أكتب أيامي بقلمي لأبددها في وجه الريح

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 03-29-2024, 02:34 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2016-2017م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
11-19-2016, 05:43 PM

حسن العمدة
<aحسن العمدة
تاريخ التسجيل: 03-03-2014
مجموع المشاركات: 56

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
أكتب أيامي بقلمي لأبددها في وجه الريح

    04:43 PM November, 19 2016

    سودانيز اون لاين
    حسن العمدة-دولة الامارات العربية المتحدة
    مكتبتى
    رابط مختصر

    قررت الرحيل، ورحلت بهدوء، حملت كتبي، وقميص متسخ، به آثار دم صديق رحل بعيداً، أبعد مما أنتويت أنا بكثير، تعمدت نسيان هاتفي المحمول الذي ضاعت ذاكرته، وتمنيت أن تسقط ذاكرتي أنا أيضا في هذا الطريق الذي سأسلكه، كنت قد خبرت أصدقائي بأن لا يذكروا شيئا عني، رجوتهم برغم حبي العظيم لهم بأن ينسوني للأبد، أردت أن أختفي من وجه هذا العالم الكالح، أن أتلاشى تماما، كأني لم أكن يوما في سجلات أحيائه وأشيائه المهملة، فليكن موتا إختياريا كما أحب وأشتهي،لا يترك خلفه أثر، به كل طقوس ما بعد الرحيل، الموت هو أن تبتعد عن أصدقاءك ومن تحب ولا يعد بمقدورك ملاقاتهم مرة أخرى، أنا قررت أن أذهب الى هناك، سأكون في حياتي الأخرى التي لا تعرف حياتي الأولى عنها شيئا، لا شخوصها ولا أماكنها ولا طبيعتها الموحشة، وحيداً، بعيداً، بائساً، يائساً، أكتب أيامي بقلمي لأبددها في وجه الريح، غير آبه ولا نادم، ما مضى فات، سأنزوي منفردا بما تبقى لي من عمر، سأنجو به وبحزني الذي لا يعرفه غيري، الحزن هو ثروتي العظيمة، رفيقي الوفي، الذي ينتمي لي، ويخصني وحدي، مهما قلت عنه، فلن أصفه، فالحروف تأبى أن تصير وجعا حقيقيا يجعلنا نبدو حين نصرخ، فهي لا تعدو أن تكون سوى كلمات قليلة سوداء مطمئنة على ورق أبيض ناعم، حتى الدم الطازج اللزج حين يسيل لا يمكنه أن يجعل لون الورقة البيضاء يصير قانياً أو حتى يبهت قليلا إحتفاءا بأوردة الإنسان التي توشك على أن تنضب، تبدو الكلمة أنيقة وادعة على السطر، ألم، همزة .. لام .. ميم، ثلاثة حروف، نضال، نون .. ضاد .. همزة .. لام فقط، مجرد حروف لا أكثر تكون كلمة مجردة من الإحساس الحقيقي، وحتى الأوراق نفسها لا يمكن أن تنفضها من غبار البارود لتكتب عليها عبارات رقيقة، متئدة، هانئة، يغشاها النعاس أمنة منها، فالحزن مثل ملاك الموت يأتي مصحوب بهواء ساخن، ربما حارق، يحسه و يراه فقط الشخص المعني ويسلم نفسه إليه دون أن ينبس ببنت شفة، الحزن يشار إليه فقط ولكنه لا يروى أبداً.
    أسميت نفسي إسماً آخر لم ولن يعرفه أياً ممن عرفني قبل الرحيل، في ذاك اليوم أذكر أني لوحت لحبيبتي وقاتلتي مودعاً، أدرت لها ظهري وأنتعلت الطرق البعيدة وغير الممهدة، ليتها فعلت مثلي، ليتها انتزعتني منها، ولكنها سكنتني في جنون وأمتلكتني، فصرت أحملها معي رغما عني، تركت حذائي في البيت، تحت سريري، ليخبر عن عودتي المستحيلة، ذاكرتي لم تسقط أبداً، مازالت ترعبني تلك الذاكرة الملوثة، الزمان والمكان هما ما جعلاني أفر من مواجهة ذاتي في مرآة النيل العظيم، كنت أرى صورتي في كل سطح، تنعكس ملوثة بدمه، فقد كان هو دائماً هناك، دائماً، شبحه كان يطاردني في كل مكان، أراه يبدو خلفي، كأنه هو، هاشم، يظهر باهتا منزويا متوارياً خلف تداخلات أشعة الضوء والسطح العاكس، يقطر دماً، يطاردني في كل مكان، بوجهه الصامت، و دمه النازف، وأنينه الواهن المتقطع، آه.. آآآه .. اه اه، ليتني لم أكن هناك يومئذ !، ليتني لم ألتقيك !، لم أعرفك من قبل أبداً، كل ما في الأمر أنك حللت ضيفا علينا مثل العشرات، ليلتين فقط، لا ثالثة لهما، ولكنك ظللت مقيماً معي حتى بعد رحيلك، لماذا أنا بالذات؟
    أنا لم أفعل شيئاً، أنت تعلم ذلك يقيناً، مجرد شخص نقلته بالسيارة، أنا سائق، لماذا يطاردني دمك وروحك وأنينك يا أخي؟
    شبحك، روحك الغاضبة ربما، تهيؤاتي تقتلني، لعنة ما تطاردني، النوم خاصمني، إلا من حالات إغماء عندما يغلب التعب جسدي، أنام عميقاً، وأستيقظ فزعاً، وكل أحلامي تلك هي صورتك فقط تبتسم، تارة تخرج من الجدار المقابل، تخرج من كل مكان، وتارة ترتسم على سطح الماء المهتز في الكوب أمامي، فتحيل لون الماء دماً، وتارة تقبض بخناقي فأستيقظ مفزوعا كأني أهوي من جبل عال الى مكان سحيق، أهوي وحدي وأنت واقف في الأعلى تنظر إلي وتبتسم، ذات الإبتسامة، و ذات الأنين، بت أهرب من الليل والوحدة الى الضجيج في الأسواق والأماكن المزدحمة، حتى لا يستفرد بي الوهم القاتل هذا، ولكن حتى في النهار والزحام بت أجدك، أراك في صفوف المارة في الطرق الضيقة المزدحمة، أنت بسمرتك و وهنك وأنينك الخافت وإبتسامتك الصامتة تلك، تنظر إلي دون خلق الله، فأهرب تاركا الطريق لك وأسلك غيره.
    أشعر بوجهي صار متورماً، أحس به بحجم كرة معدنية ضخمة، ثقيل، بثوراً تطفو على وجهي بالدم والصديد، طفح كريه، أتلمس وجهي ولا أجد ريحه، ولكن كل الأماكن ترسمه على سطوحها، تسللت في تلك الليلة، أردت أن أنكر ما حدث، لكي أعيش بسلام، أردت أن أنكر ذاتي وأبعدها عن ذاتي الأخرى في المنفى، بعد أن رحلت كل هذه المسافة عن المكان الملعون الشاهد على قصتي وميلادي حتى مرحلة موتي الإختياري، والبعد عن تنفس أكسجين مدينتي، ام درمان، عشيقة النيل العظيم، قررت أن أقيم حفلا في تلك الليلة لوداع غير معلن، ذاتي ستودع ذاتي، كان وداعاً على طريقتي الخاصة، ذهبت شرقاً الى ماوراء المزارع المظلمة، قرب النهر، قمائر صغيرة مشرعة للفرح، والنشوة، والخطيئة المشتهاة، شربت حتى أرتوت مهجتي بالدمع، شربت مراً على مر يسكن أوردتي، الشراب يجعلك رقيق الحاشية، شفافا ، ترى مما وراء الأشياء، ترى ظل الظل، وتسمع حسيس الخطى الحالمة البعيدة، تمشي على الشوك لا تبالي، تعتني بزهراته حين تنغرس في الجرح، وتطل من نوافذ الوطن المخبأ في اللحم، وتستشعر التفاصيل الأكثر دقة، وترسم في الواقع صورة الخيال المبتغى، وفي الخيال ذكريات الواقع البائس، والماضي المؤلم، الدم القاني في ذاكرتي أراق الدمع من مهجتي وجادت به عيناي الغائرات المحمرات كالجمر، كنت أحس رغبتي في البكاء عارمة، بكيت كما لم أبك من قبل، بكيت بين يدي أمرأة لا أعرفها ولا تعرفني، هن هكذا طيبات حين يتلمسن منك حزناً ووفاءاً للفناء، ضمتني الى صدرها الناحل وسعت الى ترميمي، يئست من بث القليل من اللاحزن على صفحة وجهي، دثريني .. دثريني، لفتني بدثارها، كطفل صغير، لم تعرفه الخطيئة، ولم تلوث ذاكرته بإختلال المعايير المفاهيمية، الأخلاق، الدين، التقاليد، الموروث، الموت كما تشتهي الانتنوف، وجدتني أتوسد ثديا ناضباً أضاف إلى حزناً عظيماً، بكيت بحرقة، بكت معي وهي لا تعرف حجم الحزن الرابض في قلبي لا ينام ولا يضل، البكاء حالة معدية، عندما تبكي يبكي الناس القريبين منك، علمت بعدها أن ما حدث أكبر من مجرد جرح قد يندمل يوماً ما، وأنني موعود بحياة طويلة يصاحبني جرحي هذا كظلي، الحزن سيظل قدري ولن يمكنني الفكاك منه، ولكني إنتويت الهرب في الغد ليلاً، فالظلام يغطي الجبال كما يقولون، سيمحو أي أثر لشخص اسمه عزالدين...
                  

