حقائق قرآنية -ابن قرناس

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-19-2024, 06:43 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2016-2017م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
03-13-2017, 10:09 AM

عثمان احمد شرف الدين
<aعثمان احمد شرف الدين
تاريخ التسجيل: 03-04-2014
مجموع المشاركات: 36

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
حقائق قرآنية -ابن قرناس

    09:09 AM March, 13 2017

    سودانيز اون لاين
    عثمان احمد شرف الدين-الباوقة
    مكتبتى
    رابط مختصر



    حقائق غفل عنها الناس أو تغافلوا، ذكرنا بعضها بأدلته، ونورد بعضاً منها فيما يلي، وبنفس المنهجية المتبعة في كل هذا البحث:

    الحقيقة الأولى: التحول عن الدين بعد الرسول حتمي

    القرآن العظيم يؤكد حقيقة تخلي الناس عن الدين بعد الرسول واتباع تشريعات دخيلة، كسنة سارت عليها كل الأمم في كل زمان ومكان: كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلاَّ الَّذِينَ أُوتُوهُ مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْياً بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ لِمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللّهُ يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ{213}البقرة.

    في البداية خلق الله الناس على الحق (الدين الصحيح) ثم اختلفوا فيه، وابتعدوا عنه. فالدين الصحيح يأتي أولاً ثم يتحول الناس عنه لتشريعاتهم البشرية ويفترقون لفرق متخالفة.
    وهذه الحقيقة ليس لها استثناءات. فكل البشر في أي زمان ومكان يتحولون عن دين الله، والبديل معتقدات مبتدعة. بغض النظر عن مصدرها وكيف بدأت، لأنها ستبدأ بسبب أو بآخر.

    وهو ما يفسر وجود الأديان الوثنية في كل العالم التي كانت في الأصل أدياناً سماوية.

    وما يؤكد هذه الحقيقة أن القرآن يحدثنا أن قوم عاد كانوا من ذرية قوم نوح، وبما أن قوم نوح كلهم هلكوا بالطوفان إلا من آمن مع نوح، فإن قوم عاد هم أحفاد تلك الفئة المؤمنة التي نجت مع نوح. ثم تحولت أجيالهم المتتابعة شيئاً فشيئاً عن الدين إلى أن أصبحوا وثنيين، فبعث لهم هود:

    وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ أَفَلاَ تَتَّقُونَ{65} قَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وِإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكَاذِبِينَ{66} قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي سَفَاهَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ{67} أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاتِ رَبِّي وَأَنَاْ لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ{68} أَوَعَجِبْتُمْ أَن جَاءكُمْ ذِكْرٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِّنكُمْ لِيُنذِرَكُمْ وَاذكُرُواْ إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاء مِن بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً فَاذْكُرُواْ آلاء اللّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ{69}الأعرف.

    ويتكرر الوضع، فبعد هلاك من كفر ونجاة هود ومن آمن تحول الأحفاد للوثنية (معتقدات خارج دين الله) فبعث لهم الرسول صالح: وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءتْكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ هَـذِهِ نَاقَةُ اللّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللّهِ وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُوَءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ{73} وَاذْكُرُواْ إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاء مِن بَعْدِ عَادٍ وَبَوَّأَكُمْ فِي الأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِن سُهُولِهَا قُصُوراً وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتاً فَاذْكُرُواْ آلاء اللّهِ وَلاَ تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ{74} الأعراف.

    وتقول نفس سورة الأعراف: أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الأَرْضَ مِن بَعْدِ أَهْلِهَا أَن لَّوْ نَشَاء أَصَبْنَاهُم بِذُنُوبِهِمْ وَنَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ{100} تِلْكَ الْقُرَى نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَآئِهَا وَلَقَدْ جَاءتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ بِمَا كَذَّبُواْ مِن قَبْلُ كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللّهُ عَلَىَ قُلُوبِ الْكَافِرِينَ{101} وَمَا وَجَدْنَا لأَكْثَرِهِم مِّنْ عَهْدٍ وَإِن وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ{102}.

