحمد حسين
<aحسين أحمد حسين
تاريخ التسجيل: 09-04-2014
مجموع المشاركات: 1281

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أصـــــــابع بَــــــــــدُر (Re: حسين أحمد حسين)

    (4)

    أرسلتْ الحيطانُ أكثر من ضِعفِ ارتفاعها ظلالاً. وهناكَ فى المكان الأثير، وضعتْ الحرم سريرين وثيرينِ وسِجَّادةَ الصلاة وإبريقَ النُحاس. وبين السريرين مِنضدةٌ صغيرةٌ عليها فوطةٌ أنيقة، شغلتْ أطرافَها الحرمُ بالحَرير، وعليها راديو ترانستور. ثمة نسمةٍ خجولة، توشوشُ أوراقَ النيمة التى تتوسط المنزل، وتحوِّلُ حفيفَها إلى نميمةٍ حميمة، وتهُزُّ أطرافَ المِلاءتين اللتين على السريرين مُحدثةً صوتاً خفيفاً من فرقعةٍ ناعمة.

    فى هذا الأثناء، خَرَجَ ود قميحة من الغرفة، بعد أن استبدلَ ملابسَهُ واستحمَّ وصلى عَصْراً هالِكاً. جاءَ إلى أحدِ الأسِرَّةِ ينوءُ بجسدٍ مُجهد. وما أنْ لامسَ جسدُهُ السريرَ الباردَ نوعاً ما بفعل تلك النَّسمة، نادتْ الحرمُ بدراً قائلةً: أمِشْ عَلىْ أبوك النَّجيبلَكُم الغدا، وبالمرة شيل معاك جركانة موية باردة وكُباية. حاضر يُمَّة. إنتَ إنْ شا الله تَحَضِرْ ماتغيبْ يا عشا امَّك، إيَّاكَ وحيدنا ودِخيرينا. قالتها الحرم بطريقةٍ تتعمَّدُ فيها تذكيرَ ود قميحة بأهميةِ بدرٍ فى حياتِهِما، ولكنْ هل مِنْ حياةٍ لِمَنْ تُذكِّر. فحين أحضرَ بدرٌ الماءَ الباردَ إلى حيث يرقد أبوهُ، وجده قد غَفا. فقد أغمسَهُ التَّعبُ فى ضَحْضَاحِ سِنَةٍ حَرَّى بالهواجِسِ والهموم: توبْ الحرم، كُورة بَدُر، وَخْز النَّدم، المشروع الحضارى، جندور، الأُوبرتايم .. تايم .. تايم .. وغطيطٌ خفيفٌ ومتواتر، يُومئُ بأنَّ الرجلَ فى غايةِ الإنْهاك.

    وَضَعَ بدرٌ الماءَ بالقربِ من أبيهِ وانصرفَ يُخبرُ أمَّه بأنَّ أباه قد نام. خزينى الخزين، هكذا قالتْ الحرم، يا حْليلو، اللهْ يَخضِّر ضراعو.

    اغتنمَ بدُر الفرصة، فتغدَّى سريعاً وذهبَ ليلعبَ الكُورةَ مع أولادِ الجيران. وتلك النَّسمةُ الخجولةُ هى الأخرى قد اغتنمتْ الفرصةَ ليمتدَّ شغبُها فَيُداعبُ النَّطعَ المُعلَّقَ قِبالةَ حُفرةِ الدُّخَان، ومُحدثاً بذلك خربشةً مسموعةً مع جدارِ الحائط. ذلك الصوتُ كان كافياً ليدغدغَ ذاكرةَ الحرم، التى ألْهاها إعدادُ الطعام، بأنَّ الفرصةَ الآن مواتيةً لإكمالِ مشروعِها الحضارى، كما يصفه ود معروف. فبدرٌ يلعبُ بالخارجِ وود قميحة نائم. فلم تمضِ وهلةٌ، حتى وضعتِ الحرمُ النَّطْعَ على حفرةِ الدُّخَان، لبستْ فِركتَها، رفعتْ البطانية، ودخلتْ تحتها لتُطلِحَ جسدَها، تداويه من الرطوبة، وتُهيئُهُ لسيرورةِ الحياةِ القديمة.