11-19-2016, 07:23 PM

باسط المكي
<aباسط المكي
تاريخ التسجيل: 01-14-2009
مجموع المشاركات: 5470

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أكتب أيامي بقلمي لأبددها في وجه الريح (Re: حسن العمدة)

    وكل أحلامي تلك هي صورتك فقط تبتسم، تارة تخرج من الجدار المقابل، تخرج من كل مكان، وتارة ترتسم على سطح الماء المهتز في الكوب أمامي، فتحيل لون الماء دماً، وتارة تقبض بخناقي فأستيقظ مفزوعا كأني أهوي من جبل عال الى مكان سحيق، أهوي وحدي وأنت واقف في الأعلى تنظر إلي وتبتسم، ذات الإبتسامة، و ذات الأنين، بت أهرب من الليل والوحدة الى الضجيج في الأسواق والأماكن المزدحمة، حتى لا يستفرد بي الوهم القاتل هذا، ولكن حتى في النهار والزحام بت أجدك، أراك في صفوف المارة في الطرق الضيقة المزدحمة، أنت بسمرتك و وهنك وأنينك الخافت وإبتسامتك الصامتة تلك، تنظر إلي دون خلق الله، فأهرب تاركا الطريق لك وأسلك غيره.
    بوست جدير بالقراءة شكرا لك
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de