    وهو ما حدث لبني إسرائيل بعد موسى برغم وجود التوراة المكتوبة بينهم: وَلَقَدْ آتَيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ{16} وَآتَيْنَاهُم بَيِّنَاتٍ مِّنَ الْأَمْرِ فَمَا اخْتَلَفُوا إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمْ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ{17} الجاثية.

    وقريش (أحفاد إبراهيم) تحولوا للوثنية من دين الله الخالص الذي كان عليه آباؤهم.

    وحقيقة ابتعاد الناس عن الدين بعد الرسول حدثت لكل الأمم في كل زمان ومكان: يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ{51} وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ{52} فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُم بَيْنَهُمْ زُبُراً كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ{53} المؤمنون.

    فدعوة الرسل كانت لإعادة الناس لدين الله الواحد الذي تركه أسلافهم وتحولوا عنه للوثنية.

    ولو كان لهذه الحقيقة استثناء لبقي دين واحد على الأقل من أديان الأرض الكثيرة على حاله التي كان عليها زمن رسولهم، بدل أن تتحول الديانات السماوية إلى وثنيات منتشرة في مناطق واسعة من الكرة الأرضية.

    وتتوجه سورة الشورى المكية إلى المسلمين القلة في مكة محذرة إياهم ان يصيبهم ما أصاب الأمم غيرهم: شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ{13} وَمَا تَفَرَّقُوا إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى لَّقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتَابَ مِن بَعْدِهِمْ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مُرِيبٍ{14} الشورى.

    لقد ترك الناس قبل المسلمين دين الله إلى تشريعات بشرية مختلفة يفترقون عليها لفرق ومذاهب مختلفة. بحيث تصبح الرسالة وكلام الرحمن هو المشكوك فيه والتشريعات المذهبية هي التي يتمسك بها الناس. وهو ما حدث للمسلمين في عصور لاحقة.

    المنهجية المستخلصة: توقع خروج الناس عن الدين بعد الرسول، والتعامل معه كواقع حتمي الحدوث وغير مستغرب ولا مستبعد.

    وعلينا أن نتعامل مع ما حدث بعد الرسول بأنه كان متوقعاً أن يحدث، وهو ما يفسر ظهور الفرق والمذاهب وكتب التراث المختلفة. وهذه الحقيقة أوجبت علينا التعامل مع هذه الكتب على أنها هي الدخيلة ولا أصل لها في الإسلام، ولا عبرة بما يقوله عنها أتباعها، فهو تبرير لأنفسهم لكي يشعروا أنهم على حق. لكنه ليس كذلك لأنه يخالف القرآن، وما يخالف القرآن فليس من الدين، ولكنه موروث دخيل.

    الحقيقة الثانية: القرآن اكتملت به التشريعات

    .... الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِّإِثْمٍ فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ{3} المائدة.

    سورة المائدة آخر سورة في القرآن تفرض فيها التشريعات وبنزولها اكتملت تشريعات الدين.

    والتشريعات لا تفرض إلا بعد وجود مجتمع مسلم. وقد بدأ فرض التشريعات في بعض السور المكية بعد تحول خطاب الدعوة لكل الناس ودخول أعداد من بني إسرائيل وغيرهم مكونين مجتمعا مسلماً. وكان ذلك في بعض سور المرحلة الخامسة والسادسة من مراحل الدعوة في مكة.

    وبعد الهجرة واستقرار المهاجرين وتأسيس دولة للمسلمين نزلت ثلاث سور متتالية تحمل كل التشريعات المتبقية. والسور هي: البقرة، النساء، والمائدة. والآية الثالثة من سورة المائدة والمذكورة أعلاه تعلن اكتمال التشريعات بكل وضوح: "اليوم أكملت لكم دينكم".

    ولكن السورة تواصل فرض التشريعات بعد هذه الآية إلى نهاية السورة، وهذا ما جعل المفسرين يقولون إنها آخر آية نزلت في القرآن. وكأن هذه الآية تؤيد مزاعم المفسرين من أن القرآن ينزل آية آية وليس سورة كاملة في وقت واحد.

    والإجابة سهلة لمن اعتاد على أسلوب القرآن.

