حيثيات التشكّل الإقتصادى – الإجتماعى فى السودان، وآفاق التغيير السياسى

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-25-2024, 02:27 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2016-2017م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
12-08-2016, 06:03 AM

حسين أحمد حسين
<aحسين أحمد حسين
تاريخ التسجيل: 09-04-2014
مجموع المشاركات: 1281

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
حيثيات التشكّل الإقتصادى – الإجتماعى فى السودان، وآفاق التغيير السياسى

    05:03 AM December, 08 2016

    سودانيز اون لاين
    حسين أحمد حسين-UK
    مكتبتى
    رابط مختصر

    حيثيات التشكُّل الإقتصادى – الإجتماعى فى السودان، وآفاق التغيير السياسى

    (إعادة نشر مع قليل من التصرف)

    فاتحة:

    تتناول هذه الأُطروحة العلاقات الإقتصادية/الإجتماعية والسياسية للواقع السودانى فى السياق المادى التاريخى كمنهج للتحليل، وبعيد عن أىِّ عقائدية، وبدون الإنتقاص من الأدوات التحليلية الأُخرى التى قد يتناولها متناول من منظوره الشخصى. أمَّا لماذا هذا المنهج التحليلى بالذات؛ فذلك لقدرته المحضة على تناول الظواهر الإجتماعية فى إطارها الشامل المتكامل؛ بربطها بمتغيرات تشكُّلِ الأنماط الإقتصادية والإجتماعية، وبعيداً عن الدراسات المجتزءة، والمعمَّمَة جُزافاً على واقعٍ لم تخبِرْهُ ولم تخْتَبِرْه. كما أنَّنى لم أجد بعد، نظرية تُبِذُّها فى القدرات التحليلية والإستقصائية.

    إذاً، هى معالجة غير محرضة بالأيديولوجيا، أى قِوامُها العقل الحُر والتفكير الحُر. وتتعامل مع أدوات التحليل المذكورة بعاليه، كأدوات لنظريةِ علومٍ إجتماعية تُحظى بإحترام واسع فى الأوساط العلمية على مستوى العالم، ومازالت سارية المفعول على سبحِ ثلاثة قرون (التاسع عشر، العشرين والواحد وعشرين)، بل والأكثر فاعلية. وانظر إلى رصيفاتها، إمَّا أنَّهنَّ قبَعْنَ وراء التاريخ، أو ذهبنَ إلى مذبلة التاريخ.

    هناك أسئلة مهمة تحاول أن تتدارسها هذه المداخلة مثل: كيف يؤثر الخطاب الليبرالى فى تشكُّل واقعنا، وكيف تعاطينا/ نتعاطى معه؟ ما هى محددات تشكُّل الواقع الإقتصادى/الإجتماعى والسياسى فى السودان؟ ما هى آفاق التغيير المرتقب، وأين نحن من مسلكه، ومن المستفيد منه، ولماذا تأخر عندنا، وهل من بارقة أمل؟ وتحاول هذه المداخلة أنْ تُجيب علي كلِّ هذه الأسئلة، ليس بذلك النَّفَس الأكاديمى الصارم، ولكن بجديَّتِهِ، وهى مفتوحة للنقاش، وليكن كلُّهُ، بنهايةِ التحليل، فى مصلحة التغيير.

    إضاءة أُولى:

    ربما تساءل إسلامىٌّ من أهل السلطان، وحُقَّ له أنْ يتساءل، لماذا لم تختر النظرية الإقتصادية الإسلامية وأدواتِ تحليلها؟ فها هو محمد باقر الصدر كتبَ عن إقتصادنا وفلسفتنا، وكُتُبُ العلامة يوسف القرضاوى وآخرين، تملأُ الآفاق.

    والرد ببساطة أنَّ المنظرين عن النظرية الإقتصادية الإسلاموية وأدوات تحليلها، بالرغم من الجهد والمساهمات الجليلة التى عُملتْ فى هذا الجانب، إلاَّ أنهم قد إستنبطوا نظريتهم بمنظورٍ خاطئٍ من القرآن والسنة (كتعاليم دينية لا أحد يختلف على سُمُوِّها وقدسيتها وأهميَّتها فى حاياتنا). وقد فعلوا ما فعلوا لسببين، الأوَّل ربما كان عدم الإنتباه لحقيقة النظرية الإقتصادية، وهذا إذا إفترضنا حسن النيَّةِ وحسن الظَّن. والثانى (وهو الراجح عندى) هو التعمُّد لإستنباطها من القرآن والسنة لحاجةٍ فى نفس يعقوب. وهذه الحاجة هى التى تبطئُ بالكثيرين (من أمثالى) من الولوج إلى النظرية الإقتصادية الإسلاموية بفهمها الشائع الآن.