    رَفْعُ البطانيةِ أخرجَ كتلةً من الدُّخَان كانت كافية لتكتمَ على الخزينِ أنفاسَه، وجعلتْهُ يَسْعَل. وقام مفزوعاً وهو يقول: تانى المشروع الحضارى! يا ولية! القشرون القُشارى دا البِيَطَلِّعو من حياتنا شنو؟ الله يسقِّط حجرو بركة النبى وآلِ بيته وَكِتْ حامينا الراحة نايمين – قايمين. كدى خلى البِتَسوِّى فيهو دا، وقومى أدينا لقمة كسرة ناكلة. يا ود امِّى الغدا جاهز، جِبناه لقيناك نُمتَ.

    بدأتِ الحرمُ فى تقشيرِ جسدِها المطلوحِ أمام ود قميحة، لتُحضِر له الغداء، بحركةٍ لا تخلو من الغَنَج، وكاشفةٍ عن ساقٍ مُمشوقةٍ مُمَرَّدة، وتتصببُ عَرَقاً. فامتدَّ تأثيرُ تلك الحركةِ الشَّبِقَةِ لتُلامسَ مركزَ الإحساسِ الموازىَ عند ود قميحة، فَفاضتْ سَراويلُهُ. ولكنْ سرعانَ ما غاضتْ بفعلِ الهواجسِ مِمَّن يتلصَّصون على بيوتِ الفقراءِ من أصحابِ العرباتِ والبِناياتِ الشاهِقَة، فصاحَ يحثُّ الحرمَ على البقاءِ بساونتِها البلدية. فقامَ ود قميحة وأتى بالصينيةِ المُغطاةِ بطبقٍ أنيقٍ أيضاً ومن صنعِ يَدَىِ الحرم. بدُر، يا بدر، فردَّتْ الحرم بأنَّ بدراً قد تغدَّى ومشى الكورة. يا الله!!! أنا نسيتْ أجيبْ كورة بدر، وبالمناسبة أنا ما جبتَ ليكِ التوب القلتَ عليهو الخميس الفات، لأنَّو الدور دا ما صرفو لينا الأُوبرتايم. قالت الحرم: باكر بِجى يا الخزين، ماتشيل لىَّ هم، لكين كورة بدر لازِمْ تجيبا!

    ضيقُ ذاتِ اليد، وقلة الحيلة فى مواجهة ما هو ضرورى، أو فى مقابلةِ تلبيةِ رغبةٍ صغيرةٍ لطفل، تلسعانِ ضمير الفقراءِ لسعاً موجِعاً، لا يبدِّدُهُ إلاَّ الرضا بما قسمَ الله.

    تغدَّى ود قميحة حين بدأتِ الشمسُ التّوارى بالحِجاب، واضَّطجعَ وهو يقول: الحمدُ للهِ والشكرُ للهِ، اللَّهُمَّ زِدْها نعمةً وأحفظْها من الزَّوال، حمدُهُ الراتبُ إذا أكلَ أو شَرِب.

    فى هذا الأثناء أكملتِ الحرمُ ساونا العَصرياتِ البهيَّة، ونهضتْ مِنْ قُمقُمِها، بعد أنْ إنفَلَقَتِ البطانيةُ فِلْقَتين، وصعدتْ كتلةٌ كثيفةٌ من الدُّخَان، ومُنقَشِعة عن حَرَمٍ ... "أستغفرُ اللهَ مِمَّا قد يُخيلُ لى".

    أنسربتِ الحرمُ برشاقةٍ إلى داخلِ البيت، وخلعتْ فِركتَها، وخرجتْ بقميصِ نومٍ وتوب جارات، جدعتْهُ بإهمالٍ متعمَّدٍ على جسدِها الأسمرِ القَهَوىِّ المُضاءِ بالتَّوقِ إلى لحظةٍ حالمة. وكانتْ مع ذلك مهجوسةً بإحضارِ الشَّاىِ سريعاً إلى ود قميحة، حتى لا يتذكر أنَّه لم يشربْ شاىَ الصباح اليوم، فيعودُ فينفجرُ فى وجهِ بدرٍ بلعناتِهِ وسَخَطِهِ.

    بادَرَتْهُ بالشاىِ بسرعةٍ فائقة، وهى لاتعلمُ أنَّ التانين الذى فى الشاى، والكَفايين الذى فى القهوة، إذا تمَّ شرابُهما مباشرةً بعد الأكلِ يمنعانِ امتصاصَ الحديدِ الذى يكون فى مكوناتِ الطعام الذى قدمتْهُ له. وكان عليها أنْ تنتظرَ زُهاءَ الساعةِ أو يزيد، حتى يسرى طعامُها فى جوفِ زوجِها هنيئاً مريئا. لكنَّها ربما وُصِفَتْ فى مجتمعِها بأنَّها إمرأةٌ غير هميمة، كما أنَّها لا تريدُ لوحيدِها أن يكونَ مكسورَ الخاطِر، فلاحقتْ أباه بالشاى. ... وهل تُلامُ أُمِّيّةٌ على التفريطِ فى مثلِ تلك التدابير.