    فالقرآن في بعض الأحيان يبدأ الحديث عن أمر وكأنه سبق الحديث عنه. ومن ذلك الحديث عن تثبيت القبلة في سورة البقرة:

    فالسورة بدأت بالقول إن السفهاء من الناس سيتساءلون عن تحول المسلمين في قبلتهم لمكة، وكأنه سبق الحديث عن هذا التحول: سَيَقُولُ السُّفَهَاء مِنَ النَّاسِ مَا وَلاَّهُمْ عَن قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُواْ عَلَيْهَا قُل لِّلّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ{142}.

    مع أن الأمر بالتحول سيأتي لاحقاً، ثم يكون تساؤل الناس.

    وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِن كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلاَّ عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللّهُ وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ{143} قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاء فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوِهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ{144} البقرة.

    وهو مماثل لقوله تعالى: .... الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِّإِثْمٍ فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ{3} المائدة.

    مع أن اكتمال التشريعات سيكون بنهاية السورة ولم تكتمل قبل هذه الآية. لكن بما أن سورة المائدة نزلت وبنزولها اكتملت التشريعات، فالآية الثالثة كأنها تقول: وبنزول هذه السورة اكتمل الدين.

    ومع اكتمال الدين نهت السورة المسلمين عن سؤال الرسول عن حكم أي مسألة لم يسبق أن ورد فيها حكم بالحل أو التحريم أو النهي أو الأمر: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَسْأَلُواْ عَنْ أَشْيَاء إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِن تَسْأَلُواْ عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللّهُ عَنْهَا وَاللّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ{101} المائدة.

    وهذا الأسلوب متوفر في القرآن ومن ذلك ما ورد في سورة النساء، التي تبدأ بالحديث عن اليتامى: وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ{3}.

    ومقدمة الحديث عن هذا الموضوع جاءت في الآية: (127) من السورة: وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاء قُلِ اللّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاء الَّلاتِي لاَ تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَن تَنكِحُوهُنَّ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدَانِ وَأَن تَقُومُواْ لِلْيَتَامَى بِالْقِسْطِ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ بِهِ عَلِيماً{127}.

    فالحديث يبدأ بسؤال الناس الرسول عن النساء اليتامى، فيأتيهم الرد بعد السؤال وليس قبله.

    لكن القرآن يذكر الرد في الآية: (3) وتتحدث السورة عن مواضيع مختلفة ثم بعد 114 آية تعود لتذكر السؤال في الآية: (127). بدل أن يذكر الموضوع كما يلي:

    وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاء قُلِ اللّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاء الَّلاتِي لاَ تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَن تَنكِحُوهُنَّ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدَانِ وَأَن تَقُومُواْ لِلْيَتَامَى بِالْقِسْطِ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ بِهِ عَلِيماً{127} وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ{3}.

    وبالتالي يتضح أن الآية 3 تتحدث – كما سبق وذكر – عن الزواج باليتيمة وتحريم هضم حقوقها أو أكل مالها والتعامل معها بفوقية. وبما أن السورة تنزل كلها دفعة واحدة فمن المقبول أن يذكر نهاية الموضوع أولاً ثم في مكان متأخر من السورة نفسها يذكر أوله.

    ومثله ما ورد في سورة الأنعام في الآية (119): وَمَا لَكُمْ أَلاَّ تَأْكُلُواْ مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُم مَّا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلاَّ مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ وَإِنَّ كَثِيرًا لَّيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِم بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ.

    ولم يسبق لا في سورة الأنعام ولا في غيرها من السور التي نزلت قبلها أن تحدث القرآن عما يحرم من المآكل. وأول ذكر له جاء في نفس سورة الأنعام لكن في الآية: (145) المتأخرة عن هذه الآية: قُل لاَّ أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَّسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ.

    فالسورة تحدثت أولاً عن أنه ذكر للمسلمين ما حرم عليهم، وقد جاء ذكره لكن متأخراً. لكنه مقبول لأن السورة نزلت دفعة واحدة، ولن ينتظر المسلمون سورة أخرى لتخبرهم بما حرم عليهم.

    فهذا النوع من أساليب القرآن مستخدم ومفهوم من قبل من يتلى عليهم القرآن.