    فحقيقة النظرية الإقتصادية أنَّها نظرية سلوكية، تُسْتَنْبَطُ من سلوك البشر (المفترض أنَّهم مسلمون بطبيعة الحال)، وليس من التعاليم الدينية السامية. واللِّجوءُ إلى التعاليم الدينية السمحاء، له مُرادٌ فى ذهنيةِ هذه العقلية التى تنادى بذلك. وهذا المراد هو إخفاء سلوك المتنطعين بالإسلامِ وغاية نظريتهم الإقتصادية الإسلاموية المجافيين لحقيقة الإسلام وتعاليمِهِ الراشدةِ الزكية. فهم عاجزون، أو أنَّهم غيرُ راغبين، فى التأسِّى بالإسلام بالطريقة الصحيحة (إعمل لِآخرتك كأنَّك تموت غداً)، لأَنَّهم دنيويون فى حقيقةِ أمرهم (ولا بأس، أنْ تعمل لدنياك كأنَّك تعيش أبدا). ولكن هذه العلاقة الجدلية فى حدِّ ذاتها تجعل إستنباط نظرية إقتصادية من التعاليم الدينية المحضة، كلمة حق أُريدَ بها باطل. وانظر إلى المفارقة بين السلوك وتعاليم الدين الحنيف.

    ربما تزرَّعَ أحدُهم وقال: إستنبطناها من تعاليم الدين لأَنَّ السلوك البشرى بطبيعته فى بونٍ شاسعٍ عن الدين؛ ولتماسك واستدامة النظرية ومرجعيتها إستنبطناها من التعاليم الباقية الأزلية، بنية سَوْقِ أنفسِنا والنَّاسِ جميعاً نحو الغايات السامية. وهنا أيضاً يبقى الباطلُ حاضراً.

    فالتاريخ الإسلامى ملئٌ بالشواهد السلوكية النَّاصعة، فلماذا لا تستنبطون نظريتكم منها؟ إنَّه الباطلُ إذاً. فها هم المسلمون المنزَّهون من الغرض، وغيرُ المتنعطِّعين بالإسلام، وغيرُ المتَّخِذينه لافتاتٍ وشِعارات (أيديولوجيا) تحت ظلالها يفعلون السبع الموبقات (الشرك بالله: كشرك الطاعة، أى طاعة السلطان فى أداء معصية كالفساد، السحر: كتسخير الجن للإستراتيجية القومية الشاملة، قتل النفس التى حرَّم اللهُ إلاَّ بالحق: 28 ضابط فى رمضان/مجدى مثالاً، أكل الربا: البنوك الإسلاربوية، أكل مال اليتيم: يصرفون على يتامى تنظيمهم دون اليتامى الآخرين، التولِّى يوم الزحف: وإنَّ موعده لقريب، قذف المحصنات الغافلات المؤمنات: كم من إمرأةٍ لاكوا عِرضَها وحدُّوها بالشبهات، فتاة الكبجاب مثالاً)، قد طوَّروا نظرية إسلامية مرتبطة بالسلوك البشرى، ومأخوذة من سلوك الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين (نظرية الإنفاق/المنفعة اللانهائية، بروفسير الطاهر محمد نور مثالاً، وهو بعد أسمرٌ حُمَّدَ – اْحْمَدْ).

    فهذا العالم الجليل، لم يأخذ نظريتَهُ عن الإنفاق من تعاليم الدين الحنيف، بل من سلوك المسلمين المتحققين بالدين الحنيف، الذين إستبطنوا الدين وتشربوه، فتحول عندهم إلى سلوك، إلى معاملة. لذلك لم يقل سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الدين هو الآيات والأحاديث، بل قال، صلوات ربى وسلامه عليه، الدين المعاملة.

    عليه فالذين يستخلصون نظرياتهم الإقتصادية من التعاليم الدينية يدركون تمام الإدراك أنَّهم يفعلون ذلك ليُغطُّوا على سوءاتهم. فسمُّوا الفسادَ بالتمكين، وتفحَّشوا بزواج المتعةِ الذى حرَّمه الدين، وأدخلوا التشيُّعَ بين السنَّةِ من المسلمين؛ حتى صارتْ حكومتهم خضراءَ دِمَنْ؛ طريرةٌ فى وسطِ فقرٍ متقع. لذلك فإنَّ إستنباط نظرية إقتصادية من سلوكهم إنما يفضحُ أمرهم، وأمر تأسِّيهم بغيرِ الإسلام، وهذا الذى أرجِّحُهُ.