    أحضرتِ الحرمُ مقعدَها الذى تجلسُ عليه أمام المرآةِ فى غرفةِ نومِها، وجلستْ عليه قِبالة ود قميحة. فهى لا تريد أن تصبغَ مِلاءآتِها بالدُّخَانِ وعطورِهِ السائلة. جلستْ وقد تُبَّ فَخْذُها عن فَخْذِها بحياءٍ عظيم، فَشَرِبَ الخزين ود قميحة ثلاثَ كاساتٍ من الشاى. إنَّه شاىُ الحَرَمْ، تِرياقُ الخَرَمْ، وما أدراكَ ما شاىُ الحَرَم.

    حمد الخزين حمده المعلوم، واستلقى على ظهرِهِ. جَرَّتِ الحرمُ المقعدَ بالقربِ منه، وبادئتْهُ بمساجٍ خفيفٍ، تعهَّدتْ به جسدَهُ كُلَّه، وسُرعانَ ما تسرَّبَ إلى روحِهِ؛ يا لِتاتْرِدَلْكِ الحَرَم ويا لِمَساجِ الرُّوح. ولكنَّها فى خِضَمِّ ذلك، ذكَّرتُهُ بأنَّ آذانَ المغربِ قد أذَّنَ مُنذُ فترة، فنشِطَ كَمَنْ يَنهضُ من عِقال، وهو يقول: (إنَّما أموالكم وأولادكم فتنة والله عنده أجرٌ عظيم)، ثمَّ توضأَ وخرجَ إلى المسجد، الذى سيبقى فيه حتى صلاةِ العشاء، كما اعتادَ أنْ يفعلَ فى كلِّ يوم.

    فالخزين قد أوَّل أولادَكم تأويلاً فرضه راهنُ الأمرِ الماثلِ أمام عينه، والحرمُ ابتسمتْ إبتسامةً خبيثة، تنمُّ عن سيطرتِها على ذلك الأمر. لِمَ لا، أليستْ هى الأولادُ المذكورةُ فى تأويلِ الخزين ود قِميحة؟ فَمَنْ الذى أدْخَلَ الطَّبرى والقُرطبى وابنَ كثيرٍ، بين البرتقالةِ وقِشْرَتِها؟

    يتبع ...

                  

العنوان الكاتب Date
أصـــــــابع بَــــــــــدُر حسين أحمد حسين05-02-17, 10:23 AM
  Re: أصـــــــابع بَــــــــــدُر حسين أحمد حسين05-02-17, 10:23 PM
    Re: أصـــــــابع بَــــــــــدُر حسين أحمد حسين05-02-17, 11:02 PM
      Re: أصـــــــابع بَــــــــــدُر حسين أحمد حسين05-03-17, 00:13 AM
        Re: أصـــــــابع بَــــــــــدُر حسين أحمد حسين05-03-17, 10:27 PM
          Re: أصـــــــابع بَــــــــــدُر حسين أحمد حسين05-03-17, 10:44 PM
            Re: أصـــــــابع بَــــــــــدُر حسين أحمد حسين05-03-17, 11:03 PM
              Re: أصـــــــابع بَــــــــــدُر صباح حسين طه05-04-17, 00:36 AM
                Re: أصـــــــابع بَــــــــــدُر حسين أحمد حسين05-04-17, 11:09 AM
                  Re: أصـــــــابع بَــــــــــدُر حسين أحمد حسين05-04-17, 11:21 AM
                    Re: أصـــــــابع بَــــــــــدُر حسين أحمد حسين05-04-17, 12:48 PM
                      Re: أصـــــــابع بَــــــــــدُر حسين أحمد حسين05-04-17, 09:06 PM
                        Re: أصـــــــابع بَــــــــــدُر حسين أحمد حسين05-07-17, 11:44 AM
                          Re: أصـــــــابع بَــــــــــدُر حسين أحمد حسين05-09-17, 09:15 PM
                            Re: أصـــــــابع بَــــــــــدُر حسين أحمد حسين05-11-17, 09:51 PM
                              Re: أصـــــــابع بَــــــــــدُر حسين أحمد حسين05-13-17, 06:30 AM
                                Re: أصـــــــابع بَــــــــــدُر حسين أحمد حسين05-13-17, 09:35 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de