    ويكون الدين قد اكتمل (باكتمال تشريعاته) بنزول سورة المائدة، وكل تشريع بعد القرآن فليس من دين الله ولكنه دخيل عليه. لذا ورد في نفس سورة المائدة النهي عن سؤال الرسول عن حكم أي أمر لم يرد له ذكر في القرآن من قبل نزول السورة:

    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَسْأَلُواْ عَنْ أَشْيَاء إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِن تَسْأَلُواْ عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللَّهُ عَنْهَا وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ {101}.

    الآية بكل وضوح تقول: كل ما لم يفرض له حكم أو تشريع في القرآن فلا تسألوا عنه لأنه ليس من دين الله.

    المنهجية المستخلصة: دين الله اكتملت تشريعاته بسورة المائدة، وأي تشريع بعد اكتمال الدين ومن غير القرآن فليس من دين الله.

    وكل ما لم يرد له حكم في القرآن فليس له حكم في دين الله، ولكنه يدخل في العرف والأمور الدنيوية، فمن شاء فليفعل ومن شاء فليترك، ومن اعتبره من دين الله فقد أشرك من قال به مع الله.

    الحقيقة الثالثة: التمسك بالموروث لا يعني أنه حق

    كل الرسل كانوا يدعون لشيء واحد هو توحيد الله بالعبادة وعدم إشراك غيره معه. سواءً كان جماداً كحجر أو شجر أو الشمس والقمر، أو مخلوقاً كالملائكة أو الرسل أو رجال الدين أو العرف وما اختلقه البشر.

    وكل الناس اتفقوا في كل زمان ومكان على رفض دعوة الرسل، برغم وضوح الحق وقوة الحجة. لأن الناس بعد تحولهم الحتمي عن الدين بعد الرسول يتبعون تشريعات بعضها قديم قبل الرسول وبعضها مستحدث بواسطة رجال الدين ويتمسكون بها على مر السنين كموروث بنيت عليه مصالح ومنافع وسلطات وجاه. ولذا فأتباع أي موروث يتمسكون بموروثهم ولا يقبلون نقده. ومتى خالف الحق، فالموروث عندهم هو الحق والحق هو الباطل.

    وأتباع الموروث لا يقبلون النقاش ولا النقد ولا يستمعون للبراهين على بطلان معتقداتهم. كما أنهم يسارعون بالتهديد والوعيد لكل من ينتقد موروثهم، ولا يقبلون بالتعايش السلمي معه.

    فنوح دعا قومه لإخلاص التوحيد لله، لكن قومه رفضوا دعوته: وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدّاً وَلَا سُوَاعاً وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً {23} نوح.

    فآلهتهم كانت الأوثان، وما يدعون له عبادة خالقهم. ومع ذلك بدل أن يستمعوا للبراهين التي قدمها لهم رسولهم نعتوه بالجنون: كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنَا وَقَالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِر{9} القمر.

    وهددوه بالقتل إن لم يتوقف عن الدعوة: قَالُوا لَئِن لَّمْ تَنتَهِ يَا نُوحُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمَرْجُومِينَ{116} الشعراء.

    ومثله حدث لكل الرسل، ويحدث في كل مكان وزمان لكل دعاة العودة للحق، ولكل مصلح اجتماعي. فكل أتباع الموروث متمسكون بموروثهم على درجة واحدة من الغلو ولا يستمعون لنقده ولو تعرض أحد لموروثهم فسيتعرضون له بالأذى. ولا يهم إن كان الموروث عبارة عن مذاهب وفرق خلطت دين الله بغيره من تشريعات بشرية، كاليهودية، وفرق ومذاهب المسلمين، أو أنه تحول إلى الوثنية الكاملة مثل عبادة البقر والمجوسية والبوذية.

    التمسك بالموروث، إذاً، لا يعني صحته: وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْرَاهِيمَ{69} إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا تَعْبُدُونَ{70} قَالُوا نَعْبُدُ أَصْنَاماً فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ{71} قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ{72} أَوْ يَنفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ{73} قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آبَاءنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ{74} الشعراء.