    إضاءة ثانية:

    ربما تساءل ليبرالى/حداثى، أيضاً، عن نظريات التحديث التنموى (Modernization Theories) وأهميتها فى تطوير دول العالم الثالث وتنميتها، تلك التى تتعمد مداخلتك إهمالها وتدلف إلى نظريات الفكر التقدمى.

    والحق يُقال، لم تكن تلك النظريات شراً مستطيراً حينما نتحدث عن الحداثة كمفهوم ثقافى/تنويرى. ولكنَّها فى حيثيات الإقتصاد السياسى قد إرتبطت إرتباطاً وثيقاً بالتنمية كمفهوم أمنى؛ حارس لِإكتمال تمدد النظام الرأسمالى ونشوء الشرائح الرأسمالية فى مرحلة إعادة الإنتاج البسيط، كفاتح أسواق، وكمُصرِّف بضائع، وآخر شئ خطر ببال تلك النظريات هو تنمية العالم الثالث؛ هكذا أراد لها الخطاب الليبرالى أنْ تكون.

    وقد يتساءل ذات الحداثى: إذاً كيف نمتْ آسيا (اليابان، النمور الأربعة، الصين، ومؤخراً الدول الأسرع نماءاً فى العالم)؟ والإجابة أيضاً بسيطة. فهذه الدول منذ مؤتمر باندونج فى عام 1955م، قد وَعَتْ نوايا الخطاب الليبرالى القابض على أدوات التنمية بيدٍ من حديد (لا أحد ينمو إلاَّ حينما نسمح بذلك)، وقد قررتْ أنْ تنموَ من وراء ظهره، بمخالفته ومخالفة أذرعِهِ من مؤسسات التمويل الدولية ومنظمات الأمم المتحدة المتخصصة (Stiglitz 2006). وقد إستفادتْ هذه الدول إستفادة قصوى وحقيقية من جرعات التنمية التى سُمِحَ بها آنذاك؛ أبَّان السماح بتمدد قطاع الدولة (فى مقابل ضعف القطاع الخاص وضمورِهِ) ليقضى على الأشكال اللاَّ – رأسمالية؛ فتجاوزت المفهوم الأمنى للتنمية لتبنى لنفسها نمطاً من الرأسمالية عُرفَ برأسمالية الدولة، أو بنمط الإنتاج الدولنى كما يسميه سمير أمين (أمين 1980).

    لم يكن ذلك ممكناً بمعزل عن نظريات الفكر التقدمى، كنظريات مدرسة التبعية التى فضحت نظريات التحديث التنموى وعرَّتها، وكشفت للعالم كيفية إستخدام الغرب لِأرصدة البترول العربية فى تمويل مشروعات دول العالم الثالث وكيفية إغراقها بالديون لتسيطر عليها وتؤثر على قرارها الإقتصادى والسياسى فيما بعد.

    والأدهى والأمر، وهو ما يؤكد الطبيعة الأمنية للتنمية، أنَّ نظريات التحديث التنموى قد ذابتْ وذهب بريقها تماماً مع نهاية الحرب الباردة. ومنذ ذلك الوقت، فإنَّ المنظرين الليبراليين، لم يألوا جهداً فى الحديث عن موت التنمية (Rist 2002) وموت الأيديولوجيا (فوكاياما 1992). والآن نظريات التحديث التنموى يُستعاض عنها بالحديث عن الحِزَم الإدارية والحكم الرشيد، بعد أنْ أدَّتْ غرضها وذهبتْ إلى مذبلة التاريخ.

    إذاً، فالنظريات الوحيدة التى بقيتْ على قيد الحياة، وعلقتْ ذاكرة التاريخ، هى النظريات التى إرتبطت بهموم النَّاس، هى النظريات التى ساهمتْ فى تفسير الفقر والتخلف على أحسنِ ما يكون التفسير. ولو لا تلك المساهمات الباكرة من الفكر التقدمى منذ القرن التاسع عشر، لما استطاعت آسيا أنْ تنمو من وراء ظهر النظام الليبرالى.

