حيثيات التشكّل الإقتصادى – الإجتماعى فى السودان، وآفاق التغيير السياسى

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-19-2024, 09:04 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2016-2017م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
12-11-2016, 06:02 AM

حسين أحمد حسين
<aحسين أحمد حسين
تاريخ التسجيل: 09-04-2014
مجموع المشاركات: 1281

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حيثيات التشكّل الإقتصادى – الإجتماعى فى � (Re: حسين أحمد حسين)


    على المستوى الداخلى:

    1- يحتاج التغيير (حرباً/سِلماً) إلى تمويل، وهو ما لا يملكه المنادون به، خاصةً من أصحاب الوجعة فى الداخل. وبالتالى يصبح تمويل التغيير مهمَّة السودانيين العاملين بالخارج (5-7 مليون مغترب/مهاجر). وليكون هذا التمويل مستداماً، فليكن فى شكل صندوق (Fund) بمساهمات شهرية من 1 - 10 جنيه إسترلينى لأىِّ فترة من الزمن (نرجو مراجعة الفكرة عند د. محمد أحمد محمود) وفى حساب معروف يديره/يضمنه أفراد مؤتمنون (د. مو إبراهيم، وعدد من الرأسمالية الوطنية التى لها مصلحة فى التغيير، كمثال).

    غير أنَّى أرى الجدوى الكبرى تكمن فى قيام بنك المغتربين السودانيين (Sudanese Expatriate Bank)، والذى نرجو أن يكون المؤسسون الأوائل له من حملة لواء التغيير، ومن ثمَّ يُفتح للإكتِتاب لكافة المغتربين/المهاجرين، بتحديد قيمة معينة للسهم (10 جنيه إسترلينى مثلاً). ومن الممكن أن يكون هذا البنك كشركة مساهمة عامة/خاصة، تكون رئاسته فى إحدى البلاد الحرة، وبفرع رئيس فى الخرطوم يأوى إليه ذووا المغترب/المهاجر لإستلام تحويلاتهم منه دون أن تمر بيد الحكومة.

    ويجب أنْ تُودع فى هذا البنك كلَّ تحويلات السودانيين العاملين بالخارج - تلك التى يا طالما سال لها لعاب الحكومة فى الخرطوم - والتى يمكن أن تتحول إلى ورقة ضغط لتوجيه سياسات النظام (نحو القطاعات المنتجة، بناء مؤسسات الديموقراطية، تحقيق العدالة الإجتماعية والتوازن الإقتصادى، وكل عمليات التغيير المنشودة فى السودان) إن أراد النظام أن يستفيد من تلك التحويلات.

    هذا الأمر فى أعلى تجلِّياته من الممكن أن يتحول إلى حكومة منفى بكامل هيئاتها ومؤسساتها (والإقتراح فى الأصل لإستاذنا د. القراى)، التى يصبح فيها بنك المغتربيين السودانيين بمثابة البنك المركزى. وهذه الحكومة سوف تتيح قدراً من المهنية والتدريب على تحمل المسئولية القومية إذا حان وقت التغيير بِنحوٍ مفاجئ.

    هذه الحكومة إذا أُحْسِنَتْ إدارتُها، قد تُغرى العالم الخارجى ليضغط على نظام الخرطوم ليستوعب هذه الحكومة، فتحل محل الحكومة الفاسدة هناك، أو تُجبِرها بتبنَّى قراراتِها فى أسوأ الأحوال، فيقلُّ إتعاسُها للمواطنين السودانيين المغلوب على أمرهم.

    وفى ظل حكومة المنفى هذه لابد من أن يتدرَّب القائمون على أمر الدولة على شأن حيادية الدولة فى التعاطى مع كل طبقات المجتمع، بالقدر الذى يجعل البلد على مسلك التغيير. ولضمان حيادية الدولة، فلابد أن تكون هناك ديمقراطية شفافة (محارِبة للفساد، مؤيدة للتنافس الحر) تنعكِس فى الفصل بين السلطات واستقلالها؛ فهى منطلقنا وهدفنا وسبيلنا إلى التغيير.

    ولن نثق نحن الفقراء فى إستقلالية (أىِّ) حكومة المنفى هذه، مهما تنطَّعتْ فى الحديث عنا، ما لم نكن مشاركين فيها لِإحداث التوازن فى العملية الإنتاجية بالفعل الجماعى الديموقراطى لصالح الفئة التى ننتمى إليها؛ فئة العمال والقوى الحديثة السودانية.

