|
Re: بأمر الدين العصيان المدني على(نظام البشير (Re: سيف الدين بابكر)
|
أسباب الخروج على حكام الجور والظلم ليست محصورة كما يرى البعض في الكفر البواح وليست محصورة بسبب بعض المعاصي والمفاسد.
ولكن إذا وجدت الأسباب القوية التي لم يعد معها السكوت جائزا ومقبولا لدى علماء المسلمين واستنفدت كل الوسائل السلمية لثنيه عما هو عليه من إنحراف في العقيدة أو عدم تنفيذه لقواعد الشريعة الإسلامية على الواقع أو إضاعته مصالح الأمة عند ذلك جاز الخروج عليه شريطة تحقيق المصالح للأمة.
فلا يشترط للخروج إعلان الحاكم الكفر والردة عن الإسلام بل يكفي إظهاره لبعض المظاهر الموجبة لكفره وإنحرافه عن الإسلام من خلال تصرفاته وعدم التزامه بمنهج الله.
ومن مظاهر ذلك على الواقع العملي ما يأتي:
1- الإقدام على إصدار أوامر وقوانين تتضمن معصية صريحة لله بالمعنى الشرعي.
2- وقوف الحاكم موقف المتحدي المتعمد لنصوص الكتاب والسنة لأن هذا الموقف يعتبر كفرا بواحا وإن لم يقل الحاكم أنه يكفر بالإسلام.
3- معاداة الإسلام وإضطهاد أهله وتنفيذ ذلك صراحة أو ضمنا كأن ينشر الفساد أو يساعد على نشره ويرضى به أو يساعد على نشر الرباء والتعامل به ونشر المنهج المخالف للشرع والذي لا صلة له بالإسلام، وقد جاء وصف هذا النوع من الحكام في قوله تعالى: {وكذلك جعلنا في كل قرية أكابر مجرميها ليمكروا فيها وما يمكرون إلا بأنفسهم وما يشعرون} [الأنعام: 133].
4- إفساد الحياة العامة على الأمة الإسلامية: قد يدعي الحاكم أنه على الحق وأنه يسير وفق منهج الإسلام إلا أنه في حقيقة الأمر يجلب للأمة الشقاء والتعاسة ويفسد الحياة العامة من خلال ما يمارسه على الواقع ويضر بالمصلحة العليا للأمة لأن الشريعة الإسلامية جاءت في الأصل لجلب المصالح ودرء المفاسد فإذا لم يحقق الحاكم المصالح فقد أفسد الحياة على الأمة ومن ذلك.
أ- مساعدته ودعمه لتمزيق المجتمع بصراع المبادئ البعيدة عن منهج الله وتأجيج الخلافات المذهبية في بعض مسائل الفروع بما يتحول به المجتمع إلى فتن وصراعات وإنقسامات داخلية واتباع مناهج وسبل شتى وهذا مخالف لقوله تعالى: {وأن هذا صراطي مستقيما فأتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون} [الأنعام: 153].
ب- تجويع الأمة وإذلالها حتى يتمكن من نشر الرذيلة والخوف والذعر والرعب فيها.
ج- هدم المثل والقيم العليا في المجتمع وإستعلاء الطغيان والظلم والفساد وغرس اليأس والإحباط في النفوس الصالحة بل والإنتقام منها والفتك بها.
ليس صحيحا من قال أن السلطان لا ينكر عليه بالقوة وإنما ينكر على غيره. فالنصوص الواردة في تغيير المنكر ليست محصورة على المنكر من غير الحكام، بل الإسلام يترتب أفضل وأكبر أجر لكلمة حق عند السلطان الجائر وأفضل الجهاد كما أخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمة حق عند سلطان جائر.
تنفيذ الخروج على حكام الجور والظلم يستلزم توافر شروط في الخارجين وشروط في المخروج عليهم، وكذلك إكتمال الظروف الأخرى التي تهيئ المجال لنجاح ذلك الخروج بحيث لا يؤدي ذلك الخروج إلى مضار تربوا على المصالح العامة للأمة، ومن أهم الشروط الواجب توافرها في الخارجين ما يلي:
1- أن يكون الخروج بقيادة أهل الحل والعقد من العلماء ورؤساء الجند وسائر الزعماء اللذين يرجع إليهم الناس في الحاجات والمصالح العامة ولا يدخل في هذا الصنف من أفسدهم الحاكم ليكونوا أعوانا له في إستبداد وظلم الأمة فأهل الحل والعقد هم الذين يقدرون مصالح الأمة ويسعون لتحقيقها ويضحون من أجل الحق ويتصفون بالتقوى والصلاح وحسن الرأي والإخلاص والحرص على ما ينفع الناس، ولا يصح أن يكون هؤلاء الخارجون من الجهلة وغوغاء المجتمع الذي لا تجد منه الأمة سوى الفوضى والإضطراب في الأحوال وزيادة في الظلم والجور.
2- أن يكون الخارجون قد إستنفدوا كل الوسائل والطرق السلمية في محاولتهم لتقويم الوضع وإصلاح الحاكم.
3- عدم الإقدام على تنفيذ الخروج إلا بعد الموازنة الدقيقة بين الضرر القائم والضرر المتوقع فإذا كان الضرر المتوقع أكثر فإنه لا يجوز الخروج لأن مفسدته أكثر من مصلحته.
4- لنجاح الخروج نجاحا تاما لابد من إحكام خطة مدروسة وناجحة ترتكز على أهداف واضحة وتتخذ الأساليب المناسبة المتكافئة وتبين الآراء وفق قاعدة الشورى على أن تتضمن أهداف الخروج على مبادئ الشريعة الإسلامية كالمحافظة على إقامة الحدود وإصلاح الفساد وإقامة العدل بين الناس.
إذا نجح الخارجون وعزلوا الحاكم الجائر فإنه يتطلب منهم بذل الجهود الكبيرة في إصلاح الأوضاع وإعادة بناء المجتمع وفق منهج الشرع لأن الظلم الذي ساده في فترة حكم السلطان الجائر قد أفسد المجتمع ويحتاج إلى إصلاح ما أفسده.
|
|
|
|
|
|