    وهناك عوامل مفصلية أُخرى وذات أهمية بالغة فى إستطاعة آسيا النماء من وراء ظهر النظام الليبرالى، وهو وجود الصين كدولة مِحورية (سلاح نووى، كتلة بشرية، عتاد عسكرى تقليدى) إلى جانب ثلاثة دول نووية أُخرى (الهند، الباكستان، كورية الشمالية)، وربما رابعها إيران.

    هذا الوضع مكَّنَ الدول الآسيوية (مستخدمةً رأسمالية الدولة منهجاً) من النهوض بوتيرة أسرع من نظيراتها فى أمريكا اللاتينية وأفريقيا، وفى تحدى سافر للخطاب الليبرالى ويده الحرة الخفية. وقد كانت هذه اليد الخفية بالمرصاد لتلك التجربة الآسيوية (إذ لا سبيل للمواجهة العسكرية)، وراحت تحيك لها الدسائس والحبائل الإقتصادية، كما فعلت فى 1997م أبَّان الأزمة الآسيوية، ولكن هيهات.

    إضاءة ثالثة:

    فيما يتعلق بمفردتى التخلف والتنمية، سنجد أنَّهما نابعتان من وجع البسطاء، وقد إهْتمَّتْ بهما، إهتماماً بالغاً، نظريات مدرسة التبعية دون سواها. فمثلاً، وردت مفردة التخلف أول ما وردت فى تقرير “وليام بنسون – William Benson ” الموظف بمنظمة العمل الدولية عام 1942م؛ الموسوم “التنمية الإقتصادية للمناطق المتخلفة -Economic “Advancement of Underdeveloped Areas. وهو تقرير نابع من وسط الفقراء وقضايا العمال.

    أمَّا مفردة التنمية (كمقابل للتخلف)، فقد إلتقطها الرئيس ترومان من إجتماعٍ لأفراد الخدمة المدنية الأمريكية، إلتقطها من إقتراحٍ لِأحد أفراد الخدمة المدنية وكان يومها فى درجة وظيفية متواضعة. إقترح عليه أن يعمم المساعدات التى تقدمها أمريكا لدول أمريكا اللاتينية فى شكل برنامج تنموى يشمل جميع فقراء العالم.

    لم يحمل، لحظتها، الرئيس ترومان إقتراح ذلك الموظف محمل الجد، بل وسخر منه (Took it as a Public Relation Gimmick). ومن عجبٍ، يُفاجأُ العالم فى صبيحة اليوم التالى الموافق 20/01/1949م، بأنَّ ذلك الإقتراح قد سمى به الخطاب الرئاسى لترومان “عصر التنمية”. وقد كان الخطاب فى الأصل يتكون من ثلاث نقاط عادية، ولكن أُضيفت إليه نقطة رابعة سميت “عصر التنمية” (Development Age)، وقد إنصبَّ كل الحديث حولها وحدها. ومن يومها ملأت كلمة التنمية الآفاق.

    لقد شغلت تلك الكلمة العالم ببريقها الذى أضفاه عليها الرئيس ترومان، وأصبحت دول العالم الثالث توسع أحلامها وتوقعاتها وترفع سقوفاتها. ولم ينتبه العالم الثالث وقتها إلى أنَّ تلك الأيديولوجيا الإقتصادية تنطوى على كذبةٍ كبيرة. بل لعل الكذبة قد بدأت منذ أنْ سُئل الرئيس ترومان من أين أتيت بهذه الفكرة الخلاقة فقال: “أخذتها من تاريخ الأغريق والأتراك القديمين”. ولكنَّها، كما وضح لكم، هى من قريحة ذلك الموظف الأمريكى الصغير (Rist 2002).

    على أىِّ حال، فإنَّ مفردة التنمية تلك، بالرغم من التغوُّل على حقوق الملكية الفكرية لصاحبها وإغماطِ حقِهِ (لعله لا يبالى)، إلاَّ أنَّها ما كان لها أنْ ترتاد تلك الآفاق على هذا الكوكب لو لا تناول السياسى لها. وتلك لعمرى كذبة من الكذبات التى سيذكرها التاريخ. فبها تمدَّدَ النظام الرأسمالى فى الأطراف (The Peripheries)، وحُوربتْ الشيوعية، وفُتحت الأسواق، وتَصَرَّفتْ المنتجات الصناعية الأمريكية، وبها تعمَّقَ التخلف، لا التنمية.