    والجدير بالتأكيد، أنَّ إحداث التوازن فى العملية الإنتاجية لصالح كل وكلاء العملية الإنتاجية، هو الضامن الوحيد لِإستمرار الديموقراطية وحيادية الدولة، والوصول بالبلد لمرحلة الثورة الوطنية الديموقراطية، وبالتالى قفل الباب على الصراعات الأيديولوجية الحادة (وتحويلها إلى صراعات برامج) والإنقلابات العسكرية؛ وبالتالى تحقيق التنمية والسلام الإجتماعى والإستقرار السياسى.

    2- لابد من وجود فضائية لحكومة المنفى/المعارضة، تكون لها بمثابة وزارة الثقافة والأعلام، والتى يجب أن يُموِّلها بنك المغتربين السودانيين فى أول عمليات إستثماراته، وتكون مهمتها فضح أيديولوجيا النظام المتفسخة بالحقائق المحضة، وتُحدِّث النَّاسَ بالتغيير وبأبجديات الثورة.

    وكما هو معلوم من نظام الإنقاذ بالضرورة، أنَّه يتعبَّد بالأكاذيب والأباطيل والبُروباقاندا السوداء، ويعتمد إعتماداً وثيقاً فى مواجهته للمعارضة على القواعد النفسية، أكثر من المكافئ المادى الحقيقى الذى ربما كان أقل مما يُتوقع، ولكنَّه متضخمٌ بالآلة الإعلامية. ومن هذا المنطلق، فإنَّ وجود فضائية للمعارضة يُمكن أن يقطع نصف المشوار نحو التغيير/الثورة.

    3- لنكون على مسلك التغيير، فلابد للعمال والقوى الحديثة (والأحزاب التى تتحدث باسمهم إنْ رَغِبَتْ) من إخلاء طرفهم من التحالفات المزمنة والمفرغة الحلقات التى أدخلتهم (وأدخلت نفسها) فيها أحزاب البورجوازية الصغيرة مع الشرائح الرأسمالية. وذلك لأنَّ هذه التحالفات ولمدة طويلة، قد أربكَتْ الوقائع الطبقية على الأرض، وبالتالى كرِّستْ لأن تكون الساحة السياسية خالية (عمداً) من أىِّ حزبٍ للعمال والقوى الحديثة فى السودان نابع من أوجاعِهم ليساهم فى إحداث التوازن المطلوب لصالحهم فى العملية الإنتاجية وبالتالى إستدامة الديموقراطية.

    هذا الواقع جعل أكثر من 85% من سواد الشعب (العمال + القوى الحديثة) لا يرون بديلاً مطروحاً للتغيير من قِبَل هذه الأحزاب والتحالف معها. والسؤال المشروع هنا: كيف يستقيم الأمر للأحزاب التقدمية أن تبحث عن قضايا العمال والقوى الحديثة بالتحالف (لأكثر من 60 سنة) مع الشرائح الرأسمالية لِإنجاز هذه المهمة؟ هذا منطق غريب وطرح نشاز، ولا يليق بالعقل التقدمى.

    بل الأمر عندى يصل إلى درجة الخيانة لقضايا العمال والقوى الحديثة السودانية، يصل إلى درجة الوصم للبورجوازية والبورجوازية الصغيرة بالتواطؤ على التغييب المتعمَّد لدور فاعل للعمال والقوى الحديثة السودانية، خاصةً مع طول الفترة الزمنية من غير أىِّ مراجعة (وإنْ وُجِدَتْ فهى زنيمةٌ وبنت - لَذين) لهذا الموقف، ناهيك عن التمادى فيه.

    وعليه لابد من تكوين حزب للعمال والقوى الحديثة يحفظ حقوقهم ويراعى مصالحهم إن كنا نريد أن نكون على مسلك التغيير، ولتأتى عندئذٍ أحزاب البورجوازية الصغيرة لتتحالف معه إنْ كانتْ بالفعل حريصة على مصالحهم. ويقينى الذى لا يُزعزعه شك، أنَّ غياب حزب العمال والقوى الحديثة (لا يهم سببه) هو الذى يضطرُّ هذا الأحزاب لتتحالف مع شرائح رأس المال، ولو كان موجوداً لبقيت على الأقل الفئات الدنيا منها فى تحالفٍ مع الفقراء.