    إبراهيم يقول بأن الخالق أحق بالعبادة من حجارة جماد، لكن القوم لم يقبلوا الدعوة برغم بيان الحجة وقوتها، لأنها دعوة لترك الموروث وتعريته والاعتراف بأنه خاطئ وهذا لا يمكن قبوله. فالتمسك بالموروث دائماً يعمي الأبصار عن الحقيقة ويعطل الفكر عن التفكير: وَإِذَا رَأَوْكَ إِن يَتَّخِذُونَكَ إِلاَّ هُزُوًا أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولا {74} إِن كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ آلِهَتِنَا لَوْلا أَن صَبَرْنَا عَلَيْهَا وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ الْعَذَابَ مَنْ أَضَلُّ سَبِيلا {74} أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلا {74} أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلاَّ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلا {74} الفرقان.

    الآيات تتحدث عن رجال قريش الذين يراهم الرسول مكتملي العقول نافذي البصيرة، ويحار من عدم تقبلهم للحق الواضح الذي يدعوهم لعبادة الخالق بدل عبادة الحجارة. فتجيبه الآيات بأن التمسك بالموروث يعمي البصيرة ويعطل العقل. فيبدو أتباع الموروث كالأنعام التي لا تعقل.

    المنهجية المتبعة: أتباع الموروث المتعصبون له لا يصغون لما يخالف معتقدهم، لأنهم يعيشون في دائرة مغلقة حرموا على أنفسهم النظر لما هو خارجها.

    هكذا يجب أن يكون التوقع في التعامل مع أصحاب الموروث.

    الحقيقة الرابعة: الدين يوافق العقل والموروث يعتمد النقل

    كفار قريش مصرون على التمسك بموروثهم السلفي عن الأجداد، برغم أنه يعتمد على عبادة أحجار لا تضر ولا تنفع، ويرفضون دعوة الرسول لعبادة الله الخالق الرازق العليم. ومنطقهم أعوج لا يستقيم لمنطق ولا عقل: وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلاَ يَهْتَدُونَ {170} البقرة.

    والسبب أن أي عقيدة سلفية تعتمد الموروث لا يمكن أن تفكر في خطأ معتقداتها، ولا تعتمد العقل في نقده. لذا فالموروث يعتمد النقل على الدوام، ولو خالف العقل. والقرآن في العديد من السور يطلب من قريش التفكير في معتقداتها الموروثة وستكتشف خطأها: قُلْ أَرَأَيْتُم مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ اِئْتُونِي بِكِتَابٍ مِّن قَبْلِ هَذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِّنْ عِلْمٍ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ{4} الأحقاف.

    كل المطلوب من قريش هو الإجابة على أسئلة بسيطة:

    هل تستطيع آلهتكم خلق أي شيء؟
    في المقابل انظروا لخلق السماوات والأرض.
    هل لآلهتكم مشاركة مع الله في الخلق؟
    هل تعتمدون في عبادة الأصنام على كتاب منزل من الله سابق للقرآن؟
    هل تعتمدون في عبادة الأصنام على بقية من علم قديم؟
    لكن العقل لا مكان له بين أتباع الموروث.

    ومثل قريش كل أتباع الموروث في كل زمان ومكان: وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ إِلاَّ قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّقْتَدُونَ {23} قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُم بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدتُّمْ عَلَيْهِ آبَاءَكُمْ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُم بِهِ كَافِرُونَ {24} الزخرف.

    وكان يجب على أتباع المذاهب والفرق بين المسلمين أن يستمعوا ويفكروا:

    هل الدين لله وحده، أو لله والرسول؟

    سيقولون الدين لله وحده. إذاً، كيف يكون كلام الرسول جزءاً من دين الله؟

    سيقولون: لأن الرسول يتلقى وحياً غير القرآن.

    فإذا كان القرآن يقول بأن الرسول لا يتلقى إلا القرآن فكيف يكون كلام الرسول من دين الله؟

    فسينغضون اليك رؤوسهم ويقولون: أنت منكر للسنة.

    ----------------------------------------------
    #ابن_قرناس ابن قرناس الشرعة والمنهاج
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de