    إذاً، فنظريات التحديث التنموى لم تبتعد عن مجمل الخطاب الحداثوى الليبرالى الإمبريالى، بل وظف منظروها كل طاقاتهم لِإنتاج علم السلطة التنموى، وضاربين بعرض الحائط سلطة العلم. وقد وقع فى هذا الفخ الأيديولوجى بالطبع علماء الإتحاد السوفياتى الذين أنتجوا معرفة موازية للفكر الليبرالى وأنتجوا نظرياتٍ بعيدةً عن وجدان شعوبهم، فأماتت روح الإبداع، وأقعدت بالإقتصاد حتى ظهور البروسترويكا.

    والغريب فى الأمر، أنَّ بعض الأحزاب التقدمية خارج أوروبا، مازالت تتمسك بأُطروحات أحزابها المصممة فى ظروف الحرب الباردة قبل 1989م. وتلك حربٌ لن تعود، ولن تصلح تلك الأُطروحات لفترة ما بعد الحرب الباردة؛ فترة التمدد الرأسى/التراكبى للنظام الرأسمالى، والحرب بين النَّاس (آخر أنماط حروب رأس المال).

    إذاً، لابدَّ من إستنباط أُطروحات سياسية/إقتصادية؛ تأخذ فى الإعتبار كافة المُحَدَّدَات الإجتماعية الموجِّهة للسلوك البشرى، ومتعفرة بالواقع بعد الحرب الباردة؛ لتتواءم مع تطلعات المجتمع الروحية والمادية التى تشكل وجدانه (الرجاء مراجعة كتابات كريم مروة، المستقبل العربى 1980s)، وإلاَّ لظلَّت أُطروحاتنا نشازاً معزولاً متأنقاً على واقعه، وغير قابل للتطبيق.

    وفى هذا المضمار يُحمد لنظريات التبعية إلتقاطها لسلطة العلم، وإثباتها أنَّ التنمية (تلك التى غابت عن حيثيات نظريات التحديث) ممكنة. ولقد إلتقطت آسيا هذا الأمر باكراً، فنمت برأسمالية الدولة. وسوف نكتشف لاحقا أنَّ الدول الكبرى التى تنادى بالحرية الإقتصادية لدول العالم الثالث، هى أبعد ما تكون عن تلك الحرية بالنسبة للقطاعات الحيوية بالنسبة للبلد. بل سنجد أنَّ دول العالم الثالث قد أفرطت فى التحرير الإقتصادى (السودان مثالاً) بشكل يفوق الدول المتقدمة، وفوق ما تطمع مؤسسات تموليه الدولية. بل أن شعب السودان قد تحمل ويلات سياسات التحرير المُفرِطة تلك، من غير دعم من أىِّ جهة، خاصةً حين تنصلتْ مؤسسات التمويل الدولية من أنْ تدفع المبالغ المخصصة لتخفيف وطئة التحرير الأقتصادى لدولة كالسودان على إثر إنقلاب الإنقاذ فى العام 1989م والعقوبات التى ترتبت عليه.

    يُتبع ...
                  