    وأقول ما أقول فى شأن تحالف أحزاب البورجوازية الصغيرة مع حزب العمال والقوى الحديثة، إلاَّ أنَّ حزب العمال والقوى الحديثة السودانى ليس محتاجاً لأىِّ نوع من أنواع التحالفات (ولا بأس بها لخدمة قضايا العمال والقوى الحديثة بشكل حقيقى هذى المرة)، لأنَّه يمثِّل أكثر من 85% من الشعب السودانى. وبغياب هذا الحزب، فإنَّ أَّىَّ نوع من التغيير (ديموقراطى، عسكرى) سيكون فى صالح الشرائح الرأسمالية، كما هو سائد منذ الإستقلال إلى الآن. وهذا الحزب لن يكون على مسار التغيير هو الآخر، ما لم يكن قادراً على تمثيل كافة جموع العمال والقوى الحديثة السودانية، لاسيما تلك المنضوية تحت أحزاب الشرائح الرأسمالية الأخرى بسبب غياب هذا الحزب، وتلبية طموحاتهم المادية والروحية.

    إذاً، يمكن القول بأنَّ أهم أسباب تأخر التغيير عندنا، هو بسبب غياب حزب/كيان للعمال والقوى الحديثة، وبالتالى بسبب وجود الخطل السياسى الذى يريد أن يُزيح شريحة رأسمالية مهيمنة عن السلطة، بالتحالف معها (مشاركتها السلطة)، أو مع شرائح رأسمالية أخرى، ميلُها القلبى للشريحة ذات الهيمنة دون الشرائح الضعيفة.

    4- أيضاً يتأخر التغيير عندنا، وبالتالى لن نكون على نهجه، مع وجود الخلل القائم الآن فى التركيبة الديموغرافية لمؤسساتنا الحزبية، حيث دعاة التغيير المقبلون على الحياة والفاعلون فيها، يحتلون الصفوف الخلفية فى هذه الأحزاب. والمدبرون عن الحياة، الباحثون عن حسن الختام السياسى بعدم الإحتكاك مع السلطة/الفتنة، يحتلون مقاعد القيادة، ويُقعِدون بالثورة، ويُثبطونها بالمواقف التوفيقية المائعة.

    ويجب أن يكون هناك إهتمام واضح بالشباب وبتعليمهم وتدريبهم، وبتأهيلهم وبإكسابهم الخبرات والثقة بالنَّفس (وفى حكومة المنفى فرصة لعمل ذلك)، والإعتراف بأهمية دورهم فى التغيير، وإخلاء مِقْوَد قيادة التغيير لهم. فمعظم الدول الحية فى العالم الآن تُدار بالفئة العمرية (15-45/50) ومثال لذلك أوباما، كاميرون/ميليبان، إلخ.

    5- من قراءتى المتواضعة للواقع السياسى السودانى أنَّ التغيير يحتاج إلى عسكرة، ولو من باب توازن الرعب. فالعسكرة المكافئة لدرجة تَعَسكُر النظام أو القريبة منه (ولو لم تُطلقْ بارودة واحدة) مهمة لتحسين الموقف التفاوضى للمعارضة السياسية، والضامن الرئيس للتغيير السلمى (وإنْ دعا داعى النِّزالِ لم نخن).

    ودعونى أُدَلِّل على هذا الطرح من حيثيات الواقع الإقتصادى الإجتماعى فى السودان. فمن الإستنتاجات المهمة التى يفضحها التحليل الطبقى للمشهد السودانى، أنَّ كل الإنقلابات العسكرية فى السودان، وكل اللحظات التى إنحازتْ فيها القوات المسلحة للجماهير الثائرة، كانت وراءها الشريحة المهيمنة فى المجتمع. فحين يَضيقُ الشعبُ ذرعاً بالشريحة المهيمنة، تَهْرعُ هذه الشريحة للبحث عن عسكريين تنتخبهم إنتخاباً وتُسَلِّمُهم السلطة بغرض المحافظة على مركز الهيمنة (قاطعةً الطريق على إنحياز وشيك للمؤسسة العسكرية لشعبها)، ثمَّ تزدهر فى كنف النظام العسكرى الجديد، من جديد.

    الآن، فقد ضاق الشعب بالشريحة المهيمنة ضيقاً عظيماً، غير أنَّ الشريحة المهيمنة هذه المرة أكملت عسكرة نفسها (فقد أدركت أهمية العسكرة باكراً على عكس الشرائح الضعيفة)، وسرَّحَتْ المؤسسة العسكرية، لِكَىْ لا يَحْلُمَنَّ الشعب السودانى ثانيةً بأىِّ إنحياز من المؤسسة العسكرية له. وبهذا الإجراء، فقد ضمِنَتْ الشريحة المهيمنة لنفسها عمراً مديداً فى السلطة. وحتى إنْ ضغطَ الشعبُ باتجاه التغيير، فستلجأ الشريحة المهيمنة فى إطار إجراء شكلى/أداتى إلى أخذ السلطة من نفسها بيد لتُعطيها لنفسها بالبيد الأخرى، وتصبح بذلك مستمرة وفاعلة ومتجددة.

    وبالمقابل كلُّ هبَّات الشعب السودانى لم تجد من ينحاز إليها من العسكريين ولمدة ربع قرن (باستثناء شهداء رمضان البواسل فى بواكير هذا النظام الغادر)، فأصبحت ثورة الشعب نَزِقةً وخديجةَ النتائج، وغير فاعلة، وسَهْلٌ القضاء عليها. وهنا يتكرَّسُ السؤال: هل العسكرة (المؤسسة العسكرية السودانية) من مُحَدِّدات التغيير فى السودان؟

    وإذا كانت الإجابة بنعم، كما هو شاخص فى تجربة السودان نفسها وفى تونس ومصر وليبيا وسوريا ومعظم دول الجوار (آخرها بوركينافاسو)، فهناك خياران: إمَّا أن نبحث عن قوات مسلحة (وهى مسرحة للصالح العام كما فى حالة السودان الآن) تنحاز إلينا، وننحاز إليها رُغمَ قدحنا لها لمدة ستة عقود (القوات المسلحة الوحيدة التى ينالها التقريح من فئات شعبها فى العالم هى القوات المسلحة السودانية، خاصةً الفئات العقائدية. فالأخوانوية كسرتْ عظمَ ظهرِها، والتقدميون حطُّوا من قدرها)، ونبحث لها عن سلاح، وتلك مهمة السودانيين العاملين بالخارج/بنك المغتربين السودانيين فى حكومة المنفى؛ وإمَّا أن ننحاز نحن وتنحاز إلينا الفصائل المسلحة من المعارضة (فالكل يحمل السلاح).

    ومن الواضح أنَّ الأجابة ليست بلا، وبالتالى فإنَّ التغيير يتطلَّب عدم الوقوع فى فِخاخ تنظيم الأخوان المسلمين العالمى، عن طريق الوسيط القطرى والجنوب – أفريقى، القاضى بإلْهاء المعارضة المسلحة (بعد أن هدَّمَ المؤسسة العسكرية السودانية) بالحوار – لا التفاوض – الدائرى المفرغ الحلقات، وجعلها ذاهلة عن الإنحياز للمعارضة المدنية لأطول فترة ممكنة مهما كان الثمن (فهو أقلُّ كُلفةً من قِتالها).

    إذاً خِشيةُ النظامِ كلُّها من عسكرة المعارضة (فانظر ماذا فعل توقيع نداء السودان من اضطرابٍ فى كيان السلطة التى أزعم (كما جاء آنفاً) أنها تحكم الشعب السودانى سايكولوجياً: آلة إعلامية، إستعراض عسكرى، ضربة باطشة تستخدم لها الذين تُسميهم إستصغاراً واحتقاراً بالأمن السلبى)، وعلينا عسكرتها إن كان التغيير وِجهتَنا. وعلينا مراقبة ورصد الشريحة ذات الهيمنة مالياً وعسكرياً (فى الداخل والخرج) ورصد خطابها وحبائلها بشكلٍ دقيق (فهى لا تفكِّر بعقليتها السودانية المعروفة بالنسبة لنا، والسَّهْل التنبؤ بحدسها، وإنَّما تتغذى بتجربة تنظيمها العالمى وبتجربة صهيوصفوية)، ليسهل الأنقضاض عليها وشلَّها بالوسائل المشروعة فى الوقت المناسب.

    وهنا لابد من كلمة إنصاف للمؤسسة العسكرية السودانية يُمليها علينا التحليل الطبقى للظاهرة السودانية، وبالتالى رفع العتب وكفَّ الأذى عنها مرةً واحدةً وإلى الأبد، والنظر بشكل جِدِّى فى أمر إصلاحها؛ لطالما أنَّها محدِّدٌ مهِمٌّ من محدِّدات التغيير.