العنوان الكاتب Date
حيثيات التشكّل الإقتصادى – الإجتماعى فى السودان، وآفاق التغيير السياسى حسين أحمد حسين12-08-16, 06:03 AM
  Re: حيثيات التشكّل الإقتصادى – الإجتماعى فى � طه داوود12-08-16, 09:02 AM
  Re: حيثيات التشكّل الإقتصادى – الإجتماعى فى � حسين أحمد حسين12-09-16, 00:23 AM
    Re: حيثيات التشكّل الإقتصادى – الإجتماعى فى � حسين أحمد حسين12-09-16, 01:44 AM
      Re: حيثيات التشكّل الإقتصادى – الإجتماعى فى � حسين أحمد حسين12-09-16, 02:10 AM
        Re: حيثيات التشكّل الإقتصادى – الإجتماعى فى � حسين أحمد حسين12-10-16, 01:49 AM
          Re: حيثيات التشكّل الإقتصادى – الإجتماعى فى � حسين أحمد حسين12-10-16, 04:53 AM
            Re: حيثيات التشكّل الإقتصادى – الإجتماعى فى � حسين أحمد حسين12-10-16, 11:44 PM
              Re: حيثيات التشكّل الإقتصادى – الإجتماعى فى � حسين أحمد حسين12-11-16, 00:05 AM
                Re: حيثيات التشكّل الإقتصادى – الإجتماعى فى � حسين أحمد حسين12-11-16, 01:50 AM
                  Re: حيثيات التشكّل الإقتصادى – الإجتماعى فى � حسين أحمد حسين12-11-16, 02:26 AM
                    Re: حيثيات التشكّل الإقتصادى – الإجتماعى فى � حسين أحمد حسين12-11-16, 02:41 AM
                      Re: حيثيات التشكّل الإقتصادى – الإجتماعى فى � حسين أحمد حسين12-11-16, 02:54 AM
                        Re: حيثيات التشكّل الإقتصادى – الإجتماعى فى � حسين أحمد حسين12-11-16, 03:21 AM
                          Re: حيثيات التشكّل الإقتصادى – الإجتماعى فى � حسين أحمد حسين12-11-16, 03:53 AM
                            Re: حيثيات التشكّل الإقتصادى – الإجتماعى فى � حسين أحمد حسين12-11-16, 05:13 AM
                              Re: حيثيات التشكّل الإقتصادى – الإجتماعى فى � حسين أحمد حسين12-11-16, 05:33 AM
                                Re: حيثيات التشكّل الإقتصادى – الإجتماعى فى � حسين أحمد حسين12-11-16, 05:40 AM
                                  Re: حيثيات التشكّل الإقتصادى – الإجتماعى فى � حسين أحمد حسين12-11-16, 05:49 AM
                                    Re: حيثيات التشكّل الإقتصادى – الإجتماعى فى � حسين أحمد حسين12-11-16, 06:02 AM
                                      Re: حيثيات التشكّل الإقتصادى – الإجتماعى فى � حسين أحمد حسين12-12-16, 04:19 AM
                                        Re: حيثيات التشكّل الإقتصادى – الإجتماعى فى � حسين أحمد حسين12-12-16, 04:22 AM
                                          Re: حيثيات التشكّل الإقتصادى – الإجتماعى فى � حسين أحمد حسين12-12-16, 04:26 AM
                                            Re: حيثيات التشكّل الإقتصادى – الإجتماعى فى � حسين أحمد حسين12-12-16, 04:29 AM
                                              Re: حيثيات التشكّل الإقتصادى – الإجتماعى فى � حسين أحمد حسين12-24-16, 02:01 AM
                                                Re: حيثيات التشكّل الإقتصادى – الإجتماعى فى � aydaroos12-24-16, 08:55 AM
                                                  Re: حيثيات التشكّل الإقتصادى – الإجتماعى فى � aydaroos12-24-16, 08:57 AM
                                                  Re: حيثيات التشكّل الإقتصادى – الإجتماعى فى � حسين أحمد حسين12-27-16, 01:49 AM
                                                    Re: حيثيات التشكّل الإقتصادى – الإجتماعى فى � aydaroos12-27-16, 07:06 AM
                                                      Re: حيثيات التشكّل الإقتصادى – الإجتماعى فى � osama elkhawad12-27-16, 08:55 AM
                                                        Re: حيثيات التشكّل الإقتصادى – الإجتماعى فى � حسين أحمد حسين12-28-16, 04:33 AM
                                                          Re: حيثيات التشكّل الإقتصادى – الإجتماعى فى � osama elkhawad12-28-16, 08:10 PM
                                                            Re: حيثيات التشكّل الإقتصادى – الإجتماعى فى � حسين أحمد حسين12-29-16, 01:15 AM
                                                              Re: حيثيات التشكّل الإقتصادى – الإجتماعى فى � حسين أحمد حسين12-29-16, 01:26 AM
                                                                Re: حيثيات التشكّل الإقتصادى – الإجتماعى فى � حسين أحمد حسين12-29-16, 01:39 AM
                                                      Re: حيثيات التشكّل الإقتصادى – الإجتماعى فى � حسين أحمد حسين12-28-16, 01:31 AM
                                                        Re: حيثيات التشكّل الإقتصادى – الإجتماعى فى � osama elkhawad12-29-16, 02:01 AM
                                                          Re: حيثيات التشكّل الإقتصادى – الإجتماعى فى � حسين أحمد حسين12-29-16, 01:46 PM
                                                            Re: حيثيات التشكّل الإقتصادى – الإجتماعى فى � حسين أحمد حسين12-29-16, 10:25 PM
                                                              Re: حيثيات التشكّل الإقتصادى – الإجتماعى فى � حسين أحمد حسين12-29-16, 11:36 PM
                                                                Re: حيثيات التشكّل الإقتصادى – الإجتماعى فى � aydaroos12-30-16, 10:01 AM
                                                                  Re: حيثيات التشكّل الإقتصادى – الإجتماعى فى � حسين أحمد حسين12-31-16, 00:29 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de