    لقد جاء بعاليه أنَّ كل الإنقلابات العسكرية واللحظات التى إنحازت فيها المؤسسة العسكرية للجماهير فى حالات الثورة، كانت بإيعاز من الشرائح الرأسمالية خاصة الشريحة ذات الهيمنة والمتحالفين معها منذ أكثر من 60 سنة.

    وهنا لابد من تذكيركم بما جاء من قبل، بأنَّ شرائح رأس المال لا تحب العيش فى المناخات الديموقراطية (ما نالته بالديكتاتورية، لم تنلْه بالديموقراطية) التى تميل للتوازن بين كل شركاء العملية الإنتاجية، وبالتالى فإنَّ فترات الديموقراطية فى السودان هى فترات لتحديد موقع الهيمنة (أكثر منه إقتناعاً بها)، ومن ثمَّ الإنقضاض من جديد على الديموقراطية المُغيَّبِ حارسها عمداً (حزب العمال والقوى الحديثة السودانية).

    والمؤسسة العسكرية حين تنقض على الديموقراطية أو يُطلب منها الإنحياز لحركة الجماهير وكلُّ ذلك بإيعاز الشرائح الرأسمالية (وحلفائها من البورجوازية الصغيرة المتحدثة باسم العمال والقوى الحية فى المجتمع)؛ تعييناً الشريحة المهيمنة، تعتبر تلك رغبة كل الشعب؛ خاصةً فى ظِل غياب حزب للعمال والقوى الحديثة السودانية. ولو كان هذا الحزب موجوداً لوقفت المؤسسة العسكرية على الحياد دون أدنى شك؛ وذلك لطبيعتها القومية، ولوقوع معظم فئاتها فى فئة العمال والقوى الحديثة نفسها.

    إذاً الذى يُلام بالدرجة الأولى على تدخل المؤسسة العسكرية فى الشأن المدنى السودانى هو شرائح رأس المال ومن تحالف معها من أحزاب البورجوازية الصغيرة؛ وهذا الحلف هو نفسُهُ المسئول عن غياب حزب العمال والقوى الحديثة فى المشهد السياسى السودانى، الغياب الذى أعشى المؤسسات العسكرية والمدنية معاً عن رؤية الأهداف والرغبات الحقيقية للشعب السودانى (الديموقراطية/التوازن فى العملية الإنتاجية) وعن سبل تكريسها واستدامتها فى الواقع السودانى. فَمَنْ يلومُ مَنْ يا تُرى؟!

    نرجو أن يكون تأسيس حزب للعمال والقوى الحديثة السودانى حافزاً لِإعادة بناء وإصلاح المؤسسة العسكرية السودانية (التى مسختها شرائح رأس المال، واغتالتْ شخصيتها أحزاب البورجوازية الصغيرة) على أساس قومى متكامل ومتين، وعلى أساس عقيدة جديدة قائمة على الحياد والتعاطى المتساوى مع كل وكلاء العملية الإنتاجية، أى تُنشَّأ حارسة للديموقراطية ومؤسساتها. ومن أراد من ضباطها السعى للسلطة فعليه أن يتميدن حتى ينالها أسوةً بالمدنيين الآخرين. ولابد من مراجعة المنهج الذى يعد هذه المؤسسة، مراجعة دقيقة باتجاه تحقيق هذه الأهداف.

    6- لابد من التسويق المستمر للتغيير (حتى سقوط النظام، فها هى القضية الفلسطينية على وشك أن تنال إستحقاقاتها بالعمل الدَّؤوب المثابر المستمر) فى كل المحافل الدولية واستمالة العالم له بشكل أكثر فاعلية؛ ولو على مستوى التصريحات الصحفية المجامِلة، والتظاهرات والإحتجاجات والوقفات التضامنية؛ بغرض خلق زخم عالمى داعم له، طالما تعذر الدعم المالى والعسكرى.

    7- على الإنتلجنسيا السودانية نبذ التقاعس والإضطلاع بدورها بشكلٍ فعَّال فى حمل لواء التغيير، وقيادة الجماهير وتنظيمها باتجاه إسقاط النظام. وهذا النظام تكفيه مظاهرة طوفانية واحدة فقط لاغير؛ تزحف عليه من حيث يدرى ولا يدرى، ويومها سيتحقق سابع موبقات أهل النظام، بتوليهم يوم الزحف.

    وهنا لابد أولاً: من فصل عُرى شركات الإتصال بالجهات الأمنية (وتحييدها بكل الوسائل المتاحة) حين تتوهج الثورة ويحين التغيير، وثانياً: السيطرة عليها بواسطة مُهندسين مختصين يتدربون على هذا الأمر من الآن، وثالثاً: توظيفها لمصلحة التغيير وكشف تحركات أعدائه والمخذلين عنه.

    8- صرف أنظار الصينيين الروس من دعم النظام إلى دعم الشعب السودانى؛ فالصين وروسيا أصبحا لاعبين مهمين فى المنطقة الآن، وقد نحتاجهما لحماية ثورتنا/تنميتنا. كما يجب فسخ زواج المتعة بين الأخوانوية السودانية والصفوية الإيرانية وحلفائهما من القطريين والأتراك وكل الدواعيش، وذلك بتأليب العالم على تنظيم الأخوان المسلمين الإرهابى، وإيران التى تمد نظام الإنقاذ بالسلاح والمال والرجال والخبرات، وفضح برامج التسليح السرية بينهما التى ربما إنطوت على تسليح نووى أو كيماوى يجر على البلد من الويلات الكثير.

    9- لابد من تحريض العالم لإجبار نظام الخرطوم على استرداد ما سرقه من أموال الشعب السودانى المودعة فى بنوك العالم الغربى والشرقى معاً، ودفع ديون السودان من تلك الأموال المسروقة فساداً وظلماً من الشعب السودانى. فذلك سيُضعف قدرته على التمسك بالسلطة وإحداث ثورة مضادة فيما بعد.

    وبالعدم إيجاد وسيلة تعفى ديوننا على العالم الخارجى قبل/حال حدوث التغيير (وتلك مهمة حكومة المنفى ودبلوماسيتها)، أو على الأقل تجميدها ريثما يستقر النظام الديموقراطى البديل، وتتزن معادلته الإنتاجية. وبالتالى نعبر بالبلد من حلقات هيمنة الشرائح الرأسمالية، إلى فضاء الإتزان السياسى – الأيديولوجى، والإقتصادى – الإجتماعى.

    خاتمة:

    هذا تحليل ناقص بالضرورة، ولن يكتمل إلاَّ بأرائكم الثاقبة. وليعذرنى القارئ الكريم على التقصير إنْ جاءت هذه المساهمة أكثر تواضعاً مِمَّا يطمح إليه. وفقط أُنوِّه بأنَّ هناك ملحقين عن معادلة التغيير وحزب العمال والقوى الحديثة السودانى، سيتم إرفادهما لاحقاً، حال الفراغ من الرد على المداخلات.

    تمَّتْ.
                  

العنوان الكاتب Date
حيثيات التشكّل الإقتصادى – الإجتماعى فى السودان، وآفاق التغيير السياسى حسين أحمد حسين12-08-16, 06:03 AM
  Re: حيثيات التشكّل الإقتصادى – الإجتماعى فى � طه داوود12-08-16, 09:02 AM
  Re: حيثيات التشكّل الإقتصادى – الإجتماعى فى � حسين أحمد حسين12-09-16, 00:23 AM
    Re: حيثيات التشكّل الإقتصادى – الإجتماعى فى � حسين أحمد حسين12-09-16, 01:44 AM
      Re: حيثيات التشكّل الإقتصادى – الإجتماعى فى � حسين أحمد حسين12-09-16, 02:10 AM
        Re: حيثيات التشكّل الإقتصادى – الإجتماعى فى � حسين أحمد حسين12-10-16, 01:49 AM
          Re: حيثيات التشكّل الإقتصادى – الإجتماعى فى � حسين أحمد حسين12-10-16, 04:53 AM
            Re: حيثيات التشكّل الإقتصادى – الإجتماعى فى � حسين أحمد حسين12-10-16, 11:44 PM
              Re: حيثيات التشكّل الإقتصادى – الإجتماعى فى � حسين أحمد حسين12-11-16, 00:05 AM
                Re: حيثيات التشكّل الإقتصادى – الإجتماعى فى � حسين أحمد حسين12-11-16, 01:50 AM
                  Re: حيثيات التشكّل الإقتصادى – الإجتماعى فى � حسين أحمد حسين12-11-16, 02:26 AM
                    Re: حيثيات التشكّل الإقتصادى – الإجتماعى فى � حسين أحمد حسين12-11-16, 02:41 AM
                      Re: حيثيات التشكّل الإقتصادى – الإجتماعى فى � حسين أحمد حسين12-11-16, 02:54 AM
                        Re: حيثيات التشكّل الإقتصادى – الإجتماعى فى � حسين أحمد حسين12-11-16, 03:21 AM
                          Re: حيثيات التشكّل الإقتصادى – الإجتماعى فى � حسين أحمد حسين12-11-16, 03:53 AM
                            Re: حيثيات التشكّل الإقتصادى – الإجتماعى فى � حسين أحمد حسين12-11-16, 05:13 AM
                              Re: حيثيات التشكّل الإقتصادى – الإجتماعى فى � حسين أحمد حسين12-11-16, 05:33 AM
                                Re: حيثيات التشكّل الإقتصادى – الإجتماعى فى � حسين أحمد حسين12-11-16, 05:40 AM
                                  Re: حيثيات التشكّل الإقتصادى – الإجتماعى فى � حسين أحمد حسين12-11-16, 05:49 AM
                                    Re: حيثيات التشكّل الإقتصادى – الإجتماعى فى � حسين أحمد حسين12-11-16, 06:02 AM
                                      Re: حيثيات التشكّل الإقتصادى – الإجتماعى فى � حسين أحمد حسين12-12-16, 04:19 AM
                                        Re: حيثيات التشكّل الإقتصادى – الإجتماعى فى � حسين أحمد حسين12-12-16, 04:22 AM
                                          Re: حيثيات التشكّل الإقتصادى – الإجتماعى فى � حسين أحمد حسين12-12-16, 04:26 AM
                                            Re: حيثيات التشكّل الإقتصادى – الإجتماعى فى � حسين أحمد حسين12-12-16, 04:29 AM
                                              Re: حيثيات التشكّل الإقتصادى – الإجتماعى فى � حسين أحمد حسين12-24-16, 02:01 AM
                                                Re: حيثيات التشكّل الإقتصادى – الإجتماعى فى � aydaroos12-24-16, 08:55 AM
                                                  Re: حيثيات التشكّل الإقتصادى – الإجتماعى فى � aydaroos12-24-16, 08:57 AM
                                                  Re: حيثيات التشكّل الإقتصادى – الإجتماعى فى � حسين أحمد حسين12-27-16, 01:49 AM
                                                    Re: حيثيات التشكّل الإقتصادى – الإجتماعى فى � aydaroos12-27-16, 07:06 AM
                                                      Re: حيثيات التشكّل الإقتصادى – الإجتماعى فى � osama elkhawad12-27-16, 08:55 AM
                                                        Re: حيثيات التشكّل الإقتصادى – الإجتماعى فى � حسين أحمد حسين12-28-16, 04:33 AM
                                                          Re: حيثيات التشكّل الإقتصادى – الإجتماعى فى � osama elkhawad12-28-16, 08:10 PM
                                                            Re: حيثيات التشكّل الإقتصادى – الإجتماعى فى � حسين أحمد حسين12-29-16, 01:15 AM
                                                              Re: حيثيات التشكّل الإقتصادى – الإجتماعى فى � حسين أحمد حسين12-29-16, 01:26 AM
                                                                Re: حيثيات التشكّل الإقتصادى – الإجتماعى فى � حسين أحمد حسين12-29-16, 01:39 AM
                                                      Re: حيثيات التشكّل الإقتصادى – الإجتماعى فى � حسين أحمد حسين12-28-16, 01:31 AM
                                                        Re: حيثيات التشكّل الإقتصادى – الإجتماعى فى � osama elkhawad12-29-16, 02:01 AM
                                                          Re: حيثيات التشكّل الإقتصادى – الإجتماعى فى � حسين أحمد حسين12-29-16, 01:46 PM
                                                            Re: حيثيات التشكّل الإقتصادى – الإجتماعى فى � حسين أحمد حسين12-29-16, 10:25 PM
                                                              Re: حيثيات التشكّل الإقتصادى – الإجتماعى فى � حسين أحمد حسين12-29-16, 11:36 PM
                                                                Re: حيثيات التشكّل الإقتصادى – الإجتماعى فى � aydaroos12-30-16, 10:01 AM
                                                                  Re: حيثيات التشكّل الإقتصادى – الإجتماعى فى � حسين أحمد حسين12-31-16, 00:29 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de